الرد على ضلالات القرضاوي=
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلم على رسول الله وبعد : فإن مما ابتليت به الأمة في هذه الأزمان ظهور أقوام لبسوا رداء العلم مسخوا الشريعة باسم التجديد ، ويسروا أسباب الفساد باسم فقه التيسير ، وفتحوا أبواب الرذيلة باسم الاجتهاد ، وهونوا من السنن باسم فقه الأولويات ، ووالوا الكفار باسم تحسين صورة الإسلام ، وعلى رأس هؤلاء مفتي الفضائيات ( يوسف القرضاوي ) حيث عمل على نشر هذا الفكر عبر الفضائيات وشبكة الإنترنت والمؤتمرات والدروس والكتب والمحاضرات وغيرها ، وهذه الأوراق فيها خلاصة لبعض فكر هذا الرجل الذي يروج لــه ، أظهرتها نصحا للأمة وبراءة للذمة وتحذيرا من هذا الرجل وأضرابه ، ولم أطل بالرد عليه هنا لأن ما ذكرته هنا يستنكره عوام المسلمين ، ومن أراد تفصيل هذه المقولات والرد عليها فهي في كتاب ( الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام ) للشيخ صالح آل فوزان وكتاب ( الرد على القرضاوي ) وغيرها .
أولا: موقفه من الكفار:-
لقد ميع القرضاوي وأمات عقيدة الولاء والبراء من الكفار ، وإليك بعض أقواله :
1- قال عن النصارى : ( فكل القضايا بيننا مشتركه فنحن أبناء وطن واحد ، مصيرنا واحد أمتنا واحدة ، أنا أقول عنهم إخواننا المسيحيين ، البعض ينكر علي هذا كيف أقول إخواننا المسيحيين {إنما المؤمنون أخوة} نعم نحن مؤمنون وهم مؤمنون بوجه آخر ) .
2- وقال في نفس البرنامج عن الأقباط إنهم قدموا الآف ( الشهداء ) لا ختلاف المذهب .
3- وقال ( إن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها ) .
4- وقال إن العداوة بيننا وبين اليهود من أجل الأرض فقط لا من أجل الدين وقرر أن قوله تعالى : { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا } أن هذا بالنسبة للوضع الذي كان أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وليس الآن ، مع العلم بأنه يستدل بآخر الآية على قرب النصارى الآن من المسلمين!! ، ويقول ( إذا عز المسلمون عز إخوانهم المسيحيون من غير شك وإذا ذل المسلمون ذل المسيحيون ) .
5- وقرر في مواضع أن الإسلام – بزعمه- يحترم أديانهم المحرفة ، وقرر أنهم كلمسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ، وأن الأرضيات مشتركة بين المسلمين وبين النصارى ، وأن الإسلام ركز على نقاط الاشتراك بيننا وبينهم لا على نقاط الاختلاف ، وأنه لا بد أن يقف المسلمون والنصارى جميعا في صف واحد على هذه الأرضيات المشتركة بينهم ضد الإلحاد والظلم والاستبداد ، ويذكر أن الجهاد إنما هو للدافاع عن كل الأديان لا عن الإسلام فقط ، وجوز تهنيئتهم بأعيادهم ، وتوليتهم للمناصب والوزارات .
6- كما قرر أن الجزية إنما تؤخذ من أهل الذمة مقابل تركهم الدفاع عن الوطن وأما الآن فتسقط عنهم لأن التجنيد إجباري يستوي فيه المسلم والكافر .
ثانيا: موقفه مع المبتدعة :-
تجد القرضاوي إذا تكلم ضد بدعة فإنه يتكلم ضد خصم لا وجود له ، فهو يتكلم على المعتزلة والخوارج الأوائل ، ولكنه في المقابل يثني على وارثيهم اليوم ، أما الرافضة الذين ورثوا عقيدة المعتزلة وأضافوا إليها من الموبيقات والعظائم ما يكفي عشر معشاره لإلحاقهم بأبي جهل فتجده مدافعا عنهم ومؤاخيا لهم بل ويعتبر إثارة الخلاف معهم خيانة للأمة ، ويعتبر لعنهم للصحابة وتحريفهم القرآن وقولهم بعصمة الأئمة وحجهم للمشاهد وغيرها ( خلافات على هامش العقيدة )!! ، وكذلك يقول في وارثي الخوارج اليوم وهم الإباضية ، وأما الأشاعرة والماتريدية فهم من أهل السنة عنده ولا مجال للنقاش في ذلك .
ثالثا: موقفه من السنة :-
يسير القرضاوي مع تيار العقلانيين في عرض السنة على عقولهم الكاسدة وأفهامهم الفاسدة ، ومن ثم رد بعضها وتأول البعض الآخر مما لا يليق مع هواه وإليك أمثلة من أقواله في السنة :-
1- ثبت في صحيح مسلم مرفوعا حديث ( إن أبي وأبيك في النار ) وأجمع العلماء على ذلك ، قال القرضاوي : قلت ما ذنب عبدالله بن عبدالمطلب حتى يكون في النار وهو من أهل الفترة والصحيح أنهم ناجون ؟ !!!
2- وثبت في الصحيحين مرفوعا حديث ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح ) ، قال القرضاوي : من المعلوم المتيقن الذي اتفق عليه العقل والنقل أن الموت ليس كبشا ولا ثورا ولا حيوانا من الحيوانات
3- وثبت في الصحيح مرفوعا حديث ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) ، قال القرضاوي : هذا مقيد بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان الحكم فيه للرجال استبدادياً أما الآن فلا .
4- ثبت في الصحيح حديث ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم من إحداكن ) ، قال القرضاوي : إن ذلك كان من الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه المزاح .
5- وثبت في الصحيح حديث ( لا يقتل مسلم بكافر ) ، قال القرضاوي : – بعد أن قرر أن المسلم يقتل بالكافر خلافا للحديث – : إن هذا الرأى هو الذي لا يليق بزماننا غيره .. ونحن بترجيح هذا الرأى نبطل الأعذار ونعلي راية الشريعة الغراء ، وله غير ذلك كثير .
رابعا: موقفه من المرأة :-
عمل القرضاوي على هتك ستر النساء المحجبات بكل ما يستطيع ، فأعلن مرارا أن فصل النساء عن الرجال في المحاضرات بدعة ، وأنه من التقاليد التي ليست من الإسلام ، وأنه لا بد من كسر الحاجز بين النساء والرجال ، وقال بالنص ( للأسف أنا من السبعينات وأنا أذهب لأمريكا لحضور مؤتمرات إسلامية ، ولكن تلقى المحاضرات في هذه المؤتمرات للنساء في جهة وللرجال في جهة أخرى ، فالتشدد غلب المجموعات هناك وفرضوا التقاليد على المجتمع الغربي نفسه ، حيث أخذوا الأقوال المتشددة وتركوا الأقوال الراجحة ، وأصبح الرجال لهم مكان للقاء منفصل عن مكان النساء ) ، وقال أيضا في نفس البرنامج ( مع أن مثل هذه المؤتمرات تعتبر فرصة لرؤية شاب فتاة فيعجب بها ، ويسأل عنها ويفتح الله قلبيهما ويكون من وراء ذلك تكوين أسرة مسلمة ) ، وقال في نفس البرنامج لما قدمه رجل في محاضرة خاصة بالنساء ( قلت للمقدم ما مكانك أنت هنا ؟ المفروض أن تكون مكانك إحدى الأخوات فالموضوع يخصهن فتقوم على تقديمي وإلقاء الكلمة وتلقي الأسئلة ، بهذا ندربهن على القيادة ، لكن هناك تحكم دائم من الرجل في المرأة حتى في أمورهن) ، وقرر أنه لا بد للنساء المحجبات من الظهور في التلفاز والقنوات الفضائية ، ولا بد للمرأة من الاشتراك في التمثيل والمسرح ، بل قد ذكر أن له ابنتين درستا في جامعات إنجلترا ( وهو إنما يدعو للاختلاط المحتشم !!!! ) إلى أن حصلتا على الدكتوراة إحداهما في الفيزياء النووية والثانية في الكيمياء الحيوية !!! .
خامسا : القرضاوي والملاهي :-
يعتبر القرضاوي من أشهر الدعاة ( الشرعيين !!! ) إلى الغناء والملاهي ويقرر هذا الأمر من عدة نواحي :
1- فيقرر في كثير من كتبه أن الغناء حلال ، وان السينما حلال طيب
2 – ويذكر أنه ينكر على الفنانين الذين يعتزلون الفن !!
3 - ويبارك الذين يلبسون الصلبان ويظهرونها من أجل تمثيل الحملات الصليبية مختتما إجازة هذا العمل لهم بقوله ( فسيروا على بركة الله والله معكم ولن يتركم أعمالكم )
4 – ويذكر أنه يتابع أغاني ( فايزه أحمد ) و ( شادية ) و ( أم كلثوم ) و ( فيروز ) وغيرهن
5 – يذكر عن نفسه أنه يتابع الأفلام والمسلسلات والمسرحيات ، كفيلم ( الإرهاب والكباب ) لعادل إمام – وفيه استهزاء بالمتدينين – وفلم ( ليالي الحلمية ) وفلم ( رأفت الهجان ) وأفلام غوار ونور الشريف ومعالي زايد وغيرها.
6 – ويفتي بجواز النظر للنساء اللاتي يظهرن في الشاشة .
سادسا : شذوذاته الفقهية :-
كما أنه شذ في كثير من آرائه الفقهية ضاربا عرض الحائط بالنصوص وأقوال العلماء وإليك بعضا من شذوذاته :
1- يقرر أن الرجم تعزير لولي الأمر إلغاؤه إن رأى المصلحة في ذلك .
2 – وأن الردة نوعان ردة مغلظة وهي المصاحبة للعنف ضد المجتمع فهذا يقتل ، وردة مخففة وهي ما عدا ذلك فيترك صاحبها .
3 – أن للمرأة أن تتولى منصب الولاية العامة.
4 – أن المرأة إذا كانت تشترك في البيع والشراء والمعاملات فشهادتها كشهادة الرجل .
5 – أنه يجوز حلق اللحي .
6 – يقول إنه يجوز الربا اليسير 1% او 2% بحجة أنه خدمات إدارية ، بالإضافة إلى إباحته للغناء والملاهي والتلفاز والقنوات والمسلسلات وإسبال الثياب والسفور والتصوير والتمثيل وبيع الخمر والخنزير للكفار ونقل أعضاء الخنزير للمسلم ومصافحة النساء والتزيي بزي الكفار وأكل المصعوقة من اللحوم وسفر المرأة وابتعاثها للدراسة بلا محرم وغير ذلك ، وقد صدق فيه من قال إن القرضاوي بفتاواه ومسخه للشريعة إنما يصيح بجميع المنتسبين إلى الإسلام قائلا لهم بلسان حاله ( اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة !!! ) ، نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة ، وأن يعيذنا من هذه الأقوال وأصحابها ، وأن يجعلنا من المتمسكين بهدي النبي صلى اللهة عليه وسلم وأصحابه إلى يوم الدين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
سابعاً: جعله المخلوق أعلى من الخالق …. وتمنيه أن تكون بلاده مثل إسرائيل !!! ؟؟ يقول القرضاوي : أيها الأخوة قبل أن أقوم من مقامي هذا أحب أن أقول كلمة عن نتائج الإنتخابات الإسرائيلية العرب كانوا معلقين كل آمالهم على نجاح بيريل وقد سقط بيريل وهذا مما نحمده في إسرائيل نتمنى أن تكون بلادنا مثل هذه البلاد من أجل مجموعة قليلة يسقط واحد والشعب هو الذي يحكم ليس هناك التسعات الأربع أو التسعات الخمس التي نعرفها في بلادنا تسعة وتسعين وتسعة وتسعين من مية ماهذا ؟ ((( لو أن الله عرض نفسه على الناس ما أخذ هذه النسبة ولكنها الكذب والغش والخداع نحيِّ إسرائيل على ما فعلت )))).
( 4) رد بن عثيمين على هذه المقولة : يقول : رجل كان يتكلم عن الإنتخابات في أحد الدول وذكر أن رجلاً حصل على نسبة 99% ثم قال معلقاً لو أن الله عرض نفسه على الناس ما أخذ هذه النسبة … نعوذ بالله هذا يجب عليه أن يتوب .. يتوب من هذا وإلا فهو مرتد لأنه جعل المخلوق أعلى من الخالق فعليه أن يتوب إلى الله فإن تاب فالله يقبل التوبة من عبادة وإلا وجب على ولاة الأمور أن يضربوا عنقه ========وصلاة الله وسلامه على محمد خير مرسل ومتبع ومقتفى, وآله وصحبه الحنفا, وبعد؛
يقول القرضاوي -هداه الله-: في برنامج (الشريعة والحياة):
((أنا كثيرا ما قلت في هذا البرنامج وغيره إن الحرية عندي مقدمة على تطبيق الشريعة، يجب إطلاق الحريات))
قلتُ: وهذا قول فاسد, ورأي كاسد, وضلال مبين.
بيانه:
إن هذه العبارة من العبارات المجملة أو المتشابهة التي تُحمل على أكثر من معنى, وهذا موجب الحكم عليها بالفساد والإفساد, وهذه ليست بطريقة الراسخين في العلم أعني إطلاق الكلام المجمل بل هي طريقة أهل الضلال والبدع والزيغ والانحراف.
الرد:
أولا : بيان خطورة الكلام المجمل والمتشابه في الدين, وأنه سبيل أهل البدع والضلال
قال الإمام أحمد واصفا أهل البدع والضلالة في كتابه (الرد على الزنادقة والجهمية) (1 / 6) :
((يتكلمون بالمتشابه من الكلام, ويخدعون جهال الناس بما يُشَبِّهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتن المضلين!))
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن صفة كلام أهل البدع في (منهاج السنة النبوية) (1 / 187):
((ولهذا يستعملون الألفاظ المجملة والمتشابهة لأنها أدخل في التلبيس والتمويه))
وقال -رحمه الله- (2 / 130):
((وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفى والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال, والفتن والخبال, والقيل والقال, وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء ))
قال الإمام ابن القيِّم في نونيته:
فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ ... طلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ ... ـأذهان والآراء كل زمان
وقال شيخ الإسلام: (( وقد علم من مدارك الشرع ترك العبارات المجملة، والكلمات الموهمة ))
أي وجوب ترك ذلك لما يفضي إليه من عواقب سيئة على الدين والملة.
ولن نطيل هذا تقرير هذا الأصل كثيرا, وقد أوعب أئمة السنة في تقريره وتأصيله توقيا من وقوع هذه الألفاظ في الدين والعلم, والله أعلم.
ثانيا: سنناقش العبارة على ما اشتهرت فيه وشاعت وذاعت به .. وهي قولهم:((الحرية قبل تطبيق الشريعة))
فهذه عبارة بهذا النص مجملةٌ متشابهة -قولا واحدا-, ومن شك في هذا فلا يخاطب ولا يجادل.
وكلمة الحرية مشتركة بين كثير من الخلق .. مسلم وكافر, وتقي وعاصٍ, وسني ومبتدع .. فالكل ينادي بالحرية التي يريد والتي يؤمن بها؛ فصارت الحرية كلمة مجملة حمالة لمعاني عدة .. منها معانٍ حقة أقرتها الشريعة, ومنها الباطل المحض, ومنها المخلوط الملتبس, ومثل هذه الكلمة لا يمكن أن تقدم على تطبيق الشريعة؛ لأنها تحتمل تقديم الكفر على الإيمان, والباطل على الحق, والغي على الرشاد, والضلال على الهدى.
ونحن نقول: الحرية كلها محكومة بالشريعة -أصلا وفرعا-, وكل حرية خارجة عن الشريعة فهي مردودة, وباطلة, وضلال وإضلال, وفساد وإفساد .. فالأصل الحاكم هو الشريعة, الحرية فرع محكوم بالشريعة, ولا يجوز تقديم المحكوم على الحاكم لا شرعا ولا عقلا ..
ثالثا: العبارة فاسدة من حيث التركيب العربي والبلاغي إذا حُملت على محمل حسن .. (مُخلَّة بالبلاغة)
فلو قلنا: إنه يقصد الحرية المنضبطة بالشرع؛ لكانت العبارة حينئذٍ: (الحرية الشرعية قبل تطبيق الشريعة)!
وهذا من الفساد بمكان, ومن الممتنع عقلا فالشيء لا يكون قبل نفسه !
بعبارة أخرى: الحرية الشرعية لا تتحقق إلا بتطبيق الشريعة على مجموع الحريات الموجودة؛ بإقرار الحق, ونفي الباطل .. فكأنه يقول: (تطبيق الشريعة قبل تطبيق الشريعة)
وهذا مضحك لمن معه أدنى مُسكة عقل !
يظل متنفس وحيد لمن يتشبث بهذه العبارة يجب إغلاقه, وهو أنهم سيقولون: المقصود بتطبيق الشريعة هو كونها حاكمة في دولة, وهذا مراد القرضاوي!
نقول: لو سلمنا لكم بهذا الأمر أي أن تطبيق الشريعة على معناه الكامل لا يكون إلا بحكم دولة بها فإن مناداة القرضاوي بإطلاق باب الحريات قبل تطبيق الشريعة لا يحتمل إلا جميع أنواع الحريات .. الحقة والباطلة !
وهذا ما لا يفعله عاقل إذ لا يجوز المناداة بالباطل والكفر ولو كان مضموما إلى أنواع من الحق ..
على أن تطبيق الشريعة ليس كما يظنون بل الشريعة تطبق في كل وقت وحين .. في حال القوة والتمكين .. وفي حال الضعف والذلة .. وفي كل حال هنالك من الأحكام الشرعية ما يناسبه ويلائمه؛ فتظل الشريعة مطبقة, والدين مكتملا في أهله وذويه كما كان دين الصحابة الذين ماتوا قبل إتمام الدين والشريعة كاملا, وكان إيمانهم حينئذٍ تاما وإن لم يدركوا علمَ وتطبيق كل أحكام الشرع, وهذا كلام قد يحتاج إلى توضيح أكثر ليس هذا مكانه.
رابعا: ما سبق كله مبني على مناقشة هذه العبارة على أنها مجملة لا نعرف مقصود صاحبها, وهو نافع لمن أخذها مجملة, وأما من وجد تفصيلا لقائل العبارة فإنا نحمل العبارة المجملة على الألفاظ المفصلة الموضحة, ومن هذه الألفاظ التي تبين مقصود العبارة ما نص عليه القرضاوي نفسه .. حيث يقول:
((انتشار الفساد في كثير من الدول العربية بسبب غياب الديمقراطية، فالاستبداد يفسد الحياة كلها، وهو أكبر المصائب التي تعاني منها الأمة، ولا علاج للمشاكل التي نعيشها إلا بالحرية التي أراها مقدمة على تطبيق الشريعة الإسلامية.)) !!
يقول أيضا: ((الحرية للجميع .. لكل من قيدت يده أو كل من ربط لسانه لئلا يتكلم .. ألا يكون له رأي في بناء بلده وفي نهضة بلده ؟!
كل هؤلاء يجب أن يفرج عنهم .. أنا كثيرا ما قلت في هذا البرنامج وغيره إن الحرية عندي مقدمة على تطبيق الشريعة، يجب إطلاق الحريات، يكفي يسقط الطاغوت وتبقى الحريات بعده؟
أنا أعجب لهذا، إن الطاغوت يسقط وأتباعه لا زالوا يحكمون، أنا أنادي بالحرية للجميع وبحق العمل السياسي للجميع، ليس هناك إقصاء ولا استثناء، يساريون .. يمينيون .. علمانيون .. إسلاميون .. شيوعيون .. كله يجب أن يتاح له)) !!
فهذه الحرية التي ينادي بها القرضاوي هي بعينها الحرية التي ينادي بها الليبراليون والماسونيون والعلمانيون وأشباههم .. حرية مطلقة للجميع .. للكل -على حد تعبير فضيلة الشيخ- !!
فهذا التفصيل من القرضاوي فاسد ومردود شرعا لأنه لا يقيِّد الحرية بمقيدات بل يطلقها للجميـــع والكل (المسلم والكافر) .. فثبت بالحجة القاطعة قولنا: إن هذه العبارة فاسدة جملةً وتفصيلا ..
والله المستعان, وعليه التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بالله القوي المنان!============ ل: قال الفقهاء في تأكيد تحريم صرفها لغير الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان إنها ـ أي الزكاة ـ تحرم على الغازي المرتزِق، قالوا: إنما يرزق من حصته، فإذا عدمالفىء واضطررنا إلى المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الأغنياء من أموالهم لا من الزكاة، والمرتزق هو الجندي المسجل في ديوان المجاهدين. فإذا كان هذا لا يُعطى منالزكاة إلا المجاهد المتطوع الذي لا مرتب له في الفىء لا يجوز إعطاؤه من الزكاة في هذه الحال التي المسلمون بحاجة إلى إستمرار هؤلاء المرتزقين في وظيفتهم ليس لهم حق من الزكاة مع أنهم متفرغون للجهاد فكيف هؤلاء الذين تعمل لهم على حساب الزكاة مآدب ومآدب فتكلف الآلاف المؤلفة كما فُعل في بعض السنين الماضية وكما هم بصدد أن يفعلوه الآن. وفي الحديث الصحيح أن رجلين أتيا رسول الله يطلبان منه أن يعطيهما من الزكاة وكانا جَلْدَين ـ أي قويين ـ فصعَّد فيهما النظر وصوَّب ثم قال: "إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" ثم أعطاهما بعد أن حسَّن الظن بهما بأن اعتبرهما لا يجدان من العمل ما يسدُّ حاجاتهما الأصلية، فبعد هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز أن يُتصرف فيها لإطعام هؤلاء الأغنياء بحجة تنشيطهم لدفع الزكاة، ثم إننا حذرناكم من دفعها لمن يتلاعبون بها بوضعها في غير محلها وإلى الله المرجع والمآب. ثم إن الفقهاء قالوا: تولي تفرقة الزكاة للمالك بنفسه أفضل من توكيل غيره لأنه أدرى بأحوال أقربائه المحتاجين وجيرانه المحتاجين المستحقين لها". اهـ.
ثم قال: "وفي الحقيقة هؤلاء يدخلون تحت حديث البخاري :"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وليستحوا من رسول الله القائل في بيان حكم الزكاة :"إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" فهؤلاء عكسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح المشهور :"تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم". وليت شعري هل اطلعوا على هذه الأحاديث ثم منعهم هواهم أن يعملوا بها أم لم يطلعوا؟ فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون" اهـ.نقول: إذا كان المرتزق الذي يجاهد الكفار في سبيل الله لا يستحق الزكاة لأن له نصيبًا في الفىء، وحتى لو احتجنا إليه ليدفع عن المسلمين التقتيل والتذبيح والتنكيل ولم نجدفيئًا لنعطيه منه لا ندفع إليه من مال الزكاة بل نعطيه من غيرها، مع أن عمله جهاد وهناك شدة حاجة إليه، فالسببان اللذان زعمتهما موجودان في المرتزقة هنا ومع هذا لاتدفع الزكاة إليه، فكيف يجوز لك أن تقيس برأيك ـ وأنت لست من أهل القياس ـ، أو أن تستنبط بهواك ـ وأنت لست من أهل الاجتهاد ـ لتجيز دفع الزكاة إلى مثل الرابطةالمذكورة؟!! فليحذر الناس فتاوى القرضاوي.ألم يقرأ القرضاوي قول الشافعيّ في الأم :"فإن هاجر وأُفرض ـ أي جعل له فرض أي عطية في ديوان المرتزقة ـ وغزا صار من أهل الفىء وأخذ منه، ولو احتاج وهو في الفىء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات". اهـ.واحتجَّ الشافعي بأن عبد الملك بن مروان أرسل الزكاة إلى مشايخ أهل المدينة وفقهائها كسعيد بن المسيب وأبي بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في رجال كثيرة فأبوا أن يأخذوا منها لأنهم من أهل الفىء. ولم يفهم واحد منهم ـ على علو كعبهم وسلامة لغتهم وشدة تقواهم ـ من الآية ما فهمه القرضاوي في هذا الزمان.بل ذكر الشافعي بأن الأمر لا يرتكز على مدى النفع اللاحق بالمسلمين ولا على مدى حاجتهم إليه ـ كما زعم القرضاوي ـ، بل مَنْ قَسَمَ الله تعالى له فهو أحق ممن لم يقسم له وإن كان من لم يقسم له أنفع أو أحوج، واستدل لذلك رحمه الله تعالى بأن كل فارس يأخذ من الفىء سهمين وإن كان بعضهم أشجع من بعض وأكثر غنى، وأن الأولاد الذكور مثلاً تتساوى حصصهم في الميراث ولو كان بعضهم خيرًا من بعض وأحوج.فالخلاصة: أن "الدكتور" القرضاوي طار خارج سرب الفقهاء ـ من غير أن يُغَرد ـ، فهو في وادٍ وهم في وادٍ ءاخر.والمعتبر ما فهمه الأئمة الأعلام من ءايات كتاب الله، أولئك الذين لم تخالط لغتهم عجمة، ولا نشأوا على عامية معوجَّة، وعاشوا في خير القرون لا في زمن عمَّت فيه الأهواء وانتشرت. وليست العبرة بمن جاء بعدهم بمئات السنين ليسلك غير مسلكهم وينهج غير نهجهم فيعتقد في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين وهو لم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك ويَعُدُّ رأيه رأيًا وخلافه خلافًا فيتصرف بالفتوى خارقًا للإجماع مفرقًا للجماعة. وعلى مثل هذا نبَّه الحديث الصحيح :"إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا من بين الناس ولكن يقبض العلم حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهَّالا فاستفتوهم فأفتوهم فضلوا وأضلّوا" رواه البخاري والترمذي وغيرهما.
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد : فقد كثر الكلام عن " حوار الأديان وعن حرية التعبير وحرية التدين " في الصحف والمواقع الفضائية وفى المجالس الخاصة والعامة . وإذا بحث المسلم عن منشأ هذه الآراء ؛ فلا يجده إلا من أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والعلمانيين المتحللين من القيم والعقائد السماوية والأخلاق الرفيعة ، ولا يجد له على الأوجه التي يريدونها أي سند من القرآن والسنة ؛ إلا ما يُلَبِّسُ به بعض هواة هذه الحريات الذين لا يفرقون بين ما شرعه الله ، وما منعه من الأقوال والأعمال ، ولا بين الحق والباطل ولا بين الهدى والضلال .
وأنا هنا : لا أخاطب أعداء الإسلام ؛ وإنما أخاطب من رضي بالله ربًا ومشرعًا ، ورضي بالإسلام دينًا ، وبمحمد رسولاً - أو من يدعي ذلك - . وأدعوهم إلى الثبات على الإسلام والتزامه عقيدةً ومنهجًا وتشريعًا ، وذلك هو الصراط المستقيم الذي يدعو به كل مسلم في صلاته : أن يهديه الله إليه ؛ فيقول : ( اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) . [ الفاتحة : 6 ] . وهو الذي أمر الله المؤمنين باتباعه في قوله - عز وجل - ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) الآية . [ الأنعام : 153 ] . وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنَّ على كل سبيل من هذه السبل شيطان يدعو إليه . وأنَّ هناك دعاة على أبواب جهنَّم من أجابهم قذفوه فيها . - عياذًا بالله تعالى - .
ثمَّ أقول لهم : إن الحرية الصحيحة إنما هي في الإسلام دين الله الحق ؛ الذي جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، من ظلمات الجهل والكفر والشرك والرذائل الأخلاقية إلى نور الإسلام الذي حوى التوحيد : إفراد الله الخالق الرازق المحيي المميت ؛ الذي له صفات الكمال ونعوت الجلال ، إفراده وحده بالعبادة والتوجه إليه بالمطالب كلها ، واللجوء إليه وحده عند الشدائد والكروب . والكفر بالطواغيت التي اتخذها ضُلال الناس آلهة وأندادًا لله ، يعبدونها ويخضعون ويخشعون لها من البشر ومن الأحجار والأشجار والحيوانات ، وغيرها من المخلوقات سواء الأحياء منهم والأموات ، فهذه هي الحرية الصحيحة ، وهذا هو التحرير الصحيح ؛ أن يتحرر الإنسان الذي كرمه الله من العبودية لكل ما سوى الله .
فهل من شرعوا للناس هذه الحريات وينادون بها ارتفعوا بالناس إلى هذا المستوى الرفيع الذي يليق بكرامة الإنسان !؟
الجواب : لا ... وكلا ... إنهم يريدون : أن يبقى الناس يرسفون في أغلال هذه العبوديات المذلة يعبد كل إنسان ما يريد ويتدين بما يهواه ، من الأديان الباطلة التي بعث الرسل كلهم لإبطالها وهدمها ، وتطهير الأرض ، وتحرير العباد والعقول والعقائد والأخلاق منها . ولن يتحرر الناس شعوبًا وحكومات ؛ إلا باتباع دين الله وتشريعاته العادلة الحكيمة التي تحفظ للناس دينهم الذي شرعه الله ، وتحفظ لهم عقولهم وكرامتهم وأعراضهم ودماءهم وأنسابهم وأموالهم ، وتضمن لهم الأمن الحقيقي والسلام الحقيقي ، وتقضي على الفوضى في التشريعات والأخلاق الرذيلة المتحللة . وتغرس في نفوس الناس العقائد الصحيحة والعبادات الصحيحة والسياسات العادلة . وتغرس في نفوسهم الأخلاق الزكية ، من الصدق والأمانة والعدل والحلم والكرم والرجولة والشجاعة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . وتكرِّه إلى النفوس الكفر والفسوق والعصيان ، والفواحش بالأقوال والأفعال .
فهل تجد في الدعوات إلى هذه الحريات شيئًا من هذه التشريعات الربانية التي فيها الزكاء والنقاء والبناء . وفيها التحرر من الشرك بالله والعبودية لغير الله ممن لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشوراً !؟ والتحرر فيها من الأخلاق الساقطة والأقوال الباطلة ، والتحرر من الفوضى والهمجية في الدين والأخلاق . الأمور التي تشرعها وتقرها الدعوات إلى حرية التدين وإلى حرية التعبير وإلى أخوة الأديان .
أيها المسلمون : خذوا دينكم بجد وقوة وعزيمة صادقة ، وعضوا عليه بالنواجذ ، وارفضوا هذه الدعوات الباطلة التي اخترعها أعداء الله من شياطين البشر ، والتي لا هدف لها ولا غاية لها إلا هدم الإسلام ، وما فيه من عقائد عظيمة وأخلاق وعبادات زكية ، وإخراج للناس من عبادة الله وتعظيم رسالاته ورسله إلى عبادة الشيطان والهوى والأشجار والأحجار وغيرها من المخلوقات والمنحوتات ، وإلى اتباع الشهوات ، والسقوط في حمأة الرذائل ؛ فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وكونوا عباد الله إخوانًا ، وعلى الحق وضد الباطل أعوانًا .
واجعلوا آيات التوحيد نصب أعينكم وغاية الغايات من حياتكم ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ) . [ الذاريات : 56 - 57 ] .
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) . [ البقرة : 21 - 22 ] .
وقوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ) . [ البينة : 5 ] .
والآيات في هذا الباب كثيرة ؛ فاحفظوها وافقهوها وطبقوها في حياتكم ، واجعلوها دروعًا وسدودًا في وجه الدعوات الباطلة ؛ بل ادعوهم ليؤمنوا ويعملوا بها ، وحرروهم ، وانتشلوهم من وهدة الضلال وظلماته ومخازيه ، ومن العبوديات لغير الله .
يجب على المسلمين - جميعًا - : أن يتذكروا ، وأن يعتقدوا في قرارة أنفسهم : أن الله لم يخلقهم هملاً لا يأمرهم ولا ينهاهم ؛ فيختار كل إنسان ما يهواه . قال تعالى : ( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ) . [ القيامة : 36 ] . وقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ) . [ المؤمنون : 115 ] . وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) . [ ص : 27 ] . فلا يظن بالله هذا الظن السيء - من أن الله خلقنا سدى وهملاً ، وأن الله خلق السماء والأرض وما بينهما بغير حكمة ولا غاية ، إلا الكفار الذين لا يتبعون رسله ولا يصدقون أخباره ووعده ووعيده ، ولا يحترمون تشريعاته ، ولا ينقادون لأوامره ولا يجتنبون نواهيه ، ولا يحرِّمون ما حرمه - ، لا يظن هذا الظن السيء ، ولا يتمرد هذا التمرد ؛ إلا الكفار الذين أعد الله لهم النار خالدين فيها وبئس القرار ؛ فهل يعتبر ويعقل وينظر في العواقب من يركض وراءهم ويدعو إلى سلوك مناهجهم بل ويزهو بها !؟ أولئك الدعاة على أبواب جهنم الذين حذَّر منهم رسولنا الناصح الأمين - صلى الله عليه وسلم - ، فيجب على علماء الإسلام التحذير منهم ومن دعواتهم ، وأن يكشفوا عوارها ويهتكوا أستارها بالحجج والبراهين .
يجب على الناس - جميعًا - : أن يعتقدوا : أنِّ حق التشريع لله وحده لا يملكه ولا شيئًا منه أحدٌ غيره . قال تعالى : ( إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) . [ يوسف : 40 ] .
وقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) . [ الإسراء : 23 ] .
وقال تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ) . [ الشورى : 10 ] .
وقال تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ ) . [ الشورى : 21 ] .
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) . [ الأعراف : 33 ] .
وقال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) . [ الأعراف : 157 ] .
والديمقراطية - وما ينشأ عنها من القول : بحرية التدين وحرية الرأي وحرية التعبير - تبيح التشريع لغير الله ، وتبيح الشرك بالله والكفر به ، وتبيح الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وتبيح الإثم والبغي إلى أبعد الحدود ، وتبيح القول على الله بغير علم ، وتبيح الجدال بالباطل ليدحضوا به الحق ؛ كما قال الله عن أسلافهم : ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) . [ غافر : 5 ] .
• يجب على المسلمين - جميعًا - : أنَّ يعتقدوا : أن الله لم يشرع لهم ؛ إلا ما ينفعهم ويصلح قلوبهم وأحوالهم وحياتهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة ، ولم يحرم عليهم من الأقوال والأعمال والأخلاق والمآكل والمشارب والمناكح إلا ما يضرهم ويفسد قلوبهم وأخلاقهم وحياتهم ؛ فما من خير وكمال إلا شرعه الله لهذه الأمة ، وما من شرٍّ وضرر وضلال وظلم وبغي إلا حرمه . قال تعالى : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) . [ الأنعام : 38 ] .وقال تعالى : ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) . [ المائدة : 3 ] .
فماذا يريد من يدَّعي الإسلام ثم يركض وراء أعدائه مطالبًا بالديمقراطية داعيًا إلى حرية التعبير وحرية التدين ووحدة الأديان ، والمساواة بينها ، ولسان حاله يقول : إنَّ الكمال كل الكمال في غير الإسلام وعند أعدائه ؛ فتلك هي الحضارة الراقية والمبادئ السامية التي يجب على أمة الإسلام أن تستضيء بها ، وتدور في فلكها وتنسج على منوالها .
هذا مع العلم : أنَّ هؤلاء المغترين والغارِّين بها لا يأخذون من هذه الحضارة إلا الضار المهلك ؛ الذي لا يزيدهم ومن يقلدهم إلا خسارًا وبوارًا وانحدارًا . فمن أكبر المهانات والصغار والذل والانحراف عن الإسلام وعقائده ومناهجه : أن نقلد أعداء الله ورسله ودينه في تشريعاتهم وقوانينهم وقواعدهم وأخلاقهم ، بدلاً عن التمسك بديننا ، والاعتزاز بما تضمنه من عقائد صحيحة ، وتشريعات حكيمة ، ومناهج وأخلاق عالية . وبدل أن ندعوهم إلى الارتفاع إلى ما تسنمه الإسلام وأهله ؛ الذين فهموه والتزموه وطبقوه من قمم عالية ؛ يهبط كثير من المسلمين إلى حضيض جهلهم وضلالهم ومستنقعاتهم ، فيتعلق بالديمقراطية ، ويحاكم إليها ، وإلى ما انبثق عنها من قوانين وتشريعات جاهلية في أعظم قضايا الإسلام ، ويطلب مساواة الإسلام بالأديان الكافرة ، ويطلب إنصاف الرسول الكريم انطلاقًا من هذه الديمقراطية التي شرعها اليهود والنصارى والملاحدة لإذلال المسلمين وللقضاء على تشريع رب العالمين .
يا معشر المسلمين المبهورين ( ما لكم كيف تحكمون ) وأين عقولكم !؟ ولماذا لا تسمعون لصيحات علمائكم وعقلائكم وحكمائكم !؟ إن الأمر والله لخطير إن لم يتدارك الله هذه الأمة ، وإن لم يضاعف العلماء والحكماء والعقلاء جهودهم في صد هذه التيارات الجارفة التي تمتلك كل الوسائل الشريرة والمدمرة التي تهدف إلى اكتساح المجتمعات الإسلامية ، والقضاء على الإسلام والرمي بأمة الإسلام بعيدًا عن دينهم .
يجب على المسلمين : أن يعتزوا بدينهم العظيم الذي شرع لهم ضبط الأقوال والأفعال في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية ؛ ليُجَنِّبَهُمْ المخازي والرذائل والمهالك والظلم والبغي والعدوان . قال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) . [ النحل : 90 ] . أي : في الأقوال والأفعال . فهل يوجد مثل هذا التشريع في حضارة الغرب وديمقراطيتها !؟ لا والله ... لا يوجد فيها العدل والإحسان والنزاهة ، وإنما الظلم والطغيان ، ولا يوجد فيها النهي عن الفحشاء والمنكر ؛ بل تشرع لهم ذلك ، وتحميه باسم حق الحريات .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) . الآية . [ الحجرات : 12 ] . انظر كيف يحمي الأعراض من السخرية والاستهزاء ، ومن التنابز بالألقاب !؟ وكيف يقبح هذه الأفعال ويذمُّها !؟ وكيف يحمي الأعراض من الغيبة !؟ ويشبه من يفعل ذلك بمن يأكل لحم البشر ميتًا تقبيحًا لها وتنفيرًا منها، فهل يوجد مثل هذا في حضارة الغرب وديمقراطيته ، وما نشأ عنها من تشريعات !؟ لا والله ... لا يوجد . كيف يوجد مثل هذا في ديمقراطية تبيح في تشريعاتها كلَّ المحرمات بما فيها الزنا واللواط والخمر والربا ، والتحلل من الأخلاق العالية !؟ وما هو شرٌّ من ذلك ، وتحارب دين الله الحق ؛ بل تكفر به ، وتسعى جاهدة للإجهاز عليه في عقر داره .
وقال تعالى : ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ . حُنَفَاءَ لله غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِه وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ ) . [ الحج : 30 - 32 ] . فهل تجد في حضارة الغرب وديمقراطيتها تعظيمًا لحرمات الله وتعظيمًا لشعائره !؟ وهل فيها تشريعات صارمة باجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور !؟ وهل يوجد فيها أدنى تحذير من الشرك بالله وبيان خطورته !؟ كلا والله ... ما فيها إلا الدعوة إلى الكفر والشرك ، وحماية الرجس من الأوثان ، وإباحة قول الزور والكفر والفواحش باسم حرية التدين وقداسة الأديان وحرية التعبير ! ومن عنده احترام للإسلام ؛ فليخجل من المناداة بالديمقراطية ، والتحاكم إليها باسم حرية الأديان وتقديس الأديان التي بعث الله الرسل بهدمها .
والشاهد : أنَّ في الإسلام العدل في الأقوال والأعمال والمعتقدات ، وضبط أقوال العباد ومعتقداتهم وأعمالهم . وفي حضارة الغرب وديمقراطيتها الفوضى الدينية والأخلاقية باسم الحريات والمساواة الكاذبة بين الحق والباطل ، بل بترجيح الباطل على الحق ، والكفر والشرك على التوحيد والإيمان ؛ بل بالسعي الجاد في القضاء على التوحيد والإيمان وما يتبعهما .
ومما جاء في الإسلام من ضبط الأقوال ، قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) . [ الأحزاب : 70 - 71 ] .
انظر إلى قوله تعالى : ( وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ) ، وما فيه من الأمر بضبط الأقوال المناقضة للفوضى الديمقراطية التي تبيح للإنسان أن يقول ويفعل ما يشاء باسم حرية التعبير ، ولو كان سبًا للأنبياء وسخرية بهم .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ فليقل خيرًا أو ليصمت ) . [1] .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) . [2] .
قوله : ( ما يتبين ما فيها ... معناه : لا يتدبرها ويفكر في قبحها ولا يخاف ما يترتب عليها وهذا كالكلمة عند السلطان وغيره من الولاة وكالكلمة تقذف ، أو معناه كالكلمة التي يترتب عليها إضرار بمسلم ونحو ذلك وهذا كله حث على حفظ اللسان ) . [3] .
ونهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن قيل وقال وكثرة السؤال . وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ اللسان وكفه ، فقال السائل - وهو معاذ ابن جبل - رضي الله عنه - : ( وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به !؟ ) . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثكلتك أمك ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) . [4] .
وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه ) . [5] .
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله يبغض الفاحش البذيء ) . [6] .
والآيات والأحاديث في هذه الأبواب كثيرة ، وفيها من الآداب الكريمة والتربية الراقية على الأخلاق العالية ما يزكي النفوس ويحفظ العقائد ويحمي الأعراض من الامتهان ، وما لا يعرف قدره إلا الشرفاء النبلاء أولو الألباب والنهي . فهل يوجد مثل هذا الضبط لحماية الدين الحق والأخلاق الكريمة والأعراض الشريفة في حضارة الغرب وديمقراطيتها وتشريعاتها !!؟
أيها المسلمون : إنَّ الله أرسل الرسل بالآيات البينات للفرقان بين الإيمان والكفر والتوحيد والشرك والحق والباطل . وسمى القرآن المنزل على خاتم الرسل فرقانًا ، قال تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) . [ الفرقان : 1 ] .
وفي الحديث : ( ومحمد فرق بين الناس ) . وسمى الله معركة بدر فرقانًا .
قال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ ) . [ الأنفال : 41 ] . يعني : يوم بدر الذي أعزَّ الله به الإسلام ونصره وأهله على الكفر والكافرين .
وقال تعالى عن هذا اليوم وهذه المعركة الحاسمة الفارقة بين الحق والباطل : ( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ . لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) . [ الأنفال : 7 - 8 ] .
وإحقاق الحق وإبطال الباطل أمر شرعه الله وأراده شرعًا في كل زمان ومكان . وأعداء الله يريدون غير ما يريد الله وأنبياؤه ورسله والمؤمنون الصادقون المخلصون أولوا البصائر والنهى الذين لا تنطلي عليهم حيل ومكائد أعداء الإسلام المجرمين ، والذين من أخطر مكايدهم الخلط بين الإسلام واليهودية والنصرانية والمجوسية بل والشيوعية ، ويحاربون هذا التفريق الذي شرعه الله لإحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون.
فالثبات الثبات على هذا الحق وعلى هذا الفرقان وهذا التمييز بين المسلمين والكافرين . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) . [ الأنفال : 29 ] .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) . [ الطلاق : 2 ] .
وقال أيضًا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) . [ محمد : 7 ] .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا ) . [ النساء : 27 ] .
وأشد منهم وأخطر الدعاة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية التدين ومساواة الأديان ! وتذكروا قول الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً . إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) . [ الإسراء : 74 - 75 ] .
فماذا سيلقى من يركن إليهم ركونًا كثيرًا ويميل إليهم ميلاً عظيمًا والله يقول : ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) . [ المائدة : 100 ] .
ومع كل ذلك ؛ فلن يحاوركم الغرب حوار الند للند بل يحاوركم حوار السيد المتعالي للعبد الذليل ؛ بل حوار من يفرض ما يريد . وقد ضرب الله مثالين فارقين بين التوحيد والشرك فقال - عز وجل - : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) . [ إبراهيم : 24 - 25 ] . الشجرة الطيبة هي : النخلة تؤتي ثمارها كل حين ضربها الله مثلاً للكلمة الطيبة ( لا إله إلا الله ) ، وما يقوم عليها من العقائد والأعمال الصالحة والأخلاق العالية . ثم قال تعالى : ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) . [ إبراهيم : 26 ] . قال المفسرون : إن هذه الشجرة الخبيثة هي : الحنظل لا أصل لها ولا قرار ؛ ضربها الله مثلاً للشرك والكفر الذي شرعه الشيطان ؛ فاستجاب له من خذله الله وأخزاه من أهل الملل الضالة ؛ فلو عملوا من الأعمال ما عملوا لا يقبلها الله منهم ؛ كما قال تعالى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) . [ الفرقان : 23 ] . ومصيرهم إلى النار وبئس القرار .
بعد هذا التفريق الواضح الجلي من رب العالمين بين الإسلام والمسلمين ، وبين الكفر والكافرين ! يذهب أناس - يَدَّعُون الإسلام - يَدْعُونَ إلى الخلط والمساواة بين الإسلام والنحل الكافرة ! ويطلبون من الأمم المتحدة والهيئات الدولية أن تصدر قرارات تسوي بين الأديان ، ولا مانع - عندهم - أن يكون الإسلام في ذيل الأديان ! عياذًا بالله من هذه المواقف الذليلة . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ . وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) . [ آل عمران : 100 - 101 ] .وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ . بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) . [ آل عمران : 149 - 150 ] .فعلى المخدوعين بقضايا الحوار وحرية الرأي وحرية التدين : أن يدركوا : أن الغرب الاستعماري إنما يريد فرض منهجه الفكري ، ويرفض الحوار إلا مع نفسه أو السائرين على نهجه .
اقرأ ما يقوله أحد فلاسفة الغرب وهو : الكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه ؛ في تعليقه على قضية الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتبرًا : أنَّ النهج الفكري الأوروبي ما زال استعماريًا . وطلب دوبريه في لقاء مع أسبوعية " لو نوفيل أوبسرفاتور " الفرنسية من الأوروبيين التخلي عن محاولات فرض أفكارهم على عالم يلعب فيه الدِّين الدور الأكبر . ويقول : ( لقد خلعنا الخوذة ، ولكن تفكيرنا بقي استعماريًا ) . يقول دوبريه موضحًا : ( نريد أن يكون العالم شبيهًا بنا وإلاَّ حكمنا عليه بالتخلّف والبربرية ) . ويضيف : ( أن هذا العيب الحسي التاريخي لدى الفوضويين والإباحيين في بلداننا يتحدَّر من ضمير محض استعماري ) . ويقول : ( الغرب يفاخر بنظامه المتعدد النقدي ، ولكنه يرفض التحاور إلا مع نفسه أو مع شرقيين ذوي ثقافة غربية نُوكِّل إليهم مهمة إخبارنا بما نحب سماعه ) . أ.هـ . [7] .
وأكبر شاهد لما يقول - وقد أدركه قبله ذووا العقول واليقظة - : أنه منذ نادى رؤساء النصرانية من حوالي ثلاثين عامًا بحوار الأديان وعقدت مؤتمرات لحوار الأديان ؛ فلم يتحرك هؤلاء إلى الإسلام خطوة واحدة ، وإنما يتحرك إليهم وإلى مناهجهم من يحاورهم ويدعوا إلى حوارهم ، ولو واجهوهم بحقائق الإسلام لتوقف الحوار ولفر الكنسيون فرار الأرانب من الأسود . ويجب التنبه إلى ذوي الثقافة الغربية الحريصين على هذا الحوار ، ويجب أن تعرف أهدافهم كما انتبه لهم هذا الفيلسوف وبيَّن واقعهم .
قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) . [ الحج : 41 ] .
وصلى الله على نبيِّنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .
ملاحظة : أصل هذا المقال كان بعنوان : [ حرية الرأي ] للشيخ ربيع كتبه بتاريخ : «كبار العلماء» تدعو لجلسة طارئة للرد على هجوم القرضاوي على مصر والطيب
مصادر بالأزهر تتوقع الإطاحة برئيس اتحاد علماء المسلمين من عضوية الهيئة
القاهرة: وليد عبد الرحمن
قالت مصادر مسؤولة في هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بالقاهرة (أعلى هيئة في مؤسسة الأزهر)، إن أعضاء الهيئة طالبوا أمس بعقد جلسة طارئة خلال الأيام المقبلة للرد على بيانات الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المقيم في قطر، والموالي لجماعة الإخوان المسلمين) التي يهاجم فيها الأزهر بسبب انحيازه لثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي وما تمخض عنها من خارطة طريق أطاحت بحكم الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لـ«الإخوان».
وهاجم القرضاوي شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ودعا في كلمة عبر قناة «الجزيرة مباشر مصر» ليلة أول من أمس، العالم لمعاقبة حكام مصر، ومناصرة المعتصمين المؤيدين لمرسي في منطقة «رابعة العدوية» بالقاهرة. كما حرض القرضاوي قيادات الجيش ووزارة الداخلية ورجال الأزهر والكنيسة ضد النائب الأول لرئيس الوزراء المصري الفريق أول عبد الفتاح السياسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي. وقال في كلمته إن على الدول العربية والإسلامية التوقف عن دعم حكام مصر الجدد. وقال القرضاوي، وهو عضو بهيئة كبار العلماء بالأزهر إنه على شيخ الأزهر أن يراجع نفسه في مسألة عزل الرئيس السابق.
وقالت المصادر في هيئة كبار العلماء إن تصريحات القرضاوي تجاه الأزهر والدولة المصرية أثارت استياء العديد من كبار مشايخ الهيئة، وأضافت لـ«الشرق الأوسط» إن «عددا كبيرا داخل الهيئة يطالب بالإطاحة بالشيخ القرضاوي»، مؤكدة وجود توجه قوي لعزل القرضاوي من عضوية هيئة كبار العلماء، معللين ذلك بأن الدكتور القرضاوي «يحاول تشويه مواقف الدكتور الطيب الوطنية التي شهد بها المصريون جميعا، والتي انحاز فيها للشعب واستقرار الوطن دون أي مصلحة حزبية أو شخصية».
ولم تحدد المصادر نفسها موعد عقد جلسة كبار العلماء التي كان مقررا لها بعد غد الأربعاء، لكنها قالت إنه تم إرجاء تحديد الموعد الجديد للساعات المقبلة.
وأعيد تشكيل هيئة كبار العلماء بالأزهر في عهد المجلس العسكري الحاكم في البلاد عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في أعقاب ثورة «25 يناير» عام 2011، وتتكون من 26 عالما من كبار علماء الأزهر، فيما لم يتم استكمال تشكيل باقي الهيئة ليصل عدد أعضائها إلى 40 عضوا، واختير الدكتور القرضاوي (المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين) ضمن تشكيل الهيئة، وسط جدل كبير وقتها حول أن يكون بها علماء من خارج مصر.
وتقول مصادر أزهرية إن «الشيخ القرضاوي من أفضل العلماء في مصر، لذا تم اختياره من قبل الدكتور الطيب، رئيس هيئة كبار العلماء، عضوا بالهيئة، لكنه أدخل السياسة في الدين، ويقود حملة شرسة الآن ضد شيخ الأزهر الدكتور الطيب، وضد الدولة المصرية بشكل عام وهو أمر غير مقبول».
ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان المسلمين ما زالت تستغل الشيخ القرضاوي للضغط على المؤسسة الأزهرية لإنقاذ مصير الرئيس الإخواني الذي جرى عزله مطلع هذا الشهر، وللتأكيد على أن مواقف شيخ الأزهر الدكتور الطيب لا تمثل المسلمين في مصر.
وسبق أن أصدر الدكتور القرضاوي فتوى تحث المصريين على مساندة محمد مرسي وترفض تأييد دعوة الدكتور الطيب للخروج على الرئيس الشرعي للبلاد، باعتبار أن رأي الطيب مخالف لإجماع الأمة ولم يستند إلى القرآن الكريم ولا إلى السنة المطهرة.
ويبرهن مراقبون على أن ضغوط «الإخوان» على القرضاوي بدأت منذ قيام شيخ الأزهر بإصدار فتوى بعدم جواز تكفير الخارج عن طاعة ولي الأمر الشرعي، وأهمية المعارضة السلمية له واعتبارها جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر، وهي الفتوى التي أثارت جدلا داخل جماعة «الإخوان»، خصوصا مع وجود دعوات للمطالبة بتنحي مرسي في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
كما انتقد الشيخ القرضاوي مشاركة الدكتور أحمد الطيب في وضع خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية مع القوات المسلحة وقوى سياسية، التي أدت لعزل مرسي، وهي الفتوى التي علق عليها الأزهر الشريف في بيان رسمي أكد فيه أن «فتاوى الشيخ القرضاوي تعكس فقط رأي من يؤيدهم، وما ورد فيها من ألفاظ وعبارات تنبئ عن (إمعان في الفتنة)».
وقال الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر، إن «ما ورد في فتوى الدكتور القرضاوي من ألفاظ وعبارات وغمز ولمز، لا تنبئ إلا عن إمعان في الفتنة، وتوزيع لمراسم الإساءات على ربوع الأمة وممثليها ورموزها.. فإن الأزهر الشريف يعف عن الرد عليها أو التعليق».
وأكدت المصادر المسؤولة في هيئة كبار العلماء أن «هناك استياء داخل الهيئة بعد الدعوات التي أطلقها الشيخ القرضاوي للتدخل الأجنبي في شؤون مصر»، لافتة إلى أن مثل هذه الدعوات لتدخل الجهات الأجنبية في الشأن الداخلي المصري مرفوضة تماما، وأنه لن يقبل بها مصري وطني.
وأخيرًا : أدعوا المسلمين - حكامًا وشعوبًا - إلى التَّمسُّك الجاد بالإسلام ، والاعتزاز به ، وتربية الحكَّام لأبنائهم وشعوبهم وجيوشهم على الإسلام ؛ عقائده ومناهجه وأحكامه وسياسته عن طريق المدارس والجامعات والإذاعات والصُّحف والمجلات وشبكات المعلومات ، وضبط هذه الوسائل وتوجيهها بل وإلزامها بنشر عقائد الإسلام ومناهجه وأخلاقه =
تعرف على القرضاوي عن قرب
فعلى سبيل المثال لا الحصر إليكم بعض نماذج من فتاويه المضلة :
(1) الدفاع عن الديمقراطية:
وإليك الأدلة: قال هداه الله: (أنا من المطالبين بالديمقراطية بوصفها الوسيلة الميسورة والمنضبطة، لتحقيق هدفنا في الحياة الكريمة)[1].
وقال – أيضا -: (إن جوهر الديمقراطية أن يختار للناس من يحكمهم ويسوس أمرهم، وألا يفرض عليهم رأي يكرهونه)[2].
ثم يضيف قائلاً: (الواقع إن الذي يتأمل جوهر الديمقراطية يجد أنه من صميم الإسلام)[3].
وهذا القول بمنأى عن الصواب فما ذكره الشيخ هو مظهر من مظاهر الديمقراطية، وإنما الديمقراطية هي – في جوهرها – رفض (الثيوقراطية) أي سلطة الدين والحكم باسم الله في الأرض. فهي الوجه الآخر للعلمانية)[4].
وما دام الشيخ يؤمن بالديمقراطية فهو لا شك يؤمن بملحقاتها وهي قيام الأحزاب راجع في هذا الكتاب : فصل
(2) يوسف القرضاوي يؤمن بقيام الأحزاب:
يقول – هداه الله -: (رأيي الذي أعلنه من سنين في محاضرات عامة، ولقاءات خاصة: أنه لا يوجد مانع شرعي من وجود أكثر من حزب سياسي داخل الدولة إذ المنع الشرعي يحتاج إلى نص ولا نص)[5].
هذه الأحزاب التي يطالب بها الشيخ بقيامها عامل مهم في تفريق الأمة والله تبارك وتعالى يقول: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ)[6] ويقول: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)[7].
(3) يوسف القرضاوي يؤيد الاختلاط:
قال – غفر الله له -: (دخلت معجمنا الحديث كلمات أصبح لها دلالات لم تكن لها من قبل، من ذلك كلمة “الاختلاط” بين الرجل والمرأة)[8].
ثم قال: (والخلاصة: أن اللقاء بين بالرجال والنساء في ذاته إذن ليس محرماً، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك)[9].
وقال أيضاً -: (أود أن أقول هنا بصراحة: إن العمل الإسلامي قد تسربت إليه أفكار متشددة غدت هي التي تحكم العلاقة بين الرجال والنساء، وتأخذ بأشد الأقوال تضييقاً في هذه المسألة)[10].
الرد على المضل القرضاوي : اختلاط الرجال بالنساء محرم و الأدلة كثيرة و منها حديث أسيد الأنصاري: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: “استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق. عليكن بحافات الطريق” فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . أخرجه أبو داود وغيره و حسنه الألباني ، وعن أم سلمة قالت إن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال . رواه البخاري .
(4) القرضاوي يُجوز تمثيل المرأة المسلمة:
قال – هداه الله -: (إن اشتراك المرأة المسلمة في التمثيل أمرٌ ضروري لابد منه)[11] ثم ذكر شروطاً لهذا التمثيل تثير الضحك من العامة فضلاً عن أهل العلم يقول القرضاوي: ولاشتراك المرأة في التمثيل عدد من الضوابط أهمها:
1) أن يكون أشتراكها ضرورياً.
2) أن تظهر بلباس الإسلام ولا تظهر المساحيق.
3) أن يراعي المخرج والمصور عدم إبراز مفاتنها، والتركيز عليها في التصوير.
4) أن تتفوه بالكلام الحسن وتبتعد عن الفاحش.[12]
(5) القرضاوي يقول بجواز سماع الأغاني:
قال القرضاوي – هداه الله -: (من اللهو الذي تستريح إليه النفوس وتطرب له القلوب، وتنعم به الأذان: الغناء وقد أباحه الإسلام ما لم يشمل على فحش أو خناء أو تحريض على إثم ولا بأس أن تصاحبه الموسيقى الغير المثيرة)[13][14].
والجواب عليه: والصواب هو تحريم الأغاني ويكفي طالب الحق حديثاً واحداً قال رسول الله ث: “ليكونن من أمتي اقوام يستلحون الحِرَ[15] والحرير والخمر والمعازف”[16].
قول القرضاوي : (( نريد من الفكر الجديد أن يهيل التراب على المشكلات التاريخية التي شغلت الفكر الإسلامي في وقت من الأوقات ، وبددت طاقته في غير طائل : مشكلة الذات والصفات ؛ هل الصفات هي عين الذات أو غيرها ؟ أو هي لا عين ولا غير ؟ مشكلة خلق القرآن وما ترتب عليها من محنة لأئمة الإسلام ، المبالغة في الكلام حول التأويل وعدمه بين السلف والخلف ، والطعن على الأشاعرة والماتريدية ومن وافقهم على نهجهم من رجال الجامعات الدينية في العالم الإسلامي : الأزهر ، والزيتونة ، والقرويين ، و ديوبند ، وغيرها )) [ أولويات الحركة الإسلامية : ص 100 ]
( 6) القرضاوي يُفتي لفنانة بالغناء أمام الرجال ،
القرضاوي يستمع بنفسه هو و زوجته وسط الرجال و النساء لغناء امرأة بمصاحبة الموسيقي :
فقد حصلت الفنانة الفلسطينية ميس شلش علي فتوي شفهية منالدكتور القرضاوي تجيز لها فيها إنشاد الأغاني أمام الجمهور من الرجال وتسجيلها عليأشرطة الكاسيت، وذلك في لقاء بينهما حضرته أمها الاثنين الماضي بمكناس.
وأضافت الشابة شلش، وهي من مواليد 1989، أن القرضاوي ابلغها ان صوتالمرأة ليس عورة، وان غناءها أمام جمهور الناس من الرجال والنساء ليس حراما ما دامتملتزمة بعدم إخضاع القول حتي لا يطمع الذي في قلبه مرض ، وما دام همها هو خدمةقضايا الأمة ،
و أعضاء من حركة التوحيد والإصلاح وقياديون من حزب العدالة والتنمية.
ولم يقتصر اللقاء بين ميس شلش والقرضاوي علي الفتوي، بل تعداه إلي تطبيق عملي، أنشدت فيه شلش في زي شرعي محتشم أمام الشيخ والحاضرين، بدون إيقاع أغنية بدأتها بـ أنا صوت الانتفاضة، ما يعلي علي صوتي صوت… أنا وصية الشهيد علي تراب الوطن عشت الموت تاركة بعض الحاضرين يغرقون في دموعهم، قبل أن تنشد أغنية أخري بالإيقاع الموسيقي صبت في نفس الموضوع وكان أخوها وراء آلة الأورغ الموسيقية.============فتوى الشيخ :عبدالعزيز ابن بازرحمه الله في القرضاوي
ولم يقتصر اللقاء بين ميس شلش والقرضاوي علي الفتوي، بل تعداه إلي تطبيق عملي، أنشدت فيه شلش في زي شرعي محتشم أمام الشيخ والحاضرين، بدون إيقاع أغنية بدأتها بـ أنا صوت الانتفاضة، ما يعلي علي صوتي صوت… أنا وصية الشهيد علي تراب الوطن عشت الموت تاركة بعض الحاضرين يغرقون في دموعهم، قبل أن تنشد أغنية أخري بالإيقاع الموسيقي صبت في نفس الموضوع وكان أخوها وراء آلة الأورغ الموسيقية.============فتوى الشيخ :عبدالعزيز ابن بازرحمه الله في القرضاوي
الرد على من يقول : أنتم تنكرون على التُّرابي والتِّلمساني والغزالي والقَرَضَاوِي وتبدِّعونهم وتغتابونهم وتتركون ذكر محاسنهم ، مع أن هناك أئمةً وقعوا في بدعة أمثال ابن حَجَر والنَّوَوِي؟!
ماذا تقولون – جزاكم الله خيرًا – في أُناس ظهروا علينا يقولون : أنتم تنكرون على التُّرابي والتِّلمساني والغزالي والقَرَضَاوِي وتبدِّعونهم وتغتابونهم وتتركون ذكر محاسنهم ، مع أن هناك أئمةً وقعوا في بدعة أمثال ابن حَجَر والنَّوَوِي ، فكيف تذكرون المتقدمين بخير وتتكلمون في حق المتأخرين ؟"
الشيخ صالح آل شيخ :
=============
"أولًا- هذا التمثيل من هذا القائل يدل على جهله، كيف يقارَن الحافظ ابن حَجَر والنووي بأمثال الترابي والغزالي والقرضاوي؟! أين الثَّرَى من الثُّرَيَّا ؟! وأين البَعْرَة من البَعير ؟! فأولئك محبون للسنة ، شارحون لها ، مبينون لها ، وما تأولوه ووقعوا فيه قليلٌ بالنسبة إلى ما بينوه من أمور الإسلام ، فلم يزل أهل العلم ينتفعون بكلامهم ، بل ويفهمون نصوص الكتاب والسنة على ما بينوه ؛ لأنهم كانوا أهل علم بحق . أما هؤلاء المعاصرون من أمثال الترابي والغزالي والقرضاوي والتلمساني وأمثالهم فهؤلاء رؤوس دعوا الناس إلى عدم الالتزام بالسنة وإلى نبذها ، فالحال مختلف ؛ حال مَن يخطئ ويجانب الصواب في مسألة أو في فرع من الفروع ، أو في مسألة عقدية أو اثنتين ، وحال من يخالف في الأصل .
فهؤلاء لا يقيمون للتوحيد مقامًا ، ولا يرفعون به رأسًا ، بل قد نال أهل التوحيد منهم أكبر الأذية كما هو مُشاهَد ، فالترابي حاله معروف يرى أنه يلزم تجديد أصول الإسلام وتجديد أصول الفقه ، ويذكر أن أصول الفقه اصطلح العلماء على أن تُفهَم النصوص عليها ، وهذا لا يعني أننا ملزمون بها! فيقول : يجب أن نضع في هذا العصر أصولًا جديدة للفقه نفهم بها الكتاب والسنة بما يناسب هذا العصر!
والغزالي يرد السنة إذا خالفت عقله وإذا خالفت فهمه .
والقرضاوي على نفس المنهاج يسير ، وإن لم يُظهِر ذلك إظهارَ الغزالي .
والتلمساني لا يعرف توحيد العبادة ولا يعرف السنة ، وإنما هو يخلط في هذا أكبر الخلط ولا عجب .
فهؤلاء لا يقيمون للتوحيد مقامًا ، ولا يرفعون به رأسًا ، بل قد نال أهل التوحيد منهم أكبر الأذية كما هو مُشاهَد ، فالترابي حاله معروف يرى أنه يلزم تجديد أصول الإسلام وتجديد أصول الفقه ، ويذكر أن أصول الفقه اصطلح العلماء على أن تُفهَم النصوص عليها ، وهذا لا يعني أننا ملزمون بها! فيقول : يجب أن نضع في هذا العصر أصولًا جديدة للفقه نفهم بها الكتاب والسنة بما يناسب هذا العصر!
والغزالي يرد السنة إذا خالفت عقله وإذا خالفت فهمه .
والقرضاوي على نفس المنهاج يسير ، وإن لم يُظهِر ذلك إظهارَ الغزالي .
والتلمساني لا يعرف توحيد العبادة ولا يعرف السنة ، وإنما هو يخلط في هذا أكبر الخلط ولا عجب .
فهؤلاء الأربعة ومَن على شاكلتهم متخرجون من مدرسة واحدة ، ألا وهي مدرسة الإخوان المسلمين ، والمدرسة معروفة في أصولها وفي مناهجها ، فلا عجب أن تخرج أمثال هؤلاء في المستقبل ، ولا عجب أن يكون أمثال هؤلاء موجودين في مثل هذا الزمان ما دام أنهم تربوا على أصول تلك المدرسة .
فالإنكار عليهم وعلى ما هم فيه من تأصيل متعين لأنهم يضلون الشباب باسم الدعوة ، والشباب يعظمونهم باسم أنهم دعاة إلى الإسلام .
وأما الحافظ ابن حجر والنووي فما سمعنا يومًا من الأيام أن أحدًا صار ينافح عن قضية من القضايا العقدية التي أخطآ فيها بحجة أن الحافظ ابن حجر قال أو النووي قال ، وإنما مضت أخطاؤهما في وقتها وبقي انتفاع الناس بعلومهما الغزيرة وأفهامهما المستنيرة ، وأما أولئك فلا يقارنون ولا يجوز أن يجعلوا في مصاف هؤلاء ولا أن يقاس الثَّرَى على الثُّرَيَّا"============ كشف اللثام في حقيقة إنتساب الجماعات للإسلام "
بقلم : أحمد بواديفالإنكار عليهم وعلى ما هم فيه من تأصيل متعين لأنهم يضلون الشباب باسم الدعوة ، والشباب يعظمونهم باسم أنهم دعاة إلى الإسلام .
وأما الحافظ ابن حجر والنووي فما سمعنا يومًا من الأيام أن أحدًا صار ينافح عن قضية من القضايا العقدية التي أخطآ فيها بحجة أن الحافظ ابن حجر قال أو النووي قال ، وإنما مضت أخطاؤهما في وقتها وبقي انتفاع الناس بعلومهما الغزيرة وأفهامهما المستنيرة ، وأما أولئك فلا يقارنون ولا يجوز أن يجعلوا في مصاف هؤلاء ولا أن يقاس الثَّرَى على الثُّرَيَّا"============ كشف اللثام في حقيقة إنتساب الجماعات للإسلام "
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
إن التحديات التي تواجه الدين لا تقف عند اعدائه ، لأن قناعاتهم المغطاة بأقنعة التزييف مهما حاولوا اخفاءها ستبقى مشوهة بحقيقة كفرهم ، فالخطر هنا ظاهر بحقيقة الكفر الجلي الواضح .
لكن حقيقة تعديه تكمن في استعمال من كان من ابناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، أساليب المكر والخديعة التي يجهلها بعض المسلمين ، فتبقى خطرا حقيقيا يهدد المسلمين ، يلزم التحذير منه والتنبيه ، وهم يدسون السم في العسل ، فتلقى الشبهات على القلوب المريضة والتي من عادتها الإغترار بزخارف الأقوال ، فينخدعوا بسرابها وتلبد غيومها ، على أمل أن يرتوي من معينها ، وحينئذ يصعب عليهم الإستيقاظ من سباتهم الذي امتدت جذور تضليله في عقولهم وقد غرقوا في سبات نومهم العميق .
وحتى يعرف المرءالأهدى ؛ أمَّن يمشي مكبا على وجهه ، أمَّن يمشي سويا على صراط مستقيم ؟؟
عليه أن يزن الأمور ويضبطها بمقياس الشرع ، لأنه المقياس الحقيقي والصحيح الذي تضبط به الأمور وبدونه يصبح الحكم على الأشياء صحة وبطلانا أمر عسير ، بل مفقود ومعدوم ، لاختلال الضوابط في الأفهام والعقول ، وعليه ستفسد حياة الناس ومعايشهم لأن الهوى هو المتحكم بحياة الناس وصحة تصرفاتهم .
ونحن نقف أمام مسألة مهمة في حياة الناس ، وخطورتها لا تقف عند أمر من أمور الدنيا ، حتى نعرض أونغض الطرف عنها ، بل إن حقيقتها تتجاوز إلى ما وراء كل هذا لتعلقها بالمقصد العظيم وهو الشرع المبين .
متمثلة بإضافة الأشياء إلى لفظ الدين والإسلام
والمقصد من هذا الإنتساب الدلالة والتعريف بحقيقة المراد منه ومفهومه ، وأن مدلولاته تنطبق على الصفة التي نتسب إليه وتعلقها به ، ولولا ذلك لبقي حاله مجهولا ؛ يحتاج إلى تبيان ومعرفة .
فالتحري في الدقة لاختيار اللفظ أمر بالغ الأهمية ، حتى تكون دلالته واضحة على المقصود منه ، غير موهمة على معنى أخر غير مراد ليصبح أبعد ما يكون عن المآخذ والإيهام
فإن عرفنا أن هذا الإنتساب لأمر عظيم وهو الإسلام كان لزاما علينا تعظيم هذا الأمر واعطاؤه حقة بالوجه الصحيح واللائق به ، بأن تكون تلك التسمية لذلك الإنتساب خاضعة له ظاهرا وباطنا ،
لا أن نستصغره و نحط من قدره ، فنلفق له المعاني ونزخرفه بالألفاظ ، لنكسوه ثوب البهتان والزور
لاستجرار المحبين له وللمعظمين من قدره ، فإن تحصل لنا ذلك طويناه وجعلناه في الخزانة كالثياب ، ومتى احتجنا له استعنا به واستعملناه ، كويناه ولبسناه ، فلا يكون له من القدر والنصيب إلا الإسم ولباس الزور والتزييف .
إذن لا بد أن يدل اللفظ على مدلوله وأن لا يخرج عن معناه أو مسماه الذي وضع لأجله ، وأن يكون خاليا من الدخل والدخن ، حتى لا يصبح خداعا وفيه غبن ، فتعطل المعاني وتجحد الحقائق .
واستعمال الألفاظ والمسميات في غير معناها أصل من أصول أهل الباطل
قال ابن القيم رحمه الله :
" ولو أوجب تبديل الأسماء والصور تبدل الأحكاموالحقائق لفسدت الديانات وبدلت الشرائع واضمحل الإسلام ، وأي شيء نفع المشركينتسميتهم أصنامهم آلهة وليس فيها شيء من صفات الإلهية وحقيقتها ؟!! " انتهى
فانظر لمكرهم وخداعهم : قالوا عن الربا فائدة ، وعن الخمر مشروبات روحية ، وادعاؤهم الغيب تنبؤات ، …
ولو أن شخصا كتب على محله روائح عطرية موهما الناس أنه يبيع العطور لاستجلابهم ، فلما دخلوا عليه وجدوا أنه بائع خمور وليس عطور ، بوخوه ولقالوا عنه مخداع وماكر ، أما أصحاب الهوى والشهوات فسيقبلون تلك الشعارات ويستحسنوا الأفعال .
فكيف الحال مع من رفع شعار الإسلام ومن ثم قال ننطلق من الديمقراطية والثوابت الوطنية
وكما قيل : عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
"وتكره التسمية بكلاسم أو مصدر ، أو صفة مشبّهة مضافةٍ إلى لفظ الدين ، أو لفظ الإسلام ، فالإضافةإليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ؛ ولهذا نص بعض العلماء على التحريم "
وقال رحمه الله :
قال تعالى : " {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }
" فذكر سبحانه أنهم يستعينون على مخالفة أمر الأنبياء بما يزخرفه بعضهم لبعض من القول فيغتر به الأغمار وضعفاء العقول فذكر السبب الفاعل والقابل ثم ذكر سبحانه انفعال هذه النفوس الجاهلة به بصغوها وميلها إليه ورضاها به ، لما كسي من الزخرف الذي يغر السامع ، فلما أصغت إليه ورضيته اقترفت ما تدعو إليه من الباطل قولا وعملا
وقال رحمه الله :
" وإذا رأيت مقالات أهل الباطل رأيتهم قد كسوها من العبارات وتخيروا لها من الألفاظ الرائقة ما يسرع إلى قبوله كل من ليس له بصيرة نافذة __ وأكثر الخلق كذلك __ حتى إن الفجار ليسمون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السمع ويميل إليها الطبع فيسمون أم الخبائث : أم الأفراح … " إنتهى
قال شيخ الإسلام رحمه الله بالفتاوى :
" ولا ريب أن هذه المحدثاتالتي أحدثها الأعاجم ، وصاروا يزيدون فيها ، فيقولون : عز الملة ، وعز الدين ،وعزالحق ، وأكثر ما يدخل في ذلك من الكذب المبين ، بحيث يكون المنعوت بذلك أحق بضدذلك الوصف … " . انتهى
فإن كان هذا الإنكار من شيخ الإسلام رحمه الله لما يضاف للدين ولو كان من قبيل اسماء أشخاص مؤمنون خوفا أن يساء للدين أو الإسلام ، فكيف بمن يضيف لفظ الدين أو الإسلام لأفكار ومعتقدات بعيدة عن مفهوم ومدلول الإسلام .
حتى أن ابن تيمية رحمه الله ، والنووي ، وغيرهم لم يرضوا عن تلقيبهم بتلك الأوصاف بتقي الدين ومحيي الدين حتى أن صلاح الدين لقبا له وليس اسما لقب واشتهر بذلك .
فإن كان هذا في حق أهل الصلاح والخير فكيف بغيرهم من الجماعات والأحزاب وقد اتخذوا من هذه الأسماء مجرد القاب وشعارات قد أفرغوها من محتواها .
وما أجمل ماقاله فيهم محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله " إن هذه الأحزاب ! كالميزاب ، جمع الماء كدرا وفرقه هدرا ، فلا الزلال جمع ، ولا الأرض نفع " انتهى كلامه رحمه الله .
فجماعات وأحزاب هذه حالها كيف يصح نسبتها إلى الإسلام ؟؟!!! .
جماعات شعارها " الإسلام هو الحل " تنادي بالديمقراطية ، والتعددية الحزبية ، وتنطلق من الثوابت الوطنية ، والإحتكام إلى الشرعية الدولية ، وحرية الإعتقاد ، …. كيف لنا أن نسميها جماعات إسلامية ؟؟!!! .
لقد بلغ الأمر عند هؤلاء أن جعلوا مناداتهم لهذه الأشياء بحجة المصلحة العامة والسياسة الشرعية وفقه الإستضعاف مبررا لهم وعذرا في خوض غمار معركة الإنتخابات ، ومداهنة الأعداء ومحاكاة الغرب ، لكسب وده وعطفه ظنا منهم الوصول إلى حكم الإسلام بأسهل الطرق زعموا ، حتى أصبح الواحد منهم يحتال في التنصل إن وجه إليه سؤال حول اخضاع حزبه أو جماعته لحكم الإسلام ، خشية إن صرح بذلك اتهموه وقالوا عنه أصولي ومتشدد أو ارهابي مفترض ؟؟!!! .
أصبح الإسلام عارا عليهم يخشى إن افصحوا بحقيقة منهجهم اتهموا به عياذا بالله ؟!!! .
يقول الشيخ محمد شقره :" إن العمل السياسي الذي لا يخضع لمقتضى العقيدة ، ولا يلتزم بأحكامه الشريعة يجرِّئ الأوشاب التائهة على الإستكبار على الإسلام " انتهى .
وهذا والله الذي حصل حتى أصبح قادة تلك الجماعات يتحاشون الحديث عن الإسلام وأعداؤهم يتكلمون عليه وكأنه تهمة ينبغي التبرؤ منها وهم يؤكدون لهم بطريقة أو بأخرى بأننا لن نطبق أحكام الإسلام . حتى صادموا بأقوالهم وأفعالهم العقيدة وفروع الشريعة .
ومع كل المحاولات التي قام بها هؤلاء لدخول معترك السياسة مع ما جلبت لهم من انحرافات عقدية ومؤامرات تكاد لهم مع كل ما يقدمونه من تنازلات عن أحكام الدين والعقيدة وأهمها أننا سنطبق الديمقراطية فإن أراد الشعب الإسلام اخترناه مازالوا يتساقطون في المستنقعات حتى استمرؤوا الذل والهوان .
وفي ذلك يقول أيضا حفظه الله :
" وقد خيل لبعض ( المارَّة )! من المسلمين الذين رأوا زخرف العمل السياسي مرة أو مرتين أنهم قادرون على الكر والفر بالعمل السياسي ، فقالوا : جربوا ولو ( في العمر مرّة ) وجربوا فعلا ، لكن كانت التجربة أكثر من مرة وفي كل مرة لم تكن تسلم الجرة !! حتى إذا لم يبق من الجرة إلا عرواتها ، أيقنوا أنه لم يعد للتجربة مكان ، فقنعوا بالجلوس على الكراسي والمنصات ، والإمساك بالأقلام الجميلة ، وإلقاء العباءات على ظهورهم العريضة المفلطحة ، وإعفاء اللحى ( المخنجرة ) !! وتصعيد المحسوبيات والشفاعات الخاصة ، التي تحقق المنافع الشخصية " . انتهى
أقول : وياليتهم قنعوا بما فعلو ا !!!
فمن أراد معرفة صحة انتماء هذه الجماعات إلى الإسلام لا بد له من النظر إلى عقيدتها ومدى انتمائها له وتقيدها بأحكامه ، فإن وافقت أقوالها وأفعالها الكتاب والسنة حكمنا لها بصحة الإنتماء ، وإن خالفت الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ، فلتنظر بمن شابهت وبمنهج من عملت وقامت لتلحق نفسها به غير آذنين لها بالتسلق على مباديء الإسلام .
وما الحال المزري والمشين الذي وصل إليه هؤلاء حتى سقطوا من أعين الناس إلا بسبب انحرافهم عن العقيدة وأحكام الدين والمتاجرة بهما بعد أن ابتغوا العزة من غير دين الله فأذلهم وأعمى أبصارهم .
يقول ابن القيم رحمه الله :
"من أراد علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه وإحكامه وشدة الإعتناء فيه فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس وإحكامه فالأعمال والدرجات بنيان وأساسها الإيمان ومتى كان الأساس وثيقا حمل ابنيان واعتلى عليه وإذا ما تهدم منه البنيان سهل تداركه ، وإذا كان الأساس غير وثيق لم يرتفع البنيان ولم يثبت وإذا تهدم شيء من الأساس سقط البنيان أو كاد {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ….
فاحمل بنيانك على قوة أساس الإيمان فإذا تشعث من أعالي البناء وسطحه كان تداركه أسهل عليك من خراب الأساس ، وهذا يكون بصحة المعرفة بالله وأمره والثاني تجريد الإنقياد لله ولرسوله " انتهى .
ومن أحسن البدء في أمره أصاب نجحا في دبره
وشبهة القوم اعتذارا لهؤلاء أنهم يقاتلون اليهود وأنهم مجاهدون ؟؟!!! .
لكن هل يكفي عداؤهم وقتالهم لليهود مع انحرافهم عن العقيدة وأحكام الدين استحقاق جماعتهم للقب الإسلام مع مخالفتها الصريحة لأحكام شرائعه
وهل علم الجهاد ورايته تقام بغير القرآن والسنة ؟؟!!! .
ومن تلك الشبهات التي يتغنى بها هؤلاء أصحاب الذوق الفاسد ، العاطفة الجياشة عندما تصبح تلك العاطفة هي الغالبة في الحكم على الأقوال والأفعال ، ويصبح لواء الولاء والبراء معقودا عليها
إن البعض قد جعل من عواطفه مصدرا شرعيا للحكم على مسائل الدين ، لذلك وجدنا من أصبح يدافع وينافح حتى عن حزب الشيطان المسمى زورا وبهتانا حزب الله .
وإذا أردت أن تبين لهم الحقيقة وخطورة هؤلاء قالوا لك إنهم يقاتلون اليهود أعداء الدين ، وقد نسي المسكين قتال هؤلاء وكيدهم للسنة وأهلها ونسي سبهم وقذفهم لأم المؤمنين ونسي ، ونسي …
ولا يتوقف الأمر عند هؤلاء بل ينسحب على كل من شابههم أو تناغم معهم وهم لا يردون يد لامس كحزب الإخوان وحماس وحزب العدالة وما شابههم من كل تلك الجماعات التي لم تتخذ من القرآن والسنة منهجا لها وكان الإسلام لديها مجرد شعارات ، وقد رضيت بمنهج الديمقراطية والثوابت الوطنية والإحتكام إلى الشرعية الدولية .
فجماعات وأحزاب هذه حالها هل يصح نسبتها إلى الإسلام ؟؟!!! .
فهؤلاء كلهم حقيق أن يتلى عليهم " {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ }
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق