وما ذكرت ذلك لك إلاّ بُغيَة تنبيهك وتحذيرك من مثل هذه التُّرَّهات والخرافات،
فانتبه يا مريد الحقّ والصواب والخير والسداد.
وقد أخبرتك من قبل
بأنِّي لا أريد دراسة
هذه الجماعة دراسة موسعة، بل جئت بها لكي تفهم الجماعة الأخرى، فإنَّها أدقّ وأخفى من تلك، فهيّء نفسك لفهمها فهمًا حسنًا، وإن
شئت فاسترح برهة، ثمّ تعال
معي لأطوف بك على غاية هذه الجماعة، والوسائل المحقّقة لها، مبيّنًا كلمة سرّها
ومفتاح رمزها، مناقشًا لأفكارها معتمدًا في ذلك كلّه على الله تعالى أوّلاً، ثمّ
على كتب القوم ومقالاتهم وأشرطتهم ثانيًا، وعلى أقوال الذين تركوهم بعد أن كانوا
معهم ثالثًا. فأقول وبالله
التوفيق:
!!!
وما ذكرت ذلك لك إلاّ بُغيَة تنبيهك وتحذيرك من مثل هذه التُّرَّهات والخرافات،
فانتبه يا مريد الحقّ والصواب والخير والسداد.
وقد أخبرتك من قبل
بأنِّي لا أريد دراسة
هذه الجماعة دراسة موسعة، بل جئت بها لكي تفهم الجماعة الأخرى، فإنَّها أدقّ وأخفى من تلك، فهيّء نفسك لفهمها فهمًا حسنًا، وإن
شئت فاسترح برهة، ثمّ تعال
معي لأطوف بك على غاية هذه الجماعة، والوسائل المحقّقة لها، مبيّنًا كلمة سرّها
ومفتاح رمزها، مناقشًا لأفكارها معتمدًا في ذلك كلّه على الله تعالى أوّلاً، ثمّ
على كتب القوم ومقالاتهم وأشرطتهم ثانيًا، وعلى أقوال الذين تركوهم بعد أن كانوا
معهم ثالثًا. فأقول وبالله
التوفيق:
!!!
تمهيد
لَمَّا اعتدى طاغية العراق القومي البعثي عميل روسيا على دولة
الكويت وشعبها، وتشريد أهلها، وغَصْبِ أموالها
وأموالهم، وهتك أعراض نسائهم، وقتل رجالهم وسجنهم، لجأ أهل الكويت إلى الله
أوّلاً، ثمّ إلى دولة التوحيد، طالبين منهم الإعانة والنصرة لرفع الظلم النازل
بهم، فاستجاب حكامها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ـ وفَّقه الله ـ وعلماؤها، وعلى رأسهم هيئة كبار
العلماء ـ حفظهم الله ـ وعامة أهلها ـ تبعًا لقادتهم ـ لنجدة إخوانهم،
قائلين لهم: إنّ العقل والشرع، وأصحاب العقول الراجحة والضمائر النبيلة الحية،
يجيزون لكم الاستعانة بِمَن فيه القدرة على صدّ عدوان هذا الملحد الظالم الغاشم ـ رفعًا لِمَا نزل بكم، وحماية لنا من أن ينزل بنا ما نزل بكم ـ ولو كان من المشركين.
فانبرى بعض
السياسيين فقهاء الواقع إلى اتخاذ موقف مغاير لِمَا عليه هذا البلد
وحكامه وعلماؤه وعامة أهله، قائلين:
لا يجوز الاستعانة بالمشركين، لأنّ هؤلاء القادمين محتلون،
لا مناصرون مؤيدون.
ثمّ لم يكفهم ذلك،
بل روّجوا الأشرطة المختلفة، ووزّعوا منها أعدادًا
لا تحصى، لتأييد موقفهم، ولبيان خطأ أهل العلم ـ بزعمهم ـ في فتواهم، وقد صحب ذلك كله توتر شديد
بين الشباب أنفسهم، ووجدت فجوة بينهم وبين أهل العلم، بسعي أولئك في التشكيك في
مواقف بعض العلماء، قائلين: بأنَّ فلانًا لم يعلم،
والآخر لم يحضر، والثالث تراجع، والرابع توقَّف. وهكذا حتى جعلوا الشباب في حيرة من صحة فتوى العلماء،
ومن بقائهم عليها، بل ظهر أولئك السياسيون بثوب الحريص على سلامة البلد وأهله، وأنَّهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وأنَّهم الكاشفون لخطط الأعداء، وألاعيبهم، ومكرهم، وكيدهم
بالإسلام وأهله، فارتقى هؤلاء مرتقًا صعبًا.
ولم أزل في حيرة من هول الأزمة، وموقف هؤلاء، ومن ورائهم
الشباب الذين لم يبلغوا من العلم الشرعي إلاّ القليل القليل، يدفعهم إلى ذلك
الموقف حسن ظنّهم بأولئك القوم، وحماس الشباب وعنفوانه، وما يرونه ويشاهدونه من وجود
القوَّات الأجنبية، إلاّ
أنَّه كما قد قيل: <رُبَّ
ضارَّة
نافعة>. إذ قد كشفت هذه
الأزمة عن كذب دعاوى القوميين، والبعثيين، والعلمانيين من العرب، حيث انقسم هؤلاء
إلى فريقين: فريق يؤيِّد
الطاغية، وفريق يؤيِّد
أهل الحقّ.
وكشفت ـ أيضًا ـ عن عداء كثير من الجامعات لحكام هذا البلد
وعلمائه، الذين هم على المنهج السلفي.
وكشفت ـ أيضًا ـ عن أنَّ هاهنا جماعة قائمة
مباينة لِمَا عليه علماء هذا
البلد، لها غاية ولها وسائل تحقِّق بها تلك الغاية.
وبعد هذه المقدمة التذكيرية أبدأ معك
أخي الكريم بتوضيح ما ألّفت هذا الكتاب من أجله، وما دفعك إلى قراءته، وأسأل الله
التوفيق والسداد والرشاد، فأقول:
لَمَّا اعتدى طاغية العراق القومي البعثي عميل روسيا على دولة
الكويت وشعبها، وتشريد أهلها، وغَصْبِ أموالها
وأموالهم، وهتك أعراض نسائهم، وقتل رجالهم وسجنهم، لجأ أهل الكويت إلى الله
أوّلاً، ثمّ إلى دولة التوحيد، طالبين منهم الإعانة والنصرة لرفع الظلم النازل
بهم، فاستجاب حكامها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ـ وفَّقه الله ـ وعلماؤها، وعلى رأسهم هيئة كبار
العلماء ـ حفظهم الله ـ وعامة أهلها ـ تبعًا لقادتهم ـ لنجدة إخوانهم،
قائلين لهم: إنّ العقل والشرع، وأصحاب العقول الراجحة والضمائر النبيلة الحية،
يجيزون لكم الاستعانة بِمَن فيه القدرة على صدّ عدوان هذا الملحد الظالم الغاشم ـ رفعًا لِمَا نزل بكم، وحماية لنا من أن ينزل بنا ما نزل بكم ـ ولو كان من المشركين.
فانبرى بعض
السياسيين فقهاء الواقع إلى اتخاذ موقف مغاير لِمَا عليه هذا البلد
وحكامه وعلماؤه وعامة أهله، قائلين:
لا يجوز الاستعانة بالمشركين، لأنّ هؤلاء القادمين محتلون،
لا مناصرون مؤيدون.
ثمّ لم يكفهم ذلك،
بل روّجوا الأشرطة المختلفة، ووزّعوا منها أعدادًا
لا تحصى، لتأييد موقفهم، ولبيان خطأ أهل العلم ـ بزعمهم ـ في فتواهم، وقد صحب ذلك كله توتر شديد
بين الشباب أنفسهم، ووجدت فجوة بينهم وبين أهل العلم، بسعي أولئك في التشكيك في
مواقف بعض العلماء، قائلين: بأنَّ فلانًا لم يعلم،
والآخر لم يحضر، والثالث تراجع، والرابع توقَّف. وهكذا حتى جعلوا الشباب في حيرة من صحة فتوى العلماء،
ومن بقائهم عليها، بل ظهر أولئك السياسيون بثوب الحريص على سلامة البلد وأهله، وأنَّهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وأنَّهم الكاشفون لخطط الأعداء، وألاعيبهم، ومكرهم، وكيدهم
بالإسلام وأهله، فارتقى هؤلاء مرتقًا صعبًا.
ولم أزل في حيرة من هول الأزمة، وموقف هؤلاء، ومن ورائهم
الشباب الذين لم يبلغوا من العلم الشرعي إلاّ القليل القليل، يدفعهم إلى ذلك
الموقف حسن ظنّهم بأولئك القوم، وحماس الشباب وعنفوانه، وما يرونه ويشاهدونه من وجود
القوَّات الأجنبية، إلاّ
أنَّه كما قد قيل: <رُبَّ
ضارَّة
نافعة>. إذ قد كشفت هذه
الأزمة عن كذب دعاوى القوميين، والبعثيين، والعلمانيين من العرب، حيث انقسم هؤلاء
إلى فريقين: فريق يؤيِّد
الطاغية، وفريق يؤيِّد
أهل الحقّ.
وكشفت ـ أيضًا ـ عن عداء كثير من الجامعات لحكام هذا البلد
وعلمائه، الذين هم على المنهج السلفي.
وكشفت ـ أيضًا ـ عن أنَّ هاهنا جماعة قائمة
مباينة لِمَا عليه علماء هذا
البلد، لها غاية ولها وسائل تحقِّق بها تلك الغاية.
وبعد هذه المقدمة التذكيرية أبدأ معك
أخي الكريم بتوضيح ما ألّفت هذا الكتاب من أجله، وما دفعك إلى قراءته، وأسأل الله
التوفيق والسداد والرشاد، فأقول:
فصل
في اسم هذه الجماعة
إن
سألت عن اسم هذه الجماعة، فإنَّهم يُسمَّون
ﺑ <أهل السنَّة
والجماعة>، كما جاء ذلك في
مقال محمَّد محمَّد بدري في مجلّة: <البيان> في عددها رقم: (28) لشهر شوال عام
1410ﻫ. حيث قال في ص (15): <وهي هي الجماعة التي
ندعوا فصائل الحركة الإسلامية إلى الالتزام بها، <جماعة أهل السنة>، الجماعة العامة الواسعة.
ويقول في ص (18): <... ولِنَسِيرَ
جميعًا إلى أهدافنا تحت راية أهل السنَّة والجماعة>. وانظر أيضًا السلسلة التي تصدرها دار
الوطن للنشر تحت عنوان: <رسائل ودراسات في
منهج أهل السنَّة>، وأحيانًا <الجماعة>.
ولا يفوتك النظر إلى كتابهم العمدة: <أهل السنَّة
والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى>،
لمحمّد عبد الهادي المصري.
وإلى ما قاله عايض القرني في
شريطه: <فِرَّ
من الحزبية فرارك من الأسد>،
حيث قال: <بل نحن أهل السنّة
ليس لنا اسم إلاّ أهل السنّة... ولا يجوز امتحان الناس، هل أنت إخوانيًّا، أو سلفيًّا،
أو سروريًّا، أو تبليغيًّا، وما هي جماعتك التي تنتسب ؟ ولابدّ لك من جماعة، بل
جماعتك أهل السنّة والجماعة...>. اﻫ
هذا
هو اسمها التي تنتسب إليه، وسأرى معك ـ إن
شاء الله ـ هل هذا الاسم مطابق لمسمَّاه،
أم أنّه مُفرَغ
من أعظم محتواه ؟!
وأنّ هذه إنَّما
هي دعوى عريضة لا واقع لها في الحقيقة ـ وفّق
الله الجميع لطاعته ـ.
إن
سألت عن اسم هذه الجماعة، فإنَّهم يُسمَّون
ﺑ <أهل السنَّة
والجماعة>، كما جاء ذلك في
مقال محمَّد محمَّد بدري في مجلّة: <البيان> في عددها رقم: (28) لشهر شوال عام
1410ﻫ. حيث قال في ص (15): <وهي هي الجماعة التي
ندعوا فصائل الحركة الإسلامية إلى الالتزام بها، <جماعة أهل السنة>، الجماعة العامة الواسعة.
ويقول في ص (18): <... ولِنَسِيرَ
جميعًا إلى أهدافنا تحت راية أهل السنَّة والجماعة>. وانظر أيضًا السلسلة التي تصدرها دار
الوطن للنشر تحت عنوان: <رسائل ودراسات في
منهج أهل السنَّة>، وأحيانًا <الجماعة>.
ولا يفوتك النظر إلى كتابهم العمدة: <أهل السنَّة
والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى>،
لمحمّد عبد الهادي المصري.
وإلى ما قاله عايض القرني في
شريطه: <فِرَّ
من الحزبية فرارك من الأسد>،
حيث قال: <بل نحن أهل السنّة
ليس لنا اسم إلاّ أهل السنّة... ولا يجوز امتحان الناس، هل أنت إخوانيًّا، أو سلفيًّا،
أو سروريًّا، أو تبليغيًّا، وما هي جماعتك التي تنتسب ؟ ولابدّ لك من جماعة، بل
جماعتك أهل السنّة والجماعة...>. اﻫ
هذا
هو اسمها التي تنتسب إليه، وسأرى معك ـ إن
شاء الله ـ هل هذا الاسم مطابق لمسمَّاه،
أم أنّه مُفرَغ
من أعظم محتواه ؟!
وأنّ هذه إنَّما
هي دعوى عريضة لا واقع لها في الحقيقة ـ وفّق
الله الجميع لطاعته ـ.
فصل
في غاية هذه الجماعة
غاية هذه الجماعة: هي إيجاد جماعة
المسلمين، ومن ثَمَّ إمامهم ودولتهم !
يوضّح
ذلك ما جاء في نشرة مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية، العدد رقم (4)، والمعنونة
ﺑ <شرعية الانتماء إلى
الأحزاب والجماعات الإسلامية>،
حيث جاء في ص (34)، عنوان هو: <الجماعات الإسلامية
خطوات مرحلية في الطريق إلى جماعة المسلمين>.
وفي الصفحة نفسها قوله: <إنّ
الجهاد لنصبة الإمام، وإقامة الدين، وتحكيم الشريعة، فرض على الكافة في هذه
الحالة... في هذه المرحلة يأتي دور الجماعات الإسلامية باعتبارها تجمُّعات مرحلية في
الطريق إلى جماعة المسلمين... وغاية هذه الجماعات أن تتولَّى إعداد الطليعة المجاهدة والقاعدة الإيمانية الصلبة... لقد سبق أنّ الأصل عن([1])
انعدام السلطة الشرعية، هو انتقال هذه السلطة إلى الأمّة، ممثلة في أهل الحلّ
والعقد منها، وأنَّ على هؤلاء أن
يجمعوا كلمة الأمَّة حول متبوع مطاع،
تنتظم به الكلمة، وتتوحّد به الراية، ويبدأ من خلاله الجهاد في سبيل الله...>. اﻫ
وجاء في العدد رقم (12) من نفس السلسلة السابقة والمعنون
ﺑ <مدخل إلى ترشيد
العمل الإسلامي في مسيرة الجماعات الإسلامية>
في ص (116) قولهم: <والأصل
في ذلك كلّه أنَّ الحركات الإسلامية
اليوم بمثابة الجيوش، التي ينبغي أن تنتظم بها الأمّة كلّها على اختلاف
مذاهبها([2])
ومشاربها، لدفع فتنة الكفر وردّ خطره عن دار الإسلام؛ فهي البديل عن
الدولة الإسلامية، التي كانت تجنّد كافّة المسلمين إذا داهم العدوّ دار
الإسلام، ولا تحجب أحدًا ممّن ثبت له عقد الإسلام من الاشتراك في هذا الجهاد، ولا
تمنعه منه الغنيمة والفيء ما دامت يده مع المسلمين>. اﻫ
وقال حسين
بن محمّد بن علي جابر في كتابه <الطريق
إلى جماعة المسلمين> ص (11): <هدف
البحث أن أبيّن للأمّة الإسلامية أنّ جماعة المسلمين غير موجودة.
وأنّه
واجب على المسلمين كافّة
إقامتها، وأنّ هذا الواجب هو فرض العصر على كلّ الأمّة، حتى تقوم دولة الإسلام
وتترعرع>.
وقال
في ص (15
ـ 17): <من
الحوافز التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع ما يلي:
أ
ـ غياب جماعة المسلمين عن حياة الأمّة الإسلامية،
ووجوب إقامتها...
ج ـ لإقصاء الإسلام وأحكامه عن حياة
البشرية، بل عن حياة الأمّة
الإسلامية...
ﻫ ـ جهل عامّة الأمّة الإسلامية بوجوب إقامة جماعة
المسلمين...
ز ـ الفتنة أو الشقاء، والضياع، التي
تعيشها البشرية كافّة
لغياب الدولة الإسلامية>.
وقال ـ أيضًا ـ في (ص 32): <هل في الأرض جماعة المسلمين؟!
والجواب ليس في الأرض جماعة المسلمين بمفهومها الشرعي>.
والذي يمكن أن
نقول بوجوده بهذا المفهوم، وعلى وجه الحقيقة، والواقع هي جماعة من المسلمين، ودولة
لبعض المسلمين، وليس جماعة المسلمين ولا دولة المسلمين.
وقال
ـ أيضًا ـ في ص (35): <هذه الأدلّة تدلّ على عدم وجود جماعة
المسلمين في حياة الأمّة الإسلامية، وعليه فواجب الأمّة الإسلامية كافة أن تسعى
لإيجاد هذه الجماعة ـ أهل الحلّ
والعقد في الأمّة يتفقون على أمير لهم ـ فتكون الحكومة الإسلامية والخلافة الإسلامية...>.
وقال
مناع قطان([3])
في مقابلته في مرآة الجامعة عدد (175) الصادرة في يوم الاثنين 9 من شوال 1414ﻫ حيث
جاء فيها: <شبابنا إلى متى سيبقى
حالهم هكذا ؟
([3]) اعلم ـ أخي
القارئ ـ بأنّ علي عشماوي <آخر قادة التنظيم الخاص> قال في كتابه <التاريخ السرِّي لجماعة الإخوان
المسلمين> ص (62)
عن مناع القطان: <قيادات المهجر>: وبعد
أن سمعت قصته عن حال الإخوان فأجاب: إنّ الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ <مناع قطاع> ـ كذا
في الأصل ـ مسئولاً عنهم ـ والإخوان في إمارات الخليج اختاروا <سعد الدين إبراهيم> مسئولاً... ويجدر بنا أن
نُعرِّف
بكلّ شخصية من هذه الشخصيات التي ذكرتها.
الشيخ مناع القطان
هو أحد إخوان المنوفية، وقد هاجر وقيل إنّه أوّل مصري يجرأ على تجنيد سعوديين في
دعوة الإخوان بالسعودية، دون استشارة أحد، حتى أنّني حينما عدت من السعودية بعد
زيارة لها عام 1964م، استقبلني الأخ محمّد هلال في المطار وسألني: من المسئول هنا ؟
فقلت له: إنّه الشيخ مناع القطان...
<الأخ سعد الدين إبراهيم>: أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام
1954م، إلى ليبيا، واستقرّ بها بعض الوقت، ثمّ اتجه بعد ذلك إلى الخليج، حيث عاش
مدّة طويلة هناك وانتخبه الإخوان مسئولاً عنهم...>.
وقال ـ أيضًا ـ في (ص 104): <...خاصَّة أنَّه
ـ في هذه الفترة ـ قد صدر قرار من الأخ <مناع القطان> المسئول عن الإخوان في
السعودية ـ بفصل الأستاذ <سعيد رمضان> من الجماعة، وكانت هناك محاولات من
الأستاذ <عبد البديع صقر>، لإعادته مرة أخرى، وكان حوله الكثير
من اللغط، والأقاويل التي كان الأولى البعد عنها، والتزام الحذر>. اﻫ========================== ([1]) اعلم ـ أخي
القارئ ـ بأنّ علي عشماوي <آخر قادة التنظيم الخاص> قال في كتابه <التاريخ السرِّي لجماعة الإخوان
المسلمين> ص (62)
عن مناع القطان: <قيادات المهجر>: وبعد
أن سمعت قصته عن حال الإخوان فأجاب: إنّ الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ <مناع قطاع> ـ كذا
في الأصل ـ مسئولاً عنهم ـ والإخوان في إمارات الخليج اختاروا <سعد الدين إبراهيم> مسئولاً... ويجدر بنا أن
نُعرِّف
بكلّ شخصية من هذه الشخصيات التي ذكرتها.
الشيخ مناع القطان
هو أحد إخوان المنوفية، وقد هاجر وقيل إنّه أوّل مصري يجرأ على تجنيد سعوديين في
دعوة الإخوان بالسعودية، دون استشارة أحد، حتى أنّني حينما عدت من السعودية بعد
زيارة لها عام 1964م، استقبلني الأخ محمّد هلال في المطار وسألني: من المسئول هنا ؟
فقلت له: إنّه الشيخ مناع القطان...
<الأخ سعد الدين إبراهيم>: أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام
1954م، إلى ليبيا، واستقرّ بها بعض الوقت، ثمّ اتجه بعد ذلك إلى الخليج، حيث عاش
مدّة طويلة هناك وانتخبه الإخوان مسئولاً عنهم...>.
وقال ـ أيضًا ـ في (ص
104): <...خاصَّة
أنَّه ـ في هذه الفترة ـ قد صدر قرار من الأخ <مناع
القطان> المسئول عن الإخوان في السعودية ـ بفصل
الأستاذ <سعيد رمضان> من الاثنين
9 من شوال 1414ﻫ حيث جاء فيها: <شبابنا إلى متى سيبقى
حالهم هكذا ؟
ـ إلى أن يأذن الله بقيادة إسلامية
رشيدة تضمُّه
بين جناحيها.
أمنية تتمنَّونها ؟
ـ أن تقوم دولة الإسلام العالمية
وتستعيد ماضيها وتقود البشرية، مؤدية رسالتها، حتى يكون الدين كلُّه
لله...>.))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))) ويقول
سلمان العودة في شريطه <الأمَّة
الغائبة>: <فالشعوب الإسلامية تعيش في وادٍ،
وحكامها يعيشون
في وادٍ آخر، لأنَّهم
لا يعبرون عن حقيقة مشاعرها التي في قلبها، ولا يمثلون حقيقة الدين الذي تنتسب
إليه... ويؤسفني جدًّا أن أقول في مقابلة ذلك: هناك دول قامت على أساس قناعة الناس
بها، فكانت راسخة عميقة ممكَّنة.
أمَّا
دولة الإسلام التي تحكم المسلمين منذ عهد الخلافة الراشدة، فهذا أمر واضح لا يحتاج
إلى بيان.
فقد ظلَّت دولة الخلافة قائمة قرونًا تزيد على ثلاثة عشر قرنًا من
الزمان، تحميها القلوب قبل الأيدي، وتحميها الدعوات قبل المعارك والضربات.
أمّا
في واقعنا اليوم، فالمؤسف أنَّ الأمثلة التي تتَّجه
إليها الأنظار غالبًا هي أمثلة غير إسلامية>. اﻫ
ألم تر أخي كيف سَمَّى هذه الأمَّة
ﺑ <الغائبة> ـ والغائبة ضدّ الحاضرة والموجودة ـ إذن فهي أمَّة
لم تأت بعدوكيف
قال: <إنّ دولة الخلافة
استمرّت أكثر من ثلاثة عشر قرنًا من الزمان>، ويعني بذلك: <الخلافة العثمانية>، وبعدها زالت الخلافة والإمامة العامّة.
وانظر
ـ أيضًا ـ إلى جواب سلمان العودة في شريطه <لماذا يخافون من
الإسلام>، حيث سئل: لا يخفى
عليكم نظام الحكم في ليبيا، وما فيها من محاربة للإسلام والمسلمين، فما هو واجب
المسلمين هناك؟ أَوَ يَفرُّون
بدينهم ؟
فأجاب
بقوله:
<هذا في كلّ بلد...>. اﻫ
وانظر
إلى ما قاله سفر الحوالي في شرح الطحاوية رقم (266/2): <فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة
واللَبِنَة
الأولى للدولة الإسلامية،
وما ذلك على الله بعزيز>. اﻫ
وإلى ما قـاله سلمـان ـ أيضًا ـ في شريطه <يـا لجراحات المسلمين>: <...الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم وعرضه إنَّما هي رايات علمانية...>. اﻫ
وإلى
ما قاله عبد العزيز الجليل في رسالته الرابعة <إنّ ربَّك حكيم عليم>، ص (43)، وكتابه <وقفات تربوية> ص (116)، حيث قال فيهما:
<أي أنَّنا
نريد منهجًا دعويًّا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة... حيث لا نقصد
بالسلفية الوقوف فحسب عند القضايا العقدية، التي واجه بها سلفنا الصالح انحرافات
عصرهم، وكانت فريضة الوقت يومئذ، ثمّ نتخلى عن المعارك الطاحنة التي تديرها
الجاهلية في المجتمعات المعاصرة، حيث ضاعت إسلامية الراية وإسلامية النُّظُم>. اﻫ
!!!
([3]) اعلم ـ أخي
القارئ ـ بأنّ علي عشماوي <آخر قادة التنظيم الخاص> قال في كتابه <التاريخ السرِّي لجماعة الإخوان
المسلمين> ص (62)
عن مناع القطان: <قيادات المهجر>: وبعد
أن سمعت قصته عن حال الإخوان فأجاب: إنّ الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ <مناع قطاع> ـ كذا
في الأصل ـ مسئولاً عنهم ـ والإخوان في إمارات الخليج اختاروا <سعد الدين إبراهيم> مسئولاً... ويجدر بنا أن
نُعرِّف
بكلّ شخصية من هذه الشخصيات التي ذكرتها.
الشيخ مناع القطان
هو أحد إخوان المنوفية، وقد هاجر وقيل إنّه أوّل مصري يجرأ على تجنيد سعوديين في
دعوة الإخوان بالسعودية، دون استشارة أحد، حتى أنّني حينما عدت من السعودية بعد
زيارة لها عام 1964م، استقبلني الأخ محمّد هلال في المطار وسألني: من المسئول هنا ؟
فقلت له: إنّه الشيخ مناع القطان...
<الأخ سعد الدين إبراهيم>: أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام
1954م، إلى ليبيا، واستقرّ بها بعض الوقت، ثمّ اتجه بعد ذلك إلى الخليج، حيث عاش
مدّة طويلة هناك وانتخبه الإخوان مسئولاً عنهم...>.
وقال ـ أيضًا ـ في (ص 104): <...خاصَّة أنَّه
ـ في هذه الفترة ـ قد صدر قرار من الأخ <مناع القطان> المسئول عن الإخوان في
السعودية ـ بفصل الأستاذ <سعيد رمضان> من الجماعة، وكانت هناك محاولات من
الأستاذ <عبد البديع صقر>، لإعادته مرة أخرى، وكان حوله الكثير
من اللغط، والأقاويل التي كان الأولى البعد عنها، والتزام الحذر>. اﻫ========================== ([1]) اعلم ـ أخي
القارئ ـ بأنّ علي عشماوي <آخر قادة التنظيم الخاص> قال في كتابه <التاريخ السرِّي لجماعة الإخوان
المسلمين> ص (62)
عن مناع القطان: <قيادات المهجر>: وبعد
أن سمعت قصته عن حال الإخوان فأجاب: إنّ الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ <مناع قطاع> ـ كذا
في الأصل ـ مسئولاً عنهم ـ والإخوان في إمارات الخليج اختاروا <سعد الدين إبراهيم> مسئولاً... ويجدر بنا أن
نُعرِّف
بكلّ شخصية من هذه الشخصيات التي ذكرتها.
الشيخ مناع القطان
هو أحد إخوان المنوفية، وقد هاجر وقيل إنّه أوّل مصري يجرأ على تجنيد سعوديين في
دعوة الإخوان بالسعودية، دون استشارة أحد، حتى أنّني حينما عدت من السعودية بعد
زيارة لها عام 1964م، استقبلني الأخ محمّد هلال في المطار وسألني: من المسئول هنا ؟
فقلت له: إنّه الشيخ مناع القطان...
<الأخ سعد الدين إبراهيم>: أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام
1954م، إلى ليبيا، واستقرّ بها بعض الوقت، ثمّ اتجه بعد ذلك إلى الخليج، حيث عاش
مدّة طويلة هناك وانتخبه الإخوان مسئولاً عنهم...>.
وقال ـ أيضًا ـ في (ص 104): <...خاصَّة أنَّه ـ في هذه الفترة ـ قد صدر قرار من الأخ <مناع القطان> المسئول عن الإخوان في السعودية ـ بفصل الأستاذ <سعيد رمضان> من الاثنين 9 من شوال 1414ﻫ حيث جاء فيها: <شبابنا إلى متى سيبقى حالهم هكذا ؟
ـ إلى أن يأذن الله بقيادة إسلامية
رشيدة تضمُّه
بين جناحيها.
أمنية تتمنَّونها ؟
ـ أن تقوم دولة الإسلام العالمية
وتستعيد ماضيها وتقود البشرية، مؤدية رسالتها، حتى يكون الدين كلُّه
لله...>.))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))) ويقول
سلمان العودة في شريطه <الأمَّة
الغائبة>: <فالشعوب الإسلامية تعيش في وادٍ،
وحكامها يعيشون
في وادٍ آخر، لأنَّهم
لا يعبرون عن حقيقة مشاعرها التي في قلبها، ولا يمثلون حقيقة الدين الذي تنتسب
إليه... ويؤسفني جدًّا أن أقول في مقابلة ذلك: هناك دول قامت على أساس قناعة الناس
بها، فكانت راسخة عميقة ممكَّنة.
أمَّا
دولة الإسلام التي تحكم المسلمين منذ عهد الخلافة الراشدة، فهذا أمر واضح لا يحتاج
إلى بيان.
فقد ظلَّت دولة الخلافة قائمة قرونًا تزيد على ثلاثة عشر قرنًا من
الزمان، تحميها القلوب قبل الأيدي، وتحميها الدعوات قبل المعارك والضربات.
أمّا
في واقعنا اليوم، فالمؤسف أنَّ الأمثلة التي تتَّجه
إليها الأنظار غالبًا هي أمثلة غير إسلامية>. اﻫ
ألم تر أخي كيف سَمَّى هذه الأمَّة ﺑ <الغائبة> ـ والغائبة ضدّ الحاضرة والموجودة ـ إذن فهي أمَّة لم تأت بعدوكيف قال: <إنّ دولة الخلافة استمرّت أكثر من ثلاثة عشر قرنًا من الزمان>، ويعني بذلك: <الخلافة العثمانية>، وبعدها زالت الخلافة والإمامة العامّة.
وانظر
ـ أيضًا ـ إلى جواب سلمان العودة في شريطه <لماذا يخافون من
الإسلام>، حيث سئل: لا يخفى
عليكم نظام الحكم في ليبيا، وما فيها من محاربة للإسلام والمسلمين، فما هو واجب
المسلمين هناك؟ أَوَ يَفرُّون
بدينهم ؟
فأجاب
بقوله:
<هذا في كلّ بلد...>. اﻫ
وانظر
إلى ما قاله سفر الحوالي في شرح الطحاوية رقم (266/2): <فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة
واللَبِنَة
الأولى للدولة الإسلامية،
وما ذلك على الله بعزيز>. اﻫ
وإلى ما قـاله سلمـان ـ أيضًا ـ في شريطه <يـا لجراحات المسلمين>: <...الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم وعرضه إنَّما هي رايات علمانية...>. اﻫ
وإلى
ما قاله عبد العزيز الجليل في رسالته الرابعة <إنّ ربَّك حكيم عليم>، ص (43)، وكتابه <وقفات تربوية> ص (116)، حيث قال فيهما:
<أي أنَّنا
نريد منهجًا دعويًّا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة... حيث لا نقصد
بالسلفية الوقوف فحسب عند القضايا العقدية، التي واجه بها سلفنا الصالح انحرافات
عصرهم، وكانت فريضة الوقت يومئذ، ثمّ نتخلى عن المعارك الطاحنة التي تديرها
الجاهلية في المجتمعات المعاصرة، حيث ضاعت إسلامية الراية وإسلامية النُّظُم>. اﻫ
!!!
فصل
في وسائل هذه الجماعة للوصول إلى غايتها
بعد
أن أوقفتك ـ أخي
الكريم ـ على اسم هذه الجماعة وغايتها، فإنّك قد تقول: هل
لهذه الجماعة من وسائل لتحقيق ما تصبو إليه ؟
فسأجيبك
واثقًا هادئًا ﺑ <نعم>.
وسأذكر
لك هذه الوسائل مختصرًا أولاً، ثمّ أعود عليها ـ بعون الله وتوفيقه ـ بالتفصيل الشافي الرافع الدافع لكلّ لبس في نفسك
ـ إن شاء الله
تعالى ـ ثانيًا، فهل أنت على استعداد لأن تسمع ؟
إذن
استمع لِمَا
يُلقَى
إليك من الحقائق والبراهين.
بعد
أن أوقفتك ـ أخي
الكريم ـ على اسم هذه الجماعة وغايتها، فإنّك قد تقول: هل
لهذه الجماعة من وسائل لتحقيق ما تصبو إليه ؟
فسأجيبك
واثقًا هادئًا ﺑ <نعم>.
وسأذكر
لك هذه الوسائل مختصرًا أولاً، ثمّ أعود عليها ـ بعون الله وتوفيقه ـ بالتفصيل الشافي الرافع الدافع لكلّ لبس في نفسك
ـ إن شاء الله
تعالى ـ ثانيًا، فهل أنت على استعداد لأن تسمع ؟
إذن
استمع لِمَا
يُلقَى
إليك من الحقائق والبراهين.
بيان الوسائل على وجه الاختصار:
من خلال قراءتي لرسائل هؤلاء، واستماعي
لأشرطتهم، والتقائي بكثير مِمَّن تركهم، وقراءتي للردود عليهم، خلصت إلى أنّ لهذه الجماعة ثلاث وسائل رئيسية لتحقيق غايتهم، وهي:
<العدل والإنصاف>، و<فقه الواقع>، و<التثبُّت>.
علمًا بأنّ
هذه الوسائل تُعرَض على المدعويين والقراء بثوب مُجْمَل، في غاية من الإجمال ـ وهذه هي كلمة السرِّ عندهم،
كما بيّنت لك من قبل كلمة السرّ عند جماعة التبليغ، فتنبّه ! حتى يتسنّى لهم
التوفيق والجمع بين الموافق والمخالف، فإذا حصل ذلك تكوّنت لهم جماعة المسلمين.
فالوسيلة الأولى: لإدخال الجماعة
الإسلامية في جماعة واحدة، أطلقوا عليها <أهل السنَّة الجماعة>، وأَطلَق
عليها غيرُهم
<القطبية>.
والوسيلة الثانية: لرفع مَنْزلة
دعاتهم إلى مصاف الأئمَّة
والعلماء، والحطّ من شأن العلماء،
لأنَّهم
لا يفقهون الواقع...
والثالثة: لترويج ما يقولونه من شائعات،
وتقريرات، وتصّورات لأنَّهم
أوهموا الناس بأنَّهم
أهل التثبُّت،
وفي الوقت نفسه للدفع عن جماعتهم وأفرادهم ودعاتهم، كلّ ردّ ونقد ـ ولو كان حقًّا محضًا ـ إذا وُجِّه
إليهم.
إلاّ
أنّه قبل الكلام على تلك الوسائل مفصَّلاً، يحسن بنا أن
نتبيّن موقف السلف من الألفاظ المجملة؛ حتى تتسنَّى لنا المقارنة بين
الموقفين منها: موقف السلف، وموقف السياسيين.
!!!
من خلال قراءتي لرسائل هؤلاء، واستماعي
لأشرطتهم، والتقائي بكثير مِمَّن تركهم، وقراءتي للردود عليهم، خلصت إلى أنّ لهذه الجماعة ثلاث وسائل رئيسية لتحقيق غايتهم، وهي:
<العدل والإنصاف>، و<فقه الواقع>، و<التثبُّت>.
علمًا بأنّ
هذه الوسائل تُعرَض على المدعويين والقراء بثوب مُجْمَل، في غاية من الإجمال ـ وهذه هي كلمة السرِّ عندهم،
كما بيّنت لك من قبل كلمة السرّ عند جماعة التبليغ، فتنبّه ! حتى يتسنّى لهم
التوفيق والجمع بين الموافق والمخالف، فإذا حصل ذلك تكوّنت لهم جماعة المسلمين.
فالوسيلة الأولى: لإدخال الجماعة
الإسلامية في جماعة واحدة، أطلقوا عليها <أهل السنَّة الجماعة>، وأَطلَق
عليها غيرُهم
<القطبية>.
والوسيلة الثانية: لرفع مَنْزلة
دعاتهم إلى مصاف الأئمَّة
والعلماء، والحطّ من شأن العلماء،
لأنَّهم
لا يفقهون الواقع...
والثالثة: لترويج ما يقولونه من شائعات،
وتقريرات، وتصّورات لأنَّهم
أوهموا الناس بأنَّهم
أهل التثبُّت،
وفي الوقت نفسه للدفع عن جماعتهم وأفرادهم ودعاتهم، كلّ ردّ ونقد ـ ولو كان حقًّا محضًا ـ إذا وُجِّه
إليهم.
إلاّ
أنّه قبل الكلام على تلك الوسائل مفصَّلاً، يحسن بنا أن
نتبيّن موقف السلف من الألفاظ المجملة؛ حتى تتسنَّى لنا المقارنة بين
الموقفين منها: موقف السلف، وموقف السياسيين.
!!!
فصل
في بيان موقف السلف من الألفاظ المجملة
قال الإمام ابن القيم الجوزية ـ رحمه الله
تعالى ـ في كتابه: <الصواعق
المرسلة على الجهمية والمعطِّلة>
(3/925 ـ 928): <إنّ
هؤلاء المعارضين للكتاب والسنَّة بعقلياتهم، التي هي في الحقيقة جهليات، إنَّما يبنون أمرهم في
ذلك على أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعدّدة، ويكون ما فيها من
الاشتباه في المعنى، والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحقّ وباطل، فبما فيها من
الحقّ يَقبَل ـ مَن لم يُحِط بها علمًا ـ ما فيها من الباطل، لأجل الاشتباه والالتباس،
ثمّ يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال مَن ضلّ من الأمم
قبلنا، وهو منشأ البدع كلّها، فإنَّ البدعة لو كانت
باطلاً محضًا لَمَا قبلت، ولبادر كلّ أحد إلى ردّها وإنكارها، ولو كانت حقًّا
محضًا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنَّة، ولكنّها تشتمل على حقّ
وباطل، ويلتبس فيها الحقّ بالباطل، كما قال تعالى: }وَلاَ
تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{ [البقرة: 42].
فنهى عن لبس الحقّ بالباطل وكتمانه،
ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس والغشّ،
الذي يكون باطنه خلاف ظاهره، فكذلك الحقّ إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر
الباطل في صورة الحقّ، وتكلّم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهَّم
السامع أنَّه
أراد المعنى الصحيح، ومراده الباطل،فهذا من الإجمال في اللفظ.
وأمّا الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان، هو حقّ من أحدهما، وباطل من الآخر، فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل، فأصل
ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهة، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا
مخبطة، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصُّب ؟ فسَلْ مثبّت القلوب أن
يثبّت قلبك على
دينه، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات. قال الإمام أحمد في خطبة كتابه في الردّ على
الجهمية: <الحمد لله الذي جعل في كلّ زمان فترة من الرسل بقايا من أهل
العلم، يدعون مَن ضلّ إلى الهدى
ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بكتاب الله أهل العمى،
فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضالّ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على
الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن الكتاب تحريف الغالين وانتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة، فهم
مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله،
وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جُهَّال الناس بِمَا يشبهون عليهم،
فنعوذ بالله من فتن المضلِّين>.
وهذه الخطبة تلقاها الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب، أو وافقه فيها>. اﻫ
بيان تلك الوسائل على وجه التفصيل:
إذا
تبيّن لك أخي الكريم ما ذكرته آنفًا، فلا بأس من أن نمضي سويًّا قُدُمًا
للوقوف على تفصيل القول في كلّ وسيلة بالحجّة والبرهان، لكن بعد أن نتذكّر
سويًّا بأنّ كلمة سرّهم هي: <أنّ أيّ وسيلة أو فكرة أو
مقولة يراد لها أن تُروَّج بين الناس؛ فلابدّ
من عرضها بثوب مُجْمَل
ليقف منها الجميع ـ الموافق والمخالف ـ موقف الحياد على أقل تقدير>.
فالوسيلة الأولى: العدل والإنصاف.
قد
ذكرت لك أنَّهم
سلكوا هذه الوسيلة، ونادوا بها كي
يُدْخِلوا
الجماعات الإسلامية في جماعتهم المقترح إنشاؤها، مع بقاء كلّ فرد ضمن جماعته، ولكن
يتعاون الجميع في المصالح المشتركة العامَّة، والأمور التي
تحقّق الخير؛ فإذا حصل ذلك تكوّنت الجماعة العامَّة أو الجماعة الأمّ.
فهم ينظرون إلى الخلاف بين الجماعات
الإسلامية على أنّه خلاف تنوُّع،
لا خلاف تضاد، خلاف في الجزئيات والفرعيات، لا في الكلّيات والأصول.
وهذا
لا شكّ جهل بواقع الجماعات الإسلامية القائمة ومناهجها ـ علمًا بأنّهم
يزعمون أنّهم
فقهاء واقع !
هذا
إذا لم يكونوا يعلمون، أمّا إن كانوا عالمين بفساد مناهج تلك الجماعات، ومع
ذلك أدخلوا خلافهم ضمن الخلاف السائغ، فهذه خيانة عظمى، وغشّ لعامّة المسلمين،
والله المستعان.
واعلم ـ هديتُ وإيّاك
للرشد ـ بأنّه قد تكلّم
عن هذا المبدأ كثير من الكُتَّاب، والخطباء، والمحاضرين، في رسائل عديدة، وأشرطة
كثيرة.
فمن الرسائل: رسالة أحمد
بن عبد الرحمن الصويان بعنوان: <منهج أهل السنَّة والجماعة في تقويم
الرجال ومؤلّفاتهم>، وهشام بن إسماعيل الصيني
في رسالة بعنوان: <منهج أهل السنَّة
والجماعة في النقد والحكم على الآخرين>. وسلمان العودة في كتابه
وشريطه: <من أخلاق الداعية>، وزيد الزيد في رسالته: <ضوابط رئيسة في تقويم الجماعات
الإسلامية>، والمقطري
في: <قواعد
الاعتدال لِمَن
أراد تقويم الجماعات والرجال>، وغيرها كثير.
ولنأخذ منها رسالة تكون
هي مدار البحث والمناقشة، مع تطبيق <كلمة السرّ> على النقاط
المبحوثة، ولتكن رسالة: <ضوابط رئيسة في تقويم
الجماعات الإسلامية> للزيد([1])،
إذ هي خلاصة تلك الرسائل.
قال ـ وفّقه
الله لكلّ خير ـ: <الضابط
ا
([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح
منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح
الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة
والأئمّة
على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ
غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب
والهندسة والجيولوجيا والفيزياء
والكيمياء
ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد
جدَّت لدي معلومات،
وطرأت =
= أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها،
بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة>.=========== ([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح منهج كامل
متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح الشمس في
رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والأئمّة على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب
والهندسة والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء
ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد جدَّت لدي معلومات، وطرأت ====================>
للزيد([1])،
إذ هي خلاصة تلك الرسائل.
ثمّ
ذكر الآيات والأحاديث الدالّة على وجوب إرجاع أيّ اختلاف وتنازع إلى
كتاب الله وسنّة رسوله r.
وهذا الكلام فيه إجمال، لأنّ كلّ
الجماعات الإسلامية تنادي بذلك، وتدّعي كلٌّ منها أنّها
متمسّكة بالكتاب والسنّة، ومرجعة كلّ خلافها واختلافها إليهما.
فالواجب
أن يقال: <المرجع الأول لكلّ
اختلاف؛ كتاب الله وسنّة
رسوله r على فهم السلف الصالح>.
وإلاّ
فالأشاعرة ـ بزعمهم ـ يرجعون إلى الكتاب والسنّة لكن بفهم أئمّتهم
الأشعرية، وكذا الماتريدية، والجهمية، والمعتزلة، بل والرافضة ـ هذه دعواهم ـ كلّ يرجع إليهما، لكن بفهم شيخه وأصحاب طريقته،
والجماعات الإسلامية كذلك يفعلون، لكن لَمّا
أراد إدخال الجميع رفع هذا القيد، ولو أنّه صرّح به لخرجت جميع الطوائف، وبقيت
الدعوة الصحيحة، لكنّه أجمل حتى يوافقه الجميع.
قال الزيد: <الضابط
الثاني: الاعتماد في التقويم
على نصوص الجماعة وأنظمتها، لا على أقوال المنتسبين إليها...
إنّ
دراسة الجماعة والحكم عليها وتقويمها ينبغي أن يستند إلى نصوص نظامها ومستنداتها
الرسمية فحسب.
وليس
من العدل والإنصاف أن تنتقص من جماعة لخطأ وقع فيه أحد أفرادها.
وفرق
كبير جدًّا بين رأي الفرد المنتسب إلى الجماعة، ورأي الجماعة، بل هناك فرق كبير بين
رأي قائد الجماعة بصفته الشخصية، وصفته الرسمية، فما قاله بصفته الشخصية لا ينسب
إلى الجماعة بحال من الأحوال.
أليس
الرسول r يقول: ما روى ذلك أنس t أنّه مرّ بقوم يلقحون، فقال: <لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَ>. قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم فقال: <مَا لِنَخْلِكُمْ ؟>، قالوا: قلت: كذا وكذا، قال: <أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ>.
فهذا قول الرسول r وقد قاله بصفته
الشخصية فقط، ونحن متعبّدين([2])
بما قاله بصفته: <بشرًا رسولاً> يُبلِّغ عن الله سبحانه
وتعالى، ولذلك جاء في الرواية الأخرى، فقال: <إِنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ>. اﻫ
ولنا مع هذا الكلام
وقفات:
الأولى: هذا الكلام أعطى لكلّ مبطل شبهة يدفع
بها النقد الموجّه لجماعته ـ ولو
كان النقد حقًّا ـ إذ لا يعسر عليه أن يقول: يا أخي هذا الكلام لم
تقل به الجماعة، وليس هو من منهجها، بل هو قول ذلك الشخص وذلك القائد، لأنّه
إنّما
تكلّم بصفته الشخصية، لا الرسمية.
فإذا
قالوا ذلك، قلنا: فَلِمَ لم تأمر الجماعة ذلك الشخص بالمعروف وتنهه عن المنكر ؟
بل يجب على تلك الجماعة أن تتبرأ من تلك الأقوال المخالفة للشرع، وإلاّ كانت مقرَّة
لها معتقدة إيَّاها.
الثانية: هذا القول أشبه بقول بعض التبليغيين
حينما قلت لهم: إنّ في كتابكم <تبليغي
نصاب>
من الشركيات والبدع والأحاديث الموضوعة ما الله به عليم، فلماذا تعتمدونه، وتروِّجونه
بينكم وبين غيركم ؟
فقال لي أحدهم: يا أخي هذا الكتاب كتبه
رجل محبّ للجماعة، لا أنّه من الجماعة.
فقلت
لهم: أرأيتم لو أنَّ
دار الإفتاء قامت بطبع ونشر كتب علوي مالكي الخبيثة، أكان يغني في الذبّ عن فساد
منهج الدار القول بأنّ كاتب هذه الكتب محبٌّ للدار، لا أنّه من
أهلها ؟!
الجواب: لا. فكذا فيما قلتم.
وبالمناسبة، ينبغي أن تعلم أخي الكريم أنّ عند جماعة التبليغ
مصطلحًا يميِّزون به بين الخارجين
معهم، لا سيما إذا كان بينهم مَن هو مخالف لهم في
المنهج، والأفكار، فإنّهم يقولون عنه حينما تسنح فرصة للتعارف: فلان محبٌّ للجماعة.
ويقولون
لِمَن
كان منهم: فلان من الجماعة.
ولهذا
إذا أطلق المصطلح الأول على شخص ما، فإنّ صافرات الإنذار ـ غير المرئية وغير المسموعة ـ تنطلق، فيعامَل هذا الشخص معاملة
معيَّنة،
ومن أشخاص معيّنين،
حتى تنتهي فترة خروجه، حفاظًا على الذين خرجوا معهم من أن يفسد عليهم عقولهم !!!
الثالثة:
قوله: <فهذا قول الرسول r، وقد قاله بصفته
الشخصية فقط، ونحن متعبدين ـ هكذا ـ بما قاله بصفته بشرًا
رسولاً>. اﻫ كلام باطل. إذ نحن متعبدون بكلّ ما قاله أو فعله أو
أقرّه، إلاّ ما استثناه الدليل، ولهذا فإنّ الصحابة y حينما سمعوا
قوله: <لو لم تفعلوا لصلح>، لم يقولوا له: هل
قلت هذا الكلام يا رسول الله بصفتك الشخصية ـ فنحن في
حلّ ـ أو بصفتك الرسالية ـ إن صحّ
التعبير ـ فنحن ممتثلون لك. بل بمجرّد سماعهم له تركوا
التأبير، واستمرّوا على هذا الأمر
حتى جاءهم البيان، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: <أنتم
أعلم بأمر دنياكم>.
([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح
منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح
الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة
والأئمّة
على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ
غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب
والهندسة والجيولوجيا والفيزياء
والكيمياء
ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد
جدَّت لدي معلومات،
وطرأت =
= أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها،
بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة>.
قد
ذكرت لك أنَّهم
سلكوا هذه الوسيلة، ونادوا بها كي
يُدْخِلوا
الجماعات الإسلامية في جماعتهم المقترح إنشاؤها، مع بقاء كلّ فرد ضمن جماعته، ولكن
يتعاون الجميع في المصالح المشتركة العامَّة، والأمور التي
تحقّق الخير؛ فإذا حصل ذلك تكوّنت الجماعة العامَّة أو الجماعة الأمّ.
فهم ينظرون إلى الخلاف بين الجماعات
الإسلامية على أنّه خلاف تنوُّع،
لا خلاف تضاد، خلاف في الجزئيات والفرعيات، لا في الكلّيات والأصول.
وهذا
لا شكّ جهل بواقع الجماعات الإسلامية القائمة ومناهجها ـ علمًا بأنّهم
يزعمون أنّهم
فقهاء واقع !
هذا
إذا لم يكونوا يعلمون، أمّا إن كانوا عالمين بفساد مناهج تلك الجماعات، ومع
ذلك أدخلوا خلافهم ضمن الخلاف السائغ، فهذه خيانة عظمى، وغشّ لعامّة المسلمين،
والله المستعان.
واعلم ـ هديتُ وإيّاك
للرشد ـ بأنّه قد تكلّم
عن هذا المبدأ كثير من الكُتَّاب، والخطباء، والمحاضرين، في رسائل عديدة، وأشرطة
كثيرة.
فمن الرسائل: رسالة أحمد
بن عبد الرحمن الصويان بعنوان: <منهج أهل السنَّة والجماعة في تقويم
الرجال ومؤلّفاتهم>، وهشام بن إسماعيل الصيني
في رسالة بعنوان: <منهج أهل السنَّة
والجماعة في النقد والحكم على الآخرين>. وسلمان العودة في كتابه
وشريطه: <من أخلاق الداعية>، وزيد الزيد في رسالته: <ضوابط رئيسة في تقويم الجماعات
الإسلامية>، والمقطري
في: <قواعد
الاعتدال لِمَن
أراد تقويم الجماعات والرجال>، وغيرها كثير.
ولنأخذ منها رسالة تكون
هي مدار البحث والمناقشة، مع تطبيق <كلمة السرّ> على النقاط
المبحوثة، ولتكن رسالة: <ضوابط رئيسة في تقويم
الجماعات الإسلامية> للزيد([1])،
إذ هي خلاصة تلك الرسائل.
قال ـ وفّقه
الله لكلّ خير ـ: <الضابط
ا
([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح
منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح
الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة
والأئمّة
على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ
غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب
والهندسة والجيولوجيا والفيزياء
والكيمياء
ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد
جدَّت لدي معلومات،
وطرأت =
= أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها،
بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة>.=========== ([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والأئمّة على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب والهندسة والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد جدَّت لدي معلومات، وطرأت ====================> للزيد([1])، إذ هي خلاصة تلك الرسائل.
ثمّ
ذكر الآيات والأحاديث الدالّة على وجوب إرجاع أيّ اختلاف وتنازع إلى
كتاب الله وسنّة رسوله r.
وهذا الكلام فيه إجمال، لأنّ كلّ
الجماعات الإسلامية تنادي بذلك، وتدّعي كلٌّ منها أنّها
متمسّكة بالكتاب والسنّة، ومرجعة كلّ خلافها واختلافها إليهما.
فالواجب
أن يقال: <المرجع الأول لكلّ
اختلاف؛ كتاب الله وسنّة
رسوله r على فهم السلف الصالح>.
وإلاّ
فالأشاعرة ـ بزعمهم ـ يرجعون إلى الكتاب والسنّة لكن بفهم أئمّتهم
الأشعرية، وكذا الماتريدية، والجهمية، والمعتزلة، بل والرافضة ـ هذه دعواهم ـ كلّ يرجع إليهما، لكن بفهم شيخه وأصحاب طريقته،
والجماعات الإسلامية كذلك يفعلون، لكن لَمّا
أراد إدخال الجميع رفع هذا القيد، ولو أنّه صرّح به لخرجت جميع الطوائف، وبقيت
الدعوة الصحيحة، لكنّه أجمل حتى يوافقه الجميع.
قال الزيد: <الضابط
الثاني: الاعتماد في التقويم
على نصوص الجماعة وأنظمتها، لا على أقوال المنتسبين إليها...
إنّ
دراسة الجماعة والحكم عليها وتقويمها ينبغي أن يستند إلى نصوص نظامها ومستنداتها
الرسمية فحسب.
وليس
من العدل والإنصاف أن تنتقص من جماعة لخطأ وقع فيه أحد أفرادها.
وفرق
كبير جدًّا بين رأي الفرد المنتسب إلى الجماعة، ورأي الجماعة، بل هناك فرق كبير بين
رأي قائد الجماعة بصفته الشخصية، وصفته الرسمية، فما قاله بصفته الشخصية لا ينسب
إلى الجماعة بحال من الأحوال.
أليس
الرسول r يقول: ما روى ذلك أنس t أنّه مرّ بقوم يلقحون، فقال: <لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَ>. قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم فقال: <مَا لِنَخْلِكُمْ ؟>، قالوا: قلت: كذا وكذا، قال: <أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ>.
فهذا قول الرسول r وقد قاله بصفته
الشخصية فقط، ونحن متعبّدين([2])
بما قاله بصفته: <بشرًا رسولاً> يُبلِّغ عن الله سبحانه
وتعالى، ولذلك جاء في الرواية الأخرى، فقال: <إِنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ>. اﻫ
ولنا مع هذا الكلام
وقفات:
الأولى: هذا الكلام أعطى لكلّ مبطل شبهة يدفع
بها النقد الموجّه لجماعته ـ ولو
كان النقد حقًّا ـ إذ لا يعسر عليه أن يقول: يا أخي هذا الكلام لم
تقل به الجماعة، وليس هو من منهجها، بل هو قول ذلك الشخص وذلك القائد، لأنّه
إنّما
تكلّم بصفته الشخصية، لا الرسمية.
فإذا
قالوا ذلك، قلنا: فَلِمَ لم تأمر الجماعة ذلك الشخص بالمعروف وتنهه عن المنكر ؟
بل يجب على تلك الجماعة أن تتبرأ من تلك الأقوال المخالفة للشرع، وإلاّ كانت مقرَّة
لها معتقدة إيَّاها.
الثانية: هذا القول أشبه بقول بعض التبليغيين
حينما قلت لهم: إنّ في كتابكم <تبليغي
نصاب>
من الشركيات والبدع والأحاديث الموضوعة ما الله به عليم، فلماذا تعتمدونه، وتروِّجونه
بينكم وبين غيركم ؟
فقال لي أحدهم: يا أخي هذا الكتاب كتبه
رجل محبّ للجماعة، لا أنّه من الجماعة.
فقلت
لهم: أرأيتم لو أنَّ
دار الإفتاء قامت بطبع ونشر كتب علوي مالكي الخبيثة، أكان يغني في الذبّ عن فساد
منهج الدار القول بأنّ كاتب هذه الكتب محبٌّ للدار، لا أنّه من
أهلها ؟!
الجواب: لا. فكذا فيما قلتم.
وبالمناسبة، ينبغي أن تعلم أخي الكريم أنّ عند جماعة التبليغ
مصطلحًا يميِّزون به بين الخارجين
معهم، لا سيما إذا كان بينهم مَن هو مخالف لهم في
المنهج، والأفكار، فإنّهم يقولون عنه حينما تسنح فرصة للتعارف: فلان محبٌّ للجماعة.
ويقولون
لِمَن
كان منهم: فلان من الجماعة.
ولهذا
إذا أطلق المصطلح الأول على شخص ما، فإنّ صافرات الإنذار ـ غير المرئية وغير المسموعة ـ تنطلق، فيعامَل هذا الشخص معاملة
معيَّنة،
ومن أشخاص معيّنين،
حتى تنتهي فترة خروجه، حفاظًا على الذين خرجوا معهم من أن يفسد عليهم عقولهم !!!
الثالثة:
قوله: <فهذا قول الرسول r، وقد قاله بصفته
الشخصية فقط، ونحن متعبدين ـ هكذا ـ بما قاله بصفته بشرًا
رسولاً>. اﻫ كلام باطل. إذ نحن متعبدون بكلّ ما قاله أو فعله أو
أقرّه، إلاّ ما استثناه الدليل، ولهذا فإنّ الصحابة y حينما سمعوا
قوله: <لو لم تفعلوا لصلح>، لم يقولوا له: هل
قلت هذا الكلام يا رسول الله بصفتك الشخصية ـ فنحن في
حلّ ـ أو بصفتك الرسالية ـ إن صحّ
التعبير ـ فنحن ممتثلون لك. بل بمجرّد سماعهم له تركوا
التأبير، واستمرّوا على هذا الأمر
حتى جاءهم البيان، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: <أنتم
أعلم بأمر دنياكم>.
([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم
الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في
آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي
منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته
خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت
لديَّ
معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة
الكتاب جملة. والله الموفق>.
فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة
ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ
فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها
لتُحذَر.
وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا
يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت،
واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ
رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة
لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها
ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا
أوّلاً.
وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم
منتشر لا يمنع من
الردِّ
على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ
الباطل لا يُردُّ
إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية
وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء
الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.
وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح
منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح
الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة
والأئمّة
على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ
غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب
والهندسة والجيولوجيا والفيزياء
والكيمياء
ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد
جدَّت لدي معلومات،
وطرأت =
= أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها،
بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة>.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق