الدين مكتمل قبل أن يخلق الزنداني
الضلالة الثانية في قوله: حتى يتحقق الهدف المنشود، الذي طالما حثنا عليه القرآن وشدد عليه في هذا الزمان.
قلت: أخي في الله أعد نظرك إلى الآيات المذكورة آنفا هل ترى أن الله سبحانه قد كان متساهلا في توحيده راضيا أن يشرك به شيئا ما، حتى جاء زمان صاحبنا هذا ثم بعد ذلك شدد الله عز وجل أن يوحد. أم أن الله سبحانه قد أكمل دينه، ومن أهمه التوحيد قال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا(1)﴾;.
فهل استجد توحيد أو حدث شرع لم يعلمه رسل الله عليهم الصلاة والسلام، ولم يشدد الله سبحانه عليه إلا في هذا الزمان؟ أليس الله عز وجل قد أوحى إلى يحيى بن زكريا وأمره بخمس أن يعمل بهن ويأمر قومه أن يعملوا بهن فأبطأ عليهم، فقال له عيسى عليه السلام، إما أن تبلغها وإما أن أبلغها؟ فقال: إنك إن بلغتها أخشى أن يخسف بي أو أعذب، ومن تلك الكلمات أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا. من حديث الحارث الأشعري أخرجه أحمد في «مسنده» (ج4 ص202،130) والترمذي في «جامعه» (ج5 ص140) وابن حبان كما في «الموارد» (372)، وابن خزيمة في «صحيحه»رقم (1895) والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص221-222) وعبدالرزاق في «المصنف»(ج11 ص339) والآجري في «الشريعة» (ج1 ص286) كلهم من طريق زيد بن سلام عن أبي سلام ممطور الحبشي عن الحارث الأشعري عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الحديث.. الخ، وسنده صحيح كما ترى.
أليس الله سبحانه قد أوحى إلى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: يا محمد إني مبتليك ومبتل بك. من حديث عياض بن حمار أخرجه مسلم برقم (2865) أليس الله سبحانه قال لنبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته(2)﴾;. أليس هذا أمرا مبرما، وإلزاما محتما من الله عز وجل لأعظم خلقه عنده قدرا ومنزلة أن يبلغوا دين الله وتوحيده وأنهم إن لم يفعلوا، لم يكونوا طائعين له وكانوا مستحقين للعذاب، أم أن الله عز وجل تساهل في توحيده وشدد في هذا الزمان اللهم إن هذا كلام في غاية البطلان.==================الزنداني يقرر عقيدة المعتزلة توحيدا
قال ابن أبي العز رحمه الله: اعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل قال تعالى: ﴿لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم(1)﴾;. وقال هود عليه السلام: ﴿اعبدوا الله ما لكم من إله غيره(2)﴾;، وقال تعالى: ﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت(3)﴾;، وقال تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون(4)﴾;.وقال عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله». متفق عليه، من حديث عبدالله بن عمر، وأنس بن مالك وأبي هريرة.
ثم قال بعد ذكر هذه الأدلة، قال: ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله لا النظر ولا الشك كما هي أقوال أرباب الكلام المذموم بل أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان ومتفقون على أن من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقب بلوغه. اهـ من «شرح الطحاوية» ص (76-68).
وقد نقله بالحرف من كلام ابن القيم في «مدارج السالكين»، ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق الأئمة كلهم على ذلك في كتابه «درء تعارض العقل والنقل» (ج8 ص11).
فعلم أن القول بأن حقيقة الدين مرتبطة بالتفكر في الكون لم يقله أحد من السلف الصالح رضوان الله عليهم بل هو قول أرباب الكلام المذموم من ذوي الزيغ والاعتزال، فهؤلاء هم قدوة الزنداني في هذا القول ولا أراه عرف ذلك إنما قلد العقلانيين في ذلك ولا يدري ما في هذا القول من الفساد، وأنه يدس النار تحت الرماد، فإلى الله نشكو عميان البصيرة.
ومن جعل الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلاب
إذا نطق الغراب وقال خيرا فأين الخير من وجه الغراب====================تعريف التوحيد عند الزنداني
قال ص (8): هو علم يبحث في إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية العقلية والنقلية التي تزيل كل شك. اهـ
قلت: وهذا التعريف يدخل فيه كل أصحاب العقائد الدينية من اليهود والنصارى، وغلاة الرافضة، والباطنية، وغلاة الصوفية، والجهمية، والمعتزلة وغيرهم من ذوي الشركيات والبدع والضلالات، كل هؤلاء علم التوحيد يبحث في إثبات عقائدهم لأنها عقائد دينية بغض الطرف عن كون دينهم حق أو باطل، لأن الجميع عندهم أدلة عقلية يقينية لديهم على ما يقولون وينتحلون كما هو نص كلام الزنداني في كتابه هذا أعاذنا الله وإياك من زيغ القلوب. ثم بعد ذلك أتى بكلمة يذر بها الرماد في عيون الغافلين فقال: (والنقلية) وهذا من باب التعمية والتلبيس على الجهال والمفاليس، وإلا فأين في الأدلة النقلية من القرآن والسنة النبوية ما يثبت جميع العقائد الدينية والملل الكفرية، ويجعلها كلها توحيدا لرب البرية، بل الأدلة كلها على عكس ذلك وضده، وتوجب على المسلمين جميعا بغض الباطل وأهله سواء كان كفرا أو دونه من الضلالات قال الله تعالى: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم(1)﴾;، وقال تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا(2)﴾;.
وقال في بيان هذه الآية: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم(3)﴾;، وقال: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء(4)﴾;.
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم». ثبت من حديث عبدالله بن عمر عند أحمد وغيره.
فبالله أنشدك أيها القارئ المنصف هل هذا هو العلم الذي يكشف باطل الكافرين وشبهاتهم كما يقول هذا الرجل؟ أم هو يثبت عقائدهم ونحلاتهم ويدعو إلى التقارب معهم وموادتهم لأنهم على توحيد لله سبحانه والتوحيد يبحث في إثبات عقائدهم فيما يزعم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون.=============نبذة عن كتاب توحيد الخالق
فهل من توحيد الله عز وجل التشكيك في صدق القرآن الكريم حتى يشهد له المستشرقون أنه الحق؟ وهل من توحيد الله عز وجل تقرير عقيدة الجهمية والمعتزلة في الإيمان؟ وهل من توحيد الله إثبات صفات الله سبحانه بالعقل؟ وهل من توحيد الله عز وجل الدعوة إلى محبة اليهود والنصارى وتنقية الأرواح عليهم؟ وهل من التوحيد اتهام الإسلام والمسلمين بعدم الإنصاف لأنهم لم يتقاربوا مع أهل الكتاب؟ وهل منه التلاعب بآيات القرآن الكريم وإبعاد شباب المسلمين عن العلم الشرعي إلى الفلسفة والمسائل الكلامية وإقامة العقل مقام نصوص الوحيين، وهضم السلف الصالح وعلومهم، وتعظيم اليهود والنصارى وأفكارهم؟ وكل ما ذكرت لك هنا هو قليل من كثير مما ستراه في هذا الكتاب من الضلالات، وتالله أني لا أستوعب كل ما في كتاب «التوحيد» للزنداني من الضلالات لضيق وقتي ببعض الأعمال التي أرجو الله أن تكون نافعة للمسلمين.
فإن مد الله في العمر وبارك في الوقت، أتبعنا هذا الجزء بآخر، وإن غير ذلك فقد برئت الذمة والفضل لله، هذا وليعلم أن تقرير هذا الكتاب وأمثاله على أبناء المسلمين في المدارس اليمنية مما لا يجوز شرعا، لما فيه من البواطل والمنكرات، وكثرة البدع والمخالفات، وأحمد الله ربي أن لازمت في بيان ضلالاته الحق الصريح، واستدللت على منكراته بالنص الصحيح، لذا فأنا أعتقد أن الزنداني لا يقوى على دفع ما أبنته من ضلالاته في كتابيه هذين إلا إذا كان تحت شعار (عنز ولو طارت)(1) والله أعلم.======وحيد محدث
قال في مقدمة كتابه المسمى بـ«التوحيد» ص (5): وبعد فهذا كتاب «التوحيد» بأجزائه الثلاثة أضعه بين يدي القارئ، وقد راعيت فيه أن يكون متمشيا مع أحوال زماننا، وحرصت على ضرب الأمثلة حتى يتحقق الهدف المنشود الذي طالما حثنا عليه القرآن وشدد عليه في هذا الزمان، ذلك هو هدف ربط الحقائق بأدلتها المبثوثة في الكون.
? وفي هذه المقدمة عدة ضلالات أبانها هذا الرجل بلسانه وسطرها ببنانه ﴿وما تخفي صدورهم أكبر(1)﴾;.
الضلالة الأولى في قوله: وقد راعيت فيه أن يكون متمشيا مع أحوال زماننا، وهو كما قال، فقد راعى فيه أن يكون توحيدا جديدا عصريا عقليا فلسفيا ليس مأخوذا من كتاب الله عز وجل ولا من هدي رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وإلا فإن توحيد الله عز وجل بأقسامه لا يتغير مع أحوال الزمان من وقت إلى آخر برهان ذلك: قول الله عز وجل: ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت(2)﴾;، وقوله سبحانه: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون(3)﴾;، وقال تعالى: ﴿واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم(4)﴾;. وذكر جمعا من الأنبياء في سورة الأنعام، ثم قال لنبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده(5)﴾;. وقال يوسف عليه السلام ﴿واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون(6)﴾;.
فأنت أيها المسلم إذا قرأت هذه الآيات البينات وأمثالها، تعلم يقينا أن توحيد الله عز وجل واحد من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وجميع الأنبياء إلى ذلك يدعون وعن ضده ينهون وينأون، وليس هو بمتأثر بتغير الزمان أو المكان، ولا متمشيا مع أحوال الأوقات أو البلدان: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا(7)﴾;.
فلا والله ليس لأحد من الناس أن ينشئ توحيدا جديدا الآن يتلاءم مع أذواق الصوفية وأصحاب الوجدان، ومع الشيعة العميان، ومع ذوي التمرد والعصيان، عافانا الله وإياك من ذلك.====
قول صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن بدعة
وبعد أن ذكر الآيتين قال: صدق الله العظيم. ولا دليل على قولها عند الفراغ من قراءة القرآن سواء قراءة آية أو أكثر ففي «صحيح البخاري» رقم (4582) ومسلم رقم (800) من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «اقرأ علي»، قلت: يا رسول الله آقرأ عليك وعليك أنزل! قال: «نعم»، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا(1)﴾;، قال: «حسبك الآن» فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
ولم يقل ابن مسعود ولا قال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قل: صدق الله العظيم، وإنما قال له: حسبك.
وأخرج البخاري في «صحيحه» رقم (6) ومسلم رقم (2308): عن ابن عباس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. اهـ
ولم ينقل في حرف واحد أن جبريل أو محمدا عليهما الصلاة والسلام كانا يقولان عند الفراغ من قراءة شيء من القرآن: صدق الله العظيم(2).
وأخرج البخاري في «صحيحه» رقم (3809) ومسلم رقم (799): من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأبي «إن الله أمرني أن أقرأ عليك ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب(3)﴾; » قال: وسماني؟ قال: «نعم»، فبكى.
ولم يقل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد قراءة هذه الآية: صدق الله العظيم.
وأخرج البخاري في «صحيحه» رقم (4474): من حديث رافع بن المعلى رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد»، فذهب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليخرج من المسجد فذكرته، فقال:«الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته».
ولم يقل: صدق الله العظيم.
وثبت في «سنن أبي داود» رقم (1400) والترمذي (2893): من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له،﴿تبارك الذي بيده الملك»﴾;. ولم يقل: صدق الله العظيم.
وفي البخاري رقم (4952) ومسلم رقم (494): من حديث البراء بن عازب قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قرأ في العشاء بـ﴿التين والزيتون﴾; فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه. ولم يقل: صدق الله العظيم.
وأخرج مسلم في «صحيحه» رقم (873): من حديث ابنة حارثة بن النعمان قالت: ما حفظت ﴿ق والقرءان المجيد﴾; إلا من في رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يخطب بها كل جمعة. ولم تنقل أنه كان يقول: صدق الله العظيم، أو هي كانت تقول عند قراءة آيات سورة ق: صدق الله العظيم.
ولو ذهبنا نعدد السور والآيات التي قرأها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه والتابعون لهم بإحسان من القرون المفضلة ولم ينقل عن أحد منهم أنه كان يقولها لطال المقام، ولخرجنا عما نحن فيه، وفيما ذكرنا كفاية في بيان أن قول صدق الله العظيم بعد التلاوة بدعة جديدة لم تكن مسبقة في القرون الأولى، وهذه تعتبر من صغار ضلالات الزنداني دون كبارها، ولو لم يكن يدعي أنه من أهل السنة، لما ناقشته فيها وأقمت البرهان على ضلاله في ذلك.==========توحيد الربوبية هل هو أصل الدين!!
قال ص (6): أما أنت أيها المسلم فاعلم أن علم التوحيد -هذا- هو أصل دينك. اهـ
قلت: وأنت أخي في الله ترى الزنداني يقرر في كتابه توحيد الربوبية ويشير إليه بـ-هذا- ويجعله أصلا للدين، وقد أقر بتوحيد الربوبية إبليس ﴿قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون(1)﴾;، وأقر به فرعون قال الله عنه: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا(2)﴾;، وأقر به مشركو قريش قال الله تعالى فيهم: ﴿ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله(3)﴾;.
أفرأيت هذا التوحيد الذي أقر به هؤلاء يدخلهم جنة أو يخرجهم من نار، ولو مات عليه أحد دون توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات أيكون صاحبه مسلما أم كافرا؟ نترك الجواب لصاحب الكتاب. اهـ
قال ص (6): فإذا جهلت به فقد دخلت في نطاق العمي الذين يدينون بدين لا دليل لهم عليه. اهـ
قلت أخي في الله: إن هذا الكلام باطل من وجهين. الأول: أن من جهل التوحيد وقع في الشرك بالله سواء الأصغر أو الأكبر. والثاني: أن من يدين بدين لا دليل له عليه إنما اخترعه من عقله وهواه، يكون مشركا بالله حسب التفصيل السابق قال تعالى: ﴿أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله(4)﴾;، وإنما ذهب الرجل يستعمل كلمة مجملة يشترك فيها المشرك وغيره وهي لفظة (العمي) ولم تسمح له السياسة العمياء بجرح مشاعر عباد الأوثان، والذين يقولون الله ثالث ثلاثة، فيصرح بأنهم مشركون.(5)=========تعريف التوحيد عند أهل السنة
أما تعريف التوحيد عند أهل السنة قاطبة دون خلاف فهو ما عرفه به السفاريني رحمه الله في «لوائح الأنوار» (ج1 ص56-57) فقال: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ذاتا وصفاتا وأفعالا. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفاتا وأفعالا. انظر«التنبيهات السنية» ص (9). وقال أبوعمرو الداني في «الرسالة الوافية لمذاهب أهل السنة في الاعتقادات» ص (46) قال: والتوحيد هو الإقرار بأنه ثابت موجود وواحد معبود، على ما ورد به قوله تعالى: ﴿وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم(1)﴾;.===الإيمان والتوحيد بينهما عموم وخصوص
قال الزنداني ص (8): إن علم التوحيد يبحث في مجال الإيمان بالله.اهـ
قلت: وهذا خلط بين كما هو حال من يتكلم فيما لا يحسن ويخوض فيما لا يدري، ورحم الله الإمام الشافعي حيث قال: فالواجب على العالمين ألا يقولوا إلا من حيث علموا وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الإمساك أولى به، وأقرب إلى السلامة له إن شاء الله. اهـ من «الرسالة» ص (41).
فأين من قال من السلف إن مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره والإيمان بوجود الجان والشيطان وخروج الدجال والمهدي ودابة الأرض ونزول عيسى بن مريم حكما قسطا ودلائل النبوة.
أين من قال إن هذه الأمور تكون إفرادا لله بالعبادة، نعم إن الإيمان بهذه الأمور من العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة والعقيدة أعم من التوحيد، فهي في اللغة مأخوذة من العقد وهو الشد والربط. وفي الشرع حكم الذهن الجازم إما بحق أو بباطل.(1)
ومن هذا التعريف يعلم أن العقيدة أعم من التوحيد، فهي تشمل التوحيد وتشمل الإيمان بالغيبيات وغير ذلك مما تقدم ذكره، أما التوحيد فهو أخص لأنه إفراد الله بالعبادة فالإيمان بالله أعم(2) مما عرفه الزنداني وقد جعل الخاص يشمل العام وهذا ما لا نظير له في اللغة ولا في الشرع ولا في عقيدة السلف، وهذه البضاعة البائرة والتخليطات الظاهرة تروج في سوق الجاهلين الذين قرر عليهم هذا الكتاب في المدارس اليمنية ويحمل أوزار أخطائهم في المعتقد عبدالمجيد الزنداني، قال تعالى:﴿ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون(3)﴾;.
ولو أنه اقتصر في تعريف التوحيد على قوله: يبحث في إخلاص العبادة لله دون شريك، لكان هذا صوابا، لكن هذه الكلمة الصواب خلط معها عدة أغلاط، وحال أهل البدع كحال الكهان الذين وصفهم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بقوله: «تلك الكلمة من الحق فيخلطون معها مائة كذبة». من حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري رقم (6213) وم====================================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق