الجمعة، 18 ديسمبر 2015

الفصل الخامس سيد قطب يصف العلمانيين والفجار بالإخلاص ويضمن لهم الحرية ويصف العلماء بالمحترفين ويسميهم رجال الدين ويتوعدهم بالإذلال والاستعباد ويقول : ( . . . وبعد، فليطمئن المخلصون من المفكرين ورجال الفنون ومن إليهم أن حكم الإسلام لن يسلمهم إلى المشانق والسجون ، ولن يكبت أفكارهم ويحطم أقلامهم وينبذهم من حمايته ورعايته ، ولا يأخذوا الصيحات التافهة التي يصيحها اليوم رجال الدين المحترفون في وجه بعض الكتب وبعض الأفكار حجة ! ! فإنما هذه الصيحات تجارة رابحة اليوم وحرفة كاسبة، لأنهم يعيشون في عهد الإقطاع الذي يقيمهم حراسا لمظالمه وجرائمه ، ولكي يبرروا وجودهم في أعين الجماهير يطلقون هذه الصيحات الفارغة بين الحين والحين ، فأما حين يكون الحكم للإسلام ، فلن يبقى لهؤلاء عمل ، فسيكونون مجندين لعمل منتج نافع ، هم وبقية المتعطلين المتمسكعين من كبار الملاك ورجال الأموال ، ومن الموظفين والمستخدمين في الدواوين ، ومن أحلاس المقاهي والمواخير والحانات ، ومن المشردين في الشوارع والطرقات أو المصطلين للشمس حول الأجران . . . وكلهم في التبطل والتسكع سواء ، بعضهم كاره مضطر، وبعضهم كسول خامل ، وبعضهم مستغل مستهتر ( ) . أقول : أولا: من هم هؤلاء المخلصون من المفكرين ورجال الفنون الذين يخافون من حكم الإسلام . . . إلخ . ثانيا: ما هي أفكارهم التي يضمن لها سيد أنها لن تكبت وأن أقلامهم لن تحطم . فهل هم مسلمون ؟ يغلب على ظني أنهم الاشتراكيون والعلمانيون والشيوعيون وسائر مرضى القلوب والنفوس. وإذا كانوا كذلك ، فهل الإسلام سيطلق لهم العنان ينشرون كفرهم وإلحادهم تسيل بهما أفواههم وأقلامهم المسمومة، وهل سيرعاهم الإسلام ويضمهم إلى كنف حمايته ورعايته؟ أما الإسلام الحق فيقول : {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}( ) ويقول : {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً}( ) ثالثا: من هم رجال الدين المحترفون ؟ وما هي الأفكار والكتب التي صاحوا في وجهها تلك الصيحات التافهة كما يزعم سيد ؟ من هم أولئك المحترفون المتاجرون ؟ من الجلي الواضح أن صيحاتهم كانت في وجه الاشتراكية الماركسية التي لبست لباس الإسلام ، وغيرها من ألوان الضلال ، وأن فيهم كوكبة من أعلام الهدى في مصر ، مثل : عبد الظاهر أبو السمح ، وعبد الرزاق حمزة، ومحمد حامد الفقي ، وعبد الرزاق عفيفي ، ومحمد خليل هراس ، وأحمد محمد شاكر، وعبد الرحمن الوكيل ، ومحب الدين الخطيب ، وأبو الوفاء درويش . وفي الجزيرة العربية مثل مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم ، والشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ العلامة عبد الرحمن ابن سعدي ، والشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي ، وتقي الدين الهلالي ، وغيره في المغرب العربي ، والشيخ العقبي ، وابن باديس ، وغيرهما من جمعية العلماء في الجزائر وعلماء أهل الحديث في الهند وباكستان ، وغيرهم ممن طار صيتهم من علماء المنهج السلفي وكانوا ضد كل ضلال وانحراف. رابعا: أليس في هؤلاء الذين يخافون حكم الإسلام مرتدون عن الإسلام من الشيوعيين والزنادقة؟ فما حكم الإسلام فيهم ؟ أما إسلام الصحابة وأبي بكر - رضي الله عنهم - فحكمه فيهم استئصال شأفتهم بالسيف ؟ لأنهم مرتدون . . . وأما إسلام سيد قطب وحكمه فيهم بالتدليل وضمان الحرية لهم ولأقلامهم وأفكارهم والحماية والرعاية لهم ولمبادئهم وكتبهم التي يصيح بها التافهون والمحترفون من قراء كتب السنة والفقه إن بقيت لهم أصوات لم تخنق ولم تكبت في دولة سيد قطب . خامسا: انظر ماذا كان يبيت سيد قطب للعلماء الذين يسميهم رجال الدين ؟! وماذا كان يبيت لأصحاب الأموال والموظفين وغيرهم لو وصل إلى دفة الحكم ؟! أي جحيم كانوا سيلقون في أتونها في هذه الحكومة ؟ إنه سيجرد العلماء من مناصبهم وسيجرد كبار الملاك ورجال الأموال من ممتلكاتهم وأموالهم وأصحاب الوظائف من وظائفهم وسيسوقهم بسياط الاستعباد والاستذلال كالحمير والبغال لعمل منتج في دولة لا تعرف الرحمة يتربع قمتها هو والمفكرون ورجال الفنون والجلادون من الضباط الاحرار الذين تربوا على فكره ونظرياته التي لا ترحم والتي يلبسها لباس الإسلام مع الأسف الشديد . سادسا: أي استهانة بالعلماء هذه التي تحشر العلماء مع أحلاس المقاهي والمواخير والحانات . . . إلخ . فإذا جاء من ينتقد سيد قطب بحق قامت الدنيا ولم تقعد واعتبر نقده إغراء على العلماء وتشذيبا لهم. الفصل السادس رمي سيد المفتين والمستفتين في المجتمعات الإسلامية عن مشكلات تواجههم بالسخرية بالإسلام ويقول : (والإسلام نظام اجتماعي متكامل تترابط جوانبه وتتساند، وهو نظام يختلف في طبيعته وفكرته عن الحياة ووسائله في تصريفها، يختلف في هذا كله عن النظم الغربية وعن النظم المطبقة اليوم عندنا، يختلف اختلافا كليا أصلا عن هذه النظم ، ومن المؤكد أنه لم يشترك في خلق المشكلات القائمة في المجتمع اليوم ، إنما نشأت هذه المشكلات عن طبيعة النظم المطبقة في المجتمع ومن إبعاد الإسلام عن مجال الحياة . ولكن العجيب بعد هذا أن يكثر استفتاء الإسلام في تلك المشكلات ، وأن يطلب لها عنده حلول ، وأن يطلب رأيه في قضايا لم ينشئها هو ولم يشترك في إنشائها. العجب أن يستفتى الإسلام في بلاد لا تطبق نظام الإسلام ، في قضايا من نوع (المرأة والبرلمان ) ، و(المرأة والعمل ) ، و(المرأة والاختلاط ) ، و(مشكلات الشباب الجنسية) وما إليها ، وأن يستفتيه في هذا وأمثاله ناس لا يرضون للإسلام أن يحكم ، بل إنه ليزعجهم أن يتصوروا يوم يجيء حكم الإسلام. والأعجب من أسئلة هؤلاء أجوبة رجال الدين ودخولهم مع هؤلاء السائلين في جدل حول رأي الإسلام وحكم الإسلام في مثل هذه الجزئيات ، وفي مثل هذه القضايا، في دولة لا تحكم بالإسلام. ما للإسلام اليوم وأن تدخل المرأة البرلمان أو لا تدخل ؟ ! ماله وأن يختلط الجنسان أو لا يختلطان ؟ ما له وأن تعمل المرأة أو لا تعمل ؟ ما له وما لأي مشكلة من مشكلات النظم المطبقة في هذا المجتمع الذي لا يدين للإسلام ولا يرضى حكم الإسلام ؟ وما بال هذه الجزئيات وأمثالها هي التي يطلب أن تكون وفق نظام الإسلام ، ونظام الإسلام كله مطرود من قوانين الدولة ، مطرود من حياة الشعب ؟! إن الإسلام كل لا يتجزأ، فإما أن يؤخذ جملة وإما أن يترك جملة. أما أن يستفتى الإسلام في صغار الشؤون ، وأن يهمل في الأسس العامة التي تقوم عليها الحياة والمجتمع ، فهذا هو الصغار الذي لا يجوز لمسلم - فضلا على عالم دين - أن يقبله للإسلام ، إن جواب أي استفتاء عن مشكلة جزئية من مشكلات المجتمعات التي لا تدين بالإسلام ولا تعترف بشرعيته أن يقال : حكموا الإسلام أولا في الحياة كلها، ثم اطلبوا بعد ذلك رأيه في مشكلات الحياة التي ينشئها هو لا التي أنشأها نظام آخر مناقض للإسلام... إنني أعتبر كل استفتاء للإسلام في قضية لم تنشأ من تطبيق النظام الإسلامي ، والإسلام كله مطرود من الحياة، إنني أعتبر كل استفتاء من هذا النوع سخرية من الإسلام ، كما أعتبر الرد على هذا الاستفتاء مشاركة في هذه السخرية من أهل الإفتاء، والذين يصرخون اليوم طالبين منع المرأة من الانتخاب باسم الإسلام ، أو منعها من العمل باسم الإسلام ، أو إطالة أكمامها وذيلها باسم الإسلام ، ليسمحوا لي مع تقديري لبواعثهم النبيلة أن أقول لهم : إنهم يحيلون الإسلام إلى هزأة وسخرية، لأنهم يحصرون المشكلة كلها في هذه الجزئيات . إن طاقاتهم كلها يجب أن تنصرف إلى تطبيق النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية في كل جوانب الحياة. . . يجب أن يأخذوا الإسلام جملة وأن يدعوه يؤدي عمله في الحياة جملة، فهذا هو الأليق لكرامة الإسلام وكرامة دعاة الإسلام. هذا إذا كانوا جادين في الأمر، مخلصين في الدعوة . . . أما إذا كان الغرض هو الضجيج الذي يلفت النظر، وهو في ذات الوقت مأمون لا خطر فيه ، فذلك شأن آخر أحب أن أنزه عنه على الأقل بعض الهيئات والجماعات)( ) أقول: أولا: إن سيد قطب قد أداه حماسه لتطبيق الشريعة على فهمه إلى أمرين خطيرين: أحدهما: سد باب الإفتاء والاستفتاء واتهام المفتين والمستفتين بالسخرية بالإسلام. فالسؤال من أناس مسلمين يعتزون بإسلامهم ويتطلعون إلى دينهم ليعالج مشاكلهم فينفذون منه ما يستطيعون. والمفتون يفتون بما يفهمون ويعملون من حلول إسلامية لمجتمع مسلم فرضت عليه قوانين غير إسلامية فرضا من عدو مستعمر. ألا يدل هذا الإفتاء والاستفتاء على احترام الناس لدينهم وحبهم له وثقتهم فيه؟ وألا يدل على أن العلماء يعتزون بدينهم ويحرصون على ربط الناس به وفزعهم إليه عند المشكلات والملمات التي تلم بهم ؟ ثانيهما : وهو الأخطر، وهو رمي المجتمعات الإسلامية بأنها لا تدين بالإسلام ، فهذه دندنة حول تكفيرهم. انظر إلى قوله : (ما له ولأي مشكلة من مشكلات النظم المطبقة في هذا المجتمع الذي لا يدين للإسلام ولا يرضى حكم الإسلام). انظر إلى قوله : (إن جواب أي استفتاء عن مشكلة جزئية من مشكلات المجتمعات التي لا تدين بالإسلام ولا تعترف بشريعته أن يقال : حكموا الإسلام أولا في الحياة كلها ثم اطلبوا بعد ذلك رأيه في مشكلات الحياة التي ينشئها هو). وهكذا ينظر إلى المجتمعات الإسلامية بهذا المنظار ويحكم عليهم بهذه الأحكام ، لا في هذا الكتاب ، بل في كل كتبه أو جلها. ثم هل الإسلام ينشيء المشاكل ؟ حاشاه من ذلك ! إنما هو يعالج المشاكل التي ينشئها أهل الأهواء والضلال والفسوق والنفاق. ثانيا : إن معظم رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أرسلهم الله إلى أمم تعبد الأوثان وترتكب المحرمات والفواحش ليعالجوا المشاكل التي أنشأتها جاهلياتهم ووثنياتهم ، فدعوا إلى توحيد الله ونهوا عن الشرك ونهوا عن الفواحش والمحرمات التي تمارسها تلك الأمم ، وقد أنشأتها جاهلياتهم ، ويتقدمون إلى تلك الأمم الكافرة الجاحدة الكنودة بالزواجر والنواهي والتحذير والإنذار من مخالفتها، كل ذلك وأممها ترفض ذلك . كل ذلك ولم يكن لهم دول ولا أنظمة. ولم يقولوا: ما للإسلام وهذه المشكلات التي لم ينشئها ؟! وما للإسلام والفواحش والمنكرات التي لم يشارك في إنشائها ؟! ولم يقفوا مكتوفي الأيدي حتى تقوم لهم دول وحكومات ، وإنما يبلغون رسالات الله في حدود طاقاتهم . قال تعالى عن شعيب : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} هود : 84 . وقال عن لوط عليه السلام : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ} العنكبوت : 28 وقال تعالى عن العبد الصالح لقمان : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان : 13 { يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} لقمان : 17 - 18 ولقد واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجاهلية في العهد المكي ، وهي في شركها منغمسة في كثير من الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية، وليس له دولة، فدعا إلى التوحيد ونبذ الأوثان وخلعها، وحارب الفواحش والمنكرات والمحرمات ، ولم يقل : ما لي ولهذه المنكرات التي لم يشارك الإسلام في إنشائها ؟ ! قال تعالى لرسوله الكريم : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}( ) وقد عالجت السور المكية كثيرا من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية، وإن كان محور الدعوة الأصيل هو التوحيد ومحاربة الشرك. ولا سيما هذه السورة المكية سورة الأنعام التي استشهدنا بالآيتين السابقتين منها، فإن فيها بالإضافة إلى ما سبق تحريم الميتة ولحم الخنزير والدم وما أهل به لغير الله. كل ما ذكرناه كان في مجتمعات جاهلية. فكيف بمجتمع يدين بالإسلام ؟ فإذا سأل سائل وأجابه مفت عالم ، استنكر ذلك سيد قطب واعتبر الاستفتاء والإفتاء سخرية بالإسلام . . . إلى آخر ما اعترض به سيد قطب على المفتين والمستفتين وإلى آخر تكفيره للمجتمعات الإسلامية. إن الله يبغض الفواحش أشد البغض ، ولا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش. عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : "تعجبون لغيرة سعد، والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن "( ) فكيف يقول سيد قطب : (ما للإسلام اليوم وأن تدخل المرأة في البرلمان أو لا تدخل ، وأن يختلط الجنسان أو لا يختلطان . . . إلخ). ما هكذا الدعوة إلى تطبيق نظام الإسلام بإزهاق آخر نفس للإسلام ، ثم يدعو إلى إنشاء مجتمع إسلامي جديد في خيال سيد بعد الحكم على المجتمعات الإسلامية بالكفر ما هكذا يكون الإصلاح وما هكذا يا سعد تورد الإبل ثالثا: يجب أن يفهم العقلاء نوع الحكم الذي يتحمس له سيد قطب ويكفر الناس المحكومين قبل الحكام من أجله لأنهم لم يطبقوه. إنه حكم يختلس من الديمقراطية إنشاء البرلمانات والانتخابات تحت ستار الشورى الإسلامية يشارك في قمتها وإدارة دفتها اليهود والنصارى والعلمانيون تحت ستار أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وقبلهم الروافض وغلاة الصوفية القبورية، وسيكون من علامات تقدمها إنشاء الكنائس والبيع وتشييد القبور والحسينيات ، وإنشاء مجلس أعلى للصوفية يتبعه إدارة أو إدارات للأضرحة تجبي غلال صناديق النذور ! ! ويستل من الشيوعية الحمراء الاشتراكية المدمرة التي تبدأ بالعلماء فتجردهم من مناصبهم لأنهم يساندون النظام الإقطاعي ، وينتزع من كبار الملاك أراضيهم ودورهم ، ويعرج على أصحاب الأموال يبتز أموالهم لأنهم إقطاعيون ورأسماليون ، ويطرد الموظفين والمستخدمين من وظائفهم ، ثم يسوق الجميع بسياط الاشتراكية إلى المصانع والمعامل والحقول الزراعية المؤممة ، وكل هذا وذاك سيكون باسم الإسلام ، واشتراكية الإسلام ، وعدالة الإسلام ، الإسلام الذي يقول عنه سيد قطب : (إنه يصوغ من الشيوعية والمسيحية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والتوازن والاعتدال ) . الفصل السابع وعد الرفاق بمطاردة العلماء الذين يرميهم بضيق الأفق وجمود التفكير ويسخر بعمائمهم يقول سيد قطب: (بقي الخوف من ضيق آفاق القائمين على الحكم الإسلامي وجمود تفكيرهم ، وما أحسب هذه الصورة التي قامت في أذهان هؤلاء الرفاق( ) إلا من اقتران حكم الإسلام بعمائم الشيوخ ومسابح الدراويش. وإذا تبين أن هؤلاء لن يكونوا إسناد حكم الإسلام في مصر بل طرداؤه ، ما لم يغيروا ما بأنفسهم ، ويعملوا عملا منتجا غير مجرد الصلوات والأذكار والتراتيل ، وإذا تبين هذا فيجب أن تخفى هذه الصورة النكدة لحكم الإسلام ما لم تكن هذه التهمة موجهة لمبادىء الإسلام في ذاتها لا للمشايخ والدراويش ، فهل إنه لكذلك ذلك الدين العظيم ؟!)( ). أقول: 1- نعم هناك دراويش لكن ما علاقتهم بالحكم في الإسلام ؟ ثم هل علماء الإسلام والحق على هذه الصورة المزرية التي يصورهم بها سيد؟ ثم لماذا - وهذا هو البلاء - يذكر الصلوات والتراتيل والأذكار في هذا السياق الساخر المرضي للعلمانيين وأعداء الإسلام من الرفاق ، إن هذا الأسلوب وأمثاله من سيد وأمثاله هو الذي جرأ الشباب على الطعن في العلماء واحتقارهم واحتقار علمهم وفتاواهم. 2- انظر ماذا يبيت سيد قطب للعلماء ؟ إنه يهددهم بالمطاردة، ومن هو البديل ؟ إنهم الرفاق والمثقفون من الجهلاء بالإسلام. 3- إنه سيسوقهم بسياط الجلادين إلى حقول المصانع وسائر الأعمال المنتجة، كل ذلك تنفيذا لمبادىء دولة سيد قطب التي يلبسها بقوة لباس الإسلام . 4- من المؤسف تكراره لذكر الصلوات والأذكار في هذه السياقات المشينة التي يهين فيها العلماء أشد أنواع الإهانات. الفصل الثامن طعنه في حكومات إسلامية منها الحكومة الإسلامية السلفية في الجزيرة العربية قال سيد قطب: ( وبعض هذه الشبهات ناشىء من التباس صورة حكم الإسلام ببعض أنواع الحكومات التي تسمي نفسها (حكومات إسلامية) وتمثيل هذه الحكومات لحكم الإسلام كتمثيل من يسمونهم (رجال الدين ) لفكرة الإسلام ! كلاهما تمثيل مزور كاذب مشوه ، بل تمثيل النقيض للنقيض ، ولكن الجهل بحقيقة فكرة الإسلام عن الحكم حتى بين (المثقفين) لا يدع صورة للحكم الإسلامي أخرى غير هذه الصورة المزورة الشائهة الكريهة)( ) . فهذه الطعنات الآثمة الموجهة في الدرجة الأولى للحكومة الإسلامية الصحيحة دولة التوحيد والسنة، وعلى قمتها علماء السنة والتوحيد، التي أثبتت بواقعها الإسلامي الصحيح وبشهادة العلماء المنصفين أنها قائمة على كتاب الله وعلى سنة رسوله في عقيدتها ومنهجها وحكمها وتعليمها، وإن كان هناك نقص لم تسلم منه دولة بعد الخلافة الراشدة، فإنها هي الدولة الإسلامية الحقة والقلعة الحصينة للإسلام وندعوها إلى تلافي هذا النقص الذي يوجبه الإسلام ، ونسأل الله لها التوفيق والسداد . والحكومة الإسلامية التي يتصورها سيد قطب لن تكون أصلح من أفسد الحكومات التي يقول: (إنها تمثل الإسلام تمثيلا مزورا مشوها)، فهي على علاتها تعتز بالإسلام وتحترم العلماء وتقوم على جوانب منه ، وأعتقد أن هذه الحكومات التي أشار اليها منها حكومة الأدارسة في ليبيا، والحكومة المتوكلية في اليمن ، فمهما قيل فيها فإنها خير من التي يتخيلها ويصورها للناس، والتي ستكون عقائدها أفسد ونظامها أبعد من الإسلام فهو يتخيل حكومة اشتراكية لا تبقي للناس سبدا ولا لبدا، وحكومة برلمانية يزعم لها أنها شورية هذا إن التزمت بذلك ، وإلا فستكون دكتاتورية مستبدة كما يلمس ذلك من الأحزاب القائمة على فكره التي لا تحتمل نقدا مهما سطع فيه نور الحق ولا توجيها إسلاميا مهما صحت دلائله وبراهينه ، سواء تعلق بالعقيدة أو تعلق بالسياسة، وحتى لو جاء به مثل أبي بكر وعمر، كما هو واقع بعض الحكومات التي قامت على منهجه وفكره . لو كان يريد حكومة إسلامية صادقة لساند الدولة السعودية وأشاد بها ولطالب الحكومات الأخرى أن تحذو حذوها في العقيدة والمنهج والتطبيق الصحيح ، ولكنه يريد شيئا آخر نضحت به كتبه ، لا نقوله تخرصا ولا تكهنا. قد يقال : إنه كان لا يعرف شيئا عن هذه الحكومة الإسلامية؟ فيقال : كلا، فلقد كان على معرفة واسعة بما يجري في العالم الإسلامي وغيره ، والذي يقرأ كتابه "دراسات إسلامية" مثلا يدرك أنه كان يعرف ما يجري في الاتحاد السوفييتي على المسلمين وما يجري عليهم في الصين والهند والحبشة وفي أدغال أفريقيا وآسيا( ) ، فكيف يجهل ما يجري في جزيرة العرب بلاد الحرمين والبترول التي يعلم ما يجري فيها وما يوجد فيها من الخير عامة المسلمين وخاصتهم ، بل حتى غير المسلمين يعرف ذلك . الفصل التاسع سيد يسخر بدعوة هيئة كبار العلماء في مصر إلى تغيير المنكرات ومحاربة الأخلاق الإباحية والتحلل قال سيد قطب تحت عنوان (إني أتهم) تكلم فيه بأسلوب ثوري مادي لا يشبه أساليب العلماء والمصلحين ، وكثير من عباراته لا يستطاع نقلها لثقلها على أسماع المسلمين ، بل وغير المسلمين . وفي هذا المقال تناول العلماء بأسلوب ساخر جدا، لأنهم قالوا كلمة حق تتضمن إنكار المنكرات ، قال ساخرا مع الأسف : (وهنا ينبعث السادة الأجلاء من هيئة كبار العلماء من سباتهم الطويل العميق ، ينعون الأخلاق الضائعة والفواحش الشائعة، ولا يدعون ثبورا واحدا بل ثبورا كثيرا، فلننصرف إلى السادة الأجلاء لحظة لنسمع منهم الوعظ الشريف ، ترويحا للنفس عن ذلك الجد الكريه الذي نعانيه هذه بعض عريضتهم إلى رئيس الحكومة في يوم من الأيام : وإن الناظر في حال أمتنا العزيزة، وما آل إليه أمر الدين والخلق فيها، ليهوله ما يرى، ويأخذه كثير من الحزن على حاضرها الذي صارت إليه ، ويخالجه كثير من الإشفاق على مستقبلها الذي هي مقبلة عليه ، فقد استهان الناس بأوامر الدين ونواهيه ، وجنحوا إلى ما يخالف تقاليد الإسلام ، ودخل على كثير منهم ما لم يكن يعهد من أخلاق الإباحية والتحلل ، جريا وراء المدنية الزائفة واغترارا ببريقها الخادع ، وكثرت عوامل الإفساد والإغراء في البلاد، ولا سيما أمام ناشئتها وفتيانها المرجوين للنهوض بها والأخذ بيدها في حاضرها ومستقبلها. . . فمن حفلات ماجنة خليعة يختلط فيها الرجال والنساء على صورة متهتكة جريئة يشرب فيها الخمر ويرتكب فيها ما ينافي المروءة والخلق الكريم . . . إلى أندية يباح فيها القمار، ويسكب على موائدها الذهب ، وتبرز فيها الأموال ، وتزلزل بسببها البيوت والكرامات . .. إلى ملاعب للسباق والمراهنات تنطوي على ألوان من الفساد وإضاعة المال . . . إلى مسابقات للجمال إنما هي معارض للفسوق والإثم يرتكب فيها ما يندى له جبين الدين والخلق والمروءة ويباح فيها من المحرمات أكبرها وأخطرها . . . إلى شواطىء في الصيف يخلع فيها العذار، ويطغى فيها الأشرار... إلى أخبار غير ذلك تذكر وتنشر، وتوصف وتصور، وتستثار بها كوامن الشهوات والغرائز، في غير تورع ولا حياء... إلى كثير من ألوان المنكرات وفنون الموبقات 000 )( ) قال سيد قطب معلقا في سخرية وتهكم وتعجب : وي ! وي ! أو هذا هكذا أيها العلماء الأجلاء ؟! يا سبحان الله ! ولا حول ولا قوة إلا بالله حقا إنه لأمر جلل يوجب النقمة ويستوجب اللعنة . . . ولكن ! وقد قدر لشفاهكم الكريمة أن تنفرج عن كلام في المجتمع . أفما كانت هناك كلمة واحدة تقال عن المظالم الاجتماعية الفاشية، وعن رأي الإسلام في الحكم ، ورأيه في المال ، ورأيه في الفوارق الاجتماعية التي لا تطاق؟ وما الذي كنتم تنتظرونه أيها السادة الأجلاء من أوضاعنا الاجتماعية القائمة إلا هذا الفساد التي تناولت خطبتكم الشريفة ظواهره وتجنبت خوافيه ؟! أوضاعنا الاجتماعية التي تجد منكم السند والنصير والتي يصيبكم البكم فلا تشيرون إليها عارضة من قريب أو بعيد؟ لأن السكوت عنها من ذهب : ذهب إبريز( ) هذا بعض شكوى هيئة كبار العلماء في بلده وفي عصره ، فبدل أن يشكرهم على هذا الموقف الطيب ويشجعهم على المضي قدما في معالجة الأوضاع المتردية ومحاربة المنكرات الفاشية ويطلب منهم المزيد من المواقف الطيبة بدءا بمحاربة مظاهر الشرك التي لم تخطر ببال سيد قطب ويصيبه وأمثاله البكم تجاهها وتجد فيهم السند والنصير، بدلا من تشجيعهم طفق يسخر منهم ويهون من خطوتهم الطيبة الإيجابية في طريق الإصلاح . ألأجل أنهم خالفوا منهجه الثوري فقط يسخر بهم هذه السخرية الظالمة؟ أتدري ما الذي جرته دعوتك السياسية الثورية على الإسلام والمسلمين من البوار والدمار؟ يشهد الله وملائكته والعقلاء من الناس وكبار الإخوان المسلمين أن دعوة الإخوان المسلمين السياسية التي اعتنقها سيد قطب حتى مات من أجلها أنها كانت مفتوحة الأبواب على مصاريعها لكل أرباب البدع والضلال ، من روافض ، وخوارج ، وصوفية غالية قبورية، ولكل راغب من النصارى، ولكل منافق زنديق ، ولكل عشاق المناصب ، ولكل حاقد ومتعطش للدماء وسلب الأموال إلى مآخذ أخرى لا يتسع المقام لذكرها. فيا معشر الشباب المخدوعين ! أفيقوا من سكرتكم ، واخرجوا من الزنازين المظلمة والسراديب والقماقم التي سجنكم فيها سماسرة ودهاقين السياسة الماكرة وكبلوا عقولكم بأصفاد وأغلال التبعية الخرقاء العمياء ينعقون بكم كقطعان المواشي زاعمين لكم أن هذا هو طريق الإسلام وهذا هو طريق الحرية، وما من شيء من هذا أو ذاك إلا ما ذكرته لكم ، وأمثل الإسلام عندهم ما في السودان وأفغانستان ، ولا يمكن أن تعرفوا حقيقة ذلك إلا إذا خرجتم من تلك السراديب والزنازين والقماقم وحطمتم تلك الأغلال والأصفاد ، فإن آثرتم عبودية الزنازين والقماقم والسراديب ، فلن تزروا عند الله وعند من يعرف هذه الحقائق إلا بأنفسكم ، ولن تضروا الله شيئا، وسيقول من يعرف الحقيقة والواقع: ولو أن قومي أنطقتني رماحهم نطقت ولكن الرماح أجرت وسيقول : لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي وسيصدق فيكم : ومن يكن الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلاب الفصل العاشر كشف تواطؤ رجال الدين المحترفين ويقول سيد قطب : (فرائض غير الزكاة : ومع ذلك فالزكاة ليست وحدها حق المال وإنا لنلحظ شبه تواطؤ بين من يتحدثون عن الزكاة في هذه الأيام على اعتبارها الحد الأقصى الذي يطلبه الإسلام دائما من رؤوس الأموال ، لذلك ينبغي أن نكشف هذا التواطؤ الذي يتعمده رجال الدين المحترفون ، كما يتعمده من يريدون إظهار النظام الإسلامي بأنه غير صالح للعمل في عصر (الحضارة)( ) . إن الزكاة هي الحد الأدنى المفروض في الأموال ، حين لا تحتاج الجماعة إلى غير حصيلة الزكاة، فأما حين لا تفي فإن الإسلام لا يقف مكتوف اليدين ، بل يمنح الإمام الذي ينفذ شريعة الإسلام سلطات واسعة للتوظيف في رؤوس الأموال ؟ أي الأخذ منها بقدر معلوم في الحدود اللازمة للإصلاح ، ويقول بصريح الحديث : "إن في المال حقا سوى الزكاة" . ودائرة المصالح المرسلة وسد الذرائع دائرة واسعة تشمل تحقيق كافة المصالح للجماعة، وتضمن دفع جميع الأضرار)( ) . والشاهد من كلام سيد هذا هو طعنه في العلماء واتهامهم بأقبح أنواع الاتهام وأفظعها. ثم إن الحديث الذي احتج به ضعيف رواه الدارمي (1/385) والترمذي من طريق شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس ، وقال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بذاك ، وأبو حمزة ميمون الأعور يضعف ، وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله وهذا أصح ، وقال فيه الحافظ "ضعيف" انظر التقريب . ولو كان الحديث صحيحا ، لكان معناه غير ما يهدف إليه سيد قطب من الاشتراكية الظالمة. والمصالح المرسلة مختلف فيها، ولو اتفق العلماء على اعتبارها ، فلا يمكن أن يخطر ببال العلماء هذه الاشتراكية الظالمة التي يدعو إليها سيد قطب ويقررها. ويقول سيد : وقد احتج بعض المحترفين من رجال الدين ذات يوم بالقول بأن ما أديت زكاته ليس بكنز للتدليل على أن حق المال هو الزكاة وحدها، وأن لا حرج في الكنز بعد ذلك ، ولكن هناك حديثا صريحا يبين حدود الكنز، ويبين فيم يحتفظ الباقي بعد الزكاة حتى لا يكون كنزا، ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم : ((من جمع دينارا أو درهما أو تبرا أو فضة، ولا يعده لغريم : ولا ينفقه في سبيل الله ، فهو كنز يكوى به يوم القيامة)). وقد أبان هذا الحديث ما يجوز الاحتفاظ به ، والأغراض التي يجوز الاحتفاظ به من أجلها، وما عدا هذا، فهو كنز ينطبق عليه نص التحريم ، وهكذا فليفهم الإسلام على ضوء مبادئه الكلية العامة في هذا المجال )( ) . الشاهد من هذا الكلام طعن سيد قطب في العلماء بهذا الأسلوب ، والملاحظ أنه لا يذكرهم إلا باسم رجال الدين على طريقة الأوروبيين والأمريكان ، ومن سار على دربهم . ثم إنه أحال بهذا الحديث على "تفسير القرطبي "، وهو حديث ضعيف رواه عبدالرزاق في المصنف (2/428) من طريق موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ، ومعناه منكر لأنه يخالف نصوصا كثيرة في الكتاب والسنة منها أحاديث الزكاة ومقاديرها . لقد تعلق سيد بهذا الحديث الباطل وعارض به نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة على تحريم أموال المسلمين ، وخالف به جمهور علماء الأمة في تفسير الكنز. قال النووي - رحمه الله تعالى - قال القاضي : (واختلف السلف في المراد بالكنز في القرآن والحديث ، فقال أكثرهم : هو كل مال وجبت فيه الزكاة، فلم تؤد، فأما مال أخرجت زكاته ، فليس بكنز. قيل : الكنز: هو المذكور عن أهل اللغة، ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة. وقيل : المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك . وقيل : كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز، وإن أديت زكاته. وقيل : هو ما فضل عن الحاجة، ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال. واتفق أئمة الفتوى على القول الأول ، وهو الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته))( ) وذكر عقابه. وفي الحديث الآخر: "من كان عنده مال ، فلم يؤد زكاته ، مثل له شجاعا أقرع . . . "، وفي آخره : "فيقول : أنا كنزك "( ) وقال النووي أيضا في شرح حديث جابر في عقوبة من يقصر في أداء حق المال وحق الإبل ومنه: قال رجل : يا رسول الله ! ما حق الإبل : قال : "حلبها على الماء ، وإعارة دلوها ، وإعارة فحلها ، ومنيحتها ، وحمل عليها في سبيل الله( ). قال النووي : (قال القاضي : قال المازري : يحتمل أن يكون هذا الحق في موضع تتعين فيه المواساة، قال القاضي : هذه الألفاظ صريحة في أن هذا الحق غير الزكاة، قال : ولعل هذا كان قبل وجوب الزكاة، وقد اختلف السلف في معنى قول الله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فقال الجمهور: المراد به الزكاة، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وأما ما جاء غير ذلك ؟ فعلى وجه الندب ومكارم الأخلاق . . . وقال بعضهم : هي منسوخة بالزكاة، وإن كان لفظه لفظ خبر فمعناه أمر . قال : وذهب جماعة منهم الشعبي والحسن وطاووس وعطاء ومسروق وغيرهم إلى أنها محكمة، وأن في المال حقا سوى الزكاة من فك الأسير وإطعام المضطر والمواساة في العسرة وصلة القرابة). أقول : من هذه النقول يدرك القارئ أن ما يفتي به من يسميهم سيد قطب بالمحترفين من رجال الدين هو قول جمهور علماء الأمة، واتفق عليه أئمة الفتوى، وهو القول الصحيح الراجح الذي تؤيده الأدلة، ولو أفتوا بقول مرجوح فما يحق لسيد أن يطعن فيهم هذه الطعون ، فكيف وهم يفتون بالقول الراجح . الفصل الحادي عشر الكتب الصفراء ويقول : (وكل هذه الشبهات كان يكفي في جلائها مجرد المعرفة الصحيحة للحقائق التأريخية والاجتماعية للإسلام أي أن يتلقى الجيل ثقافة حقيقية لائقة. . . أجل لائقة . . . وليست هذه الثقافة عسيرة - كما يتصور الكثيرون - حين يتصورون الكتب الصفراء، وتتمثل لهم صورة الدراسة الأزهرية بما فيها من الغاز ومعميات ! كلا إن هذا ليس هو الثقافة الإسلامية المطلوبة للجيل ، فالإسلام يسر لا عسر، وهو عقيدة بسيطة واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض ، ونظام اجتماعي متوازن متناسق لا إقطاع فيه ، ولا ترف ولا حرمان ، ونظام للحكم ليس فيه حقوق إلهية، ولا دم أزرق ولا استبداد ولا طغيان)( ) أقول: أولا: إن الكتب الصفراء التي يسخر منها سيد قطب جلها كتب الحديث والتفسير والفقه . ثانيا: الدراسة الأزهرية على ما فيها من بدع وتصوف هي أقرب إلى الإسلام من الدراسات التي قدمتها باسم الإسلام ، فما من شيء يؤخذ على الأزهر إلا وهو عندك على أسوأ صورة، ولك زيادات باطلة يحاربها الأزهر وغيره بحق. ثالثا: كيف تحيل المثقفين بما فيهم الشيوعيين والعلمانيين على الحقائق التاريخية والاجتماعية للإسلام ، وقد شوهت كل ذلك بما كتبته في كتابك "العدالة الاجتماعية" بالطعن في الخليفة الراشد عثمان وفي حكمه وخلافته وسيرته وعهده كله. وبالطعن في الدولة الأموية والعباسية حتى أخرجتهما عن حدود الإسلام في سياسة الحكم والمال . وبالطعن في الأمة بعد ذلك وتكفيرها في "العدالة الاجتماعية" ، وفي "ظلال القرآن " ، و"معالم في الطريق " ، و"الإسلام والحضارة". رابعا: أن الإسلام يسر لا عسر كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى - رضي الله عنهما -: ((ادعوا وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا"( ) وكما قال : "يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا"( ) وكما قال : "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين "( ) وليس كما تصوره أنت بأنه يصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا. وهل من يسره ورحمته انتزاع الثروات والملكيات جميعا كما ينسب سيد قطب ذلك إلى الإسلام؟ وهل من يسره الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفير المسلمين بدون ضوابط ولا ورع ؟ ! وهل من يسره السخرية بالعلماء ؟! ومداهنة الرفاق والمثقفين ؟! والشدة على المسلمين؟! وهل من يسره رقة الحديث ولينه إذا كان الحديث عن موقف المسلمين من الكفار سواء كانوا من الذميين أو غير الذميين ؟! إن في الإسلام يسرا لا تمييع فيه ، وقوة وحزما لا ظلم فيهما ولا عسف. الفصل الثاني عشر طعنه في علماء الأمة الإسلامية على امتداد عصورها ويقول سيد قطب : (ويرتب الإسلام على نظرته نتائجها، فينهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعطي قيمة لما يتمتع به بعضهم من متاع خلاب ، فإنما هو فتنة واختبار وابتلاء {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}. ويفهم بعضهم أن هذه الآية ونظائرها إنما تدعو إلى ترك الأغنياء يفتنون كما يشاءون( ) ورضى الفقراء بحرمانهم حقوقهم التي يكفلها الإسلام لهم ، وهو خاطئ لا يلتفت إلى التصور الإسلامي العام . وهو تفسير المحترفين من (رجال الدين) في عصور الاستبداد لتنويم الشعور العام وكفه عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية ، وعليهم وزرهم ، والإسلام من تأويلهم بريء). الشاهد منه الطعن في العلماء لا في هذا العصر الحاضر، بل في العصور الإسلامية كلها بما في ذلك عصر عثمان وبني أمية وهلم جرا . لماذا ؟! لأن علماء الإسلام كلهم على خلاف منهجه الاشتراكي . فلذا هو يوجه لهم هذه الطعنة التي تلقفها عن زعماء المذهب الاشتراكي الهدام للدنيا والدين . ارجع إلى أقوال علماء الإسلام في كتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه فلن تجد من يوافق سيد قطب على اشتراكيته التي يسميها بـ (العدالة الاجتماعية). ولن تجد من يوافقه على محاربة الغنى من الطرق المشروعة إذا أدوا زكاتها وأدوا الحقوق التي فرضها الله فيها، لذا فهو يطعن في العلماء. إن سيد قطب يشبه هنا حال المسلمين بحال المجتمعات الأوروبية النصرانية في عهود الظلام - ولا تزال في ظلام - والاستبداد التي قاومها الثوار وقاومها الشيوعيون والتي لا يمكن أن يقاس فيها العالم الإسلامي ، ولا يقاس علماؤه على علماء الكنائس التي كانت تساند تلك الأوضاع المظلمة التي بلغت أقصى غايات السوء، وسيد يعرف الفروق الهائلة بين هذه الأوضاع التي كانت في أوروبا وبين أوضاع المسلمين قديما وحديثا وإن حصل فيها مخالفات وخلل . قال سيد قطب نفسه في كتابه "الإسلام ومشكلات الحضارة"، قال بعد كلام عن أوضاع أوروبا والصراعات فيها : (ويجب ابتداء أن نميز بين الخصائص الأساسية المميزة للإقطاع بمعناه الاصطلاحي التاريخي الذي عرفته أوروبا وتلك المظاهر الثانوية السطحية التي ربما تكون قد وجدت في أنحاء أخرى من الأرض في عصور مختلفة، فهدا التمييز ضرورة من الناحية العلمية ومن الناحية الشعورية كذلك( ) ، إن نظام الإقطاع في أوروبا لم يكن مجرد وجود ملكيات كبيرة، ولكنه كان مصحوبا بخصائص هذا النظام الأساسي ، وأخص خصائص هذا النظام كانت : 1- تبعية الفلاحين للأرض ، حيث كان وضعه فيها كوضع آلات الزراعة وحيواناتها ، وانتقالهم - مع الأرض - إلى المالك الجديد كما تنتقل الآلات والحيوانات - ولو كانوا لا يباعون كما هو الحال في نظام الرق -، ولكن تبعيتهم للأرض تحرمهم حق الانتقال منها إلى أرض أخرى، كما تحرمهم بطبيعة الحال حق اختيار حرفة أخرى فردية مستقلة . 2- كما كانت إرادة السيد (الشريف ) هي القانون في إقطاعيته ، فهو الذي يشرع للأقنان (رقيق الأرض)، وهو الذي يحدد علاقاتهم به وبالأرض وعلاقات بعضهم ببعض . وهذا هو الإقطاع كما عرفته أوروبا وكما ثارت عليه أيضا . وهاتان الخاصيتان تعتبران العلامتين المميزتين لهذا العهد البغيض . وقد ظلت أوروبا ترزح تحت وطأة هذا النظام الفظيع الذي تهدر فيه قيمة الإنسان - ابتداء - بجعله تابعا للأرض كالماشية وأدوات الزراعة ينتقل معها إلى المالك الجديد ولا يملك أن يحس بكينونته (الإنسانية) مستقلة عن الأرض ، ولا يملك أن يغادرها - ولو إلى إقطاعية أخرى - وإلا اعتبر آبقا بحكم القانون ووجب القبض عليه ورده إلى الأرض التي يتبعها)( ) أقول : فهل كانت الأوضاع في العالم الإسلامي تشبه هذه الأوضاع في أوروبا ؟ كلا ليس الأمر كذلك ، بل الأمر يختلف تمام الاختلاف بشهادة سيد قطب وشهادة كل العقلاء من المسلمين وغيرهم . قال سيد قطب نفسه في السياق نفسه : (ظلت أوروبا ترزح تحت وطأة هذا النظام الفظيع حتى انساحت جموع الصليبيين في الشرق الإسلامي ، واحتكوا بالمجتمع الإسلامي ، وعرفوا عن كثب أوضاع حياة الناس فيه ، ورأوا نظاما آخر غير ذلك النظام الفظيع ، رأوا شريعة يتحاكم إليها الناس جميعا ، حاكمهم ومحكومهم ، غنيهم وفقيرهم ، مالكهم ومعدمهم ، صاحب الأرض والعامل فيها على السواء، شريعة ليست هي إرادة السيد صاحب الأرض ، وليست هي إرادة الأمير كذلك ، ولا السلطان ، إنما هي شريعة تجيئهم جميعا من عند الله ، ويتولى الحكم بها قضاة طالما وقفوا بها في وجه الأمراء والسلاطين عندما كان أحدهم يهم بظلم الرعية أفرادا أو جماعات . وقد ظهر في هذه الفترة بالذات أئمة أقوياء، وقفوا مرات في وجه سلاطين المماليك . وكان لوقفاتهم صداها الذي تتناقله الجماهير في الوطن الإسلامي ، وتعرفها جموع الصليبيين الذين يحتكون بهذا المجتمع خلال قرنين من الزمان . وعلى الرغم من كل ما كان قد وقع في المجتمع الإسلامي في هذا الوقت من انحرافات وعدم مراعاة لشريعة الله في بعض جزئيات الحياة، فإن المسافة بين هذا المجتمع الإقطاعي الذي جاء منه الصليببيون كانت بعيدة بعيدة )( ) ثم استمر يعدد مزايا العالم الإسلامي ويذكر الفروق بينه وبين المجتمعات في أوروبا . وإذا كان حال العالم الإسلامي وحال علماء الأمة الإسلامية كما ذكر هنا ، فهل يجوز له أن يطعن في العلماء الذين يسميهم (رجال الدين) على طريقة ثوار أوروبا من العلمانيين والشيوعيين ؟ ! وهل علماء المسلمين مثل البابوات والقسس وسائر رجال الكنيسة في مساندة الظلم والظلمة والإقطاع والإقطاعيين حتى يطعن فيهم سيد قطب بهذا الأسلوب السيئ البالغ النهاية في السوء ؟! يفعل هذا وهو يعرف هذه الفروق الشاسعة بين حال المسلمين وغيرهم . إن سيد قطب يترسم خطى الثوار في أوروبا في منهجه الثوري وأسلوبه الحماسي حذو القذة بالقذة ويلبس كل ذلك بلباس الإسلام . وكثير من شباب الأمة اليوم يترسمون خطاه حذو القذة بالقذة دون علم ولا هدى ولا كتاب منير. لقد نسي سيد كل هذه الفروق ، ثم دأب في جل مؤلفاته على أساليب ثورية تهييجية تكفيرية يعرفها كل من قرأ كتبه ، وما كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية" إلا تهييج وثورة ثم سخرية بالعلماء في الوقت نفسه ، وذلك ركن من أركان ثورته ! وخذ مثلا واحدا من أمثلة التهييج والتثوير: لقد ختم كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية "( ) بفصل يلهب فيه مشاعر الجماهير ويحركهم لأخذ حقوقهم - كما يزعم – بأيديهم على غرار دعوة ثوار أوروبا وماركس ولينين ومزدك قبلهم - قال فيه : والآن أيتها الجماهير. . . الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها . . . ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص . . . إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها، فعليها أن تعنى بأمرها، ولا تتطلع إلى معونة أخرى. ثم استمر في الهاب مشاعر الغوغائيين بمثل هذا الأسلوب المهيج باسم الإسلام والإسلام منه براء. . . إلى أن قال في خاتمة هذا الفصل : والآن أيتها الجماهير. . . لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك ، إن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق ، اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل . أيتها الجماهير. . . لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية، وطريق العدالة الاجتماعية، وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة، والذي تملك أن تعرفه مرة أخرى . . . لو تفيق . أيتها الجماهير. . . هذا هو الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء والسيادة وكل راغب في المساواة والحرية، وكل من يؤمن بنفسه وقومه ووطنه( ) ، وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود . أيتها الجماهير: . . . هذا هو الطريق). بهذا الأسلوب المهيج المثير الذي احتذى فيه أسلوب من ذكرناهم. وكل عاقل دارس يعرف أن شعارات : المساواة، والحرية، والأخوة، شعارات ماسونية ، وشعارات الثورة الفرنسية التي وضعها اليهود، كل ذلك يلبسه سيد لباس الإسلام ويهيج به الغوغاء والهمج بما فيه سواد الإخوان المسلمين . وقامت الثورة بقيادة ضباط الإخوان وبقيادة الضباط الأحرار وهم جزء من الإخوان وعلى رأسهم سيد قطب على فاروق الذي لا يماري أحد في فساد حكمه ، ولكن ليس هذا هو الطريق الصحيح . فكيف كانت النتائج لهذه الثورة ؟! لقد تحولت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد فاروق بما لا يقاس في كل ناحية من نواحي الحياة الدينية والدنيوية . وأول ما انصبت عواقب هذه الثورة الغوغائية على رؤوس مهندسيها الإخوان المسلمين ومنهم سيد قطب ، والله يعلم ماذا سيلاقون من الجزاء على هذه السنة السيئة التي سنوها للأنظمة الثورية في العراق وليبيا واليمن وغيرها، التي تحولت بها الأوضاع في هذه البلدان من سيء إلى أسوأ بما لا يقاس في كل النواحي الدينية والدنيوية، وتحولت بها الحريات المنشودة لا إلى عبودية وذل ، بل إلى جحيم ودمار لكل القيم . فليدرك العقلاء أنه ليس هذا هو الطريق ، فليس هذا هو طريق الإسلام ، بل هذا طريق ثوار أوروبا الذين انتقلوا بأهل أوروبا من الرق الروماني الشهير إلى الإقطاع إلى الرأسمالية. . . إلى الماركسية والنازية . غلو في طرف يعالجه غلو آخر في الطرف الآخر وظلم لطبقة يعالجه ظلم آخر لطبقة أخرى.....( ) إن الطريق الصحيح هو الذي شرعه الله العليم الحكيم على لسان رسوله الرحيم الذي لا ينطق عن الهوى، الطريق الذي تمسك به علماء الإسلام إلى يومنا هذا، والذي لا يعرفه الثوريون ، بل يحاربون من يرشد إليه ، ويتهمونهم بالجاسوسية والعمالة على طريقة الثوريين الأوروبيين وأذنابهم من العلمانيين والشيوعيين . . . فأفيقوا أيها الشباب ، واحترموا العلماء، وابحثوا عن طريق السداد والهدى، ولا تسيروا في طريق أهل الجهل والفتن و الغوغاء . وفي الحقيقة ليس هناك فرق كبير بين عصر المماليك والعصر الذي عاش فيه سيد قطب ، بل العصر الذي عاشه كان في الجملة خيرا من عصر المماليك ، ففي عهده قامت دولة التوحيد في الجزيرة على الكتاب والسنة، وكانت هناك دعوات سلفية قوية رافعة راية التوحيد والسنة في الهند وباكستان وبنجلاديش وشرق آسيا ، بل في مصر والسودان والجزائر والمغرب العربي ، ولم تواجه من الأذى ما واجهه شيخ الإسلام ومن معه في عهد المماليك . وما كان في عصر المماليك شيء من ذلك حتى نهض ابن تيمية - رحمه الله - وتلاميذه ، فلاقوا من الأذى والاضطهاد ما لاقوه ، ولكي تتأكد مما قلته أنقل لك ما قاله ونقله المودودي عن المقريزي . حيث قال المودودي : (. . . وكانت حال الأمراء عندئذ أن أكبر دولة كانت بقيت بأيدي المسلمين سليمة من غارات التتر وعدوانهم هي دولة المماليك في مصر والشام ، وهؤلاء المماليك كانوا قسموا قانون دولتهم على قسمين : أحدهما: قانون شخصي تنحصر دائرته في أمور النكاح والطلاق والميراث ، فكان يفصل فيها بحسب أحكام الشرع . والآخر: قانون مدني يحيط بجميع شؤون الناس الداخلية تحت قسمى الحقوق والجنايات ، ويسيطر على نظام الدولة كله ، وهو مبني تماما على الدستور الجنكيزي المتطرف ، ذلك إلى أن ما كان رائجا في البلاد من قانون الشرع الشخصي لم يكن إلا لعامة الرعايا، وأما المماليك الحاكمون ، فكانوا يتبعون حتى في أمورهم الشخصية القانون الجنكيزي لا الشرع المحمدي فى أغلب الأحوال. لكي تقدر كيفية سلوكهم المعارض للإسلام حسبك ما رواه المقريزي من أن المماليك كانوا قد أذنوا في قيام دور البغاء في بلادهم مطلقا، وكانت ضربت على البغايا ضريبة يودع دخلها في بيت مال الدولة الإسلامية، كان معظم من عاصر ابن تيمية من العلماء والصوفية عالة على هذه الدولة، فلم يحز في نفس واحد منهم كل هذه النكبة والحال السيئة التي كان فيها الدين الإسلامي ، ولكنه لما قام الإمام ابن تيمية يسعى للإصلاح ، أخذتهم الأنفة والحمية بغتة، فغدوا يفتون أن هذا الرجل ضال مضل يقول بالتجسيم والتشبيه ، منحرف عن طريقة السلف ، عدو للتصوف وأهله ، يجرؤ على الصحابة والتابعين بنقده ، ويختلق في الدين أشياء، فلا تجوز خلفه الصلاة، وأن كتبه ومؤلفاته لخليقة بأن تحرق)( ) . وبالجملة، فعصر المماليك كان فيه شر كبير وانحراف في العقيدة والشريعة والسياسة والحكم ، كما ذكر المقريزي ، ومع ذلك ، فلم يدع أحد من العلماء صالحهم وطالحهم سنيهم وبدعيهم إلى الثورات والانقلابات التي يدعو إليها سيد قطب والإخوان المسلمون ، ولم تنتشر موجات التكفير في ذلك العصر، بل لم يوجد منها شيء لا في عهد ابن تيمية وتلاميذه ولا قبله ولا بعده ، مع شدة سوء الحال في العقيدة والمنهج والدستور والقوانين . ولم يطبق العلماء على السكوت ، بل كانوا يعالجون الأمور بالعلم والحكمة والصبر . ولو واجهوا الحكام كمواجهة الإخوان المسلمين ، لزادت الأمور سوءا وشرا وفسادا . انظر إلى علاج الإخوان المسلمين لمشاكل المسلمين التي انطلقت منها دعوة سيد قطب . يقول الغزالي : (ولئن مددنا أبصارنا ، فوجدنا طريق الرجولة مفروشا بالأشواك مضرجا بالدماء، فإن عزاءنا في الدنيا - إلى جانب ما نرجوه في الآخرة - أن الخيانة والنكوص قد كلف أصحابه شططا وأذاقهم ويلا)( ) ويقول الغزالي عن نفسه وعن الإخوان المسلمين : (وعلى كل حال ، فنحن ماضون إلى غايتنا، من عمل للإسلام وعمل للأمة، سائلين الله أن يرزقنا التوفيق والسداد في هذا اللون من الجهاد). واليوم تصدر هذه الطبعة وفي الشرق دوي هائل للعمل الضخم الذي حققته عناية الله في مصر. لقد طرد مليكها الغر (فاروق ) شر طردة، وهتكت الأستار عن الفضائح المخزية التي طالما ارتكبها هذا الفاسق وأعوانه ، وتمت هذه الآية على يد الجيش الذي حسبه الطغاة سندا لهم وأبى الله إلا أن يكون هلاكا عليهم . { قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} ( ) وددنا لو انجابت ظلمات الليل المخيم على بلاد الإسلام كلها فاختفت من آفاقها الداكنة بقية الطواغيت التي ما زالت تعيث فسادا هنا وهناك!!! إنما نحس بأن كتاباتنا المتواصلة، بدأت تؤتي ثمارها، وأن سهمنا كبير في هذا النصر المبين . إن الحملات التي شنناها على الأصنام قد انتهت بتحطيم أكبر الأصنام قدرا( ) ، والجهود التي بذلناها لتجرئ الجماهير على أخذ حقوقها وتحقير جلاديها نجحت في إيغار الصدور على الباغين ، وتكثير السواد المتألب ضدهم ، وتقليل العبيد( ) الذي( ) طالما عاشوا في خدمتهم . وسوف نظل على هذا النهج الواضح ، نهتف بالحق ونشغب على الباطل قدر ما نستطيع )( ) وفي الحقيقة أن دعوة الإخوان المسلمين مستمدة من المناهج الكافرة الغربية ألبست لباس الإسلام . استمع إلى قول الغزالي : (وأرى أن بلوغ هذه الأهداف يستلزم أن نقتبس من التفاصيل التي وضعتها الاشتراكية الحديثة مثلما اقتبسنا صورا لا تزال مقتضبة - من الديمقراطية الحديثة - ما دام ذلك في نطاق ما يعرف من عقائد وقواعد، وفي مقدمة ما نرى الإسراع بتطبيقه في هذه الميادين تقييد الملكيات الكبرى وتأميم المرافق العامة)( ) . انظر إليه كيف يختبئ ويتستر ورواء الإسلام وعقائده وقواعده لإقناع السذج البلهاء بالاشتراكية والديمقراطية . ويقول : (ما أسرع ما جاء الليل وفي الليل تظهر الأشباح . . . وتنطلق المردة . . . وتولد الأساطير. . . وكان من الأساطير التي راجت عن الإسلام أن الدين الذي يدعو للأخوة العامة أصبح حملته يتعصبون لقبيلة من القبائل أو جنس من الأجناس ، وأن الدين الذي يقوم على الاشتراكيه العامة أصبح القوام عليه فئات من المترفين والعاطلين الذين لا يكن لهم هذا الدين إلا البغض والاحتقار . قال سائح أمريكي : لقد عرفت الحال عندكم ، لما شاهدت ريفكم نظام بيوتكم فيه . فقيل له : وكيف ؟ قال : قصر واحد مشيد، وأكواخ مبعثرة مهدمة، إن لهذا دلالته الصارخة. ومن عجب أن تكون هذه الصورة المزرية، صورة الأنانية المتفردة، والجماعة البائسة المنكودة، هي الصورة التي يراد أن تسود في ميدان السياسة والاجتماع والاقتصاد، وأن يكون ذلك في حماية من الدين ذي المناهج الاشتراكية التي لا ينكرها ذو عينين...) ( ) أقول : ومن أكثر افتراء على الله ممن يقول : إن الدين يقوم على الاشتراكية العامة، ويقول عن هذا الدين بأنه ذو مناهج اشتراكية، وممن يدعو إلى المساواة وهو يحمل في نفسه من التعالي والاستعلاء وينغمس في الترف الحرام والأموال التي يختلسها من الأمة تحت شعارات ودعايات لم تزد الأمة إلا فقرا وذلا وبوارا . فلقد أصبح دعاة الاشتراكية والأخوة والمساواة أثرى الناس وأنعم الناس ، وما زادت بلدانهم بهم إلا فقرا وشقاء ومذابح ودماء، لا يستفيد منها إلا هم ومن وراءهم من أعداء الإسلام . وقد سادت هذه الصورة المزرية - صورة الأنانية المتفردة والجماعة البائسة المنكودة - في ميدان السياسة والاجتماع والاقتصاد على أيديكم وتحت شعاراتكم البراقة الخلابة لعقول البلهاء، والبلدان التي نجت من سطوتكم تعيش في بحبوحة، وأنتم تبذلون جهودكم التي لا تعرف الكلل لإلحاقها بركب أخواتها. فاللهم الطف بعبادك وبلادك! وأنعم عليهم بالوعي والإدراك لكشف الألاعيب الحقيقية‍ ‍ الخاتمة نداء إلى العلماء وأساتذة الجامعات والقضاة إلى أساتذة الجامعات والمعاهد العلمية . . . إلى القضاة في المحاكم الشرعية ، وفقهم الله وسدد خطاهم وجعلنا وإياهم من شهداء الله في الأرض . أما بعد : فإني أرى نفسي - فيما أناقش فيه سيد قطب - على الحق ، وأرى أنه قد جانب الصواب . وإني أرى نفسي بهذه المحاولة أؤدي واجبا افترضه الله علي وعليكم ، ولا أدعي أنني معصوم من الخطأ. ولعل الناس قد اشرأبت أعناقهم وأصغوا بآذانهم ليسمعوا منكم كلمة الحق الفاصلة، فقوموا بواجب العبودية لله رب العالمين في نصرة الحق سواء علي أو لي . وإنني أذكركم بقول الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135] وأذكركم بقول الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (المائدة :8-9 ) فأثبتوا للعالم أنكم قوامون لله شهداء بالقسط . وأثبتوا للدنيا ميزتكم على علماء الملل الباطلة والنحل الضالة في الصدع بالحق ، ونصرته والقيام بالحق والشهادة به ، إن أنظار الأمة والشباب لتمتد "إليكم لتقولوا كلمة الحق مدوية، وإن الله مستخلفكم لينظر كيف تعلمون. ووالله ، إن هذا المسكين لجاد فيما يقول ، ويرى نفسه بارا راشدا فيما يكتبه ، وفي الوقت نفسه لا يبرئ نفسه من الخطأ. فما كان فيما كتبت من صواب فمن الله وبتوفيقه وتسديده وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان ، والله بريء من ذلك الخطأ . والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وإن نصرتكم للحق لنصرة لله. { إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وكتبه ربيع بن هادي عمير المدخلي المدينة النبوية 1415هـ محتويات الكتاب المقدمة.......................................................... 5 الباب الأول : آراء تشريعية لسيد قطب الفصل الأول : القول بالاشراكية وإلغاء الرق ومناقشته في ذلك الفصل الثاني : الإسلام عند سيد يصوغ مزيجا من النصرانية والشيوعية قول سيد: بأن الإسلام يصوغ من المسيحية والشيوعية مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما ومناقشته فتاوى بعض العلماء في الطعن في هذا القول الفصل الثالث : فكرة العالمية والأخوة الإنسانية، رأيه في الهندوكية رأيه في النصرانية ومناقشته في ذلك وصفه للنصرانية بالسماحة والطهر ومناقشته في ذلك الفصل الرابع: اجتياح أموال الناس بالضرائب (المكوس ) مذاهب العلماء في زكاة الأموال الظاهرة والباطنة ومخالفة سيد لهم يقول سيد : في يد الدولة أن تفرض ضرائب خاصة غير العامة (وكل ذلك مكوس ) يقول سيد: في يد الدولة أن تنزع الملكيات جميعا وتعيد توزيعها من جديد يقول سيد : فأما القاعدون (يعني التجار) الذين لا يعملون فثراؤهم حرام وأموالهم حرام ، وعلى الدولة أن تنتفع بذلك لحساب المجتمع الإسلام بريء من تحليل سيد وتحريمه سيد استقى أفكاره من النظريات الشيوعية والغربية أفكار سيد فيها ظلم واستبداد يردها نصوص القرآن والسنة الإجماع على تحريم المكوس وهي الضرائب قول ابن القيم في المكس قول الذهبي في المكس الفصل الخامس قول سيد قطب بعقيدة وحدة الوجود والحلول والجبر ودفاعه عن عقيدة النيرفانا الهندوكية البوذية. الفصل السادس : قول سيد: أن الإسلام يسمح أن تعيش الديانات في ظله على قدم المساواة دون تمييز وعليه أن يقوم بحماية حرية العبادة والعقيدة الآصرة الإنسانية تجمع المسلمين وغيرهم بلا تمييز عنصري ولا محاباة قول سيد: في عالمية الإسلام بخلاف ما يفهمه المسلمون من الإسلام ظاهر كلام سيد في غاية البطلان ويقتضي ما يبرأ منه الإسلام والمسلمون لا يقول بأقوال سيد إلا العلمانيون الديمقراطيون الشروط العمرية على أهل الذمة وجوب إزالة كل كنسية في مصر والقاهرة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مصرها المسلمون بأرض العنوة ينبغي تأمل الأدلة والشروط العمرية وما بناه الأئمة على ذلك من الأقوال والأحكام معاملة أهل الذمة على الوجه الصحيح الفصل السابع : حرية الاعتقاد عند سيد قطب والإسلام ثورة على التعصب الديني حكمة القتال عند سيد هي حماية الصوامع والبيع والصلوات (معابد اليهود والنصارى) ومساجد المسلمين ومناقشته في ذلك القاعدة الأساسية في الجهاد يقول سيد: (إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق الإنسان التي يثبت له بها وصف الإنسان ) فتوى العلامة محمد بن صالح بن عثيمين فيمن يقول بحرية الاعتقاد إن سيد قطب يترسم منهجا رسمه الإخوان المسلمون من أقوال حسن البنا في هذا المجال فتوى العلامة عبد العزيز بن باز من أقوال الغزالي في هذا المجال أقوال مصطفى السباعي في هذا المجال أقوال التلمساني وحامد أبي النصر والغنوشي دعوة الترابي إلى وحدة الأديان التطبيق العملي في السودان لهذا المنهج الفصل الثامن : نظرة سيد قطب إلى الجزية وأهلها مخالفة سيد قطب في وصف الجزية بأنها صغار ومناقشته في ذلك الجزية في نظر سيد قطب قضية تاريخية وليست واقعية زعمه أن الإسلام يحتقر الذين يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بهذه المباحث الواقع لا يضم مجتمعا مسلما عند سيد قطب نقطة البدء الآن هي نقطة البدء في أول عهد الرسالة ( أي تكفير المسلمين) الفصل التاسع: مساواة سيد قطب بين أهل الزكاة وأهل الجزية بدون تمييز مناقشته في ذلك فرح سيد قطب بما تلقاه عن سيرت وأرنولد النصراني من أن الجزية إنما فرضت في مقابل الخدمة العسكرية مناقشته في ذلك الإسلام يدلل الأقليات غير الإسلامية في نظر سيد قطب الفصل العاشر: عالمية الإسلام في نظر سيد قطب الرابطة الإنسانية الكبرى في نظر سيد قطب تجمع البشر دون نظر إلى عقيدة أو دين أو لغة ، مناقشته في ذلك يقول سيد قطب : والإسلام لا يريد حرية العبادة لأتباعه وحدهم إنما يقرر هذا الحق لأصحاب الديانات ويكلف المسلمين أن يدفعوا عن هذا الحق للجميع ويأذن لهم في القتال تحت هذه الراية الرد عليه من خمسة وجوه يقول سيد نحن ندعوا إلى نظام إنساني يقيم علاقاته الدولية على أساس المودة بينه وبين كل من لا يحاربونه إن الجزية ما فرضت إلا في مقابل الخدمة العسكرية وليست للصغار. سيد لا يمانع في فرض الجزية على المسلمين الباب الثاني : طعون سيد قطب في العلماء الفصل الأول : تمهيد هو منطلق الدفاع الفصل الثاني : قول سيد: حكم المشايخ والدراويش مناقشته في ذلك من وجوه الفصل الثالث : العبادة عند سيد قطب ليست وظيفة حياة مناقشته في ذلك لو كان الأمر للإسلام لجند الجميع للعمل فالعمل زكاة الإرواح والأجسام مناقشته في ذلك يقول : تنمية الحياة هي العبادة وهي جواز المرور إلى الفردوس الأخروي الفصل الرابع : سخريته بالعلماء بما في ذلك قراء كتب السنة مناقشته في ذلك الفصل الخامس : سيد قطب يصف العلمانيين والفجار بالإخلاص ويضمن لهم الحرية ويصف العلماء بالمحترفين ويتوعدهم بالإذلال مناقثته في ذلك من وجوه الفصل السادس : رمي سيد المفتين والمستفتين بالسخرية مناقشته في ذلك من وجوه الفصل السابع : سيد قطب يعد الرفاق بمطاردة العلماء الذين يرميهم بضيق الأفق والجمود ويسخر بعمائمهم الفصل الثامن : طعنه في حكومات إسلامية منها الدولة السلفية في الجزيرة العربية مناقشه في ذلك الفصل التاسع : سيد يسخر من دعوة هيئة كبار العلماء في مصر إلى تغيير المنكرات، ومحاربة الإباحية والتحلل مناقشته في ذلك الفصل العاشر : قول سيد: كشف تواطؤ رجال الدين مناقشته في ذلك الفصل الحادي عثر: الكتب الصفراء مناقشته في ذلك من وجوه الفصل الثاني عشر: طعنه في علماء الأمة الإسلامية على امتداد عصورها سيد على علم بالفروق بين الأوضاع في أوروبا وبين الأوضاع في العالم الإسلامي ومع ذلك فهو ثائر على طريقة ثوار أوروبا توضيح سيد قطب لهذه الفروق مما يدينه في أساليبه الثورية والتكفيرية أساليبه الثورية التكفيرية والمهيجة للجماهير والغوغاء ثورته وثورة الإخوان والضباط الأحرار وآثارها المدمرة ليس هناك فروق كبيرة بين عصر المماليك والعصر الذي ثار عليه سيد قطب ، بل بوجود الدعوة السلفية ودولتها ودعاتها في الشرق والغرب يكون عصره أفضل كلام المقريزي والمودودي في عصر المماليك لم توجد موجات تكفير في عهد المماليك على رداءته أقوال الغزالي الثورية المهيجة والتعليق عليها الخاتمة: نداء إلى العلماء وأساتذة الجامعات والقضاة فهرس الموضوعات . نهاية كتاب العواصم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق