وثائق تفضح تحالف الإخوان وداعش والقاعدة.. الإرهاب يقسم ليبيا
الإثنين 25/يناير/2016 - 01:19 مطباعة
دخلت ليبيا مرحلة جديدة من التحالفات، فمع إعلان حكومة الوفاق الوطني في البلاد برئاسة فايز السراج، بدأت الميليشيات الإرهابية في البلاد إعادة ترتيب أوضاعه مع وجود حكومة متوافق عليها إقليميًّا ودوليًّا في شبه توافق أو دعم لها في الداخل؛ مما وضعها في مرحلة جديدة من تراجع وجودها ودورها مع 5 سنوات من الدماء.
تحالف الإرهاب
بعد الاتفاق على حكومة وفاق في ليبيا، ارتبكت التنظيمات الإرهابية في البلاد التي تعمها الفوضى منذ 2011، وبدأت على ما يبدو تبحث عن وسيلة لرص صفوفها، لا سيما إثر الخلافات التي نشبت بين قاداتها.
فقد كشفت صحيفة الشرق الأوسط استناداً إلى وثائق حصلت عليها، عن بحث داعش والقاعدة والإخوان في ليبيا الاندماج في "مجلس شورى" موحد لمحاربة حكومة فايز سراج، وأيضًا الحصول على دعم أمريكي غربي متراجع وجودها في المشهد الليبي.
وأوضحت الصحيفة أن التحالف المتوقع بين الإخوان والجماعة المقاتلة القريبة النهج من تنظيم القاعدة، و"داعش" يأتي في إطار تراجع دور الإخوان في المشهد الليبي.
كما أشارت الوثائق إلى الدور المخرب لجماعة الإخوان في ليبيا، عبر إعلانها دعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، فيما تبحث مع الميليشيات والجماعات الإرهابية في عمليات تخريبية ودموية ضد الشعب الليبي ودول الجوار.
الوثائق كشف عن مدي الترابط والتقارب بين جماعة الإخوان وتنظيم "داعش" في ليبيا وخارجها، وهو ما يؤكد على أن هذه التنظيمات كلها تنتمي لفكر وأيديولوجية واحدة.
وأشارت تلك الوثائق السرية إلى أن قيادياً في "الجماعة المقاتلة"، سأل زعيمًا إخوانيًّا مؤيدًا للحكومة المقترحة: "يا دكتور أريد أن أفهم بوضوح موقف الإخوان من حكومة السراج. من جهة تعلنون دعمها ومن جهة تقولون لنا إنكم ضدها".
فأجاب الزعيم الإخواني الليبي: "الذي لا يقال ولا ينشر للعامة هو الصدق. أما ما ينشر فهو لمواكبة الظروف حتى تتاح فرصة لتحطيمها". وتحدث الرجل عن فايز السراج بمعلومات تتعلق بماضيه السري المثير للجدل خاصة في أوروبا، قال إنه استقاها من قائد جماعة الإخوان في تونس.
الإخوان في ليبيا
كان أول ظهور لـ جماعة «الإخوان المسلمين» في ليبيا عام 1949. وقد أسس رجل الدين المصري عز الدين إبراهيم مصطفى وآخرون فرع جماعة «الإخوان المسلمين» في ليبيا، حيث منحهم الملك الليبي السابق إدريس ملاذاً آمناً بعد هروبهم من الاضطهاد السياسي في مصر. وقد سمح لهم الملك درجة نسبية من الحرية لنشر فكرهم، ولم يمر وقت قصير حتى جذبت الحركة عدداً من المواليين المحليين. وحصلت الحركة على زخمها عبر المعلمين المصريين الذين كانوا يعملون في ليبيا. غير أن القذافي اتخذ موقفاً أقل مرونة معتبراً «الإخوان» مصدراً محتملاً للمعارضة. وبعد فترة قصيرة من وصوله إلى السلطة، قام باعتقال عدد من «الإخوان» وترحيلهم إلى مصر. كما قامت الأجهزة الأمنية باعتقال وتعذيب أعضاء من «الإخوان المسلمين» الليبيين عام 1973، ووافق هؤلاء تحت الضغط على حل «الجماعة». ونتيجة لذلك، التزم «الإخوان» الصمت حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي.
وفي عام 1999، عادت جماعة «الإخوان المسلمين» الليبية إلى الساحة من خلال الحوار مع نظام القذافي. واكتسب هذا التبادل المزيد من الزخم في الفترة بين 2005-2006، عندما ساعد نجل معمر القذافي، سيف الإسلام، في دفع العملية إلى الأمام. وقد قام سيف الإسلام بذلك خصيصاً لاستمالة «الجماعة». وفي عشية الانتفاضة الليبية في ربيع 2011، أشارت التقديرات إلى وجود ألف عضو من «الإخوان» داخل ليبيا ونحو 200 آخرين في المنفى.
وعقب سقوط نظام القذافي تصدر الإخوان المشهد السياسي والعسكري، ففي ديسمبر 2012، صرح محمد صوان، زعيم "حزب العدالة والبناء"- الذراع السياسي لـ جماعة «الإخوان المسلمين»- بأن «الجماعة» تضم الآن أكثر من 10,000 عضو، بإشارته إلى نجاحها في كسب مؤيدين جدد خلال السنتين الماضيتين.
وتعرض الإخوان للتراجع عقب سقوط الجماعة الأم في مصر، ولكن احتفظ الجماعة بنفوذها في طرابلس العاصمة، وعدد من المدن الأخرى، وكانت طرفًا رئيسًا في الحوارات التي أدارتها الأمم المتحدة حتى الإعلان عن حكومة السراج، قبل شهر.
للمزيد عن الإخوان المسلمين في ليبيا اضغط هناوللمزيد عن العلاقة بين الإخوان و"داعش" اضعط هنا الجماعة المقاتلة
فيما تعد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، صاحبة السيطرة التي تحدت نظام القذافي، فقد أعلنت عن تشكيلها حتى عام 1995، غير أنه يمكن اكتشاف أصولها من خلال حركة جهادية سرية، فقد أسسها عوض الزواوي في عام 1982. وقد تمكنت «الجماعة المقاتلة»، دون أن تعلن عن اسمها الرسمي ومن خلال عملها في سرية تامة، من التوسع وكسب الكثير من المؤيدين في جميع أنحاء ليبيا على مدى أكثر من عقد من الزمان.
وخططت الجماعة الإسلامية المقاتلة، للقيام بهجمات ضد شخصيات بارزة في حكومته. وبحلول عام 1989، اكتشفت السلطات هذا التمرد واعتقلت الكثير من المتمردين، بمن فيهم الزواوي نفسه بعد أن نفذت «الجماعة المقاتلة» عدة محاولات فاشلة لإسقاط نظام القذافي في الأعوام 1986 و1987 و1989. وقد اضطر أولئك الذين لم يتم القبض عليهم إلى الفرار إلى أفغانستان.
وتعد «قوات فجر ليبيا» أول تحالف بين الإخوان والجماعة المقاتلة، وتأسس لمحاربة السلطات الشرعية في البلاد، ومن أبرز المعارك التي خاضتها معركة مطار طرابلس في صيف عام 2014؛ ما تسبب في إحراقه بما فيه من طائرات. وتعرضت هذه القوة بدورها إلى الضعف والتفكك، خاصة بعد ارتفاع وتيرة التوافق بين الفرقاء الليبيين في الحوارات التي أدارتها الأمم المتحدة حتى الإعلان عن حكومة السراج، قبل شهر.
وقد دخل نظام القذافي في حرب شعواء مع «الجماعة المقاتلة»، تكبدت فيها الحركة العديد من الخسائر، من بينها مقتل أحد آبائها المؤسسين الشيخ صلاح فتحي بن سليمان (المعروف باسم أبي عبد الرحمن الخطاب)، الذي لقي حتفه في إحدى المعارك مع القوات الليبية بالقرب من درنة في سبتمبر 1997.
وتم سجن العديد من أعضاء الحركة في ليبيا، في حين قرر بعض الهاربين العودة إلى أفغانستان، بمن فيهم أمير «الجماعة المقاتلة» في ذلك الحين، الشيخ أبو عبد الله الصادق، والمسئول الديني الرئيسي، الشيخ أبو المنذر الساعدي، وأبو أنس الليبي، الذي تورط مؤخراً في "تفجيرات السفارة" عام 1998. غير أن حفنة من أعضاء الحركة بقوا في المنفى في لندن، ولعبوا في النهاية دوراً هاماً عندما بدأت «الجماعة المقاتلة» عملية المصالحة مع النظام الليبي عام 2005.
وعقب بداية احتياجات فبراير لعب الجماعة الإسلامية دورًا كبيرًا في إسقاط نظام القذافي عبر التحالف مع قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" والميليشيات الأخرى في ليبيا.
وبعد سقوط النظام القذافي أسست الجماعة الإسلامية المقاتلة ذراعًا سياسيًّا هو "الحركة الإسلامية الليبية للتغيير"، للتتماشي مع طبيعة الحكم الجديد في ليبيا ولكن أبقت على الميليشيا العسكرية.
للمزيد عن الجماعة الإسلامية المقاتلة.. اضغط هناتنظيم "داعش" في ليبيا
تمدد تنظيم "داعش" جاء وفق موافقة إخوانية أخلت لها العديد من المدن للسيطرة عليها، وفي مقدمتها مدينتا درنة وسرت، وهو ما شكل قاعدة للتنظيم الإرهابي للانتشار في ليبيا.
فقد جرى بالفعل غض الطرف عن مقار داعشية في العاصمة وضواحيها، إضافة إلى إجدابيا وبنغازي، ليمثل لهم ورقة رابحة في أي حل سياسي أو عمل عسكري.
فالقادة المتطرفون الكبار في تنظيمي الإخوان و"الجماعة المقاتلة" يسعون إلى احتواء الأمراء الصغار الموالين لداعش.
ورصدت الوثائق طوال شهر ديسمبر جنوح قيادات من الجماعة المقاتلة ومن الإخوان، إلى التحالف مع داعش بشكل صريح ومعلن، مع زيادة الدعم للمتطرفين في الداخل الليبي وفي دول الجوار أي في كل من مصر وتونس والجزائر، في محاولة للضغط على المجتمع الدولي، وإجباره على التعامل مع هذا التيار في ليبيا كـ"سلة واحدة".
وبحسب ما ورد في الوثائق، فإن قيادياً آخر في الجماعة المقاتلة قال: إن "الوضع صار يستلزم الاندماج مع داعش، وأن تكون طرابلس لنا (للجماعة المقاتلة والإخوان)، وسرت لهم (لداعش)، ويأخذ تنظيم داعش التمدد المساحي شرق سرت، وما يحتويه، ونأخذ نحن طرابلس وامتداد الغرب لنا، ونواصل دعم مجلس شورى ثوار بنغازي (هذا المجلس كان يقتصر على تنظيم أنصار الشريعة، وأصبح منذ عدة أشهر يضم خليطًا من الإخوان و"المقاتلة" وداعش)، ومجاهدي درنة (خليط مشابه لكنه على خلاف مع الدواعش)".
وكشفت الوثائق عن الممثل الحقيقي لزعيم "داعش" أبو بكر البغدادي في ليبيا، وهو شخص يدعى "سفيان الغزالي". يقول قيادي الجماعة الإسلامية المقاتلة الأول، إنه وصل إلى منطقة "امعيتيقة" بالقرب من مطار طرابلس واستقبل محمد المدهونين زعيم المجلس العسكري لمدينة صبراتة وزعيم ميليشيات ما يسمى "المدهوني" الإرهابية المتطرفة في غرب طرابلس.
للمزيد عن تنظيم "داعش" في ليبيا.. اضغط هنا وكذلك "داعش" في ليبيا.. اضغط هنادور أمريكي
الوثائق التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، تشير إلى العلاقات القوية بين الجماعات والميليشيات الإرهابية في ليبيا والمخابرات الأمريكية، فقد أكد القيادي الإخواني أنه يجب ضرب أعداء أمريكا في المنطقة؛ من أجل الحصول على الرضا الأمريكي، وهو ما وضحته الصحيفة.
كما ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية تفاوضت مع تنظيم "داعش"، في ليبيا، وبحسب ما ورد في الوثائق، قال قيادي آخر في الجماعة المقاتلة: إن «أمريكا تتحاور مع داعش، متجاهلة دورنا في ليبيا، واستطاعت استقطاب محمد المدهوني قائد ميليشات المدهوني ببلد صبراتة، وجماعة أبو عبيدة الزاوي (قائد ميليشيا في غرب طرابلس أيضًا)، وخلقت لهم خط تواصل مع التنظيم في سرت، وغضت البصر عن تدفق مقاتلين للتنظيم بسرت والجنوب من كل الدول». وتابع قائلا: إن «أمريكا لن تحترم أي اتفاق معها، إلا إذا سيطرنا على طرابلس».
أهداف التحالف
ووفقًا لتقرير صحيفة الشرق الأوسط، فبعدما كان التحالف قبل 16 شهرًا بين الجماعات الإرهابية، هو قتال الجيش الليبي بقيادة الواء خليفة حفتر ورموز الحكومة والبرلمان الشرعي "برلمان طبرق"، لكن دون عمل مشترك تحت قيادة موحدة. في ذلك الوقت كان يمكن لقادة إخوان غض الطرف عن مرور شحنات أسلحة ومقاتلين لداعش في درنة، ويمكن لزعماء من الجماعة الليبية المقاتلة، تعضيد قوات أنصار الشريعة في بنغازي.
واليوم تعد أهداف التحالف الثلاثي بين الإخوان والجماعة الإسلامية المقاتلة و"داعش" هي:
- تجاوزات المحلية "ليبيا" إلى دول إقليمية ودولية عبر تقديم ضرب أعداء أمريكا.
- تأسيس تحالف لإدارة عمليات تحالف عليا في داخل البلاد، وأخرى عابرة للحدود، في محاولة لإظهار القوة والقدرة على التفاوض أمام عدة أطراف دولية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
- محاربة الدولة المصرية عبر استهداف المنشآت الحوية في عدة مدن على رأسها القاهرة والإسكندرية.
- دعم تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي، الموالي لتنظيم "داعش" في سيناء.
- تقديم الدعم لحركة حماس في غزة.
- تقديم الدعم للجماعات المتشددة في تونس والجزائر ومصر لإجبار أمريكا وأوروبا على التعامل مع الإسلام السياسي كسلة واحدة، خاصة في ليبيا.
المشهد الليبي
يبدو أن المشهد الليبي سيشهد مزيدًا من الدماء والصراع، وربما ينتهي الأمر إلى تقسيم البلاد، في ظل سيطرة وحكم الميليشيات على مساحات واسعة، خاصة في غرب ليبيا.
التحالف الإرهابي الجديد في ليبيا، هو تحالف قوي ومدعوم من قوى خارجية، وهو ما يشير إلى أن الأوضاع في ليبيا ورغم التوصل إلى حكومة وفاق وطني ستشهد تغيرًا جديدًا على الأرض، بما يزيد من الصراع وسقوط مزيد من الدماء="البغدادي" ينقل مقره إلى "سرت".. ليبيا "حائط الصد" لتنظيم "داعش"
الخميس 21/يناير/2016 - 03:37 م
طباعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق