الأربعاء، 18 مارس 2015
الجماعة الأولى: جماعة التبليغ(
لهذه الجماعة منهج
تسير عليه، وأصول ترجع إليها، تسمّى بالأصول الستّة، وهي كالآتي:
([1]) لمعرفة أقوال العلماء في هذه الجماعة انظر لزامًا كتاب: <القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ>، للشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله رحمة واسعة.======================
كلمة السرِّ يا أخي هي: أنّ كلّ شيء يسبب النُّفرَة، أو الفُرقَة، أو الاختلاف بين
اثنين ـ ولو كان حقًّا ـ؛ فهو مبتور، مقطوع، ملغى من منهج الجماعة.
تحقيق الكلمة
الطيبة <لا إله إلاّ الله> معناها: تحقيق
التوحيد بأنواعه الثلاثة، توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء
والصفات.
قال الشيخ
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمة الله
عليه ـ في فتح المجيد (ص 48): <قوله: <باب مَن حقّق التوحيد دخل الجنّة بغير حساب> أي: ولا عذاب. قلت: تحقيقه؛
تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي> انتهى كلامه رحمه الله.
وقد يتبادر إلى
ذهنك ـ أخي القارئ ـ سؤال، وهو: إذا كان هذا هو معنى
تحقيق الكلمة الطيبة، فلماذا نختلف معهم إذًا ؟
اسمع الجواب ـ بعد أن تتذكّر كلمة السرّ ـ تذكّرت ؟ فاسمع الآن:
نعم.. هم قالوا: الأصل الأوّل: تحقيق الكلمة الطيبة <لا إله إلاّ الله>، ولكن ما مرادهم بتحقيقها ؟ مرادهم
بتحقيقها هو الكلام حول توحيد الربوبية ! لماذا ؟ لأنّه لا يسبّب النفرة، ولا الفرقة، ولا الاختلاف
بين اثنين من المسلمين. وذلك حينما لا ينظر إلى لازمه من استحقاق الله سبحانه
للعبادة دون سواه.===========
وكذا القسم الثالث
من أقسام التوحيد، وهو توحيد الألوهية، فإنّ الكلام فيه ممنوع ـ أيضًا ـ وحكمه
في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء، لأنّه يسبّب الفرقة والاختلاف والنفرة،
فهذا سلفي، وهذا خلفي قبوري، فالأوّل لا يجيز شدّ الرحال للقبور، ولا الصلاة
عندها، ولا إليها، ولا الطواف بها، ولا التوسّل بالصالحين من أصحابها، ولا
الاستغاثة بهم، ولا.. ولا..، بخلاف الثاني، فكلّ ذلك جائز عنده، بل كلّ ما ذكرت لك
إنَّما هو من صلب الدين عنده.
ولهذا ـ يا
أخي الكريم ـ إذا قام قائمهم ليبيّن هذا الأصل لا يقول إلاّ: الحمد لله
الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا.. و.. و..، ممّا يتعلّق بتوحيد الربوبية فقط.
قال أخي: هلاَّ
طبّقت كلمة السرّ على أصل آخر لهم ؟
قلت له بكلّ
سرور: نعم. وهل أردت لك إلاّ الخير ؟!
تعال نأخذ الأصل
الثالث: العلم مع الذكر.
أنا وإيَّاك نعلم بأنّ العلم هو: قال الله، قال رسوله، قال الصحابة، سواء في
العقائد، أو العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق.. الخ، فما مرادهم
بالعلم ؟
يقولون: إنّ العلم نوعان: علم فضائل، وعلم مسائل.
هل تذكّرت كلمة
السرّ ؟ أُذكِّرك: <أي شيء يسبّب النفرة، أو الفرقة، أو الاختلاف بين
اثنين؛ فإنّ حكمه في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء>.
إذًا لنعد إلى
تقسيمهم العلم نوعان: علم فضائل، وهذا لنا (أي للجماعة). وعلم مسائل، فهذا لأهل
العلم، كلّ منكم ـ أي الخارجين معهم ـ يطلبه عند علماء بلده.
هل انتبهت لهذا
التقسيم ؟ ولماذا أجازوا الكلام في علم الفضائل، ومنعوه في علم المسائل، بل
يطلبون من الذين يخرجون معهم ـ كما تقدّم ـ أن يأخذوه عن
علماء بلدهم ؟ لأنّ الأوّل لا يسبّب الفرقة، ولا اختلافًا، بخلاف الثاني.
أخي القارئ: هل
تسمح لي بطرح سؤال آخر اختباري؛ لأعلم هل فهمت كلمة سرّهم أو لا ؟
السؤال هو: هل
سيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؟
سيكون الجواب على
ضوء كلمة السرِّ: لا. لماذا؟ لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر يسبّب النفرة، والوحشة ـ في زعمهم ـ بين الآمر
والمأمور، إذن حكمه البتر من منهج الجماعة.
سؤال آخر: إذن كيف سيأمرون وينهون ؟
الجواب: يَعرضون
الأحاديث والآيات المرغبة في الفعل أو الترك، غير متطرّقين للجانب العقدي، فيقولون
لتارك الصلاة مثلاً: }قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ...{ ويقولون قال رسول الله r: <ما من عبد مسلم يُصلِّي لله
تعالى في كلّ يوم ثِنْتَيْ عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة، إلاّ بنى الله له بيتًا في
الجنّة>. هذا فضل التطوع، فكيف بفضل الفريضة ؟ وهكذا.
ولهذا فإنّ من
منهجهم: عدم الإنكار على متعاطي المعصية المجاهر بها بينهم، فلا ينكرون على شارب
الدخان ونحوه، بل ربّما أعانوه على الحصول عليه أو اشتروه له، وكذا شارب الخمر، ورُبّما حملوا له زجاجته !! وإذا أراد حلق لحيته أعطوه الموسى ! أو
ذهبوا به إلى الحلاق !! وهكذا. قد تقول
يا أخي هذه مبالغة.
فأقول ـ هداني
الله وإيَّاك ـ: <ليس الخبر كالمعاينة>،
فارجع إلى الكتب التي انتقدتهم تَرَ العجب
العجاب.
فإنْ أبيت إلاّ، فسأذكر لك القليل من قصصهم ـ علمًا بأنَّ تعليمهم لمبادئهم إنَّما هو بطريق
القصة ـ مبيِّنًا تأويلاتهم:
حينما قسَّموا العلم إلى علم فضائل، وعلم مسائل، وقالوا للخارجين معهم إنّ طلب علم
المسائل إنَّما يكون عند علماء بلدة كلّ خارج، خشوا وخافوا أن يدخل هذا الكلام إلى عقول وقلوب أولئك، لأنَّهم إن تعلَّموا تركوا الجماعة، ولهذا جعلوا بعض
العوائق التي تعيقهم عن طلب علم المسائل، وتعينهم على طلب علم الفضائل، حتى لو
سمعوا آية أو حديثًا فيه للعلم وفضله نزّلوه على علم الفضائل.
اعلم ـ رحمك الله ـ بأنّ لهم
جلستين: جلسة ليلة الثلاثاء، وجلسة ليلة الأربعاء.
الجلسة الأولى:
للعائدين من الخروج، يُحضر لهم مَن يريدون تشجيعه للخروج معهم،
أو التأثير عليه.
والجلسة الثانية:
الترتيب للخروج عصر الأربعاء؛ فيقول أمير تلك الجلسة لأحد الخارجين ـ ليُعْلِمَ
الجددَ من المستمعين ـ: كم يومًا خرجت ؟ فيجيبه الخارج: خرجت أربعة أشهر
في سبيل الله. فيقول له: ما شاء الله، أين قضيتها ؟ فيقول له الخارج: قضيت
عشرة أيام في الدول الخليجية، وعشرين يومًا في أدغال إفريقيا، وشهرًا في أوروبا،
وشهرًا في أمريكا الجنوبية، وشهرًا في شرق آسيا والهند وباكستان، فيقول له أمير
الجلسة ـ وانتبه ـ: ما شاء الله أنت داعية، والداعية مثل السحاب يَمرُّ على الناس في أرضهم فيسقيهم، بخلاف
العلماء، فإنَّهم أشبه بالآبار إذا أصابك الظمأ على بعد مسافة
ميل، قد يقتلك العطش قبل أن تأتي تلك الآبار، بل قد لا تشرب؛ لأنَّ الدلو التي تلقى فيها غير موجودة، فإذا أردت الشرب فلابدّ من الحضور
عند حافة البئر، ثمّ تلقي الدلو، ثمّ تجذب حتى تشرب.
هل انتبهت لِمَا انقدح في نفسك ـ كما انقدح في نفوس
السامعين له ـ من تفضيل الداعية على العالم ؟
فإذا أراد أحدهم
أن يجلس لطلب العلم تذكّر تلك القصّة؛ فأراد أن يكون سحابًا لا
أن يكون بئرًا من الآبار.
وحتى لا أجعلك في
حيرة من هذه القصة، فلابدّ من بيان زيفها، فأقول وبالله التوفيق: اعلم ـ أرشدني
الله وإياك لكلّ خير وحقّ ـ أنّ السحاب لا يُنبِت إلاّ كلأ البهائم غالبًا، ولا ينبت إلاّ الكلأ الموسمي، بل إنّه إن نزل
بأرض سبخة أو نزل في غير وقته لم ينفع، وقد يكون في ذلك السحاب الدمار والهلاك.
بخلاف مياه الآبار
فإنَّه يسقى منها، ويزرع، والمنطقة التي فيها آبار
تكون الحياة فيها مستقرّة غالبًا، لأنّ أهلها سيزرعون، ومن ثَمَّ يسقون، ومن ثَمَّ يحصدون، وهكذا، ولأنَّ الآبار ينتفع منها
القاطن والعابر سواءً لأنفسهم، أو لدوابهم، أو لزروعهم،
أو للتزوّد منها عن طريق حملها معهم في قِربهم وآنيتهم.
ولأنّ الآبار
كلّما نُزِحَ منها، كلّما حسن ماؤها، وصفي لونها، وطاب ريحها، فهل فطنت للفرق ؟
ولا يَرِدُ على ما قلت: تشبيه النبي r ما
بعثه الله به من الهدى والعلم بالغيث، لأنّ ما جاء به هو من عند الله، وهو دينه
الذي ارتضاه للناس كافة، فهو خير وحقّ محض وغيث نافع، بخلاف
تلك الجماعة، فإنّه خليط من الحقّ والباطل، والخير والشرّ، بل باطله وشرّه والجهل
الذي فيه أكثر وأعظم من الحقّ والخير الذي فيه. فشتَّان ما بين الغيثين: غيث الوحي وغيث أولئك.===================
يقول أحدهم ـ بحضور
المبتدئين ـ لرجل يريد طلب العلم الشرعي: إلى أين تذهب
يا فلان ؟ قال له الآخر: سأذهب لطلب العلم. فيجيبه الأوّل: لماذا ؟
فيقول الآخر: لأعرف الحلال من الحرام. فيقول الأوّل: سبحان الله، أنت لا تعرف
الحلال من الحرام ؟! ألم تسمع قول النبي r: <استفت قلبك وإن أفتاك المفتون>. سبحان الله ! إلى الآن لا تعرف الحلال من الحرام وكثير من
الدواب يعرف ذلك ؟! ألا ترى إلى أنّ القطة حينما تضع
طعامك في مكان ثمّ تذهب عنه ثمّ تعود إليه بعد حين، فترى القطة تأكل منه فإنَّها ما إن تراك إلاّ وتهرب، بخلاف ما إن جلست على مائدة طعامك ثمّ وضعت لها
بجوارك شيئًا من الطعام فإنّها ستأتي حتى تأكله عندك.
فالأولى علِمَت أنَّها وقعت في حرام، فلذا هربت منك، والثانية علِمت أنَّها وقعت في حلال، ولذا أكلت معك. يا أخي العقول المؤمنة تميّز بين
الحلال والحرام، <استفت قلبك وإن أفتاك المُفتون>. فيا أُخَيَّ:
هل يرضيك هذا التمثيل وهذه النظرة ؟!!
أقول إذا كانت
الحيوانات تعلم الحلال من الحرام ـ كما يزعمه هؤلاء ـ فلا
حاجة إذن للبشرية من إرسال الرسل وإنزال الكتب.
خذ قصّة ثالثة:
يقول المتحدّث
عنهم لِمَن يستمع إليه: حينما يريد
الترغيب في الخروج معهم، وترك الأوطان، والأهل، والأولاد، والمال، وغير ذلك:
يا أخي إنَّك إذا وضعت في كأس الشاهي سكرًا، ثمّ
صببت عليه الشاهي، ثمّ قمت بشربه، من غير تحريك السكر؛ لم تذق حلاوة السكر، فإذا
حرَّكته ذُقْت
حلاوته، فكذا الإيمان في قلب كلّ إنسان هو موجود لا يمكن أن يذوق حلاوته صاحبه
إلاّ بعد تحريكه بالخروج مع الجماعة.
وإنِّي أظنُّك يا أخي الكريم ستبادر بإنكار هذه القصة،
وهذا المثل: قائلاً: سبحان الله ! الإيمان
موجود في قلب كلّ إنسان ! حتى في قلوب المنافقين والكفار والمرتدين ؟!
وستقول أيضًا: سبحان الله ! إذن مَن لم يخرج
من العلماء وطلبة
العلم، والدعاة، والعامَّة من الرجال والنساء لم يذق
حلاوة الإيمان.
وستقول ـ أيضًا ـ:
سبحان الله ! ألم يقل النبي r: <ثَلاَثٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ
وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ
يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ
أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ>. [مسلم
(1/66)].
وأخيرًا وليس
آخرًا، أختم لك أخي الحبيب بهذه القصة، لتنظر فيها ولتعجب من تلاعبهم بالشرع وعقل
المستمع معًا:
يقوم أمير الخروج
صباح يوم الخميس بتقسيم الخارجين معه إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى:
تلزم المسجد بتكوين حلقة ذكر مستمر حتى تعود جميع مجموعات المجموعة الثانية.
والمجموعة
الثانية: تنقسم بدورها إلى مجموعات صغيرة، مكوّنة من ثلاثة أشخاص فأكثر، مهمّتها
طرق أبوب البيوت المجاورة للمسجد، يدعونهم للحضور والمشاركة في برنامج الجماعة،
وليحضروا البيان الذي بعد المغرب إلى العشاء.
وقبل تفرُّق الجميع يحكي الأمير لهم قصة تعليمية؛ فيقول: في إحدى المرَّات خرجت جماعة إلى منطقة كذا وكذا، وبعد تقسيمهم إلى مجموعتين، مكثت
المجموعة الأولى في المسجد، وخرجت المجموعة الثانية بعد تقسيمها إلى مجموعات إلى
البيوت المجاورة للمسجد، وكلَّما طرق الخارجون بابًا من
الأبواب لم يجدوا الجواب المناسب، ولا الاستجابة الطيبة، فما زالوا يطرقون الأبواب
ولا يُستجاب لهم، فقال بعضهم لبعض: تفقَّدوا إيمانكم يا أحبَّة، فتفقّد كلٌّ منهم إيمانه
فلم يجد به بأسًا!! فتفطّن أحدهم وقال: لعلّ إخواننا
الذين تركناهم في المسجد غفلوا عن ذكر الله، فقالوا بأجمعهم: دَعُونَا نذهب ونرى، فلمّا دخلوا
عليهم المسجد، وجدوهم قد غفلوا عن ذكر الله.
أخي: هل انقدح في
قلبك وعقلك ـ كما انقدح في قلب وعقل مستمعيه ـ بأنَّك لو كنت خارجًا معهم، ثمّ جعلوك في حلقة المسجد، هل كنت حين سماعك لهذه
القصة ستغفل عن ذكر الله ؟ أم أنَّك ستجتهد فيه، لعلَّ الله أن يوفِّق إخوانك الذين في الخارج من
المجموعة الثانية، حتى تعود بأسرها ؟
لا شكّ أنّ هذا هو
الذي سيكون، لا سيما إذا أسند ذلك بقوله بعد تلك القصة: قال رسول الله r: <مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ
يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ نَزَلَتْ
عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ
المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ>. [مسلم (4/2074)].
فأهل المسجد أشبه
بمولِّد الكهرباء، والجماعة الثانية أشبه بالمصباح في آخر السلك، إذا اشتغل مولّد
الكهرباء أنار ذلك المصباح، وإذا انطفأ، انطفأ.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق