السبت، 18 أبريل 2015



الرد على الخوارج تلاميذة السيد قطب==انظر لبعض أفكار الدكتور الترابي كتاب: "مناقشة هادئة لبعض أفكار الدكتور الترابي للأمين الحاج محمد أحمد". حيث ناقشه في ثمان مسائل كلها من قاصمات الظهور الأولى. 
منها: قول الترابي: "ينبغي للعقيدة ألا تكون سلفية أو ولا كلامية"، وانظر للمذكرة المخطوطة "الصارم المسلول في الرد على الترابي شاتم الرسول" لأبي عبد الله أحمد بن مالك.
(1) ولعل قائلاَ يقول: إن عائض القرني قد أعلن رجوعه عن أخطائه وتاب منها. 
فأقول له: تاب الله علينا وعليه، وتبقى كتابات العلماء السلفيين ومناقشاتِهم لفكرة سارية المفعول ردًّا على الأخطاء الَّتِي ناقشت بعضها هنا، والَّتِي لا تزال مدونة في كل كتاب كتبه ونشره، أو شريط سجله أو قصيدة قالها، وإنني لأجزم أن كتب الردود فيها خير ورحمة للناس عامة وللمردود خاصة، ولا يدرك ذلك إلا العقلاء من الناس فافهم -رعاك الله- ولا تظن بمن يرد على الأفكار الخاطئة إلا خيرًا.
(2) مجلة السنة (عدد/11/ص57) بواسطة كتاب "مدارك النظر" لعبد المالك بن أحمد المبارك الجزائري (ص225).


للترابي الشبيهة بشهادة الزور وقد سمعوا ما ثبت عنه مما دون بعضه قريبًا، إن هذا لشيء عجيب، ونسأل الله أن يكون الفرج منه أقرب من كل قريب بالتوبة النصوح. كما لتلك الفرقة التي سقت الحديث عنها ارتباط فكري بكل من:
( أ ) عباسي مدني -وما أدراك ما عباسي- الناطق الرسمي لجبهة الإنقاذ الجزائرية وهو القائل: "إن المصباح الذي أضاءه الامام الخميني نور قلوبنا، إننا نعتقد أن الثورة الإيرانية ستنقذ الأمة الإسلامية بل البشرية جمعاء....".
إن الشعب الجزائري على أهبة الاستعداد للوقوف بجانبكم صفًّا واحدًا لرفع راية "الله أكبر" فِي العالم( ).
قلت: لقد خفي على هذا القائد الحركي كفر الروافض وشدة عداوتِهم للمسلمين الحنفاء الَّتِي لا تقل عن كفر وعداوة اليهود والنصارى والوثنيين، فاعتبر القائد المذكور ثورة الخميني مصباحًا أضاءه الخميني لتنوير قلوب الأمة الإسلامية بل واستنقاذ البشرية جميعًا من براثن أهل الظلم والفساد والطغيان ولست أدري أجهل هذا من عباسي بخبث الروافض أم تجاهل، ولعله إلى التلاعب بعقول الناس أقرب، فحسبنا الله ونعم الوكيل. 
ثُمَّ أقول: وإذ سمعت أيها القارئ هذا الانحراف من هذا القائد حيث ربط مواقفه بمواقف الرافضة جهارًا نَهارًا فاسمع لتزكية عائض القرني له: "عباسي مدني فيه خير كثير وليس بمعصوم ويعوز أطروحاته الفكرية المنهج وانطلاقة السلف ولعل علي بلحاج أوضح منهج السلف في رسائله من السجن فأحسن كثيرًا". 
هكذا قال عائض القرني -هداه الله- ثُمَّ اسمع إلى شعور علي بلحاج الذي يقول عنه عائض أنه أوضح منهج السلف في رسائله وأحسن كثيراً نحو الحكومة السعودية وكبار علمائها بمناسبة حرب الخليج بسبب اعتداءات صدام اللئيم على شعب الكويت وبلاد السعودية معًا، لبس علي بلحاج بدلة عسكرية وتبعه من جنوده جم غفير يحملون في موكبهم العلم العراقي وتوجهوا إلى وزارة الدفاع في الجزائر طالبين السلاح للقتال مع العراق رافعين أصواتَهم بسب السعودية والكويت ومنهم من كان يحمل صورة الخميني. 
وفعلاً سافر هذا الجيش وعند مروره بالأردن صلوا الجمعة بمسجد خطب فيه أسعد التميمي ووصف يومها الشيخ/ عبد العزيز بن باز في خطبته الآثمة بأنه أعمى البصر والبصيرة ولَم ينكر عليه أحد بأي وسيلة من وسائل الإنكار لا الناطق باسم جبهة الإنقاذ ولا نائبه ولَم يقف بلحاج عند هذا الحد ولكنه واصل في خطبه ودروسه العامة السب والشتم لمشائخ السعودية عمومًا بدون استثاء حتى أنصاره كسلمان العودة، ورواد فكره دخلوا في العموم ومسمى علماء السعودية. 
إلى أن قال علي بلحاج الرجل الخارجي في مفهوم عائض القرني والحائز على تزكيته قال: "عندي حل في هذا الحج، نمشي جميعًا إلى البيت الحرام ونعتصم( ) به فلا نخرج حَتَّى تخرج أمريكا من الخليج وآل سعود أو كلمة نحوها"( ).
أسمعت أيها القارئ المنصف التواطؤ على هذا الخبث والكيد لدولة التوحيد
=======


أن الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنع من الخروج ولو ظلم ولو فسق ولو عصى , ولم تستثنِ إلا الكفر الصريح .

جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( خ : 7053 - م : 7467 ) : « من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر . فإن من فارق الجماعة شبراً فمات ؛ فميتةٌ جاهلية » .

وجاء في حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ( خ : 3792 - م : 4756 ) : « إنكم ستلقون بعدي أثَرةً ؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض » .

قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ( خ : 7055 [ 7056 ] - م : 4748 ) :
دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه . فكان فيما أخذ علينا : أن بايَعَنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا , ومكرهنا , وعسرنا , ويسرنا , وأثَرَةٍ علينا . وألاّ ننازع الأمرَ أهلَهُ . قال: « إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان » .

الوجه الثاني :
أن ابن الزبير والحسين قد خالفهم الصحابةُ في ذلك - - رضي الله عنهم - أجمعين - , كما أنكر بعضُ كبار التابعين - رحمهم الله - الدخولَ مع ابن الأشعث .

قال الإمام البخاري - رحمه الله - ( 7111 ) : حدثنا سليمان بن حرب , حدثنا حماد بن زيد , عن أيوب , عن نافع , قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال : إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : « ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة » , وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله , وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال , وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه .

وقال العلامة ابن الأثير - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( أسد الغابة 2/28 ) : « فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة , فتجهز للمسير , فنهاه جماعة , منهم : أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم » انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) : « وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ؛ كما كان عبد الله بن عمر , وسعيد بن المسيب , وعلي بن الحسين , وغيرهم : ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد .

وكما كان الحسن البصري , ومجاهد , وغيرهما : ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( المنهاج 4/530 ) : « ولهذا لما أراد الحسين - رضي الله عنه - أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة : أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : ألاّ يخرج . . . » انتهى.

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لمّا ذكر قتال أهل المدينة ليزيد ( البداية والنهاية 8/235 ، حوادث سنة : 64هـ ) :
« وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحداً بعينه بعد بيعته ليزيد » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( البداية والنهاية 8/161 ، حوادث سنة : 60هـ ) : « ولما استشعر الناس خروجه : أشفقوا عليه من ذلك , وحذروه منه , وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة لـه بعدم الخروج إلى العراق , وأمروه بالمقام بمكة , وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم » انتهى .

قال عبد الله بن عبّاس - رضي الله عنهما - : استشارني الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في الخروج فقلت : لولا أن يزري بي الناس وبك , لنشبت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب .

وجاءه ابن عباس - رضي الله عنهما - وقال : يا ابن عمّ : إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبيِّن لي ما أنت صانع , فقال لـه : إني قد أجمعت المسير في أحد يوميّ هذين إن شاء الله تعالى , فقال لـه ابن عباس - رضي الله عنهما - أخبرني : إن كانوا دعوك بعد ما قتلوا أميرهم , ونفوا عدوّهم , وضبطوا بلادهم , فسر إليهم , وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم قاهر لهم , وعمّاله تجبي بلادهم , فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال .

وجاءه مرّة فقال : يا ابن عمّ : إنّي أتصبّر ولا أصبر , إنّي أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك , وإن أهل العراق قوم غدر فلا تغترّنّ بهم .

وبلغ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - أن الحسين - رضي الله عنه - توجّه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاثة ليال , فقال : أين تريد , قال : العراق , وهذه كتبهم وبيعتهم , فقال لـه ابن عمر : لا تذهب , فأبى , فقال ابن عمر : إنّي محدثك حديثاً : إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا , وإنّك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها أحدٌ منكم أبداً , فأبى أن يرجع , فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال : استودعك الله من قتيل .

وقال سعيد بن ميناء - رحمه الله - : سمعت عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - يقول : عجّل حسين - رضي الله عنه - قدره والله , ولو أدركته ما تركته يخرج إلاّ أن يغلبني .

وجاءه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فقال : يا أبا عبد الله : إني لكم ناصح , وإني عليكم مشفق , وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج فلا تخرج إليهم , فإني سمعت أباك - رضي الله عنه - يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني .

وقال عبد الله بن مطيع العدوي - رضي الله عنه - : إني فداك وأبي وأمي ؛ فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق , فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيداً وخولاً .

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - له ولابن الزبير - رضي الله عنهم - أجمعين : أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين .

وكان يقول : غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة , فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش , وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس , فإن الجماعة خير .

وقال لـه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك .

وقال أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - : بلغني خروج الحسين بن علي - رضي الله عنهما - فأدركته بملل , فناشدته بالله ألاّ يخرج , فإنه يخرج في غير وجه خروج , إنما خرج يقتل نفسه , فقال : لا أرجع .

وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - :
كلمت حسيناً - رضي الله عنه - فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض , فوالله ما حمدتم ما صنعتم , فعصاني .

وكتب إليه المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - : إيّاك أن تغترّ بكتب أهل العراق .

الوجه الثالث :
أن الخروج على الحجاج ليس سببه الفسق ! بل كان بدافع التكفير - عند من رأوا الخروج عليه - .

قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :
« قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق ؛ بل لما غيّر من الشرع وظاهر الكفر » انتهى

الوجه الرابع :
أن الإجماع استقرّ بعد ذلك على منع الخروج على الحاكم ؛ إلا في حالة الكفر الصريح فقط .

قال الإمام النووي - رحمه الله - بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير - رضي الله عنهم - وخروج بعض التابعين - رحمهم الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :« قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛ ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم » انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) :
« ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين » انتهى .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( التهذيب 1/399 ، ترجمة : الحسن بن صالح بن حي ) :

« وقولهم : ( وكان يرى السيف ) يعني أنه كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور , وهذا مذهبٌ للسلف قديم . لكن استقرّ الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشدّ منه ؛ ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عِظةٌ لمن تدبّر===========يوم الخامس عشر من الشهرالجاري جويلية 2009 كنت مسافرا من الجزائر العاصمة إلى ولاية جيجل وأثناء الطريق فوجئت بمكالمة هاتفية من جريدة النهار ، ودون مقدمات سألني أحدهم بعض الأسلئة عن الأسباب التي تجعل الشباب الأحداث يلتحقون بالجماعات المسلحة ، وكيف تتم عملية لما يسمى بغسيل الدماغ لتوريطهم في استباحة الدماء البريئة ، يطلب مني أن أجيبه على سؤاله من خلال تجريبتي في ميدان الدعوة إلى الله، ومناقشاتي للبعض منهم الذين كنت سببا في رجوعهم وعزوفهم عن هذا الطريق الخاطئ حسب ما بلغ السائل ؟فقد ألقي إليه أني كنت سببا في رجوع الكثير منهم عن فكرة الجهاد والصعود للجبال والتكفير بالجهل والعناد.
ترددت في الأول عن الإجابة طالبا منه أن يؤخر هذا الأمر إلى وقت لاحق يكون فيه اللقاء بيننا والسؤال والجواب مباشرة ، فلما ألح علي ، وقال أن الأمر ضروري استرسلت معه في الجواب الذي دام ما يقرب من ثلث ساعة، وفي نهاية الحوار قال لي :ستجد مقالك على صفحات الجريدة ،وفي اليوم الموالي وأنا أتصفح الجريدة رأيت أن السائل [ ياسين ـ ب ] الذي أجرى الحوار معي قد صاغه بطريقته – الصحفية- حيث تصرف فيه وبتر بعض فوائده ،مما أخل بالمقصود منه ، ومن أهم ذلك أن المرصد المحاور شخّص الداء ولم يعط العلاج لهذه الظاهرة التي وصفتها له ،ولا النصيحة التي قدمت إليه ليبلغها،إلى من يريد منهم ممن يرجى أن يعود ، لذا وجدت نفسي مضطرا لأن أعقب عليه لاسترجاع ما حذف من الحوار الذي لم يدم طويلا،واستدراكا لبعض الفوائد التي فاتتني أثناء الإجابة ،رجاء أن يعم به النفع، وأن لا يقرأ قراءة سلبية تبرئة للذمة عند الله تعالى :
فأقول وبالله تعالى استعين :
إن هذه الظاهرة - التحاق الشباب بالجماعات التكفيرية المسلحة أيام العشرية السوداء – له أسباب كثيرة ،تختلف نوعا ما عن الدوافع التي تجعل الأحداث صغار السن اليوم ينجرون بسرعة وسهولة وراء هذه الظاهرة المرضية الخطيرة . 
منها أن الأحوال التي يعيشها العالم بصورة عامة ، والعالم الإسلامي بصورة خاصة غير الظروف والأحوال التي نعيشها اليوم ،فكلما كثر الضغط والتضييق على المسلمين ، كثر مقابل ذلك التشدد والتطرف ،والعنف ،والميل إلى الانتقام من المسلمين الذين يراهم أصحاب الفكر المتطرف حجر عثر أمامهم لمحاربة الكفار –زعموا- مما ولد فتاوى منحرفة خاطئة نتج عنها الخروج وتكفير المجتمعات التي وقعت في معالم الجاهلية الأولى- بزعمهم – وكان ظهور هذا التيار في سجون مصر بقيادة سيد قطب المنظر الكبير لفكر الخوارج في القرن العشرين،ومن مصر إلى سورية الذي أقيم له فيها معسكرات جهادية بحجة مقارعة اليهود في فلسطين، ومنها إلى إيران يحمله الفكر الرافضي الخبيث ثم أفغنستان ، ثم إلى العالم الإسلامي ،الذي ما زال يعاني من تبعاته وويلاته إلى يوم الناس هذا ، حيث تعاطف المسلمون ، مع قضية فلسطين والجمهورية الإسلامية الشيعية - الموعومة – جهلا منهم بحقيقتها -وأفغنستان ، ولم تسلم الجزائر من ذلك فكانت أول بادرة خروج سنة 1985م بقيادة مصطفى بويعلي ،وإن كان مصطفى مات فإن هذا الفكر لم يمت ، ولم يُقض عليه ،بحيث كانت بعض
الأقلام والكتب والصيحات تغذيه ، مثل ،كتب المدودي ، وسيد قطب ،وأشرطة عبد الحميد كشك ،التي كان يتولى توزيعها الإخوان المسلمون ،أضف إلى ذلك ما كانت الجزائر تعيشه في تلك الحقبة من الاضطرابات مما ولد الانفجار الشعبي سنة 1988م .
ثانيا : غياب الوعي الإسلامي الصحيح المعتدل، فلم يكن هناك علماء وطلاب علم بالحجم الكافي كما وكيفا على منهج السلف ، لأن التيار الخارجي يتبنى قضايا الأمة مما جعل الكثير من الناس ينجر وراءه حتى على مستويات عالية ، ففي سنة 85 19 م تعرضت لمسآلة بعدما منعت من العودة لمقاعد الدراسة في الحجاز ،حذرت من خلالها من المد الشيعي الرافضي، والفكر الخارجي وخطرهما فهما وجهان لعملة واحدة ..
ثالثا : فتح الدولة لباب الحزبية ،والسماح بتكوين أحزاب إسلامية ، فتكونت هياكل تنظيمية على رصيد الواقع الأليم التي كانت تعاني منه الأمة ، فإن تكوين أحزاب إسلامية مزق الأمة -أيدي سبأ - إلى طوائف كفرت بعضها البعض مما سهل للفكر الخارجي أن ينتشر بسهولة ، مستغلا هذه الأوضاع مركزا على عواطف الأمة وجراحاتها،في غياب الرقابة الشرعية والقانونية ، مما مكن له أن يعبث بعقول كثير من الشباب ،وقد عانيت اصطداما عنيفا ، ومرارة شديدة ، وظروفا قاسية في مواجهة ذلك التيار المتطرف ونقض شبهاته ،على مستوى الولاية التي أسكنها وبعض ولايات الوطن المجاورة ..وتعرضت للاغتيال مرتين ، ولكن الله سلم ، إذ لم يبلغ الكتاب أجله .
أما اليوم ، وإن كنا نلمس تحسن كبير على مستوى الوعي الإسلامي السني السلفي،وانتشار كثير من طلبة العلم ممن ينتهجون منهج الوسطية والاعتدال، فالعالم تغير وازداد شراسة في اضطهاد المسلمين والتضييق عليهم ،وغزو بلادهم ماديا ومعنويا ، خاصة بعدالحادي عشر من سبتمبر ، وإن ظروف
الأمة الإسلامية بعامة والجزائرية بخاصة بعدخروجها من النفق المظلم، وانتصارها على التيار الجارجي التكفيري المجرم ، انقلبت مماأعطى الشرعية الدينية لكثير من الجماعات الحركية الجهادية الضالة ... وأصبحت تستعطف الشباب بهذه العاطفة الدينية ، والحمية الإسلامية . 
إن الأسباب التي جعلت هذه الظاهرة المرضية الخطيرة تعود في بلادنا إلى الواجهة بعد أن كادت تنقرض كثيرة منها : الجهل بالدين القويم في الحديث ،والقديم ،وظاهرة الفساد الكبير الذي استشرى في الأمة في أغلب جوانب الحياة، والحرمان ، والبطالة ، والفقر ، وعدم الفلاح في الدراسة ، ورفقاء السوء من المغرضين المستأجرين وتخلي الأولياء عن التربية السليمة المستقيمة في البيت ، والمدرسة ، وما ينشره الإعلام من الصور الفضيحة للجرائم التي يرتكبها أعداء الإسلام بالمسلمين مما يحرك الصخور ويلهب القلوب،وما يكتبه أصحاب الأقلام المشبوهة ،غيرة على محارم وأعراض المسلمين ، وسكوت أولياء أمور المسلمين عن ردة الفعل ، ودغدة عواطف الشباب الملتهبة بالمظاهرات التحريضية ،والإضرابات الجاهلية ، التي في غالب الأحيان يكون وراءها دعاة التكفير ،وسكوت بعض الأئمة وطلبة العلم ، وتخليهم عن واجب الحسبة والنصح ، والتوعية الشاملة لأسباب أو أخرى مما جعل الظاهرة تتفاقم ،وتنتشر بين الشباب خاصة .
هذه هي بعض الأسباب التي جعلت كثير من الشباب يدفع بنفسه للموت في سبيل الضلالة وجريمة قتل الأنفس البريئة .
وهذه الأسباب في مجملها ، مع الترغيب الكبير في الاستشهاد والحصول على أعلى درجات الجنان ، ومقاعد الصدق والرضوان عند الرحيم الرحمان ،وملاعبة الحورالعين بدلا من حور الطين ، يندفع الشاب كالليث للحصول على إحدى الحسنيين ،الشهادة بالعمليات الانتحارية ،والثمرة يجنيها قادتهم في الدولة الإسلامية- المزعومة - خياليا ، أوالانتصار ويشترك فيه الكبار والصغار .مع أن أجدادهم خرجوا يطلبون المال، والسلطان متأولين آي القرآن . 
سألني صاحبي هذا السؤال : لماذا يتأثر هؤلاء الشباب الصغارأكثر من تأثر الكبار بهذه الظاهرة ؟
فقلت : لأن الشاب الحدث ما زال على البراءة،والفطرة السليمة ـ ولم يتذوق طعم الحياة الدنيا ، فأي شيء غرسته فيه أثمر وبسرعة وقوة ، خاصة جانب الخير ، فكيف إذاكان البذر والثمار رضوان الله تعالى في جنات عرضها السموات والأرض ؛فحاله كالطفل الصغيرالذي إذا أخرجت له حَلوةً من جيبك ورآها اندفع إليها ليأخذها حتى لو كانت أمامه عقبات ومخاطر ، فلا يتركها حتى ينالها ، فإن لم ينالها بالراحة نالها بالصراخ والبكاء ...ولأن هؤلاء الشباب الأحداث ما تذوقوا حلاوة الدنيا كما قلت ، فليس عندهم ما يخافون على فواته ،إلا حياتهم فقد سخروها في سبيل الجنان ورضوان الرحمان بفتاوى أئمة الضلالة والبهتان في هذا الزمان .
فإن الشاب الذي يعيش الحرمان ، والفقر المذقع ،والظروف القاسية ، ويُوحى إليه أنه مهمش في المجتمع ، والأسرة ، بمجرد ما يجد من يحتضنه ليجد فيه متنفسه سيندفع إليه ويتمسك به ، وخاصة إذا حُدث بما يوافق فطرته ـ فكيف إذا وصف له الجنان ،والحور العين ، ورضوان الله ، بمجرد ما تزهق روحه في سبيل الله، وأن فلان وعلان ممن سبقه هو الآن ينعم في الجنان، وما يحكى له عن كرامات الأفغان ، فلا تشك حينئذ في انطلاقه كالليث الضاري إلى ساحة الموت ، لا يأبه بصيحات أمه ،ولا أمته وبلاده ، ولا يرده عن قصده إلا عالم سني سلفي يغسل له دماغه بإبطال الشبه والتأويلات التي ألقيت عليه .

علاجالظاهرة :
إن ظاهرة التكفير والخروج على الحكام ليست وليدة الساعة ،فإن الناظر في تاريخ هذه الأمة يرى أنها تخبو حينا وتطفو حينا آخر بسبب قوة العوامل الداخلة عليها وضعفها ، وأنه بإحصاء جميع الخروج الذي كان في الأمة عبر تاريخها بدأ بظهوره أيام علي رضي الله عنه لم نجد خروجا واحدا نجح، وكان القضاء عليه بأمرين اثنين لاثالث لهما ، وهما تعاون العلماء والأمراء ، تعاون القلم بالكلمة الهادفة الصافية السنية السلفية العادلة المربية مع سيف الحق البتار، تعاون قوة الحجة بقوة السيف.
ثانيا : لا ينبغي إعمال القوة والسيف لوحده ، قبل إقامة الحجة والإعذار إلى القوم لأن فيهم الكثير من المغرر بهم، فالسبيل الوحيد لقطع الطريق أمام هؤلاء الأغرار الأغمار ورد من ضل منهم هو فتح بابالحوار معهم ، وأن يبقى مفتوحا لمن أراد أن يلجه منهم ، وتيسير السبل للعلماء وطلبة العلم والدعاة السنيين المعتدلين لمناقشتهم، وكشف انحرافاتهم بالحجة والبرهان ،بالتي هي أحسن للتي هي أقوم ، فإذا كان الله يأمرنا أن نجادل أهل الكتاب وهم كفار بالتي هي أحسنفمن باب أولى وأولى أن نجادل أبنائنا الذين قصروا في حق الله بالفهم الخاطئ لمراده ، وفي حق أنفسهم وذويهم وأمتهم بالتي هي أحسن ، وإذا كان الله يأمرنا أن ندفع بالتي هي أحسن مع العدو ليدفعه ذلك أن يكون وليا حميما فمن باب أولى أن ندفع بالتي هي أحسن مع إخواننا وأبنائنا المغرر بهم الذين بغوا علينا فإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره ،أما رؤوسهم فلا مطمع في رجوعهم إلا أن يشاء الله ، فهذا ما فعله أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وغيره إذ أرسل إليهم ابن عباس فحاورهم وأثمر حواره فرجع منهم الكثير ، وبقية ثلة قليلة قاتلهم وكاد أن يأتي عليهم لولا تراجعهم ،وأخذه
العهد على نفسه أن لا يبدأهم بالقتال ...هذا نداء ناصح مشفق :
ثالثا : ومما ينبغي الاهتمام به لعلاج هذه الظاهرة ، العناية والاهتمام البالغ بالشباب ، من الوالدين بالنصح والتوجيه ، والتفقد ، ومن المسؤولين بتوفير مقاعد للاحتراف في مؤسسات التكوين والتأهيل ، ودور العلم الاستثائية لمن لفظتهم المدرسة النظامية مع مراعاة ميولهم ، وتوفير أماكن الشغل والعمل حسب أعمارهم ومستوايتهم ، وتعاون المجتمع معهم ، ونزول ذوي الاختصاصات التربوية إلى ساحاتهم ، وفتح المجال أمامهم للاحتاك بالعلماء وطلبة العلم ، مع توعية الشاملة من العلماء،ومستمرة .فمسؤولية التعاون على صلاح البلاد والعباد مشتركة بين الجميع .
قال تعالى :{{ وتعاونوا على ابر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان }}
وسبحناك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت استغفرك واتوب إليك                                                                                                                             


فإن الإسلام لِكمال هديه وكمال حِكمته يمنع الخروج على الحكام وما يؤدي إلى الخروج، ويأمر بالنصيحة والموعظة الحسنة النافعة بالطرق الحكيمة البعيدة عن الإفساد والمفاسد.لكن الخوارج يرون الخروج على الأئمة –بارك الله فيكم- يعني إذا كانوا يُكَفِّرُون بالكبيرة فهم يُكَفرون الإمام أو الحاكم، إذا خالف ووقع في معصية استحلوا الخروج عليه، فيخرجون يسفكون الدماء وينتهكون الأعراض ويستبيحون أخذ أموال المسلمين وسبي ذراريهم؛ إلى آخر مخازيهم التي وقعوا فيها بسبب هواهم وبسبب خلافهم لمنهج الله تبارك وتعالى ولما قرره الرسول عليه الصلاة والسلام وقرره القرآن وسار عليه العلماء وسار عليه الخلفاء الراشدون.
خالفوا هذا بأهوائهم فأثخنوا في الأمة ومزقوهم شر ممزق، وتلاحقت البدع بعد ذلك، هم فتحوا هذا الباب بل أبواب الشرور والفتن، لهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلهم، فقال: (هُم شَرّ الخلقِ والخليقة) (فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) (يَمْرُقُونَ مِن الدِّينِ كَمَا يَمرُق السَّهمُ مِن الرَّمِيَّة) فهذه طريقة الخوارج في كل زمان ومكان.دائمًا يدعون إلى سفك الدماء وإلى الخروج على حكام المسلمين –بارك الله فيكم-، أما الشريعة ففيها الحكمة وفيها مراعاة المصالح وفيها درء المفاسد، فإن الخروج على الأئمة له مفاسد عظيمة جدًا.لقد أَطْلَع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على ما سيحدث في الأمة من انحراف في الحكام وفي غيرهم فقال عن الحكام: ( إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها، قَالُوا : يَا رَسُول الله ، فَمَّا تَأْمُرُ من أدرك منا ذلك ؟ قَالَ : تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ) متفق عليه.فلم يأمرهم بالخروج ولا القتال ولا المظاهرات ولا غيرها مِن ألوان الفساد.وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كَلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُون خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّل فَالأَوَّلِ، وأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ) متفق عليه.انظر إلى هذا التوجيه النبوي الحكيم؛ فلو كان صبر المسلمين على جور حكامهم منطلقًا من هذه التوجيهات النبوية الحكيمة لجعل الله لهم فرجًا ومخرجًا (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ).وكما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن واقع الحكام تحدث أيضًا عن الفِرق وأنَّ هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، أطلعه الله سبحانه وتعالى على ذلك، وهذا من معجزاته، أطلعه الله على ما سيكون في هذه الأمة من بدع وسياسات منحرفة وما شاكل ذلك، ولكن رسول الله يراعي المصلحة الكبرى ويدفع الفتنة الكبرى عن المسلمين وعن دمائهم وعن أعراضهم وعن أموالهم.أمر الله سبحانه وتعالى بتغيير المنكر (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)، وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).ومع ذلك الحاكم له شأن آخر، وهو أن يُنصح بالحكمة والموعظة الحسنة، لأن تغيير منكره إذا كان دون الكفر البواح يترتب عليه مفسدة أكبر وأكبر وأكبر من المفسدة التي هو واقع فيها والتي تريد أن تستريح منها وتزيلها، تقع في مفسدة أكبر وأكبر من الفوضى وسفك الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال وما شاكل ذلك، أَمرنا بالصبر عليه الصلاة والسلام، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمَكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله حتى تَروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان"، كفر بواح لا يحتمل التأويل، ولا يقبل تأويلاً، واضح كالشمس فحينئذٍ للمسلمين أن يخرجوا على هذا الحاكم الذي وقع في الكفر الواضح بشرط أن لا يكون في خروجهم مفسدة أكبر من بقاء هذا الحاكم الكافر –بارك الله فيكم- لأنه قد يخرج بعض الناس والضعفاء فيفتك بهم ويضيع الدين والدنيا، فتكون المفسدة أكبر! فلا يخرج المسلمون على الحاكم الكافر إلا إذا كان الخروج أرجح وأنجح وأن المسلمين سيسقطونه دون سفك دماء ودون انتهاك أعراض ودون ودون.أما إذا بقي في دائرة الإسلام "لا ما صَلوا" تروي أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنه يكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمَن عَرَف فقد بَرِئ، ومن أَنكر فقد سَلِم، ولكن من رَضِيَ وتابع، قالوا: ألا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ! ما صَلَّوْا"، فما دام يصلي فلا يجوز الخروج عليه، ما قال :ما أقاموا الصلاة، قال: لا ما صلوا، مادام يصلي ظاهره الإسلام وأنه في دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه، لأن الخروج يؤدي إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض.وما استفاد الناس من الخروج على الحكام أبدًا، لم يستفيدوا من الخروج على الحكام أبدًا، خروج أهل المدينة على يزيد ترتب عليه مفاسد عظيمة، خروجهم على بني أمية وعلى بني العباس ما يترتب عليها إلا الفساد والهلاك والدمار، فلم يستفد المسلمون من هذه الخروجات أبدًا، ودائمًا تأتي مفاسدها أكبر وأكبر وأشد من مصالحها، واعتبروا بالصومال كان حاكمهم ظالمًا فاجرًا فخرجوا عليه فاستمروا في دوامة من الفتن والدماء إلى يومنا هذا.صدام الفاجر البعثي انظر لَما أُسقِط ماذا يحصل للعراق إلى يومنا هذا، وماذا سيحصل الآن لهؤلاء الذين يتظاهرون في البلدان العربية؟! ما الذي سيترتب على أعمال هؤلاء؟!والله أنا آسَف، آسَف الأسف الشديد أنه لا ذِكر للإسلام في هذه المظاهرات كلها! وبعض الكتاب يحكي الإجماع على هذه الديموقراطية، ينطلقون من الديموقراطية، المطالب الشعبية كلها تنطلق من الديموقراطية! ليس فيها أي مطلب ينطلق من الإسلام أبدًا، والعياذ بالله، والحلول من بعض الحكام ديموقراطية، فيا غربة الإسلام.يعني هذا حاكم تونس غادر تونس والفوضى باقية والله أعلم كيف ستنتهي الأمور؟! وما أظن أنها ستنتهي بحكم الإسلام.وحاكم مصر طلب مهلة لمدة بسيطة ثم يتخلى عن الحكم فأصر المتظاهرون إصرارًا شديدًا على تنحيته فورًا فتنحى، فما هو البديل عن الديموقراطية أو الحكم العسكري؟ إذا لم يكن البديل هو الإسلام بعقائده ومناهجه الصحيحة في كل المجالات ومنها مجال السياسة، إذا لم يكن الإسلام هو البديل فلم يصنعوا شيئًا، إذا كان البديل هو الديموقراطية الغربية المناهضة للإسلام فبئس البديل.أنا آسَف الآن على ما يحصل في العالم الإسلامي من هذه المظاهرات الجاهلية الهمجية الفوضوية التي لا وجود للإسلام في مطالبها ولا للمتظاهرين مما يدلك على أنهم جاهلون بالإسلام، وأنهم لا أمل لهم أو لا رغبة لهم في أن تقوم دولة إسلامية مثلاً، ما عندهم هذا، ديموقراطية! ديموقراطية! ديموقراطية! ديموقراطية! يعني طلاب جامعات ودكاترة وأساتذة وعقولهم أدنى وأدنى من عقول الأطفال! وهم يركضون من وراء أفكار الغرب وتشريعات الغرب وقوانين الغرب، ومطالبُهم لا تقوم إلا على هذه الأمور التي جاءت من أوروبا " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" أهل البدع فعلوا هذا والسياسيون فعلوا هذا مع الأسف الشديد.نسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ للأمة علماء ناصحين يقودونهم بكتاب الله وبسنة رسول الله، وأن يهيئ لهم حكامًا صالحين ناصحين يحكمون بشريعة الله تبارك وتعالى، بكتاب الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، إنّ الحكم لله وحده سبحانه وتعالى فلا حكم لأحد معه ولا شريك له في حكمه : ﴿ إن الحكم إلا لله، أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ﴾ ، الحكم لله وحده، ربكم الذي خلقكم وخلق الأرض وخلق السماء وأمدكم بالأنهار والجنان وكل شيء ثم تنسونه! وتنسون تشريعاته! وتتعلقون بتشريعات اليهود والنصارى! ما أحد ذكر الإسلام في هذه المظاهرات، حتى صوت الخوارج ما وُجد عندهم مع الأسف الشديد، نحن نذم الخوارج ونذم خروجهم ونحاربهم لكن هؤلاء مطالبهم تحت مطالب الخوارج بدرجات ودرجات، مع الأسف الشديد.فنحن ننصح المسلمين أن يعودوا إلى الله تبارك وتعالى، أن يعودوا إلى كتاب الله عز وجل، ويكون لا هم لهم إلا الالتزام بهذه الشريعة وتطبيق هذه الشريعة الغراء، تطبيق نصوص هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسعادة كل السعادة فيه وفي بيانه السنة، والهلاك والدمار والشرور والفتن والمحن كلها تنصب على من يخرج عنهما.ونسأل الله أن يهيئ للمسلمين حكامًا ناصحين؛ لأنَّ الحاكم إذا لم يَنصح للأمة فقد حرم الله عليه الجنة، فعن مَعْقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة ) متفقٌ عليه . وفي رواية : ( فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة ) . وفي رواية لمسلم : ( مَا مِنْ أميرٍ يلي أمور المُسْلِمينَ ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ لَهُمْ ، إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ ) .فالحاكم يجب عليه أن يَنصح، ومِن نصحه للأمة أن يطبق فيهم أحكام الله وينفذ فيهم شريعة الله ويربي الأبناء والأجيال والجيوش على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي يجب على المسلمين وحكامهم.الله الذي خلقكم وبوأكم هذه الأرض، الأرض التي فُتحت بالإسلام، مصر فتحت بالإسلام، ليبيا تونس غيرها الجزائر المغرب، الشرق الغرب، العراق خراسان كلها فُتحت بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، كيف يُنسى كتاب الله وسنة الرسول؟! كيف يُنسى الله؟! كيف تنسى أحكامه سبحانه؟!الحكم له وحده سبحانه وتعالى، ليس لأحد حاكمية مع الله تبارك وتعالى، فنسأل الله العافية.على كل حال الخروج لا يجوز لأنه يترتب عليه مفاسد لا أول لها ولا آخر.والتأريخ يدل على هذا والواقع الذي عاصرناه وعايشناه يدل على هذا، فالأمور لا تعالج إلا بالحكمة.كان على هؤلاء أن يذهب العقلاء إلى الحاكم ويذكروه بالله ويخوفوه بالله، ويقولوا له والله نريد الإسلام، كيف نقول ديموقراطية!؟ هو يقول ديموقراطية، الديموقراطية فيها وفيها وفيها!! بعضهم عدد للديموقراطية حوالي مائة مفسدة أو ما أدري مائة وخمسين مفسدة، أنا رددت على عبد الرحمن عبد الخالق وبينت له مفاسد الديموقراطية قال أزيدكم أن مفاسد الديموقراطية تبلغ مائة وخمسين مفسدة، قلت له إذا كانت تزيد على مائة وخمسين مفسدة فهي أكبر من الشرك، هي أم الشرك هي أم الخبائث الآن وليس فيها عدل أبدًا، أول ما يسقطون حق الله، فأين العدل؟! أول ما يسقطون حق الله وحق رسوله وحق كتابه وحق الإسلام فأين العدل؟! بارك الله فيك، يزعمون أن فيها الحرية! لكن ما هي هذه الحرية! تَدَيَّن بما شئتَ، كُن يهوديًّا كن نصرانيًّا كن شيوعيًّا كن بعثيًّا كن قبوريا كن ما شئت –بارك الله فيك- إلبس ما شئت! تَعَرَ! امش عارياً! ازن ! اسرق ! لا تخف من إقامة الحدود –بارك الله فيك- رَابِ ! تعامل بالربا ! افرض المكوس! أين العدل؟! كلها ظلم وظلمات بعضها فوق بعض، فالحرية الصحيحة الحقيقية في الإسلام، يحرر الإنسان من كل العبوديات التي تبيحها الديموقراطية وغيرها من التشريعات الجاهلية، فكيف المسلمون يطالبون بالديموقراطية ديموقراطية ديموقراطية!نسأل الله أن يوفق المسلمين للعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

======================================================الردُّ الَرقْرَاق على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك ، تُجَاهَ بَيَانِه فيما يحدث في مصر الآن مِنْ الإنتخابات الرئاسية من شِقَاقْ "


وقد سُقتُ بيانه إبتداءً بِحِرُوفهُ ، مع أنّه ـ للمتأملِ ـ للعامل به ، فيه حُتُوفَهُ .
( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإلى الإخوة في أرض الكنانة، مصر العزيزة، هذا وقت جني الثمرة لثورتكم؛ فاحذروا أن تخطف من أيديكم وأن يقطف الثمرة غيركم فيضيع الجهد والجهاد الطويل، فيخطفها من يعود بكم إلى عهد الرئيس السابق الذي أبليتم بلاء عظيما للتخلص منه، 
فالحزم الحزم!
والجد الجد!
فاقطعوا الطريق على أحمد شفيق ومن وراءه؛
فإن انتخابه حرام، كيف وهو الذي ترضاه أمريكا، التي لا تريد بأهل مصر خيرا؟!
وهل يرضى مسلم لنفسه أن يختار لقيادة بلاده من يسوي بين القرآن والإنجيل المنسوخ؟!
فاحذروا أيها المسلمون في مصر أن تخدعوا فتندموا!
واذكروا أنكم مسؤولون عما تعملون وتقولون، (فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون).
حفظ الله لمصر عزها بالإسلام، (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين). وصلى الله وسلم على محمد.
أملاه 
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الأستاذ (سابقا) بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية
الرياض في 9 رجب 1433ه ) هـ
أقولُ وبالله التوفيق :
أولاً : نداءكم يا فضيلة الشيخ ـ حفظك الله ـ على العوام بقولكم : 
" يا أهل مصر " ، كذا ناديتهم على عمومهم ، مع أنّ الأمر الذي عمَّمتَ ندائك لهم إنما المَعْنّي به هو خواصهم دون عوامهم ، وانظر لذلك ـ مأموراً ـ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : 
" سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصّدَّقُ فيها الكاذب ، ويُكَذبُ فيها الصادق ، ويُؤتمن فيها الخائن ، ويُخوَّنُ فيها الآمين ، وينطق فيها الرُّويبِضَة، قيل : وما الرويبضة ؟
قال : الرجل التَّافِهِ في أمر العامة " 
صحيح : إبن ماجة (4036) ، وغيره .
وقد فسَّر العلماء الرويبضة بقولهم : 
" هو العاجز الذي رَبَضَ عن معالي الأمور ، وقعد عن طلبها ، وزيادة الهاء ـ في : الرابضةِ ـ للمبالغة في وصفه "
" شرح السُّنّةِ " للبغوي (1/11) ، و " لسان العرب " لابن منظور " 7/149) ، 
وقالوا أيضاً في تعريفهم للتافه : 
" تَفِهَ الشيىء تَفَهَاً وتُفُوهاً وتَفاهَةً قلَّ وخَسَّ فهو تَفِهٌ ، وتافه العقل أي : قليله ، والتافه : الحقير اليسير ، وقيل : الخسيس القليل ...، قال التافه : الحقير الخسيس ".
"لسان العرب " (13/480) ، و " النهاية في غريب الحديث " ( 1/ 515 ) .
وفي الحديث : " كانت اليدّ لا تُقطع في الشيىء التافه " .
بل قال الزُبَيدي عن الرجل التافهِ : " انبعاثه في الأمور الجسيمة "
" تاج العروس " ( 18/335 ). 
وقال أيضاً الفيروزآبادي : " وهو الرجل التافه أي : الحقير ينطق في أمر العامة، وهذا تَفْسِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم لِلْكَلِمةِ ".
" القاموس المحيط " ( ص 829 ) .

" ومنها يودُّ أن تنطق الرويبضة في أمور العامة " كم في " تهذيب اللغة " للأزهري ( 4 / 155) . 

بل قال عنه إبن فارسٍ " وتنطق الرويبضة : هو الرجل التافه الحقير ، وسُمِّي بذلك لأنه يَرْبِضُ بالأرض ، لِقلتّه وحقارته ، لا يُؤْبَهُ لهُ " .
" معجم مقاييس اللغة " ( 2/ 379، 478 ) . 
وصَدَقَ والله إبن بَطَّال حين قال مُعَلِّقَاً على هذا : " وقد رأينا أكثر هذه العلامات ، وما بقي منها فغير بعيد " . 
" شرحه على البخاري " ( 10 / 207 ) .
ومِنْ عظيم فقه الإمام البخاري أنّه أخرجه في " كتاب الفتن " ، وكذلك في " كتاب التعبير " مِن كتابه " .
وقال أيضاً أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم ، مُعَرِفاً الرجل التافه : " والتافه : يعني الخسيس الخامل مِنْ الناس ، وكذلك كل خسيس فهو تافه :" .
" غريب الحديث " ( 3 / 153 ) .
فهل يُنَادَىَ يا فضيلة الشيخ على هؤلاء ـ كما أعلنتَ أنتَ هُنَا ـ لِيُؤخذَ رأيهم ، فيُصْدَرَعن قولهم ، فهل غرَّتك الجماهير العريضة ـ على جهلها ـ فا نخدعت بِكثرتها ـ وبِئسَتِ الخُدْعَةِ تِلك ؟ 
أمْ أنّ فضيلتك ترى أنّ هذا الأمر ـ وهو إختيار الوُلاَةِ ـ ليس كذلك ، أي : أنَّهُ نهبٌ مُشاعٌ للجميع ، لا أظنك ؟
ثُمَّ هل رأيتَ فيهم ولو عالِمَاً وآحداً ، أو حتى طالبَ عِلْمٍ مشهود له مِنْ قِبَلِ العلماء بصحة المُعتقدِ وسلامةِ المنهج ؟
لا أظن فضيلتك تقول بهذا ، ولو كان عنكم خِلاَفه فلتُسَمِّي لنا ولو وآحداً ؟
ثانياً : قولكم ـ حفظكم الله ورعاكم ، وسددّ على طريق السُّنّةِ خُطاكم ـ 
فا إلى الإخوة في أرض الكِنَانةِ مصر العزيزة ، هذا وقت جني الثمرة " .
معناهُ أنَّك تقول أنّهُ أوجب علينا جني الثمرة وهذا أوان ذلك . "
مع أنّ هذا هنا خِلاف منهاج النبوة ؛ حيث أنَّ الله لم يأمرنا بجني الثمرة ، وإنما أمرنا بِغرس البِذْرَةِ وتعاهدها ، وأمَّا الثمرة فيجنيها أولادنا أو أحفادنا أو حتى أحفاد أحفاد ، فهذا أصلاً لا يضيرنا ؛ لأننا لم نُؤمر بهِ إبتداءً ، وسمِعْتُ شيخي الألباني ـ شيخ الإسلام ، وعلم الأعلام ، جبل السُّنّةِ ، وحافظ الوقت ، بل وأمير المؤمنين في الحديث والفقهِ ـ وغيرهما ـ معاً في زماننا ـ رضي الله عنه ورحمه الله تعالى ، يقول :
" نحنُ لسنا مطالبين بالوصول إلى نهاية الخط المستقيم ـ كما في حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله ـ ، وإنما نحن مأمورين بألاَّ نموتَ ‘ إلاَّ ونحن على هذا الطريق ، في أوَّلِه أوفي آخره لا يضرنا ذلك " ـ
فهلاّ إنتبهنا إلى هذه التقيعدات السلفية الفذَّةِ ، مِن الإمام الألباني ؟
فنحن مُطالبون بأن نسيرعلى الطريق ، وألاَّ نموت إلاَّ ونحن عليه ، حتى وإنْ عَدِمْنَا الصديق ، ولم يرحمنا الرفيق ، بل الشقيق . 
وإذا كنتَ تقولُ بخلاف هذا فأخبرني بالله عليك ، ماذا كانت عاقبة من فعل هذا في الستِّينات من القرن الماضي ، وهل حصدوا إلاً الحنظل ما زال أصحابه يُعانون مِنْ آثاره إلى الآن ، فهل تتأمل ـ بارك الله فيك ـ .؟
ثالثاً : أيّ ثمرةٍ تعني ، هل تقصد الحصول على قطعةٍ ـ دَقَتّ أو جَلَتّ ـ من الكعكةِ ،كما يقول العلمانيون والليبراليون وأضرابهما ؟
وهل قولكم " هذا وقت جني الثمرة " .
فهل تقول بمشروعية الثورة والثورات والإنقلابات والإضطرابات والمظاهرات كما هو لازم قولك هنا ، ماهذا يا فضيلة الشيخ ؟
إنّ هذه الثورة ـ وهي مِنٍ الثِيِرَانِ ـ ليست هي الطريقة السلفيّةِ لتغيير المنكرودفع الرزيّة ، وإزالةِ البَلِيّةِ ، عن الذُرِيّةِ .
ووالله يا فضيلة الشيخ لم ولن نجنِ ولا ثمرة وآحدة ، وإنْ قُلْتَ بخلافِ ذلك فسمِّي لنا أنتَ فائدةً وآحدة ، وأنا أُسمِّي لك ـ بل للناس جميعاً ـ عشرات بل مئات المصائب مِنْ يومها إلى الآن .
وكلامكم يحتمل وجهينِ لا ثالث لهما ، وهُمَا ، إمَّا أنكَ ترى كُفر الرئيس السابق ، وإمَّا لا ترى كُفْرِهِ .
فإذا كانت الأولى هل ترى أنَّ الحكم بغير ما أنزل الله كُفْراً يُخرج مِنْ المِلَّةِ قولاً وآحداً ؟ 
فإذا كان ذلك كذلك ، فما هو قولكم في تفسيرالسلف ـ وأُوْلِاهَا بل أُولَاهَا قول إبن عباس رضي الله عنهما عنها : كفر دون كفر ... ، ـ لللآيات الثلاث الواردةِ ، وغيرها من الأحاديث الصحيحة موضوع المُذاكرةِ ؟
رابعاً : قولكم : " فيضيع الجُهدِ " .
أيّ جُهْدٍ هذا يا فضيلة الشيخ ؟
هل الخروج على ولي الأمر ، ومُنازعته السُلطان ، وسبِّهِ على الملأ ، والتحريض عليه على المنابر ، وتسويد الأوراق بِمِداد المحابر ، وغير ذلك ممَّا حدث في هذه الخديعةِ الكُبرى ، والتي تُسمِّيها أنتَ ثورة ، تُسَمِّيهِ جُهْداً ، أنتظر جوابك عن ذلك كله يا فضيلة الشيخ ؟
خامساً : قولك عَقِبَهُ : على هذا الخروج على وليِّ الأمر أنَّهُ 
" جُهْدٍ وجِهادٍ " .
وأنَا يا فضيلة الشيخ ـ وسامحني ـ أسألك هل دَرَسْتَ مثلاً كتاب الجهاد مِنْ " الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " ، ـ وهذا هو إسمه الذي سمّاهُ به مُصَنْفَّهُ ـ الإمام البُخَاري نفسه ـ ، ثُمَ إشْتُهِرَ بَعْدُ بصحيح البُخاري ، وهو في " الفتح " ( 6 / 5 ـ 225 ) ، وكذلك كتاب " الإمارة " ـ وليس الأَمَارَةِ بِفَتْحَتَيْنِ شاخِصَتَيْنِ ـ من كتاب الإمام مسلم " المسند الصحيح المختصر من السُّنَنْ بنقل العدل عن العدل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم " ، ـ وهذا أيضاً هو إسمه الذي سمّاهُ به مُصَنْفَّهُ ـ الإمام مسلم نفسه ـ ، ثُمَ إشْتُهِرَ بَعْدُ بصحيح مسلم ، ( 13 / 3 ـ 108 ) ، مع التنبيه على أنَّ الإمام مسلم ذكر جُمْلَةً منها أيضاً في "كتاب الإيمان" من صحيحه ، وأرقامها ( 83 84، 85 ) ، وذلك في " شرح النَّوَوِي على مسلم " ( 2 / 95 ، 104 ) ، وذلك تحت تبويب النووي ـ لأن التبويب على مسلم من صنيع الإمام النووي ، وليس الإمام مسلم ، فقد قسَّم مسلم كتابه إلى كتبٍ فقط ، بخلاف البخاري فقد قسَّم كتابه إلى كتبٍ وأبوابٍ ، فانتبه ـ ؟
أو حتى درست معنى الجهاد لغةً ، واصطلاحاً ؟
فالجهاد لغةً : يُقال جَهَدْتُ نفسي وأجهدت ، والجُهْد : الطاقة .
والجهاد شرعاً : هو بذل الوُسع في قتال الكفار عند اللقاء بهم والذبِّ عن الإسلام وأهلهِ بالنفس والمال واللسان والقلب لإعلاء كلمة الله .
فهل هذه الخديعة الكُبرى ـ والتي تسميها أنتَ الثورة ـ ينطبق عليها ذلك ؟
فهل هؤلاء الذي خرجوا على وليِّ أمرهم يُنابذونه حُكْمَهُ ، ويُنازعونه في سُلطانه ، خرجوا أولاً : لإعلاء كلمة الله ، أم لتحقيق مطالب فئويّةٍ ، أو رغبات شخصيّة ، أو مُوافقةً لأهواء ذاتيّة ، أو لدفع مظالم جليّةِ ، أعلمنا بكيفية معالجتها رسول رب البريّةِ ، بقوله صلى الله عليه وسلم : 
" ... أدّوا الذي عليكم ، وسلوا الله الذي لكم " .
ولم يقل ـ كما قالوا ـ أنتم تُؤدون إليهم ما أوجبوه عليكم ، فعليكم أن تأخذوا ـ ولو بالقوة ـ منهم حقوقكم ؟
وهل قاتلوا كُفَّاراً ، تحت رايةٍ وإمامٍ ، فقتلهم كفاراً ، وهل إقتحم مبارك عليهم منازلهم فقتلهم ، أم أنّه قاتلهم ـ ويحقُ له ـ نصاً ـ حينئذ ـ لمنابذتهم له الحكم ـ قتلهم ؟
فتأمل في الحديث ـ يرحمك ، ويرحمنا ـ بسكوتك عنَّا ـ منك الله ـ .
فهل إنعقد كل ذلك في نفسك ، واجتمع عليه قلبك ، حين أصدرتَ بيانك العليل ، والذي لا يروي الغليل ، بل والله وقعه على النفس ـ منك ـ ثقيل ؛ لِمُخالفته ـ كلهِ ـ الدليل ، وعدم إصابتك فيه على منهج السلف التأويل .
لا أظن هذا أبداً ، ولللأسفِ الشديد ، ولا كلَّفْتَ خاطركّ حتى مُجَرَدِ النظر في كتاب مُفْرَدٍ لأحد من أئمتنا مِنْ السَّلَفِ المَعْنِيَّةِ بموضوعنا ـ والذي تعجلتَ وللأسف فيه فأخطأتَ ـ ، ككتاب الجهاد لابن أبي عاصم مَثَلاً ، وهو في مجلدتين لطيفتين ، ومجموع أحادثيهما ( 321) حديث فقط ، مع العلم أنَّي أَحَلْتُكَ على كتاب مطبوع حتى ينقطع عُذرَكَ ، وإلاَّ فالمخطوط عِنْدِي في بابه كثير بل وجداً كثير ؟
فما هذا منك يا فضيلة الشيخ ـ سامحك الله ـ ؟
( ملاحظة : لللأسف أنّ علامة التعجب على لوحة المفاتيح عندي لا تعمل ) . 
إنِّي أربأ بكَ عن كُلِّ ذلك ، فإنْ كانَ ذلك كذلك ، فانتبه ـ بارك الله فيك ـ .
والله لقد قلتُ للمُتَصِلِيْنُ عليَّ يوم 25 يناير ليلاً ـ بعد منتصفه بقليل
ـ : " والله لا يُرجى خيرٌ مِنْ ولِقَوْمٍ خالفوا سُّنّة نبيهم ، وذلك بخروجهم على وليّ 

أمرهم ، وما هو قادم أسوأ " ، وقد كان وما يزال والله .
سادساً : هل هذه هي الطريقة السُّنيّةِ السلفية في تعيين وُلاةِ أمر الرعيَّةِ ، بالثورات والإنقلابات والإعتصامات والإضطرابات والإنتخابات، والتي لا تجرّ إلاّ الويلات والبلِّيات والرزيَّاتِ ، والتي هو مشاهد ومعلوم إلاَّ لمن كانت حواسه مُعَطّلاتِ. 
وإليك بعض أقوال أهل العلم في تحريم هذه الإنتخابات :
قال العلاَّمة الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ ورضي عنه ـ : 
" المشاركة في الانتخابات هو ركون إلى الذين ظلموا ذلك بأن نظام البرلمانات ونظام الانتخابات يعتقد ـ حسب ما أعلم ـ كل مسلم عنده شيء من الثقافة الإسلامية الصحيحة أن نظام الانتخابات ونظام البرلمانات ليس نظاماً إسلامياً
"، وقال أيضاً : 
" ولكن شتَّان بين ذلك الحكم الذي كان يحكم بمذهب من مذاهب المسلمين الذي أقيم على رأي أحد المجتهدين الموثوق بعلمهم، وبين هذه البرلمانات القائمة على النظم الكافرة التي لا تؤمن بالله ورسوله بل هم أوّل من يشملهم مثل قوله تبارك وتعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَايُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[التوبة:29]، فيا عجبا لمسلمين يريدون أن ينتموا إلى برلمان يحكمون بقانون هؤلاء الذين أُمرنا بقتالهم، فشتان إذاً بين هذا النظام الذي يحكم البرلمان والمتبرلمين ـ إذا صح التعبير ـ وبين مجلس الشورى الإسلامي"
وقال أيضاً : " أمّا البرلمان فيشترك فيه ما هبّ ودبّ من المسلمين، بل ومن المشركين ، بل ومن المُلحدين ؛ لأن البرلمان قائم على الانتخابات، والانتخابات يرشح فيها من شاء نفسه من الرجال ، بل وأخيراً من النساء أيضاً من المسلمين ومن النساء الكافرات، فشتان بين مجلس الشورى في الإسلام، وبين ما يُسمَّى اليوم بالبرلمان " ، وقال أيضاً : 
" إنَّ هذه الانتخابات والبرلمانات ليست إسلامية ، وأنِّني لا أنصح مسلماً أن يُرشّح نفسه لأن يكون نائباً في هذا البرلمان ؛ لأنه لا يستطيع أنْ يعملَ شيئاً أبداً للإسلام، بل سيجرفه التيار" "1" .
وقال أيضاً : 
" ألفتُ النظر أنَّ مِنْ الخطأ الاستدلال بشرائع من كانوا قبلنا، في الأمس القريب كنا نتكلم الانتخابات، وأنها ليست شرعية، وتورط بعض الجماعات الإسلامية في الدخول في البرلمانات القائمة على الحكم بغير ما أنزل الله، فأحد الجالسين طرح إشكال يشبه إشكالك، فيقول هذا يوسف عليه السلام قال: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف:55)، فإذاً هو كان حكاماً تحت سلطة حاكم وثني هو العزيز، فلماذا لا يجوز أن يدخل المسلمون البرلمانات هذه؟
أنا كان جوابي من ناحيتين أو أكثر:
الناحية الأولى : أنّ يوسف عليه السلام لم يدخل ولم يصل إلى ذاك المقام السامي بطريقة انتخابات غير مشروعة، وإنما الله عز وجل بحكمته البالغة ابتلاه بامرأة العزيز ووقع بينها وبينه ولا أقول بينه وبينها ما وقع، وكان من آثار ذلك أن ألقي في السجن، وكان من تفاصيل مكثه في السجن قصته مع الرجلين، أخيراً أحدهما قتل والآخر صار ساقياً للملك، وكما تعلمون رأى الملك تلك الرؤية، {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي في رُؤْيَايَ إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ، وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ، يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا في سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} (يوسف:43 - 46)، نقل فتوى هذه إلى الملك أعجبه وقال: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي، قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف:55)، فيوسف عليه السلام ما سلك طريقاً ليصل إلى هدف وإلى مكان رفيع، ولا خطر في باله هذا الشيء، وإنما ربنا عز وجل قدر عليه هذه الحوادث المتعددة الأشكال حتى استطاع الملك بنفسه وجعله وزيراً على دولته فأخذ يحكم بشريعته بوحي ربه وليس بشريعة الكافر، هذا من جانب.
أَّما نحن اليوم فنطرق أبواباً شركية، أبواباً وثنية كفرية، حاشا ليوسف عليه السلام أن تخطر في باله أن يطرقها فضلاً عن أن يطرقها عملياً، الانتخابات كما تعلمون تتناسب مع النظم الكافرة التي ليس فيها مؤمن وكافر، الناس كلهم سواء عندهم، وليس فيهم رجل وامرأة، فللمرأة من الحق مثل ما للرجل إلى آخره، وعلى هذا فالانتخابات حينما تفتح أبوابها يدخل ويرشح نفسه فيها المؤمن والكافر، والرجل والمرأة، والصالح والطالح، وبالنتيجة ما ينتخب إلا شرار الخلق عادة، نحن هذا يناسبنا أن نسلك هذا الطريق الكافر، ونحتج على ذلك بمثل قصة يوسف عليه السلام وشتان ما بينها وبين واقع حياتنا الانتخابية اليوم . . " "2" 
قال العلاَّمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ورضي عنه ـ :
" الذين يدعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يفعلون هذا وهم كاذبون حتى انتخاباتهم كلها مبنية على التزوير والكذب ولا يبالون أبدا إلا بأهوائهم فقط الدين الإسلامي متى اتفق أهل الحل والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام شاء الناس أم أبوا فالأمر كله لأهل الحل والعقد ولوجعل الأمر لعامة الناس حتى للصغار والكبار والعجائز والشيوخ وحتى من ليس له رأي ويحتاج أن يولى عليه ما بقى للناس إمام لأنهم لابد أن يختلفوا " "3" .
وقال أيضاً :
" هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية ـ والعياذ بالله ـ ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها، فهو إمام فيها، وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً؟!! هذا لا يمكن" "4" .
قال العلاَّمة مقبل الوادعي ـ رحمه الله ورضي الله عنه ـ :
" أمَّا مسألة التصويت فهي تعتبر طاغوتية فليبلغ الشاهد الغائب فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون37}، ويقول: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون38}، ويقول مبينًا أن الفاسق لا يستوي مع المؤمن: {أم نجعل الّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار39}. والتصويت يجعل صوت العالم الفاضل وصوت الخمار واحدًا، بل أقبح من هذا المرأة صوتها وصوت الرجل واحد، ورب العزة يقول حاكيًا عن امرأة عمران: {وليس الذّكر كالأنثى40}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: " لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة". (3)

وقال ناصحاً : " أنصحك ألا تدخل في الانتخابات لأنّها طاغوتية".
وقال _رحمه الله ورضي الله عنه _ : 
" الذي يظن أنه سيصل بالانتخابات فهو مغفل! مغفل! مغفل!، الذي يصل إلى الانتخابات هو الذي يكون عنده ملايين الدولارات الأمريكية، وفي الليل يذهب إلى مشايخ القبائل وإلى الضباط وإلى كذا وكذا، فهذا هو الذي سيفوز في الانتخابات، وعلى فرض أنه فاز في الانتخابات الصالح، فالحكومة ستوجه له المدافع والرشاشات، فهم ليسوا مستعدين أن يعطوها بالانتخابات، فنحن نعلّم إن شاء الله في حدود ما نستطيع، والوصول إلى السلطة تكون بتقوى الله والعلم والعمل والدعوة إلى الله وإعداد العدة في حدود ما يستطاع والله المستعان " " 5" . 
قال العلاَّمة عبد المحسن العبَّاد ـ حفظه الله ورضي الله عنه " :
" الوصول إلى السلطة في الديمقراطية المزعومة ينبني عل التحزب فيترشح من كل حزب واحد منهم ثم يكون التصويت من كل من أراد من الشعب لمن شاء من المترشحين وعند تمييز الأصوات يقدم من كثرت أصوات منتخبيه وهذه الطريقة التي استوردها بعض المسلمين من أعدائهم مخالفة للإسلام من وجوه،بناؤها على التحزب...التشريع فيها لفئة معينة...الوصول إلى السلطة فيها بكثرة الناخبين كيف كانوا...الحرص الشديد فيها على السلطة...بناؤها على الحرية المطلقة في الرأي ولو كانت إلحادا وانحلالا...المساواة المطلقة فيها بين الرجال والنساء...تحررالمرأة فيها من أسباب الفضيلة وانغماسها في الرذيلة..." " 6" 
قال العلاَّمة صالح الفوزان ـ حفظه الله ورضي عنه ـ :
" وأمَّا الانتخابات المعروفة اليوم عند الدول فليست من نظام الإسلام وتدخلها الفوضى والرغبات الشخصية وتدخلها المحاباة والأطماع ويحصل فيها فتن وسفك دماء ولا يتم بهاالمقصود، بل تصبح مجالا للمزايدات والبيع والشراء والدعايات الكاذبة " " 7" .
وقال أيضاً : 
" وليست البيعة في الإسلام بالطريقة الفوضوية المسمّاة بالانتخابات، التي عليها دول الكفر، ومن قلّدهم من الدول العربية، والتي تقوم على المساومة، والدعايات الكاذبة، وكثيراً ما يذهب ضحيّتها نفوس بريئة " " 8" .
قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله تعالى ورضي عنه ـ :
" أمَّا في الشريعة الإسلامية أما في تاريخ الإسلام، وفي تطبيق الإسلام في عهد خلفائه الراشدين فإنه جُعل أمر الولاية لأهل الحل والعقد، ما جُعل للناس جميعا، يستوي في اختيار الوالي وفي اختيار فالإمام وانتخاب الأصلح واختيار من يصلح لهذه الأمور، الشريعة لم تجعل الناس سواسية في هذا،يستوي أجهل الناس مع أعقل الناس، يستوي الذي لا يعرف أحكام الشريعة مع العالم في اختيار الوالي، هذا له صوت، وهذا له صوت، هذا لم تأت به الشريعة، ولو كانت المساواة بهذا الفعل لكان هذا من المساوئ " " 9" .

وقال أيضاً ـ حفظه الله ـ : 
" الشورى في الشرع معروفة في معالم معروفة في الحدود مؤصلة أما الديمقراطية والبرلمانات والتجارب النيابية هذه ، ليست من الشورى في شيء" " 10" .
" 1" سلسلةالهدى والنور – 660: (من الفتوى 1 إلى 5): حكم الإنتخابات ودخول البرلمان 
" 2" موسوعة الألباني في العقيدة" ج 9 / ص (621 - 623
" 3" شرح رياض الصالحين حديث رقم 1835
" 4" الشرح الممتع(8/10)
" 5" من كتاب مقتل الشيخ "جميل الرحمن"
"6" من كتاب "العدل في الشريعة الاسلامية وليس في الديمقراطية المزعومة" للشيخ العباد.
" 7" من "حكم الانتخابات والمظاهرات" مقال في جريدة الجزيرة السعودية للشيخ صالح الفوزان
" 8 " من كتاب "الاجوبة المفيدة عن اسئلة المناهج الجديدة" للشيخ الفوزان.
" 9 " محاضرة بعنوان" حُقوق الإنْسَان". للشيخ صالح آل الشيخ.

" 10 " محاضرة بعنوان "المصطلحات وأثرها على العلم والثقافة والرأي العام" للشيخ صالح آل الشيخ.
سابعاً : قُلْتَ مُحَذِراً للثوارِ : " فاحذروا أن تُخْطَفَ من أيديكم .." ، ثم أعدتها ثانيةً بقولك بعدُ أيضاً " فيخطفها من يعود بكم إلى عهد الرئيس السابق ..." .
أخشى ما أخشاهُ من كلامك ، والذي أشتمُّ منه نَفَسَاً حَرُوِريَاً خارجياً ـ للمنصف المتأمل ـ مِنْ عواقب وخيمةٍ ، والتي لا تصدر أبداً من عقولٍ فهيمةٍ ، أو قلوب بالناس رحيمة ، وإلاّ فما هو معنى قولك : " فاحذروا أن تُخْطَفَ من أيديكم ، ... فيخطفها من يعود بكم إلى عهد الرئيس السابق الذي أُبْلِيتُم بهِ بلاءً عظيماً للتخلص منه ، ....فا حذروا أيها المُسلِمونَ أنْ تُخْدَعوا فتندموا " . 
فخرجتَ علينا بهذا الكلام السقيم ، والذي هو من الخير وعنه عقيم ، وكنتُ أظنّك لو تكلمتَّ ـ كما فعلتّ أنتّ وغيرك ـ ، تُقرر للناس ما يجب على المسلم من لزومه في الفتن ، من لزوم البيوت ، بل يكونوا ـ حينها ـ كأحلاَسِ البيوتِ ، كما أخبرنا وأوجب علينا هذا نبينا ـ فيما صحَّ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ، وعدم التلبس بها ومُباشرتها ً فِعالاً ، أوحتى مجرد التحريض عليها ـ كالخوارج القعدية ، وهم أشد وأخطر من خوارج السِّنانِ ـ مَقَالاَ ، بل الدعوة لِعصمةِ الدماء ؛ بتسكين الدهماء ، وغير ذلك ممِّا طفح به مقالك ، وما صار إليه أخيراً حالك ، مع أنَّه لم يكن قبلُ هذا حالك ومقالك ، بل كان تماماً قبلُ على نقيضِ ذلك ، فكان كما نرى ـ ومنها بيانك ـ ما كان إليهِ مائلك .
ثَمَّ ـ على قاعدتك ـ هل تعلم أنَّ كثيراً ممن قاموا فشاركوا في هذه الخديعة الكُبْرى ، الآن هم من أشدِّ الناس ندماً ـ مع أننا حذَّرنا من ذلك في حينه ـ على خروجهم ذلك ـ ولو لم يكن دينياً وإنِّما إقتصادياً مثلاً ـ ؟
أم هل لم تعرف أنَّ هناك رجل يُدْعَى مُبَارك إلاَّ الآن والآن فقط ، وأنَّهُ كان رئيس أكبر دولة ـ قِيْمًةً وقَامَةٍ ـ بالشرق الأوسط ـ كما يقولون ـ ، مع أنَّها هيَّ جارتكَ الأُولى ، أو من جيرانك الأُولِ ، أمْ لم تعلم أننا بُلِينا به ـ كما تقول ـ إلاَّ الساعة فقط ، وليس قبلَ ثلاثينَ سنةٍ ؟
أم هل لم تعلم أنَّهُ كم نكون يُولَّى علينا ، وأنَّ حُكَّامنا على قدرنا ونحن على قدرهم ، ولو يعلم الله من قلوب صلاحناً لأصلح ـ وليس عليه بٍلازم ٍ ـ لنا حُكَّامنا ، كما هو مُدَوَّن في أحديث نبينا ، ومزبور من تُراثِ سلفنا ؟
ثُمَّ لماذا لم نرى لك ومنك ولو كلمة ، حتى مجرد كلمةٍ فيه أثناء إعتلاءه عرش الحُكمِ ؟
فإذا كان هذا حينها سياسةً منك ـ وأربأ بك عن ذلك ـ فإنَّا ـ على كُرهٍ و بُغْضٍ مِنَّا لها ـ نُطالبك صيانةً لك بأن تجعل هذا لك ـ ولو هُنا فقط ـ خطاًّ ، بل خطأً مُطّرداً لك . 
وإذا كان هذا منكَ دِيَانةً ـ ولا أظن ـ ، فهل لك أنْ تُخْرِجَ لنا ـ وهيهات ـ مِنْ الأدلَّةِ المتناقضة ـ وحاشاها ـ ما فيها موافقةً لتناقضاتك الآن عن ذي قبل ؟ 
وهل يَحْسُن أن يخضع العالم أو طالب العلم للجماهير العريضة على جهلها ، ومن ثم بالتبع يقع منه للنصوص الشرعية مخالفتها ، فيكون مُطَوِّعَاً دِينهُ ونفسه لِمَا يطلبهُ المستمعون ـ كما يُقال ـ ؟ 
ما هذا يا فضيلة الشيخ ؟
ثامناً : دعوتك لسفك الدماء ؛ بإثارة الدهماء ، وتهييج الأشقياء ، وذلك بقولك ـ وبِئس ـ : " فالحزم الحزم ، والجدِّ الجدِّ ، ... ، فاقطعوا الطريق ... ، فاحذروا ... أنْ تُخْدَعوا فتندموا " وغيرها ممَّا تقيَّأ به ـ وللأسف ـ لسانك ، وطفحَ بمخالفاته بيانك ، ووالله إنَّكَ بِبَيانكَ هذا لَمُسَعّْرِ حرب ، لو كان معك رجال ـ هداك الله ـ .
ووالله أخشى منكم وغيركم على بلدنا ، وآخر ملاذنا نحن المسلمون وهيَّ الدولة السعودية ، مع ما يبذلهُ لكم وليّ أمركم الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ورعاه ، وإلى كل خير وفقهُ وإليهِ هداه ـ ، يكلؤكم بِعنايته ، ويتعاهدكم برعايته ، ويشملكم بصيانتهِ ، وكذلك أخيهِ الفطين وليِّ عهده الأمين ، سمو الأمير نايف ـ حفظه الله وسلَّمه وولده وسائر ذريته ، وكبت الله شانئيه ، وجعل الدائرة على أعاديه ومُبْغِضيهْ وحاسديه ، وحفظ الله سائر آل سعود ، والسعوديَّةِ حكومة وشعباً ، من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، آمين . 
ولماذا يا فضيلة الشيخ لم نسمع لك ولا كلمة وآحدة في " جمعية النهضةِ " إلى الآن ؟ 
أم لا تعرف مؤسيسها ، وأهداف من عليها قائميها ، وهم وإن كانوا من المملكة ـ وهي أقرب إليك من بلدنا الحبيبةِ مصر ـ من أشد مُبْغِضيها ، بل ومُناصري مُحاربيها ، ومُؤيدي مُشاغيبيها .
تاسعاً : قُلتَ : " فإنَّ إنتخابهُ ـ أي : شفيق ـ حرام " .
فهل ـ مع عدم قولنا بل بمضادتنا لذلك كلهِ ـ عندكم بهذا ، أو في هذا نصٌ بالتحريم؟
" قل هل عندكم من علمٍ فتُخرجوهُ لنا " .
وهل تقول بِحِلِّ إنتخاب غريمه ؛ إذا هذا لازم قولك ؟ عجبي .
وهل تقول بجواز هذه الإنتخابات أصلاً ، وهذا لازم قولك أيضاً ؟ عجبي .
وهل تعلم أنَّ الذي أتى بها ـ الإنتخابات وصناديق الإقتراعات ـ هي الديمقراطيَّةِ ، الوافدة علينا من الخِصال الرديّةِ للبلاد الكفريّة ، وقد حذَّرنا منها صلى الله عليه وسلم بأن نتبعها حذو القُذّةِ بالقذة ، كما صحّ عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإنِّي أُشهدك ، وسائر خلقك أنَّني كافر بها ، داعٍ إلى نقضها ، وهدمِ عُراها دِقّها وجِلِّها .
عاشراً : قُلتَ مُعللاً لتحريمك إنتخاب شفيق ومُتعجباً ـ ونحن ببيانك هذا أولى به تُجاههُ منك ـ : " كيفَ وهو الذي ترضاهُ أمريكا ، والتي لا تُريدُ أمريكا بأهل مصر خيراً ؟
أقول لك ـ بارك الله فيك ـ سائلاً إياك :
ومَنْ مِنْ حُكَّام العرب عامَّةً ـ فضلاً عن حُكَّام العالم ـ تُبْقيهِ أمريكا في سُدَّةِ الحُكم وهيَّ ليست راضيةً عنهُ ؟
وهل خدعك أحد فقال لك أنَّ أمريكا لا تُريد الخير بِأهل مصر فقط ؟ 
وأنها تُريد الخير بغيرها من الدول الإسلاميَّة ـ فضلاً عن العربية والأجنبيَّةِ ـ ، ما هذا يا دكتور ؟
أمْ نسيت أحداث الخليج ، وما جرَّهُ ذلك على المملكة خاصةً والخليج عامَّةً مًنْ كئوس المرارة ، والتي ما زالت المملكة ـ حفظها الله وسلَّمها ـ تتجرع من أفعال الخوارج عندكم الكثير من القذارة . 
حادي عشر : قولك : " وهل يرضى مسلم " .
متى كان أمر الأُمَّةِ موكولاً للعامَّةِ ؛ حتى تعنيهم بخطابك ، وتُسيمهم ببيانك عذابك؟
أم أنَّ الأمرَ موكول لأهل الحل والعقد ، وهم العلماء والأمراء والحكماء العقلاء الألَّباء الأُمَنِاءِ ، دون سائر العوام الدهماء ؟
ثاني عشر : قولك مُتعجِبَاً : " وهل يرضى مسلم لنفسه أنْ يختار لقيادة بلاده من يُسوِّي بين القرآن والإنجيل المنسوخ " .
قُلتُ : نعم ، لا يرضى مسلم عالم بحقيقة الأمر غير جاهل به بذلك أبداً ولكن كما بلغك ـ وهو حقٌ وبه حقيق ـ عن شفيق ، فهل تقول بتكفيره لذلك مطلقاً دون إعذارهِ لِجَهْلِهِ بذلك ؟
وإذا كان ذلك منك كذلك ، فهل تعلم ماذا قال مَنْ دَعيتْ ، بل تداعيتَ ببيانك إلى إنتخابه ، وهو الدكتور محمد مرسي ؟
هذه بعض طوامّه ، وهيَّ ثابتة عليهِ وبالصوتِ والصورةِ ، وعلى الهواء مباشرةً ـ كما يُقال ـ يا فضيلة الشيخ ، إعرفها إن كنتَ لا تعرفها :
ــ قال : " يجوز تحوّل المسلم إلى المسيحيَّةِ ـ كذا ـ وتركه الإسلام ، طالما لايُهدد الآمن الوطني والقومي ".
ــ قال : " لا فرقَ بين عقيدة الإسلام وعقيدة الإقباط " .
فما هو رأيك في هذا يا فضيلة الشيخ ، فهل تطرد قاعدتك هنا ، أم لا ؟
أليس الإنصاف أن تقول فيهِ ما قُلْتَهُ في شفيق ، أم أنك تزن بميزانيين وتكيل بمكيالين ؟
فبعدَ هذا إذاً فضيلة الشيخ مَنْ نختار، مع إمتناعاً عن ذلك وما هو معروف عنا في ذلك مِنَّا مِنْ إنْكار ؟
ثاني عشر : هل حضرتك لا تعلم حقيقة دعوة الإخوان المسلمين ، ولا تدري كلام أهل العلم فيهم ؟
ثالث عشر : قولك : " واذكروا أنَّكم مسؤولون عمَّا تقولون " .
قلتُ : نعم ، نحن مسؤولون ، ولكن عن ماذا ؟
عن العمل بالشريعة ، وتنكب معارضتها ومخالفتها ، أم في العمل بضدِّ ذلك كله .
رابع عشر : قولك : " فاحذروا أيها المسلمون في مصر أن تُخْدَعوا فتندموا " .
قلتُ : نعم ، ولكن نحن بتمسكنا بالسُّنّة النبوية ، من النصوص الشرعية ، 

أمرهم ، وما هو قادم أسوأ " ، وقد كان وما يزال والله .
سادساً : هل هذه هي الطريقة السُّنيّةِ السلفية في تعيين وُلاةِ أمر الرعيَّةِ ، بالثورات والإنقلابات والإعتصامات والإضطرابات والإنتخابات، والتي لا تجرّ إلاّ الويلات والبلِّيات والرزيَّاتِ ، والتي هو مشاهد ومعلوم إلاَّ لمن كانت حواسه مُعَطّلاتِ. 
وإليك بعض أقوال أهل العلم في تحريم هذه الإنتخابات :
قال العلاَّمة الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ ورضي عنه ـ : 
" المشاركة في الانتخابات هو ركون إلى الذين ظلموا ذلك بأن نظام البرلمانات ونظام الانتخابات يعتقد ـ حسب ما أعلم ـ كل مسلم عنده شيء من الثقافة الإسلامية الصحيحة أن نظام الانتخابات ونظام البرلمانات ليس نظاماً إسلامياً
"، وقال أيضاً : 
" ولكن شتَّان بين ذلك الحكم الذي كان يحكم بمذهب من مذاهب المسلمين الذي أقيم على رأي أحد المجتهدين الموثوق بعلمهم، وبين هذه البرلمانات القائمة على النظم الكافرة التي لا تؤمن بالله ورسوله بل هم أوّل من يشملهم مثل قوله تبارك وتعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَايُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[التوبة:29]، فيا عجبا لمسلمين يريدون أن ينتموا إلى برلمان يحكمون بقانون هؤلاء الذين أُمرنا بقتالهم، فشتان إذاً بين هذا النظام الذي يحكم البرلمان والمتبرلمين ـ إذا صح التعبير ـ وبين مجلس الشورى الإسلامي"
وقال أيضاً : " أمّا البرلمان فيشترك فيه ما هبّ ودبّ من المسلمين، بل ومن المشركين ، بل ومن المُلحدين ؛ لأن البرلمان قائم على الانتخابات، والانتخابات يرشح فيها من شاء نفسه من الرجال ، بل وأخيراً من النساء أيضاً من المسلمين ومن النساء الكافرات، فشتان بين مجلس الشورى في الإسلام، وبين ما يُسمَّى اليوم بالبرلمان " ، وقال أيضاً : 
" إنَّ هذه الانتخابات والبرلمانات ليست إسلامية ، وأنِّني لا أنصح مسلماً أن يُرشّح نفسه لأن يكون نائباً في هذا البرلمان ؛ لأنه لا يستطيع أنْ يعملَ شيئاً أبداً للإسلام، بل سيجرفه التيار" "1" .
وقال أيضاً : 
" ألفتُ النظر أنَّ مِنْ الخطأ الاستدلال بشرائع من كانوا قبلنا، في الأمس القريب كنا نتكلم الانتخابات، وأنها ليست شرعية، وتورط بعض الجماعات الإسلامية في الدخول في البرلمانات القائمة على الحكم بغير ما أنزل الله، فأحد الجالسين طرح إشكال يشبه إشكالك، فيقول هذا يوسف عليه السلام قال: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف:55)، فإذاً هو كان حكاماً تحت سلطة حاكم وثني هو العزيز، فلماذا لا يجوز أن يدخل المسلمون البرلمانات هذه؟
أنا كان جوابي من ناحيتين أو أكثر:
الناحية الأولى : أنّ يوسف عليه السلام لم يدخل ولم يصل إلى ذاك المقام السامي بطريقة انتخابات غير مشروعة، وإنما الله عز وجل بحكمته البالغة ابتلاه بامرأة العزيز ووقع بينها وبينه ولا أقول بينه وبينها ما وقع، وكان من آثار ذلك أن ألقي في السجن، وكان من تفاصيل مكثه في السجن قصته مع الرجلين، أخيراً أحدهما قتل والآخر صار ساقياً للملك، وكما تعلمون رأى الملك تلك الرؤية، {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي في رُؤْيَايَ إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ، وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ، يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا في سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} (يوسف:43 - 46)، نقل فتوى هذه إلى الملك أعجبه وقال: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي، قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف:55)، فيوسف عليه السلام ما سلك طريقاً ليصل إلى هدف وإلى مكان رفيع، ولا خطر في باله هذا الشيء، وإنما ربنا عز وجل قدر عليه هذه الحوادث المتعددة الأشكال حتى استطاع الملك بنفسه وجعله وزيراً على دولته فأخذ يحكم بشريعته بوحي ربه وليس بشريعة الكافر، هذا من جانب.
أَّما نحن اليوم فنطرق أبواباً شركية، أبواباً وثنية كفرية، حاشا ليوسف عليه السلام أن تخطر في باله أن يطرقها فضلاً عن أن يطرقها عملياً، الانتخابات كما تعلمون تتناسب مع النظم الكافرة التي ليس فيها مؤمن وكافر، الناس كلهم سواء عندهم، وليس فيهم رجل وامرأة، فللمرأة من الحق مثل ما للرجل إلى آخره، وعلى هذا فالانتخابات حينما تفتح أبوابها يدخل ويرشح نفسه فيها المؤمن والكافر، والرجل والمرأة، والصالح والطالح، وبالنتيجة ما ينتخب إلا شرار الخلق عادة، نحن هذا يناسبنا أن نسلك هذا الطريق الكافر، ونحتج على ذلك بمثل قصة يوسف عليه السلام وشتان ما بينها وبين واقع حياتنا الانتخابية اليوم . . " "2" 
قال العلاَّمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ورضي عنه ـ :
" الذين يدعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يفعلون هذا وهم كاذبون حتى انتخاباتهم كلها مبنية على التزوير والكذب ولا يبالون أبدا إلا بأهوائهم فقط الدين الإسلامي متى اتفق أهل الحل والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام شاء الناس أم أبوا فالأمر كله لأهل الحل والعقد ولوجعل الأمر لعامة الناس حتى للصغار والكبار والعجائز والشيوخ وحتى من ليس له رأي ويحتاج أن يولى عليه ما بقى للناس إمام لأنهم لابد أن يختلفوا " "3" .
وقال أيضاً :
" هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية ـ والعياذ بالله ـ ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها، فهو إمام فيها، وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً؟!! هذا لا يمكن" "4" .
قال العلاَّمة مقبل الوادعي ـ رحمه الله ورضي الله عنه ـ :
" أمَّا مسألة التصويت فهي تعتبر طاغوتية فليبلغ الشاهد الغائب فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون37}، ويقول: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون38}، ويقول مبينًا أن الفاسق لا يستوي مع المؤمن: {أم نجعل الّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار39}. والتصويت يجعل صوت العالم الفاضل وصوت الخمار واحدًا، بل أقبح من هذا المرأة صوتها وصوت الرجل واحد، ورب العزة يقول حاكيًا عن امرأة عمران: {وليس الذّكر كالأنثى40}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: " لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة". (3)

وقال ناصحاً : " أنصحك ألا تدخل في الانتخابات لأنّها طاغوتية".
وقال _رحمه الله ورضي الله عنه _ : 
" الذي يظن أنه سيصل بالانتخابات فهو مغفل! مغفل! مغفل!، الذي يصل إلى الانتخابات هو الذي يكون عنده ملايين الدولارات الأمريكية، وفي الليل يذهب إلى مشايخ القبائل وإلى الضباط وإلى كذا وكذا، فهذا هو الذي سيفوز في الانتخابات، وعلى فرض أنه فاز في الانتخابات الصالح، فالحكومة ستوجه له المدافع والرشاشات، فهم ليسوا مستعدين أن يعطوها بالانتخابات، فنحن نعلّم إن شاء الله في حدود ما نستطيع، والوصول إلى السلطة تكون بتقوى الله والعلم والعمل والدعوة إلى الله وإعداد العدة في حدود ما يستطاع والله المستعان " " 5" . 
قال العلاَّمة عبد المحسن العبَّاد ـ حفظه الله ورضي الله عنه " :
" الوصول إلى السلطة في الديمقراطية المزعومة ينبني عل التحزب فيترشح من كل حزب واحد منهم ثم يكون التصويت من كل من أراد من الشعب لمن شاء من المترشحين وعند تمييز الأصوات يقدم من كثرت أصوات منتخبيه وهذه الطريقة التي استوردها بعض المسلمين من أعدائهم مخالفة للإسلام من وجوه،بناؤها على التحزب...التشريع فيها لفئة معينة...الوصول إلى السلطة فيها بكثرة الناخبين كيف كانوا...الحرص الشديد فيها على السلطة...بناؤها على الحرية المطلقة في الرأي ولو كانت إلحادا وانحلالا...المساواة المطلقة فيها بين الرجال والنساء...تحررالمرأة فيها من أسباب الفضيلة وانغماسها في الرذيلة..." " 6" 
قال العلاَّمة صالح الفوزان ـ حفظه الله ورضي عنه ـ :
" وأمَّا الانتخابات المعروفة اليوم عند الدول فليست من نظام الإسلام وتدخلها الفوضى والرغبات الشخصية وتدخلها المحاباة والأطماع ويحصل فيها فتن وسفك دماء ولا يتم بهاالمقصود، بل تصبح مجالا للمزايدات والبيع والشراء والدعايات الكاذبة " " 7" .
وقال أيضاً : 
" وليست البيعة في الإسلام بالطريقة الفوضوية المسمّاة بالانتخابات، التي عليها دول الكفر، ومن قلّدهم من الدول العربية، والتي تقوم على المساومة، والدعايات الكاذبة، وكثيراً ما يذهب ضحيّتها نفوس بريئة " " 8" .
قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله تعالى ورضي عنه ـ :
" أمَّا في الشريعة الإسلامية أما في تاريخ الإسلام، وفي تطبيق الإسلام في عهد خلفائه الراشدين فإنه جُعل أمر الولاية لأهل الحل والعقد، ما جُعل للناس جميعا، يستوي في اختيار الوالي وفي اختيار فالإمام وانتخاب الأصلح واختيار من يصلح لهذه الأمور، الشريعة لم تجعل الناس سواسية في هذا،يستوي أجهل الناس مع أعقل الناس، يستوي الذي لا يعرف أحكام الشريعة مع العالم في اختيار الوالي، هذا له صوت، وهذا له صوت، هذا لم تأت به الشريعة، ولو كانت المساواة بهذا الفعل لكان هذا من المساوئ " " 9" .

وقال أيضاً ـ حفظه الله ـ : 
" الشورى في الشرع معروفة في معالم معروفة في الحدود مؤصلة أما الديمقراطية والبرلمانات والتجارب النيابية هذه ، ليست من الشورى في شيء" " 10" .
" 1" سلسلةالهدى والنور – 660: (من الفتوى 1 إلى 5): حكم الإنتخابات ودخول البرلمان 
" 2" موسوعة الألباني في العقيدة" ج 9 / ص (621 - 623
" 3" شرح رياض الصالحين حديث رقم 1835
" 4" الشرح الممتع(8/10)
" 5" من كتاب مقتل الشيخ "جميل الرحمن"
"6" من كتاب "العدل في الشريعة الاسلامية وليس في الديمقراطية المزعومة" للشيخ العباد.
" 7" من "حكم الانتخابات والمظاهرات" مقال في جريدة الجزيرة السعودية للشيخ صالح الفوزان
" 8 " من كتاب "الاجوبة المفيدة عن اسئلة المناهج الجديدة" للشيخ الفوزان.
" 9 " محاضرة بعنوان" حُقوق الإنْسَان". للشيخ صالح آل الشيخ.

" 10 " محاضرة بعنوان "المصطلحات وأثرها على العلم والثقافة والرأي العام" للشيخ صالح آل الشيخ.
سابعاً : قُلْتَ مُحَذِراً للثوارِ : " فاحذروا أن تُخْطَفَ من أيديكم .." ، ثم أعدتها ثانيةً بقولك بعدُ أيضاً " فيخطفها من يعود بكم إلى عهد الرئيس السابق ..." .
أخشى ما أخشاهُ من كلامك ، والذي أشتمُّ منه نَفَسَاً حَرُوِريَاً خارجياً ـ للمنصف المتأمل ـ مِنْ عواقب وخيمةٍ ، والتي لا تصدر أبداً من عقولٍ فهيمةٍ ، أو قلوب بالناس رحيمة ، وإلاّ فما هو معنى قولك : " فاحذروا أن تُخْطَفَ من أيديكم ، ... فيخطفها من يعود بكم إلى عهد الرئيس السابق الذي أُبْلِيتُم بهِ بلاءً عظيماً للتخلص منه ، ....فا حذروا أيها المُسلِمونَ أنْ تُخْدَعوا فتندموا " . 
فخرجتَ علينا بهذا الكلام السقيم ، والذي هو من الخير وعنه عقيم ، وكنتُ أظنّك لو تكلمتَّ ـ كما فعلتّ أنتّ وغيرك ـ ، تُقرر للناس ما يجب على المسلم من لزومه في الفتن ، من لزوم البيوت ، بل يكونوا ـ حينها ـ كأحلاَسِ البيوتِ ، كما أخبرنا وأوجب علينا هذا نبينا ـ فيما صحَّ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ، وعدم التلبس بها ومُباشرتها ً فِعالاً ، أوحتى مجرد التحريض عليها ـ كالخوارج القعدية ، وهم أشد وأخطر من خوارج السِّنانِ ـ مَقَالاَ ، بل الدعوة لِعصمةِ الدماء ؛ بتسكين الدهماء ، وغير ذلك ممِّا طفح به مقالك ، وما صار إليه أخيراً حالك ، مع أنَّه لم يكن قبلُ هذا حالك ومقالك ، بل كان تماماً قبلُ على نقيضِ ذلك ، فكان كما نرى ـ ومنها بيانك ـ ما كان إليهِ مائلك .
ثَمَّ ـ على قاعدتك ـ هل تعلم أنَّ كثيراً ممن قاموا فشاركوا في هذه الخديعة الكُبْرى ، الآن هم من أشدِّ الناس ندماً ـ مع أننا حذَّرنا من ذلك في حينه ـ على خروجهم ذلك ـ ولو لم يكن دينياً وإنِّما إقتصادياً مثلاً ـ ؟
أم هل لم تعرف أنَّ هناك رجل يُدْعَى مُبَارك إلاَّ الآن والآن فقط ، وأنَّهُ كان رئيس أكبر دولة ـ قِيْمًةً وقَامَةٍ ـ بالشرق الأوسط ـ كما يقولون ـ ، مع أنَّها هيَّ جارتكَ الأُولى ، أو من جيرانك الأُولِ ، أمْ لم تعلم أننا بُلِينا به ـ كما تقول ـ إلاَّ الساعة فقط ، وليس قبلَ ثلاثينَ سنةٍ ؟
أم هل لم تعلم أنَّهُ كم نكون يُولَّى علينا ، وأنَّ حُكَّامنا على قدرنا ونحن على قدرهم ، ولو يعلم الله من قلوب صلاحناً لأصلح ـ وليس عليه بٍلازم ٍ ـ لنا حُكَّامنا ، كما هو مُدَوَّن في أحديث نبينا ، ومزبور من تُراثِ سلفنا ؟
ثُمَّ لماذا لم نرى لك ومنك ولو كلمة ، حتى مجرد كلمةٍ فيه أثناء إعتلاءه عرش الحُكمِ ؟
فإذا كان هذا حينها سياسةً منك ـ وأربأ بك عن ذلك ـ فإنَّا ـ على كُرهٍ و بُغْضٍ مِنَّا لها ـ نُطالبك صيانةً لك بأن تجعل هذا لك ـ ولو هُنا فقط ـ خطاًّ ، بل خطأً مُطّرداً لك . 
وإذا كان هذا منكَ دِيَانةً ـ ولا أظن ـ ، فهل لك أنْ تُخْرِجَ لنا ـ وهيهات ـ مِنْ الأدلَّةِ المتناقضة ـ وحاشاها ـ ما فيها موافقةً لتناقضاتك الآن عن ذي قبل ؟ 
وهل يَحْسُن أن يخضع العالم أو طالب العلم للجماهير العريضة على جهلها ، ومن ثم بالتبع يقع منه للنصوص الشرعية مخالفتها ، فيكون مُطَوِّعَاً دِينهُ ونفسه لِمَا يطلبهُ المستمعون ـ كما يُقال ـ ؟ 
ما هذا يا فضيلة الشيخ ؟
ثامناً : دعوتك لسفك الدماء ؛ بإثارة الدهماء ، وتهييج الأشقياء ، وذلك بقولك ـ وبِئس ـ : " فالحزم الحزم ، والجدِّ الجدِّ ، ... ، فاقطعوا الطريق ... ، فاحذروا ... أنْ تُخْدَعوا فتندموا " وغيرها ممَّا تقيَّأ به ـ وللأسف ـ لسانك ، وطفحَ بمخالفاته بيانك ، ووالله إنَّكَ بِبَيانكَ هذا لَمُسَعّْرِ حرب ، لو كان معك رجال ـ هداك الله ـ .
ووالله أخشى منكم وغيركم على بلدنا ، وآخر ملاذنا نحن المسلمون وهيَّ الدولة السعودية ، مع ما يبذلهُ لكم وليّ أمركم الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ورعاه ، وإلى كل خير وفقهُ وإليهِ هداه ـ ، يكلؤكم بِعنايته ، ويتعاهدكم برعايته ، ويشملكم بصيانتهِ ، وكذلك أخيهِ الفطين وليِّ عهده الأمين ، سمو الأمير نايف ـ حفظه الله وسلَّمه وولده وسائر ذريته ، وكبت الله شانئيه ، وجعل الدائرة على أعاديه ومُبْغِضيهْ وحاسديه ، وحفظ الله سائر آل سعود ، والسعوديَّةِ حكومة وشعباً ، من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، آمين . 
ولماذا يا فضيلة الشيخ لم نسمع لك ولا كلمة وآحدة في " جمعية النهضةِ " إلى الآن ؟ 
أم لا تعرف مؤسيسها ، وأهداف من عليها قائميها ، وهم وإن كانوا من المملكة ـ وهي أقرب إليك من بلدنا الحبيبةِ مصر ـ من أشد مُبْغِضيها ، بل ومُناصري مُحاربيها ، ومُؤيدي مُشاغيبيها .
تاسعاً : قُلتَ : " فإنَّ إنتخابهُ ـ أي : شفيق ـ حرام " .
فهل ـ مع عدم قولنا بل بمضادتنا لذلك كلهِ ـ عندكم بهذا ، أو في هذا نصٌ بالتحريم؟
" قل هل عندكم من علمٍ فتُخرجوهُ لنا " .
وهل تقول بِحِلِّ إنتخاب غريمه ؛ إذا هذا لازم قولك ؟ عجبي .
وهل تقول بجواز هذه الإنتخابات أصلاً ، وهذا لازم قولك أيضاً ؟ عجبي .
وهل تعلم أنَّ الذي أتى بها ـ الإنتخابات وصناديق الإقتراعات ـ هي الديمقراطيَّةِ ، الوافدة علينا من الخِصال الرديّةِ للبلاد الكفريّة ، وقد حذَّرنا منها صلى الله عليه وسلم بأن نتبعها حذو القُذّةِ بالقذة ، كما صحّ عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإنِّي أُشهدك ، وسائر خلقك أنَّني كافر بها ، داعٍ إلى نقضها ، وهدمِ عُراها دِقّها وجِلِّها .
عاشراً : قُلتَ مُعللاً لتحريمك إنتخاب شفيق ومُتعجباً ـ ونحن ببيانك هذا أولى به تُجاههُ منك ـ : " كيفَ وهو الذي ترضاهُ أمريكا ، والتي لا تُريدُ أمريكا بأهل مصر خيراً ؟
أقول لك ـ بارك الله فيك ـ سائلاً إياك :
ومَنْ مِنْ حُكَّام العرب عامَّةً ـ فضلاً عن حُكَّام العالم ـ تُبْقيهِ أمريكا في سُدَّةِ الحُكم وهيَّ ليست راضيةً عنهُ ؟
وهل خدعك أحد فقال لك أنَّ أمريكا لا تُريد الخير بِأهل مصر فقط ؟ 
وأنها تُريد الخير بغيرها من الدول الإسلاميَّة ـ فضلاً عن العربية والأجنبيَّةِ ـ ، ما هذا يا دكتور ؟
أمْ نسيت أحداث الخليج ، وما جرَّهُ ذلك على المملكة خاصةً والخليج عامَّةً مًنْ كئوس المرارة ، والتي ما زالت المملكة ـ حفظها الله وسلَّمها ـ تتجرع من أفعال الخوارج عندكم الكثير من القذارة . 
حادي عشر : قولك : " وهل يرضى مسلم " .
متى كان أمر الأُمَّةِ موكولاً للعامَّةِ ؛ حتى تعنيهم بخطابك ، وتُسيمهم ببيانك عذابك؟
أم أنَّ الأمرَ موكول لأهل الحل والعقد ، وهم العلماء والأمراء والحكماء العقلاء الألَّباء الأُمَنِاءِ ، دون سائر العوام الدهماء ؟
ثاني عشر : قولك مُتعجِبَاً : " وهل يرضى مسلم لنفسه أنْ يختار لقيادة بلاده من يُسوِّي بين القرآن والإنجيل المنسوخ " .
قُلتُ : نعم ، لا يرضى مسلم عالم بحقيقة الأمر غير جاهل به بذلك أبداً ولكن كما بلغك ـ وهو حقٌ وبه حقيق ـ عن شفيق ، فهل تقول بتكفيره لذلك مطلقاً دون إعذارهِ لِجَهْلِهِ بذلك ؟
وإذا كان ذلك منك كذلك ، فهل تعلم ماذا قال مَنْ دَعيتْ ، بل تداعيتَ ببيانك إلى إنتخابه ، وهو الدكتور محمد مرسي ؟
هذه بعض طوامّه ، وهيَّ ثابتة عليهِ وبالصوتِ والصورةِ ، وعلى الهواء مباشرةً ـ كما يُقال ـ يا فضيلة الشيخ ، إعرفها إن كنتَ لا تعرفها :
ــ قال : " يجوز تحوّل المسلم إلى المسيحيَّةِ ـ كذا ـ وتركه الإسلام ، طالما لايُهدد الآمن الوطني والقومي ".
ــ قال : " لا فرقَ بين عقيدة الإسلام وعقيدة الإقباط " .
فما هو رأيك في هذا يا فضيلة الشيخ ، فهل تطرد قاعدتك هنا ، أم لا ؟
أليس الإنصاف أن تقول فيهِ ما قُلْتَهُ في شفيق ، أم أنك تزن بميزانيين وتكيل بمكيالين ؟
فبعدَ هذا إذاً فضيلة الشيخ مَنْ نختار، مع إمتناعاً عن ذلك وما هو معروف عنا في ذلك مِنَّا مِنْ إنْكار ؟
ثاني عشر : هل حضرتك لا تعلم حقيقة دعوة الإخوان المسلمين ، ولا تدري كلام أهل العلم فيهم ؟
ثالث عشر : قولك : " واذكروا أنَّكم مسؤولون عمَّا تقولون " .
قلتُ : نعم ، نحن مسؤولون ، ولكن عن ماذا ؟
عن العمل بالشريعة ، وتنكب معارضتها ومخالفتها ، أم في العمل بضدِّ ذلك كله .
رابع عشر : قولك : " فاحذروا أيها المسلمون في مصر أن تُخْدَعوا فتندموا " .
قلتُ : نعم ، ولكن نحن بتمسكنا بالسُّنّة النبوية ، من النصوص الشرعية ، 

والأدلة النقليّة ، وأقوال سلفنا المرضيّة ، من علماء أُمتنا الإسلاميّة .
ونحن لم ولن نُخدعَ أبداً ، وأمَّا الذين خرجوا على وليِّ أمرهم هم ـ دون غيرهم ـ من خُدعوا ، لذا كثيرٌ منهم ـ ولله الحمد ـ عن باطلهم هذا قد رَجِعوا .
خامس عشر : فضيلة الشيخ ـ حفظك الله ـ هل مبحث هذا الباب الذي معنا توقيفي محض ، بمعنى لا يخضع للإجتهاد ولا للقياس أو الاستحسان العقلي العاطفي ، أو النفي أو الإثبات بالذوق والوجدان ، أمْ أنَّ السبيل إليه هو الأدلّة السمعية ـ ويُطْلقُ عليها أيضاً الخَبَرِيّةِ ـ ، أي : الكتاب والسُّنّةِ ، ولا بد من قيد آخر مهمٌ هنا جداً ألاَ وهو : فهم السلف الصالح ، وذلك كما قال الإمام أحمد إمام أهل السُّنّةِ والجماعةِ ـ رحمه الله ورضي عنه ـ : 
" لا يُتجَاوَز الكتاب والسُّنّةِ في هذا الباب " . 
وما أجمل هنا ما جاء في " مجلة البحوث الإسلاميّةِ " ، والتي تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلميّة والإفتاء والدعوة والإرشاد :
" وهكذا يقف أئمة الضلال ، ومُحْتَرِفُو الجدل قادةً لِمَرْحلةِ الضياع الفكري ، ويُؤازرهم المنافقون المُتشدقون الذين يستخدمون علمهم في تبرير الأوضاع والتماس الأعذار للسقوط والساقطين ، وفي تحريم الحلال وإباحةِ الحرام ، وخلط الحقائق حتى لا تكاد جمهرة الأُمّةِ ـ كما هو الحال في مصرنا الحبيبة الآن ـ تعرف المعروف مِنْ المنكر ، ويتصدر هؤلاء الساحات المختلفة ، وميادين العمل المتقدمّة ، فيحجبون الحق ، ويُظْهِرُونَ الباطل ، وتزوي النماذج الصالحة ، وتتألق النماذج الهابطة جاهاً وسُلْطاناً ومالاً ، ويُغْدَقُ عليها الأموال والألقاب والمناصب ، فلا يكاد ينفذ أصحاب الحقِ إلى الحقِ ، ولا يكاد القابضون على الأمر يُحِسُّونَ بما يُعانيه أهل الحق القابضون على الجمر ، وتنقطع الجسور بين أُولي العلم وأولي الأمر ، فلا يبقى إلاّ الصِرَاع الخافت والظاهر ، وتتعرض السفينة الإجتماعية كلها للضلال والضياع .
إنّ التّمزق الفِكْرِي الداخلي للأفراد أو للأمم هو أولُ داء تُصابُ بِهِ ، وعن طريق هذا الخلل الفكري تدخل صنوف الخلل السلوكية نتيجة حتمية لخلل الفكر ؛ لأن سلامة الفكر هي الضامن لسلامة السلوك ، وهي السُوُر الذي يَحْجِزْ ويمنع ، ولن تستطيع الحواجز القانونية أو عوامل التخويف الأُخرى أن تقف طويلاً أمامَ عواصفِ الغرائزِ ، بل إنَ هذه القوانين البشرية سوف تَضْعَف وتضعف لدرجةِ أنّها - في مرحلة من المراحل - لن يكون لها عمل إلاّ أنْ تُبّرَّرَ الفسادَ وتُقَنِّنَهُ ، بل وتجعله حقاً من حقوق الفرد وتعبيرا من تعبيراته عن حريته (الحيوانية ) !! .
وأخيراً : 
فإننَّا نحترمُ العَالِمَ ، ولكننَّا لا نُقدِّس قوله ؛ إذ كُلٌ يُؤخذ من قوله ويُردّ عليه ، إلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنَّه لا تجب طاعة أحد إستقلالاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقوال العلماء يُحتجّ لها بالأدلة الشرعيَّةِ ، ولا يُحتجُّ بها على الأدلة الشرعية كم قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رضي الله تعالى عنه ورحمه ـ وليس كل ما عندي في الرد على بيانكم ذكرته هنا ـ ؛ لكثرة الشواغل ، ووفرة الصوارف ، وما رددتُ عليكم إبتداءً لاهتمامي بأمرك ، أو إعتنائي بشأنك ، ولكن لَمَّا إنتشر بيانك ، وتكلم به ـ وللأسف ـ لسانك ، واعْتَقَدَهُ ـ وعجبي ـ جَنَانَكَ ، فوقعتَ فيه في كثير من المُخالفاتِ العِلْمِيَّةِ ، والطوامِّ منك أيضاً المنهجيَّة ، والتي فَرِحَ به ناحيتنا أصحاب المناهج التكفيريَّةِ ، والتكلات الحزبيَّةِ فأذاعوهُ ونشروه عندنا على سائر البَرِ يَّةِ ، بل وجعلوه سهماً في كبد القوسِ رَمَوا به وبِشِّدة أتباع القواعد السلفيَّةِ ، والمُقْتَفِينَ لنهج أصحاب النبي ـ حقاً لا إدعاءً ـ صلى الله عليه وسلم ، أفضل الأنبياء ، بل وسائر البشريَّة ، وإنما هذه إشارات سريعات في كلمات قليلات من رأس القلم ـ كنتُ أَضنّ بما أنفقتهُ فيها ـ وللأسف ـ من أوقات ، ولكن فعلتُ لأدفع عنَّا بها ما وقع بسببها منها من البلِّيات ، ـ ولعلِ أفعل ـ أذكر التفصيل ، وهو والله غير قليل ، بل هو أضعاف ما هنا قيل ـ ، ولكن إذا حَدَثَ ما يُحْوجَنِي إلى ذلك ، لن أترددَّ في كشف بقيّة عوارِ بيانك ، وإيضاحِ حقيقة ما أظهرته في بيانك بِبِلَدِنَا ـ زعمتَ ـ مِنْ حَنَانِك ، وحَقِيَقِتهِ ـ للمتأمل جيداً فيهِ ـ أنَّك والله أَشْهَرْتَ بهِ في وُجُوهِنَا سِنَانَكَ ، سببُه كلامك ، والذي خرج ـ دون رَوِيَّة ـ مِنْ بين أَسْنَانَكَ ، فانتبه ولا تُطلقَ لِعَنَانِ كلامكَ عن بلدنا بعدُ لِجَامك .
وكما يُقَالُ عندنا باللهجةِ العاميَّةِ ـ تَنَزُّلاً دفعتنا إليه بِبيَانِكَ ـ المِصْرِيّةِ في مثل ما نحنُ بِصَدِدهِ ـ وأعتذر ؛ فَيَدَاكا أَوْكَتَا وفُوُكَ نَفَخ ـ : 
" هيَّ نَاقْصَاكْ إنْتَ كَمَانْ ، مَا كِفَايَه إللّي إِحْنَا فِيهْ " .
وأَرُدُّ إبْتِدَاءً على مَن قد يعيب على رَدِّنا هذا ، وما فيهِ مِنيِّ مِنْ بعضِ الشِدَّةٍ ، لِحَجْزِهِ عن فَوَاقِرِهِ ، وما ترتب على صنيعه ذلك من ذيوع البدعةِ وانتشارها ، واتِخاذ بيانكِ مِنْ أسباب القضاء على السُّنَّةِ وانْدِثارِهَا ، ولكنْ يعيش للذَبِّ عنها ـ مِنْكُمْ وغيركم ـ دُعَاتِهَا ، والأمر مِنِّي هنا كما قيل قَدِيْمَاً في مناقشةٍ قَيِّمةٍ غير عقيمة :
قالت الأرضُ لِلِوتدِّ : لِمَا شَقَقْتَنِي ؟

فأجابها بِقَوْلِهِ : سلِ مَنْ دقّنِي .=========================================================12, 11:53 PMبيان هيئة كبار العلماء حول خطورة التسرع في التكفير والقيام بالتفجير وما ينشأ عنهما من سفك للدماء وتخريب للمنشآت .

الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :
فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداء من تاريخ 2\4\1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من التكفير والتفجير , وما ينشأ عنه من سفك الدماء , وتخريب المنشآت , ونظرا إلى خطورة هذا الأمر , وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة , وإتلاف أموال معصومة , وإخافة للناس , وزعزعة لأمنهم واستقرارهم , فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصحا لله ولعباده , وإبراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليهم الأمر في ذلك , فنقول وبالله التوفيق :
أولا : التكفير حكم شرعي , مرده إلى الله ورسوله , فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله , فكذلك التكفير , وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل , يكون كفرا أكبر مخرجا عن الملة .
ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله ؛ لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة , فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن , لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة , وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات , مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير , فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات ؛ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر , فقال : " أيما امرىء قال لأخيه : يا كافر , فقد باء بها أحدهما , إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " . وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الإعتقاد كفر , ولا يكفر من اتصف به , لوجود مانع يمنع من كفره .
وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها , وانتفاء موانعها كما في الإرث , سببه القرابة - مثلا - وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين , وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به .
وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد , كما في قصة الذي قال :" اللهم أنت عبدي وأنا ربك " . أخطأ من شدة الفرح .
والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال , ومنع التوارث , وفسخ النكاح , وغيرها مما يترتب على الردة , فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة .
وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم , وإشاعة الفوضى , وسفك الدماء , وفساد العباد والبلاد , ولهذا منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من منابذتهم , فقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان " . فأفاد قوله :" إلا أن تروا " , أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة . وأفاد قوله :" كفر " أنه لا يكفي الفسوق ولو كبُرَ , كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار , والإستئثار المحرم . وأفاد قوله : " بواحا " أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر , وأفاد قوله : " عندكم فيه من الله برهان " . أنه لابد من دليل صريح , بحيث يكون صحيح الثبوت , صريح الدلالة , فلا يكفي الدليل ضعيف السند , ولا غامض الدلالة . وأفاد قوله : " من الله " أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهذه القيود تدل على خطورة الأمر .
وجملة القول : أن التسرع في التكفير له خطره العظيم ؛ لقول الله عز وجل : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به , سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) - الأعراف 33 - .
ثانيا : ما نجم عن هذا الإعتقاد الخاطىء من استباحة الدماء وانتهاك الأعراض , وسلب الأموال الخاصة والعامة , وتفجير المساكن والمركبات , وتخريب المنشآت , فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعا بإجماع المسلمين ؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة , وهتك لحرمة الأموال , وهتك لحرمات الأمن والإستقرار , وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم , وغدوهم ورواحهم , وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها .
وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم , وحرم انتهاكها , وشدد في ذلك , وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع :" إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا , في بلدكم هذا " . ثم قال صلى الله عليه وسلم :" ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد " . متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم :" كل المسلم على المسلم حرام , دمه وماله وعرضه " . وقال عليه الصلاة والسلام :" اتقوا الظلم , فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .
وقد توعد الله سبحانه من قتل نفسا معصومة بأشد الوعيد , فقال سبحانه في حق المؤمن : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )) - النساء 93 - .
وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة )) - النساء 92 -
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة , فكيف إذا قتل عمدا , فإن الجريمة تكون أعظم , والإثم يكون أكبر . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة " .
ثالثا : إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة إطلاق ذلك , لما يترتب عليه من شرور وآثام , فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطىء , وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة , وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة , وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي , والإسلام بريء منه , وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه , وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف , وعقيدة ضالة , فهو يحمل إثمه وجرمه , فلا يحتسب عمله على الإسلام , ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام , المعتصمين بالكتاب والسنة , المستمسكين بحبل الله المتين , وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله .
قال الله تعالى : (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )) . - البقرة 204 - 206 - .
والواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق , والتناصح والتعاون على البر والتقوى , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة , والجدال بالتي هي أحسن , كما قال الله سبحانه وتعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) - المائدة 2 -
وقال سبحانه : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) - التوبة 71 - , وقال عز وجل : (( والعصر , إن الإنسان لفي خسر , إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .)) - سورة العصر -
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال: " لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم " , وقال عليه الصلاة والسلام :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " , والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ونسأل
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق