الأحد، 12 فبراير 2017

من هم الإخوان ؟ وما هي ديانتهم ؟الإخوان جماعه تقوم أصولها على المذهب الصوفي الحصافي الشاذلي كما تتبنى مفهوم مذهب الأشاعرة من ناحيه أخرى فلا يأخذون بأحاديث الآحاد !!! فينكرون معظم السنه , كما أنهم أعتنقوا فكر الخوارج التكفيري ثم مزجوه بعقيده باطنيه يدعون فيها حدوث الوحي والإلهام لطواغيتهم وأولهم حسن البنا الذي يعتبرونه نبيًا يوحى إليه !!! مع أخذهم بالعقيدة الجهمية ( فيقولون بنفي صفات الله الأزلية وخلق القرءان ووجود الله تعالى في كل مكان ولكن عندهم لأنه يتجسد في أئمتهم !!!! العارفين !!! ) وهم مرجئة ( حيث إيمانهم لا يضر معه شيء متى تم بالبيعة !!! ) !!!أي أن ديانة الإخوان عبارة عن خليط من ( 7) معتقدات ::مذهب صوفي حصافي شاذلي ( قبوري يقول بحلول الله في جسد العارف وهو حسن البنا ووجوب البيعة للعارف المتجسد فيه الله تعالى !!! )+ مذهب أشعري ( مفوض في الإلوهية واسماء الله تعالى وصفاته منكر لأحاديث الأحاد ومنها المهدي والدجال أي لا يقرون بتوحيد الإلوهية لله تعالى ويشبهونه بالبشر في الشكل والأفعال والصفات )+ عقيدة الخوارج الأزارقة التكفريين ( ومنها تكفير آل البيت ووجوب محاربتهم )+ عقيدة باطنية وتقية كاملة ( غالبية أسرار عقيدتهم سرية لا يتم تداولها إلا من لسان للسان فقط )+ كونهم مرجئة ( فإيمانهم لا يضر معه شيء متى تم بالبيعة !!! ) .+ عقيدة جهمية ( فيقولون بنفي صفات الله الأزلية وخلق القرءان ووجود الله تعالى في كل مكان ولكن عندهم لأنه يتجسد في أئمتهم !!!! العارفين !!! )+ نبوة للإمام ونائبه المنتظر ( وحي جديد للعارف إمامهم ونائبه المنتظر عن طريق الإلهام والكشف والرؤى والخواطر فيحق لهم تشريع منهج جديد ولكن هذا الحق التشريعي في الدين لا يملكه إلا الإمام حسن البنا ونائبه الخفي المنتظر فقط ) !!!! .والإخوان لا يؤمنون إلا ( بالأصول العشرين ) لحسن البنا ويريدون تنظيم الدنيا والناس طبقًا للأصول العشرين ومن لا يؤمن بالأصول العشرين فهو كافر مرتد يجب قتله !!!!ولا يجوز لإخواني أبدًا أن (( يخلع بنفسه البيعات الـية :: بيعة الإمام حسن البنا ونائبه وبيعة منهاج جماعة الإخوان المسلمين وبيعة الإيمان بالأصول العشرين لحسن البنا وبيعة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين )) فمن خلع أي بيعة من هذه البيعات فهو مرتد كافر يجب قتله في الحال ...... !!!و الإخوانوترجع الأصول العرقية لمؤسسي جماعة الإخوان إلى أصول ( صفوية فارسية إيرانية أصفهانية يهودية ) من يهودية أصفهان بإيران ولذلك تجد أغلب رجال الجيل الأول والثاني للإخوان وبخاصة من القيادات والوجوه البارزة منهم ذوي ملامح إيرانية صفوية خالصة مثل حسن البنا ومصطفى مشهور وعمر التلمساني وراغب السرجاني وخيرت الشاطر ومحمود صيام ومحمد حبيب وحسن مالك وصفوت حجازي ومحمد مرسي العياط وحازم صلاح أبو إسماعيل وعبد المنعم أبو الفتوح وكمال الهلباوي , ومحمد عبد المقصود وجمعة أمين و طارق السويدان وعبد الرحمن البر وأشرف السعد والمستشار / حسام الغرياني رئيس محكمة النقض المصرية , وحتى الممثل الإخواني الشهير ( إبراهيم الشامي ) والقيادي الشاب / حسام أبو البخاري, ورجل الأعمال / أحمد بهجتوهي جماعة ماسونية تعمل مع جميع المنظمات الماسونية والصهيونية اليهودية في العالم ومع جميع أجهزة المخابرات المعادية للإسلام وأهل السنة وعلى رأسها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والكندية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسترالية والإيرانية والتركية والأسبانية والهولندية .وقد نشأت جماعة الإخوان نشأه يهودية ماسونية خالصة مثل كل الديانات التي صنعها اليهود لهدم الإسلام بدءًا من الشيعة وبطونها والصوفية وطرقها وحتى الدروز والبهائية والقاديانية والبهرة وغيرها من ملل الشرك المدعية للإسلام لا لشيء إلا لتمحو الإسلام نفسه ولتحل محله ...فلما فشلت كل الملل السابقة في هدم الإسلام أخترعوا ديانة الإخوان ( الجامعة ) لكل الضلالات الشركية بكافة أنواعها من تشيع وصوفية وأشعرية ومرجئة وجهمية ومعتزلة وقاديانية وباطنية وخوارجية وتقية ونسجوا منها ديانة ( سَلطة مزيج قذر من الضلالات الشركية ) ثم أدعو أنهم من أهل السنة والجماعة وقالوا بقول أهل السنة وأحتلوا مساجدهم ودخلوا مدارسهم وجامعاتهم وأخفوا ديانتهم بتقيتهم وتكتمهم لينخدع العامة فيهم و ليخترقوا صفوف أهل الحق وهو ما نجحوا فيه بجدارة ....ولا هدف لهم من هذه الجماعة الضالة إلا إختراق الإسلام نفسه لتحريف الدين الإسلامي وتضليل أهله وإخراج المسلمين من دينهم وحملهم على الشرك بالله تعالى والتحقير من مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنتقاص من قيمته ونبوته والتشكيك الدائم ( الخفي ) في نبوته وعصمته وسبه الدائم بأسلوب يهودي خبيث ووصمة بالفشل والخطأ في أمور الدين والدنيا والقول بأنه مجرد ( فقيه مجتهد ) يجري عليه الخطأ مثل كل الناس !!!! ودعم شاتميه من اليهود والنصارى مثلما فعل السويدان والجفري والدجال عمرو خالد في الدنمارك , وتكذيب غالبية أحاديثه وتفسير القرءان بتفسير باطني مغاير لظاهر نصوصه وإنزال آياته في غير محل دلالتها بلفظها أو بعبارتها وتأويل النصوص حسب أهوائهم وفي غير مواضعها وأحكامها وتعمد إفساد مقاصد الآيات والأحكام الشرعية والقول بعلمهم بالغيب المطلق وإدعاؤهم بحدوث الوحي لإمامهم البنا ونائبه المنتظر الخفي وتكفير كل من لا يؤمن بديانتهم هذه وبخاصة من المسلمين الذين يكنون لهم كل الحقد والكراهية لأن تدمير الإسلام والمسلمين هو هدفهم وغاية ديانتهم الباطنية , وذلك كله للقضاء على الدين .... ثم إقامة خلافة ضالة تستبيح الحرمين الشريفين وتقوم بغزوهما تحت غطاء نشر الثورة وإخضاع أراضي الحرمين لسلطان الخلافة البناوية الجديدة .....ومن ثم فهم يمهدون لخليفة لهم وهو نائب إمامهم البنا المنتظر وينكرون المهدي العائذ , ويعتقدون أن ( خليفتهم نائب البنا المنتظر هذا يوحى إليه ويدعون أنه المهدي ليضلوا المسلمين ويزيدون الطين بلة فيدعون أنه أفضل من نبي الله عيسى عليه السلام ) !!!!كما يقولون أن عيسى بن مريم سيعود آخر الزمان ( كنبي مرسل ومعه وحي وتشريع جديد ورسالة من الله تعالى ) !!!!  أي أنهم يؤمنون ( بالمسيح الدجال ) مدعي النبوة آخر الزمان !!!لأن نبي الله عيسى لا يأتي بشرع ولا وحي جديد ...  وإنما ينفذ ما هو مبشر به في ديننا الإسلام وموعود به في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام من ( كسر للصليب وقتل للخنزير ووضع الجزية وقتل الدجال وجمع الصلاة له كصلاة المسافر والحاج وصلاة الحرب ) لأنه سيكون في سفر وقتال مع الدجال حتى يقتله بإذن الله تعالى ....فكل ذلك موعود به في شريعتنا نحن شريعة الإسلام وهو يأتي لينفذ ما يخصه من هذا الباب من الشريعة ..... كما أن الله تعالى يهديه أن يحرز عباد الله تعالى فيجبل الطور عند خروج يأجوج ومأجوج ... وهو من قبيل هداية التعليم والإرشاد فقط وليس من قبيل وحي رسالة أو أحكام أو شريعة ....والإخواني في ديانتهم المفروض ألا يتزوج إلا إخوانية مثله ( من نفس دينه ) ولا يجوز الزواج من غير الإخوانية إلا بعد أخونتها ولكن في هذه الحالة لا يكون للزوجة الغير إخوانية نفس حقوق الزوجة الإخوانية !!! ولا يجب أن تعرف الزوجة الغير إخوانية أية من الأسرار الباطنية لديانة الإخوان إلا بعد أخونتها في المرحلة الأولى للأخونه وهي مرحلة ( المحب للجماعة ) !!!والإخوان ديانة قائمة على التقرب للشيطان بالأعمال القذرة والسحر الأسود حتى يستطيع العضو الإخواني الصعود والإرتقاء في درجة السلم الإيماني والقيادي الإخواني مثل أعضاء الماسونية بالضبط في علاقتهم بالشيطان الرجيم , ولذلك تجد لهم بعض الفتاوى الشاذة التي لا تمت للإسلام بصلة مثل فتاوى الشيخ الإخواني المغربي الكبير ( عبد الباري ..... ) المتعلقة بجماع الوداع !!! وغيرها من الفتاوى الشاذة له أو للقرضاوي أو لمحمد الغزالي أو مثل فتاوى راع الكبير لأحد شيوخهم بمصر !!! ...والإخوان لا يكفرون النصارى واليهود أبدًا بل يعتبرونهم إخوةلهم وهذه حقيقة لأنهم فعلاً منهم كما أوضحنا ولذلك يجهرون بقولهم أنهم لا يختلفون معهم في العقيدة وأن ربهم ورب النصارى واليهود واحد وأن عقيدتهم واحدة !!! وهكذا قال البنا وقرضاوي وجل شيوخهم وجهر بها محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح !!!ولكنهم في ذات الوقت يكفرون ( المسلمين فقط ) !!! لأنهم أعدائهم الحقيقيون فعلاً ولذلك فإنهم لا يقتلون اليهود والنصارى ولا يكفرونهم ولكنهم يقتلون المسلمين ويكفرونهم !!!والإخوان أضافوا لأركان الإسلام الخمسة ركنين إضافيين هما ( الإمامة والسياسة ) !! ومن لم يؤمن بهما ويتمهما بالبيعة للبنا وخليفته النائب المنتظر وبالتمكين للخلافة عن طريق الثورة والكفاح المسلح ( ضد المسلمين ) فقد كفر !!!! ولا إسلام له !!!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوالإخوان هم من يحكمون تركيا العلمانيه الآن !!! على يد حزب العدالة والتنميه التركي الإخواني فرع تركيا بقيادة أردوغان  وهم أصحاب التحالف الإستراتيجي ( التركي إسرائيلي ) !!! وهم الذين بدأوا في إعادة يهود ليبيا إلى ليبيا وأنظر لما قام به اليهود من إعادة فتح لمعابدهم المغلقه عنوه وفي عز النهار في طرابلس بعد تصريح المجلس الإنتقالي الليبي لهم بذلك برئاسة مراقب عام الإخوان في ليبيا ورئيس الإنتقالي الليبي حاليا مصطفى عبد الجليل ( حليف الناتو الأول ) .والإخوان هم حماس التي أستولت على الحكم في غزه ثم أعلنوا أنهم لن يطبقوا الشريعة الإسلاميه !!! ولا حليف لهم إلا معممي الشيعه الروافض !!والإخوان هم من يحكمون السودان منذ أكثر من 300 سنه ولم يطبقوا الشريعه !!! وتسببوا في تقسيم السودان والقادم أسوأ !!!حسن البنا بدأ كصوفي حصافي قبوري مبتدع , ولكنه لم يروق له مذهبه !!! ولم تعجبه السنة النبويه كلها فأنكرها وأنكر الكثير منها رسميا وأبقى إنكاره للسنة كامله سرًا يتم تداوله سرًا بين أبناء الإخوان وفي ( جلساتهم ) المغلقه !!!وهم بدأوا بالإيمان بمنهج ( البنا ) ومنهج البنا لخصه في كتاب (رسائل البنا ) وأجمل أصول الإيمان بمعتقده في ما سماه ( الأصول العشرين ) ومن لا يؤمن بكتاب الرسائل ويؤمن ويعمل بالأصول العشرين فلا يعتبر إخوانيًا من الأصل , وبناء عليه يتم تقديس البنا وكتابه , وتكون الإخوه في البنا وليست في الله تعالى , ولا يجوز للإخواني أن تكون له صله بأي مسلم آخر فالصله مع الإخوان وبينهم فقط !!! وكل معتقد غير الإخوان فهو باطل عندهم !!! ويعتقدون أن ( معتقدهم الإخواني ) يكمل ( نقص شريعة الله تعالى ) !!!! ويخطئون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون بأنه كان ( فقيهًا مجتهدًا ) !!! لينزلوا به من مقام النبوه لمقام المجتهد الفقيه وليلغوا عصمته !!! وهم بذلك يكذبون الله الذي قال في رسوله : ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) , ويحرفون تفسير القرءان ويستشهدون بآيات وأحاديث في غير مواضعها ليثبتون رأيهم الفاسد !!! ويقدمون قول الصحابي وعمله على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمله !!! ويعتقدون أن طواغيتهم وأولهم البنا ( يوحى لهم ويلهمون بالأحكام الشرعيه !!! ) ويجوز الأخذ بإلهامهم هذا طالما أنه لا يخالف ( مفهومهم وتفسيرهم هم للدين حسب فهمهم ومعتقدهم الضال !!! ) ويأخذون بفكر ( الخوارج التكفيريين ) ومن ثم يكفرون الحكام ويجيزون الخروج عليهم بقوة السلاح , ويجيزون قتلهم وقتل العلماء الذين يوالونهم !!!! ويحلون إستباحة ( البيت الحرام ) طالما كان ذلك في مصلحتهم !!! ويدعون علم الغيب المطلق ويجزمون بم مات منهم أنه ( شهيد وفي الجنة ) !!! ويحكمون على من مات من مخالفيهم بأنه ( من أهل النار ) !!! ويستحلون الكذب طالما خدم منهجهم وخطتهم , ويستحلون موالاة الكفار والإستعانه بهم على قتل المسلمين !! ولا وجود لعقيدة الولاء والبراء في منهجهم !!!! ولا يؤمنون بالمهدي العائذ ولا بالمسيح الدجال , ويبغضون عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويسعون لتنصيب خليفه ( إخواني ) سموه في كتاب الرسائل ( نائب الإمام ) , ومهمة هذا الخليفه هي ( تحكيم شريعة البنا ) لا شريعة الإسلام , والإخوان لا يستنون إلا بسنة إمامهم البنا ولا يعظمون غيره , فتراهم يرتدون بدلته !! ويعفون شاربه ولحيته !!! ويتكلمون حتى بنفس طريقته !! ويستعملون هناته وآناته وإيمائته !!! وكأنهم يتقمصون شخصية إمامهم ومولاهم البنا !!!! ولا علاقة لهم بنسة رسول الله صلى الله عليه وسلم .فهم لا يحرمون إلا ما أكد لهم إمامهم على تحريمه !!! ولا يحلون إلا ما أكد لهم إمامهم على حليته !!!فالإخواني لا يفتخر كونه مسلمًا وإنما يفتخر كونه ( إخوانيًا ) !!!والإخوان لا هم لهم إلا تمجيد أنفسهم ودعوتهم التبشيريه التي لا يدعون بها إلا ( المسلمين ) !!! وتراهم ينشدون دائمًا نشيدهم في مقدسهم البنا ::( إن للإخوان صرح كل ما فيه حسن !!! لا تسلني من بناه إنه البنا حسن !!! )فهم في دعوة مستقله بناها لهم البنا حسن !!! لا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه !!!ولا يرفعون إلا راية البنا وشعاره !!! ولا يتكلمون إلا بكلامه !!! ولا يقدمون إلا صورته وأفعاله !!!ويختص كل عضو بمكتب الإرشاد بوظيفه عقائديه بناويه أهمها وظيفة المرشد ( وهي قيادة الصفوف العسكريه وهو بمثابة القائد الأعلى للقوات المسلحة الإخوانيه يعلن النفير العام فيهم متى أراد !!! ) ثم يليه ( الأمين على الأصول العشرين ) وهي أصل معتقدهم الإيماني !!! وجمعه أمين هو المسئول عن تطبيق الاصول العشرين حاليا في مكتب إرشاد الجماعة !!!والإخوان لا يتكافلون إلا بينهم حسب ( إخوتهم البناويه ) ولا يعاملون أحدًا كأخ لهم إلا إذا كان إخوانيًا !!!وركن ( التضحيه ) هو أحد أهم أركان ( البيعه ) للإمام ونائبه !!أي التضحيه في سبيلهما فقط لا في سبيل الله تعالىفركن ( التضحيه ) هو من ( الأركان العشره ) للبيعه للإمام ونائبه !! والتضحيه تكون بالنفس والدماء والأهل والأبناء والمال وملاقاة كافة صنوف العذاب في سبيل إتمام ركن ( البيعة Aucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : une personne ou plusAucun texte alternatif disponible.

[لماذا أُسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟=جمعية العلماء المسلمين الجزائرية الباديس رحمه الله ومحاربته للاءستدمار الفرنسي وخيانة جمعية الاخوان المفلسين في الجزائر وتميليها للارهاب القطبي المصري التكفيري========= .<br><br>مقالة رائعة للأخ الفاضل / همام أبو .<br><br><br>لماذا أُسِسَت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟.<br><br>حقائق و وقائع من تاريخ المؤامرة.<br><br> توطئة موجزة : <br><br>كثير من الناس إذا سألتهم عن الأهداف التي لأجلها أسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، تسرعوا وساقوا لك العشرات من الأجوبة ، أكثرها بعيد عن عين الصواب ، وأقلها قريب من دائرة الحقيقة .<br><br>وجواب الأغلبية قد يعرفه السواد الأعظم ، ألا وهو الدعوة إلى الله – على فرض جواز ذلك-<br>لكن الحق هذا القول ، هو قول من يحسن الظن بهؤلاء الذين شَهِدَهُم يذرفون الدموع - على مجد الإسلام الضائع والعز البائد والتاريخ الحافل للأسلاف – في المسيرات والمظاهرات <br>والتجمعات و المحاضرات- في خطة محكمة لإثارة عواطف العوام الجياشة وتهيأتهم للمستقبل القريب ….<br><br>في الحقيقة إن فكرة تأسيس حزب يدعو إلى تحكيم الشرع – ظاهراً – تم طبخها في مخابر ودهاليز الحركة الشيوعية العلمانية ، فلما نضجت … أُخرجت للتطبيق الميداني .<br><br>ثم سُلمت لأصحاب التنفيذ – من التيار الشيوعي – الذين إخترقوا هياكل الدولة و أجهزتها ، وأصبحوا هم أهل الحل و العقد – كما يفعل الآن القطبية في السعودية في تغلغلهم الدقيق في مراكز التنفيذ . فهم يتتلمذون على كتبهم ثم يصبغون خططهم بصبغة شرعية ، زعموا - <br><br> أخي القارئ قد تستغرب هذا ، لكن إذا تمكن منك الحق زال عنك كل وسوا س . فالحق مــر كما يقال .<br><br> إطلالة تاريخية :<br><br>في الفترة الممتدة بين 1974-1989 للميلاد ، ما يوافق 1394-1409 للهجرة النبوية ، عرفت الجزائر رجوعا قويا للناس إلى دينهم - فالتزموا منهج السلف الصالح وأحيوا جهد جمعية العلماء الجزائريين الأولى ، على عهد ابن باديس و الإبراهيمي - وساروا مطمئنين مع الدعوة السلفية التي وجدوا فطرتهم في أهدافها.<br><br>فبرزت آثار الدعوة في شتى القطاعات …عندها دُهش التيار العلماني الشيوعي لهذا الإكتساح و الإنتشار….فماذا كان ، وماذا فعلوا ؟؟؟؟ . <br><br>نعم ، جمعوا كيدهم وحشدوا مكرهم ، وخططوا بالليل والنهار ، واستعانوا بدعاة الضلال - من أمثال الشعراوي و الغزالي و القرضاوي – كما سهَّلُوا دخول أفرادٍ من الهجرة و التكفير المصرية ، والإخوان المفلسين لنشر عقائد الخوارج .<br><br>كما نشروا كتب سيد قطب والمودودي وباقر الصدر ، وغيرهم ..<br><br>وأحيوا الطرق والزوايا وبعثوا الصوفية من قبرها ، ودعموا الحركات السرية سليلة الخوارج و أرسلوا الشباب إلى أفغانســــــتان . كما ساعدوا الجزأرة على السيطرة على المساجد – بالقوة - . وأقاموا الملتقيات – الإسلامية –الفكرية التي يحضر فيها كل منظرٍ لسبيل ضال ، إلا سبيل أهل الحق.<br><br>وهذا الحشد في ظاهره غريب، لكن من أجل التشويش إلى الدعوة السلفية ، ثم ضربها ووقف تقدمها تتلاشى الغرابة ويحل محلها الجد والتدبر وعدم التسرع ؟؟؟<br><br>مع كل هذا الكيد ، يأبى الله تعالى إلا أن تتقدم هذه الدعوة المباركة.<br><br>…. فبدأ يدب إليهم اليأس …. وقبل الإستسلام له …<br><br>أوحى إليهم الشيطان بفكرة خبيثة سَبَئِيَةٌ، ألا وهي فتح المجال للأحزاب السياسية ، بعد أن كان هذا الأمر من المستحيلات في العقيدة الشيوعية - كما قرره مؤسسوا هذا الفكر، فهل نسميه خيانة للعقيدة الماركسية ؟؟ - .<br><br>لكن كل شيئ يهون أمام صد الناس عن العودة إلى فطرتهم ؟؟؟؟<br><br>ثم أوعزوا لبعض المنتسبين إلى النشاط السري – ممن أدخلوهم السجون سابقاً – بفكرة تأسيس حزب ( إسلامي ) سياسي .<br><br>ففرح ( الإسلاميون ) فرحا لا نظير له ، وظنوا أنهم انتصروا وجاء يوم الحصاد ، وما نالوا هذا الفتح إلا بجهادهم الطويل - الذي أدخلهم السجن لمرات عديدة –<br><br>ونظرا لثورية ( أصحابنا ) ، لم يتفطنوا للفخ الذي وقعوا فيه – وهذا حال كل متعالم –<br>فهرولوا في كل الاتجاهات وحشدوا العوام حولهم بخطابهم الثوري –وليس فيهم طالب علم سلفي قوي ، كما أن الخوارج لم يكن معهم صحابي واحد - ، وأقاموا الدنيا و زلزلوا الأرض ، و ظنوا أنهم جلسوا على كرسي الخلافة ؟؟؟ . <br><br>فأصبح الحدَّاد والخضار و البناء في مجالِسهم الشرعية ، هم أهل الإصلاح والفتوى – مع أنهم ما جلسوا يوما في حلقة علم ؟؟ –<br><br>فتم للشيوعيين خطتهم بتمامها وكمالها ، حيث :<br><br> ــ عطلوا مسيرة الدعوة إلى توحيد الله ، والعودة إلى الكتاب و السنة على منهج السلف الصالح .<br><br>ــ أنقذوا التيار العلماني البربري الشيوعي ، و أعادوا له الحياة من جديد ، بعد أن كان على شبر من الإندثار و الزوال والفناء .<br><br>وما كانوا ليفعلوا ذلك لو لم يؤسسوا الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟؟؟؟؟ <br><br>وإشارة إلى كل ما سبق ، قال رئيس الحكومة السابق عبد السلام بلعيد - الناقم على النظام الحاكم اليوم ، لأنهم أخرجوه من سرايا الحكم ؟؟ - : ( وأؤكد أن " جبهة الإنقاذ " أنقذت النظام ) ـــ ( في حوار مع جريدة جزائرية " الخبر الأسبوعي " التي كانت تنجز في بداية انطلاقها في مقرات جريدة المنقذ – لسان حال الجبهة الإسلامية للإنقاذ - ؟؟ ، وهي الآن في خندق التيار العلماني البربري ) ـــ .<br><br>يعني النظام الشيوعي – الذي أرعبته الدعوة إلى الله على منهج الأنبياء – الذي حكم البلاد في تلك الفترة ، أعانته – أي الجبهة – على ردم الإسلام وتغييبه لفترة أخرى - كما فعلوا ذلك مع جمعية المسلمين الجزائريين بعد الإستقلال .<br><br>واسألوا الشيخ الفاضل عبد الملك رمضاني لمزيد من التفاصيل في هذا الموضوع ، وخاصة أصحاب فقه الوقوع ، عفواً الواقع ؟؟ لمن هو في الريب و الوسواس واقع ، والله المستعان .<br><br>في الحلقات القادمة إن شاء الله ، سأكمل لكم حقائق أخرى عن هؤلاء القوم ..<br>أخوكم …………….السلفي الجزائري<br><br>والسلام عليكم .<br><br><br>[/quote]السلام عليكم, تحليلك هذا الذي تقدمت به ; أن الحركة الشيوعية العلمانية هي التي كانت سبب في إنشاء حزب الإنقاذ!!, من قال بهذا التحليل في الجزائر ? لم نسمعه لا من رجال السياسة و لا من الدعاة في الجزائر!!وهم أعلم بالواقع من غيرهم, إعلم وفقني الله و إياك أن الجبهة كانت فكرة بعض ممن يسمون أنفسهم بالسلفيين زعموا!! وهم; علي بن حاج و عباس مدني,محمد كرار, الهاشمي سحنوني,و سعيد قشي, هؤلاء الخمسة هم من أسسوا حزب الإنقاذ, في مسجد السنة في باب الواد بعد إقرار التعددية الحزبية في دستور فبراير 1989 وكانت بعض الحركات الإسلامية لم تشارك و لم توافق على تأسيس الجبهة, منها حركة الإخوان بزعامة نحناح و بوسليماني. لم يمتنعوا بسبب شرعي, أي , أن الحزبية ليست من الإسلام, بل إمتنعوا بسبب خظوعهم لتنظيم العالمي للإخوان المسلمين التابعين لمصر, وإذا تقيدوا بحزب يخالفهم في أفكارهم كالإنقاذ, فيقعون في خلاف شديد مع قادتهم. و ممن إمتنع كذالك جاب الله صاحب حزب النهظة, وهو من الإخوان كذالك. أما المترددون هم أصحاب الجزأرة و على رأسهم محمد السعيد و عبد الرزاق رجام وبعد أخذ و رد مع قادة الجبهة وافقوا. و الطرف الثالث اللذي إمتنع عن تأسيس الجبهة هم الأفغان (الجزائريون العائدون من حرب أفغانستان) و أصحاب الهجرة و التكفير (تكفيريين مصر من أتباع سيد قطب) بحجة أن الحزبية ليست من الإسلام وهي من الوسائل المحرمة. و غايتهم في ذالك التغير بالسيف أي لا حوار و لا سياسة مع الطاغوت, وكانوا أول ممن إنتقلوا إلى العمل لمسلح, و قبل إلغاء الإنتخابات التشريعية, و هم من قاموا بعملية قمار.و هم الخوارج الحقيقيون اللذين يكفرون بالمعصية, أم الطرف الرابع اللذي لم يوافق على التأسيس وكان يعتقد و لايزال كذالك أن الحزبية ليست من الإسلام, هم السلفيون وقد رمتهم الفرق المتحمسة لإنشاء الحزب بالمتخاذلين و الجبناء, وكان عددهم -أي السلفيين -قليل جدا, أي المنهج السلفي الحق كان غريب عنا إلا من رحم الله, حتى كنا نسمع أيام التسعينات أن الشيخ الألباني يزكي الجبهة ووو, لم تكن إنترنت و هاتف نقال كاليوم,, وأتذكر جيدا أن شيخ سلفي في ولاية بلعباس كان يحذر من الجبهة فقتلوه أصحاب حماة الدعوة السلفية!! بزعامة التكفيري قادة بن شيحة. و الله كنا حقا في حيرة من أمرنا لا علماء نلجأ إليهم و لا إتصال بيننا و بينهم بسبب عدم توفر الوسائل, و تشويه صمعة علماء السعودية بسبب إستعانتهم بالكافر في حرب الخليج الأولى, وكنا نخشى حتى الذهاب إلى المساجد أما لباس القميص كان مستحيل لبسه, و اليوم الحمد لله اللذي فتح علينا باب العلم و الأمن,========:تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين [ الأصلية ] يوم 5 ماي1931 م وكان شعارها "الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا" بمعنى الكلمة وكان فيها علماء وطلبة علم ودعاة يدعون لمنهج السلف وفهم السلف وأخلاق السلف ، ويحذرون من البدع والخرافات وكل الضلالات وهذا جهاد العلم والقلم ، و كذلك جاهدوا المستدمر الفرنسي باللسان و بالسنان و حرضوا الشعب المسلم للقتال ضد من سلب لهم وطنهم وخيراتهم و دينهم ومعتقداتهم و تاريخهم المجيد ، إن جمعية العلماء المسلمين الأصلية ركزت على إصلاحين الإصلاح الديني والإصلاح الوطني المادي .وهذه ثلاثة أسس قامت عليها وهي:11 ـ إصلاح عقيدة الشعب الجزائري،وتنقيتها من الخرافات والبدع، وتطهيرها من مظاهر التخاذل والتواكل التي تغذيها الطرق الصوفية المنحرفة.2 ـ محاربة الجهل بتثقيف العقول، والرجـوع بها إلى القــرآن والسنــة الصحيحة، عن طريق التربية والتعليم.33 ـ المحافظة على الشخصيـــة العربيــة الإسلاميــة للشعـب الجزائـــري، بمقاومة سياسة التنصير والفرنسة التي تتبعها سلطات الاحتلال. وقد بين البشير الإبراهيمي بأن الاستعمار نوعان استعمار روحاني واستعمار مادي وأن الجمعية بدأت بمحاربة الاستعمار الروحاني. يقول رحمه الله تعالى : "إن البلاء المنصب على هذا الشعب المسكين، آت من جهتين متعاونتين عليه، أو بعبارة أوضح من استعمارين مشتركين، يمتصان دمه ويفسدان عليه دينه ودنياه : استعمار مادي هو الاستعمار الفرنسي.. واستعمار روحاني يمثله مشايخ الطرق المؤثرون في الشعب، والمتغلغلون في جميع أوساطه، والمتجرون باسم الدين، والمتعاونون مع الاستعمار عن رضى وطواعية. وقد طال أمد هذا الاستعمار الأخير، وثقلت وطأته على الشعب، حتى أصبح يتألم ولا يبوح بالشكوى.. خوفًا من الله بزعمه. والاستعماران متعاضدان، يؤيد أحدهما الآخر بكل قوته، وغرضهما معًا تجهيل الأمة، لئلا تفيق بالعلم.. وتفقيرها، لئلا تستعين بالمال على الثورة.. وإذن فلقد كان من سداد الرأي أن تبدأ الجمعية بمحاربة هذا الاستعمار الثاني لأنه أهون وهكذا فعلت" وإذا أردت أن تعرف أن الجمعية الأصيلة كانت سلفية فراجع بنودها التي حددتها وسارت عليها علما وفهما وعملا ودعوة .جاء في بنودها وخاصة البند الخامس والسادس والسابع:- سلوكُ السَّلَفِ الصَّالحِ ـ الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ـ تطبيقٌ صحيحٌ لهدي الإسلام.- فُهُومُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ الصَّالحِ أصدقُ الفهومِ لحقائقِ الإسلامِ ونصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ. - البِدعةُ كلُّ ما أُحْدِثَ على أنَّه عبادةٌ وقُرْبَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ عنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فِعْلُهُ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. [دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها مقال على موقع راية الإصلاح]. ويبين ابن باديس خطّته الدينية وبأن الجمعية اختارت هذه الخطة على غيرها من الخطط السياسية و الحزبية بقوله: «وبعدُ، فإنَّنا اخترنا الخطَّة الدِّينيّة على غيرها عن علم وبصيرة وتمسُّكا بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النُّصح والإرشاد وبثِّ الخير، والثَّبات على وجهٍ احدٍ، والسير في خط مستقيم... ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسيّ لَدخلناه جهراً، ولَضربنا فيه المثل بما عُرف عنَّا من ثباتنا وتضحيتنا، ولَقُدْنا الأمَّة كلَّها للمطالبة بحقوقها، ولكان أسهلَ شيء علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها، وأن نبلُغ من نفوسها إلى أقصى غايات التَّأثير عليها؛ فإنّ ممَّا نعلمه ولا يخفى على غيرنا أنّ القائد الذي يقول للأمَّة: إنَّك مظلومة في حقوقك وإنَّني أريد إيصالك إليها؛ يجد منها ما لا يجده من يقول لها: إنَّك ضالَّة عن أصول دِينك وإنَّني أريد هدايتك، فذلك تلبِّيه كلُّها، وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها، وهذا كلُّه نعلمه؛ ولكنَّنا اخترنا ما اخترنا لِما ذكرنا وبيَّنَّا، وإنَّنا – فيما اخترناه – بإذن الله لماضون وعليه متوكلون. وها هو داعية الإصلاح وخطيب الجمعية الشيخ الطيب العقبي يبين في قصيدته السلفية ( الدين الخالص ) طريق الحق والرشاد.أَيُّهَـا الأَقْـوَامُ إِنْ تَبْغُـوا الهُدَى *** مَا لَكُـمْ وَاللهِ غَيْرُ العِلْمِ هَـادْمَاتَتِ السُّنَّةُ فِي هَذِي البِلاَدْ *** قُبِرَ العِلْمُ وَسادَ الجَهْلُ سَادْوَفَشَـا دَاءُ اعْتِقَـادٍ بَـاطِلٍ *** فِي سُهُولِ القُطْرِ طُرًّا وَالنِّجَادْعَبَدَ الكُـلُّ هَـوَاءَ شَيْخِـهِ *** جده ضَلُّوا وَضَلَّ الاعْتِقَادْإلى أن قال :أَيُّهَـا السَّـائِـلُ عَنْ مُعَتَقَـدِي *** يَبْتَغِي مِنِّي مَا يَحْوِي الفُؤَادْإِنَّـنِي لَـسْتُ بِـبِدْعِيٍّ وَلاَ *** خَـارِجِيٍّ دَأْبُهُ طُـولُ العِنَـادْيُحْدِثُ البِدْعَةَ فِي أَقْوَامِهِ *** فَتَعُـمُّ الأَرْضَ نَجْـدًا وَوَهَـادْلَيْـسَ يَـرْضَى اللهُ مِنْ ذِي بِـدْعَةٍ *** عَمَـلاً إِلاَّ إِذَا تَـابَ وَهَـادْلَسْتُ مِمَّنْ يَرْتَضِي فِي دِينِهِ *** مَا يَقُولُ النَّاسُ زَيْدٌ أَوْ زِيَادْبَـلْ أَنَـا مُتَّبِعٌ نَهـْجَ الأُلَى *** صَدَعُـوا بِالحَقِّ فِي طُرْقِ الرَّشَـادْثم قال : مَذْهَبِي شَرْعُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى *** وَاعْتِقَـادِي سَلَفِيٌّ ذُوسَـدَادْ.وأما جمعية العلماء المسلمين المقلدة اليوم فاسمع ما قاله عنها رئيسها عبد الرزاق ڤسوم هداه الله : قال في تصريح لـ«جريدة النهار» إن الشيخ فركوس وجماعته يعتقدون أن السلفية حكر عليهم، غير أن الصحيح هو أن جمعية العلماء المسلمين بالجزائر هي أحق الناس بالسلفية لأنها تأخذ من النبع الصافي للسلفية الذي هو الكتاب والسنة، مضيفا أن القول بأن السلفية حكر على جماعة معينة يتطلب تحديد معناه الحقيقي. وذكر قسوم أنه وجماعة العلماء المسلمين لا يزالون أوفياء للسلفية بمعناها الحقيقي، والتي تنص على أن الإسلام هو الدين المباح وأن الممنوع هو الاستثناء وليس العكس، ولكن «بعض الإخوان يحبون أن يعلموننا بأن الإسلام هو دين الممنوعات والاستثناء هو المباح، وهذه نقطة الخلاف بينهم وبيننا»، مضيفا «أن النقطة الثانية هي أن جمعية العلماء تتسع لكل الطوائف والقناعات الدينية في الجزائر، ونحن مثلا قلنا إن الخلاف بين جمعية العلماء المسلمين والزوايا الذي كان قديما انتهى، والآن كل واحد له قناعته وسيحاسب على تطبيق الدين حسب مفهومه. كما أضاف ڤسوم «أما نحن، فالخلاف القديم كان خلافا تاريخيا وقد انتهينا منه، وهم يقولون إن هذه خيانة لابن باديس، فينبغي أن تعادى الصوفية وهذا خطأ، ونحن لا نعادي الصوفية بل نعادي التشويه للصوفية، كما نعادي التشويه للإسلام، كما قال : ( الإنسان الذي يتعامل مع الإسلام بكنية مشوهة نعاديه والذي يتعامل مع الصوفية المشوهة نعاديه أيضا، لكن لن نعاديه لأنه إنسان صوفي أو مسلم، وهذا هو الخلاف بيننا وبين الشيخ فركوس).إهـ أولا : من قال أن السلفية حكر على الشيخ العلامة فركوس ، بل إن الشيخ فركوس ينكر هذه الدعوات الحزبية وله مقالات وكتب تبين أن السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد . يقول العلامة الشيخ فركوس في مقاله السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد : ... والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا باطل فيه، وصدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللحية والسواك والجلباب، ونحو ذلك كلّها من الدِّين، والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [سورة البقرة:٢٠٨]، وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [البقرة: ٨٥]. إهـ بينما نرى الجمعية المقلدة تجمع كل خلفي وحزبي من الإخوان المسلمين والحزبيين القدامى أنصار الجبهة الإسلامية و الجزأرة حتى المميعين من اتباع بن حنيفة عابدين ومن على شاكلتهم. وجل نشاطاتهم لا تمت بصلة لجمعية العلماء المسلمين الأصلية ، لا نرى لهم كتب أو مجلات تحارب البدع والخرافات ، لا نرى لهم ندوات أو مجالس قادتها العلماء ، بل يرفعون كل جاهل مطموس ويصفونه بالشيخ العلامة وهو يحمل عقيدة خارجية أو أشعرية أو قبورية ، و أما الاختلاط والأناشيد فهذا أمر عندهم مباح لا ينكرونه ويشاركون في المولد النبوي و غيره وإحياء المواسم المبتدعة. فهل هذا من الوفاء للجمعية الأصلية و للعلامة بن باديس رحمه الله تعالى الذي أمضى عمره في الدعوة و محاربة البدع والخرافات ، أين هو النبع الصافي الذي تأخذون منه كما قلتَ :( الكتاب والسنة ) ولكن بفهم من ؟؟ الجزأرة أم الإخوان المسلمين !! ويقول قسوم أن السلفية تتسع لجميع الطوائف : وهذه هي نفسها دعوة الإخوان نجتمع فيما اجتمعنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ، وكما هو معلوم أن الأمة لا تجتمع على ضلالة ، فكيف تريد أن تجمع الحق مع الباطل وهذا محال وباطل. وقال : ونحن مثلا قلنا إن الخلاف بين جمعية العلماء المسلمين والزوايا الذي كان قديما انتهى، والآن كل واحد له قناعته وسيحاسب على تطبيق الدين حسب مفهومه ، ... وقال فالخلاف القديم كان خلافا تاريخيا وقد انتهينا منه.هل الخلاف في الدين هو خلاف قناعات !؟ و خلاف تاريخي !؟ إن الخلاف لا يسوغ لنا قبول العقيدة الباطلة ولا الخروج عن المنهج الحق الذي تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم ، والخلاف بين جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأصيلة واهل البدع وأخص منهم الصوفية هو خلاف عقدي على مدار التاريخ حيث حاربت الفرق الصوفية الضالة التي أعانت المستدمر الفرنسي في جثومه على صدر الشعب الجزائري وعدم تحركه للجهاد وكبلت عقول الناس وحالت بينه وبين التحرر ، لأنه لما تأسست الجمعية نصت في منهجها على محاربة الطرقية، فجاء في الأصل السادس عشر "الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف، ومبناها كلها على الغلو في الشيخ و التحيز لاتباع الشيخ و خدمة دار الشيخ و اولاد الشيخ الى ما هنالك من استغلال و إذلال و إعانة لأهل الاذلال و الاستغلال و من تجميد للعقول و إماتة للهمم و قتل للشعور و غير ذلك من الشرور" وأما اتهامك بأن سلفية العلامة فركوس وجماعته كما زعمت هي دين الممنوعات والاستثناء هو المباح فهذا قول باطل لا يقل به سلفي. قال قسوم : ( بعض الإخوان يحبون أن يعلموننا بأن الإسلام هو دين الممنوعات والاستثناء هو المباح، وهذه نقطة الخلاف بينهم وبيننا) و هذا إتهام باطل أليس من منهج أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم ينص دليل بالتحريم ، وهذا كما هو مقرر عند أهل الأصول ومنهم الشيخ العلامة فركوس ، ويعتقدون أن الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله تعالى ، بل ويشددون على من تعدى على التحريم والتحليل دون علم وفقه بهذا الأمر ، وهم يعلمون المصالح والمفاسد والضرورات والمحظورات والنوازل والحوادث فهم أهل الاجتهاد لا أنت ياقسوم وجمعيتك الحديثة التي خالفت منهج السلف وأخص منهم سلفية العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى وأدخلت ما ليس منها من فرق وضلالات بزعم التوسع على حساب المنهج الحق – والله المستعان - . والامور التي يتوسع فيها قد بينها العلماء وبينوا أقسامها وما يسوغ فيها وما لا يسوغ وأن العبادات توقيفية وأما المعاملات فيتسع الأمر فيها بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات.. قال ابن باديس رحمه الله تعالى : ( ما يجري به عمل الناس ينقسم إلى قسمين قسم المعاملات وقسم العبادات، وقسم المعاملات هو الذي يتسع النظر فيه للمصلحة والقياس والأعراف وهو الذي تجب توسعته على الناس بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات المتقدمة، وفي هذا القسم جاء كلام أبي سعيد هذا وغيره وفيه نَقلُُه الفقهاء، أوَما تراه كيف يعبر بالعرف والعادة؟ وأما قسم العبادات فإنه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتقرب إلا بما تقرب به وعلى الوجه الذي كان تقربه به، ومن نقص فقد أخل ومن زاد فقد ابتدع وشرع وذلك هو الظلام والضلال ). [الآثار(3/284)] وإذا اردت أن تعرف السلفية الحقيقية التي ندعوا إليها وكان يدعوا إليها أسلافنا من قبل أمثال عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي والطيب العقبي ومبارك الميلي فاقرأ كتبهم التي ورثوها مثل العقائد الإسلامية ، أثار الإبراهيمي ، الشرك ومظاهره ، فستعرف السلفية حينها وهل دعوتكم هي نفس دعوتهم ؟، وهل أنتم من خالف ام نحن؟ . وقال قسوم : وهم يقولون إن هذه خيانة لابن باديس، فينبغي أن تعادي الصوفية وهذا خطأ، ونحن لا نعادي الصوفية بل نعادي التشويه للصوفية، كما نعادي التشويه للإسلام، كما قال : ( الإنسان الذي يتعامل مع الإسلام بكنية مشوهة نعاديه والذي يتعامل مع الصوفية المشوهة نعاديه أيضا، لكن لن نعاديه لأنه إنسان صوفي أو مسلم، وهذا هو الخلاف بيننا وبين الشيخ فركوس). نعم هذه خيانة لابن باديس ومنهج السلف وجمعية علماء المسلمين الأصلية ، اعلم أن ابن باديس لم يعرف هذه الفلسفة التي تدندن حولها اليوم : لا نعادي الصوفية !؟ بل نعادي التشويه للصوفية !؟ هذه فلسفة دبلوماسية حزبية ، ومتى كانت الصوفية صافية وهي فرقة ضالة من الفرق الثنتين وسبعين التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يقل بن باديس رحمه الله لا نحارب الصوفية المعتدلة أو الصوفية التي لم تشوه الإسلام ، بل حارب كل أفكارها لأنه يعلم أنها على غير هدي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته. بل إن التحذير من الصوفية و الطرقية جعلها ابن باديس اصلا من اصول جمعيته. ومادة علمية قانونية مصادقا عليها وسارية المفعول بكل المراسيم: كما في البند السادس عشر : الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف. وقال الشيخ الابراهيمي: "إن جمعية العلماء حينما تبنت في برنامجها محاربة الطرقية، وإقامة المدارس الحرة، وطالبت بفصل الدين الاسلامي عن الحكومة الفرنسية كانت بذلك قد حققت نصف الاستقلال". [ أثار الإبراهيمي ]. قال قسوم : ( الإنسان الذي يتعامل مع الإسلام بكنية مشوهة نعاديه والذي يتعامل مع الصوفية المشوهة نعاديه أيضا، لكن لن نعاديه لأنه إنسان صوفي أو مسلم، وهذا هو الخلاف بيننا وبين الشيخ فركوس). أما قضية العداوة والبغض والحب فليست بأمر هين كما تعتقد فإنها من أوثق عرى الإيمان والإسلام،أما قضية الولاء والبراء في جمعية العلماء المسلمين المقلدة فهو شبه منعدم بل قل إنه أعدم من خلال تبني فكر التوسعة و دخول الحزبية إلى الجمعية واستغلال الإخوان والجزأرة والمميعة لنشر عقائدهم و انحرافاتهم فيها وهذا أمر مشاهد ، كما فعلوا عندنا فقد استغل جماعة الجزأرة و الجبهة الإسلامية وجماعة الإخوان الجمعية وتترسوا بها بدعوى النشاط في تحفيظ القرآن الكريم ومن خلال ذلك نشروا سمومهم في الشباب واصبحوا يحذرون من المنهج السلفي ويسموننا بالغلاة والمداخلة ، بل يستضيفون مشايخ غير معروفين في منهج ولا عقيدة و يلقبونهم بالعلماء ويقدمونه للناس وينشرون شبههم ، ثم أين الولاء والبراء - يا قسوم - حينما وصفت مقتدى الصدر بالمقاوم وانت تعلم أنه رافضي يسب خيار هذه الأمة ، ونددت بما يريده من الجزائر تنديد المتسامح معه وقلت في جريدة الخبر : (ندعو أئمة وعلماء المذهب الشيعي إلى التنديد بمثل هذه الفتنة وأن يرفعوا أيديهم عن مثل هذه النّزعات الطائفية الضيّقة التي لا تزيد الأمّة الإسلامية إلاّ فُرقة وشتاتا خصوصا وهم يرفعون مبدأ التقريب بين المذاهب).– والله المستعان –واما قولك : وهذا هو الخلاف بيننا وبين الشيخ فركوس . فالشيخ العلامة فركوس معروف عندنا بسلامة منهجه وعقيدته و علمه ورجحان عقله ورزانته وأخلاقه الطيبة ، فكتبه وفتاويه وأشرطته مبثوثة منشورة ، زكاه كبار العلماء في هذا العصر ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو مبتدع أو من لا يعرف الشيخ فركوس ، فالخلاف الذي بينك وبين الشيخ فركوس ليس في هذه القضية فحسب بل هو خلاف منهجي لذلك حذر من هذه الحزبية الجديدة التي انتهجتموها في جمعيتكم المقلدة ، وبهذا الاتهام تريدون أن تشوهوا صورة الشيخ فركوس وتدعون أنه يفرق الأمة ولا يدعو إلى توحيدها ، بل إن الشيخ فركوس يدعو إلى وحدة الامة ولكن على الحق لا على حساب الباطل ومداهنة اهل الباطل . يقول الشيخ العلامة فركوس حفظه الله تعالى : والسلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقة، وإنما دعوة تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماع على متابعة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقّ وبيانِه بالحجّة والبرهان، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: ٢٩]، فقد كان من نتائج المنهج السلفي: اتحاد كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعي الأخوي المبني على البرّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة.إهـ [السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد].ومن هذا المقال نستنتج الفرق بين جمعية العلماء الأصلية و جمعية قسوم المقلدة :1 – تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من طرف علماء وطلبة علم يحملون عقيدة ومنهج السلف2 – جمعية العلماء المقلدة ليس فيها علماء ولا يحملون عقيدة السلف ومنهجهم .3 – خطة العلامة بن باديس دينية وخطة هذه الجمعية الحديثة حزبية فلسفية سياسية.44 – الجمعية الأصلية حاربت البدع وخاصة الصوفية والطرقية وأما المقلدة فانحرفت عن المسار وداهنت أهل البدع ومنهم الصوفية.5 - الجمعية المقلدة تجمع كل خلفي وحزبي من الإخوان والجزأرة والحزبيين والمميعين.66 - الخلاف لا يسوغ لنا قبول العقيدة الباطلة ولا الخروج عن المنهج الحق الذي تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم7 - الجمعية المقلدة توسعت في الباطل على حساب الحق.88 - والأمور التي يتوسع فيها قد بينها العلماء وبينوا أقسامها وما يسوغ فيها وما لا يسوغ وأن العبادات توقيفية وأما المعاملات فيتسع الأمر فيها بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات.9 – الولاء والبراء عند الجمعية المقلدة يكاد ينعدم بل قل قد أعدم لما أدخل فيها من أهل التحزب والتمييع.10 - السلفية الحقيقية التي ندعوا إليها وكان يدعو إليها أسلافنا هي نفسها سلفية جمعية العلماء الأصلية.11 – الجمعية المقلدة أصبحت تعادي المنهج السلفي بل وتحذر من الدعاة والعلماء السلفيين .122 – عبد الرزاق قسوم رئيس الجمعية المقلدة يطعن في شيخنا فركوس ويتهمه وجماعته بأن السلفية ليست حكرا عليهم وأن دينهم الممنوعات أكثر من المباحات .133 - الشيخ العلامة فركوس معروف عندنا بسلامة منهجه وعقيدته و علمه ورجحان عقله ورزانته وأخلاقه الطيبة.14 - الشيخ فركوس يدعو إلى وحدة الأمة ولكن على الحق لا على حساب الباطل ومداهنة أهل الباطل .155 – الجمعية المقلدة حذر منها العلامة الشيخ فركوس بسبب حزبيتها=========بعض شبه الخوارج في تكفير الحكامالشبهة الأولى: احتجاجهم بقوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾وهيَ من أعظم الشُّبه التي يدندن بها هؤٰلاء الجهَّال في تكفير الحكَّام مطلقًا، وهذه الشبهة هيَ احتجاجهم بقول الله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]، فيقولون: إذن هذا الحاكم لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر.* كلام العلماء حول هذه الآية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن العلماء المعاصرين#1$ عن طاوس عن عبدالله بن عباس م في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44ٍ]:ليس الكفر الذي تذهبون إليه.وفي رواية: إنَّه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفر ينقل عن الملَّة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]: كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ.* وقد تُوبع طاوس عليه عن ابن عباس م، تابعه عليُّ بن أبي طلحة عنه، بلفظ: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق.فأصل هذه المسألة: هو ما تقدم عن ابن عباس م، وأمَّا قول الخوارج فلم يقل فيه إمام من الأئمة ولا مفسر من المفسرين.#2$ قال ابن القيم الجوزية غ في “مدارج السالكين” (1/335ـ 336): (وهذا تأويل ابن عباس م وعامه الصحابة ي في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]. قال ابن عباس م: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كَفَرَ بالله واليوم الآخر).اﻫ.#3$ وقال عطاء: (هو كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، وظُلْمٌ دُوْنَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُوْنَ فِسْقٍ).واعلم أنَّ أهل السُّنَّة والجماعة من أصحاب الحديث والأثر، أتباع السَّلف الصَّالح، متَّفقون على تلقي هذا الأثر عن حَبْرِ هذه الأمة وترجمان القرآن ابن عباس م بالقبول، ومجمعون على صحته، فهم عاملون به داعون إليه.قال الحاكم غ في “المستدرك” (ص2/393): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.ونقل الحافظ ابن كثير غ في “تفسير القرآن العظيم” (2/64) عنه قوله: صحيح على شرط الشيخين واحتج به.#4$ وقال شيخ المفسرين الطبري غ في “جامع البيان” (6/166-167): (وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت الآيات في كفار أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات، ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، فهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبرٌ عنهم أولى.فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصًا؟ قيل: أن الله تعالى عمَّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بشركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلِّ من لم يحكم بما أنزل لله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال بن عباس).اﻫ.#5$ وقال الإمام أبو المظفر السمعاني غ في “تفسير القرآن” (2/42): (وقال ابن عباس الآية في المسلمين، وأراد به كفرًا دون كفرٍ، واعلم: أن الخوارج يستدلون بهذه الآية ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.وللآية تأويلان:أحدهما: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا وجحدًا، فأولئك هم الكافرون.الثاني: ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فألئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم).اﻫ.#6$ وقال أبوبكر بن العربي غ “أحكام القرآن” (2/624ـ625): (اختلف فيه المفسرون، فمنهم من قال: الكافرون والظالمون والفاسقون، كُلُّهُ لليهود، ومنهم من قال: الكافرون للمشركين، والظالمون لليهود، والفاسقون للنصارى، وبه أقول؛ لأنه ظاهر الآيات، وهو اختيار: ابن عباس، وجابر بن زيد، وابن أبي زائدة، وابن شبرمة. وقال طاووس وغيره: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، ولكنه كُفْرٌ دون كُفْرٍ.هذا يختلف:* إن حكم بما عنده على أنَّه من عند الله، فهو تبديلٌ له يوجب الكفر.* وإن حكم به هوًى ومعصيةً، فهو ذَنْبٌ تدركه المغفرة، على أصل أهل السُّنَّة في الغفران).#7$ وقال القرطبي غ في “الجامع لأحكام القرآن” (6/190): (... فأمَّا المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرةً).#8$ وقال البقاعي غ في “نضم الدرر” (2/460): (ولمَّا نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إمَّا لاستهانة، أو لخوف، أو رجاءً، أو شهوةً، رتَّب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسوق، قال ابن عباس م: من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرٌّ فهو ظالم فاسق).اﻫ.#9$ وقال أبوحيان غ في “البحر المحيط” (3/492): (﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: ظاهر هذا العموم، فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظَّاهر أنَّه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنَّها عامة في اليهود وغيرهم، ذهب ابن مسعود وإبراهيم وعطاء وجماعة، ولكن كُفرٌ دون كفر، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، يعني: أنَّ كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملَّة، قاله: ابن عباس وطاووس).اﻫ.#10$ وقال الخازن غ في “تفسيره” (1/310) مختصره: (فقال جماع من المفسرين: إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غير حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرةً لا يقال: إنه كافر، وهذا قول ابن عباس وقتادة والضَّحاك، ويدلُّ على صحَّة هذا القول، ما روي عن البراء بن عازب ت).#11$ وقال جمال الدين القاسمي غ في “محاسن التأويل” (6/1998م): (كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون، وأثروه عن عكرمة وابن عباس).#12$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (7/312): (وإذا كان من قول السَّلف: أنَّ الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنَّه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملَّة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قالوا: كفروا كفرًٍا لا ينقل عن الملَّة. وقد تبعهم على ذلك أحمد وغيرهم من أئمة السُّنَّة).#13$ وقال أيضًا غ في (7/522): (وقال ابن عباس وغير واحد من السَّلف في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: فأولئك هم الظالمون، فأولئك هم الفاسقون، كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما).#14$ وقال غ في (7/350-351): (وقد يكون مسلِمًا، وفيه كُفْرٌ دون الكُفْرِ الذي يَنْقُلُ عن الإسلام بالكُلِّيَّةِ، كما قال الصحابة: ابن عباس، وغيره: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وهذا قول عامَّة السَّلَفِ، وهو الَّذي نصَّ عليه أحمد وغيره).#15$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (3/267ـ 268): (والإنسان متَّى حلَّل الحرام -المجمع عليه-، أو حرَّم الحلال -المجمع عليه-، أو بدَّل الشَّرع -المجمع عليه-، كان كافرًا مرتدًّا باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله تعالى على أحد القولين: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] أي: المُسْتَحِلُّ للحكم بغير ما أنزل الله).اﻫ.#16$ وقال ابن الجوزي غ في “زاد الميسر” (2/366-367): (والمراد بالكفر المذكور في الآية قولان:أحدهما: أنه الكفر بالله تعالى.والثاني: أنه الكفر بذلك الحكم، وليس بكفر ينقل عن الملَّة.وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا له وهو يعلم أن الله أنزله كما فعلت اليهود فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلًا إلى الهوى من غير جحود، فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ بِهِ ولم يحكم به فهو ظالم فاسق).اﻫ.#17$ وقال البيضاوي غ في “تفسيره” (1/ 468): (ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينًا به منكرًا له: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ لاستهانتهم به، وتمردهم؛ بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله: ﴿ﮬ﴾ و﴿ﯹ﴾و﴿ﭶ﴾ فكفَّرَهم لإنكاره، وظَلَّمَهُم بالحكم على خلافه، وفسَّقَهُمْ بالخروج عنه).#18$ وقال الفخر الرازي غ في “التفسير الكبير” (6/6): (وقال عكرمة: قوله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ إنَّما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أمَّا من عرف بقلبه كونه حكم الله، وأقرَّ بلسانه حكم الله، إلَّا أنه أتى بما يضادة، فهو حاكم بما أنزل الله تباك وتعالى، ولكنه تاركٌ له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم).#19$ وقال الشيخ العلامة الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/104): (واعلم أنَّ تحرير المقام في هذا البحث: أن الكفر والظلم والفسق كُلُّ واحدٍ منها أُطْلِقَ في الشَّرع مُرادًا به المعصية تارةً، والكفرُ المخرجُ من الملَّة أخرى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معارضة للرسل وإبطال لأحكام الله، فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرجة عن الملَّة... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معتقدًا أنه مرتكب حرامًا فاعل قبيحًا، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملَّة).اﻫ.#20$ وقال الشيخ السعدي غ في “تيسير الكريم الرحمن” (2/296-297): (فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرًا يَنْقُلُ عن الملَّة، وذلك اعتقاد جُلِّهِ وجوازه، وقد يكون كبيرةً من كبائر الذنوب ومن أعمال الكفر قد استحق من فَعَلَهُ العذاب الشديد... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قال ابن عباس: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، فهو ظُلْمٌ أكبر عند استحلاله، وعظيمةً كبيرةٌ عند فعله غير مستحل له).اﻫ.#21$ وقال العلامة الألباني غفي “الصحيحة” (6/109-116): (وقد جاء عن السَّلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: (كفر دون كفر) صحَّ ذلك عن ترجمان القرآن: عبدالله بن عباس م، ثم تلقَّاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولابد من ذِكْرِ ما تَيَسَّر لي عنهم، لعل في ذلك إنارةً للسَّبيل، أمام من ضَلَّ اليوم في هذه المسائل الخطيرة، ونحا نَحْوَ الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يُصَلُّون ويصُومُون...) اﻫ.ثم ساق غ بعض الآثار المتقدمة وخرَّجها وبين صحَّتها.#22$ وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين غ في تعليقه على كتاب “التخدير من فتنة التكفير” (ص68-69): (لكن لمَّا كان هذا (الآثر) لا يُرْضِي هؤٰلاء المفتونين بالتكفير، صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول، ولا يصحُّ عن ابن عباس!! فيقال لهم: كيف لا يصحُّ وقد تلقاه من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث، وتقولون: لا نقبل. ثم هب أن الأمر كما قلتم إنه لا يصح عن ابن عباس، فلدينا نصوصًا أخرى تدلُّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج من الملَّة، كما في الآية المذكورة، وكما في قوله ن: «اثْنَتَانِ بِالنَّاسِ هُمْ بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ». وهذه لا تخرج عن الملَّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلة البضاعة من العلم، وقلة فهم القواعد الشرعيَّة العامة، هي التي توجب هذا الضلال، ثم شيئٌ آخر نضيفة إلى ذلك، وهو: سوءُ الإرادة التي تستلزم سوءَ الفهم، لأنَّ الإنسان إذا كان يريد شيئًا لزم من ذلك أن ينتقل فهمة إلى ما يريد، ثم يحرِّفُ النُّصوص على ذلك، وكان من القواعد المعروفة عند العلماء، أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد، لا تعتقد ثم تستدل فتضل.فالأسباب ثلاثة هي:الأول: قلة البضاعة من العلم الشرعي. الثاني: قلة فقة القواعد الشرعية. والثالث: سوء الفهم المبنى على سوء الإرادة.وأمَّا بالنسبة لأثر ابن عباس م فيكفينا أن علماء جهابذة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، كلهم تلقوه بالقبول، ويتكلمون به، وينقلونه فالأثر صحيح).اﻫ.#23$ وأخيرًا نختم الجواب على هذه الشبهة، بكلمةٍ طيبةٍ مفصلةً للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني غ كما في “التحذير من فتنة التكفير” (ص56-72) ما نصُّهُ: (... ومن هؤٰلاء الخوارج قدماء ومحدثين، فإن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان، -بل منذ أزمان- هو آية يدندنون دائمًا حولها ألَّا وهي قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة، ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاث هي: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ و﴿ﮪﮫﮇ﴾ و﴿ﮪﮫﭶ﴾ فمن تمام جهل الذين يحتجون من هذه الآية باللفظ الأول منها فقط: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ أنهم لم يُلِمُّوا على الأقل ببعض النُّصوص الشَّرعيَّة -قرآنًا أم سُنَّة- التي جاء فيها ذكر لفظة الكفر، فأخذوها -بغير نظر- على أنها تعني: الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى، الخارجة عن ملَّة الإسلام، بينما لفظة: (الكفر) في لغة الكتاب والسُّنَّة، لا تعني دائمًا هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه. فشأن لفظة: ﴿ﮬ﴾ من حيث أنها لا تدل على معنى واحد، هو ذاته شأن اللفظين الأخيرين: ﴿ﮇ﴾ و﴿ﭶ﴾ فكما أنَّ من وُصِفَ بأنه ظالمٌ أو فاسقٌ، لا يلزم بالضَّرورة ارتداده عن دينه، فكذلك من وُصِفَ بأنه كافرٌ سواءً بسواءٍ.وهذا التَّنَوُّعُ في معنى اللفظ الواحد، هو الذي تدل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب لغة القرآن الكريم، فمن أجل ذلك كان الواجب على كلِّ من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين -سواءً كانوا حكَّامًا أو محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسُّنَّة، وعلى ضوء منهج السلف الصالح، والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما، وكذلك ما تفرع عنهما، إلا بطرق معرفة اللغة العربية, وآدابها معرفةً خاصةً دقيقةً.فإن كان لدى طالب العلم نَقْصٌ في معرفة اللغة العربية، فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، ولنرجع إلى آية: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44] فما المراد بالكفر فيها: هل هو الخروج عن الملَّة؟ أو أنه غير ذلك؟ فأقول: لابد من الدِّقَّة في فهم هذه الآية؛ فإنها قد تعنى الكفر العملي، وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام.ويساعدنا في هذا الفهم حَبْرُ الأمة، وترجمان القرآن عبدالله بن عباس م الذي أجمع المسلمون جميعًا -إلَّا من كان من الفِرَقِ الضَّالَّة على أنَّه إمامٌ فريدٌ في التفسير، فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تمامًا، من أن هناك أناسًا يفهمون هذه الآية فهمًا سطحيًّا من غير تفصيل، فقال ت: (ليس الكفر الذي تذهبون إليه) و(أنه ليس كفرًا ينقل عن الملَّة) و(هو كفر دون كفر) ولعلَّه يعني: بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي ت، ثمَّ كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: (ليس الأمر كما قالوا، أو كما ظنُّوا أنَّما هو كفر دون كفر). فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية، هو الحكم الذي لا يمكن أن يُفْهَم سواه، من النصوص التي أشرت إليها قبل، ثم إنَّ كلمة: (الكفر) ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل فيها على أنها تساوي الخروج من الملَّة، من ذلك مثلًا الحديث المعروف في “الصحيحين” عن عبدالله بن مسعود ت قال: قال رسول الله ن: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». فالكفر هنا هي المعصية التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول ؛ وهو أفصح الناس بيانًا، بالغ في الزَّجر قائلًا: «...وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».ومن ناحية أخرى: هل يمكن لنا أن نحمل الفقرة الأولى في هذا الحديث: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ». على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث، ضمن الآيةالسابقة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44].الجواب: أن هذا قد يكون فسقًا مرادفًا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملَّة، وقد يكون الفسق مرادفًا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملَّة، وإنَّما يعني ما قاله ترجمان القرآن أنه: (كفر دون كفر).وهذا الحديث يؤكِّدُ أنَّ الكفر قد يكون بهذا المعنى، وذلك لأن الله ﻷ يقول: ﴿ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ﴾ [الحجرات:9].إذ قد ذكر ربُّنا ﻷ هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقَّة المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول: «... وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».إذن فقتاله كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تمامًا، فقتال المسلم للمسلم بَغْيٌ واعتداءٌ، وفِسْقٌ وَكُفْرٌ، ولكنْ هَذَا يَعْنِي: أنَّ الكُفْرَ قد يكون كُفْرًا عَمَلِيًّا، وقد يكون كُفْرًا اعْتِقَادِيًّا.ومن هُنا جاء هذا التفصيل الدقيق، الذي تولى بيانه وشرحه الامام بحقٍّ شيخ الإسلام ابن تيمية غ، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن القيم الجوزيةغ، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنه على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم، الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية يرحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائمًا حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي، والكفر العملي، وإلَّا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج على جماعة المسلمين، التي وقع فيها الخوارج، قد يماوض بعض أذنابهم حديثًا.وخلاصة القول: أن قوله ن «وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».لا يعني مطلقًا الخروج عن المِلَّةِ والأحاديث في هذا كثيرًا جدًّا، فهي جميعًا حجةٌ دامغةٌ على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي، فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليلٌ قاطعٌ على أنَّ قتال المسلم لإخية المسلم هو كفر، بمعنى: الكفر العملي، وليس هو الكفر الاعتقادي.فإذا عدنا إلى: (جماعة التكفير) أو من تفرَّع عنهم وإطلاقهم على الحكام وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم الكفر والردَّة، فإن ذلك منهم مبنيٌّ على وجهة نظرتهم الفاسدة، القائمة على أن هؤٰلاء ارتكبوا المعاصي، فكفروا بذلك.ومن جملة الأمور التي يفيد ذكرها وحكايتها، أنني التقيت مع بعض أولئك الذين كانوا مع جماعة التكفير، ثم هداهم الله ﻷ:فقلت لهم: هاأنتم كفَّرتم بعض الحكام فما بالكم، مثلًا تكفرون أئمة المساجد؟ وخطباء المساجد؟ ومؤذني المساجد؟ وخدمة المساجد؟ وما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس وغيرها؟!قالوا: لأن هؤٰلاء رَضُوا بحكم الحكام الذي يحكمون بغير ما أنزل الله، فأقول: إذا كان هذا الرِّضا قلبيًّا بالحكم بغير ما أنزل الله، فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي، فأيُّ حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، هو يرى ويعتقدُ أنَّ هذا الحكم هو الحكم اللائق تبنيه في هذا العصر، وأنه لا يليق به تبنيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسُّنَّة، فلا شكَّ أن هذا الحكم يكون كُفْرُهُ كفرًا اعتقاديًّا، وليس كفرًا عمليًّا فقط، ومن رَضِيَ ارتضاءه واعتقاده، فإنه يلحق به؟ ثم قلت لهم: فأنتم أوَّلًا لا تستطيعون أن تحكموا على كلِّ حاكم يحكم بالقوانين الغربية الكافرة أو بكثير منها؛ أنه لو سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله لأجاب: بأن الحكم بهذه القوانين هو الحقُّ والصَّالح في هذا العصر، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام؛ لأنهم لو قالوا ذلك: لصاروا كفَّارًا حَقًّا دون شكٍّ ولا ريب، فإذا انتقلنا الى المحكومين وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم، فكيف تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم، كما يشملكم أنتم تمامًا؟ ولكنكم تعلنون أن هؤٰلاء كفَّارًا مرتدون، والحكم بما أنزل الله هو الواجب، ثم تقولون معتذر ين لأنفسكم: أن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل، لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنَّه مرتدٌّ عن دينه؟ وهذا نظير ما يقوله غيركم، سوى أنكم تزيدون عليهم بغير حق، الحكم بالتكفير والردَّة.ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وتكشف ضلالهم: أن يقال لهم: متى يُحْكَمُ على المسلم، الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقد يصلي، بأنه ارتدَّ عن دينه، أيكفي مرةً واحدة؟ أم أنه يجب أن يُعْلِنْ أنَّه مرتدٌّ عن الدين؟إنهم لن يعرفوا جوابًا، ولن يهتدوا صوابًا، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثال التالي!!فنقول: قاضي يحكم بالشَّرع هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومةٍ واحدةٍ زلَّت به القدم فحكم بخلاف الشرع، أي: أعطى الحقَّ للظَّالم وحرم المظلوم، فهذا قطعًا حكم بغير ما أنزل الله، فهل تقولون: بأنه كفر كُفْرَ رِدَّةٍ؟سيقولون: لا، لأن هذا صدر منه مرةً واحدةً.فنقول: إن صدر منه نفس الحكم مرةً ثانيةً، أو حُكم آخر، وخالف الشَّرع أيضًا، فهل يكفر؟ ثم نكرر عليهم ثلاث مرات، أربع مرات...متى تقولون أنه كفر؟ لن يستطيعوا وضع حدٍّ بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشَّرع، ثم لا يكفرونه بها، في حين يستطيعون عكس ذلك تمامًا، إذا علم منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله مستحلًّا له، واستقبح الحكم الشرعي، فساعتئذ يكون الحكم عليه بالرِدَّةِ صحيحًا.ومن المرة الأولى، وعلى العكس من ذلك، لو رأينا منه عشرات الحكومات في قضايا متعددةٍ خالف فيها الشَّرع، وإذا سألناه: لماذا حكمت بغير ما أنزل الله ﻷ؟ فرَدَّ قائلًا: خفت وخشيت على نفسي! أو: ارتشيت مثلًا، فهذا أسوأ من الأول بكثير، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يُعْرِبْ عمَّا في قلبه: بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله ﻷ، فحينئذ فقط نستطيع أن نقول: إنه كافر كُفْرَ رِدَّةٍ.وخلاصة الكلام: لابد من معرفة أنَّ الكفر كالفسق والظلم، ينقسم إلى قسمين:- كُفْرٌ وفِسْقٌ وظُلْمٌ يُخْرِجُ من المِلَّةِ، وكلُّ ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.- وآخر لا يُخْرِجُ من المِلَّةِ، يعود إلى الاستحلال العملي.فكُلُّ المعاصي وبخاصةً ما فَشَا في هذا الزمان، من استحلال عملي للرِّبا، الزِّنا، وشرب الخمر، وغيرها، هي من الكفر العملي، فلا يجوز أن نكفر عموم العصاة المتلبسين بشيءٍ من هذه المعاصي؛ لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إيَّاها، عمليًّا إلَّا إذا ظهر لنا منهم يقينًا ما يكشف لنا عمَّا في قرار نفوسهم، أنَّهم لا يحرمون ما حرَّم الله ورسوله اعتقادًا، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبيَّة، حكمنا عليهم حينئذ بأنَّهم كفروا كُفْرَ رِدَّةٍ.أمَّا إذا لم نعلم ذلك، فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله ؛: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيْهِ: يَا كَافِرْ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا، أذكر منها حديثًا ذا دلالةٍ كبيرةٍ، وهو في قصة ذلك الصحابي، الذي قاتل أحد المشركين، فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربةِ سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالا بها الصَّحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي ن أنكر عليه ذلك أشدَّ الإنكار، فاعتذر الصحابي: أن المشرك ما قالها إلَّا خوفًا من القتل! لكنَّ جوابه ن كان: «هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ».إذن الكفر الاعتقادي ليس له علاقةٌ أساسية بمجرد العمل، إنَّما علاقته الكبرى بالقلب، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي، وما شابههم إلَّا إذا عَبَّر عمَّا في قلبه بلسانه، أمَّا عمله فينبئُ أنه خالف الشَّرع مخالفةً عمليةً، فنحن نقول: أنك خالفت، وأنك فسقت، وأنك فجرت، لكن لا نقول أنك كفرت وارتددت عن دينك، حتى يظهر منه شيئ يكون لنا عذرًا عند الله ﻷ في الحكم بردته، ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه، ألا وهو قوله ن: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ».ولقد قلت، وما أزال أقول لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين:هَبُوا أَنَّ هؤٰلاء الحكام كُفَّارًا كُفْرَ رِدَّةٍ، وَهَبُوا أَيْضًا أنَّ هناك حاكِمًا أعلى على هؤٰلاء، فالواجب والحالَةُ هذه: أن يطبِّقَ هذا الحاكم الأعلى فيهم الحدَّ، ولكن الآن ماذا تستفيدون أنتم من النَّاحية العملية، إذا سلمنا جدلًا، أنَّ هؤٰلاء الحكام كفَّارًا كفر رِدَّةٍ؟ ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا؟إذا قالوا: ولاءً وبراءً: فنقول: الولاءُ والبراءُ مرتبطان بالموالاةِ والمعاداة، قلبية وعملية، وعلى حسب الاستطاعة، فلا يشترط؛ لوجودهما اعلان التَّكفير، وإشهار الرِدَّةِ بل إن الولاءَ والبراءَ قد يكونان في مبتدع أو عاصي أو ظالم.ثم أقول لهؤٰلاء: هاهم هؤٰلاء الكفار قد احتلُّوا من بلاد الإسلام مواقع عدة، ونحن مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين، فما الذي نستطيع نحن وأنتم فعله مع هؤٰلاء؟ حتى تقفوا أنتم وحدكم ضدَّ أولئك الحكام، الذين تظنون وتدَّعون أنهم كفارًا).اﻫ. بطوله.فقد تقدم أن تفسير ابن عباس م لقول الله ﻷ: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]. وقد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله ت في الآية: (كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ). وقوله أيضًا: (ليس بالكفر الذي تذهبون إليه).وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطإ ومجانبة الصواب، وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملَّة، فإنه معصيةٌ عُظْمَى أكبر من الكبائر، كالزنى وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها؛ فإن معصية سمَّاها اللهُ في كتابه كفرًا أعظم من معصية لم يسمِّها كُفْرًا، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادًا ورضاءً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.الشبهة الثانية: يحتجون بموالاتهم للكفار أي الحكامفيحتجون على تكفير الحكام بهذا.والجواب على هذه الشبهة: نقول إنَّهم يجهلون معنى الموالاة؟ ومتى تكون مكفرةً؟ ومتى لا تكون كذلك؟ومن أخطر الأسباب الداعية إلى التكفير: الجهل بالشرع، وهذا الجهل له صور عديدة، ومن أهم ذلك: جهل هؤٰلاء الضَّالين الخارجين عن السُّنَّة بمعنى الموالاة, وغلطهم في الموالاة من ناحيتين:الناحية الأولى: ظنهم أن الموالاة قسمٌ واحدٌ، وتُخْرِجْ من الملَّة بشتى صورها وأشكالها.الناحية الثانية: ظنهم بعض الأمور المشروعة أنها من الموالاة.والصورة الثانية: تتضمن الحديث عن ضوابط التعامل مع الكفار، وكذلك تتضمن الحديث عن درء شرِّ الكفار، بما يظهر من صورته أنه موالاة، وهو ليس كذلك؛ فالموالاة أقسام وأنواع، فمنها المكفر، ومنها المفسق، وثمة أمور يتوهم البعض أنها من الموالاة، وليس الأمر كذلك.معنى الموالاة والتولي: الموالاة مأخوذة من الفعل: وَالَى يُوَالِي مُوَالَاةً، وهي بمعنى: النُّصرةَ والتأييدَ. قال تعالى: ﴿ﯬﯭﯮ﴾ [آلعمران:٦٨]، وقال تعالى: ﴿ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ﴾ [المائدة:55].والآيات في الموالاةِ كثيرةٌ، وكلُّها بمعنى: النُّصرة والتأييد، فأمر تعالى بمحبة المؤمنين ونصرتهم، ونهى عن محبة الكفار ونصرتهم.* قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب غ في “تسيير العزيز الحميد” (عن الموالاة): (هي لازم الحبِّ، وهي النُّصرة والإكرام والاحترام، والكَوْنُ مع المحبوبين باطنًا وظاهرًا).اﻫ.وما ذكره الشيخ سليمان غ هو الموالاة التامَّة، التي من صرفها لله ورسوله والمؤمنين كان مؤمنًا تامَّ الإيمان، ومن صرفها للمشركين كان مشركًا مثلهم.أقسام الموالاة:وتنقسم الموالاه إلى قسمين: موالاةٌ مكفرة، وموالاةٌ محرمة، لا تخرج من الملَّة.فالموالاة المكفرة: هي التامَّة التي تكون مشتملة على حبِّ دين الكفار، وحب ظهوره على المسلمين، أو العمل على ذلك، ولها صور:الصورة الأولى: محبَّةُ الكفار لدينهم في الباطن، مع إظهار العداوة لهم في الظاهر، فهذه موالاة مكفرة، وهي ما كان عليه المنافقون، وهذه من صور التولي المخرج من الملَّة، عند من يفرق بين الموالاة والتَّولي.الصورة الثانية: محبَّةُ الكفار، والرغبة فيهم وفي دينهم، باطنًا وظاهرًا، فهذا كُفْرٌ صريحٌ، وهذه هي الموالاة التامَّة.* قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ غ: (وأصل: الموالاة هو: الحبُّ والنصرة والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكل ذنب حظُّه وقسطه من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفي غيره، وإنَّما أُشْكِلَ الأمرُ، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوفٍ من العجم والمولدين؛ الذين لا درايةَ لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السُّنَّة والقرآن).اﻫ.* وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن غ كما في “الدرر السنية” (11-30-34): (وأمَّا إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكُلُّ هذه الأمور زائدةٌ على الإقامة بين أظهرهم، وكُلُّ عمل من هذه الأعمال، قد توعَّد الله بالعذاب والخلود فيه، وسلب الإيمان، وحلول السَّخَطِ بِهِ، وغير ذلك مما هو مضمون الآيات المحكمات، التي قد تقدمت).اﻫ.* وقد سئلت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء”(2-71-72)، بسؤالٍ ما نَصُّهُ:(سؤال: ما هي حدود الموالاة التي يكَفَّرُ صاحبها، وتخرجه من الملَّة حيث نسمع أن من أكل مع المشرك أو جلس معه فهو مشرك؟!الجواب: موالاة الكفَّار التي يكفَّر بها من والاهم: هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التَّعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام، وبالله التوفيق).اﻫ.* وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/111): (ويفهم من ظواهر هذه الآيات أنَّ من تولَّى الكفَّار عمدًا واختيارًا رغبةً فيهم، أنه كافرٌ مثلهم).اﻫ.* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/241 فما بعدها): (وهذا الحديث يعني: حديث: «وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أقَلُّ أحواله أن يقتضي تحريم المشتَبِّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المشتبه بهم، كما في قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ﴾ [المائدة:51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبدالله بن عمر م أنه قال: (مَنْ بَنَى بِأَرْضِ المُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ، حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ).فقد يُحمَلُ هذا على التشبُّهِ المطلق؛ فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنَّه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرَا أو معصيةً أو شِعَارًا للكفر أو للمعصية، كان حكمه كذلك).اﻫ.* وقال ابن عثيمين غ لما سُئِلَ عن الموالاة: (وهذه المسألة من أدقِّ المسائل وأخطرها، ولا سيَّما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظنُّ أنَّ أيَّ شيئٍ يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاةٌ لهم، وهو ليس كذلك). اﻫ. “الباب المفتوح” (3/466).* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): وقد تَحْصُلُ للرجل مودَتُهم لِرَحِمٍ أو حاجةٍ، فتكون ذنْبًا ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافرًا.- كما حصل لحاطب بن أبي بلعته، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن وأنزل الله فيه: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ﴾ [الممتحنة:1].- وكما حصل لسعد بن عبادة لمَّا انتصر لابن أبي في قِصَّةِ الإفك، فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله! لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا؛ ولكن احتملته الحمية).اﻫ.الشبهة الثالثة: التي يدندنون بها في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم، بحجة أنهم أعانوا الكفار على المسلمينوالردُّ على الشُّبْهَةِ من أربعةِ أوجهٍ:الوجه الأول: لا ينبغي تصديقُ كُل ما يقال، لا سيَّما إن أريد به إيقاع الإثم على المسلم، فضلًا عن إيقاع الكفر، وقد أمرنا الله تعالى بالتثبّيت في خبر الفاسق، لاسيَّما أنَّ الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على: خبرِ كافرٍ أو فاسق أو مجهول، أو على توقعات مدَّعِي السِّياسة، المبنيَّة على القرائن التي تحتملُ الصَّواب والخطأ.الوجه الثاني: إن من الحكام المراد تكفيرهم بهذا، من ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين، وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأن نفسه، وجب تصديقه؛ حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه.الوجه الثالث: ليست كلُّ إعانةٍ مكفرةٌ؟ بل في الأمر تفصيل، فمع الاعتراف بكونه معصية لله تعالى، إلَّا أنه لا يكون كفرًا مطلقًا؛ فإنه إن أعانهم لإجل دينهم كفر، وأمَّا إن أعانهم لإجل الدنيا فإنَّه لا يَكْفُرْ، وهذا التَّفصيلُ هو ما دلَّت عليه الأدلَّةُ، وقال به أهل العلم.الوجه الرابع: أنَّه وعلى سبيل التَّسليم، لو قيل بتكفير كُلِّ معينٍ مطلقًا، أو جَرَى لأحدهما أنه أعان الكفَّار على الوجه المكَفِّر، فليس كُلُّ واقعٍٍ في الكُفْرِ يكونُ كافرًا، فكما أنَّ الإثم قد يختلف، فكذلك الكفر؛ ببيان الآخر بالتثبيت، قال تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [الحجرات:6].بيان أنه ليست كل إعانةٍ مكفرة:ووجه دلالة الحديث:#1$ أنه أعان كفَّار قريش حين كاتبهم بخبر غزو النبي ن لهم.#2$ ولم يحكم النبي ن بكفره.#3$ ولم يوافق النبي ن عمر بن الخطاب في تكفيره لحاطب م.#4$ ورجع عمر ت عن تكفيره وبكى، وقال: (الله ورسوله أعلم).#5$ ولم يترك النبي ن تكفير حاطب إلَّا لِعُذْرٍ؛ أنَّه: قصد الدنيا بإعانته، حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون له يَدٌ على قريش؛ ليحمي أهله الذين بمكة، وهذه مصلحةٌ دنيويةٌ، وقَبِلَ النَّبِيُّ ن هذا الاعتذار.#6$ ولا يمكن اعتبار حاطب ت متأولًا؛ لأنَّه لو كان كذلك لقام النبي ن بتعليمه، وإزالةِ الشُّبْهَة عنه، ولكنه لم يقم بذلك.#7$ ولما لحقه ت إثم؛ لأنَّه لو كان تأول لكان معذورًا، ومن ثَمَّ فليس محتاجًا لفضيلة شهوده بدر، حتى يكفَّر عنه ذلك الإثم.#8$ ثم إنه ت كان يعلم بخطورة عمله، مما يؤيد نفي التأويل عنه.#9$ كما لا يمكن اعتبار حاطب ت معفيًّا من التكفير، على اعتبار أنَّه من أهل بدر، لأنَّه لو حذَّر من الكفر؛ لقضى الكفر على فضيلة حضور بدر وأحبطها، ومن ثَمَّ فلا يمكن أن يشفع له عملٌ حابطٌ، كيف وقد أخبر الله تعالى بأن الشِّرك محبطٌ للنبوَّة والرسالةِ، وهما أعظم من بدرجة حاطب ت حين قال: ﴿ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾[الزمر:65].* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): (وقد تحصل موادتهم لرحم أو لحاجة، فتكون ذنب ينقص به إيمانُهُ، ولا يكون به كافرًا: كما حصل لحاطب بن أبي بلعتة، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن).اﻫ.بيان ضابط الاعانة المكفرة:لما أعان حاطب ت كفَّار قريش سأله النَّبِيُّ ن بقوله: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟...».وعليه؛ فإنَّ الواجب على من أراد الحكم في مثل هذه المسألة أن يسأل عن الحامل، الباعث، السَّبب، وبناءً على معرفة الباعث، يكون الحكم، فينظر إلى الباعث على الإعانة، ما هو؟ فإن أعانهم لإجل دينهم كفر.* قال البغوي غ: (﴿ﭟﭠﭡ﴾ فيوافقهم ويعينهم).اﻫ. “تفسيره” (3/68).* وقال الألوسي غ: (وقيل المراد من قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51]: كافر مثلهم حقيقةً، وحُكِيَ عن ابن عباس م، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهودًا ونصارى).اﻫ “تفسيره” (3/157).* وقال عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمهم الله: (وأما قوله: ﴿ﭟﭠﭡ﴾. وقوله: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ﴾ [المجادلة:٢٢]. وقوله: ﴿ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ﴾ [المائدة:57]: فقد فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.وأصلُ الموالاة: هو الحُبُّ والنُّصرة والصَّداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكُلِّ ذنب حَظُّهُ وقِسْطُهُ من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم، من الصحابة والتابعين، معروف في هذا الباب وغيره).اﻫ. “الرسائل والمسائل النجدية” (3/10)، “الدرر السنية” (1/474).* وقال الشيخ ابن عثيمين غ: (هو منهم في الظَّاهر بلا شكٍّ؛ بسبب المعاونة والمناصرة، ولكن هل يكون منهم في الباطن، نقول: يمكن أن تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدي الى المحبَّة في الباطن، ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم).اﻫ. عند تفسير قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51].أمَّا إن أعانهم لأجل الدنيا فإنَّه لا يكفر: مع كونه إثمًا عظيمًا.هذا يستفاد من حديث حاطب ت، حينما اعتذر بإرادته مصلحةً دنيويةً، وقَبِلَ النبي ن عُذْرَهُ ذاك، ولم يحكم عليه بالكفر.* قال ابن كثير غ: (قَبِلَ رسول الله ن عُذْرَ حاطبٍ لمـَّا ذكر أنَّه إنَّما فعل ذلك مصانعةً لقريش؛ لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد).اﻫ. “تفسيره” (4/410).وهذا بيانٌ أنَّهُ ليس كُلُّ من وقع في الكفر يكون كافرًا.والخلاصة: أن يقال: إن تضمنت محبَّةَ الكفَّار النُّصْرَة لهم، يكون ذلك كُفرًا، أمَّا إذا لم تكن هناك نُصْرَةٌ فهذه معصيةٌ، والله أعلم.الشبهة الرابعة: في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم بحجة أنهم أماتوا الجهاد؟الردُّ على هذه الشبهة: قد بُيِّنَتْ في أكثر من موضع: أنه لا يجوز الإقدام على التَّكفير بلا برهانٍ، وأنه لا يجوز تكفير المسلم إلا بيقينٍ يُزِيلُ اليقينَ الَّذي دخل به الإسلام.وهذا اليقينُ أعني به أن يثبت عندنا أمران:أحدهما: متعلقٌ بالفعل.والآخر: متعلقٌ بالفاعل.فالمتعلقُ بالفعل: هو أن يثبت لدينا بالدَّليل الصَّحِيحِ الصَّرِيح: أنَّ هذا الأمرَ كُفْرٌ.والمتعلق بالفاعل: هو أن يكون الواقعُ فيه ممن توفَّرت فيه شروطُ التكفير، وانتفت عنه موانعه.ولا يَصْلُحُ تكفيرُ المسلم بالأمور المحتملَةُ للكُفْرِ، ولما هو دون الكفر، بل لابد من وجود اليقين، وعليه فإنه يقال: إماتة الحكام للجهاد الشرعي كلمةً مجملةً، تحتاج إلى تفصيلٍ كاشفٍ عن المراد بها؛ حيث أنها تحتمل معنيين بينهما في الحكم، كما بين السماء والأرض.فهل المراد: أن الحكام أنكروا شرعيَّةَ الجهاد في الإسلام؟أو المراد: أنَّهم تركوا القيام به مع الاعتراف بشرعيته؟فإنَّ الأوَّل: كُفْرٌ بلا ريب.وأما الثاني: فله حالتان:1- فمن تركَهُ وهو غيرُ قادر: فهو معذورٌ شرعًا.2- ومن تركَهُ وهو قادرٌ: فهو مقَصِّرٌ، غير معذور، ولكنَّهُ لا يُكَفَّر.خلاصة الأمر: أنَّ الحاكم التَّارك للجهاد أحدُ رجلين؟1- رجلٌ غيرُ قادر: فهو معذورٌ.2- ورجلٌ مقصِّرٌ عاصٍٍ ليس بكافر.ومعلومٌ أنَّهُ لا يجوز الخروجُ على الحاكم بالمعصية التي دون الكفر.وكذلك لا يخفاك أخي المسلم، ما تعانيه الأمَّةُ الآن؛ من ضعفٍ شديدٍ بل ومن تسلُّطٍ شديدٍ من أعداء الإسلام.أقول: وأمَّا من ثبت عليه بعينه إنكار مشروعيَّةِ الجهاد في الإسلام، فإنَّهُ يكفر متى توفَّرت في حقَّهِ شروطُ تكفير المعين.بيان خطر التكفير بدعوى تعطيل الجهاد* قال الشيخ صالح الفوزان ‡ جوابًا على:سؤال: (هناك من يقول: إنَّ ولاة الأمور والعلماء في هذه البلاد قد عطَّلُوا الجهاد، وهذا كُفْرٌ بالله، فما هو رأيكم في كلامه؟الجواب: هذا كَلَامُ جَاهِلٍ، يَدُلُّ على أنَّهُ ما عنده بصيرةٌ ولا علمٌ، وأنه يُكَفِّرُ النَّاسَ، وهذا رَأْيُ الخوارجِ، هم يَدُورُونَ على رأي الخوارج والمعتزلة،... نسأل الله العافية).اﻫ. “الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية” (ص110) ط. الأولى.بيان عـــدم الحرج في ترك الجهاد حال العجزواشتراط القدرة في جهادي الطلب والدفع:* قال الشيخ ابن عثيمين غ عن الجهاد في البوسنة والهرسك:(ولكن أنا لا أدري، هل الحكومات الإسلامية عاجزةٌ أم ماذا؟ إن كانت عاجزةٌ فالله يعذُرُهَا، والله يقول: ﴿ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ﴾ [التوبة:91].فإذا كان ولاةُ الأمور في الدُّوَلِ الإسلاميَّة قد نصحوا لله ورسوله، لكنَّهُم عاجزون، فالله قد عذرهم).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/284).* وقال غ عن الجهاد: (إذا كان فرضَ كفايةٍ أو فرضَ عينٍ، فلابد له من شروطٍ من أهمِّهَا: القدرة، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرةٌ؛ فإنَّهُ لا يُلقِي بنفسه إلى التَّهلكة، وقد قال الله تعالى: ﴿ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ﴾ [البقرة:195]).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/420).بيان أنَّ الأمـــة الآن في ضعف يوجب عليها عدم استعجال الجهاد:* قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين غ في “شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام” الشَّريط الأول الوجه (أ):(لو قال لنا قائلٌ الآن: لماذا لا نحاربُ أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟لماذا، لعدم القدرة؛ الأسْلِحَةُ الَّتي قد ذهب عصرُهَا عندَهُم هِيَ الَّتي في أيدينا، وهي عند أسلحَتِهِمْ بمنزلَةِ سكاكين الموقد عند الصواريخ؛ ما تُفِيدُ شيئًا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤٰلاء؟!ولهذا أقول: أنه من الحُمْقِ أن يقول قائل: أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا، كيف نقاتل؟ هذا تَأْبَاهُ حكمةُ الله ﻷ ويَأْبَاهُ شَرْعُهُ، لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به ﻷ: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾ [الأنفال:٦٠] هذا الواجب علينا أن نَعُدَّ لهم ما استطعنا من قوة، وأَهَمُّ قوةٍ الإيمان والتَّقوى).اﻫ.* وقال غ: (فالقتال واجبٌ، ولكنَّهُ كَغَيْرِهِ من الواجبات؛ لابد من القدرة والأمة الإسلامية اليومَ عاجزةٌ، لا شكَّ عاجزةٌ ليس عندها قوةً معنويةً، ولا قُوَّةً ماديةً، إذًا يسقط بعدم القدرة عليه: ﴿ﮧﮨﮩﮪ﴾ [التغابن: 16]. وقال تعالى: ﴿ﭔﭕﭖ﴾ [البقرة:216]).اﻫ. “شرح رياض الصالحين” (3/375) أوَّل كتاب الجهاد. ط المصرية.* وقال غ: (لكن الآن ليس بأيدي المسلمين، ما يستطيعون به جهاد الكفَّار، حتَّى ولا جهاد مدافعة).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/261) “لقاء(33) سؤال (977).يستفاد من كلامه غ: اشتراطه القدرة في جهاد الدَّفع.* وقال غ: (إنه في عَصْرِنَا الحاضر، يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسَّيف ونحوه؛ لضَعْفِ المسلمين ماديًّا ومعنويًّا، وعدم إتيانهم بأسباب النَّصْرِ الحقيقية، ولإجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يَبْقَ إلَّا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة).اﻫ. “الفتاوى” (18/388).بعض المخالفات المنهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد* (تعميم القول بفرضية الجهاد.* تعطيل استمرار مصالح الأمم.* غلبة التأثير بالعاطفة في منهجية التَّحريض.* التَّوسع في بناء الأحكام على فتوى تَتَرُّس الكفار بالمسلمين.* الخوض في المسائل الدقيقة.* تكفير الناس دون مراعاة الشروط وانتفاء الموانع.* الطعن في العلماء).اﻫ. بتصرف من كتاب “مخالفات منهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد” للعزَّاوي.الشبهة الخامسة: الاحتجاج على تكفير الحكام والخروج عليهم بانتشار المعاصيمثل: الربا، والخمر، وبيوت الدعارة، والفواحش المنتشرة في البلاد، والسُيَّاح، والكنائس، والمراقص، ودعاةُ الشَّر،...،... وغيرها من المعاصي.الجوابعلى هذه الشُّبهة: أن هذه المعاصي تُعَدُّ من الكبائر، فلا يُكَفَّرُ بها إلَّا إذا استحلَّها استحلالًا اعتقاديًّا، ولا يعرف أنه استحلَّها إلَّا إذا نَطَقَ بذلك.ونضرب مثلاً في هذه المعاصي، مثل الأول: وهو الرِّبَا، هذا الفعل وإن كان ذنبًا إلَّا أنَّهُ لا يصلُ إلى حَدِّ الكفر، لم يجز الخروج على الحكام لإجل هذا، بل الواجب الدعاء لهم ونصحهم ودعوتهم بالتي هي أحسن.واعلم وفقك الله، أن هناك من يكفِّر بهذه البنوك مدعيًا أنَّ حمايةَ هذه البنوك قرينة على الاستحلال، ومن ثَمَّ فإنَّ الحاكم يكفَّرُ بذلك؟وجوابًا على هذه الدعوى يقال:لا يعرف الاستحلال إلَّا من التَّصريح، فليس الإصرار على الذنب ولا حمايته ولا الدعوى إليه دليلًا على استحلاله، ولا يقول هذا إلَّا من فتن بحبِّ التَّكفير المذموم، وتجرأ عليه ولم يعرف العلم، وإلَّا: لو كان كذلك:لكفَّرنا المصرَّ على شُرْبِ الخمر مثلًا!!ولكفَّرنا الأب الذي يحمي أجهزة الإفساد من اعتداء أحد أبنائه عليها!!ولكفَّرنا كلَّ صديق سوء يدعو إلى المعصية ويزينها!!فليكفر أولئك المتعجلون آبائهم وإخوانهم وذويهم، إن كانوا يلتزمون ما يقولون، وإلَّا فليعوا خطورة الأمر، ولينتهوا عمَّا هم عليه، إذًا:فالتمكين من الرِّبَا لا يكفر وأنَّ الاستحلال لا يستفاد من الفعل المجرد* قال ابن عثيمين غ جوابًا على:(سؤال: ما هو ضابط الاستحلال الذي يُكَفَّرُ به العبد؟قال: الاستحلال هو أن يعتقد حِلَّ ما حرمه الله،... وأمَّا الاستحلال الفعلي فينظر: لو أن الإنسان تعامل بالرِّبا لا يعتقد أنه حلال لكنه يُصِرُّ عليه، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يستحله، ولكن لو قال: إن الربا حلال! ويعني بذلك: الربا الذي حرمه الله؛ فإنه يكفَّر؛ لأنَّهُ مُكَذِّبٌ لله ورسوله).اﻫ. “الباب المفتوح” (3/97) لقاء (50) سؤال (1198).فهذا مثلٌ في الربا وغيره من المعاصي، مثله وعلى هذا الاعتقاد، والله أعلم.* وقال معالي الشيخ صالح بن فوزان ‡ في “تعليقه على الطحاوية”:(الذنب إذا لم يكن كفرًا أو شركًا مخرجًا من الملَّة؛ فإنَّنا لا نكفر به المسلم بل نعتقد أنَّهُ مؤمن ناقصُ الإيمان، مُعَرَّضٌ للوعيد، وتحت المَشِيئَةِ، هذه عقيدة المسلم، ما لم يستحله، فإذا استحلَّ ما حرَّم الله فإنَّهُ يكفَّر كما لو استحل: الرِّبا، أو الخمر، أو الميتة، أو لحم الخنزير، أو الزِّنا. إذا استحلَّ ما حرم الله كَفَرَ بالله، وكذلك العكس: لو حرَّم ما أحل الله كفر: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ﴾ [التوبة:31] وجاء تفسير الآية بأنَّهم أحلُّوا لهمُ الحرام وحرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فعن عَدِيِّ بن حاتم ت قال: أتيت النبي ن، وفي عُنُقِي صَلِيبٌ من ذهب، فقال: «يَا عَدِي، اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ». وسمعته يقرأ في سورة براءة: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ﴾ [التوبة:31]. قال ن: «أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ». أخرجه الترمذي رقم (3095).أمَّا لو فعل الذَّنب وهو لم يستحله، بل يعترف أنَّهُ حرام، فهذا لا يُكَفَّر، ولو كان الذَّنبُ كبيرَةٌ دُوْنَ الشِّرْكِ والكفر، لكنَّهُ يكون مؤمِنًا ناقصَ الإيمان، أو فاسقًا بكبيرته مؤمنًا بإيمانه).اﻫ.* وقد سئل الشيخ صالح اللحيدان ‡: (هناك بعض الشباب يحكمون بكفر الحاكم، ويحتجُّون بوجود منكرات ظاهرة وباستمرار، ويزعمون أن هذا يدلُّ على استحلالها، فهل هؤٰلاء على صواب؟فأجاب ‡: الاستحلال من أعمال القلوب، وليس كُلُّ مرتكب معصيةً مستحلًا لها، فإن الزِّنَا وُجِدَ في عهد النبي ن، السَّرِقَة وُجِدَت في عَهْدِه ن، شُرْبُ الخمر وُجِدَ في عَهْدِهِ، وشارب الخمر قال عنه النبي ن: «إِنَّهُ يُحِبُ اللهَ وَرَسُولَهُ». والحديث أخرجه البخاري (8/327رقم6780) من حديث عمر بن الخطاب ت.وكثرة ارتكاب الذنب لا يدُلُّ على استحلال، فلا يحل للإنسان أن يدَّعي أنه يعلم ما في القلوب، وهؤٰلاء إنَّما يُؤْتَونَ من جهلهم وعدم بصيرتهم.ولعل الغيرة مع ضعف البصيرة جعلتهم يجنحون هذه الجَنَحَات، وهذا ظُلْمٌ لأنفسهم، وظُلْمٌ لمن يكفرونه، ومذهب أهل السنة والجماعة ألَّا يكفر إنسان بذنب، إلَّا إذا كان الذنب لا يرتكبه إلَّا كافر، ولا يرتكبه مسلم على الإطلاق.فإنَّ من يَشْرَب ويَشْرَب لم يكفرهُ الصَّحابة ي ولم يُكَفِّرْهُ الرسول ن، ولما جاء ذكر الشراب المتكرر ما قال النبي ن: إنه كفر الكفر المخرج من الملَّة.ولكن هكذا؛ كلما أحسن الإنسان الظَنَّ في نفسه، وبدا له أنه صار رجل الدنيا، وواحدها يغتر بنفسه، ويعطيها حكم المفتي والقاضي والحاكم والموجه الذي يصدر الناس عن أمره وهذا من جهله بنفسه).اﻫ. من “العلاقة بين الحاكم والمحكوم” (ب).تبيَّن ممَّا سبق أنَّ الذُّنوب وإن عظمت ما لم تكن شركًا، فإنها لا تخرج من الإسلام، ولا تُبَرِّرُ الخروج عن الحاكم المسلم، كما يفعله الخوارج.* قال العلامة عبدا لعزيز ابن باز غ: (هذه الدولة بحمد الله، لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنَّما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان).اﻫ. “مجموع الفتاوى والمقالات” (4/89- 97).الشبهة السادسة: احتجاجهم على تكفير الحكام والخروج عليهم بشبهة الشرع المبدليقولون: بمجرد أن يضع الحاكم قوانين ودساتير فقد بدَّل الحكم.الجواب: على هذه الشبهة باختصار: أن تبديل الحكم كما في الآية عند قوله تعالى: ﴿ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ﴾ [البقرة:79].فضابط التبديل في الآية: أن يأتي بحُكْمٍ وشَرْعٍ من عند نفسه، ثم يقول: هذا من عند الله.يراجع: “أحكام القرآن لابن العربي” (2/625)، و“مجموع الفتاوى” (3/268/(11/507).=========بعض شبه الخوارج في تكفير الحكامالشبهة الأولى: احتجاجهم بقوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾وهيَ من أعظم الشُّبه التي يدندن بها هؤٰلاء الجهَّال في تكفير الحكَّام مطلقًا، وهذه الشبهة هيَ احتجاجهم بقول الله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]، فيقولون: إذن هذا الحاكم لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر.* كلام العلماء حول هذه الآية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن العلماء المعاصرين#1$ عن طاوس عن عبدالله بن عباس م في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44ٍ]:ليس الكفر الذي تذهبون إليه.وفي رواية: إنَّه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفر ينقل عن الملَّة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]: كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ.* وقد تُوبع طاوس عليه عن ابن عباس م، تابعه عليُّ بن أبي طلحة عنه، بلفظ: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق.فأصل هذه المسألة: هو ما تقدم عن ابن عباس م، وأمَّا قول الخوارج فلم يقل فيه إمام من الأئمة ولا مفسر من المفسرين.#2$ قال ابن القيم الجوزية غ في “مدارج السالكين” (1/335ـ 336): (وهذا تأويل ابن عباس م وعامه الصحابة ي في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]. قال ابن عباس م: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كَفَرَ بالله واليوم الآخر).اﻫ.#3$ وقال عطاء: (هو كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، وظُلْمٌ دُوْنَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُوْنَ فِسْقٍ).واعلم أنَّ أهل السُّنَّة والجماعة من أصحاب الحديث والأثر، أتباع السَّلف الصَّالح، متَّفقون على تلقي هذا الأثر عن حَبْرِ هذه الأمة وترجمان القرآن ابن عباس م بالقبول، ومجمعون على صحته، فهم عاملون به داعون إليه.قال الحاكم غ في “المستدرك” (ص2/393): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.ونقل الحافظ ابن كثير غ في “تفسير القرآن العظيم” (2/64) عنه قوله: صحيح على شرط الشيخين واحتج به.#4$ وقال شيخ المفسرين الطبري غ في “جامع البيان” (6/166-167): (وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت الآيات في كفار أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات، ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، فهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبرٌ عنهم أولى.فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصًا؟ قيل: أن الله تعالى عمَّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بشركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلِّ من لم يحكم بما أنزل لله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال بن عباس).اﻫ.#5$ وقال الإمام أبو المظفر السمعاني غ في “تفسير القرآن” (2/42): (وقال ابن عباس الآية في المسلمين، وأراد به كفرًا دون كفرٍ، واعلم: أن الخوارج يستدلون بهذه الآية ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.وللآية تأويلان:أحدهما: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا وجحدًا، فأولئك هم الكافرون.الثاني: ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فألئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم).اﻫ.#6$ وقال أبوبكر بن العربي غ “أحكام القرآن” (2/624ـ625): (اختلف فيه المفسرون، فمنهم من قال: الكافرون والظالمون والفاسقون، كُلُّهُ لليهود، ومنهم من قال: الكافرون للمشركين، والظالمون لليهود، والفاسقون للنصارى، وبه أقول؛ لأنه ظاهر الآيات، وهو اختيار: ابن عباس، وجابر بن زيد، وابن أبي زائدة، وابن شبرمة. وقال طاووس وغيره: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، ولكنه كُفْرٌ دون كُفْرٍ.هذا يختلف:* إن حكم بما عنده على أنَّه من عند الله، فهو تبديلٌ له يوجب الكفر.* وإن حكم به هوًى ومعصيةً، فهو ذَنْبٌ تدركه المغفرة، على أصل أهل السُّنَّة في الغفران).#7$ وقال القرطبي غ في “الجامع لأحكام القرآن” (6/190): (... فأمَّا المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرةً).#8$ وقال البقاعي غ في “نضم الدرر” (2/460): (ولمَّا نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إمَّا لاستهانة، أو لخوف، أو رجاءً، أو شهوةً، رتَّب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسوق، قال ابن عباس م: من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرٌّ فهو ظالم فاسق).اﻫ.#9$ وقال أبوحيان غ في “البحر المحيط” (3/492): (﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: ظاهر هذا العموم، فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظَّاهر أنَّه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنَّها عامة في اليهود وغيرهم، ذهب ابن مسعود وإبراهيم وعطاء وجماعة، ولكن كُفرٌ دون كفر، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، يعني: أنَّ كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملَّة، قاله: ابن عباس وطاووس).اﻫ.#10$ وقال الخازن غ في “تفسيره” (1/310) مختصره: (فقال جماع من المفسرين: إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غير حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرةً لا يقال: إنه كافر، وهذا قول ابن عباس وقتادة والضَّحاك، ويدلُّ على صحَّة هذا القول، ما روي عن البراء بن عازب ت).#11$ وقال جمال الدين القاسمي غ في “محاسن التأويل” (6/1998م): (كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون، وأثروه عن عكرمة وابن عباس).#12$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (7/312): (وإذا كان من قول السَّلف: أنَّ الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنَّه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملَّة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قالوا: كفروا كفرًٍا لا ينقل عن الملَّة. وقد تبعهم على ذلك أحمد وغيرهم من أئمة السُّنَّة).#13$ وقال أيضًا غ في (7/522): (وقال ابن عباس وغير واحد من السَّلف في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: فأولئك هم الظالمون، فأولئك هم الفاسقون، كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما).#14$ وقال غ في (7/350-351): (وقد يكون مسلِمًا، وفيه كُفْرٌ دون الكُفْرِ الذي يَنْقُلُ عن الإسلام بالكُلِّيَّةِ، كما قال الصحابة: ابن عباس، وغيره: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وهذا قول عامَّة السَّلَفِ، وهو الَّذي نصَّ عليه أحمد وغيره).#15$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (3/267ـ 268): (والإنسان متَّى حلَّل الحرام -المجمع عليه-، أو حرَّم الحلال -المجمع عليه-، أو بدَّل الشَّرع -المجمع عليه-، كان كافرًا مرتدًّا باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله تعالى على أحد القولين: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] أي: المُسْتَحِلُّ للحكم بغير ما أنزل الله).اﻫ.#16$ وقال ابن الجوزي غ في “زاد الميسر” (2/366-367): (والمراد بالكفر المذكور في الآية قولان:أحدهما: أنه الكفر بالله تعالى.والثاني: أنه الكفر بذلك الحكم، وليس بكفر ينقل عن الملَّة.وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا له وهو يعلم أن الله أنزله كما فعلت اليهود فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلًا إلى الهوى من غير جحود، فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ بِهِ ولم يحكم به فهو ظالم فاسق).اﻫ.#17$ وقال البيضاوي غ في “تفسيره” (1/ 468): (ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينًا به منكرًا له: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ لاستهانتهم به، وتمردهم؛ بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله: ﴿ﮬ﴾ و﴿ﯹ﴾و﴿ﭶ﴾ فكفَّرَهم لإنكاره، وظَلَّمَهُم بالحكم على خلافه، وفسَّقَهُمْ بالخروج عنه).#18$ وقال الفخر الرازي غ في “التفسير الكبير” (6/6): (وقال عكرمة: قوله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ إنَّما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أمَّا من عرف بقلبه كونه حكم الله، وأقرَّ بلسانه حكم الله، إلَّا أنه أتى بما يضادة، فهو حاكم بما أنزل الله تباك وتعالى، ولكنه تاركٌ له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم).#19$ وقال الشيخ العلامة الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/104): (واعلم أنَّ تحرير المقام في هذا البحث: أن الكفر والظلم والفسق كُلُّ واحدٍ منها أُطْلِقَ في الشَّرع مُرادًا به المعصية تارةً، والكفرُ المخرجُ من الملَّة أخرى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معارضة للرسل وإبطال لأحكام الله، فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرجة عن الملَّة... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معتقدًا أنه مرتكب حرامًا فاعل قبيحًا، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملَّة).اﻫ.#20$ وقال الشيخ السعدي غ في “تيسير الكريم الرحمن” (2/296-297): (فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرًا يَنْقُلُ عن الملَّة، وذلك اعتقاد جُلِّهِ وجوازه، وقد يكون كبيرةً من كبائر الذنوب ومن أعمال الكفر قد استحق من فَعَلَهُ العذاب الشديد... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قال ابن عباس: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، فهو ظُلْمٌ أكبر عند استحلاله، وعظيمةً كبيرةٌ عند فعله غير مستحل له).اﻫ.#21$ وقال العلامة الألباني غفي “الصحيحة” (6/109-116): (وقد جاء عن السَّلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: (كفر دون كفر) صحَّ ذلك عن ترجمان القرآن: عبدالله بن عباس م، ثم تلقَّاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولابد من ذِكْرِ ما تَيَسَّر لي عنهم، لعل في ذلك إنارةً للسَّبيل، أمام من ضَلَّ اليوم في هذه المسائل الخطيرة، ونحا نَحْوَ الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يُصَلُّون ويصُومُون...) اﻫ.ثم ساق غ بعض الآثار المتقدمة وخرَّجها وبين صحَّتها.#22$ وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين غ في تعليقه على كتاب “التخدير من فتنة التكفير” (ص68-69): (لكن لمَّا كان هذا (الآثر) لا يُرْضِي هؤٰلاء المفتونين بالتكفير، صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول، ولا يصحُّ عن ابن عباس!! فيقال لهم: كيف لا يصحُّ وقد تلقاه من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث، وتقولون: لا نقبل. ثم هب أن الأمر كما قلتم إنه لا يصح عن ابن عباس، فلدينا نصوصًا أخرى تدلُّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج من الملَّة، كما في الآية المذكورة، وكما في قوله ن: «اثْنَتَانِ بِالنَّاسِ هُمْ بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ». وهذه لا تخرج عن الملَّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلة البضاعة من العلم، وقلة فهم القواعد الشرعيَّة العامة، هي التي توجب هذا الضلال، ثم شيئٌ آخر نضيفة إلى ذلك، وهو: سوءُ الإرادة التي تستلزم سوءَ الفهم، لأنَّ الإنسان إذا كان يريد شيئًا لزم من ذلك أن ينتقل فهمة إلى ما يريد، ثم يحرِّفُ النُّصوص على ذلك، وكان من القواعد المعروفة عند العلماء، أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد، لا تعتقد ثم تستدل فتضل.فالأسباب ثلاثة هي:الأول: قلة البضاعة من العلم الشرعي. الثاني: قلة فقة القواعد الشرعية. والثالث: سوء الفهم المبنى على سوء الإرادة.وأمَّا بالنسبة لأثر ابن عباس م فيكفينا أن علماء جهابذة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، كلهم تلقوه بالقبول، ويتكلمون به، وينقلونه فالأثر صحيح).اﻫ.#23$ وأخيرًا نختم الجواب على هذه الشبهة، بكلمةٍ طيبةٍ مفصلةً للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني غ كما في “التحذير من فتنة التكفير” (ص56-72) ما نصُّهُ: (... ومن هؤٰلاء الخوارج قدماء ومحدثين، فإن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان، -بل منذ أزمان- هو آية يدندنون دائمًا حولها ألَّا وهي قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة، ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاث هي: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ و﴿ﮪﮫﮇ﴾ و﴿ﮪﮫﭶ﴾ فمن تمام جهل الذين يحتجون من هذه الآية باللفظ الأول منها فقط: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ أنهم لم يُلِمُّوا على الأقل ببعض النُّصوص الشَّرعيَّة -قرآنًا أم سُنَّة- التي جاء فيها ذكر لفظة الكفر، فأخذوها -بغير نظر- على أنها تعني: الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى، الخارجة عن ملَّة الإسلام، بينما لفظة: (الكفر) في لغة الكتاب والسُّنَّة، لا تعني دائمًا هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه. فشأن لفظة: ﴿ﮬ﴾ من حيث أنها لا تدل على معنى واحد، هو ذاته شأن اللفظين الأخيرين: ﴿ﮇ﴾ و﴿ﭶ﴾ فكما أنَّ من وُصِفَ بأنه ظالمٌ أو فاسقٌ، لا يلزم بالضَّرورة ارتداده عن دينه، فكذلك من وُصِفَ بأنه كافرٌ سواءً بسواءٍ.وهذا التَّنَوُّعُ في معنى اللفظ الواحد، هو الذي تدل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب لغة القرآن الكريم، فمن أجل ذلك كان الواجب على كلِّ من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين -سواءً كانوا حكَّامًا أو محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسُّنَّة، وعلى ضوء منهج السلف الصالح، والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما، وكذلك ما تفرع عنهما، إلا بطرق معرفة اللغة العربية, وآدابها معرفةً خاصةً دقيقةً.فإن كان لدى طالب العلم نَقْصٌ في معرفة اللغة العربية، فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، ولنرجع إلى آية: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44] فما المراد بالكفر فيها: هل هو الخروج عن الملَّة؟ أو أنه غير ذلك؟ فأقول: لابد من الدِّقَّة في فهم هذه الآية؛ فإنها قد تعنى الكفر العملي، وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام.ويساعدنا في هذا الفهم حَبْرُ الأمة، وترجمان القرآن عبدالله بن عباس م الذي أجمع المسلمون جميعًا -إلَّا من كان من الفِرَقِ الضَّالَّة على أنَّه إمامٌ فريدٌ في التفسير، فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تمامًا، من أن هناك أناسًا يفهمون هذه الآية فهمًا سطحيًّا من غير تفصيل، فقال ت: (ليس الكفر الذي تذهبون إليه) و(أنه ليس كفرًا ينقل عن الملَّة) و(هو كفر دون كفر) ولعلَّه يعني: بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي ت، ثمَّ كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: (ليس الأمر كما قالوا، أو كما ظنُّوا أنَّما هو كفر دون كفر). فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية، هو الحكم الذي لا يمكن أن يُفْهَم سواه، من النصوص التي أشرت إليها قبل، ثم إنَّ كلمة: (الكفر) ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل فيها على أنها تساوي الخروج من الملَّة، من ذلك مثلًا الحديث المعروف في “الصحيحين” عن عبدالله بن مسعود ت قال: قال رسول الله ن: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». فالكفر هنا هي المعصية التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول ؛ وهو أفصح الناس بيانًا، بالغ في الزَّجر قائلًا: «...وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».ومن ناحية أخرى: هل يمكن لنا أن نحمل الفقرة الأولى في هذا الحديث: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ». على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث، ضمن الآيةالسابقة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44].الجواب: أن هذا قد يكون فسقًا مرادفًا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملَّة، وقد يكون الفسق مرادفًا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملَّة، وإنَّما يعني ما قاله ترجمان القرآن أنه: (كفر دون كفر).وهذا الحديث يؤكِّدُ أنَّ الكفر قد يكون بهذا المعنى، وذلك لأن الله ﻷ يقول: ﴿ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ﴾ [الحجرات:9].إذ قد ذكر ربُّنا ﻷ هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقَّة المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول: «... وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».إذن فقتاله كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تمامًا، فقتال المسلم للمسلم بَغْيٌ واعتداءٌ، وفِسْقٌ وَكُفْرٌ، ولكنْ هَذَا يَعْنِي: أنَّ الكُفْرَ قد يكون كُفْرًا عَمَلِيًّا، وقد يكون كُفْرًا اعْتِقَادِيًّا.ومن هُنا جاء هذا التفصيل الدقيق، الذي تولى بيانه وشرحه الامام بحقٍّ شيخ الإسلام ابن تيمية غ، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن القيم الجوزيةغ، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنه على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم، الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية يرحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائمًا حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي، والكفر العملي، وإلَّا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج على جماعة المسلمين، التي وقع فيها الخوارج، قد يماوض بعض أذنابهم حديثًا.وخلاصة القول: أن قوله ن «وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».لا يعني مطلقًا الخروج عن المِلَّةِ والأحاديث في هذا كثيرًا جدًّا، فهي جميعًا حجةٌ دامغةٌ على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي، فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليلٌ قاطعٌ على أنَّ قتال المسلم لإخية المسلم هو كفر، بمعنى: الكفر العملي، وليس هو الكفر الاعتقادي.فإذا عدنا إلى: (جماعة التكفير) أو من تفرَّع عنهم وإطلاقهم على الحكام وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم الكفر والردَّة، فإن ذلك منهم مبنيٌّ على وجهة نظرتهم الفاسدة، القائمة على أن هؤٰلاء ارتكبوا المعاصي، فكفروا بذلك.ومن جملة الأمور التي يفيد ذكرها وحكايتها، أنني التقيت مع بعض أولئك الذين كانوا مع جماعة التكفير، ثم هداهم الله ﻷ:فقلت لهم: هاأنتم كفَّرتم بعض الحكام فما بالكم، مثلًا تكفرون أئمة المساجد؟ وخطباء المساجد؟ ومؤذني المساجد؟ وخدمة المساجد؟ وما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس وغيرها؟!قالوا: لأن هؤٰلاء رَضُوا بحكم الحكام الذي يحكمون بغير ما أنزل الله، فأقول: إذا كان هذا الرِّضا قلبيًّا بالحكم بغير ما أنزل الله، فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي، فأيُّ حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، هو يرى ويعتقدُ أنَّ هذا الحكم هو الحكم اللائق تبنيه في هذا العصر، وأنه لا يليق به تبنيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسُّنَّة، فلا شكَّ أن هذا الحكم يكون كُفْرُهُ كفرًا اعتقاديًّا، وليس كفرًا عمليًّا فقط، ومن رَضِيَ ارتضاءه واعتقاده، فإنه يلحق به؟ ثم قلت لهم: فأنتم أوَّلًا لا تستطيعون أن تحكموا على كلِّ حاكم يحكم بالقوانين الغربية الكافرة أو بكثير منها؛ أنه لو سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله لأجاب: بأن الحكم بهذه القوانين هو الحقُّ والصَّالح في هذا العصر، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام؛ لأنهم لو قالوا ذلك: لصاروا كفَّارًا حَقًّا دون شكٍّ ولا ريب، فإذا انتقلنا الى المحكومين وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم، فكيف تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم، كما يشملكم أنتم تمامًا؟ ولكنكم تعلنون أن هؤٰلاء كفَّارًا مرتدون، والحكم بما أنزل الله هو الواجب، ثم تقولون معتذر ين لأنفسكم: أن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل، لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنَّه مرتدٌّ عن دينه؟ وهذا نظير ما يقوله غيركم، سوى أنكم تزيدون عليهم بغير حق، الحكم بالتكفير والردَّة.ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وتكشف ضلالهم: أن يقال لهم: متى يُحْكَمُ على المسلم، الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقد يصلي، بأنه ارتدَّ عن دينه، أيكفي مرةً واحدة؟ أم أنه يجب أن يُعْلِنْ أنَّه مرتدٌّ عن الدين؟إنهم لن يعرفوا جوابًا، ولن يهتدوا صوابًا، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثال التالي!!فنقول: قاضي يحكم بالشَّرع هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومةٍ واحدةٍ زلَّت به القدم فحكم بخلاف الشرع، أي: أعطى الحقَّ للظَّالم وحرم المظلوم، فهذا قطعًا حكم بغير ما أنزل الله، فهل تقولون: بأنه كفر كُفْرَ رِدَّةٍ؟سيقولون: لا، لأن هذا صدر منه مرةً واحدةً.فنقول: إن صدر منه نفس الحكم مرةً ثانيةً، أو حُكم آخر، وخالف الشَّرع أيضًا، فهل يكفر؟ ثم نكرر عليهم ثلاث مرات، أربع مرات...متى تقولون أنه كفر؟ لن يستطيعوا وضع حدٍّ بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشَّرع، ثم لا يكفرونه بها، في حين يستطيعون عكس ذلك تمامًا، إذا علم منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله مستحلًّا له، واستقبح الحكم الشرعي، فساعتئذ يكون الحكم عليه بالرِدَّةِ صحيحًا.ومن المرة الأولى، وعلى العكس من ذلك، لو رأينا منه عشرات الحكومات في قضايا متعددةٍ خالف فيها الشَّرع، وإذا سألناه: لماذا حكمت بغير ما أنزل الله ﻷ؟ فرَدَّ قائلًا: خفت وخشيت على نفسي! أو: ارتشيت مثلًا، فهذا أسوأ من الأول بكثير، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يُعْرِبْ عمَّا في قلبه: بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله ﻷ، فحينئذ فقط نستطيع أن نقول: إنه كافر كُفْرَ رِدَّةٍ.وخلاصة الكلام: لابد من معرفة أنَّ الكفر كالفسق والظلم، ينقسم إلى قسمين:- كُفْرٌ وفِسْقٌ وظُلْمٌ يُخْرِجُ من المِلَّةِ، وكلُّ ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.- وآخر لا يُخْرِجُ من المِلَّةِ، يعود إلى الاستحلال العملي.فكُلُّ المعاصي وبخاصةً ما فَشَا في هذا الزمان، من استحلال عملي للرِّبا، الزِّنا، وشرب الخمر، وغيرها، هي من الكفر العملي، فلا يجوز أن نكفر عموم العصاة المتلبسين بشيءٍ من هذه المعاصي؛ لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إيَّاها، عمليًّا إلَّا إذا ظهر لنا منهم يقينًا ما يكشف لنا عمَّا في قرار نفوسهم، أنَّهم لا يحرمون ما حرَّم الله ورسوله اعتقادًا، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبيَّة، حكمنا عليهم حينئذ بأنَّهم كفروا كُفْرَ رِدَّةٍ.أمَّا إذا لم نعلم ذلك، فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله ؛: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيْهِ: يَا كَافِرْ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا، أذكر منها حديثًا ذا دلالةٍ كبيرةٍ، وهو في قصة ذلك الصحابي، الذي قاتل أحد المشركين، فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربةِ سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالا بها الصَّحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي ن أنكر عليه ذلك أشدَّ الإنكار، فاعتذر الصحابي: أن المشرك ما قالها إلَّا خوفًا من القتل! لكنَّ جوابه ن كان: «هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ».إذن الكفر الاعتقادي ليس له علاقةٌ أساسية بمجرد العمل، إنَّما علاقته الكبرى بالقلب، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي، وما شابههم إلَّا إذا عَبَّر عمَّا في قلبه بلسانه، أمَّا عمله فينبئُ أنه خالف الشَّرع مخالفةً عمليةً، فنحن نقول: أنك خالفت، وأنك فسقت، وأنك فجرت، لكن لا نقول أنك كفرت وارتددت عن دينك، حتى يظهر منه شيئ يكون لنا عذرًا عند الله ﻷ في الحكم بردته، ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه، ألا وهو قوله ن: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ».ولقد قلت، وما أزال أقول لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين:هَبُوا أَنَّ هؤٰلاء الحكام كُفَّارًا كُفْرَ رِدَّةٍ، وَهَبُوا أَيْضًا أنَّ هناك حاكِمًا أعلى على هؤٰلاء، فالواجب والحالَةُ هذه: أن يطبِّقَ هذا الحاكم الأعلى فيهم الحدَّ، ولكن الآن ماذا تستفيدون أنتم من النَّاحية العملية، إذا سلمنا جدلًا، أنَّ هؤٰلاء الحكام كفَّارًا كفر رِدَّةٍ؟ ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا؟إذا قالوا: ولاءً وبراءً: فنقول: الولاءُ والبراءُ مرتبطان بالموالاةِ والمعاداة، قلبية وعملية، وعلى حسب الاستطاعة، فلا يشترط؛ لوجودهما اعلان التَّكفير، وإشهار الرِدَّةِ بل إن الولاءَ والبراءَ قد يكونان في مبتدع أو عاصي أو ظالم.ثم أقول لهؤٰلاء: هاهم هؤٰلاء الكفار قد احتلُّوا من بلاد الإسلام مواقع عدة، ونحن مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين، فما الذي نستطيع نحن وأنتم فعله مع هؤٰلاء؟ حتى تقفوا أنتم وحدكم ضدَّ أولئك الحكام، الذين تظنون وتدَّعون أنهم كفارًا).اﻫ. بطوله.فقد تقدم أن تفسير ابن عباس م لقول الله ﻷ: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]. وقد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله ت في الآية: (كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ). وقوله أيضًا: (ليس بالكفر الذي تذهبون إليه).وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطإ ومجانبة الصواب، وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملَّة، فإنه معصيةٌ عُظْمَى أكبر من الكبائر، كالزنى وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها؛ فإن معصية سمَّاها اللهُ في كتابه كفرًا أعظم من معصية لم يسمِّها كُفْرًا، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادًا ورضاءً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.الشبهة الثانية: يحتجون بموالاتهم للكفار أي الحكامفيحتجون على تكفير الحكام بهذا.والجواب على هذه الشبهة: نقول إنَّهم يجهلون معنى الموالاة؟ ومتى تكون مكفرةً؟ ومتى لا تكون كذلك؟ومن أخطر الأسباب الداعية إلى التكفير: الجهل بالشرع، وهذا الجهل له صور عديدة، ومن أهم ذلك: جهل هؤٰلاء الضَّالين الخارجين عن السُّنَّة بمعنى الموالاة, وغلطهم في الموالاة من ناحيتين:الناحية الأولى: ظنهم أن الموالاة قسمٌ واحدٌ، وتُخْرِجْ من الملَّة بشتى صورها وأشكالها.الناحية الثانية: ظنهم بعض الأمور المشروعة أنها من الموالاة.والصورة الثانية: تتضمن الحديث عن ضوابط التعامل مع الكفار، وكذلك تتضمن الحديث عن درء شرِّ الكفار، بما يظهر من صورته أنه موالاة، وهو ليس كذلك؛ فالموالاة أقسام وأنواع، فمنها المكفر، ومنها المفسق، وثمة أمور يتوهم البعض أنها من الموالاة، وليس الأمر كذلك.معنى الموالاة والتولي: الموالاة مأخوذة من الفعل: وَالَى يُوَالِي مُوَالَاةً، وهي بمعنى: النُّصرةَ والتأييدَ. قال تعالى: ﴿ﯬﯭﯮ﴾ [آلعمران:٦٨]، وقال تعالى: ﴿ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ﴾ [المائدة:55].والآيات في الموالاةِ كثيرةٌ، وكلُّها بمعنى: النُّصرة والتأييد، فأمر تعالى بمحبة المؤمنين ونصرتهم، ونهى عن محبة الكفار ونصرتهم.* قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب غ في “تسيير العزيز الحميد” (عن الموالاة): (هي لازم الحبِّ، وهي النُّصرة والإكرام والاحترام، والكَوْنُ مع المحبوبين باطنًا وظاهرًا).اﻫ.وما ذكره الشيخ سليمان غ هو الموالاة التامَّة، التي من صرفها لله ورسوله والمؤمنين كان مؤمنًا تامَّ الإيمان، ومن صرفها للمشركين كان مشركًا مثلهم.أقسام الموالاة:وتنقسم الموالاه إلى قسمين: موالاةٌ مكفرة، وموالاةٌ محرمة، لا تخرج من الملَّة.فالموالاة المكفرة: هي التامَّة التي تكون مشتملة على حبِّ دين الكفار، وحب ظهوره على المسلمين، أو العمل على ذلك، ولها صور:الصورة الأولى: محبَّةُ الكفار لدينهم في الباطن، مع إظهار العداوة لهم في الظاهر، فهذه موالاة مكفرة، وهي ما كان عليه المنافقون، وهذه من صور التولي المخرج من الملَّة، عند من يفرق بين الموالاة والتَّولي.الصورة الثانية: محبَّةُ الكفار، والرغبة فيهم وفي دينهم، باطنًا وظاهرًا، فهذا كُفْرٌ صريحٌ، وهذه هي الموالاة التامَّة.* قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ غ: (وأصل: الموالاة هو: الحبُّ والنصرة والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكل ذنب حظُّه وقسطه من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفي غيره، وإنَّما أُشْكِلَ الأمرُ، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوفٍ من العجم والمولدين؛ الذين لا درايةَ لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السُّنَّة والقرآن).اﻫ.* وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن غ كما في “الدرر السنية” (11-30-34): (وأمَّا إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكُلُّ هذه الأمور زائدةٌ على الإقامة بين أظهرهم، وكُلُّ عمل من هذه الأعمال، قد توعَّد الله بالعذاب والخلود فيه، وسلب الإيمان، وحلول السَّخَطِ بِهِ، وغير ذلك مما هو مضمون الآيات المحكمات، التي قد تقدمت).اﻫ.* وقد سئلت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء”(2-71-72)، بسؤالٍ ما نَصُّهُ:(سؤال: ما هي حدود الموالاة التي يكَفَّرُ صاحبها، وتخرجه من الملَّة حيث نسمع أن من أكل مع المشرك أو جلس معه فهو مشرك؟!الجواب: موالاة الكفَّار التي يكفَّر بها من والاهم: هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التَّعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام، وبالله التوفيق).اﻫ.* وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/111): (ويفهم من ظواهر هذه الآيات أنَّ من تولَّى الكفَّار عمدًا واختيارًا رغبةً فيهم، أنه كافرٌ مثلهم).اﻫ.* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/241 فما بعدها): (وهذا الحديث يعني: حديث: «وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أقَلُّ أحواله أن يقتضي تحريم المشتَبِّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المشتبه بهم، كما في قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ﴾ [المائدة:51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبدالله بن عمر م أنه قال: (مَنْ بَنَى بِأَرْضِ المُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ، حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ).فقد يُحمَلُ هذا على التشبُّهِ المطلق؛ فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنَّه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرَا أو معصيةً أو شِعَارًا للكفر أو للمعصية، كان حكمه كذلك).اﻫ.* وقال ابن عثيمين غ لما سُئِلَ عن الموالاة: (وهذه المسألة من أدقِّ المسائل وأخطرها، ولا سيَّما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظنُّ أنَّ أيَّ شيئٍ يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاةٌ لهم، وهو ليس كذلك). اﻫ. “الباب المفتوح” (3/466).* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): وقد تَحْصُلُ للرجل مودَتُهم لِرَحِمٍ أو حاجةٍ، فتكون ذنْبًا ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافرًا.- كما حصل لحاطب بن أبي بلعته، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن وأنزل الله فيه: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ﴾ [الممتحنة:1].- وكما حصل لسعد بن عبادة لمَّا انتصر لابن أبي في قِصَّةِ الإفك، فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله! لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا؛ ولكن احتملته الحمية).اﻫ.الشبهة الثالثة: التي يدندنون بها في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم، بحجة أنهم أعانوا الكفار على المسلمينوالردُّ على الشُّبْهَةِ من أربعةِ أوجهٍ:الوجه الأول: لا ينبغي تصديقُ كُل ما يقال، لا سيَّما إن أريد به إيقاع الإثم على المسلم، فضلًا عن إيقاع الكفر، وقد أمرنا الله تعالى بالتثبّيت في خبر الفاسق، لاسيَّما أنَّ الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على: خبرِ كافرٍ أو فاسق أو مجهول، أو على توقعات مدَّعِي السِّياسة، المبنيَّة على القرائن التي تحتملُ الصَّواب والخطأ.الوجه الثاني: إن من الحكام المراد تكفيرهم بهذا، من ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين، وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأن نفسه، وجب تصديقه؛ حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه.الوجه الثالث: ليست كلُّ إعانةٍ مكفرةٌ؟ بل في الأمر تفصيل، فمع الاعتراف بكونه معصية لله تعالى، إلَّا أنه لا يكون كفرًا مطلقًا؛ فإنه إن أعانهم لإجل دينهم كفر، وأمَّا إن أعانهم لإجل الدنيا فإنَّه لا يَكْفُرْ، وهذا التَّفصيلُ هو ما دلَّت عليه الأدلَّةُ، وقال به أهل العلم.الوجه الرابع: أنَّه وعلى سبيل التَّسليم، لو قيل بتكفير كُلِّ معينٍ مطلقًا، أو جَرَى لأحدهما أنه أعان الكفَّار على الوجه المكَفِّر، فليس كُلُّ واقعٍٍ في الكُفْرِ يكونُ كافرًا، فكما أنَّ الإثم قد يختلف، فكذلك الكفر؛ ببيان الآخر بالتثبيت، قال تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [الحجرات:6].بيان أنه ليست كل إعانةٍ مكفرة:ووجه دلالة الحديث:#1$ أنه أعان كفَّار قريش حين كاتبهم بخبر غزو النبي ن لهم.#2$ ولم يحكم النبي ن بكفره.#3$ ولم يوافق النبي ن عمر بن الخطاب في تكفيره لحاطب م.#4$ ورجع عمر ت عن تكفيره وبكى، وقال: (الله ورسوله أعلم).#5$ ولم يترك النبي ن تكفير حاطب إلَّا لِعُذْرٍ؛ أنَّه: قصد الدنيا بإعانته، حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون له يَدٌ على قريش؛ ليحمي أهله الذين بمكة، وهذه مصلحةٌ دنيويةٌ، وقَبِلَ النَّبِيُّ ن هذا الاعتذار.#6$ ولا يمكن اعتبار حاطب ت متأولًا؛ لأنَّه لو كان كذلك لقام النبي ن بتعليمه، وإزالةِ الشُّبْهَة عنه، ولكنه لم يقم بذلك.#7$ ولما لحقه ت إثم؛ لأنَّه لو كان تأول لكان معذورًا، ومن ثَمَّ فليس محتاجًا لفضيلة شهوده بدر، حتى يكفَّر عنه ذلك الإثم.#8$ ثم إنه ت كان يعلم بخطورة عمله، مما يؤيد نفي التأويل عنه.#9$ كما لا يمكن اعتبار حاطب ت معفيًّا من التكفير، على اعتبار أنَّه من أهل بدر، لأنَّه لو حذَّر من الكفر؛ لقضى الكفر على فضيلة حضور بدر وأحبطها، ومن ثَمَّ فلا يمكن أن يشفع له عملٌ حابطٌ، كيف وقد أخبر الله تعالى بأن الشِّرك محبطٌ للنبوَّة والرسالةِ، وهما أعظم من بدرجة حاطب ت حين قال: ﴿ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾[الزمر:65].* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): (وقد تحصل موادتهم لرحم أو لحاجة، فتكون ذنب ينقص به إيمانُهُ، ولا يكون به كافرًا: كما حصل لحاطب بن أبي بلعتة، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن).اﻫ.بيان ضابط الاعانة المكفرة:لما أعان حاطب ت كفَّار قريش سأله النَّبِيُّ ن بقوله: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟...».وعليه؛ فإنَّ الواجب على من أراد الحكم في مثل هذه المسألة أن يسأل عن الحامل، الباعث، السَّبب، وبناءً على معرفة الباعث، يكون الحكم، فينظر إلى الباعث على الإعانة، ما هو؟ فإن أعانهم لإجل دينهم كفر.* قال البغوي غ: (﴿ﭟﭠﭡ﴾ فيوافقهم ويعينهم).اﻫ. “تفسيره” (3/68).* وقال الألوسي غ: (وقيل المراد من قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51]: كافر مثلهم حقيقةً، وحُكِيَ عن ابن عباس م، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهودًا ونصارى).اﻫ “تفسيره” (3/157).* وقال عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمهم الله: (وأما قوله: ﴿ﭟﭠﭡ﴾. وقوله: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ﴾ [المجادلة:٢٢]. وقوله: ﴿ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ﴾ [المائدة:57]: فقد فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.وأصلُ الموالاة: هو الحُبُّ والنُّصرة والصَّداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكُلِّ ذنب حَظُّهُ وقِسْطُهُ من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم، من الصحابة والتابعين، معروف في هذا الباب وغيره).اﻫ. “الرسائل والمسائل النجدية” (3/10)، “الدرر السنية” (1/474).* وقال الشيخ ابن عثيمين غ: (هو منهم في الظَّاهر بلا شكٍّ؛ بسبب المعاونة والمناصرة، ولكن هل يكون منهم في الباطن، نقول: يمكن أن تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدي الى المحبَّة في الباطن، ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم).اﻫ. عند تفسير قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51].أمَّا إن أعانهم لأجل الدنيا فإنَّه لا يكفر: مع كونه إثمًا عظيمًا.هذا يستفاد من حديث حاطب ت، حينما اعتذر بإرادته مصلحةً دنيويةً، وقَبِلَ النبي ن عُذْرَهُ ذاك، ولم يحكم عليه بالكفر.* قال ابن كثير غ: (قَبِلَ رسول الله ن عُذْرَ حاطبٍ لمـَّا ذكر أنَّه إنَّما فعل ذلك مصانعةً لقريش؛ لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد).اﻫ. “تفسيره” (4/410).وهذا بيانٌ أنَّهُ ليس كُلُّ من وقع في الكفر يكون كافرًا.والخلاصة: أن يقال: إن تضمنت محبَّةَ الكفَّار النُّصْرَة لهم، يكون ذلك كُفرًا، أمَّا إذا لم تكن هناك نُصْرَةٌ فهذه معصيةٌ، والله أعلم.الشبهة الرابعة: في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم بحجة أنهم أماتوا الجهاد؟الردُّ على هذه الشبهة: قد بُيِّنَتْ في أكثر من موضع: أنه لا يجوز الإقدام على التَّكفير بلا برهانٍ، وأنه لا يجوز تكفير المسلم إلا بيقينٍ يُزِيلُ اليقينَ الَّذي دخل به الإسلام.وهذا اليقينُ أعني به أن يثبت عندنا أمران:أحدهما: متعلقٌ بالفعل.والآخر: متعلقٌ بالفاعل.فالمتعلقُ بالفعل: هو أن يثبت لدينا بالدَّليل الصَّحِيحِ الصَّرِيح: أنَّ هذا الأمرَ كُفْرٌ.والمتعلق بالفاعل: هو أن يكون الواقعُ فيه ممن توفَّرت فيه شروطُ التكفير، وانتفت عنه موانعه.ولا يَصْلُحُ تكفيرُ المسلم بالأمور المحتملَةُ للكُفْرِ، ولما هو دون الكفر، بل لابد من وجود اليقين، وعليه فإنه يقال: إماتة الحكام للجهاد الشرعي كلمةً مجملةً، تحتاج إلى تفصيلٍ كاشفٍ عن المراد بها؛ حيث أنها تحتمل معنيين بينهما في الحكم، كما بين السماء والأرض.فهل المراد: أن الحكام أنكروا شرعيَّةَ الجهاد في الإسلام؟أو المراد: أنَّهم تركوا القيام به مع الاعتراف بشرعيته؟فإنَّ الأوَّل: كُفْرٌ بلا ريب.وأما الثاني: فله حالتان:1- فمن تركَهُ وهو غيرُ قادر: فهو معذورٌ شرعًا.2- ومن تركَهُ وهو قادرٌ: فهو مقَصِّرٌ، غير معذور، ولكنَّهُ لا يُكَفَّر.خلاصة الأمر: أنَّ الحاكم التَّارك للجهاد أحدُ رجلين؟1- رجلٌ غيرُ قادر: فهو معذورٌ.2- ورجلٌ مقصِّرٌ عاصٍٍ ليس بكافر.ومعلومٌ أنَّهُ لا يجوز الخروجُ على الحاكم بالمعصية التي دون الكفر.وكذلك لا يخفاك أخي المسلم، ما تعانيه الأمَّةُ الآن؛ من ضعفٍ شديدٍ بل ومن تسلُّطٍ شديدٍ من أعداء الإسلام.أقول: وأمَّا من ثبت عليه بعينه إنكار مشروعيَّةِ الجهاد في الإسلام، فإنَّهُ يكفر متى توفَّرت في حقَّهِ شروطُ تكفير المعين.بيان خطر التكفير بدعوى تعطيل الجهاد* قال الشيخ صالح الفوزان ‡ جوابًا على:سؤال: (هناك من يقول: إنَّ ولاة الأمور والعلماء في هذه البلاد قد عطَّلُوا الجهاد، وهذا كُفْرٌ بالله، فما هو رأيكم في كلامه؟الجواب: هذا كَلَامُ جَاهِلٍ، يَدُلُّ على أنَّهُ ما عنده بصيرةٌ ولا علمٌ، وأنه يُكَفِّرُ النَّاسَ، وهذا رَأْيُ الخوارجِ، هم يَدُورُونَ على رأي الخوارج والمعتزلة،... نسأل الله العافية).اﻫ. “الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية” (ص110) ط. الأولى.بيان عـــدم الحرج في ترك الجهاد حال العجزواشتراط القدرة في جهادي الطلب والدفع:* قال الشيخ ابن عثيمين غ عن الجهاد في البوسنة والهرسك:(ولكن أنا لا أدري، هل الحكومات الإسلامية عاجزةٌ أم ماذا؟ إن كانت عاجزةٌ فالله يعذُرُهَا، والله يقول: ﴿ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ﴾ [التوبة:91].فإذا كان ولاةُ الأمور في الدُّوَلِ الإسلاميَّة قد نصحوا لله ورسوله، لكنَّهُم عاجزون، فالله قد عذرهم).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/284).* وقال غ عن الجهاد: (إذا كان فرضَ كفايةٍ أو فرضَ عينٍ، فلابد له من شروطٍ من أهمِّهَا: القدرة، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرةٌ؛ فإنَّهُ لا يُلقِي بنفسه إلى التَّهلكة، وقد قال الله تعالى: ﴿ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ﴾ [البقرة:195]).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/420).بيان أنَّ الأمـــة الآن في ضعف يوجب عليها عدم استعجال الجهاد:* قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين غ في “شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام” الشَّريط الأول الوجه (أ):(لو قال لنا قائلٌ الآن: لماذا لا نحاربُ أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟لماذا، لعدم القدرة؛ الأسْلِحَةُ الَّتي قد ذهب عصرُهَا عندَهُم هِيَ الَّتي في أيدينا، وهي عند أسلحَتِهِمْ بمنزلَةِ سكاكين الموقد عند الصواريخ؛ ما تُفِيدُ شيئًا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤٰلاء؟!ولهذا أقول: أنه من الحُمْقِ أن يقول قائل: أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا، كيف نقاتل؟ هذا تَأْبَاهُ حكمةُ الله ﻷ ويَأْبَاهُ شَرْعُهُ، لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به ﻷ: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾ [الأنفال:٦٠] هذا الواجب علينا أن نَعُدَّ لهم ما استطعنا من قوة، وأَهَمُّ قوةٍ الإيمان والتَّقوى).اﻫ.* وقال غ: (فالقتال واجبٌ، ولكنَّهُ كَغَيْرِهِ من الواجبات؛ لابد من القدرة والأمة الإسلامية اليومَ عاجزةٌ، لا شكَّ عاجزةٌ ليس عندها قوةً معنويةً، ولا قُوَّةً ماديةً، إذًا يسقط بعدم القدرة عليه: ﴿ﮧﮨﮩﮪ﴾ [التغابن: 16]. وقال تعالى: ﴿ﭔﭕﭖ﴾ [البقرة:216]).اﻫ. “شرح رياض الصالحين” (3/375) أوَّل كتاب الجهاد. ط المصرية.* وقال غ: (لكن الآن ليس بأيدي المسلمين، ما يستطيعون به جهاد الكفَّار، حتَّى ولا جهاد مدافعة).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/261) “لقاء(33) سؤال (977).يستفاد من كلامه غ: اشتراطه القدرة في جهاد الدَّفع.* وقال غ: (إنه في عَصْرِنَا الحاضر، يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسَّيف ونحوه؛ لضَعْفِ المسلمين ماديًّا ومعنويًّا، وعدم إتيانهم بأسباب النَّصْرِ الحقيقية، ولإجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يَبْقَ إلَّا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة).اﻫ. “الفتاوى” (18/388).بعض المخالفات المنهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد* (تعميم القول بفرضية الجهاد.* تعطيل استمرار مصالح الأمم.* غلبة التأثير بالعاطفة في منهجية التَّحريض.* التَّوسع في بناء الأحكام على فتوى تَتَرُّس الكفار بالمسلمين.* الخوض في المسائل الدقيقة.* تكفير الناس دون مراعاة الشروط وانتفاء الموانع.* الطعن في العلماء).اﻫ. بتصرف من كتاب “مخالفات منهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد” للعزَّاوي.الشبهة الخامسة: الاحتجاج على تكفير الحكام والخروج عليهم بانتشار المعاصيمثل: الربا، والخمر، وبيوت الدعارة، والفواحش المنتشرة في البلاد، والسُيَّاح، والكنائس، والمراقص، ودعاةُ الشَّر،...،... وغيرها من المعاصي.الجوابعلى هذه الشُّبهة: أن هذه المعاصي تُعَدُّ من الكبائر، فلا يُكَفَّرُ بها إلَّا إذا استحلَّها استحلالًا اعتقاديًّا، ولا يعرف أنه استحلَّها إلَّا إذا نَطَقَ بذلك.ونضرب مثلاً في هذه المعاصي، مثل الأول: وهو الرِّبَا، هذا الفعل وإن كان ذنبًا إلَّا أنَّهُ لا يصلُ إلى حَدِّ الكفر، لم يجز الخروج على الحكام لإجل هذا، بل الواجب الدعاء لهم ونصحهم ودعوتهم بالتي هي أحسن.واعلم وفقك الله، أن هناك من يكفِّر بهذه البنوك مدعيًا أنَّ حمايةَ هذه البنوك قرينة على الاستحلال، ومن ثَمَّ فإنَّ الحاكم يكفَّرُ بذلك؟وجوابًا على هذه الدعوى يقال:لا يعرف الاستحلال إلَّا من التَّصريح، فليس الإصرار على الذنب ولا حمايته ولا الدعوى إليه دليلًا على استحلاله، ولا يقول هذا إلَّا من فتن بحبِّ التَّكفير المذموم، وتجرأ عليه ولم يعرف العلم، وإلَّا: لو كان كذلك:لكفَّرنا المصرَّ على شُرْبِ الخمر مثلًا!!ولكفَّرنا الأب الذي يحمي أجهزة الإفساد من اعتداء أحد أبنائه عليها!!ولكفَّرنا كلَّ صديق سوء يدعو إلى المعصية ويزينها!!فليكفر أولئك المتعجلون آبائهم وإخوانهم وذويهم، إن كانوا يلتزمون ما يقولون، وإلَّا فليعوا خطورة الأمر، ولينتهوا عمَّا هم عليه، إذًا:فالتمكين من الرِّبَا لا يكفر وأنَّ الاستحلال لا يستفاد من الفعل المجرد* قال ابن عثيمين غ جوابًا على:(سؤال: ما هو ضابط الاستحلال الذي يُكَفَّرُ به العبد؟قال: الاستحلال هو أن يعتقد حِلَّ ما حرمه الله،... وأمَّا الاستحلال الفعلي فينظر: لو أن الإنسان تعامل بالرِّبا لا يعتقد أنه حلال لكنه يُصِرُّ عليه، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يستحله، ولكن لو قال: إن الربا حلال! ويعني بذلك: الربا الذي حرمه الله؛ فإنه يكفَّر؛ لأنَّهُ مُكَذِّبٌ لله ورسوله).اﻫ. “الباب المفتوح” (3/97) لقاء (50) سؤال (1198).فهذا مثلٌ في الربا وغيره من المعاصي، مثله وعلى هذا الاعتقاد، والله أعلم.* وقال معالي الشيخ صالح بن فوزان ‡ في “تعليقه على الطحاوية”:(الذنب إذا لم يكن كفرًا أو شركًا مخرجًا من الملَّة؛ فإنَّنا لا نكفر به المسلم بل نعتقد أنَّهُ مؤمن ناقصُ الإيمان، مُعَرَّضٌ للوعيد، وتحت المَشِيئَةِ، هذه عقيدة المسلم، ما لم يستحله، فإذا استحلَّ ما حرَّم الله فإنَّهُ يكفَّر كما لو استحل: الرِّبا، أو الخمر، أو الميتة، أو لحم الخنزير، أو الزِّنا. إذا استحلَّ ما حرم الله كَفَرَ بالله، وكذلك العكس: لو حرَّم ما أحل الله كفر: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ﴾ [التوبة:31] وجاء تفسير الآية بأنَّهم أحلُّوا لهمُ الحرام وحرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فعن عَدِيِّ بن حاتم ت قال: أتيت النبي ن، وفي عُنُقِي صَلِيبٌ من ذهب، فقال: «يَا عَدِي، اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ». وسمعته يقرأ في سورة براءة: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ﴾ [التوبة:31]. قال ن: «أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ». أخرجه الترمذي رقم (3095).أمَّا لو فعل الذَّنب وهو لم يستحله، بل يعترف أنَّهُ حرام، فهذا لا يُكَفَّر، ولو كان الذَّنبُ كبيرَةٌ دُوْنَ الشِّرْكِ والكفر، لكنَّهُ يكون مؤمِنًا ناقصَ الإيمان، أو فاسقًا بكبيرته مؤمنًا بإيمانه).اﻫ.* وقد سئل الشيخ صالح اللحيدان ‡: (هناك بعض الشباب يحكمون بكفر الحاكم، ويحتجُّون بوجود منكرات ظاهرة وباستمرار، ويزعمون أن هذا يدلُّ على استحلالها، فهل هؤٰلاء على صواب؟فأجاب ‡: الاستحلال من أعمال القلوب، وليس كُلُّ مرتكب معصيةً مستحلًا لها، فإن الزِّنَا وُجِدَ في عهد النبي ن، السَّرِقَة وُجِدَت في عَهْدِه ن، شُرْبُ الخمر وُجِدَ في عَهْدِهِ، وشارب الخمر قال عنه النبي ن: «إِنَّهُ يُحِبُ اللهَ وَرَسُولَهُ». والحديث أخرجه البخاري (8/327رقم6780) من حديث عمر بن الخطاب ت.وكثرة ارتكاب الذنب لا يدُلُّ على استحلال، فلا يحل للإنسان أن يدَّعي أنه يعلم ما في القلوب، وهؤٰلاء إنَّما يُؤْتَونَ من جهلهم وعدم بصيرتهم.ولعل الغيرة مع ضعف البصيرة جعلتهم يجنحون هذه الجَنَحَات، وهذا ظُلْمٌ لأنفسهم، وظُلْمٌ لمن يكفرونه، ومذهب أهل السنة والجماعة ألَّا يكفر إنسان بذنب، إلَّا إذا كان الذنب لا يرتكبه إلَّا كافر، ولا يرتكبه مسلم على الإطلاق.فإنَّ من يَشْرَب ويَشْرَب لم يكفرهُ الصَّحابة ي ولم يُكَفِّرْهُ الرسول ن، ولما جاء ذكر الشراب المتكرر ما قال النبي ن: إنه كفر الكفر المخرج من الملَّة.ولكن هكذا؛ كلما أحسن الإنسان الظَنَّ في نفسه، وبدا له أنه صار رجل الدنيا، وواحدها يغتر بنفسه، ويعطيها حكم المفتي والقاضي والحاكم والموجه الذي يصدر الناس عن أمره وهذا من جهله بنفسه).اﻫ. من “العلاقة بين الحاكم والمحكوم” (ب).تبيَّن ممَّا سبق أنَّ الذُّنوب وإن عظمت ما لم تكن شركًا، فإنها لا تخرج من الإسلام، ولا تُبَرِّرُ الخروج عن الحاكم المسلم، كما يفعله الخوارج.* قال العلامة عبدا لعزيز ابن باز غ: (هذه الدولة بحمد الله، لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنَّما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان).اﻫ. “مجموع الفتاوى والمقالات” (4/89- 97).الشبهة السادسة: احتجاجهم على تكفير الحكام والخروج عليهم بشبهة الشرع المبدليقولون: بمجرد أن يضع الحاكم قوانين ودساتير فقد بدَّل الحكم.الجواب: على هذه الشبهة باختصار: أن تبديل الحكم كما في الآية عند قوله تعالى: ﴿ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ﴾ [البقرة:79].فضابط التبديل في الآية: أن يأتي بحُكْمٍ وشَرْعٍ من عند نفسه، ثم يقول: هذا من عند الله.يراجع: “أحكام القرآن لابن العربي” (2/625)، و“مجموع الفتاوى” (3/268/(11/507).=============لشبهة السابعة: الاحتجاج على تكفير الحكام والخورج عليهم بقوله تعالى: ﴿ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ﴾[الشورى:22]الجواب: على هذه الشبهة أنَّ التَّشريع على أقسام:1- إن شرَّع بشِرْعَةٍ ونسبها الى الله ﻷ فهذ كُفْرٌ أكبر.2- إن اعتقد أن شريعته أفضل من شريعة الله، وأنه ليس واجب عليه أن يحكم بما أنزل الله فهذا شرك أكبر .3- إن شرَّع شِرْعَةً ولم يرض بها، ويعرف أنها حرام، ولكنه مجبورٌ أو لشهوات في نفسه وغيرها، فهذا شركٌ أصغر.الشبهة الثامنة: الاحتجاج على تكفيرهم للحكام والخروج عليهم بقوله تعالى:﴿ﮮﮯﮰﮱ﴾[الأنعام:٥٧]يقولون: إن الحكم في الأرض يكون لله، وإن وجد من يحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وهذا فَهْمٌ منهم للآية فَهْمٌ باطلٌ، كما هِيَ عادتهم.ولهذه الآية وأمثالها كفَّر الخوارج عليًّا ت وإخوانه من الصحابة ي، وخرجوا عليهم، وقتلوا النَّفْسَ المؤمنة، وقطعوا السَّبيل، وأفسدوا في الأرض.* قال الحافظ ابن حجر غ في “فتح الباري” (6/619): (وكان أوَّل كلمةٍ خرجوا بها، قولهم: لا حكم إلَّا لله، وانتزعوها من القرآن، وحملوها على غير محملها).اﻫ.وهذا ما نشاهده اليوم من الخوارج، الذين فجَّرُوا ودمَّرُوا في البلاد الإسلامية؛ بسبب جهلهم واتباعهم للمتشابه والشُّبَه الواهية.مناظرة ابن عباس للخوارجوإليك نَصُّ حِوَارِ عبدالله بن عباس م مع الخوارج؛ كي يتبين لك بعض الشُّبَهِ التي يطرحها الخوارج:فمن المناظرات الشَّهِيرَةُ في التَّاريخ الإسلامي، مناظرة ابن عباس م مع الخوارج، وقد كان لهذه المناظرة تأثيرٌ كبيرٌ في سير الأحداث فيما بعد، حيث تجلت إمامة ابن عباس م، وعُمْقُ فِقْهِهِ، وقُدْرَتِهِ على المُحَاوَرَةِ والمُنَاظَرَةِ، وإليك سِيَاقُ هذه المُنَاظَرَةِ:عن ابن عباس م قال: لما اعتزلت الحَرُورِيَّةُ قُلْتُ لعلي: يا أمير المومنين، أَبْرِدْ عن الصلاة؛ فلعلي آتي هؤٰلاء القوم فأكلمهم؟ قال: إني أتخوفهم عليك؟! قال: كلَّا، -إن شاء الله- فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ ما أقدر عليه من هذه اليمانية، ثم دخلت. فقالوا: مَرْحَبًا بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟ قال: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله ن؛ نَزَلَ الوحيُ عليهم، وهم أعلم بتأويله، قال بعضهم: لا تحدثوه. وقال بعضهم: لنحدثنه. قال: قلت: أخبروني: ما تنقمون على ابن عمِّ رسول الله ن، وختنه، وأوَّل من آمن به، وأصحاب رسول الله ن معه؟ قالوا: ثلاثًا. قلت: ما هُنَّ؟ قالوا:أولهن: أنَّهُ حكَّم الرِّجال في دين الله، وقد قال الله تعالى: ﴿ﮮﮯﮰﮱ﴾ [الأنعام:57] قال: قلت: وماذا؟قالوا: قاتل ولم يَسْبِي ولم يَغْنَمْ؛ لئن كانوا كفارًا لقد حلَّت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين، فقد حرمت عليه دمائهم؟ قال: قلت: وماذا؟قالوا: محى نفسه من أمير المؤمنين؛ فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين؟ قال: قلت: أرأيتم إن قرأتُ عليكم كتاب الله المحكم، وحدثتكم عن سُنَّةَ نبيكم ما لا تنكرون، أترجعون؟ قالوا: نعم.أَنْشُدُكُمُ الله! أفحكم الرِّجال في حَقْنِ دمائِهم وأنفسهم، وصلاح ذات بينهم، أمْ في أَرْنَبٍ ثمنها ربع درهم؟! قالوا: في حَقْنِ دمائهم وصلاح ذات بينهم؟ قال: أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قالوا: اللَّهُمَّ! نعم.قال: وأمَّا قولُكُمْ قاتل ولم يَسْبِ ولم يَغْنَمْ! أَتَسْبُونَ أُمَّكُم؟ ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؛ فقد كفرتم؟ وإن زعمتم أنها ليست أُمُّكُم؛ فقد كَفَرْتُمْ وخرجتم من الإسلام؟ إن الله يقول:وأنتم مترددون بين ضَلَالَتين، فاختاروا أيهما شئتم!! أَخَرَجْتُ من هَذِهِ؟ قالوا: اللَّهُمَّ! نعم.قال: وأمَّا قَولُكُم مَحَا نَفْسَهُ من أمير المؤمنين!! فإنَّ رسول الله ن دَعَا قُرَيْشًا يَوْمَ الحُدَيبِية على أن تكْتُبَ بينهم كتابًا، فقال اكتب: «هَذَا مَا قَضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ». فقالوا: والله! لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وقاتلناك؛ ولكن اكتب: محمد بن عبدالله. فقال: «وَاللهِ! إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، وَاكْتُبْ يَا عَلي: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِاللهِ!!». ورسول الله كانَ أفضَلُ من عَلِيٍّ؟ أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قالوا: اللهم! نعم.فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم فَقُتِلُوا على ضلالتهم، قَتَلَهُمُ المهاجرون والأنصار.* فانظر رحمك الله، كيف أَثَرُ الحِوَارِ الهادف العميق، في مثل هذه الرؤوس اليابسة، في مجلس واحد استغرق عدَّةَ دقائق فقط, حتى رجع منهم ألفان إلى مذهب السَّلف، وكيف أفلح الحوار، فيما لم تفلح فيه الحروب الطَّاحنة؟فهذه بعض شُبَهِ الخوارج والرَّد عليها، كما تقدم الكلام على ذلك، وهم يتمسكون بها، وما هيَ إلا شُبَهٌ وَاهِيَةٌ كَخُيُوطِ العنكبوت، ولا ينظر هؤٰلاء الجهَّال إلى خطورة تكفير المسلم، وخاصةً إذا كان وليُّ أمر المسلمين؛ لما يترتب عليه من المفاسد والمهالك.وهذه القضيَّةُ من أهم قضايا العصر، وقد أشغلت كثيرًا من شباب الأمة وشيبها، وحصلت بسببها حرُوبٌ وخُطُوبٌ ومِحَنٌ، كان وقُودُهَا غالبًا شبابٌ طَائِشٌ مُتَهَوِّرٌ، مُتَسَرِّعٌ في الأحكام، مُسْتَعْجِلٌ في قطف الثمار، ولمّا يُحْسِن الغَرْس.وهذه القضيَّةُ من كُبْريات قضايا الاعتقاد ومهماته، ولا يتقنها إلا أهل الفهوم العالية، وأهل العلوم الغالية من أهل الخبرة والتجربة، وأهل الذكر والفقه والمراقبة.ومع ذلك نرى كثيرًا ممن يخوضون فيها من أهل ا الجهل والجناية، وأهل الضلال والعماية؟ وتكلم فيها من فهمه كفهم البقر، وعقله كعقل الطفل في الصغر، فإلى الله المشتكى؛ من زمانٍ نطق فيه الرويبضة، وتصدَّر للعلم فيه المتفيهقة، وأفتى فيه الفويسقة، وناظر فيه الجويهلة.* وقال النبي ن: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ». رواه مسلم.* وقال النبي ن: «أَيّمَا امْرِئ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرْ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ». متفق عليه.* وقال النبي ن: «وَلَعْنُ المُسْلِمِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ». متفق عليه.وتكفير المسلم خطيرٌ جدًّا؛ فهو وسيلة لاستحلال دمه وماله وعرضه...!! هذا في آحاد المؤمنين...!!وإذا تعلَّق بوليِّ الأمر كان خطره أعظم ووباله أشدُّ وأوخم؛ فيترتب على تكفير وليِّ الأمر من المفاسد:#1$ بطلان البيعة.#2$ عدم السمع والطاعة.#3$ وجوب العمل على خلعة.#4$ عدم المجاهدة معه... ونحو ذلك من الأمور الكثيرة.ويترتب على ذلك حصول القلاقل والاضطراب والفتن والاختلال، وما نراه اليوم من سفك دماء معصومي الدم، وما نراه من تفجيرات وإفسادات؛ إلَّا ثَمَرَةً من ثمار تكفير ولي الأمر المسلم والخروج عليه.وإليك أخي القارئ وفقك الله:التكفير أثاره شروطه المشروعة وبعض صفات الخوارج وفتاوى العلماء في الخوارج والتكفيرآثار التكفير و أخطاره ومضارهوأمَّا آثار التكفير وأخطاره، فإن أخطاره عظيمة يترتب عليها أمور عظيمة، فقف عند حدِّك أيها المسلم، ولا تحكم إلا بحكم شرعي؛ فإنَّ أثر التكفير يَضُرُّ على الفرد والجماعة المسلمة، وعلى الإسلام عمومًا.
#1$ حكمت عليه بالرِّدَّة.
#2$ وبالخلود في النار.
#3$ والتفريق بينه وبين امرأته.
#4$ ولم يكن له ولاية على أولاده.
#5$ ولا ميراث بينه وبين أولاده.
#6$ ولا يُصَلَّى عليه.
#7$ ولا يُدْفَن في مقابر المسلمين.
لأنك حكمت عليه بالكفر؛ فيترتب على هذا الحكم أمورًا كثيرة، فإذا لم يكن صاحبك كما قلت فيه، ارتدَّت عليك، فأنت أولى بهذا الوصف.
وأما ضرره وخطره على الإسلام عموما:
* فإنَّ هؤٰلاء الذين يكفرون الناس بلا حجَّةٍ يشوِّهون سُمْعَةَ الإسلام، ويظهرون أن دين الإسلام دين الإرهاب وسفك الدماء، وما جَرُّوا علينا إلَّا الويلات، مما أدى إلى انتهاك الأعراض، ونهب الأموال، وتشويه صورة الإسلام، بما يحدثونه من هذه الكلمة التي تسبب لهم عدم احترام الدماء والأموال والأعراض؛ حيث حكموا بالكفر، فرتَّبوا على هذا الكفر ما يقصدون وما يريدون، وهذا أمرٌ خطيرٌ، بل هذا هو مذهب الخوارج -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.
* ثم إن الكافر يجب أن يُحَاكَمَ أمام القضاء، وليس أمام سفهاء الأحلام حدثا الأسنان، ويقيموا عليه الحجة، وكذلك التكفير يسيئ إلى إلإسلام، ويقنط المسلمين من رحمة الله تبارك وتعالى، بل يعتبر هذا التكفير تشجيعٌ لهم على التكفير الحقيقي، بمعنى أن الذي يصدر ضدَّهُ هذه الفتوى من فتاوى التكفير، قد يؤزُّهُ الشيطان إلى القول: (أنا الغريق فما خوفي من البلد).
* كذلك التكفير فيه إهدار لِدَمِ المعصوم، ومن المعلوم أنَّ من مقاصد الإسلام حفظ صيانة النفوس من إهدار دمها، وهي إحدى الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها.
* ومن أخطار التكفير أيضًا فُشُوُّ الجهل، وخفاء العلم بالدين، عقيدةً وشريعةً، وتشويه سماحة الإسلام وعلانيته، وكُلُّ ذلك يؤدي إلى اختلال الأمن العام للمسلمين، وغيرهم: الأمن العقدي، والفكري، والأمني، والديني، والاجتماعي والسياسي، والعسكري، والأسري، والنفسي، ولا سيَّما على العقل والدين والعرض والنفس، والمال وهي الضروريات الخمسة التي أجمعت على حكمها شرائع الله قاطبة.
والنبي ن يقول: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».
وفي حجَّة الوداع قال النبي ن في يوم عرفة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا».
ولقد عانا المسلمون من هذا المنهج الويلات، وفَزِعَ الآمنون، واستُحِلَّتِ الدماء، ونهبَتِ الأموال، وهُتِكَتِ الأعراض، مما أدى إلى أن تعُمَّ الفوضى، وأن ينتشر الخوف، ولا يأمن أحد على نفسه ولا على عرضة ولا على ماله.
* وأيضًا يسبب هذا التكفير تفريق المجتمع، وأن تُشْحَنَ القلوب بالأحقاد، وسوء الظن بالمسلمين، وأن تتبع الهفوات والعياذ بالله، فتُكَبَّرُ الهفوات، ويحكم على أصحابها بالكفر والتكفير أيضًا، يكون سببًا لتحريف الدين، وتأويل النصوص حسب أهوائهم.
* والتكفير سبَبُ حجب الدعوة الإسلامية وانتشارها؛ بحيث يظُنُّ كثيرٌ من الناس، أن الإسلام دين إرهاب ورعب وتفجير.
* والتكفير سبب للتفريق بين الحاكم ورعيته؛ وذلك أنهم يرمون الحكام بالكفر، ومن لم يستجب رموه بالكفر أيضًا؛ لأنهم يرون أن الحكام لم يحَكِّمُوا شرع الله، ورعيتهم راضية بذلك، فهم كفَّار مثلهم.
* وكذلك يترتب عليه التَّمَرُّد على ولاة الأمر، لما يترتب عليه من حمل السلاح عليهم، وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء، وفساد البلاد والعباد، ولهذا منع منهم النبي ن، كما بينَّا أنه لا يجوز الخروج على الحاكم الجائر، كما قال النبي ن: «إِلَّا أَنْ تَرَوا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ فِيْهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ».
فلا يُكَفَّر بمجرد الظنِّ والإشاعة، ولا يكفر بظهور المعاصي كالقمار والخمر وغيرها، ولا يكفي أن يُفْتِي بذلك السفهاء، وإنما لابد أن يفتي بذلك العلماء (أي: علماء السُّنَّة) لأنه قال: «عِنْدَكُمْ فِيْهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ».
أي: دليلٌ صحيحٌ؛ بحيث يكون هذا: صحيح الثبوت، صحيح الدلالة، فلا يكفي ضعيف السَّند، ولا غامضَ الدَّلالة، ولا عبرةَ إلَّا بقول العلماء، الذين بلغت منزلتهم في العلم والأمانة أنهم حُجَّةُ اللهِ على الناس بعد الأمراء.
* ولذلك فإن التَّسَرع في التكفير خطره عظيم، بل هو من الكذب على الله: ﴿ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ﴾ [الأعراف:٣٣].
وكذلك التكفير له آثاره الدنيوية، وآثاره الأخروية، وعواقبه الوخيمة.
* مما يؤدي إلى نقض العهود، فإن الذين يكفرون ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، فإن من كفر إنسان رأى أنه لا يستحق الوفاء به، ونقض العهد من كبار الذنوب: ﴿ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ﴾ [البقرة:27].
ومن هنا نعلم أن خطر التكفير عظيم جدًّا جدًّا جدًّا؟
وإليك أخي القارئ:
شروط التكفير وموانعه
#1$ توفر العلم، بأن يكون عالما بحرمة الفعل؛ لا يكون جاهلاً، ولا يلزم بأن يكون عالمًا بأنه كفر.
#2$ توفر القصد، بأن يكون قاصدًا للفعل؛ لا يكون مخطئًا، وليس معنى هذا الشرط أن يقصد أن يكفر بالله العظيم.
#3$ توفر الاختيار، بأن يكون مختارًا؛ لا يكون مكرهًا.
#4$ انعدام التأويل السَّائغ؛ بأن لا يكون عنده من الاشتباه بين الأدلة ما يجعله يعتقد الجواز؛ أي: لا يكون عنده تأويل سائغ مقبول.
بعض صفات الخوارج
فهذه أربعين صفة من صفات الخوارج([2])، ذكرها صاحب كتاب “ألوية النَّصر في الردِّ على خوارج العصر” لكاتبه: أبورائد سعود بن صالح السَّعدي المالكي، وسأذكرها هنا مختصرة:
* أن فيهم ورعًا كاذبًا:
- قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (وهذا الورع قد يوقع صاحبه في البدع الكبار؛ فإنَّ ورَعَ الخوارج والروافض والمعتزلة ونحوهم من هذا الجنس تورعوا عن الظلم، وعن ما اعتقدوه ظلمًا من مخالطة الظلمة في زعمهم، حتّى تركوا الواجبات الكبار، من: الجمعة والجماعة، والحج والجهاد، ونصيحة المسلمين، والرحمة لهم، وأهل هذا الورع ممن أنكر عليهم الأئمة كالأئمة الأربعة، وصار حالهم يذكر في اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة).([3])
- وفي “مصنف ابن أبي شيبة”: عن أبي مجلز، قال: بينما عبدالله بن خباب في يد الخوارج، إذ أتوا على نخل فتناول رجل منهم تمرة، فأقبل عليه أصحابه فقالوا له: أخذت تمرة من تمر أهل العهد، وأتوا على رجل منهم بالسيف، فأقبل عليه أصحابه، فقالوا له: خنزيرًا من خنازير أهل العهد؟ قال: فقال عبدالله: ألا أخبركم من هو أعظم عليكم حقًّا من هذا؟ قالوا: من؟ قال: أنا، ما تركت صلاةً ولا تركت كذا، ولا تركت كذا. قال: فقتلوه. قال: فلما جاءهم علي، قال: أقيدونا بعبدالله بن خباب؟ قالوا: كيف نقيدك به، وكلنا شِرْكٌ في دمه فاستحل قتالهم.([4])
- وفيه: عن حميد بن هلال، قال: حدثني رجلٌ من عبدالقيس، قال: كنت مع الخوارج، فرأيت منهم شيئًا كرهته، ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم، إذ رأوا رجلًا خرج كأنه قرع، وبينهم وبينه نهر، فقطعوا إليه النهر، فقالوا: كأنا رعناك؟ قال: أجل. قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عبدالله بن خباب بن الأرت. قالوا: عندك حديث تحدثنا عن أبيك عن رسول الله ن؟ قال: سمعته يقول: إنه سمع النبي ن يقول: «إِنَّ فِتْنَةً جَائِيَةً القَاعِدُ فِيْهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ , وَالقَائِمُ فِيْهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَبْدَ اللهِ المَقْتُولَ فَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللهِ القَاتِلَ». قال: فقربوه إلى النهر فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء، كأنه شِرَاك ماء اندفر بالماء، حتى توارى عنه، ثم دعوا بسريّة له حبلى فبقروا عمَّا في بطنها.([5])
- ومن ذلك، تَوَرُّعُهُم في هذا العصر عن الفتوى في بعض مسائل الصلاة والطهارة والطلاق، ثم هم يُفْتُونَ في مسائل تتعلق بمصير الأمة، ويترتب عليها حدوثُ فتن وسفك للدماء.
وفي البخاري أن ابن عمر سأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب؟ فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله ن، وقال النبي ن: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا».
مسند أحمد ط الرسالة (9 / 403) :
وعند الترمذي: أن رجلًا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب، فقال ابن عمر: انظروا إلى هذا! يسأل عن دم البعوض! وقد قتلوا ابن رسول الله ن.
* أنهم خارجون على جماعة المسلمين:
قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (فهؤٰلاء أصل ضلالهم اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل وأنهم ضالون).([6])
* ومن صفاتهم التعالي على أهل العلم والاعتداد بالنفس:
قال شيخ الإسلام غ في “الاستقامة”: (وأول من ضلَّ في ذلك هُمْ الخوارج المارقون؛ حيث حكَمُوا لنفوسهم بأنهم المتمسكون بكتاب الله وسنته).([7])
* ومنها خروجهم عن السنة وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة وما ليس بحسنة حسنة:
قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم: أحدهما: خروجهم عن السنة وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة وما ليس بحسنة حسنة).([8])
- يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب: استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم دار الإيمان, ولا يلزم من ذلك أنهم يكفرون بكلِّ المعاصي كما هو شائع.
- قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (الفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب والسيئات استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان).([9])
* يتَّبِعُون المتشابه من القرآن والحديث:
قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (كذلك كان أحمد يفسر المتشابه من الآيات والأحاديث التي يحتج بها الزائغون من الخوارج وغيرهم).([10])
* من أسوءِ صفاتهم السَّيف:
قال ابن القيم غ في “إغاثة اللهفان”: (وأخرجت الخوارج قتال الأئمة والخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).([11])
* الخروج على الأئمة، فلا يقرون لهم بالطاعة:
قال شيخ الإسلام غ في “منهاج السنة”: (وبهذا الوجه صارت الخوارج تستحلُّ السَّيف على أهل القبلة، حتى قاتلت عليًّا وغيره من المسلمين).([12])
* صرف النصوص إلى ما يعتقدونه:
قال شيخ الإسلام غ في “منهاج السنة”: (فإن أهل الديانة من هؤٰلاء يقصدون تحصيل ما يرونه دينًا، لكن قد يخطئون من وجهين: أحدهما: أن يكون ما رأوه دينًا ليس بدين؛ كرأي الخوارج وغيرهم من آله الأوائل، فيصيرون مخطئين في رأيهم وفي قتال من خالفهم، أو تكفيرهم ولعنهم، وفي هذه حال عامةِ أهل الأهواء).([13])
* ظهور الجهل فيهم:
ويظهر ذلك في كثير من مناظراتهم، كما في مناظرة ابن عباس للخوارج الأولين، التي تبيِّنُ مدى الجهل الذي بلغوه، وانتحالهم للقرآن، وإعراضهم عن السُّنَّة، وهاتان صفتان -أخريتان من صفاتهم.
* عندهم خلل واضح في منهج الاستدلال، فهم يحتجون بالعموميات والإطلاقات:
قال الشاطبي غ: (من ابتاع المتشابهات أخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها, وبالعموميات من غير تأمل؛ هل لها مخصصات أم لا؟ وكذلك العكس بأن يكون النَّصُّ مقيدًا فيطلق).([14])
* يعترضون على الكتاب والسنة بالتأويل والقياس:
قال ابن القيم غ في “الصواعق المرسلة”: (ومن اعترض على الكتاب والسنة بنوع تأويل من قياس أو ذوق أو عقل أو حال، ففيه شَبَهٌ من الخوارج، أتباع ذي الخويصرة).([15])
* عندهم تقلب وعدم استقرار في الآراء والأحكام:
وهذه الصِّفَةُ عامةٌ في أهل البدع.
قال حذيفة ت: (إن الضَّلَالَةَ كُلَّ الضَّلَالَةَ، أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تُنْكِرْ ما كنت تعرف، وإيَّاك والتلون في الدين؛ فإن دين الله واحدٌ).
وكما قال أبو طاهر السلفي:
وَدَعْ آرَاءَ أَهْلِ الزَّيْغِ رَأْسًا
وَلَا تَغْرُرْكَ حَذْلَقَةُ الرذَالِ
فَلَيْسَ يَدُومُ لِلبِدْعِيِّ رَأْيٌ
وَمِنْ أَيْنَ المَقَرُّ لِذِي ارْتِحَالِ
* عندهم تسرُّعٌ واستعجال في إصدار الأحكام:
والعجيب كما مرَّ معنا، أنهم يتحرجون من الإفتاء في مسائل الطهارة والصلاة ونحوهما؛ بدعوى الخوف من القول على الله بلا علم، ثم تراهم يتجرؤون على الإفتاء في دماء الأمة، وعلى مسائل يتحرج من الإفتاء فيها كبار العلماء.
* عندهم قصر نظر وقلة صبر:
وأحداث سبتمبر وما جناه المسلمون من ورائها أكبر شاهد على ذلك، وكذلك التفجيرات التي استحلوا فيها دماء المسلمين بحجة عدم التميز.
* عندهم جور وعدم رحمة بالمؤمنين:
قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (مثال ذلك أن الوعيدية من الخوارج وغيرهم فيما يعظمونه من أمر المعاصي والمنهي عنها، واتباع القرآن وتعظيمه أحسنوا، لكن إنما أتوا من جهة عدم اتباعهم للسنة، وإيمانهم بما دلت عليه من الرحمة للمؤمنين، وإن كان ذا كبيرة).([16])
* هم أهل بدعة حتى في الفروع:
ففي “سنن الدرامي” في قصة ابن مسعود ت مع النَّفر الذين كانوا يعدون التَّسبيح بالحصى، حيث أنكر عليهم، وفيه قالوا: والله! يا أباعبدالرحمن، ما أردنا إلا الخير! قال: وكم من مريدٍ للخير لن يصيبه، إن رسول الله ن حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايم اللهُ ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم. فقال: عمرو بن سلمة، رأينا عامَّة أولئك الخلق، يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج.([17])
* يقولون ما لا يفعلون:
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن غ في “الدرر”: (وهنا بليةٌ ينبغي التنبيه عليها, قبل الشُّرُوع في المقصود, وهي: أن كثيرًا من أهل الأزمنة وقبلها, قد غرَّهُمْ من أنفسهم أمران: أحدهما: أنهم إن أحسنوا القول رأوه كافيًا, ولو ضيعوا العمل وارتكبوا النقيض, وما عرفوا أقوال الصادق المصدوق ن في الخوارج: «يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»). ([18]) ([19]).
* ومن صفاتهم أنهم يُحَسِّنُونَ القول:
وفي “الفتح” في حديث أنس، عن أبي سعيد، عند أبي داود والطبراني: يُحَسِّنُونَ القولَ ويسيئون الفعل، وهو معنى قوله: «يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ».
قال الحافظ غ: والمراد القول الحسن في الظاهر، وباطِنُهُ على خلاف ذلك).([20])
قال بعض السَّلف ي: (لو أنَّ كُلَّ صاحب بدعة حدثك ببدعته من حين جلوسه إليك، لنفرت منه، ولكن يحدثك بالسُّنَّة ثم يُدْخِلُ عليك البدعة).
* ومن صفاتهم تشددهم وغلوهم في العبادة والأحكام:
ففي العبادة قال النبي ن في وصفهم كما في “الصحيحين”: «يَخْرُجُ فِيْكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ».([21])
* وأما في الأحكام فقد عرف عنهم أنهم كانوا يوجبون الصلاة على الحائض، كما فعلت الحرُوريَّة منهم:
ففي “الصحيحين”: عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.([22])
- كما أنهم يصلون الفرائض تامَّةً في السفر, وبعضهم لم يُثْبِتْ من الصلوات إلَّا صلاتين: صلاة بالغداة، وصلاة بالعشي.
- ويشددون في باب النجاسات: فيجعلون كُلَّ خارجٍ من البدنِ نَجِسًا.
قال ابن عبد البر غ في “التمهيد”: ودفعوا رَجْمَ المحصن الزاني، ومنهم من دفع الظُهْرَ والعَصْرَ.
* سيماهم التحليق:
ففي “صحيح البخاري”: (سيماهم التحليق أو قال: التَّشْبِيدَ).([23])
قال شيخ الإسلام غ: (ولهذا لما جاء صَبِيغُ بنُ عَسَل التَّمِيمِي إلى عمر بن الخطاب ت وسأله عن المتشابه؛ ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله، وضربه ضربًا عظيمًا، كشف رأسه فوجده ذا ضفيرتين، فقال: لو وجدتك محلوقًا لضربت الذي فيه عيناك.
لأنه لو وجده محلوقًا استدل بذلك على أنه من الخوارج المارقين، وكان يقتله لأمر النبي ن بقتالهم).([24])
* لا يزالون يخرجون قرنًا بعد قرن:
كلَّما هلك قرنٌ ظهر آخر, حتى يكون آخر ظهورهم مع الدجال.
ففي “سنن النسائي”: «لَا يَزَالُون يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ المَسِيحِ الدَّجَال؛ فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ».([25]) وهو صحيح السند.
- وفي هذا ردٌّ على كثير من المتساهلين؛ الذين ينكرون وجود الفِرَقِ، ومنها الخوارج.
- لكن ربَّما يكون الإشكال عند أصحاب هذا القول، ما ذكره شيخ الإسلام, قال في كتاب “النبوات”: (وكذلك الخوارج لما كانوا أهل سَيْفٍ وقتال، ظهرت مخالفتهم للجماعة حين كانوا يقاتلون الناس، وأمَّا اليوم فلا يعرفهم أكثر الناس).([26])
* يخرجون من المشرق:
ففي “صحيح البخاري”: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَيَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّيْنِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ».([27])
* يخرجون على حين فرقة:
ففي “الصحيحين”: «وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِيْنِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ».([28])
* يعظمون آيات وأحاديث الوعيد:
فقد بوَّب الإمام البخاري في “صحيحه”: باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم، وقول الله تعالى: ﴿ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ﴾ [التوبة:١١٥] وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال: هم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.([29])
* ليس فيهم علماء، حدثاء الأسنان:
ففي “الصحيحين” من حديث عليٍّ ت: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيْمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ»).([30])
* يكفر ويضلل بعضهم بعضًا:
وهذا هو المشهور عنهم؛ فإنه قلَّما يجتمعون في مجلس للنقاش ويخرجون منه دون أن يكفر أو يضلل بعضهم بعضًا.
قال شيخ الإسلام غ: (من عيوب أهل البدع، تكفير بعضهم بعضًا، ومن ممادح أهل العمل أنهم يخطئون ولا يكفرون).([31])
* يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان:
ففي “الصحيحين”: عن أبي سعيد الخدري ت قال: قال النبي ن: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»).([32])
* ليس لهم مؤلفات لانشغالهم بالقتال:
وأما خوارج العصر فمؤلفاتهم كثيرة، هُمْ كِلَابُ النار, ففي “سنن الترمذي”: عن أبي غالب قال: رأى أبوأمامة ت رأسًا منصوبةً على درج مسجد دمشق، فقال أبوأمامة: «كِلَابُ النَّارِ، شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، خَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوهُ». ثم قرأ: ﴿ﯗﯘﯙﯚﯛ﴾ [آلعمران:١٠٦] إلى آخر الآية.
قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله ن؟ قال: لو لم أسمعه إلَّا مرة أو مرتين أو ثلاثًا أو أربعًا حتى عدَّ سبعًا ما حد ثتكموه.([33])
* شرُّ قتلى تحت أديم السماء:
وخير الشهداء من قتلوه, وهاتان الصفتان مذكورتان في حديث أبي أمامة ت السابق, تكفل اللهُ لمن قتلهم بالأجر العظيم.
ففي “صحيح مسلم”: عن زيد بن وهب الجهني ت، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع عليٍّ ت: الذين ساروا إلى الخوارج، فقال: عليٌّ ت: أيها الناس، إني سمعت رسول الله ن يقول: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتِكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتَكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامَكُمْ بِصِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ، يَقْرَؤٌونَ القُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيْهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَوْ يَعْلَمُ الجَيْشُ الذِيْنَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ ن لاتكلوا عَنِ العَمَلِ».([34])
* وَصْفُهُم بعض السَّلف بالفسق:
قال شيخ الإسلام غ كما في “مجموع الفتاوى”: (قوله تعالى: ﴿ﮠﮡﮢﮣﮤ﴾ [البقرة: 26]. أي: كُلُّ من ضَلَّ به فهو فاسق، فهو ذمٌّ لمن يضل به؛ فإنه فاسق ليس أنه كان فاسقًا قبل ذلك، ولهذا تأوَّلها سعد بن أبي وقاص في الخوارج، وسماهم فاسقين؛ لأنهم ضلُّوا بالقرآن، فمن ضلَّ بالقرآن فهو فاسق).([35])
وفي “الفتح” قال الحافظ غ: (وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السُّنَّة إلى أن الخوارج فُسَّاقٌ، وأن حكم الإسلام يجري عليهم؛ لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام، وإنَّما فُسِّقُوا بتكفير المسلمين، مستندين إلى تأويل فاسد، وجَرَّهُم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك).([36])
* هُمْ شَرُّ الخَلْقِ:
ففي “سنن النسائي” بسند صحيح كما قال الحافظ غ أن رسول الله ن قال: «لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرجَ آخِرُهُمْ مَعَ المَسِيحِ الدَّجَّال، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، هُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ».([37])
* يعملون بالتقية كما عند النجدات....
* يوجبون الكفر والخلود في النار على أصحاب الذنوب: عدا أصحابهم كما تفعل النجدات...
* هم من الأخسرين أعمالًا:
قال ابن كثير غ: (وما أحسن ما قال بعض السَّلف في الخوارج: إنهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿ﮓﮔﮕﮖﮗ * ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ * ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ﴾ [الكهف:١٠٣-١٠٥]).اﻫ.
* يُسِيئُون الأعمال:
وهذا باب واسع, يشمل ما سبق ذكره وزيادة، هذا ما تحصل من صفات لأكثرهم.
* قال أبو العالية غ: (قرأت المحكم بعد وفاة نبيكم ن بعشر سنين، فقد أنعم الله عليَّ بنعمتين، لا أدري أيهما أفضل: أن هداني للإسلام ولم يجعلني حَرُورِيًّا) والحَرُورِيَّةُ: فِرْقَةٌ من الخوارج، كما سبق.
- وفي “مصنف عبد الرزاق” عن أبان قال: خرجت خارجة من البصرة فَقُتِلُوا، فأتيت أنسًا، فقال: ما للناس فزعوا؟ قلت: خارجة خرجت. قال: يقولون ماذا؟ قال: قلت: يقولون: مهاجرين. قال: إلى الشيطان! هاجروا، أوليس قد قال رسول الله ن: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ».([38])
- أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي غالب، قال: لما أُتِيَ برؤوس الآزارقة، فَنُصِبَتْ على درج دمشق، جاء أبو أمامة ت، فلما رآهم دمعت عيناه، ثم قال: «كِلَابُ النَّارِ، كِلَابُ النَّارِ، هَؤُٰلَاءِ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَخَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُٰلَاءِ». قُلْتُ: فما شأنك دمعت عيناك؟ قال: رحمةً لهم أنهم كانوا من أهل الإسلام!! قال: قلت أبرأيك قلت: «كِلَابُ النَّارِ». أو شيئًا سمعته؟ قال: إني إذًا لجريء، بل سمعته من رسول الله ن لا مرةً، ولا اثنتين، ولا ثلاثًا، فعدد مرارًا ثم تلا: ﴿ﯗﯘﯙﯚﯛ﴾ [آلعمران:١٠٦] حتى بلغ: ﴿ﯱﯲﯳ﴾ وتلا: ﴿ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ﴾ حتى بلغ ﴿ﯨﯩ﴾ [آلعمران:٧] ثم أخذ بيدي، فقال: أما إنهم بأرضك كثير، فأعاذك الله تعالى.([39])
تمت بتصرف من الكتاب المذكور أعلاه.
بعض فتاوى العلماء في التحذير من التكفير
قبل النظر إلى شروط التكفير وموانعه:
فليس كُلُّ من وقع في الكفر أَصْبَحَ كافرًا؛ إذ قد يوجد فيه ما يمنع من تكفيره، ولذلك فإنه يقال: إن بعض الأمور التي تُثَارُ على بعض حكام المسلمين، هِيَ من قبل المكفرات، ولكن ليس لإحدٍ أن يُعَامل هذا الحاكم الكافر حتى تقام عليه الحجة؛ بحيث تتوفر فيه شروط التكفير وتنتفي عنه موانعه.
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية غ: (وليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتَبِينُ له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشَّك، بل لا يزول إلَّا بعد إقامة الحجَّة، وإزالة الشُّبَهِ).اﻫ. “الفتاوى” (12/466).
* وقال غ: (كلما رأوهم قالوا: (من قال: كذا فهو كافر) اعتقد المستمع أنَّ هذا اللَّفظ شاملٌ لكل من قاله، ولم يتدبروا أنَّ التكفير له شروط وموانع، قد تنتفي في حقِّ المعين، وأنَّ التكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعيَّن، إلَّا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يُبَيِّنُ هذا: أنَّ الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات، لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه).اﻫ. “الفتاوى” (12/487).
* وقال الإمام الألباني غ: (ليس كلُّ من وقع في الكفر من المؤمنين وقع الكفر عليه وأحاك به).اﻫ. “السلسلة الصحيحة” تحت حديث رقم: (3048).
* وقال الشيخ عبد العزيز ابن باز غ: (هذه الدَّولة بحمد الله، لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنَّما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكِّفُرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان).اﻫ. “مجموع الفتاوى والمقالات” (4/89-97).
* وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين غ: (كُلُّ إنسان فعل مكفرًا فلابد ألَّا يوجد فيه مانع من موانع التكفير... فلابد من الكفر الصَّريح الذي لا يحتمل التأويل؛ فإن كان يحتمل التأويل، فإنه لا يكفر صاحبه، وإن قلنا أنه كفر (المعنى: وإن قلنا عن الفعل أنه كفر) فيفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، قد تكون الفعلة فسقًا ولا يفسق الفاعل؛ لوجود مانعٍ يمنع من تفسيقه، وقد تكون كفرًا ولا يكفر الفاعل؛ لوجود ما يمنع من تكفيره، وما ضرَّ الأمة في خروج الخوارج إلَّا هذا التأويل... ربَّما يفعل الإنسان فعلًا فسقًا لا شك فيه، لكنه لا يدري، فإذا قلت له: (يا أخي، هذا حرام) قال: (جزاك اللهُ خيرًا) وانتهى عنه.
إذًا كيف أحكم على إنسان أنه فاسق، دون أن تقوم عليه الحجَّة؟ فهؤٰلاء الذين تشير إليهم من حكام العرب والمسلمين: قد يكونون معذورين، لم تتبين لهم الحجَّة، أو بُيِّنَت لهم، وجاءهم من يلبِّس عليهم، ويُشْبِه عليهم). “الباب المفتوح” (3/ 125) لقاء (51) سؤال (1222).
وإليك أخي القارئ -عافاك الله- شروط الخروج على الحاكم الكافر التي ذكرها العلماء:
#1$ وقوعه في الكفر البواح الذي عندنا من الله فيه برهان.
#2$ إقامة الحجة عليه.
#3$ القدرة على إزالته.
#4$ القدرة على تنصيب مسلم مكانه.
#5$ ألا يترتب على هذا الخروج مفسدة أعظم من مفسدة الكافر.
#6$ أن لا يسفك دم امرئ مسلم.
ولذلك فإنه يقال: ليس كُلُّ من وقع في الكفر وأصبح كافرًا جاز الخروج عليه.
ومن أعظم الجماعات المعتنقة لهذا الفكر في عصرنا هذا، هي: “جماعة الإخوان المسلمين”، ومن أعظم الجماعات التَّكفيريَّة في هذا الزَّمان، والتي انتشر التكفير في أحضانها “جماعة الإخوان المسلمين”.
وإليك ما يثبت ذلك بالدَّليل والبرهان من كتبهم ومن كلام مؤرخيهم؛ لتكون على بينةٍ من هذه الجماعة، التي خرج من عباءَتِهَا “جماعة التكفير” و“الهجرة” و“جماعة الجهاد” و“القطبية” و“السرورية” وكثير من الجماعات المكفرة -والعياذ بالله-.
و“حزب الإخوان المسلمين” هو من أكبر الجماعات الحزبية المنظمة، وأخطرها على الدعوة السَّلفية، ومنها تفرعت أكثر الجماعات الحزبية الخارجية.
وهي تنقسم إلى أقسام منها:
“البنائية”: نسبة للمؤسس حسن البنا.
و“القطبية”: نسبة إلى سيد قطب.
و“السرورية”: نسبة إلى محمد سرور.
ومن “القطبية” تفرعت: “جماعة التكفير والهجرة” في مصر، و“الجماعة الإسلامية” و“جماعة الجهاد”.
وسأذكر هنا بعض قادة الإخوان، مع بعض أقوالهم؛ ليتعرف المسلم على حقيقة هذه الدعوة، التي تعرف بكلام المنظرين لها، أمَّا العوام والجهلة الذين يتعاطفون مع قادة الإخوان، فلا يعلمون حقيقة هذه الجماعة.
بعض قادات الإخوان المسلمين وقادات التكفير في هذا العصر
الأول: حسن البنا: بعض أقواله الدالة عقيدته ومنهجة
#1$ قال: (إن خصومتنا لليهود ليست دينية). من “كتاب الإخوان المسلمون صنعت التاريخ” (409).
#2$ ويقول: (من عادتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول ن بالمواكب بعد الحضرة، كلَّ ليلةٍ من أول ربيع الأول، إلى ثاني عشر منه، ننشد القصائد، ومما كان ينشده:
هَذَا الحَبِيبُ مَعَ الأَحْبَابِ قَدْ حَضَـرَا
وَسَامَحَ الكُلَّ فِيمَا قَدْ مَضَـى وَجَرَى
انظر: “مذكرة الدعوة والدعاة” (22-23).
#3$ ويعرِّف جماعَتَهُ بقوله: (دعوة “الإخوان المسلمين” دعوةٌ سلفيةٌ سنيَّةٌ، وحقيقةٌ صوفيةٌ، وهيئةٌ سياسيةٌ، وجماعةٌ رياضيةٌ، ورابطةٌ علميةٌ ثقافيةٌ، وشركةٌ اقتصاديةٌ، وفكرةٌ جماعيةٌ).اﻫ. انظر: “مجموع رسائل حسن البنا” (358).
ومن هذا التَّعريف تتعرف على حقيقة الإخوان التجميعية التمييعية المتلونة!!
الثاني: سيد قطب: بعض مخالفاته ومنهجه
وهم الصّنف الثاني من الإخوان المسلمين: القطبية: نسبةً إلى سيد قطب، وهو مؤسسها.
وإليك بعض ضلالاته والرد عليها:
#1$ وصف كلام الله بالموسيقى: حيث يقول في “ظِلَالِهِ”: تفسير سورة النجم: (هذه السورة، كأنها منظومَةٌ موسيقيةٌ، عُلْوِيَّة منغَّمةٌ).اﻫ. “الظلال” (6/3404).
#2$ طَعْنُهُ بنبي الله موسى؛ حيث قال: (لنأخذ موسى أنه مثال للزعيم المندفع العصبي المزاج).اﻫ. “التصوير الفني في القرآن” (ص200).
#3$ طَعْنُهُ في الصَّحابة: قال في كتاب “كتب وشخصيات” (ص242): (حين يركن معاوية وزميله إلى الكذب، والغش، والخديعة، والنفاق، والرشوة، وشراء الذّمم، لا يملك على أن يتدلَّى إلى هذا الدرك الأسفل؛ فلا عجب أن ينجحا ويفشل، وإن فشلًا أشرف من كلِّ نجاح).اﻫ.
#4$ تكفيره للمجتمعات: قال في “ظلاله” (4/2122): (إنه ليس على وجه الأرض دولةٌ مسلمةٌ، ولا مجتمعٌ مسلمٌ، قاعدة التعامل فيه كشريعة الله).اﻫ.
- وقال أيضًا (2/ 1057): (فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله, وإن ظَلَّ فريقٌ منهم يردِّد على المآذن: لا إله إلا الله).اﻫ.
- وقال أيضًا في “ظلاله”: (إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم).اﻫ.
- وقال في “الظلال” (3/1664): (إن المسلمين لا يجاهدون؛ ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون، إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي التي تحتاج إلى علاج).اﻫ.
#5$ دعوته للنَّسفِ والتفجير: قال في كتاب “لماذا أعدموني”: (... وهذه الأعمال هي الردفور، وقوع احتفالات لأعضاء التنظيم، بإزالة رؤوس، في مقدمتها رئيس الجمهورية، وغير ذلك، ثم نَسْفُ المنشآت التي تَشن حركة مواصلات القاهرة؛ لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها، كمحطة الكهرباء والكباري).اﻫ.
- قال الشيخ أحمد النجمي غ في كتابه “المورد العذب الزلال”: (هُمْ قَوْمٌ دَرَسُوا كُتُبَ سيِّد قطب، وتابعوهُ في كُلِّ ما قاله، واعتقدوهُ بَلْ وعَظَّمُوهُ كُلَّ التَّعظيم؛ مما جعلهم يتخذون كُلَّ ما قاله في كتبه حقًّا وصوابًا، وإن خالف الأدلة، وبايَنَ منهج السَّلف، ويتَّضح ذلك من الثورة الكلامية، والإشاعات الإعلامية، التي أشاعوها ضِدَّ الشَّيخ ربيع بن هادي المدخلي، حينَ رَدَّ على سيد قطب في بعض الأخطاء الإعتقادية الفضيعة، وجعلوه متجنِّيًا وظالماً له، ولم يحملهم الإنصاف أن يعودوا إلى الأماكن والأرقام التي أشار الشيخ إليها في كتابه.
قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ‡ في مقال نشره بعنوان: “سيد قطب هو مصدر تكفير المجتمعات”: (ومن أشد الحركات والأحزاب التي تدعى الإصلاح، أشدها نكاية على الإسلام والمسلمين، هذه الحركات السياسية، التي تدعي أنها تحمل هموم الأمة، وأنها تسعى لإنقاذها من الهوان والذُّل، ولكنها مع الأسف لم تأت البيوت من أبوابها، ولم تسلك طُرُقَ الأنبياء في الإصلاح العقائدي والعبادي والسياسي، بل منهج سيد قطب الذي ما زاد الناس إلا بلاءً ودمارًا، فهذا المنهج يزعم أنه يدعو إلى حاكميَّة الله، وهو يحمل في طياته الرفض لحاكميه الله، في العقائد والعبادات، في طريقة الفهم للنصوص القرآنية والنبوية، ويحمل في طياته رفض الرجوع إلى الله ورسوله في قضايا الخلاف).
ولقد قام العلماء بنقد هذه الأفكار والضلالات، ومن أبرزهم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في الكتب التالية:ـ
* “أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره”.
* “مطاعن سيد قطب في الصحابة”.
* “العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم”.
* “الحد الفاصل بين الحق والباطل”.
* “نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن”.
* “مقال طويل في أطوار سيد قطب في وحدة الوجود”.
* “ينبوع الفتن والأحداث مقال حول كتاب “لماذا أعدموني”).اﻫ.
فعلى كُلِّ مسلم يريد أن يقف على حقيقة سيد قطب، يقرأ هذه الكتب والمقالات، لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي.
راجع: كتاب “فكر الإرهاب والعنف في المملكة العربية السعودية جذوره أسبابه علاجه” لعبدالسلام السِّحيمي.
ومن خلاله تعرف: أن جماعة الإخوان المسلمين انقسمت إلى ثلاثة أقسام هي: البَنَّائِيَّة، والقُطْبِيَّة، والسَّرُورِيَّة.
ثالثًا: محمد بن سرور: عقدته ومنهجه
السَّرُوريَّة: انتسابًا إلى محمد بن سرور؟ اسمه: محمد بن سرور بن نايف زين العابدين.
كلَّما تباعد الزَّمان كثرت الطوائف وتوافرت الأفكار الدخيلة على الإسلام، ومن الخطورة أن بعض هذه الدعوات تدَّعِي السلفيَّة؛ مما جعل كثيرًا من الشباب يغتر بهذه الدعوات، ومن هذه الجماعات السَّرورية:
* قال الشيخ أحمد النجمي غ: (من ولائد الإخوانية السرورية والقطبية، وهما فرقتان أو حزبان، انفصلا من الإخوانيين. فالسَّرورية: تنسب إلى محمد بن سرور، الذي هو الآن مقيمٌ في مدينة لندن، ويصدِرُ مجلةَ السُّنَّة، وهذه الفرقة تُسَمَّى السَّرُوريَّة، بقطع النَّظَرِ عن كونِهِ هُوَ الذي سمَّاهَا بهذا الاسم، أو هيَ سمَّت نفسها، أو سمَّاهَا بعض القادة فيها).
* ثم قال غ: (إنَّ السَّرورية وليدةُ الإخوانيَّةِ، واتخذوا حذَوْهَا في سَبِّ الحكامِ والمسلمين ولعنهم، وإن ادَّعى مؤسسها أنه على المنهج السَّلفي، إلَّا أن واقع السَّرورية الذي علمنا خلاف ذلك، ولسْتُ أقطع بأن هذه الجماعة تابعة له، إلَّا أن الاسم يدُلُّ على المسمى، فمتى كان سبُّ الحكام والمسلمين ولعنهم من منهج السَّلف الصالح، وإنَّما منهج الخوارج، والخطورة تكمن في هذا المنهج؛ أن صاحب هذه الدعوة يدَّعِي السَّلفية ويتبرؤ من العقائد والأحزاب المبتدعة، ولكنه خالف منهج السلف بعدة أمور منها:
1- فكره التكفيري: حيث تقرأ في مجلة “السنة” الكثير من العبارات، التي فيها تكفير لحكام المسلمين، والتنقص من علماء الآمة الربانيين:
* ففي العدد الثالث والعشرين من ذي الحجة (1412هـ 2-30) قال: (وصنف آخر يأخذون مواقفهم بمواقف أسيادهم، فإذا استعان السادة بالأمريكان انبرى العبيد إلى حشد الأدلة، التي تجيز هذا العمل، ويقيمون النكير على من خالفهم، وإذا اختلف السَّادة مع إيران الرافضة، تذكر العبيد خُبْثَ الرافضة، وإذا انتهى الخلاف سكت العبيد، وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أعطيت لهم، هذا الصنف من الناس يكذبون، يتجسسون، يكتبون التقارير، ويفعلون كلَّ شيءٍ يطلبُهُ السَّادة منهم، وهؤٰلاء قلَّةٌ والحمد لله، ودُخَلَاءُ على الدعوة والعمل الإسلامي، وأوراقهم مكشوفة، وإن أطالوا لحاهم، وقصَّروا ثيابهم، وزعموا بأنهم حماة السُّنَّة، يا إخواننا، لا تغرنكم هذه المظاهر؛ فهذه المشيخة صنعها الظالمون، ومهمة فضيلة الشيخ لا تختلف عن مهمة كبار رجال الأمن...).اﻫ.
* ثم يقول في نفس المجلة العدد السادس والعشرين (1413) تحت عنوان المستبدون والعبيد: (وللعبودية طبقات هرمية، الطبقة الأولى: رئيس الولايات المتحدة، جورج بوش، والطبقة الثانية: هي طبقة الحكام في البلاد العربية، وهؤٰلاء يعتقدون أنه نَفْعُهُم وضُرهم، ولهذا هم يحجُّون إليه، ويقدمون له القرابين والنذور، والطبقة الثالثة: حاشية الحكام العرب، من الوزير ووكلاء الوزراء، وقادة الجيوش، والمستشارين، هؤٰلاء ينافقون لأسيادهم، ويزينون لهم كلَّ باطل، دون حياءٍ ولا خجلٍ، والطبقة الرابعة والخامسة والسادسة: كبارُ الموظفين...).اﻫ.
انظر: إلى الأفكار التي يتكلم بهـا محمد بن سرور؛ حيث لم يستثني من حكمه التكفيري أحدًا حتى العلماء، وهذه هي عقيدة الخوارج الجدد، الذين لَبِسُوا ثوب السَّلفية بهتانًا.
وكان السَّلف يقولون: (إذا رأيت الرجل يطعن في أهل الحديث، فاعلم أنه صاحب بدعة). فكيف بمن يكفرهم.
2- يَصِفُ كُتُبَ العقيدة بالجَفَافِ؛ حيث قال في كتابه “منهاج الأنبياء” (ص8): نظرت في كتب العقيدة، فوجدت أنها كُتِبَتْ في غير عصرنا، وكانت حلولًا لقضايا ومشكلات العصر الذي كُتِبَتْ فِيْهِ، ومن ثَمَّ فكتب العقيدة، فيها كثيرٌ من الجَفَافِ؛ لأنها نُصُوصٌ وأحكام، ولهذا أعرض الشباب عنها، وزهدوا بها...).اﻫ.
* أجاب الشيخ إبن باز غ على هذا الكلام بقوله: (هذا غلط عظيم، كتب العقيدة، الصحيح أنها ليست جفاء، قال: الله! قال: رسول الله! فإذا كان يصف الكتاب والسنة بأنها جفاء، فهذه رِدَّة على الإسلام، هذه عبارة سقيمة، وخبيثة، والكتاب الذي فيه هذا الكلام يجب تمزيقه ولا يجوز بيعة).اﻫ.
* وقال الشيخ الفوزان ‡ في نقد هذا الكلام: (لماذا نستورد أفكارنا من الخارج من محمد سرور أو غيره، كتب العقيدة آفتها عند محمد سرور أنها نصوص وأحكام فيها قال: الله. وقال: رسوله ن. وهو يريد أفكار فلان وفلان، لا يريد نصوصًا وأحكامًا، فعليكم أن تحذروا من هذه الدسائس الباطلة، التي يراد بها حَرْفُ شبابنا عن كُتُبِ السَّلف الصالح، فإذا كان القرآن جافًّا والسُّنَّةُ جافَّةٌ، وكلامُ أهل العلم المعتبرين فيه جَفَافٌ، فهذا من عَمَى البصيرة، والعقيدة لا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة، لا من فكر فلان وعلان).اﻫ.
3- الدعوة إلى الحزبية والإمارة، ولكن بثوبٍ جديدٍ كما بيّن ذلك في مجلته(السنة) العدد (29) (ص89) تحت مقال “الوحدة الإسلامية”: (ولا يحقُّ لأيِّ جماعةٍ مهما كان منهجها سليمًا الادعاء بأنها جماعة المسلمين، ولا يحق لأميرِ هذه الجماعة أن يطلب البيعة لنفسه، كما كان يطلبها خلفاء المسلمين، ولكن يحقُّ لهذا الأمير ومن حوله أن ينظموا أمورهم كمؤسسة دعوية، تعمل من أجل أن يكون الدين كُلُّهُ لله في الأرض، ويقتضي هذا التنظيم أن يكون للمؤسسة: رئيس، ونائب رئيس، ومسئولين عن الأقسام والفروع، وأوامر تصدر فتطاع، إلَّا ما كان مخالفًا للسُّنَّة).اﻫ.
وهاك تلخيصٌ مجملٌ لما احتوى عليه كتاب “منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله” لمحمد بن سرور:
* لم يعرف منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
* شحن الكتاب بالتكفير لحكام المسلمين، ونحن لا نجهل ولا ننكر ما عند حكام المسلمين من انحرافات، بل لقد صاروا كالآلة بأيدي زعماء اليهود والنصارى، ولكن تكفيرهم شيءٌ وانحرافهم شيءٌ آخر.
* طعنه الشَّديد في علماء أهل السنة.
* دعوته إلى التنظيم السرِّي والبيعة والإمارة في الحضر، وهذه قواعد كثير من أهل البدع والضلالات.
* دعوته إلى الطريق الثوري في مواجهة حكام المسلمين.
* جعله الوصول إلى سدَّة الحكم هو الطريق لإقامة الدين، وهو طريق الفاشلين في القيام بالإصلاح، بل إنه طريق أرباب الأطماع في حطام الدنيا، على حساب الإسلام.
* جعل نفسه الوصي على الدعوة السلفية، والمرجعيَّة لها.
* التناقض الواضح في أكثر من مكان.
* إيجابه طاعة جميع الأنبياء على المسلمين، مع أن الله ورسوله أوجب على المسلمين طاعة محمد.
وخلاصة القول في هذا الكتاب:
وعلى كُلٍّ الكتاب غيرُ صالح للقراءة فيه، وهذا البلاء الذي وقع فيه محمد بن سرور سبَبُهُ أنه تربى على المناهج الحركيَّة لا على مناهج النبوة، ومما زاد الطِّين بله، أنه مغرَمٌ بكتابات سيّد قطب:
وَمَنْ يَكُنِ الغُرَابُ لَهُ دَلِيلًا
يَمُرُّ بِهِ عَلَى جِيَفِ الكِلَابِ
فسيّد قطب اجتمعت فيه مناهج الفِرَقِ والطَّوَائف الضّالة، والسَّبب في وقوعه فيها هو أنه كان جاهلًا بها غير مكترث بخطرها، وخلاصة القول أن كتاب “منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله” لمحمد بن سرور كتابٌ حركِيٌّ، يمثل الاتجاهات السياسية المنحرفة، فلا صلة له بحقيقة منهج الأنبياء، حتى وإن وافق الأنبياء في شيء، فليس العمدة عنده على ذلك، بل العمدة على ما خالفهم فيه، والسبب في أن المؤلف نسب منهجه هذا للأنبياء هو أنه تربى على طريقة الإخوان المسلمين، الذين يستخدمون الإسلام شعارًا لأباطيلهم، كما تقدم ذكر ذلك).اﻫ. بتصرف.
الرابع: المودودي
وهو أحد قادة الإخوان المسلمين، ومن أفكاره الخطيرة:
* طعنه في نبي الله يوسف، قال في كتابه “تفهيمات” في تفسير قوله تعالى في سورة يوسف إخبارًا عن يوسف ÷: ﴿ﭵﭶﭷﭸ﴾ [يوسف:٥٥]: (إن هذه لم تكن مطالبة لوزير المالية فقط، بل إنها كانت مطالبة للدكتاتورية، ونتيجة ذلك، فإن وضع سيدنا يوسف يشبه وضع: (موسوليني في إيطاليا الآن).اﻫ.
* الدعوة للخروج على الولاة، قال في كتابه “تذكرة دعاة الإسلام” (ص12): (دعوتنا لجميع أهل الأرض أن يحدثوا إنقلابًا عامًّا في أصول الحكم الحاضر الذي استبد به الطواغيت والفجرة الذين ملئوا الأرض فسادًا...).
الخامس: محمد قطب
ما يقال في سيد قطب يقال في أخيه، فهو الذي تولَّى نشر كتب سيد قطب وطبعها بالعشرات، مع عدم التحذير من أيِّ شيءٍ مما احتوته من أخطاء، وهو من كبار الإخوان القطبيين وكتابه: “واقعنا المعاصر خير شاهد”.
السادس: عبدالرحمن عبدالخالق
* قال في كتابه: “خطوط رئيسية لبعث الأمة الإسلامية” (ص72): (إن دولنا العربية والإسلامية بوجه عام، لا ظِلَّ للشريعة بها، إلَّا في بعض ما يسمى بالأحوال الشخصية).اﻫ.
* وقال في نفس الكتاب (ص76) ساخرًا من علماء السُّنَّة والتوحيد: (واليوم وللأسف، نملك شيوخًا يفهمون قُشُورَ الإسلام على مستوى عصور قديمة، وما قيمة عالم بالشريعة لو دُعِيَ إلى نداء الجهاد وحَمْلِ السِّلاح يقول: هذا ليس من شأن رجال الشريعة؛ إننا نستطيع فقط الفتوى في الحلال والحرام والحيض والنفاس والطلاق).اﻫ.
* وقال في “مجلة البعث الإسلامي” (العدد3/ 57) في معرض كلامه عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب غ قال: (ولكنها لم تعرف بالتجديد والاجتهاد، لهذا سماها محمد عمارة: (السَّلفية النُّصوصية) يقصد بالنصوصية: الحرفية في فهم النصوص، وقد يكون عُذْرُ هذه الحركة: أنها نشأت في مجتمع بسيط بعيد عن معترك الحضارة، تغلب عليها حياة البداوة).اﻫ.
السابع: جماعة الجهاد المسماه “تنظيم القاعدة”
وعلى رؤوس هذه الجماعة الفاسدة: أيمن الظواهري، وأسامة بن لادن:
أسامة بن لادن ممن تأثر بفكر أيمن الظواهري، وأيمن الظواهري ممن جعل كتب سيد قطب دستورًا له.
* قال الظواهري في “مجلة المجاهدين” التي صدرت في (إبريل1995) مقال عنوانه: “الطريق إلى القدس يمر بالقاهرة”: (لن تفتح القدس إلَّا إذا حسمت المعركة في مصر والجزائر، إلَّا إذا فتحت القاهرة...).اﻫ.
* أما أسامة بن لادن فقد تأثر بالظواهري، يقول منتصر الزيات محامي بما يسمى بالإسلاميين في مصر، كما نشرت “جريدة الشرق الأوسط” عدد (9203) يوم الأحد (8/2/2004) نقلا عن كتابه: “الطريق إلى الجنة”: (واستطاع الظواهريُّ أن يُحْدِثَ تحولات جذريةٍ واستراتيجيةٍ في فكر أسامة بن لادن، بعدما التقيا معا في أفغانستان منتصف عام 1988م).
وشيخ أسامة الأول هو محمد سرور، وهو شيخه الفكري، وشيخه العملي والعلمي هو الظواهري، وكلام العلماء في التَّحذير من أسامة بن لادن أشهر من أن يذكر.
الثامن: تكفير عائض القرني المسلمين
قال وهو يخاطب علماء المسلمين في (ص47) من “لحن الخلود” تحت عنوان: (دَعِ الحَوَاشِي) وأخرج:
صَلِّ ما شئتَ وصُمْ فالدِّينُ
لَا يعرفُ العابدَ من صَلَّى وصَامَ
أَنْتَ قِسِّيسٌ مِنَ الرُّهْبَانِ
مَا اَنْتَ مِنْ اَحْمَدَ يَكْفِيكَ المَلَامَا
* قال الشيخ النجمي غ ردًّا عليه في كتابه “المورد العذب” (ص32):
(فقد جعلت المسلمين المصلين المزكين الصائمين لله على شريعة عبده ورسوله محمد ن، جعلتهم قساوسةً ورهبانًا، حكمت عليهم بالنَّصرانية، وأخرجتهم من الإسلام، فبرأتهم من أحمد النبي المختار ن، وبرأته منهم، وأكدّت تكفيرك للمسلمين، بدون ما يوجب الكفر، فارتديت جُبَّةَ الخوارج).اﻫ.
* ولقد شهد على تكفير سيد قطب للمسلمين كبار الإخوان المسلمين: (وشهد شاهد من أهلها: فهذا يوسف القرضاوي الإخواني -قرَّضَ اللهُ لسانه- يقول في كتابه “أولويات الحركه الإسلامية” (ص110): (وفي هذه المرحلة، ظهرت كُتُبُ سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، الذي ينضح بتكفير المجتمع، وإعلان الجهاد على الناس كافة).اﻫ.
* ويقول فريد عبد الخالق، وهو أحد قادة الإخوان المسلمين في “ميزان الحق” (ص115): (إن نشأت فكرة التكفير، بدأت من بعض شباب الإخوان، في سجن القناطر، في أواخر الخمسينات، وفي بداية الستينات، وأنهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهليةٍ، وأنه قد كفَّر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله، في عدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميهم إذا رضوا بذلك).
وقد اعترف رؤوس الإرهاب في هذا الزمان، من: أسامه بن لادن، إلى أيمن الظواهري، إلى غيرهم، أن مرجعيتهم هي كتب سيد قطب، وبالأخص “الضلال” و“معالم في الطريق”.
* وإيَّاك أن تشكَّ في ذلك أخا الإسلام لحظةً؛ فإن مؤرخ الإخوان المسلمين عباس السِّيسي قال في “قافلة الإخوان المسلمين” في عدة فقرات، يذكر أنهم قاموا بالإرهاب والتفجير والتدمير.
- مثل في صفحة (258): يذكر مقتل القاضي أحمد بكر خازن دار، اغتياله من قِبَلِ الإخوان المسلمين.
- وفي صفحة (269): حادث السيارة الجيب.
- وفي صفحة (271): محطة اللاسلكي؛ حيث وُجِدَ فيها ألغام زرعت من قبل أحد الإخوان المسلمين.
- وفي صفحة (72 أو 73): ذُكِرَ الإخوان متهمين في قضيَّة السيارة الجيب والحكم عليهم.
- وفي صفحة (275): أمر عسكري بحلِّ جماعة الإخوان.
- وفي صفحة (281): قرار حَلِّ جماعة الإخوان، ونَصُّ بيان القرار.
- في صفحة (281 و 282و283 و285) محاولَةُ نَسْفِ محكمةِ الاستئناف.
- وفي صفحة (286): مقتل النقراشي، وفي وزارته اغتيل من قبل الإخوان المسلمين.
كُلُّ هَذَا مَوْجُودٌ فقط في الجزء الأول من “قافلة الإخوان المسلمين”.
وهو أحد معتنقي هذا المنهج، وهو المؤرخ لهذه الوقائع، والمعترف بها، وهذه لم تأت من محاضر المخابرات، ولا من ملفات أمن الدولة، ولم تأت من مذكرات أعداء الدين، بل هِيَ من كتاب ينطق بأسمائهم، يشهد عليهم بأنهم حِزْبٌ تَكْفِيرِيٌّ يستعمل العُنْفَ والتَّفجير، وهذا هو الإرهاب في العصر الحاضر.
ولكي يستروا على جرائمهم وعلى ما صدروه للإسلام والمسلمين، ذهبوا يلصقون هذه التُّهَمَ بالدعوة السَّلفية المباركة، ووقع في فِخَاخِهم وشراكهم بعض الأغرار، الذين لا يعلمون ولا يفهمون الدعوة السَّلفية الحق!!
فنسأل الله ـ أن يحفظ بلاد المسلمين، ويحفظ المسلمين من كُلِّ شَرٍّ، ويحل عليهم الأمن والأمان والإيمان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
جماعة الهجرة و التكفير نشأتها وأبرز قاداتها
جماعة المسلمين كَمَا سَمَّت نفسها أو “جماعة الهجرة و التكفير” كما أُطْلِقَ عليها إعلاميًّا، هي: جماعة إسلاميةٌ غاليةٌ، نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية، نشأت داخل السُّجُون المصرية في بادئ الأمر، وبعد إطلاق سراح أفرادها، تبلورت أفكارها، وكثر أتباعها في صعيد مصر، وبين طلبة الجامعات خاصة.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
تبلورت أفكار ومبادئ جماعة المسلمين التي عرفت بـ“جماعة التكفير والهجرة” في السُّجُون المصرية وخاصة بعد اعتقالات سنة (1965م) التي أعدم على إثرها سيد قطب وإخوانه بأمرٍ من (جمال عبدالناصر) حاكمُ مصر آنذاك.
لقد رأى المتدينون المسلمون داخل السُّجون ألوانًا من العذاب، ما تقشعر من ذكره الأبدان، وسقط الكثير منهم أمامهم بسبب التعذيب، دون أن يعبأ بهم القساة الجبارون.
وفي هذا الجوِّ وُلِدَ الغُلُوُّ، ونبتت فِكْرَةُ التَّكفير، ووجدت الاستجابة لها.
في سنة (1967م) طلب رجال الأمن من جميع الدعاة المعتقلين تأييد رئيس الدولة جمال عبدالناصر.
فانقسم المعتقلون إلى فئات:
فئة سارعت إلى تأييد الرئيس ونظامه بغية الإفراج عنهم والعودة إلى وظائفهم وزعموا أنهم يتكلمون باسم جميع الدعاة، وهؤٰلاء كان منهم العلماء، وثبت أنهم طابور خامس داخل الحركة الإسلامية.
وثمة نوع آخر ليسوا عملاء بالمعنى، وإنما هم رجال سياسة، التحقوا بالدعوة، بغية الحصول على مغانم كبيرة.
أما جمهور الدعاة المعتقلين، فقد لجأوا إلى الصمت، ولم يعارضوا أو يؤيدوا؛ باعتبار أنهم في حالة إكراه.
بينما رفضت فئة قليلة من الشباب موقف السلطة، وأعلنت كُفْرَ رئيس الدولة ونظامه، بل اعتبروا الذين أيدوا السلطة من إخوانهم مرتدين عن الإسلام، ومن لم يكفرهم فهو كافر، والمجتمع بأفراده كُفَّار؛ لأنهم موالون للحكام، وبالتالي فلا ينفعهم صوم ولا صلاة، وكان أمام هذه الفئة مُهَنْدِسُ أفكارها الشيخ: علي إسماعيل.
أبرز الشخصيات في الجماعة
* الشيخ على إسماعيل، كان إمام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل، وهو أحد خِرِّيجِي الأزهر.
* وشقيقه الشيخ عبدالفتاح إسماعيل، أحد السِّتَّة الذين تم إعدامهم مع السيد قطب، وقد صاغ الشيخ على مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة، ضمن أطر شرعية، حتى تبدو وكأنها أمور شرعية، لها أدلتها من الكتاب والسنة من حياة الرسول ن، في الفترة بين الملكية والمدنية؛ متأثرًا في ذلك بأفكار الخوارج، إلَّا أنَّه رجع إلى رشده، وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها.
* شكري أحمد مصطفى (أبو سعد) من مواليد قرية الحوائكة بمحافظة أسيوط (1942)م أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا عام (1965م)؛ لانتسابهم لجماعة الإخوان المسلمين، عمره ثلاثة وعشرين عامًا، تولى قيادة الجماعة داخل السِّجن بعد أن تبرأ الشيخ علي عبده إسماعيل.
- وفي عام (1971م) أفرج عنه بعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة، ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته، ولذلك مبايعته أميرًا للمؤمنين وقائدًا لجماعة الإخوان المسلمين -على حدِّ زعمهم- فَعُيِّنَ أمراء للمحافظات والمناطق، واستأجر العديد من الشقق كمقرات سرِّية للجماعة بالقاهرة والإسكندرية والجيزة، وبعض محافظات الوجه القبلي.
- وفي سبتمبر (1973م) أمر بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية، واللجوء إلى المغارات الواقعة بدائرة (أبي قرقاص) بمحافظة (المنيا) بعد أن تصرفوا ببيع ممتلكاتهم، وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض، تطبيعًا لمفاهيمهم الفكرية؛ حول الهجرة.
- في (26أكتوبر1973م) اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري، فتمَّ إلقاء القبض عليهم، وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم (618) لسنة (73) أمن دولة عليا.
- في (21) (إبريل1974م) عَقِبَ حَرْبِ (أكتوبر 1973م) صدر قرارٌ جمهوريٌّ بالعفو عن مصطفى شكري وجماعته إلَّا أنَّه عاود ممارسةَ نشاطِهِ مرَّةً أخرى، ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل؛ حيث عمل على توسيعه قاعدة الجماعة، وإعادة تنظيم صفوفها، وقد تمكن من ضمِّ أعضاءَ جُدُد للجماعة من شتى محافظات مصر، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد، بغرض التمويل، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة.
- هيأ شكري مصطفى لأتباعه بيئةً متكاملةً من النشاط، وشغلهم بالدعوة والعمل والصلوات والدراسة، وبذلك عزلهم عن المجتمع؛ إذ أصبح العُضْوُ يعتمد على الجماعة في كُلِّ احتياجاته، ومن ينحرف من الأعضاء يتعرض لعقاب بدني، وإذا ترك العُضْوُ الجماعة اعتبر كافرًا؛ حيث اعْتُبِرَ المجتمعُ خارج الجماعة كُلُّهُ كافرًا، ومن ثمَّ يتم تعقبه وتصفيته جسديًّا.
- رغم أنَّ شكري مصطفى كان مستبدًّا في قراراته؛ إلَّا أن أتباعه كانوا يطيعونه طاعةً عمياءَ، بمقتضى عقد البيعة الذي أُخِذَ عليهم في بداية انتسابهم للجماعة، وكما هو معلومٌ وثابتٌ: أن هذه الجماعة جوبِهَتْ بقُوَّةٍ من قبل السلطات المصرية، وبخاصةٍ بعد مقتل الشيخ حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري السابق.
- وبعد مواجهات شديدة بين أعضاء الجماعة والسلطات المصرية، تم القبض على المئات من أفراد الجماعة، وتقديمهم للمحاكمة في القضية رقم (6) لسنة (1977م) التي حكمت بإعدام خمسةٍ من قادات الجماعة، على رأسهم شكري مصطفى وماهر عبدالعزيز البكري وأحكام بالسجن متفاوتة على باقي أفراد الجماعة.
- في (30) (مارس1978م) صبيحة زيارة السَّادات للقدس، تم تنفيذ حكم الإعدام في شكري مصطفى وإخوانه.
- بعد الضَّربات القاسية التي تلقتها الجماعة، اتخذت طابعَ السِّرية في العمل، الأمر الذي حافظت به الجماعة على وجودها حتى الآن، ولكنه وجودٌ غير مؤثر ولا ملحوظ؛ لشدَّة مواجهة “جماعة الصحوة الإسلامية” من أصحاب العقيدة والمنهج السَّلفي لهم بالحوار والمناظرات، سواءً كان داخل السُّجون والمعتقلات، أم خارجها، مما دفع الكثير منهم إلى العودة إلى رشده والتبرؤ من الجماعة.
* ماهر عبدالعزيز زناتي(أبو عبدالله) ابن شقيقة شكري مصطفى ونائبة في قيادة الجماعة بمصر، وكان يشغل منصب المسئول الإعلامي للجماعة، أُعدم مع شكري في قضية محمد حسين الذهبي، رقم (6) لسنة (1977م) وله كتاب “الهجرة”.
الأفكار والمعتقدات لدى الجماعة “التكفير والهجرة”
#1$ إن التَّكفير عنصُرٌ أساسيٌّ في أفكار ومعتقدات الجماعة، فهم يكفرون كُلَّ من ارتكب كبيرةً وأصرَّ عليها، ولم يتب منها، وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله، بإطلاق ودون تفصيل، ويكفرون المحكومين؛ لأنهم رضُوا بذلك وتابعوهم أيضًا بإطلاق ودون تفصيل، أما العلماء فيكفرونهم؛ لأنهم لم يكفروا هؤٰلاء ولا أولئك، كما يكفرون كُلَّ من عُرِضَ عليه فكرهم فلم يقبله، أو قبله ولم ينظَمَّ إلى جماعتهم ويبايع إمامهم، أمَّا من انظم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مُرْتَدٌّ حلَالُ الدَّم، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعواهم ولم تبايع إمامهم، فهي كافرة مارقة من الدين.
#2$ وكُلُّ من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع، حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس، أو بالمصلحة المرسلة، أو بالاستحسان ونحوها، فهو في نظرهم مُشْرِكٌ كافِرٌ.
#3$ والعصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كُلُّهَا عُصُورُ كُفْرٍ وجاهليةٍ؛ لتقديسِهَا لِصَنَمِ التَّقليد المعبود من دون الله تعالى، فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها، ولا يجوز لديهم التَّقليد في أيِّ أمرٍ من أمور الدين.
#4$ قول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين.
#5$ والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة، ويقصد بها العُزْلَةُ عن المجتمع الجاهلي، وعندهم أنَّ كُلَّ المجتمعات الحاليَّة مجتمعاتٌ جاهليةٌ، والعزلة المعنية عندهم عزلةٌ مكانيةٌ وعزلةٌ شعوريةٌ؛ بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقية -برأيهم-، كما عاش الرسول ن وصحابته الكرام في الفترة المكيَّة.
#6$ يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحاليَّة من عهد الاستضعاف الإسلامي؛ أن يمارسوا المفاصلة الشعوريَّة لتقوية ولائهم للإسلام، من خلال جماعة المسلمين “التكفير والهجرة” وفي الوقت ذاته، عليهم أن يكُفُّوا عن الجهاد؛ حتى تكتسب القوة الكافية.
#7$ لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي؛ لأن التاريخ وأحسن القصص، هي الواردة في القرآن الكريم فقط.
#8$ لا قيمة أيضًا لأقوال العلماء المحققين، وأمهاتُ كُتب التفسير والعقائد؛ لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث -بزعمهم- مرتدُّون عن الإسلام.
#9$ قالوا بحجيَّة الكتاب والسنة فقط، ولكن كغيرهم من أصحاب البدع، الذي اعتقدوا رأيًا ثم حملوا ألفاظَ القرآن عليه، فما وافق أقوالهم من السُّنَّة قبلوه، وما خالفها تحايلوا في ردِّهِ أو رَدِّ دلائِلِهِ.
#10$ دعوة إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث: «نَحْنُ أُمَّةٌ أُميَّةٌ...». فدعوا إلى تَرْكِ الكُلِّيَات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد الإسلامية أو الغير إسلامية؛ لأنها مؤسسات الطاغوت، وتدخل ضمن مساجد الضرار.
أطلقوا الدعوة لمحو الأمية، وهي دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعليم الإسلام، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة.
#11$ قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة في المساجد؛ لأن المساجد كُلُّها ضِرَارٌ وأئمتها كفارٌ، إلَّا أربعة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وقباء، والمسجد الأقصى، ولا يصلون فيها أيضًا إلَّا إذا كان الإمام منهم.
#12$ يزعمون أنَّ أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر، وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق على يد محمد ن من ظهور الإسلام على جميع الأديان، وعليه فإن دور الجماعة يبدأ بعد أن تدمر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد السوفيتي، تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة، كالصواريخ والطائرات وغيرها، ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل، بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب.
#13$ ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة والاجتهاد المطلق، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفًا وخلفًا.
#14$ وأهم كتاب كشف عن أسرار دعوتهم وعقيدتهم هو كتاب “ذكريات مع جماعة المسلمين التكفير والهجرة” لأحد أعضاء الجماعة عبدالرحمن أبو الخير الذي تداركهم فيما بعد.
الجذور الفكرية والعقائدية
إن قضيَّة تكفير المسلم قديمةٌ ولها جذورها في التاريخ الإسلامي، منذ عهد الخوارج، وقد تركت أثارًا علمية وعملية لعدة أجيال، وقد استيقظت هذه الظاهرة لأسباب عدة ذكرها العلماء.
ويمكن إجمالها فيما يلي:
- انتشار الفساد والفسق والإلحاد في معظم المجتمعات الإسلامية، دونما محاسبةً من أحد، لا من قبل الحكام، ولا من المجتمعات الإسلامية المسحوقة تحت أقدام الطغاة والظالمين.
- محاربة الحركات الإسلامية من قبل حكام المسلمين، وامتلاء السجون بدعاة الإسلام، واستخدام أقصى أنواع التعذيب، مع التلفظ بألفاظ الكفر من قبل المعذبين والسجانين.
- ظهور وانتشار بعض الكتب الإسلامية التي ألفت في هذه الظروف القاسية، وكانت تحمل بذور هذه الفكر، واحتضان هذه الفكرة من هذه الجماعة “التكفير والهجرة”، وطبعت بطابع الغُلُوِّ والعنف.
- ويعد أساس جميع ما تقدم: ضعف البصيرة بحقيقة الدين، والاتجاه الظاهري في فهم النصوص، والإسراف في التحريم، والتباس المفاهيم، وتمييع عقيدة أهل السنة والجماعة لدى بعض قادة الحركة الإسلامية، بالإضافة إلى اتباع المتشابه، وترك المحكمات، وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع، وسنن الكون والحياة، ومنهج أهل السنة والجماعة.
أماكن الانتشار لهذه الجماعة “الهجرة و التكفير”)انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر، وفي منطقة الصعيد على الخصوص، ولها وجود في بعض الدول العربية: (اليمن ـ والأردن ـ الجزائر ـ وغيرها).
خلاصة الكلام في هذه الجماعة الضالة
أنَّ هذه الجماعة هي جماعة ضالَّةٌ أحْيَتْ فِكْرَ الخوارج؛ بتكفير كُلّ من ارتكب كبيرة وأصرَّ عليها، وتكفير الحكام بإطلاق ودون تفصيل؛ لأنهم لا يحكمون بشرع الله، وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل، وتكفير العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام، كما أنَّ الهجرة هي العنصر الثاني في تفكيرهم هذه الجماعة، ويقصد بها اعتزال المجتمع الجاهلي عزلةً مكانيةً، وعزلةً شعوريةً، وتتمثل في اعتزال معابد الجاهلية، و يقصد بها المساجد.
ووجوب التوقف والتبين بالنسبة لآحاد المسلمين، بالإضافة إلى إشاعة مفهومها.=====L’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : une personne ou plusL’image contient peut-être : 1 personne, intérieurAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 1 personne=====Aucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : 1 personne, texteAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : texteL’image contient peut-être : texteL’image contient peut-être : texteL’image contient peut-être : 3 personnes, texteAucun texte alternatif disponible.Aucun texte alternatif disponible.Aucun texte alternatif disponible.Aucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : texteL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : 1 personne, assisL’image contient peut-être : 3 personnes, barbeL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : une personne ou plusL’image contient peut-être : une personne ou plusAucun texte alternatif disponible.Aucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : une personne ou plus et texteL’image contient peut-être : une personne ou plusL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : une personne ou plus et fouleAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 1 personne, texteL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : une personne ou plusAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 2 personnes, texteL’image contient peut-être : 3 personnes, personnes deboutL’image contient peut-être : 1 personne, texteL’image contient peut-être : 2 personnes, texteL’image contient peut-être : une personne ou plus et texteL’image contient peut-être : texteL’image contient peut-être : une personne ou plus et texteL’image contient peut-être : une personne ou plusL’image contient peut-être : 1 personne, texteL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : 1 personne, texteL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : une personne ou plusAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : 2 personnes, texteAucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 2 personnesL’image contient peut-être : 1 personneL’image contient peut-être : 1 personne, texteL’image contient peut-être : une personne ou plusAucun texte alternatif disponible.Aucun texte alternatif disponible.L’image contient peut-être : 2 personnes, texte

فضرره على الفرد إذا حكمت عليه بالكفر معناه: