السبت، 11 فبراير 2017

حقيقة
دعوة الأخوان المسلمين)ضلالت السيد قطب
فان من أشد الناس خطراً على الإسلام والمسلمين أن يقودهم أئمة الضلال .
لقد خاف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة وقد حصل  مما خافه الشئ الكثير في تاريخ هذه الأمة فلقد قاد كثيراً منهم رؤوس الجهمية ورؤوس المعتزلة ورؤوس الخوارج ورؤوس المرجئة ثم رؤوس الصوفية القبورية، فأضلوا كثيراً منهم وساروا بهم في متاهات الضلال ردحاً طويلاً من الزمن وكان لذلك آثارٌ سيئة وكبيرة في حياة الأمة في عقائدها وسلوكها ثم جاء هذا العصر الذي أفاقت فيه الأمة بسبب أضواء إسلامية وصيحات مدوية سلفية صاخت لها آذان وامتدت إليها أبصار لولا أن عاجلها أهل المكر والكيد لكان لذلك شأن وأي شأن ولعادت الأمة إلى سابق مجدها بعودتها إلى كتاب ربها وسنة نبيها .
 من أشد هذا الكيد والمكر الأسود ما سترى بعضه لا كله في هذه الأوراق وهو بعض ما طفح من الكيد الرافضي والصوفي والسياسي، هذا الثالوث الخبيث وما يتبعه وقف سداً منيعاً حائلاً بين الأمة وبين عودتها الحقيقية الجادة إلى كتاب ربها وسنة نبيها ومنهج السلف الصالح في عقيدتها وعبادتها وسياستها وأخلاقها . حال هذا الثالوث الماكر بين الأمة وبين ذلك وربطها بشعارات جوفاء تسمع لها دوياً هائلاً ولا تجد لها طحناً اللهم إلا طحن الضلال والضياع . هذه الأوراق ستكشف للمسلمين جانباً مهماً من ذلكم الكيد والمكر ومنه التمييع الخبيث الذي يعتبر الرفض بل والتصوف وما فيهما من عقائد ملحدة بأنها هي الإسلام الموحد للأمة.
 وكان ممن أدرك مخاطر هذا الكيد والغش والتمييع الشيخُ : محب الدين الخطيب وبعض أفاضل المسلمين الناصحين فكتبوا كتابات قيمة تبين ما ينطوي عليه الرفض من كفريات وضلالات تنافي أصول الإسلام وفروعه ونقلوا ذلك من أصول معتمدة عند الروافض مثل كتاب :الكافي للكلينـي والإرشاد في تاريخ حجج الله على العباد للمفيد وتنقيح المقال في أحوال الرجال للمامقاني وفصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للطبرسي وتفسير القمي.
من المراجع المعتبرة عندهم وكانت التهم تكال لهؤلاء الأفاضل الناصحين بمثل  الأسلوب الآتي :" حارب هذه الفكرة ضيقوا الأفق كما حاربها صنف آخر من ذوي الأغراض الخاصة السيئة ولا تخلو إي أمة من هذا الصنف من الناس حاربها من يجدون في التفرق ضماناً لبقائهم وعيشهم وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنـزعات الخاصة هؤلاء وأولئك ممن يؤجرون أقلامهم لسياسات مغرضة لها أساليبها المباشرة في مقاومة أي حركة إصلاحية والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم.."
 انظر لهذا الأسلوب الماكر الذي يقلب الأمور والحقائق، فيجعل المخلصين الناصحين مأجورين ومرضى نفوس وأصحاب أهواء مقاومين لأي حركة إصلاحية ...إلى آخر الاتهامات .
 وكل هذه الأوصاف إنما تنطبق على دعاة التقريب بين الشرك والتوحيد والضلال والهدى إلى آخر البلايا التي ينطوي عليها الرفض والتصوف مما يبرأ منه الإسلام ويريدون إلصاقه بالإسلام والإسلام منه براء.
 إنه والله الغش والكيد والمكر الذي يقوده دهاة الرفض ويبذلون لتحقيقه كل غال ورخيص وما أظنهم تعبوا كثيراً في البحث عن أبواق وطبول يحملون اسم الإسلام وألقابا إسلامية ضخمة ويرفعون شعارات براقة منها الوحدة الإسلامية والتقارب بين المسلمين والاتحاد لمحاربة الأعداء.
 وسوف يقف القاري على حقيقة دعوة الأخوان المسلمين وعلى مدى صدق وإخلاص ونصح قادة هذه الدعوة للإسلام والمسلمين أو أنه سيبهر بضد كل ذلك مما يدفعه إلى تأكيد المقولة بأنهم سدنة الرفض والمروجون له في العالم .
 اللهم رد كيد الكائدين في نحورهم وأنقذ دينك الحق و أظهره على الأديان كلها ولو كره المشركون وأهل الأهواء والضالون إنك على كل شيٍ قدير وبالإجابة جدير .
==========

وفي العصر الحديث كانت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي شارك فيها الأمام الشهيد حسن البنا وشيخ الأزهر والمرجع الأعلى للإفتاء وقتها الإمام الأكبر عبد المجيد سليم ، والإمام مصطفى عبد الرازق ، والشيخ محمود شلتوت ، يقول الأستاذ سالم البهنساوي – أحد مفكري الإخوان المسلمين – في كتابــه ( السنة المفترى عليها ) صـ 57 : " منذ أن تكونت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي ساهم فيها الإمام البنا والإمام القمي والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة وقد أدى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي سنة 1945م للقاهرة " ويقول في نفس الصفحة :" ولا غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا التعاون " . وفي كتابه ( الملهم الموهوب – حسن البنا ) يقول الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام صـ 78:
 " وبلغ من حرصه ( حسن البنا ) على توحيد كلمة المسلمين أنه كان يرمي إلى مؤتمر يجمع الفرق الإسلامية لعل الله يهديهم إلى الإجماع على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد وديننا واحد ورسولنا r واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار علماء الشيعة وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة . كما أنه من المعروف أن الإمام البنا قد قابل المرجع الشيعي آية الله الكاشاني أثناء الحج عام 1948 م وحدث بينهما تفاهم يشير إليه أحد شخصيات الإخوان المسلمين اليوم وأحد تلامذة الإمام الشهيد الأستاذ عبد المتعال الجبري في كتابه ( لماذا اغتيل حسن البنا ) ( طـ1 – الاعتصام –صـ32- ) ينقل عن روبير جاكسون قوله: " ولو طال عمر هذا الرجل ( يقصد حسن البنا ) لكان يمكن أن يتحقق الكثير لهذه البلاد خاصة لو اتفق حسن البنا وآية الله الكاشاني الزعيم الإيراني على أن يزيلا الخلاف بين الشيعة والسنة وقد التقى الرجلان في الحجاز عام 48 ويبدو أنهما تفاهما ووصلا إلى نقطة رئيسية لولا أن عوجل حسن البنا بالاغتيال " . ويعلق الأستاذ الجبري قائلاً : " لقد صدق روبير وشم بحاسته السياسية جهد الإمام في التقريب بين المذاهب الإسلامية فما له لو أدرك عن قرب دوره الضخم في هذا المجال مما لا يتسع لذكره المقام " .
وفي كتابه الأخير ( ذكريات لا مذكرات ) ط 1 – دار الاعتصام 19855 يقول الأستاذ عمر التلمساني صـ 249 و 250 :
 " وفي الأربعينيات على ما أذكر كان السيد القمي – وهو شيعي المذهب – ينزل ضيفاً على الإخوان في المركز العام ، ووقتها كان الإمام الشهيد يعمل جاداً على التقريب بين المذاهب ، حتى لا يتخذ أعداء الإسلام الفرقة بني المذاهب منفذا يعملون من خلاله على تمزيق الوحدة الإسلامية ، وسألناه يوماً عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة ، فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها والمسلمون على ما نرى من تنابذ يعمل أعداء الإسلام على إشعال ناره ، قلنا لفضيلته : نحن لا نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلاف بين المسلمين ، ولكننا نسأل للعلم ، لأن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات لا حصر لها وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك المراجع . فقال رضوان الله عليه : اعلموا أن أهل السنة والشيعة مسلمون تجمعهم كلمة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذا أصل العقيدة ، والسنة والشيعة فيه سواء وعلى التقاء أما الخلاف بينهما فهو في أمور من الممكن التقريب فيها بينهما " .
نستنتج من مواقف الإمام الشهيد هذه عدة حقائق مهمة منها :
1. ينظر كل من السني والشيعي إلى الآخر على أنه مسلم .
2.  اللقاء والتفاهم بينهما وتجاوز الخلافات ممكن ومطلوب وهو مسؤولية الحركة الإسلامية الواعية والملتزمة .
3.  قام الإمام الشهيد حسن البنا بجهد ضخم على هذا الطريق يؤكد ذلك ما يرويه الدكتور إسحاق موسى الحسيني في كتابه ( الإخوان المسلمون ..كبرى الحركات الإسلامية الحديثة ) من أن بعض الطلاب الشيعة الذين كانوا يدرسون في مصر قد انضموا إلى جماعة الإخوان . ومن المعروف أن صفوف الإخوان المسلمين في العراق كانت تضم الكثير من الشيعة الإمامية الإثنى عشرية – وعندما زار نواب صفوي سوريا وقابل الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين اشتكى إليه الأخير ان بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات العلمانية والقومية فصعد نواب إلى أحد المنابر وقال أمام حشد من الشبان الشيعة والسنة : " من أراد أن يكون جعفرياً حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين " .
ولكن من هو نواب صفوي ؟ زعيم منظمة ( فدائيان إسلام ) الإسلامية الشيعية،  ينقل الأستاذ محمد علي الضناوي في كتابه ( كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث ) صـ 150 نقلاً عن برنارد لويس قوله:
 " وبالرغم من مذهبهم الشيعي فإنهم يحملون فكرة عن الوحدة الإسلامية تماثل إلى حد كبير فكرة الإخوان المصريين ولقد كانت بينهما اتصالات " ويلخص الأستاذ الضناوي بعض مبادئ فدائيان إسلام " أولا : الإسلام نظام شامل للحياة. ثانياً : لا طائفية بين المسلمين أي بين السنة الشيعة " ثم ينقل عن نواب قوله : " لنعمل متحدين للإسلام ولنَنْس كل ما عدا جهادنا في سبيل عز الإسلام، ألم يأن للمسلمين أن يفهموا ويدعوا الانقسام إلى شيعة وسنة ؟ " .
وفي كتاب ( الموسوعة الحركية ) ج 1 –صـ 163 يتحدث الأستاذ فتحي يكن عن زيارة نواب  صفوي للقاهرة والحماس الشديد الذي قابله به الإخوان المسلمون ثم يتكلم عن صدور حكم الإعدام عليه من قبل الشاه قائلاً : " كان لهذا الحكم الجائر صدى عنيف في البلاد الإسلامية وقد اهتزت الجماهير المسلمة التي تقدر بطولة نواب صفوي وجهاده وثارت على هذا الحكم وطيرت آلاف البرقيات من أنحاء العالم الإسلامي تستنكر الحكم على المجاهد المؤمن البطل الذي يعتبر القضاء عليه خسارة كبرى في العصر الحديث " وهكذا يصبح مسلم شيعي في نظر فتحي يكن كأحد أعظم شهداء الإخوان إذ يعتبر أن نواب وصحبه باستشهادهم قد انضموا إلى قافلة الشهداء الخالدين ، الذين سيكون دمهم الزكي طريق الحرية والفداء وهذا الذي كان . فما أن دار الزمان دورته حتى قامت الثورة الإسلامية في إيران ودكت عرش الطاغية الشاه الذي تشرد في الأفاق وصدق الله تعالى حيث يقول : } ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون { وفي كتابه ( الإسلام فكرة وحركة وانقلاب ) صـ 56 يكرر الأستاذ يكن نفس الموقف ، وفي مجلة ( المسلمون ) التي كان يصدرها الإخوان المسلمون (المجلد الخامس – العدد الأول إبريل 1956 ص 73 ) يقول تحت عنوان " مع نواب صفوي " :" والشهيد العزيز – نضر الله ذكره – وثيق الصلة بالمسلمين " وقد نزل ضيفاً في دارها بالقاهرة أيام زيارته مصر في كانون الثاني سنة 1954 ، ثم تنقل المجلة رأيه في اعتقالات الإخوان الذي يقول فيه : " إنه حين يضطهد الطغاة رجل الإسلام في كل مكان يتسامى المسلمون فوق الخلافات المذهبية ويشاطرون إخوانهم المضطهدين آلامهم وأحزانهم ولا شلك أننا بكفاحنا الإيجابي الإسلامي نستطيع إحباط خطط الأعداء التي ترمي إلى التفريق بين المسلمين أنه لا ضير في وجود الفرق المذهبية وليس بوسعنا إلغاؤها إنما الذي يجب أن نعمل على إيقافه ومنعه هو استغلال هذه الوضع لصالح المغرضين " .
 وقبل أن نعود إلى جماعة التقريب مرة أخرى نشير إلى أن المراقب العام للإخوان المسلمين في اليمن وحتى سنوات قليلة كان شيعياً زيدياً هو الأستاذ عبد المجيد الزنداني والذي دعي إلى القاهرة في شهر مايو / 58 لإلقاء بعض المحاضرات حول الإعجاز القرآني ، ومن المعروف أيضاً أن عدداً كبيراً من الإخوان المسلمين في اليمن الشمالي هم من الشيعة .
 بالنسبة لجماعة التقـريب يتحدث الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت في كتاب ( الوحدة الإسلامية ) مجموعة من المقالات كانت تصدر في مجلة "رسالة الإسلام" عن الأزهر ص 20 : " لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها " . ويقول في ص 23 : " وها هو الأزهر الشريف ينزل على حكم المبدأ ، مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب الإسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو من التعصب لفلان أو فلان " ويواصل الشيخ شلتوت حديثه ص 24 : " وكنتُ أود لو أستطيع أن أتحدث عن الاجتماعات في دار التقريب حيث يجلس المصري إلى جانب الإيراني أو اللبناني أو العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب الإمامي والزيدي حول مائدة واحدة تدوي بأصوات فيها علم وفيها تصوف وفيها فقه وفيها مع ذلك كله روح الأخوة وذوق المودة والمحبة وزمالة العلم والعرفان " . ويشير الشيخ إلى أن هناك من حارب فكرة التقريب ظانين : " أنها تريد إلغاء المذاهب أو إدماج بعضها في بعض " فيقول :
 " حارب هذه الفكرة ضيقو الأفق كما حاربها صنف آخر من ذوي الأغراض الخاصة السيئة ولا تخلو أية أمة من هذا الصنف من لناس . حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصة هؤلاء وأولئك ممن يؤجرون أقلامهم لسياسات مغرضة ، لها أساليبها المباشرة في مقاومة أي حركة إصلاحية والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم " وقبل أن نترك الأزهر نستمع إلى الفتوى التي أصدرها بخصوص المذهب الشيعي وجاء فيها : " إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الاثنى عشرية , مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة فما كان دين الله وماكانت شريعته بتابع لمذهب معين أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهد مقبولون عند الله تعالى )) .
بعد ذلك ننتقل إلى الموقف من الثورة الإسلامية ، الثورة التي اشتعلت مع مطلع عام 19788 وانتصرت مع مطلع عام 1979 فأيقظت روح الأمة المسلمة على طول المحور الممتد من طنجة إلى جاكرتا ، ومع تقدم الثورة كان استقطابها للجماهير يزداد .. الجماهير التي كانت تعبر عن بهجتها وفرحتها في شوارع قاهرة المعز ودمشق الشام ..في كراتشي والخرطوم "..في استانبول ومن حول بيت المقدس وفي كل مكان يوجد فيه المسلمون في ألمانيا الغربية كان الأستاذ عصام العطار أحد الزعماء التاريخيين لحركة الإخوان المسلمين يكتب كتاباً كاملاً يتناول تاريخ الثورة وجذورها ويقف بجانبها مؤيداً ويبرق أكثر من مرة للإمام الخميني مهنئاً ومباركاً وانتشرت أحاديثه المسجلة على أشرطة الكاسيت المؤيدة للثورة بين الشباب المسلم ، كذلك قامت مجلة ( الرائد ) لسان حال الطلائع الإسلامية بدور مهم في تأييد الثورة وشرح مواقفها .
 وفي السودان كان موقف الإخوان المسلمين وموقف شباب جامعة الخرطوم الإسلاميين من أروع المواقف التي شهدتها العواصم الإسلامية حيث خرجوا بمظاهرات التأييد وسافر الدكتور الترابي زعيم الإخوان إلى إيران حيث قابل الإمام معلناً تأييده . ومن الجدير بالذكر أن هذا الموقف مستمر حتى الآن . في تونس كانت مجلة الحركة الإسلامية ( المعرفة ) تقف بجانب الثورة تباركها وتدعو المسلمين إلى مناصرتها ووصل الأمر أن كتب زعيم الحركة الإسلامية والذي هو عضو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين : كتب مرشحاً الإمام الخميني لإمامة المسلمين ! مما أدى إلى إغلاق المجلة قبل اعتقال زعماء الحركة على يد نظام بورقيبة ، ويعتبر الأستاذ الغنوشي أن الاتجاه الإسلامي الحديث " تبلور وأخذ شكلاً واضحاً على يد الإمام البنا والمودودي وقطب والخميني ممثلي أهم الاتجاهات الإسلامية في الحركة الإسلامية المعاصرة " ( كتاب الحركة الإسلامية والتحديث – راشد الغنوشي ، وحسن الترابي ص 16 ) .
ويعتبر في ص 177 من نفس الكتاب أنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ الإسلام دورة حضارية جديدة ثم يقول تحت عنوان ماذا نعني بمصطلح الحركة الإسلامية : " ..ولكن الذي عنينا من بين ذلكالاتجاه الذي ينطلق من مفهوم الإسلام الشامل ،وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى : الإخوان المسلمين ، الجماعة الإسلامية بباكستان وحركة الإمام الخميني في إيران " وفي ص 24 يقول : " لقد بدأت إيران عملية لعلها من أهم ما يمكن أن يطرأ في مسيرة حركات التحرر في المنطقة كلها وهي تحرر الإسلام من هيمنة السلطات العاملة على استخدام في وجه المد الثوري في المنطقة " وفي مقالة أخيرة للأستاذ الغنوشي في الطليعة الإسلامية عدد 26 مارس /85 يعتبر أن الصراع بين السنة والشيعة من المشكلات الوهمية التي تظهر مع سيادة التقليد ويستعاض بها عن المشاكل الحقيقية الواقعية بعد أن تختفي الفكر ويختفي الإبداع .
 أما في لبنان فقد كان تأييد الحركة الإسلامية للثورة من أكثر المواقف وضوحاً وعمقاً فقد وقف الأستاذ فتحي يكن ومجلة الحركة ( الأمان ) موقفاً إسلامياً مشرفاً وزار الأستاذ يكن إيران أكثر من مرة وشارك في احتفالاتها وألقى المحاضرات في تأييدها ، وفي " الأمان " وغيرها نشرت قصيدة الأستاذ يوسف العظم ودعا فيها إلى مبايعة الخميني !! فقال :
 هدَّ صرح الظلم لا يخشى الحمــام
بالخميني زعيماً وإمـــــام
من دمانا ومضيـنا للأمــــام
قد منحناه وشاحاً ووســـام
ليعود الكون نوراً وســـــلام
ندمر الشرك ونجتاح الظــلام
أما في مصر فقد وقفت مجلة ( الدعوة ) و (  الاعتصام ) و ( المختار الإسلامي ) إلى جانب الثورة مؤكدة إسلاميتها ومدافعة عنها في وجه الإعلام الساداتي الأمريكي ، كتبت الاعتصام على غلاف عدد ذي الحجة 1400 – أكتوبر 1980 : " الرفيق التكريتي .. تلميذ ميشيل عفلق الذي يريد أن يصنع قادسية جديدة في إيران المسلمة " وفي ص 10 من نفس العدد كتبت الاعتصام تحت عنوان ( أسباب المأساة ) :
 " الخوف من انتشار الثورة الإسلامية في العراق " ثم قالت : " ورأي صدام حسين إن فترة الانتقال التي يمر بها جيش إيران وتحوله من جيش إمبراطوري إلى جيش إسلامي هي فرصة ذهبية لا تكرر للقضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قـوة لا تقهر بفضل العقيدة الإسلامية في نفوس ضباطه وجنوده " وفي عدد ( محرم 1401 هـ ديسمبر / كانون أول / 1980 ) كتب الأستاذ جابر رزق أحد أبرز صحفيي الإخوان المسلمين في الاعتصام ص 36 معللاً أسباب الحرب فقال : " إن الوقت الذي اندلعت فيه هذه الحرب هو ذات الوقت الذي فشلت فيه كل الخطط الأمريكية التآمرية على ثورة الشعب الإيراني المسلم " . ويقول ص 37 : " وقد نسي صدام حسين أنه سيقاتل شعباً تعداده أربعة أضعاف الشعب العراقي وهذا الشعب هو الشعب المسلم الوحيد الذي استطاع أن يتمرد على الإمبريالية الصليبية اليهودية " ثم يواصل حديثه " والشعب الإيراني بكامل هيئاته ومنظماته مصمم على مواصلة الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي ، كما أن التعبئة الروحية والنفسية بين كل أفراد الشعب الإيراني لم يسبق لها مثيل والرغبة في الاستشهاد تأخذ صورة التسابق والإقدام والشعب الإيراني واثق تماماً أن النصر في النهاية سيكون للثورة الإيرانية المسلمة " ثم يشرح الأستاذ جابر رزق أن هدف الاستعمار من الحرب اسقاط الثورة فيقول :
 " .. وبسقوط النظام الثوري الإيراني يزول الخطر الذي يتهدد هذا النوع من الطواغيت الذين يرتجفون من تصورهم احتمال ثورة شعوبهم ضدهم واسقاطهم مثلما فعل الشعب الإيراني المسلم ضد الشاه العميل " وفي نهاية المقال يقول :
" ولكن حزب الله غالب ..ولكن لابد من الجهاد والاستشهاد ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " .
إذن هذا هو جوهر الحرب وليس ما يردده البعض من أن إيران الشيعة تريد الانقضاض على النظام  السني في العراق .. يا إلهي كم هو محزن هذا العمى وكم هو .. من يزرع الجهل والحقد في عقول الناس وقلوبهم .
وفي عدد ( صفر 1401 – يناير / كانون الثاني 19811 م ) كتبت الاعتصام على غلافها : " الثورة التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " وفي ص 39 تساءلت المجلة " لماذا تعتبر الثورة الإيرانية أعظم ثورة في العصر الحديث " وفي نهاية المقال الذي كتب بمناسبة الذكرى الثانية لانتصار الثورة جاء فيه : " ومع ذلك انتصرت الثورة الإيرانية بعد أن سقط آلاف الشهداء وكانت بذلك أعظم ثورة في التاريخ الحديث بفعاليتها ونتائجها الإيجابية وآثارها التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " .
 ومن مصر إلى موقف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي وجه بياناً إلى المسؤولين عن الحركات الإسلامية في كافة أنحاء العالم وذلك أثناء أزمة الرهائن جاء فيه " ولو كان الأمر يخص إيران وحدها لقبلت حلاً وسطاً بعد أن تبينت ما حولها ولكنه الإسلام وشعوبه في كل مكان وقد أصبحت أمانة في عنق الحكم الإسلامي الوحيد في العالم الذي فرض نفسه بدماء شعبه في القرن العشرين لتثبيت حكم الله فوق حكم الحكام وفوق حكم الاستعمار والصهيونية العالمية .
 ويشير البيان إلى رؤية الثورة الإيرانية لمن يحاول أن يفت في عضدها على أنه واحد من أربعة " أما مسلم لم يستطع أن يستوعب عصر الطوفان الإسلامي وما زال يعيش في زمن الاستسلام فعليه أن يستغفر الله ويحاول أن يستكمل فهمه بمعاني الجهاد والعزة في الإسلام والله تعالى يقول : } إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين { وأما عميل يتوسط لمصلحة أعداء الإسلام على حساب الإسلام متشدقاً بالأخوة والحرص عليها كما في قوله تعالى:
 } وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين { وإما مسلم إمعة يحركه غيره بلا رأي له ولا إرادة والله يقول } يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين { . وإما منافق يداهن بين هؤلاء وهؤلاء .. " .
 وعندما بدأ الغزو الصدامي لإيران المسلمة أصدر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بياناً وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب البعث الملحد الكافر على حد تعبير البيان الذي قال أيضاً : " إن هذه الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . فشعب إيران المسلم قد حرر نفسه من الظلم والاستعمار الأمريكي الصهيوني في جهاد بطولي خارق وبثورة إسلامية عارمة فريدة من نوعها في التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للإسلام والمسلمين "
 ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلاً : " ..ضرب الحركة الإسلامية وإطفاء شعلة التحرير الإسلامية التي انبعثت من إيران " وفي نهاية البيان يقول مخاطباً الشعب العراقي : " … اقتلوا جلاَّديكم فقد حانت الفرصة التي ما بعدها فرصة ، القوا اسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة ، الثورة الإسلامية ثورتكم".
 أما موقف الجماعة الإسلامية في باكستان فقد تمثل في فتوى العلامة أبي الأعلى المودودي التي نشرت في مجلة الدعوة – القاهرة – عدد 29 أغسطس ( آب ) 1979 رداً على سؤال وجهته إليه المجلة حول الثورة الإسلامية في إيران أجاب العالم المجتهد الذي أجمعت الحركة الإسلامية أنه واحد من أبرز روادها في هذا القرن " وثورة الخميني ثورة إسلامية والقائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات " .
إذن هذه هو الموقف الشرعي من الثورة الإسلامية كما يطرحه المودودي وليس ما يطرحه وعاظ  السلاطين السعوديين وغيرهم من آراء مخالفة لفتوى المجتهد الكبير فأيهم أولي بالاتباع أيها المسلمون مجاهد ورائد إسلامي عظيم كالمودودي أم يقدمون البيعة والولاء لفهد بن عبد العزيز ( إمام المسلمين وخادم الحرمين الشريفين !!! ) .
 أمام موقف الأزهر فقد أعلنه شيخ الأزهر السابق في وقته في حديث مع صحيفة ( الشرق الأوسط ) التي تصدر في السعودية ولندن ( 3/7/ 79 ) قائلاً : " الإمام الخميني أخ في في الإسلام ومسلم صادق " . ثم قال : " إن المسلمين باختلاف مذاهبهم أخوة في الإسلام والخميني يقف تحت لواء الإسلام كما أقف أنا " . فهل كان شيخ الأزهر وقتها أيضاً جاهلاً بعقائد الشيعة ؟ أيُّ مصيبة هذه إذن !!
 وفي كتاب من كتب الأستاذ فتحي يكن الأخيرة : ( أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي ) يستعرض المؤلف مؤامرات الاستعمار والقوى الدولية ضد الإسلام فيقول ص 148 : " وفي التاريخ القريب شاهد على ما نقول إلا وهو تجربة الثورة الإسلامية في إيران ، هذه التجربة التي هبت لمحاربتها واجهاضها كل قوى الأرض الكافرة ولا تزال بسبب أنها إسلامية وأنها لا شرقية ولا غربية " .
ترى في أي صف يقف هؤلاء الذين يستغلون منبر رسول الله rr ليصبوا حقدهم ضد الثورة الإسلامية ..في أي صف ؟ ..أجيبوا ..ردوا على الأستاذ فتحي يكن إن كنتم تريدون وجه الله حقاً .
وجاء في مجلة ( الدعوة ) المهاجرة التي يصدرها الإخوان في النمسا العدد 72 / رجب 14022 هـ مايو / أيار 1982 ص 20 : " وفي العالم اليوم اليقظة الإسلامية التي كان من آثارها الثورة الإسلامية في إيران التي استطاعت ورغم عثراتها ..إن تقوض أكبر الإمبراطوريات عراقة وأشدها عتواً وعداءً للإسلام والمسلمين " .
 هذا موقف الدعوة حول إسلامية الثورة أما العقبات فليست أكثر من العقبات التي يحاول الاستعمار إن يضعها في طريق الثورة للتأثير على مسيرتها ، وواجب المسلمين الملتزمين أن يعوها ويبطلوها بقدر استطاعتهم ، هذا هو موقف الدعوة الذي يؤكده الأستاذ عمر التلمساني في حديث له مع ( مسلم ميديا ) الذي نشرته مجلة ( الكرسنت ) الإسلامية التي تصدر في كندا ( 16/12/1984 ) وقال فيه بالحرف الواحد : " لا أعرف أحداً من الإخوان المسلمين في العالم يهاجم إيران " .
 فمن هم هؤلاء الذين يفعلونها ويزعمون أنهم ينتسبون للإخوان هل هم ….؟ وإلا فكيف يخالفون حقيقة واضحة يعلنها المرشد العام للإخوان المسلمين .
 وبعد هذه المواقف الواضحة لعلماء وقادة الحركات الإسلامية نستمع إلى إجابة الإمام الخميني على سؤال يتعلق بأصول الثورة وجه له عند وصوله إلى باريس : "أن السبب الذي قاد المسلمين إلى سنة وشيعة يوماً ما لم يعد قائماً ..كلنا مسلمون ..هذه ثورة إسلامية ..نحن جميعاً أخوة في الإسلام " .
وفي كتاب ( الحركة الإسلامية والتحديث ) ينقل الأستاذ الغنوشي ص 211 عن الإمام قوله : " إننا نريد أن نحكم بالإسلام كما نزل على محمد r لا فرق بين السنة والشيعة لأن المذاهب لم تكن موجودة في عهد رسول الله r " .
 وفي الملتقى الرابع عشر للفكر الإسلامي – الجزائر – قال السيد هادي خسروشاهي ممثل الإمام إلى المؤتمر : " الأعداء أيها الأخوة لا يفرقون بين سني وشيعي إنهم يريدون القضاء على الإسلام كفكرة وكأيديولوجية عالمية ولذا فإن أي دعوة أو عمل لتفريق الصفوف باسم السنة والشيعة تعني الوقوف إلى جانب الكفر وضد الإسلام وهي بالتالي – كما أفتى الإمام الخميني – حرام شرعاً وعلى المسلمين التصدي لها " .
وقبل أكثر من عشرين عاما وفي خطبة للإمام – جمادى الأول – 13844 هـ كان يعلن : " الأيدي القذرة التي تبث الفرقة بين الشيعي والسني في العالم الإسلامي لا هي من الشيعة ولا من السنة – إنها أيدي الاستعمار التي تريد أن تستولي على البلاد الإسلامية من أيدينا . والدول الاستعمارية ، الدول التي تريد نهب ثرواتنا بوسائل مختلفة وحيل متعددة هي التي توجد الفرقة باسم التشيع والتسنن " .
 وبعد فإن تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة والممتد على مدى القرن الأخير لم يعرف إلا الإخاء والتعاون وروح التوحيد فلماذا تنتشر بيننا اليوم كتب الفتنة والانقسام بدءاً من كتاب الأكاذيب : " موقف الخميني من الشيعة والتشيع " ومروراً بكتاب ( السراب ) وحتى كتاب الأضاليل ( وجاء دور المجوس ) الذي نشرته نفس الدار التي أصدرت كتاباً تهاجم فيه حركة جهيمان الإسلامية في الجزيرة العربية وهو المسلم السلفي !!
 والعجيب أن كتبة هذه الكتب من النكرات لا يكتبون عليها أسماءهم الحقيقية رغم إنها تلقي كل الترحيب من أنظمة الطاغوت وتروج في كل مكان بل الحقيقة أن ذلك ليس عجيباً لأنهم أول من يدرون بأنها صفحات من الكذب الرخيص ، أننا نصرخ بأعلى صوتنا …إلا من يفيق ؟ أليس هناك من رجل جيد ؟ إن المسألة ليست دفاعاً عن إيران أو عن الخميني فنحن هنا كمسلمين سنة في وطن يسوده العلو والإفساد الإسرائيلي كنا نعتبر إيران ميداناً للنفوذ الأمريكي وحتى سنوات قليلة ، ولم نكن نعرف الخميني .. ولكن المسألة دفاعٌ عن الإسلام ومستقبله ..إنها المرة الأولى منذ أكثر من مائة عام يملك فيها الإسلام أرضاً وحكومة وشعباً يحمل مثل هذه الروح الاستشهادية …إنها فرصة الإسلام والمسلمين للنهوض ومواجهة التحدي الغربي وتحطيم هجمته ومركزيته في فلسطين . وإذا حاولنا إضاعة الفرصة وتدمير التجربة الوليدة فلن نجد أمام الله عز وجل - يوم لا ظل إلا ظلُّه – ما نعتذر به .
 اللهم إنا نحاول أن نبلغ .. اللهم فاشهد .. اللهم فاشهد .

================
هذا المركز الذي فتح أبوابه وقلبه ليكون ساحة للحوار والتلاقي بين ساحات كَثُرَ فيها الخصام والتباعد ، وما أحوجنا نحن اليوم إلى أن نكون متلاقين متآلفين في هذا الوقت العصيب ، لنواجه جميعاً خطراً لا يفرِّق بين أبيض وأسود وعمر وجعفر .
ويتوسد المركز لتحقيق ما يصبو إليه الوسائل التالية :
1) المحاضرات الشهرية التي تقام فيه .
2) الدورية التي يصدرها المركز واسمها : ( الإنسان المعاصر ) .
 محاولين في هذا كله أن نسد ثغرة من الثغرات ، أو نقدم حلاًّ لبعض المشكلات ، أو وجهة نظر في بعض القضايا .
منطلقين أولا من واقعنا اللبناني الذي نعيش فيه ، ثم المحيط العربي والإسلامي .
 هذا ، ولا ندعي أننا نملك الصواب كله في كل ما نذهب إليه من حلول ومعالجات ونظرات ، بل نعتقد أننا نملك جزءاً من الصواب ومع الآخرين الجزء الآخر لذا نحن نفتح الباب واسعاً لتلاقي الأفكار وتزاوجها كي يجتمع لدينا الجزء الذي نفقد مع الجزء الذي يفقده الآخرون ، فيتولد من لقاءاتنا هذه الحقيقة الأقرب للصواب ، وبهذا نصل للحق الذي ينشده الجميع .
وفي ساحة الحوار هذه نستضيف اليوم علمين بارزين :
العلم الأول : هو تاريخ متنقل يحمل بين جنباته تجارب الماضين ، وخبرة الأيام ، والعلم والفكر والحكمة .
إنه شيخ ولكن بروح الشباب وهمتهم ، وأراني عاجزاً عن تعريفه في هذه العجالة السريعة.  محاضرنا هو : الشيخ زهير الشاويش حفظه الله .
وُلِد في دمشق سنة 19255 م ، من رجال العلم والجهاد والعمل العام ، شارك في مؤتمرات وندوات كثيرة ، وله حضور في القضايا العربية والإسلامية ، وهو عضو مجلس أمناء " مركز البيان الثقافي " ومؤسس المكتب الإسلامي للطباعة والنشر . له العديد من المؤلفات والتحقيقات والمقالات .
 أما العلم الثاني الذي نستضيف فهو : الدكتور سعود المولى ، ونحن نسميه فيما بيننا الرجل الزئبقي ، لأنك لا تستطيع أن تمسك به لكثرة مشاغله وتنقلاته ونشاطه الدائم .
وُلِدَ في بيروت سنة 19533 م ، أستاذ في الجامعة اللبنانية ، معهد العلوم الاجتماعية وعضو لجنـة الحوار الإسلامي المسيحي ،وممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وعضو الأمانة العامة الدائمة للقمة الإسلامية ، وعضو مجلس أمنـاء " مركز البيان الثقافي " .
أما موضوعنا اليوم فهو : " الوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب " .
وقد تم اختيارنا لهذا الموضوع انطلاقا من أمر الله تعالى :
} واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا { {آل عمران : 1033 } وقوله أيضاً : } ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم { {الأنفال : 46} ، والتزاماً بقــول النبي r :
 "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمّى " {رواه البخاري : 6011 }
 ونبدأ موضوعنا مع الشيخ زهير الشاويش ، على أن لا يتجاوز في إلقائه هذا خمساً وأربعين دقيقة ، ثم يعقب على الموضوع الدكتور سعود المولى ، على أن لا يتجاوز تعقيبه ثلاثين دقيقة ، ثم نبقى ثلاثين دقيقة لاستلام أسئلتكم .
 ونبقى الآن مع كلمة الشيخ زهير الشاويش ، فليتفضل .
==================
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وجميع صحبه ، ومن تبعهم بإحسان أما بعد :
 فإن مما توافقت عليه العقول أن يكون أبناء الدين الواحد أمة واحدة ، تجمع بينها الأسس ، والأهداف ، وتعمل صفاً واحداً في تأمين حاجاتها ، ودفع المضار عنها فيما يصيب أفراداً منها .
وهذا الشيء ذاته حال أبناء الأمة الواحدة ذات العرق والجنس الواحد . وقل مثل ذلك عن أبناء الوطن والبلد .
 وهذه الصورة المُثلى حرمنا منها زمنا بعيداً،لعوامل مختلفة.وكانت الوحدة تقترب حيناً، وتبتعد أحياناً . إلى أن كان مطلع هذا القرن الميلادي ..الذي لعبت دول الاستعمار به تفرقة وتشتيتاً ، وذهبت دولة الخلافة – واأسفاه على الخلافة – فقد كانت المِظلَّةَ لأكبرِ تجمع إسلامي في دولة واحدة ، وأكبر هدف إيماني لتطلعات باقي الشعوب المسلمة .
لقد حُرمنا من تحقيق تجمع لنا باسم القومية العربية ..وما بقي لنا سوى أبيات الشعر :
 من الشـــام لبغــــداني

بــــلاد العرب أوطـــاني
إلى مصـرَ فتطــــــواني

ومن نجــد إلى يــــمن
وما لي أحدثكم عن الوحدة الإسلامية, والوحدة العربية ..ولا أذكر لكم بأننا نشأنا في الثلاثينات من هذا القرن ، ونحن نتمنى وحدة الوطن الصغير سورية الجغرافية ..بعد أن قسمت إلى قطع صغيرة زادت على العشرة [1] .
لقد حرمنا وحدة الوطن ، ووحدة القوم ، ووحدة الدين .
 ودار الزمن دورته ، وقامت للعرب وحدات استمر بعضها كوحدات شبه الجزيرة ، واتحادات الإمارات والعراق والأردن ، والجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية ، وكانت الأمل الكبير . ولكن لم يكتب لها البقاء ، فضلاً عن وحدة مصر والسودان ، وقيام وحدات المغرب العربية ، والوحدات الفورية عند بعضهم . واليوم توحدت اليمن كتب الله لوحدتها البقاء .
 ولست هنا لأعدد دوافع قيام كل وحدة ، ولا أسباب انهيار ما سقط منها ، ولا مخاوفي على القائم منها ، ولا أنسى فشل وحدة باكستان بعد أن انفصلت عن الهند وانقسمت إلى شطرين !! .
 وإنما بقي لي -ولمثلي- آمال تراودني ، وأفكار تعاودني ، قبل نومي حول وحدة الوطن ، والقوم ، والدين ..ولا أجد لها تحقيقاً ، ولا في المنام ، بل أجدُ لها من نفسي لنفسي تأريقاً ..
 وكم حضرت من مؤتمرات واجتماعات ، وسمعت عن ذلك ممن سعى إليها غيري وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس ، وبعضهم قدم الأرواح والمهج ، ولكن بقينا نسمع صوتاً ولا نرى طِحنا .
 وإنني مع علمي بأن الوفاء للقسم الأول من العنوان الذي اختاره الإخوة الأكارم لهذا اللقاء " الوحدة الإسلامية " الموافق لعنوان مؤتمر طهران . يوجبُ عليَّ أن أعرض مقومات موضوع هذه الوحدة [2] .
ولكنني لن أتكلم فيه ، ليس لأنه صعب أو بعيد المنال ..لا !  إنما أردت الكلام عن جزئيات هي في حقيقتها مما يعوق دون وحدة المسلمين . وأهمها – مع الأسف – يرجع إلى فهمنا أو تطبيقنا لهذا الدين الذي جعله الله رحمة لنا وللعالمين ، والذي نريد أن نتوحد به وعليه اليوم . فإذا أزيلت تلك العقبات الجزئية ظاهراً ..والكؤود حقيقة ، نمهد الطريق إلى الوحدة .. وأهم هذه العقبات في نظري .
الخلاف بين : أهل السنة والجماعة من جهة .
وبين الشيعة الإثنى عشرية من جهة أخرى .
 وإذا تركتُ الزيديين والعلويين والموحدين جانباً ، فلأنهم تبع للشيعة ، ولأن وجودهم كان في مؤتمر طهران محدوداً – اللهم سوى عالم زيدي واحد وما تكلم بكلمة .
 وحتى هؤلاء يكون البحث معهم – إن شاء الله – فيما بعد ، وهم في النتيجة مع إخوانهم صف واحد في وجه الإلحاد والكفر ..
 ونحن في بلاد الشام ما كنا في يوم ما متباعدين . بل كان التقارب بيننا قديماً .. ولعل وجود إخواننا من تلك المذاهب حتى اليوم ، الدليل الواضح على روح التسامح الذي كان سائداً ، وأما فترات التشنج ، فقد كانت قليلة ومحدودة ، وكان يجري علاجها من عقلاء أهل زمانها .
 ومما أدركنا من التعاون الإسلامي العام – وخصوصاً أيام الجهاد – بين الشيخ صالح العلي ( العلوي ) ، وإبراهيم هنانو ، والشيخ نافع الشامي ، وسكان الساحل ، وجبل الزاوية في شمال وغرب سورية .
 وكذا بين سكان جبل العرب من الدروز مع الأميرين : شكيب وعادل أرسلان ، والشيخ الهجري ، والقائد سلطان الأطرش ، ومع السنة مثل الزعيم عبد الرحمن الشهبندر ، والشيخ محمد الأشمر ، وأهل دمشق وحوران والغوطة ، وأهل الجولان ، وقرى وادي العجم ، وعربان الجبل .
 وتفصيل هذه الأمور يحتاج إلى أوقات طويلة ومعرفة في التاريخ والجغرافية أكثر مما تعلم أبناؤنا في دروس التربية الوطنية وكتب التاريخ المدرسي ، التي فرض مناهجها وكتبها المستعمر ومن تابعه على ذلك من عبيد الأنظمة ..
 وأعود إلى بحث التوافق بين السنة والشيعة على ضوء مؤتمر " الوحدة الإسلامية " فإن اتفاقهما وتوافقهما هو الأساس ..
 وبعد ذلك فأجد أن عليَّ أن أطرح سؤالاً على نفسي وعلى من ينادي بالوحدة الإسلامية مثلي ، ويريدها بأقرب وقت . وهو :
كم هو الأمل عندك في حصول الوحدة ؟؟
 فأقول : إن تفرقنا كان على مراحل ، وسوف نعود أيضاً على مراحل وخطوات .. ويوم أن تفككت وحدتنا أصابتها عوامل متعددة دينية ، وسياسية ، داخلية ، وخارجية .. واستمر الانشقاق ، وارتفعت الخصومات ، وأحياناً اشتعلت الحروب .
واليوم ورثنا هذا الركام من الخلافات المنوعة أيضاً .
 كما ورثنا رغبات صادقة من الآباء وممن سبقنا للوحدة والتقارب بعد أن أحسوا جميعاً بالخسارة العامة ، وقد استجاب نفر كريم من علماء الأمة ومفكريها إلى هذا المؤتمر ، الذي انعقد في إيران . وكان قد سبقهم إلى الدعوة إلى تلك الوحدة بين المذهبين عدد كبير من المصلحين في السير على هذا الطريق ، ومنهم المسرع ومنهم المتئد .. مع اختلاف الوسائل وسبل عرض الموضوع [3] .
 وأحب – الآن – أن أُغلِّب حسن الظن عندي على سواه ، حتى في الذين كتبوا ودعوا إلى التقارب بأسلوب نبش الماضي ، وإثارة الخلافات .. ظناً منهم أن ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن أقوالهم وكتبهم تجعل التقارب على قواعد سليمة مبنية – على ما فهموا – من الكتاب والسنة وأقوال العترة ..أو ما تقتضيه الحكمة والعقل والوحدة المتينة .
وقد كان في المؤتمر بعض هؤلاء .
 بل قد توسع بعضهم – في المؤتمر وقبله – إلى الدعوة لجعل المسلمين كلهم مذهباً واحداً في الدولة ، والحكم ، والعقائد ، والفقه ، ومختلف الأمور . وكانت له حجته ، وهي حق في أصلها ، ولكنه ابتعد عن الواقع . فذهبت دعوته مع الريح .
ونحن اليوم ندعو إلى بقاء أصحاب كل مذهب على مذهبهم .
اللهم !  إلا ما يجدوه هم بأنفسهم غير مبني على دليل شرعي ، وليس فيه أي نفع حسي لهم في دينهم ودنياهم ، فيقلعوا عنه وهذا عائد لهم ، وفيه الخير لهم .
 وعلى هذا مشى الذين عرفناهم في مجال التقريب ودعاته السابقون مع تعدد أقوالهم والاختلاف الجزئي فيها ، أمثال :
 السيد محسن الأمين ، والسيد رشيد رضا ، والمجتهد الحكيم النجفي ، الشيخ كامل القصاب ، والشهيد نواب صفوي ، والمرشد حسن البنا ، والمشايخ : محمد التقي القمي ، وعبد المجيد سليم ، وعلي المؤيد ، وأمجد الزهاوي ، والبشير إبراهيم ، والسيد موسى الصدر ، والحاج أمين الحسيني – رحمهم الله -.
 وذكر هؤلاء مني على سبيل المثال ، وإلا فهناك العشرات غيرهم . وكلنا يعلم بأن المسلمين اختلفوا وتقاتلوا ، منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم جميعاً ، ولكن كانت دولتهم واحدة، سوى فترات قصيرة ، والفتوى بينهم على طريقة واحدة ، وهذه كتب الحديث والفقه والتاريخ شاهدة على ذلك .
 واليوم نحن ندعو ونكرر إلى عدم طلب : ذوبان فريق في الفريق الآخر ..لأن هذا مستحيل الآن ، وفي المستقبل المنظور .
 ولكن الممكن : أن يترك كل فريق منا استفزاز الفريق الآخر ، وأن تكون دعوته بالحكمة وبالتي هي أحسن .. فلا نرى – بعد الآن – التحرش من أحدنا بالآخر ، ولا نسمح بالطعن بمن يعظمه بعضنا ، ولا نبش الماضي .
وللصوفية كلمة جميلة نافعة :
" ذكر الجفا ، وقت الصفا ، من الجفا " .
وسؤال آخر أطرحه على نفسي وهو :
 كيف يمكن توحيد الأمة ، وتقريب المذاهب ، وهذه الكتب والمقالات ، والمواقف تملأ الساحة ، وفيها من عرض وجهات النظر المختلفة ما فيها .. وأكثرها – إن لم أقل كلها – مشبعة بالمنفر من القول ؟؟
 فأقول : واللهِ ! ما طرقت هذه الموضوع ، إلا عندي منذ زمن بعيد مئات الكتب – أو الألوف – من كتب الفريقين ..وفيها المكفر ، والمضلل ، والمجهل ، والشاتم ، واللاعن ، لكل ما عند الطرف الآخر ، أو بعض ما عنده من : رجال ، وكتب ، وحديث ، ومواقف ..إلخ .
 وما اطلعت عليه منها وجدت في بعضه الحق ، أو شبهة حق تمسك فيها من نقلها . بعد أن أضاف إليها مما عنده من موروثات ، وما دفعته إليه العصبية والهوى [4] .
ولكن هل تبقى المواقف البائدة تتحكم فينا ، فنكون أحياء يحكمهم الأموات والقبور .
لا والله !! ما هذا اللائق بالعقلاء ، وأهل الإيمان ، والغيرة على الإسلام والمسلمين .
ومما شجعني على الدخول في هذا المشروع الخطير ما عرفته من كلام ربنا جل شأنه ، وحديث رسولنا rr ، وكلام علمائنا من الصحابة الكرام – ومنهم آل بيت النبي r - ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا .
وآخره ما سمعته من مرشد الجمهورية الإسلامية وقائدها الخامنئي عقب المؤتمر من خطبته الوداعية للوفود .
فقد تكلم بما ماثل وشابه ما قدم للمؤتمر ، من دعاة التقريب ، وما بحث وأقر في المؤتمر .
ولقوله أهمية كبرى عند أحد قسمي الأمة التي نريد توحيدها ، وتقريب مذاهبها .
وفي كلام رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيخ هاشمي رفسنجاني في افتتاح المؤتمر . فقد كان كلامه عن الوحدة والإشادة بكل دول العالم الإسلامي ، وإعذاره لهم عن مواقفهم – مع الاختلاف معهم – ودعوتهم للوحدة والاتحاد ، كان كلام رجل دولة ، يعرف ما يقول ، وكانت كلمته معبرة عما يجيش في صدر كل مؤمن بوجوب وحدة المسلمين .
 وأقول : بأن كل كلام يمكن أن يؤول أو يحمل على خلاف ما يريد صاحبه .. أو يحرف من الناقلين ، أو يساء فهمه من السامعين !
 ولكن مالنا ولهذا ، نحن نريد دفن الماضي .. والبناء من جديد على السليم من عقائدنا ، والمتفق عليه فيما بيننا .
 والمؤتمر مع أنه مؤتمر شعبي فقد لقي التأييد الواضح من القائد الخامنئي ، ومن رئيس جمهورية إيران ، وبعض الرسميين .
 وقد حمل مندوب سورية الدكتور الشيخ إبراهيم حسن النقشبندي تحيات سورية قيادة وحكومة وشعباً ، كما حضر حفل الافتتاح السفير السوري .
 وحضر ممثلون عن كبريات الجماعات الإسلامية في العالم مثل الباكستان ، والهند ، والمملكة الأردنية الهاشمية ، والمملكة المغربية ، والجاليات في أوروبة وأمريكا .
 ومثل الجماعة الإسلامية في لبنان سعادة الدكتور النائب فتحي يكن ، وكان لمذكرته ومداخلاته وكلمته باسم كل المشاركين في المؤتمر الأثر الطيب النافع الهادف . كما حضر من لبنان القاضي الدكتور مصطفى الرافعي ، وحال مرضه دون متابعة المناقشات بما هو مأمول منه لعلمه واطلاعه .
 وفي المؤتمر جرت المداولات بحرية حول النقاط الكبرى ، ولم يُدخل في التفاصيل لضيق الوقت ، وللرغبة في اللقاء على الأهداف ما أمكن ..غير أن بعض الحضور أدخل في كلامه جزئيات أوجبت الرد عليها وتوضيح المواقف منها .
 وهذه الجزئيات كانت - في حقيقتها - من التاريخ الماضي الذي كلنا شكونا منه ، ونراه سبب تفرقنا وتقطيع إخوَّتِنا الدهور الطويلة !!
 وكان في كلام ومداخلات الدكاترة فتحي يكن ، وفاروق النبهان ، وعدنان البخيت ، محمد القيسي ، والشيخين النقشبندي والمدني [5]، وفي مشاركتي ردَّ الحق إلى نصابه ، ووضع الأمور في مجراها الطبيعي .
 وكان الفضل في أكثر ذلك إلى القيادة الحكيمة التي تولاها الأمين العام لمجمع التقريب سماحة الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني ، وسماحة الشيخ التسخيري .
 وقد لاحظنا غياباً سنياً رسمياً ، وانعدام علماء وفقهاء المذاهب ، المراد التقارب معها !! ، مما دعاني للبحث مع المسؤولين عن المؤتمر في ذلك الأمر ، فتقرر إقامة مؤتمر فرعي في منطقة أذربيجان الغربية في بلدة ( أورمية ) الحدودية . وضم هذا المؤتمر عدداً كبيراً من علماء الأكراد ( الشافعية ) والأتراك ، والبلوخستان ، والتتار ، والتركمان ( الحنفية ) والعجم ( الشيعة ) . ووجدت هناك بين المشاركين والزوار بعض السلفيين الأثريين من خريجي المعاهد في سورية ، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة [6] .
 وفي هذا المؤتمر الفرعي كانت الأبحاث أوضح وأصرح لمشاركة أهل البلاد فيها ، ومعرفتهم بأمور بعضهم بعضاً . وكان من نتيجة ذلك ، أن رافقنا إلى طهران عدد كبير من أهل السنة والجماعة ، وشاركونا في جلسات المؤتمر . وفي نهاية المؤتمر استقبلهم مرشد الجمهورية الإيرانية بحضور رئيس الجمهورية ورئاسة القضاة وعدد من القيادات ، وبحث معهم في شؤون مناطقهم ومذاهبهم [7].
 وكانت الرحلة إلى أذربيجان موفقة بفضل الله ، ذهبت إليها مع مفتي الحسكة ، والشيخ آية الله معرفتي ، وهو من أعقل الناس ، ورغبته في تقريب المذاهب واضحة جلية صادقة ، والدكتور محمد حسن ( عميد كليات الإلهيات ) ، ومعنا الشيخ آية الله جنايتي وكانت الآراء التي طرحها – باللغة الفارسية وقصور في الترجمة ، مع أنه ورفاقه يحسنون العربية – محل ردات فعل عاجلة وسريعة من علماء تلك المناطق .
 ثم كان في كلامي المتواضع تصويب المسار ، وتصحيح ما أثاره والتقريب بين وجهات النظر ، ولكلمة فضيلة الشيخ النقشبندي الصدى المستحسن ، والحمد لله .
 وقد وجدنا من العلاَّمة الشيخ الموسوي مندوب القائد في المنطقة ، ومن سعادة المحافظ وباقي علماء الشيعة ، التجاوب الكبير .
 وحضر معنا نواب المنطقة في البرلمان الإيراني ومجلس الشورى ، من الأكراد طوال الوقت ، وكان لهم المشاركة والرأي في كل القضايا التي جرى تداولها .
 الأمر الذي دعاني لعقد الأمل على تجمعهم ووحدتهم في تلك المناطق التي أخرجت بطل الإسلام الفاتح صلاح الدين الأيوبي الكردي الذي حرر القدس وأكثر فلسطين ، ووحد الأمة . وأستاذه الممهد له الحاكم العادل التقي نور الدين محمود زنكي التركي ..لأقول لهم من كلام طويل :
 أنتم يا سكان هذه المنطقة عليكم الأمل معقود لنكون معكم في تحرير فلسطين مجدداً ، كما حررت على أيديكم سابقاً .
 ودعوتهم إلى التمسك بمذاهبهم ، والتعاون مع إخوانهم ، فإن الذوبان يضيع المقومات . ودعوتهم إلى العلم والتعلم في العقائد والفقه ، وجميع العلوم [8].
 بقي أن أقول لكم : بأن مناطقهم ما زالت مناطق حربية ، فالطرقات مخربة ، والمطار منسوف ، والسلاح ظاهر مكشوف !!
 وانتقلنا من طهران إلى مطار حربي قرب مدينة تبريز بطائرة حربية من مطار حربي قريب من طهران ، ثم قطعنا مسافة 100 كيلومتر في سيارات وعبر طرقات شبه معبدة ، وركبنا بعد ذلك في عبَّارة بالبحيرة لمدة نصف ساعة ، وهي بحيرة كبيرة طولها ( 125 ) كيلو متراً ، وماءها ملح أجاج ولا حياة فيها ، تشبه البحر الميت . وبعدها مشينا في طرق ترابية (60) كيلو متراً .
 ومن واجبي – الآن – أن أشكر الحكومة الإيرانية على ما أتاحته لنا في هذه الزيارة من الاجتماع بإخواننا أهل السنة والجماعة في مناطقهم الأصلية ، والحديث معهم بحرية وصراحة .
 ثم كانت الجلسة الخاصة بالبوسنة الهرسك – في طهران – وكانت أكثر دلالة على الوحدة الإسلامية من كل الجلسات .
 فقد كان اهتمام إخواننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالبوسنة والهرسك محل تقدير وإعجاب وشكر منا جميعاً ، حيث علمنا بالمساعدات الكبيرة التي ترسل لتلك البلاد مع الصعوبة في النقل ..ووقع في أذني : إن من جملة المساعدات شباب تطوعوا لمشاركة إخوانهم هناك في الدفاع عن الأرض والعرض وبقاء الدين في تلك الديار .
وإذا علمتم أن ليس في البلقان أي شيعي ..فإن ذلك يصرف النظر عن الظن المذهبي .
 وقد شارك في الحفل أطفال من البوسنة أحضروا من بلادهم بعد أن فقدوا الآباء والأمهات، كما وجدنا مجموعة من الشبان اضطرتهم الظروف للمغادرة للعلاج أو التدريب ، وكان لأناشيدهم الحماسية الأثر الكبير في الدموع التي انسكبت من كل العيون.
والأمل كبير – إن شاء الله – في القيام بالواجب الملقى على عاتقنا نحن العرب [99]نحو هذه الجبهة المتقدمة من الإسلام في أوربا .
 كما رأينا هناك في إيران وجوداً للحركة الفدائية الفلسطينية حماس ، وللمقاومة الإسلامية في لبنان ، وبعض المنظمات الجهادية المظلومة في بلادها ، وهذا كله يساعد على قيام الوحدة الإسلامية .
وأقول لكم إن المقررات لا تشمل تماما كل ما جرى في المؤتمر !  فإن بعض الأبحاث لم نتوصل فيها إلى نتائج تصاغ في فقرات [10] ولكنها بُحثت ، وسمع كل فريق ما عند الآخر ، وما لم يقبله ويتفق عليه أخذ بعين الاعتبار .
 ووجدت آراء كل فريق مؤيداً بل مؤيدين لها من الفريق الآخر – السني أو الشيعي – وهذه القضايا اجتمع لها ملا يقل عن خمسين عالماً إخصائياً بعلم ما من إخواننا الشيعة الكبار ، وكل واحد منهم بمنزلة ( مجتهد ) و ( حجة ) في العلوم الشرعية [11] .

([1]) بعضها تحت الاحتلال الفرنسي ، وباقيها تحت الاحتلال الانكليزي . وأدخل علينا فيها كيانان ماكان في سورية قبل ذلك . الأول : الكيان الصهيوني ، وقد عرفتم خطره ، وما وصلت حالنا معه الآن .
 والثاني : الانتشار الآثوري ( الآشوري ) والأرمني ، وتمكنت الأمة مع الزمن من تطويق خطرهما الكبير ، والمطلع يعرف ما كان من آثاره في الجزيرة السورية وشمال العراق .
([22]) وما ستحقق لنا يوم تحققها من سعة أرض ، وكثرة عدد ، وما ستتحكم به من طرق العالم واتصالاته براً وبحراً وجواً وهواءً ، وأهمية السوق التجاري لنا مع بعضنا ومع غيرنا ، ولا يخفى عليكم أننا أردنا إقامة سوق عربية قبل أوربا.‍ وقامت السوق الأوربية .. ومازالت السوق العربية حبراً على ورق ..والتجارة بين دول العرب . ودعونا من حديث النفط والمياه والمعادن ، ومالنا من مخزون ذلك .
([33]) وأنا وإن ذكرت المعوقات فإن وحدتنا قادمة ولن يقف في وجهها التعصب القومي ، ولا الأنظمة الاقتصادية ، ولا الإيديولوجيات المستوردة . فإنها لن تكون المعوقات في المستقبل . وهذا الاتحاد السوفيتي انهار أمام أعيننا ، وما أن أزاله الله حتى رجع المسلم إلى مسجده ، وكل ذي دين إلى دينه .
([4]) وفي بعضه تحميل كلام الخصم ما لا يحمل !! إن لم أقل غير ذلك .
([5]) وهو عالم متمكن من بلوخستان ، وهو موظف كبير في الرئاسة الدينية في الجمهورية الإيرانية .
([6]) فقلت لهم : يا مرحباً برائحة الأهل .
([77]) وقد نشرت الصحف أخبار تلك المقابلة ، وعلمت أن فخامة رئيس الجمهورية زار منطقتهم بعد أسبوعين ، وافتتح في ( أورمية ) عدداً من المدارس الشرعية ، وتم إصلاح المطار ، واجتمع مع زعماء الأكراد ، لتوحيد الجهود ومنع الاقتتال ، وممن بحث معهم في (أورمية ) الزعيم البرزاني . وفي طهران الزعيم الطالباني
([8]) كما بحثتُ معهم ومع الإدارة سبيل مدهم بكتب العلم من الحديث والفقه .
([99]) أنا أعلم أن هناك مساعدات مالية تقدم من بعض البلاد العربية ، ولكنني أرجو أن ترفد بمقومات البقاء الإسلامي الصحيح والعقيدة السليمة في تلك البقعة التي لم يبق للإسلام وجود في سواها !
([10]) ولعل أكبر سبب هو غياب فقهاء المذاهب السنية .
([111]) ومنهم على سبيل المثال الباحث الصلب الحجة مرتضى العسكري ، صاحب المؤلفات الكثيرة ، وقد أنست بمجالسته ، مع التباعد والاختلاف في الرأي.=======

صور من الغزو الفكري لسيد قطب التكفيري في العالم العربي الاءسلامي"==تكفير سيد قطب للمجتمعات"=====بيان مدى التوافق والانسجام بين فكر سيد قطب والروافض ==
يقول سيد في كتابه "معالم في الطريق":"وأخيراً؛ يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة!.وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار؛ لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا أنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضاً،ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها؛ فهي – وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله – تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها، وقيمها، وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها... وكل مقومات حياتها تقريباً!والله سبحانه يقول عن الحاكمين: [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ] ."
تصدي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى :" قلت : يلاحظ أن سيد قطب في هذا الموضع، وفي جميع كتاباته في "الظلال" وغيره؛ أنه لا يعبأ بشرك القبور، والغلو في أهل البيت وفي الأولياء بالاعتقاد بأنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، وبتقديم القرابين لهم، وإراقة الدموع والخشوع عند عتباتهم، ودعائهم والاستغاثة بهم لكشف الكروب وإزالة الخطوب، وشد الرحال والحج إلى قبورهم، والطواف بها، والاعتكاف حولها، وإقامة الأضرحة والمشاهد، وتشييد القباب بالأموال الطائلة لها، وغير ذلك من التصرفات.
ولا يحاسب الناس إلا على مخالفة الحاكمية، ولا يدور في تفسيره لـ (لا إله إلا الله) إلا على الحاكمية والسلطة والربوبية؛ مفرغاً لا إله إلا الله عن معناها الأساسي الذي جاءت به جميع الكتب وجميع الرسل، ودان به علماء الإسلام مفسرون ومحدثون وفقهاء، ولا يكفر الناس إلا بالعلمنة وما تفرع عنها، ويبالغ في هذا أشد المبالغة؛ لأنها ضد الحاكمية في نظره، ويرمي المجتمعات الإسلامية بالكفر من هذا المنطلق، فيكون كلامه حقاً في العلمانيين فعلاً، وهم قلة في المجتمع، ويكون كلامه باطلاً وظلماً بالنسبة للسواد الأعظم من الناس؛ فإن كثيراً منهم يعادون العلمنة، ويبغضون أهلها إذا عرفوهم بذلك، وكثير منهم لا يعرفون هذه العلمنة، فهم مسلمون في الجملة، وعندهم خرافات وبدع، فإذا عُرِّفوا بها؛ حاربوها وأهلها حاكمين أو محكومين، أحزاباً أو أفراداً.
وبالجملة ؛ فسيد سلك مسلكاً في تكفير الناس لا يقره عليه عالم مسلم ؛ يرسل الكلام على عواهنه في باب الحاكمية، ويكفر عامة الناس بدون ذنب وبدون إقامة حجة وبدون التفات إلى تفصيلات العلماء في هذا الباب، هذا من جهة. ولا يعبأ بشرك القبور الذي يرتكبه الروافض وغلاة الصوفية ومن تابعهم من جهة أخرى، ولا يرى – في هذا الموضوع وفي كثير من المواضع – هذه الشركيات منافية لمعنى لا إله إلا الله!.
لذا ترى الخوارج والروافض وكثيراً من أهل البدع والأهواء يرحبون بمنهجه وبكتبه، ويفرحون ويعتزون بها، ويستشهدون بأقواله وتفسيراته، وإني لأرجو لكل مسلم صادق في دينه، خصوصاً الشباب الذين انخدعوا بمنهج سيد قطب أن يمن الله عليهم بجوده وفضله، فيدركوا ما وقعوا فيه من خطأ وبعد عن فقه الكتاب والسنة، وفقه سلف الأمة، فيعودوا إلى رحاب الحق والعلم والفهم الصحيح. " انتهى من أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره
بيان أن منطلق الحكم على المجتمعات الإسلامية عند سيد وداعش هو نفس المنطلق وتصدي الشيخ ربيع له
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى : " قال سيد عند آية " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ " ، وذكر الشرك الخفي: وهذا الشرك الواضح الظاهر، وهو الدينونة لغير الله في شأن من شؤون الحياة، الدينونة في شرع يتحاكم إليه، وهو نص في الشرك لا يجادل عليه، والدينونة في تقليد من التقاليد؛ كاتخاذ أعياد ومواسم يشرعها الناس ولم يشرعها الله، والدينونة في زي من الأزياء يخالف ما أمر الله به من الستر، ويكشف أو يحدد العورات التي نصت شريعة الله أن تستر.
والأمر في مثل هذه الشؤون يتجاوز منطقة الإثم والذنب بالمخالفة حين يكون طاعة وخضوعاً ودينونة لعرف اجتماعي سائد من صنع العبيد، وتركاً للأمر الواضح الصادر من رب العبيد... إنه عندئذ لا يكون ذنباً، ولكنه يكون شرعاً؛ لأنه يدل على الدينونة لغير الله فيما يخالف أمر الله... وهو من هذه الناحية أمر خطير... ومن ثم يقول الله: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ" .
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى متصديا لكلام سيد : " وفي هذا الكلام أمران خطيران: أولهما: تكفير المجتمعات الإسلامية بالمعاصي والمخالفات الواقعة في العادات والتقاليد والأزياء، وهذا المذهب أشد وأخطر من مذهب الخوارج."
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى : " انظر قوله: "... فهذا كان مبلغ تصورهم لها (أي: الأصنام)... مجرد شفعاء عند الله... وما كان شركهم الحقيقي من هذه الجهة، ولا كان إسلام من أسلم منهم متمثلاً في مجرد التخلي عن الاستشفاع بهذه الأصنام، وإلا؛ فإن الحنفاء الذين اعتزلوا عبادة الأصنام هذه وقدموا لله وحدة الشعائر ما اعتبروا مسلمين"!انتهى كلام سيد
تصدي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى ؛ " أقول: هذه حال معظم الأنبياء والرسل وأممهم، حيث لم تكن لهم دول ولا حكومات، ويأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرهيط، والرجل، والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد...وهذا يكشف لنا سر تهاون سيد قطب بالشرك الأكبر، الشرك الاعتقادي، شرك القبور، والشرك في العبادة، الذي حاربه الرسل جميعاً، والذي هو محور الصراع بينهم وبين أقوامهم. ومن موقف سيد قطب هذا من عبادة الأوثان ندرك أنه أقل حساسية وأقل مبالاة ضد عبادة الأوثان من الروافض والقبوريين؛ لأن هؤلاء لا يشكون ولا يترددون في الحكم على عبادة الأوثان أنها أعظم الذنوب، وأنها الشرك الأكبر، ولا يهونون من شأنه؛ مثل سيد، أما سيد؛ فحاله وموقفه كما رأيت مع الأسف الشديد.ومن هنا ندرك سر اهتمام أتباعه بالسياسة والحاكمية، وتجنيدهم كل طاقاتهم وإمكاناتهم في سبيلهما، وتوجيه الأمة لهما، ورمي من اشتغل بغيرهما من التوحيد وفروض الأعيان والكفايات من أمور الإسلام بالعلمنة، واستخفافهم بدعاة التوحيد وإخلاص العبادة لله على طريقة الرسل عليهم الصلاة والسلام، واتباعاً لتوجيهات القرآن الكريم المنزل من رب العالمين، يستخفون بهم وبدعوتهم، ويعتبرون ذلك من الانشغال بالجزئيات، ويسمون الشرك الأكبر بالشرك البدائي والشعبي، وما يسمونه هم شركاً ويتخيلونه بالشرك الحضاري، ويلبسون على الناس دينهم وعقائدهم، ويزعمون لهم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما كانوا على منهج قطب وأمثاله، همهم الأكبر ودعوتهم الأساسية إنما هما الصراع السياسي والمصارعة على الكراسي، ومحاربة القصور لا الأوثان والقبور، فاللهم أنقذ دينك وأمة الإسلام من هذا الخبط والتلبيس والحيل والتدليس."
تنبيه : ومن هؤلاء الاتباع عبدالرحمن عبدالخالق !!
حكم سيد قطب على المجتمعات الإسلامية بأنها مجتمعات مرتدة، وأنها أشد عذاباً عند الله من الكفار الأصليين والعاقل يراه هو عين الحكم الذي تقول به داعش وتصدى الشيخ ربيع حفظه الله تعالى .
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى : " قال سيد:"لقد استدار الزمان كهيئة يوم جاء هذا الدين إلى البشرية، وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوم جاءها الإسلام مبنياً على قاعدته الكبرى: (شهادة أن لا إله إلا الله)... شهادة أن لا إله إلا الله بمعناها الذي عبر عنه ربعي بن عامر رسول قائد المسلمين إلى رستم قائد الفرس وهو يسأله: ما الذي جاء بكم؟ فيقول: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام… وهو يعلم أن رستم وقومه لايعبدون كسرى بوصفه إلهاً خالقاً للكون "، ولا يقدمون له شعائر العبادة المعروفة، ولكنهم إنما يتلقون منه الشرائع، فيعبدونه بهذا المعنى الذي يناقض الإسلام وينفيه، فأخبره أن الله ابتعثهم ليخرجوا الناس من الأنظمة والأوضاع التي يعبد العباد فيها العباد، ويقرون لهم بخصائص الألوهية – وهي: الحاكمية، والتشريع والخضوع لهذه الحاكمية، والطاعة لهذا التشريع، وهي الأديان -... إلى عبادة الله وحدة وإلى عدل الإسلام.لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ (لا إله إلا الله)؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله؛ دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم، وهي مرادف الألوهية، سواء ادعوها كأفراد، أو كتشكيلات تشريعية، أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة، فليس لها إذن حق الحاكمية... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء... البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله؛ بلا مدلول ولا واقع... وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد – من بعد ما تبين لهم الهدى – ومن بعد أن كانوا في دين الله! فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلاً أمام هذه الآيات البينات "
ويقول سيد:"إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها هذا العذاب: " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ "؛ إلا بأن تنفصل هذه العصبة عقيدياً وشعورياً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله لها بقيام (دار إسلام) تعتصم بها، وإلا أن تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة، وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت فيه، جاهلية وأهل جاهلية، وأن تفاصل قومها على العقيدة والمنهج، وأن تطلب بعد ذلك من الله أن يفتح بينها وبين قومها بالحق وهو خير الفاتحين".
ويقول سيد:"إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي".
ويقول سيد:"فأما اليوم؛ فماذا؟! أين هو المجتمع المسلم الذي قرر أن تكون دينونته لله وحده، والذي رفض بالفعل الدينونة لأحد من العبيد، والذي قرر أن تكون شريعة الله شريعته، والذي رفض بالفعل شريعة أي تشريع لا يجيء من هذا المصدر الشرعي الوحيد؟ لا أحد يملك أن يزعم أن هذا المجتمع المسلم قائم موجود!" انتهى كلام سيد
تصدي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى له ؛ " نقول: ليس بعد هذا التكفير العنيف شيء مع معاصرته لجهاد السلفيين في الجزيرة، وإقامتهم دولة إسلامية على التوحيد والكتاب والسنة، ومعاصرته للسلفية في الهند تجاهد بالسيف وفي ميدان الدعوة، وأهلها يقدرون بالملايين، وكذلك دعوة التوحيد كانت قائمة في مصر في عصره على أيدي السلفيين أنصار السنة، والرجل لا يعد هذه المجتمعات إسلامية."
تعليق : انظر رعاك الله إلى نظرة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى إلى الشعوب المسلمة تعلم حق اليقين أن قول عبدالرحمن عبدالخالق : " داعش والمداخلة وجهان لعملة واحدة " ظلم وبهتان !!
بيان أن تفجير مساجد المسلمين لدى داعش مبني على رؤية سيد لمساجد المسلمين بأنها معابد جاهلية وتصدي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى لهذا الفكر .
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى : " اعتبار سيد قطب مساجد المسلمين معابد جاهلية إنطلاقاً من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهلية:
قال سيد قطب في تفسير قول الله تعالى: " وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ " ؛ قال : وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية، وهما ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات، ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية، ولكن التجارب ماتزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة، وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئاً كثيراً في ساعة الشدة. وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة، ليست خاصة ببني إسرائيل، فهي تجربة إيمانية خالصة، وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي، وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة، وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة، وهنا يرشدنا الله إلى أمور:
1 – اعتزال الجاهلية نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك، وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها، حتى يأتي وعد الله لها.
2 – اعتزال معابد الجاهلية، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم في جو العبادة الطهور".انتهى كلام سيد
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى متصديا لهذا الكلام : " فأي تكفير بعد هذا؟! وقد ينظر هذا الرجل إلى بعض الأعمال الإسلامية، وإلى المعتقدات الإسلامية الصحيحة، فيراها جاهلية وضلالاً!!. أليس هذا منه سعياً في تخريب مساجد الله، وتعطيل أعظم شعائر الإسلام؟!
هذا الرجل؛ لو عاش في بلاد التوحيد؛ لرآها تعيش في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء. " انتهى من أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره .
تعليق : صحيح أن سيدا قد مت ولكن فكره مازال حيا ؛ ولهذا السبب رأينا تلك التفجرات الفاجرة لمساجد المسلمين - كمسجد أبها - فانظر رعاك الله لفراسة الشيخ حفظه الله تعالى .
بيان أن فكر التفجير والافساد الذي تسير عليه داعش وليد من سيد قطب وتصدي الشيخ ربيع حفظه الله تعالى له .
قال سيد في كتابه لماذا أعدموني : " غير أن جلساتي معهم كانت محدودة بحكم قصر المدة التي اتصلوا بي فيها فهي في مجموعها إذا استبعدنا الفترات التي كنت مشغولا فيها أو مريضا أو بعيدا عن القاهرة لا تزيد على ستة أشهر ولا تحتمل أكثر مما يتراوح بين عشرة واثنى عشر اجتماعا ، لا يتسنى فيها إلا القليل وبعضها كان يشغل بمسائل عملية أخرى تختص بموقف التنظيم من بقية الإخوان كما تتعلق بمسائل التدريب وأسلحته "
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى متصديا لهذا الكلام : " لا يدرب سيد قطب هؤلاء ويسلحهم إلا لإحداث المذابح والفتن في بلدان المسلمين وعملهم هذا مرفوض في أي بلد كان .فهل درب أحد من الأنبياء الكرام أتباعه مثل هذا التدريب وسلحهم لمثل أهداف سيد قطب .كان فرعون في بلاد مصر وهو أكبر طاغية قال الله تعالى في شأن موسى وشأنه ( نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم أنه كان من المفسدين ، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) (القصص) وقال تعالى (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك ، قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ، قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ماجئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون )الأعراف انظر : هناك علو في الأرض وإفساد وجعله أهل مصر شيعا ، ومضاعفة الطغيان والعلو على بني إسرائيل يستضعفهم فيقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم ، يقابله من نبي الله وصفيه وكليمه موسى أمر بني إسرائيل بالاستعانة بالله والصبر على الطغيان والشدائد ومواجهة المذابح ويعدهم بأن العاقبة للمتقين والرجاء في الله أن يهلك عدوهم وأن يستخلف بني إسرائيل في الأرض. والله يريد أن يمن على هؤلاء المستضعفين وأن يجعلهم أئمة ، وأن يمكن لهم في الأرض ، كل ذلك جزاء صبرهم على الظلم والطغيان وجزاء تقواهم لله واستعانتهم به على هذا العدو الطاغي المتجبر . وحقق الله لهم وعده وحقق ما كان يرجوه كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام . والله ما قص علينا هذه القصص إلا لنعتبر ونستفيد منها ونتأسى بالأنبياء في الصبر والثبات ورجاء النصر على الأعداء ولا يرضى سلوك أهل الضلال والجهل في التخريب والتدمير وسفك دماء المسلمين من نساء وأطفال وإهلاك حرثهم ونسلهم كما فعل أتباع سيد قطب في أفغانستان والجزائر والسودان واليمن واليوم في المملكة والمغرب وغيرها وكل ذلك منهم بغي وظلم وعدوان على الضعفاء والمساكين والنساء والأطفال فكم هي الفروق الهائلة بين منهج سيد قطب وأتباعه وبين الأنبياء وأتباعهم " انتهى من فكرة عن كتاب لماذا أعدموني
وقال سيد أيضا : " كنا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم أو إقامة النظام الإسلامي وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم الذي سيسير على منهج تعليم العقيدة وتربية الخلق وإنشاء قاعدة للإسلام في المجتمع "
فتصدى له الشيخ ربيع حفظه الله تعالى قائلا : " أي عقيدة وأي خلق وأي قاعدة ومنهج التي يربي عليها سيد قطب ، لينظر المسلم العاقل ماذا يعاني الإسلام والمسلمون من منهج سيد قطب وعقائده وتربيته وتربية من يحمل هذا المنهج ."
وقال سيد أيضا : " وتقرر الإسراع في تدريبهم نظرا لما كانوا يرونه من أن الملل يتسرب إلى نفوس الشباب إذا ظل كل زادهم هو الكلام من غير تدريب وإعداد "
تنبيه من الشيخ ربيع حفظه الله تعالى : " ما هي الغاية من السرعة بالتدريب والإعداد ."
قال سيد : " ثم تجدد سبب أخر فيما بعد عندما بدأت الإشاعات ثم الاعتقالات بالفعل لبعض الإخوان .. وأما السلاح فكان موضوعه له جانبان :الأول : أنهم أخبروني – ومجدي هو الذي كان يتولى الشرح في هذا الموضوع – أنه نظرا لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب فقد أخذوا في محاولات لصنع بعض المتفجرات محليا "
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى موضحا وناصحا : " هكذا قنابل ومتفجرات محليا ! وانظر كيف وإلى أي مدى وصلت في رفع شأن الإسلام وحماية المسلمين فهل ترى شبيهاً لدعوة سيد قطب في سيرة الأنبياء أو المصلحين ودعواتهم "
قال سيد : " وأن التجارب نجحت وصنعت بعض القنابل فعلا ولكنها في حاجة إلى التحسين والتجارب مستمرة ...
والثاني : أن علي عشماوي زارني على غير ميعاد وأخبرني أنه كان منذ حوالي سنتين قبل التقائنا قد طلب من أخ في دولة عربية قطعا من الأسلحة حددها له في كشف ، ثم ترك الموضوع من وقتها والآن جاءه خبر أن هذه الأسلحةسترسل وهي كميات كبيرة حوالي عربية نقل وأنها سترسل عن طريق السودان مع توقع وصولها في خلال شهرين "
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى متصديا لهذا الفكر المفسد الذي تسير عليه داعش اليوم : " انظر كيف يهرب الإخوان المسلمون الأسلحة لتقتيل المسلمين وللإفساد في الأرض فإذا انتقد انحرافهم أحد قالوا تتركون الكفار والعلمانيين وتتكلمون على الدعاة الإسلاميين ، فبيان أخطائهم جريمة وتذبيحهم للمسلمين هنا وهناك جهاد إسلامي وسعي لإعلاء الإسلام والمسلمين !!! "
فهل يملك عبدالرحمن عبدالخالق مثل هذه الردود في محاربة الخوارج وفكرهم ؟!
====
انحرافات سيد قطب العقدية
ــ تفسير كلام الله بالموسيقى والأنغام والأناشيد .
ــ القول بخلق القرآن .
ــ طعنُه في نبي الله موسى عليه السلام .
ــ طعنه في الصحابة رضي اله عنهم .
ــ القول بوحدة الوجود .
ــ تفسيره الاستواء بالهيمنة .
ــ وصفه اله سبحانه بالالتفات .
ــ رده لأحاديث الآحاد في العقيدة .
ــ تكفيره للمجتمعات الإسلامية .
ــ شذوذه ومخالفته العلماء في تفسير معنى لا إله إلا الله .
ــ جعله الخلاف في قضية الربوبية .
ــ الإسلام في نظره يصوغ مزيجاً من النصرانية والشيوعية .
ــ القول بحرية العقيدة .
ــ الاستهزاء بكتب السنة ووصفها بالصفراء .
ــ الاستهزاء بعلماء السنة ووصفهم بالدراويش .
ــ اشتراكية سيد قطب .
ــ التربية على القيام بالانقلابات والثورات .
ــ العبادة عنده ليست وضيفة حياة .
ــ وشهد شاهد من أهله .
إعداد القسم العلمي بمكتبة الفرقان
المركز الرئيسي
الإمارات العربية المتحدة – عجمان , ص.ب : 20288
صور من الغزو الفكري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اتبع هداه . أما بعد : أخي يا من تريد سبيل السنة , والنجاة من البدع والحزبيات , هذه بعض الأقوال جُمعت لك لتكون على بينة من أمرك , وبصيرة في دينك , ولتحذر من الوقوع في هذا الغزو الفكري الآثم , الذي تمتلأ به كتب من يُعرف بالمفكرين الإسلاميين أمثال سيد قطب الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ( وقد أفتى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قبل وفاته بسنتين , بأن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ من الاثنتين والسبعين فرقة الهالكة كما ورد في حديث افتراق الأمة من شريط شرح المنتقى ) وسيد قطب حذر منه علماء السنة الكبار أمثال الشيخ بن باز والشيخ العثيمين والشيخ صالح الفوزان ( راجع شريط أقوال العلماء في مؤلفات سيد قطب تسجيلات منهاج السنة بحي السويدي بالرياض ) ومن الأمثلة على بدعه وانحرافاته العقدية :
( تفسير كلام الله بالموسيقى والأنغام والأناشيد )
1- قال سيد قطب في كتابه (في ظلال القرآن ) ( الطبعة 25 عام 1417 هـ ) عند تفسيره لسورة النجم (:( 3404/66 هذه السورة في عمومها كأنها منظومة موسيقية علوية منغّمة يسري التنغيم في بنائها اللفظي كما يسري في إيقاع فواصلها الموازنة المُقفاة ).
2- وقال في تفسير سورة النازعات (6/3811) : يسوقه في إيقاع موسيقي ) ثم قال بعد ذلك (فيهدأ الإيقاع الموسيقي ).
3- وقال عن سورة العاديات (6/3957) : والإيقاع الموسيقي فيه خشونة ودمدمة وفرقعة !!).
4- قال في الظلال (5/3018) : إن داود الملك النبي , كان يخصص بعض وقته للتصرف في شؤون المُلك , وللقضاء بين الناس , ويخصص البعض الآخر للخلوة والعبادة وترتيل أناشيده تسبيحاً لله في المحراب ).
القول بخلق القرآن
1- قال في الظلال 1/38 متحدثاً عن القرآن :( والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعاً وهو  مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس ).
2- وقال في ضلاله 5/2719 بعد أن تكلم عن الحروف المقطعة :( ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها مثل  هذا الكتاب ,لأنه من صنع الله لا من صنع إني إنسان ).
3- وقال في تفسير سورة ص 5/3006 : وهذا الحرف صاد يقسم به الله سبحانه , كما يقسم بالقرآن ذي الذكر , وهذا الحرف من صُنعة الله فهو موجده , موجده صوتاً في حناجر البشر ).
قال الشيخ عبدالله الدويش رحمه الله في كتابه المورد الزلال في التنبيه على أخطاء تفسير الظلال رداً على هذا الكلام ص180 : وقوله هذا الحرف من صنعة الله وموجده , هذا قول الجهمية والمعتزلة القائلين أن القرآن مخلوق , وأما أهل السنة فيقولون القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ).
4- وقال في كتابه الظلال 4/2328 : ( إن القرآن ظاهرة كونية كالأرض والسماوات ).
طعنُه في نبي الله موسى عليه السلام
قال في كتابه التصوير الفني في القرآن ص200 : ( لنأخذ موسى إنه مثال للزعيم المندفع العصبي المزاج ....).
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقاً على هذا الكلام : ( الاستهزاء بالأنبياء ردَّة مستقلة ).من شريط أقوال العلماء في مؤلفات سيد قطب تسجيلات منهاج السنة السمعية بالرياض
طعنه في الصحابة رضي اله عنهم
1- قال في كتابه العدالة الاجتماعية ص206 : ( ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله , وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما ) نسأل الله العافية .
2- قال في كتب وشخصيات ص242 : ( إن معاوية وزميله عَمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس , وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب , ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح , وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع . وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل فلا عجب ينجحان ويفشل , وأنه لفشل أشرف من كل نجاح ).
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقاً على هذا الكلام : كلامٌ قبيح , هذا كلامٌ قبيح , سب لمعاوية , وسب لعمرو بن العاص ). وقال عن هذه الكتب ( ينبغي أن تمزق ) من شريط أقوال العلماء مؤلفات سيد قطب : تسجيلات منهاج السنة بالرياض .
3- تكفيره للصحابي أبو سفيان رضي الله عنه , قال ( أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ , والذي لم يُسلمِ إلا وقد تقررت غلبة الإسلام , فهو إسلام الشَفة واللسان لا إيمان القلب والوجدان , وما نفذ الإسلام إلى قلب ذاك الرجل ) المرجع : مجلة المسلمون العدد الثالث سنة 1372هـ .
القول بوحدة الوجود
قال في الظلال عند تفسير سورة الإخلاص 6/4002 ( إنه أحدية الوجود , فليس هناك حقيقة إلا حقيقته , وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده , وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي , ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية وهي من ثَمَّ أحدية الفاعلية فليس سواه فاعلاً لشيء أو فاعلاً في شيء في هذا الوجود أصلاً , وهذه عقيدة الضمير , وتفسير للوجود أيضاً ) قال الشيخ محمد صال ح العثيمين رحمه الله رداً على سؤال عن تفسير الظلال في مجلة الدعوة عدد 1591في9/1/1418هـ فكان في جوابه : ( قرأت تفسيره لسورة الإخلاص وقد قال قولاً عظيماًَ فيها مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة حيث إن تفسيره لها يدل على أنه يقول بوحدة الجود وكذلك تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة والسيطرة ).
تفسيره الاستواء بالهيمنة
قال في سورة طه 4/2328 عند قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) قال :( وهو المهيمن على  الكون كله ( على العرش استوى ) والاستواء على العرش كناية عن غاية السيطرة الاستعلاء ). قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقاًُ على كلامه : معناه إنكار الاستواء المعروف وهو العلو على العرش وهذا باطل يدل على انه مسكين ضائع في التفسير ) من شريط أقوال العلماء مؤلفات سيد قطب : تسجيلات منهاج السنة بالرياض .
وصفه اله سبحانه بالالتفات
قال في الظلال 6/3936 : ( إن الله عز وجل جل جلاله العظيم الجبار القهار المتكبر , مالك الملك كله , قد تكرم في عليائه فالتفت إلى هذه الخليقة المسماة بالإنسان ).
رده لأحاديث الآحاد في العقيدة
قال في الظلال 6/4008 : ( وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة والمرجع هو القرآن ).
تكفيره للمجتمعات الإسلامية
1- قال في الظلال 4/2122 : ( إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي ). ومعنى كلامه أن بلاد الحرمين التي تُحكِّم شرع الله ليست دولة مسلمة !!.
2- وقال في الظلال 3/1634 : ( إن المسلمين الآن لا يجاهدون ! ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون !.. إن قضية وجود الإسلام وجود المسلمين هي التي تحتاج اليوم إلى علاج ).
3- وقال في الظلال 2/1057 : ( لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله , فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منهم يردد على المآذن لا إله إلا الله ...).
4- وقال أيضا في الظلال 4/2009 : ( إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم ).
شذوذه ومخالفته العلماء في تفسير معنى لا إله إلا الله
1- قال في الظلال 5/2707 في سورة القصص عند قوله تعالى ( وهو الله لا إله إلا هو ) : ( أي فلا شريك له في خلقٍ ولا اختيار ) ففسَّر معناها بتوحيد الربوبية تاركاً معناها الذي يجب أن تفسر به في الدرجة الأولى وهو توحيد الألوهية .
2- قال في العدالة الاجتماعية ص182 : ( إن الأمر المستيقن في هذا الدين : أنه لا يمكن أن يقوم في الضمير عقيدة ولا في واقع الحياة ديناً إلا أن يشهد الناس أن لا إله إلا الله أي : لا حاكميه إلا لله , حاكميه تتمثل في شرعه وأمره ). ففسَّرها بتوحيد الحاكمية فقط .
جعله الخلاف في قضية الربوبية
قال في الظلال عند تفسيره سورة هود 4/1846 : ( فقضية الألوهية لم تكن محل خلاف !! إنما قضية الربوبية هي التي كانت تواجهها الرسالات !! وهي التي كانت تواجهها الرسالة الأخيرة ).
الإسلام في نظره يصوغ مزيجاً من النصرانية والشيوعية
قال في كتابه المعركة ص61 : ( ولا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافها جميعاً ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال ).
وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله عن هذا الكلام فقال :( نقول له : إن المسيحية دين مُبدَّل  مُغيّر من جهة أحبارهم ورهبانهم , والشيوعية دينٌ باطل لا أصل له في الأديان السماوية والدين الإسلامي دين من الله عز وجل منزل من عنده لم يبدل ولله الحمد , قال الله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ومن قال إن الإسلام مزيج من هذا وهذا فهو إما جاهل بالإسلام , وإما مغرور بما عليه الأمم الكافرة من النصارى و الشيوعيين ) كتاب العواصم للشيخ ربيع حفظه الله ص22 .
القول بحرية العقيدة
قال في كتابه دراسات إسلامية ص13 : سواء كانت ثورة على طاغوت التعصب الديني وذلك منذ إعلان حرية الاعتقاد في صورتها الكبرى , قال : تعالى : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) وقال تعالى ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) لقد تحطم طاغوت التعصب الديني لتحل محله السماحة المطلقة , بل لتصبح حماية حرية العقيدة وحرية العبادة واجباً مفروضاً على المسلم لأصحاب الديانات الأخرى في الوطن الإسلامي ).
وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله : نسمع ونقرأ كلمة حرية الفكر وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد , فما تعليقكم على ذلك ؟
فأجاب : تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد , يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر , لأن كل من أعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم , فإنه كافر بالله عز وجل يُستتاب , فإن تاب وإلا وجب قتله ).
من مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين 3/99.
الاستهزاء بكتب السنة ووصفها بالصفراء
قال في كتابه معركة الإسلام والرأسمالية ص64 : ( وكل هذه الشُبهات كان يكفي في جلائها مجرد المعرفة الصحيحة للحقائق التاريخية والاجتماعية للإسلام , أي أن يتلقى الجيل ثقافة حقيقية لائقة ... أجل لائقة... وليست هذه الثقافة عسيرة كما يتصور الكثيرون , حين يتصورون الكتب الصفراء ).
الاستهزاء بعلماء السنة ووصفهم بالدراويش
قال في معركة الإسلام والرأسمالية ص69 : ( هناك آخرون يتصورون أن حكم الإسلام معناه حكم المشايخ والدراويش ’ من أين جاءوا بهذا التصور ؟).
اشتراكية سيد قطب
قال في كتابه معركة الإسلام والرأسمالية ص39-40 : ( بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعاً , وتعيد توزيعها على أساس جديد , ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبررها لأن دفع الضرر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد ). قلت : وهذه الاشتراكية بعينها !!.
التربية على القيام بالانقلابات والثورات
1- قال في العدالة الاجتماعية ص160 ( وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان , واختلط فيها الحق والباطل , والخير والشر . ولكن لا بد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام , ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرر أن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام ).
2- قال في الظلال 3/1451 : ( وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها , واستبدالها بها ..وهذه المهمة ..مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصر في قُطرً دون قطر ’ بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه , أن يَحدُث هذا الانقلاب الشامل في جميع المعمورة , هذه غايته العليا ومقصده الأسمى . الذي يطمح إليه ببصره , إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نُظم الحكم في بلادهم التي يسكوننها ).
3- قال في العدالة الاجتماعية ص210 : ( لا بد من إدراك البواعث الحقيقية لتصرفات الناس من خلال هذه الحياة التاريخية الإسلامية , وعلاقة هذه البواعث بالحوادث والتطورات والانقلابات , ولا بد من ربط هذا كله بطبيعة العقيدة الإسلامية وما فيها من روح =====ردُّ علي الحلبي القديم على صنيع منتداه الأثيم!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
أقول:
خلاصة هذه المحاورة ثلاثة أمور:
الأول: مسألة الشدة في الردود، وهذه قد أجاب عنها الشيخ الألباني رحمه الله نفسه بعد أن وِصف بمثل هذا الوصف من أفاضل أهل العلم في زمانه بسبب بعض ردوده، وانظر غير مأمور مقالي [جواب الشيخ الألباني رحمه الله على مَنْ وصف بعض ردوده بــ (الشدة)].
الثاني: مسألة الهجر في هذا الزمان، وقد فصَّلتُ فيها القول أيضاً، وحررتُ مذهب الأئمة الثلاثة في مقالي [البرهان في نقض دعوى أنَّ الأئمة الثلاثة لا يرون هجر المبتدعة في هذا الزمان]، فليراجعه من شاء التفصيل.
الثالث: نسبة تكفير المجتمعات لسيد قطب؛ وهذه مدار موضوعنا في هذا المقال.
فأقول:
إنَّ من أغرب صنائع هؤلاء المميعة أنهم يعدون أحكام العلماء في الأعيان من قبيل مسائل الاجتهاد غير الملزمة!، وأنَّه ثمة فرق بين (حكم الثقة) و (خبر الثقة)!؛ فالأول غير ملزم والثاني ملزم لكنه يحتاج إلى تثبت!، وأنَّ الجرح المفسَّر المعتبر المقنع للجميع – سوى المجروح والمدافع عنه أو مزكيه – لا يلزم قبوله من الجميع ولو ثبت بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة!، وهذا كله دونته موثَّقاً عنهم في عدة مقالات في الرد عليهم، فليراجع من أحب كتاب [البراهين العتيدة في كشف أحوال وتأصيلات علي الحلبي الجديدة]، أو ملخصه: [إجابة السائل في تلخيص مخالفات علي الحلبي والرد عليه في الأصول والمسائل].
==
أم أنه يجب قبول وصف الشيخ الألباني لأسلوب الشيخ ربيع، ولا يجب قبول وصفه لعلمه وجهاده؛ يعني على طريقة: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ))؟!

وأما مسألة (تكفير سيد قطب للمجتمعات)
فلنا أن نسأل هؤلاء المميعة سؤالاً صريحاً – وعسى ألا يكون لهم محرجاً -:
هل سيد قطب يكفِّر المجتمعات التي يصفها بالجاهلية أم لا؟!
فإنْ كان جوابهم: لا يكفِّر المجتمعات!!!
عرفنا سرَّ العلاقة الجديدة مع (محمد إبراهيم شقرة) وآثارها على القوم!، وقد دافع هذا الأخير عن سيد قطب في مواضع عدة من كتابه [سيد قطب بين الغالين فيه والجافين عنه]!!.
==
شهادة سيد قطب على نفسه
قال سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق": ((وأخيراً؛ يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة!، ... وإذا تعين هذا؛ فإنَّ موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها)).
وقال: ((ثم أن يتجمَّع هؤلاء الذين يشهدون أن لا إله إلا الله على هذا النحو وبهذا المدلول في تجمع حركي بقيادة مسلمة، وينسلخوا من التجمع الجاهلي وقيادته الجاهلية!، وهذا ما ينبغي أن يتبينه الذين يريدون أن يكونوا مسلمين، فلا تخدعهم عن حقيقة ما هم فيه خدعة أنهم مسلمون اعتقاداً وتعبداً؛ فإنَّ هذا وحده لا يجعل الناس مسلمين ما لم يتحقق لهم أنهم يفردون الله سبحانه بالحاكمية، ويرفضون حاكمية العبيد، ويخلعون ولاءهم للمجتمع الجاهلي ولقيادته الجاهلية)).
وقال: ((فإنَّ الحنفاء الذين اعتزلوا عبادة الأصنام هذه وقدَّموا لله وحدة الشعائر ما اعتبروا مسلمين)).
وقال: ((والمسألة في حقيقتها مسألة كفر وإيمان، مسألة شرك وتوحيد، مسألة جاهلية وإسلام، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحاً، إنَّ الناس ليسوا مسلمين كما يدَّعون، وهم يحيون حياة الجاهلية، وإذا كان فيهم من يريد أن يخدع نفسه، أو يخدع الآخرين، فيعتقد أنَّ الإسلام ممكن أن يستقيم مع هذه الجاهلية، فله ذلك، ولكن انخداعه أو خداعه لا يغيِّر من حقيقة الواقع شيئاً، ليس هذا إسلاماً، وليس هؤلاء مسلمين)).
وقال سيد قطب تحت عنوان (حاضر الإسلام ومستقبله): ((ونحن ندعو إلى استئناف حياة إسلامية في مجتمع إسلامي تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي كما تحكم الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي، ونحن نعلم: أنَّ الحياة الإسلامية – على هذا النحو – قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأنَّ وجود الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك. ونحن نجهر بهذه الحقيقة الأخيرة على الرغم مما قد تحدثه من صدمة وذعر وخيبة أمل ممن لا يزالون يحبون أن يكونوا مسلمين...، نرى أنَّ الجهر بهذه الحقيقة المؤلمة – حقيقة: أنَّ الحياة الإسلامية قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأن وجود الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك – نرى أنَّ الجهر بهذه الحقيقة ضرورة من ضرورات الدعوة إلى الإسلام، ومحاولة استئناف حياة إسلامية ضرورة لا مفر منها)).
وقال: ((ففي مثل هذا الأمر الخطير الذي يترتب عليه تقرير مفهوم لدين الله كما يترتب عليه الحكم بتوقف وجود الإسلام في الأرض اليوم، وإعادة النظر في دعوى مئات الملايين من الناس أنهم مسلمون)).
وقال: ((وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم، على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام، لا نرى لهذا الدين وجوداً...، إنَّ هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلَّت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله بالحاكمية في حياة البشر، وذلك يوم أن تخلَّت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة. ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة، وأن نجهر بها، وأن لا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثير الذين يحبون أن يكونوا مسلمين؛ فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا؛ كيف يكونون مسلمين؟!. إنَّ أعداء هذا الدين بذلوا طوال قرون كثيرة وما يزالون يبذلون جهوداً ضخمة ماكرة خبيثة؛ ليستغلوا إشفاق الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، من وقع هذه الحقيقة المريرة، ومن مواجهتها في النور، وتحرجهم كذلك من إعلان أنَّ وجود هذا الدين قد توقف منذ أن تخلَّت آخر مجموعة مسلمة في الأرض عن تحكيم شريعة الله في أمرها كله، فتخلَّت بذلك عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية)).
وقال سيد قطب: ((لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ (لا إله إلا الله)؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله؛ دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم، وهي مرادف الألوهية، سواء ادعوها كأفراد، أو كتشكيلات تشريعية، أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة، فليس لها إذن حق الحاكمية...، إلا أنَّ البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء...، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله؛ بلا مدلول ولا واقع...، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد – من بعد ما تبين لهم الهدى – ومن بعد أن كانوا في دين الله!)).
وقال: ((إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها هذا العذاب - "أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ" - إلا بأن تنفصل هذه العصبة عقيدياً وشعورياً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله لها بقيام (دار إسلام) تعتصم بها، وإلا أن تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة، وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت فيه جاهلية وأهل جاهلية)).
وقال: ((إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي)).
وقال: ((فأما اليوم؛ فماذا؟! أين هو المجتمع المسلم الذي قرر أن تكون دينونته لله وحده، والذي رفض بالفعل الدينونة لأحد من العبيد، والذي قرر أن تكون شريعة الله شريعته، والذي رفض بالفعل شريعة أي تشريع لا يجيء من هذا المصدر الشرعي الوحيد؟ لا أحد يملك أن يزعم أنَّ هذا المجتمع المسلم قائم موجود!)).
وقال: ((إنَّ هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم)).
والسؤال الآن:
هل بعد هذا النقول الصريحة في تكفير المجتمعات المسلمة نحتاج إلى تفسير أصلاً لكلمة (جاهلية) في كلام سيد قطب؟!
لا أظنُّ سلفياً منصفاً يشكك في تلك النسبة بعد مطالعة هذه النقول.
شهادة كبار الإخوان المسلمين على سيد قطب

قال القرضاوي في كتابه "أولويات الحركة الإسلامية": ((في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد (!) سيد قطب، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي بفكرة تجديد الفقه وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة، والإزراء بدعاة التسامح والمرونة، ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير "في ظلال القرآن" في طبعته الثانية، وفي "معالم في الطريق"، ومعظمه مقتبس من الظلال، وفي "الإسلام ومشكلات الحضارة"، وغيرها، وهذه الكتب كان لها فضلها وتأثيرها الإيجابي الكبير؛ كما كان لها تأثيرها السلبي)).
وقال في مقال بموقعه الخاص بعنوان [كلمة أخيرة حول سيد قطب]: ((هذه مرحلة جديدة تطور إليها فكر سيد قطب، يمكن أن نسميها "مرحلة الثورة الإسلامية"، الثورة على كل "الحكومات الإسلامية"، أو التي تدعي أنها إسلامية، والثورة على كل "المجتمعات الإسلامية" أو التي تدعي أنها إسلامية، فالحقيقة في نظر سيد قطب أنَّ كل المجتمعات القائمة في الأرض أصبحت مجتمعات جاهلية.
تكوَّن هذا الفكر الثوري الرافض لكل من حوله وما حوله، والذي ينضح بتكفير المجتمع، وتكفير الناس عامة؛ لأنهم "أسقطوا حاكمية الله تعالى" ورضوا بغيره حكماً، واحتكموا إلى أنظمة بشرية، وقوانين وضعية، وقيم أرضية، واستوردوا الفلسفات والمناهج التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية وغيرها من غير المصادر الإسلامية، ومن خارج مجتمعات الإسلام.. فبماذا يوصف هؤلاء إلا بالردة عن دين الإسلام؟!
بل الواقع عنده أنهم لم يدخلوا الإسلام قط حتى يحكم عليهم بالردة، إنَّ دخول الإسلام إنما هو النطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهم لم يفهموا معنى هذه الشهادة، لم يفهموا أن "لا إله إلا الله" منهج حياة للمسلم، تميزه عن غيره من أصحاب الجاهليات المختلفة، ممن يعتبرهم الناس أهل العلم والحضارة.
أقول: تكوَّن هذا الفكر الثوري الرافض داخل السجن، وخصوصاً بعد أن أعلنت مصر وزعيمها عبد الناصر، عن ضرورة التحول الاشتراكي، وحتمية الحل الاشتراكي، وصدر "الميثاق" الذي سماه بعضهم "قرآن الثورة"! وبعد الاقتراب المصري السوفيتي، ومصالحة الشيوعيين، ووثوبهم على أجهزة الإعلام والثقافة والأدب والفكر، ومحاولتهم تغيير وجه مصر الإسلامي التاريخي.
هنالك رأى سيد قطب أن الكفر قد كشف اللثام عن نفسه، وأنه لم يعد في حاجة إلى أن يخفيه بأغطية وشعارات لإسكات الجماهير، وتضليل العوام.
هنالك رأى أن يخوض المعركة وحده راكباً أو راجلاً، حاملا سيفه "ولا سيف له غير القلم" لقتال خصومه؛ وما أكثرهم، سيقاتل الملاحدة الجاحدين، ويقاتل المشركين الوثنيين، ويقاتل أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويقاتل المسلمين أيضاً الذين اغتالتهم الجاهلية فعاشوا مسلمين بلا إسلام!.
وأنا برغم إعجابي بذكاء سيد قطب ونبوغه وتفوقه، وبرغم حبي وتقديري الكبيرين له، وبرغم إيماني بإخلاصه وتجرده فيما وصل إليه من فكر، نتيجة اجتهاد وإعمال فكر - أخالفه في جملة توجهاته الفكرية الجديدة، التي خالف فيها سيد قطب الجديد سيد قطب القديم، وعارض فيها سيد قطب الثائر الرافض سيد قطب الداعية المسالم، أو سيد قطب صاحب "العدالة" سيد قطب صاحب "المعالم".
ولقد ناقشت المفكر الشهيد في بعض كتبي في بعض أفكاره الأساسية، وإن لامني بعض الإخوة على ذلك،.... وأخطر ما تحتويه التوجهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب، هو ركونه إلى فكرة "التكفير" والتوسع فيه، بحيث يفهم قارئه من ظاهر كلامه في مواضع كثيرة ومتفرقة من "الظلال" ومما أفرغه في كتابه "معالم في الطريق": أنَّ المجتمعات كلها قد أصبحت "جاهلية". وهو لا يقصد بـ "الجاهلية" جاهلية العمل والسلوك فقط، بل "جاهلية العقيدة" إنها الشرك والكفر بالله، حيث لم ترضَ بحاكميته تعالى، وأشركت معه آلهة أخرى، استوردت من عندهم الأنظمة والقوانين، والقيم والموازين، والأفكار والمفاهيم، واستبدلوا بها شريعة الله، وأحكام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)).
وقال فريد عبد الخالق (أحد كبار الإخوان المسلمين) في كتابه "الإخوان المسلمون في ميزان الحق": ((أمعنا فيما سبق إلى أنَّ نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أنَّ المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفَّر حكامه الذين تنكَّروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك)).
وقال: ((إنَّ أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم، يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة، وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول عليه السلام، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس، وحددوا علاقاتهم مع أفراد هذه المجتمعات طبقاً لذلك، وقد حكموا بكفر المجتمع لأنه لا يطبق شرع الله، ولا يلتزم بأوامره ونواهيه، ومنهم من قال بعدم كفر مخالفيهم ظاهرياً، وقالوا بنظرية (المفاصلة الشعورية)، فأجاز هذا الفريق الصلاة خلف الإمام الذي يؤم المصلين المسلمين في سجونهم ومتابعته في الحركات دون النية، وقالوا بعدم تكفير زوجاتهم، وأجَّلوا كفرهم على أساس نظرية (مرحلية الأحكام)، وأنهم في عصر الاستضعاف – أي: العهد المكي – بأحكامه التي نزلت إبانه، فلا تحرم المشركات ولا الذبائح ولا تجب صلاة الجمعة ولا العيدين ولا يجوز الجهاد، ويكفرون من لم يؤمن بفكرهم، وأخذوا ببعض أساليب الباطنية في (التقية)؛ ألا يذكروا أسرار معتقداتهم لغيرهم، ويظهرونها لخواصهم وأتباع فكرهم، وذلك عندهم ضرورة حركية، وطائفة تمسكت بالمفاصلة الصريحة، وكفَّرت مخالفيهم ومن كان معهم، ومنهم جماعة الإخوان المسلمين ومرشدهم وآباؤهم وأمهاتهم وزوجاتهم، وهم جماعة (التكفير والهجرة)، الذين يسمون أنفسهم "جماعة المؤمنين")).
وقال علي عشماوي (وهو من كبار أصحاب سيد قطب) في كتابه [التاريخ السري للإخوان المسلمين]: ((جاءني أحد الإخوان وقال لي: بأنه سوف يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودة حالياً!، فذهبت إلى سيد قطب وسألته عن ذلك؟ فقال: دعهم يأكلونها فيعتبرونها ذبيحة أهل الكتاب!؛ فعلى الأقل المسلمون الآن هم أهل كتاب؟!)).
فهذه نقول موثَّقة من أقرب الناس إلى دعوة سيد قطب، والمعظمين له المدافعين عنه، زيادة على ذلك ممن قاوم فكر التكفير في دعوة سيد قطب كل من الهضيبي وآخرين في أبحاث أشرف عليها في كتاب "دعاة لا قضاة"، وأبي الحسن الندوي في كتابه "التفسير السياسي".
تنبيه/
شهادة سيد قطب وأصحابه على وجود فكر تكفير المجتمعات عنده لخصته من مقال للشيخ ربيع حفظه الله [سيد قطب هو مصدر تكفير المجتمعات الإسلامية] – مع زيادة بعض النقول -
أقول:
فهذه النقول كلها تؤكِّد بلا أدنى شك أنَّ وصف المجتمعات المسلمة بالجاهلية عند سيد قطب يراد به التكفير والردة، أي تكفير المسلمين والحكم عليهم بالردة، وليس المراد به جاهلية في بعض الأخلاق أو السلوك أو العقائد أو الأعمال أو الأقوال.
ونحن لا ننفي أنَّ كلمة (جاهلية) قد تطلق ولا يراد بها الكفر والردة، وقد فصَّل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في كتابه [شرح مسائل الجاهلية] إطلاقات لفظ (الجاهلية)، وذكر أنَّ منها: جاهلية مطلقة وجاهلية مقيدة، ومنها أيضاً: جاهلية الأشخاص وجاهلية الزمان وجاهلية المكان، ثم عقَّب بعدها فقال: ((فلا يصح إطلاق من أطلق (بجاهلية القرن العشرين) أو نحوها من العبارات التي يستعملها من لم يدقق، لأنه بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضت الجاهلية المطلقة، ولا يزال في أمته من ينافح عن هذا الدين ويرفع رايته، فليس ثم جاهلية منسوبة إلى زمنٍ كالقرن العشرين، وإنما تكون منسوبة إلى وقت من الأوقات فيما إذا ظهرت بعض الصفات ثم يجاهدها ويظهر عليها أهل الحق بالإنكار فلا تصبح جاهليةً يعني الزمن. فمثلاً تقول: القرن العشرين ظهرت فيه أنواع من الجاهليات كثيرة، لكن ما نطلق نقول: جاهلية القرن العشرين!، لأنَّ هذا إطلاق للزمن بكامله، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه "لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمّتِه عَلَى الْحَقّ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرّهُمْ من خالفهم ولا مَن خَذَلَهُمْ حَتّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله وهم على ذلك" هؤلاء يُبينون ويَنصحون)).
فكون لفظ (جاهلية) قد وردت في بعض النصوص ولا يراد منها تكفير الأعيان وإنما مشابهة أهل الجاهلية في جزيئة من عقائدهم أو أخلاقهم أو عوائدهم، هذا لا يعني أنها في كلام سيد قطب بهذا المراد، خاصة مع تلك الشواهد الكثيرة التي تدل على أنه يريد تكفير الأعيان ولو كانوا ملايين البشر!.
ومن علم كلام سيد قطب في كتبه ومن شهادة أصحابه عليه بتكفير المجتمعات المسلمة حجة على مَنْ لم يعلم ذلك، وإلا فماذا نقول: لمن يرد على الشيخ الألباني رحمه الله - (أمثال عبدالله عزام) - الذي نسب إلى سيد قطب القول بوحدة الوجود، ويستدل هذا المعترض بأنَّ كلام سيد قطب لا يراد به ما يريده ملاحدة الصوفية من وحدة الوجود؟!، والشيخ الألباني رحمه الله مطلع على كلامه في ذلك، والحجة معه كما لا يخفى إلا على جاهل أو مكابر.
فما الفرق إذن؟!
أم أنَّ الغاية (الطعن في الشيخ ربيع بوصف الغلو والتشديد!) تبرر الوسيلة من جديد؟!

شهادة علي الحلبي على سيد قطب بأنه يكفِّر المجتمعات

.
- وبيِّن فيها أنَّ أهل التعصب البعيدين عن العدل والإنصاف يستدلون بكلام الشيخ الألباني رحمه الله الأول!، ويعرضون عن كلامه الأخير المحكم الذي وافق فيه الشيخَ ربيعاً حفظه الله على كل ردوده في سيد قطب، وإليكم بيان ذلك:
قال علي الحلبي في [الدرر المتلألئة (ص34-36) تحت عنوان: سيد قطب وتكفير المجتمعات – الطبعة الأولى 1423هـ/2002]: ((أقول: وهذا مع ذاك مضافان إلى ذيَّاك كله يؤكِّد كلام الدكتور يوسف القرضاوي الحركي المشهور غفر الله له في كتابه "أولويات الحركة الإسلامية" (ص101) حيث قال: "ظهرت كتب الشهيد سيد قطب وهي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره والتي تنضح بتكفير المجتمعات"، وهو به خبير فهي الخارجية المستترة، بل (الظاهرة) المعلنة، وفي مصنفات ومؤلفات أستاذنا العلامة الشيخ ربيع بن هادي جعله الله شوكة في حلوق المبتدعة والأعادي النافعة المتعددة ما يوضِّح حقيقة ذلك، ويكشفه ويُظهره بما لا يدع مجالاً لمُتشككٍ طَلَّابٍ للحق، أما المتعصِّب فليس له إلا: لعل!.. وقد!!.. ولا!!..، بقلب بارد وعقل وافد!)).
وعلَّق الحلبي على هامش كلامه هذا - عند إحالته إلى مؤلفات الشيخ ربيع - بقوله: ((انظر مثلاً كتابه "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره" ص71-107، تحت عنوان [سيد قطب وتكفير المجتمعات]، وفي كتابه النافع "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" بيان كثير من المآخذ العلمية بعامة والعقائدية بخاصة عليه!!. ولقد نقلتُ بنفسي من خط أستاذنا الوالد الإمام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه في آخر صفحة من نسخته الخاصة من الكتاب المذكور قوله: "كل ما رددتَه على سيد قطب حق وصواب، ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية: أنَّ سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه، فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ الربيع على قيامك بواجب البيان، والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام" ناصر)).
وقال علي الحلبي في رسالته ==التي ردَّ فيها على الغلاة المعظِّمين لسيد قطب المدافعين عنه بالباطل، تحت عنوان [التكفير عند سيد قطب "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا"!!] ص48-50 الطبعة الأولى 1426هـ/ 2005: ((قال الدكتور القرضاوي: "ومما آلمني كثيراً دخول بعض الإخوة في هذا الميدان وبضاعتهم مزجاة من العلم الشرعي؛ وحتى من المنطق العقلي، وظنوا أنَّ الحماس ورص الكلام يغني شيئاً في القضايا العلمية الكبيرة. لقد جاءوا بمن يمكن أن يُسمَّوا (شهود النفي في القضية)، ليقولوا: إنهم لقوا سيداً رحمه الله، ولم يجدوه يكفِّر المسلمين، أو سألوه: هل تكفِّر المسلمين؟ فنفى ذلك!، وقَالَ مَنْ قَالَ: يجب أن نضمَّ أفعال سيد إلى أقواله حتى نكون منصفين معه!!، ونسي هؤلاء ما قرره علماؤنا من (قواعد علمية) تحكم الأمور وتضبطها، من هذه القواعد: أنَّ المثبِت مقدم على النافي، وأنَّ من حفظ حجة على من لم يحفظ، فإذا جاء عشرة ثقات وقالوا: لم نسمع فلاناً يشتم فلاناً، وجاء رجل ثقة، وقال: إنه سمعه يشتمه، وكان من أهل العدالة والضبط: أُخِذ بقول هذا الواحد؛ لأنه علم ما لم يعلموا، فهم حدَّثوا بما يعلمون وهو حدَّث بما يعلم، وحفظ ما لم يحفظوا، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وما ذكره الإخوة من تعارض فعل سيد مع أقواله: قد غفلوا عن أصل مهم، وهو: أنَّ الذي يحكم على العالِمِ ويُعبِّر عن رأيه هو قوله لا فعله؛ لأنه فعل امرئ غير معصوم، فلا غرابة أن يناقض فعله قوله، وسلوكه عمله!، ما دام لا عصمة له، وقد قال بعض الأئمة: اعمل بقولي ولا تركن إلى عملي *** ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري" نقلاً عن "كلمة حق.." ص57-58!)).
==
أ==
#2 "تكفير سيد قطب للمجتمعات".... ردُّ علي الحلبي القديم على صنيع منتداه الأثيم!رابط ==
بارك الله فيك، لقد أوجعتهم ضرباً بمقالاتك العلمية، هم أرادو من هذه الشنشنة تهديم أصول وقواعد السلف!، وأحداث أصول جديدة وترافق اصولهم الكذب، التناقض، المكر، الطعن واللمز للعلماء، البتر، التلاعب بالنصوص، ضرب أقوال العلماء بعضهم مع بعض، اسقاط الجرح والتعديل ولو كان بحجة وبرهان ، مصاحبة أهل البدع والثناء عليهم، الدخول في الجمعيات، التمادي في الباطل، سوء الأدب مع العلماء، التنابز بالألقاب، الدفاع عن أهل البدع، سرقة الكتب والأموال، وما خفي كان أعظم.
فهل بعد هذه الإنحرافات والتناقضات العجيبة رجوع! الله أعلم؛ لكن الشيخ ربيع - حفظه الله- صدق عندما وصف المبتدع الفيلسوف علي الحلبي من أحط اهل البدع.
اللهم ثبتنا على الدين حتى الممات.
راً.
وللفائدة:
قال القرطبي في معنى هذه الكلمة (فيدمغه):
أي يقهره ويهلكه. وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ، ومنه الدامغة. والحق هنا القرآن، والباطل الشيطان في قول مجاهد، قال: وكل ما في القرآن من الباطل فهو الشيطان. وقيل: الباطل كذبهم ووصفهم الله عز وجل بغير صفاته من الولد وغيره. وقيل: أراد بالحق الحجة، وبالباطل شبههم. وقيل: الحق المواعظ، والباطل المعاصي، والمعنى متقارب. والقرآن يتضمن الحجة والموعظة. (فإذا هو زاهق) أي هالك وتالف، قاله قتادة. انتهى كلامه رحمه الله تعالى. (الجامع لأحكام القرآن: 11/ 277).
==
السؤال: هناك من يطلق لفظ الجاهلية على المجتمعات المسلمة؛ لما فيها من فساد، ويرتِّب على هذا اللفظ ما تعرفون؛ فهل هذا الاتجاه صحيح‏؟‏
الإجابة: الجاهلية العامة انتهت ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ببعثته صلى الله عليه وسلم انتهت الجاهلية العامة ولله الحمد، وجاء الإسلام، وجاء العلم، وجاء النُّور، وسيبقى ويستمرُّ إلى يوم القيامة؛ فليس بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم جاهليَّةٌ عامَّةٌ، لكن تكون هناك بقايا من الجاهليَّة، لكنها جاهلية جزئيَّة، وجاهلية بمن قامت به، أمَّا الجاهليَّة العامَّة؛ فقد انتهت ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولن تعود إلى قيام السَّاعة‏.‏
أما وجود الجاهليَّة في بعض الأفراد أو الجماعات أو بعض المجتمعات؛ فهذا أمر واقع، لكنَّه جاهليَّةٌ خاصَّةٌ بمن وُجِدت فيه، وليس عامَّة؛ فلا يجوز إطلاق الجاهليَّة على وجه العموم؛ كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ‏"‏اقتضاء الصِّراط المستقيم‏"‏ ‏.‏
المفتي: العلامة صالح بن فوزان الفوزان
=
===را.
وقال –أيضا-: ((ولذلك الواقع نحن مسرورون جدًّا بنشاط أخينا الدكتور العلمي؛ لكننا ننصحُه أن يستعمل الرفقَ مع هؤلاء الناس الذين انحرفوا عن دعوة الحق بدعوة رجل لا علمَ عنده)).
ثم قال : ((فأنا أريد والله مخلصاً لصديقنا - ولا أقول لتلميذنا قديماً -: أن يظل مستمراً في علمه وجهاده؛ ولكن أن يُليِّن قولَه مع خصومه)).
تأملات في كلام الشيخ الألباني :
1- قال الشيخ الألباني رحمه الله: ((فالحط على هذين الشيخين الشيخ ربيع والشيخ مقبل ... إنما يصدر من أحد رجلين : إما من جاهل أو صاحب هوى. ... فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين ـ كما ذكرنا إما جاهل فيُعلّم، وإما صاحب هوى فيُستعاذ بالله من شره، ونطلب من الله -عز وجل- إما أن يهديه وإما أن يقصم ظهره))، فأي الفريقين يختاره أتباع الحلبي لأنفسهم؟ لا شك أنه الأول حتى لا تصيبهم دعوته -رحمه الله-.
2- تأملوا في قوله رحمه الله: ((فأريد أن أقول إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطأ، وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه))، وقوله: ((ونحن ما نأخذ على الدكتور ربيع من الناحية العلمية شيئاً))، وقوله: ((والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه... أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً)) وقوله: ((ولذلك الواقع نحن مسرورون جدًّا بنشاط أخينا الدكتور العلمي)) أنه أكد شهادته بجملة من التأكيدات التي لا أعلم أنها صدرت مثلها منه -رحمه الله- للعلماء المعاصرين إلا لمن شهد له بالرسوخ في العلم. فهذا دليل على شهادته للشيخ ربيع -حفظه الله- بالعلم والقوة في بيان انحراف المخالفين للمنهج السلفي.
3- تأملوا في تأكيدات الشيخ الألباني السابقة أنه لم يعدّ الأسلوب في الرد مما يُنتقد من العلم، لأنه راجع إلى العالم الذي يحرر الرد، فقد يستعمل اللين في موضعه، والشدة في موضعها، وكلاهما منقبة في حقه، فالشدة - بحق - ممدحة وليست مذمة، ولكن كانت نصيحته للشيخ ربيع لما بدا له -رحمه الله- من رجاء استجابة المخالفين إذا خوطبوا باللين، ولو رأى الألباني من ربيع مخالفة أو انحرافا في أسلوب الرد لما وسعه السكوت عنه لما نعرفه عن الشيخ الألباني أنه لا يداهن في الباطل ولو صدر من أقرب قريب.
قال الشيخ-رحمه الله- :في كل كتبه الشدة موجودة. لقد طار القوم بهذه العبارة فرحا وظنوا أنها مذمة للشيخ ربيع! ألا فليعلم القوم أنّ ما ذكره هنا لا يتنافى مع العلم إطلاقا كما ذكر ذلك عنه بنفسه مرارا، فلا مجال لحمل هذه الشدة التي عناها الألباني على الشدة المذمومة التي تتنافى مع العلم، والتي لم تصدر من الشيخ ربيع قط، وإنما رأى الألباني العدول عنها إلى اللين لما ذكرته في الفقرة السابقة، والله أعلم. ومن الأدلة على ذلك أنه ختم قوله بتحفيزه للشيخ ربيع بمواصلة جهاده بقوله: ((فأنا أريد والله مخلصاً لصديقنا - ولا أقول لتلميذنا قديماً -: أن يظل مستمراً في علمه وجهاده؛ ولكن أن يُليِّن قولَه مع خصومه)). ولم يذكر في الشريط -لضيق المقام- إلا مسألة تكفير المجتمعات بإطلاق لفظ الجاهلية، وقد تبيّن قصد سيد قطب من إطلاقه، لغة وشرعا، ومن تمام كلامه في كتبه، بل وبحمل مجمله على مفصله نزولا على قاعدتهم والتي أعجب منهم لِمَ لَمْ يطبّقوها في مثل هذا الموضع؟!
ولا غرابة في تحفيزه للشيخ ربيع بمواصلة جهاده، فقد قال له الشيخ ابن باز –رحمه الله- : ((يا شيخ ربيع رد على كل من يخطئ، لو أخطأ ابن باز رد عليه، لو أخطأ ابن إبراهيم رد عليه)) وقال له الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: ((يا شيخ ربيع أصبر إن الله مع الصابرين وأنت جبل ومعروف لا يهمونك ياشيخ ربيع هؤلاء جهال سفهاء الأحلام)).
أما عن شيخهم الحلبي، فنصيحة العلماء له ((أن يتقي الله فينفسه وفي المسلمين، وبخاصة شبابهم، وأن يجتهد في تحصيل العلم الشرعي على أيدي العلماء الموثوق بعلمهم وحُسن معتقدهم. وأن العلم أمانة لا يجوز نشره إلا . وأن يقلع عن مثل هذه الآراء والمسلك المزري في تحريف كلام أهل العلم، ومعلوم أن الرجوع إلى الحق فضيلة وشرف للمسلم))============


قول سيد قطب: (( إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي )) [ الظلال : 4/ 2122] .
 • وقال: (( البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول، ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله )). [ الظلال 2/1057].
 • قال القرضاوي: (( في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب ، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، والتي تنضح بتكفير المجتمع ، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي بفكرة تجديد الفقه وتطويره ، وإحياء الاجتهاد ، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع ، وقطع العلاقة مع الآخرين ، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة ، وغلإزراء بدعاة التسامح والمرونة ، ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية ، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير (( في ظلال القرآن )) في طبعته الثانية ، وفي (( معالم في الطريق )) ومعظمه مقتبس من الظلال ، وفي (( الإسلام ومشكلات الحضارة )) وغيرها ، وهذه الكتب كان لها فضلها وتأثيرها الإيجابي الكبير ؛ كما كان لها تأثيرها السلبي )) [أولويات الحركة الإسلامية : ص 110 ] .====الكثير يتساءل من أين جاءنا فكر التكفيروهناك من ينفي وجود تكفيريين في هذا المجتمع وهناك وهناك وفي الحقيقة أن فكر التكفير دخل مجتمعنا بطريقة سرية مغلفة غير مكشوفة ومعلنة كما يفعله عصابات المخدرات ومروجوها في حيلهم لإدخال تجارتهم الكاسدة عبر منافذ حدود الدول.
إليكم أعزائي القراء إجابة لهذا التساؤل آنف الذكر من أين جاءنا فكر التكفير؟
في المرحلة الجامعية وفي الدراسات العليا أذكر أن أحد أساتذتنا غفر الله له طلب منا إحضار كتاب معالم في الطريق لسيد قطب تجاوز الله عنه فطلب منا قراءته كاملاً وكان يشرحه ويعلق عليه وإليكم بعضاً من قول سيد قطب في هذا الكتاب ولكم الحكم بعد ذلك يقول: (يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله ولكنها تدخل في هذا الإطار أنها لاتدين بالعبودية له وحده في نظام حياتها... فهي وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله فتدين بحاكمية غير الله فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها... موقف الإسلام من هذه المجتمعات كلها يتحدد في عبارة واحدة أن يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها). معالم في الطريق طبعة دارالشروق ص101-103.
 ويقول أيضاً: (ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله) في ظلال القرآن دار الشروق 2/1057.
 وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى: {وّاجًعّلٍوا بٍيٍوتّكٍمً قٌبًلّةْ} بعدأن بينا فيما سبق دخول مسلمي العصر في إطار المجتمع الجاهلي يقول: (وهنا يرشدنا الله إلى اعتزال معابد الجاهلية - مساجدها- واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي) في ظلال القرآن (3/1816- دار الشروق).
 وقال أيضاً: (إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها العذاب إلا بأن تنفصل عقيدياً وشعورياً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها حتى يأذن الله بقيام دار إسلام تعتصم بها وإلا تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت في جاهلية) في ظلال القرآن (4/2122- دار الشروق).
 وقال: (إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي) في ظلال القرآن 4/2122- دار الشروق.
 هذه بعض أقوال سيد قطب التي يقررها محبوه بل الغالون فيه إلى اليوم ومن وراء الكواليس على تلاميذهم ومريديهم سواءً في بعض المؤسسات التعليمية الرسمية أو الأهلية أو في الملتقيات الخاصة سواءً كانت مخيمات دعوية أو استراحات أو غيرها.
 وما يشهده واقعنا اليوم من خروج فئة تعتقد وجوب البدء بمقاتلة مرتدي المسلمين وهم علماؤنا وحكامنا بل نحن أيضاً قبل البدء بمقاتلة اليهود والنصارى يؤكد تأثر هذه الفئة المنحرفة عقديا بما اشرنا اليه من اقوال سيد قطب ومن الحقائق المرة التي ينبغي بيانها هنا ان الكثير من المحسوبين على طلبة العلم في ساحتنا اليوم ومن خريجي جامعاتنا الموقرة قد تلقوا هذا الفكر فمنهم من اشربه وسار في عروقه ومنهم من هو اقل من ذلك ومنهم من رفضه ولم يستجب له وهم قلة، ومن الحقائق المرة ايضا والتي يجب ان نعرفها جميعا ان جميع مؤسساتنا قد اخترقت من قبل هؤلاء بل لا أبالغ ان قلت ان بعض كبار مسؤولينا قد تمكن محبو سيد من التأثير في قراراتهم.
 قادة هذا الفكر ومنظروه يعملون في مجتمعنا ليل نهار ومنذ قرابة خمسين عاما ينظرون ويقررون وينفثون سمومهم وقد رسموا لأنفسهم خطة محكمة وفق تخطيط دقيق جدا وقد وزعوا ادوارهم ومسؤولياتهم، وتعالوا معي نستعرض سويا واقعنا وما نشهده من احداث مؤسفة جدا ألا تدركون معي ان بعضا من طلبة العلم هداهم الله حينما يظهر على الشاشة أو في المذياع ضمن برنامج أو ندوة عن الأحداث يتسم حديثه بالميوعة والغبش حيال تجريم مثل هؤلاء والمبالغة في تشنيع فعلهم والتحذير منهم بل نرى ونسمع من يحرص على محاولة إقناع السامع أو المشاهد بأنهم اخواننا بغوا علينا وانهم من الكفر فروا وقد تكرر هذا كثيرا عبر وسائل اعلامنا فأين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم «يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» وإذا قررنا ان هؤلاء قد تلقوا في رحلتهم الجهادية التدريبية في حقيقتها كتاب «الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية» وأنهم الآن وبعد ان تدربوا على السلاح انتقلوا الى مرحلة التنفيذ بعد مرحلة التخطيط فالتدريب في برنامج فكرهم المنحرف وعودوا ان شئتم الى مصنفات قادة فكرهم تجدون تفصيل هذه المراحل وبيانها والتأكيد عليها بكل دقة.
 التساؤل الذي يرد هنا أين دور كبار علمائنا وأين جهد مؤسساتنا الاعلامية وأين جهد مؤسساتنا الدعوية بل أين جهد خطباء مساجدنا وجمعنا في التصدي لهذا الفكر الخطير والخطير جدا؟
 لعلكم تدركون معي جيدا الضعف الشديد في مواجهة هذا الفكر والتصدي له بل من المؤسف والمؤسف جدا انه حينما يظهر من يحاول فضح هذا الفكر والتحذير منه يواجه بحرب شعواء وتعنيف شديد وتخطئة وتجريح ولا ادل على ذلك من محاولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله فضح هذا الفكر ومثالبه والتحذير منه ولا يخفى على الجميع سلبية الجميع في مؤازرة سموه وتأييده والتأكيد على ما ذكره بل من المؤسف ان بعض طلبة العلم قد تطوع في الرد على سموه وتفنيد ما قرره.
 اختم مقالي هذا بنداء لمسؤولينا وفقهم الله بضرورة تخصيص ميزانية كبرى لمواجهة هذا الفكر وتسخير بل تجنيد كل الامكانيات وتوجيه جميع المؤسسات الرسمية ذات الاختصاص لمواجهة هذا الفكر وفضح نوايا هذه الفئة ومنظريها قبل ان يستفحل الامر ويتسع الخرق على الراقع.
 والله المسؤول بأسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يجعل تدبيرهم تدميرهم وان يرد كيدهم في نحورهم وان يكفينا شرورهم وهو المسؤول جل وعلا ان يحفظ لهذا البلد أمنه وولاة امره وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق