الأربعاء، 18 مارس 2015
ثمّ تملك من خزائن الدنيا ومفاتيح الحضارة والاقتصاد، ما لا يملكه
العالم كله من أقصاه إلى أقصاه !>. اﻫ
ومِمّا يؤكّد أيضًا ـ مع ما سبق ـ أنّ انطلاقتهم إنَّما هي جزيرة العرب، هو: أنّه
حينما قام الجهاد الأفغاني، وتحرّك كثير من الناس والدعاة لنصرة إخوانهم المسلمين
هناك، حتى أنّ بعض أولئك الدعاة قال: <إنّ الجهاد فرض عين>،
وبدأ الشباب الطيِّب من هذا البلد بالذهاب إلى الجهاد الأفغاني.
وحينما انزعج هؤلاء من تلك الفتاوى ومن ذهاب الشباب من هذا البلد إلى
هناك، أصدر سفر كتابًا يردّ فيه على القائلين بأنّ الجهاد فرض عين.
وأجاب سلمان العودة عن سؤال عن الذهاب إلى أفغانستان في آخر شريطه: <ألا
إنّ نصر الله قريب>، قائلاً: <لا شكّ أنّ الذهاب إلى أفغانستان للتدريب أمر طيِّب في كلّ
وقت !!!
وأمّا الذهاب للجهاد فلا ينبغي أن يذهب الإنسان إلاّ بإذن والده، فإن
لم يأذن له بذلك، فلا يذهب !!!>. اﻫ
بل سعى أولئك في دعوة الشيخ ابن عثيمين ـ حفظه الله ـ لمناطق عدّة، كالمنطقة الشرقية، والغربية، وغيرهما،
لإلقاء بعض المحاضرات، وما أن ينتهي الشيخ من محاضرته تلك، إلاّ ويُسأل عن حكم
الجهاد في أفغانستان، هل هو فرض عين، أو فرض كفاية ؟!! لأنّه سيقول بما يوافق
رأيهم، لكنّ الشيخ ـ حفظه الله ورعاه ـ كما
يعتقد غيره من إخوانه العلماء لا سيما علماء هذا البلد، بأنّ لإمام هذا البلد في
أعناقهم بيعة شرعية، فهو يقول في جوابه: <الجهاد لا يكون
فرض عين إلاّ في حالة من إحدى الحالات الثلاث التالية:
إذا استنفر الإمام: وجب وتعيّن الجهاد على مَن استنفرهم الإمام،
والإمام لم يستنفر، فلا يكون فرض عين، بل فرض كفاية.
والثانية: إذا التقى الصفّان، فمَن حضر ذلك تعيَّن عليه القتال، والذين
هنا لم يحصل لهم هذا.
والثالثة: إذا لم يستطع جيرانهم من
المسلمين دفع شرّ ذلك المعتدي، وجب على مَن بعدهم، وهكذا إلى أن يعمّ المسلمين،
ولم يحصل ذلك، فلم يكن فرض عين>.
بخلاف أولئك السياسيين، فإنّهم لم يقولوا: إنّه فرض عين إلاّ لحاجة في
نفوسهم، وهي: أنّنا إنّما بذلنا الوقت والمال، والجهد، وعلّمناهم، وربّيناهم،
لاستخدامهم في الوقت المناسب، في المكان المناسب، أمّا أن يذهبوا فيموتوا في جبال
أفغانستان، فما فعلنا شيئًا يذكر. لماذا ؟ لأنّ الأفغان وبلادهم لم يكونوا من
المصطفين، بخلاف الجزرة العربية وأهلها.
بل إنّ هؤلاء القوم قد ركّزوا ـ ولا يزالون يركّزون ـ على بقعة من هذه البلاد، ألا وهي المناطق
الجنوبية من المملكة، ﻛ <أَبْهَا>، وما حولها، وذلك لأمور أهمّها:
ـ أنّ هذه المنطقة جَبَلية وعرة، لا تكاد تصل إليها
السيارات، لا سيما إذا قطعت طرقها.
ـ وأنّ كثيرًا منهم قد تدرّب على صعودها، ونزولها،
وتسلّق جبالها، وذلك من خلال رحلات <المراكز الصيفية>،
وكذا ما يسمى ﺑ <المكتبات>، والتي يخضع جلّها لهؤلاء الحركيين، فإذا ذهبوا قاموا بتدريب هؤلاء
الشباب على الحراسات الليلية، والهجوم على المعسكرات الأخرى، وهي في ظاهر أمرها
ترفيه، وفي باطنه إعداد العدّة لليوم الكريه.
ـ وأنّ كثيرًا من الشباب الذين ذهبوا إلى الجهاد
الأفغاني قد تدرّب على مثل تلك المناطق.
ـ ولتوفّر مقوِّمات الحياة الكاملة فيها، فالأرض
فيها آبار وأشجار وزروع، والجوّ جيّد، ممطر غالبًا، بخلاف غيرها.
ـ ولسهولة تهريب السلاح إليها ـ لا سيما من اليمن ـ وهذا هو مَكْمَن
الداء.
وانظر إلى كلام سلمان العودة في الحرب الدائرة بين اليمنين، ووصفه
لليمن الشمالي بأحسن الأوصاف، بل وصفه بتطبيق الإسلام صغيره وكبيره، قليله وكثيره،
ووصفه للجنوبيين بأنّهم خوارج، حيث قال عنهم:
<...الواقع
أنّه ليس في اليمن شمال وجنوب، بل كلّه يمن واحد، لحمته وسداه الإسلام، وحاكمه
الشريعة، وقدوته الرسول عليه الصلاة والسلام، ومبدأه التحاكم إلى الله والرسول،
ولا يجوز لأحد أن ينفر أو ينفرد عن هذه القاعدة، أو يخرج عليها، أو يتمرّد على
شريعة الله عزّ وجلّ، أو نظامه، أو سنّة رسوله r.. ونحن نحيِّي أبناء اليمن
كلّه، وكلّهم فلا فرق عندنا بين شمال وجنوب، ولا بين قبيلة وأخرى.. فالعبرة عندنا
بأولئك الأبطال من أبناء اليمن شماله وجنوبه، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فاتقوا
الله تعالى، ودَعَوا إليه، وتناصروا فيه، وتوحّدوا على كلمته، وأمروا بالمعروف،
ونهوا عن المنكر، ووالوا في الله، وعادوا في الله، وأخذوا في الله، وأعطوا في
الله، وإنَّما تنال ولاية الله بذلك؛ فهنيئًا لهم موعود رسول الله r بالإيمان، حتى قال الله: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ ـ في أزمنة
الردّة ـ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ، أذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِِنِينَ، أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ،
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ{.
قال النبي r ـ وأشار إلى أبي موسى الأشعري ـ: <وَهُمْ
هَذَا وَقَوْمُهُ>.
فأهل اليمن هم الثابتون في زمن الردّة، في غير موضع من تاريخ الإسلام،
ولعلّ الله تعالى أن يجدّد في أهل زماننا هذا منهم، ومن غيرهم، ما عرفه التاريخ
وحفظه لهم.
وثَمَّة حديث آخر ينصّ على منطقة بعينها من اليمن، وهو حديث طريف لا
بأس بإيراده، عن ابن عباس t أنّ النبي r قال: <يخرج
من عدن أبين اثنا عشر ألفًا، ينصر الله تعالى بهم الإسلام، هم خير ما بيني وبينهم>.
والحديث صحّحه غير واحد من أهل العلم. وفيه بشارة خاصّة لأهل تلك البلاد، بأنّ
الله تعالى سوف يعزّ أمر الدين، وينصر الملة، ويقيم الحقّ، ويجمع الكلمة، بإذنه
وحوله وقوّته..>. اﻫ
وأمّا الجواب عن السؤال الثاني فهو: إنّ الذين سيقومون بذلك الخروج هم أبناء أناس من أبناء الجزيرة
العربية خاصّة، ومَن كان على منهجهم مِمّن هو من خارجها؛ لأنَّهم هم الذين اتصفوا
بصفات خَلقية وخُلُقية تؤهّلهم للقيام بذلك، بل لقيادة العالم بأسره، لأنّ جزيرة
العرب هي عاصمة الإسلام والمسلمين، وأهلها هم قادتهم، ولهذا لم يهتمّ القطبيون
بالأفغان، والسودان، والصومال، والجنسيات الأخرى، لأنَّهم لم يتصفوا بذلك، وبلادهم
ليست كذلك ـ أيضًا ـ وإلاّ لو كان ذلك كذلك، لجاهدوا مع الأفغان
بأنفسهم، ولهاجروا إلى السودان بعد حكم البشير لها.
وإليك توضيح سلمان العودة لذلك، في رسالته <جزيرة الإسلام> ـ آنفة الذكر ـ حيث يقول: <.. ومن طريف ما تتحدّث عنه بعض النظريات الفسيولوجية: أنّ جزيرة العرب بحكم وجودها في المنطقة المتوسّطة بين الشرق============================
إذن، فهذه ميزة لأهل الجزيرة، تُمكّنهم من غزو بلاد الدنيا كلّها، لنشر
دين الله في أنحائها، فهم يستطيعون أن يعيشوا في كلّ الأجواء في البلدان المختلفة.
فضل العرب وقبائلهم وبلاؤهم في الإسلام:
إنّني لست من القوميين الذي يقدّمون العرب على كلّ الأجناس، سواءً كان
أولئك العرب مسلمين أو يهودًا أو نصارى ـ حاشا لله ـ، فإنّ تلك القومية
دين آخر غير دين الإسلام. ولكنّي في الوقت نفسه لست من الشعوبيين الذين
ينتقصون العرب، ويتَّهمونهم، ويفضِّلون عليهم شعوبًا أخرى.
كلاّ.. لست من هؤلاء ولا من أولئك، ولكنّي أريد أن أُثبِت أنّ للعرب
فضلاً، تؤيّده الأدلة، ويشهد له التاريخ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ. <الذي
عليه أهل السنّة والجماعة اعتقاد أنّ جنس العرب أفضل من جنس العجم، عبرانيهم،
وسريانيهم، وروميهم، وفارسيهم، وغيرهم...>.
فجنس العرب ـ على سبيل
الإجمال ـ أفضل من جنس العجم وقد يوجد في العجم أفرادًا أفضل من العرب..
وإنّما ثبت هذا الفضل للعرب على غيرهم بسبب مزايا عديدة، وخصائص فريدة، خصّ الله
بها العرب ومن أبرز ذلك:
1 ـ المزية الأولى: اللغة...
2 ـ المزية الثانية: الحفظ...
3 ـ المزية الثالثة: العقول.
فالعرب وبخاصّة في هذه البلاد يتميّزون بعقول علمية منتجة، عقول كيف
يصلون إلى ما يريدون، كيف يخطون الطريق لنصر دينهم، كيف يجاهدون في سبيل
الله ؟!! إنّها عقول حيَّة صافية، لم تدمرها ضلالات الفلسفة، التي ضيَّعت
كثيرًا من العقول الأعجمية، ولم تستهلكها سفاهات الترف والضياع والجري خلف أمور لا
طائل تحتها.
4 ـ المزية الرابعة: الغرائز
والأخلاق.
إنّ العرب يتميّزون بأخلاق وغرائز لا يتميّز بها غيرهم، وهذا أمر لا
يشكّ فيه مَن عايش العرب، وعايش غيرهم من الأمم والشعوب، فهم أطوع للخير،
وأقرب للسخاء، والحلم، والشجاعة، والوفاء من غيرهم، حتى في الجاهلية، فقد كان لهم
في الجاهلية طبيعة حميدة، وسجايا كريمة، لكنّها كالأرض الطيبة التي لم ينزل عليها
الغيث، فلمّا جاء الإسلام واعتنقه أبناء الجزيرة كان كالغيث الذي نزل على أرض
طيبة، فاهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيج.
لقد كانوا في جاهليتهم يبعدون عن الغطرسة والازدراء، وكانوا يهيمون
بالحرية، ويأبون الذلّ والاستعباد، ولا يقبلون الضيم، ولا يستمرئون الخسف، بأيِّ حال
من الأحوال، في حين أنّ الشعوب الأخرى، كانت لا تأبى الضيم، ولا تأنف من
الاستعباد...
أمَّا العرب فلا يعرفون في حياتهم التزلف والنفاق، وتحمل الاستعباد، بل
جُبِلوا على حبّ الحرية، وعزّة النفس، والاعتدال في التعظيم، حتى كانوا يمتنعون ـ أحيانًا ـ من تلبية مطالب
بعض ساداتهم وملوكهم.
ثناء نبوي:
ولقد أثنى رسول الله r على قبائل العرب، وبيّن بلاءها في الإسلام،
فيما مضى، وفيما يستقبل، وهو كثير يطول الكلام فيه، ولكن من ذلك:
أنّه أثنى عليه الصلاة والسلام على <قريش>،
فقال: <النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ
لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ>.
ـ وأثنى على <أسلم> و<غفَّار>، فقال: <أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغَفَارُ
غَفَرَ اللهُ لَهَا>.
ـ وقال عليه الصلاة والسلام: <قُرَيْشُ،
وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، ومزينة، وَأَسْلَمُ، وَغَفَارُ، وَأَشْجَعُ،
مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللهِ وَرَسُولِهِ>.
ـ وقال أبو هريرة t: لا أزال أحبّ بني تميم،
منذ ثلاث سمعتهنّ من رسول الله، سمعت رسول الله r يقول: <هُمْ
أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَالِ>.
قال: وجاءت صدقاتهم فقال النبي r: <هَذِهِ
صَدَقَاتُ قَوْمِنَا> قال: وكانت سبية منهم عند عائشة، فقال رسول الله r: <أَعْتِقِيهَا
فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ>.
كلّ ما أسلفنا يدلّ على أنّ الله تعالى اختار هذه الجزيرة لتكون هي
جزيرة الإسلام، وعاصمة الدين، وهذا أمر تؤيّده شواهد التاريخ، ودِلالات الواقع،
والأخبار النبوية عن المستقبل>. اﻫ
هل أدركت أخي الكريم ما الذي كان العودة يريده حين إيراده لهذا الكلام
الحقّ ؟!!
وأمّا الجواب عن
السؤال الثالث: فقد كفاني عن الجواب عنه
محمّد قطب، فيما نقله عنه تلميذه الجليل في كتابه <وقفات
تربوية> ص (162)، حيث قال: <أمَّا الذين
يسألون إلى متى نظلّ نربِّي دون أن (نعمل)؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعدًا محدّدًا،
فنقول لهم: عشر سنوات من الآن، أو عشرين سنة من الآن، فهذا رجم بالغيب، لا يعتمد
على دليل واضح، وإنَّما نستطيع أن نقول لهم: نظلّ نربِّي حتى تتكوّن القاعدة
المطلوبة بالحجم المعقول...>. اﻫ
والسؤال هو: كيف يعرفون أن القاعدة المطلوبة قد تكونت بالحجم
المعقول ؟!!!.
والجواب ما قاله العبدة: <وكان الدعاة
يجتمعون سنويًّا بالمؤسس محمَّد ابن علي العباسي...> اﻫ.
ومن الأمور التي يعرف هؤلاء أنَّه قد تكوّنت لهم تلك القاعدة المطلوبة
بالحجم المعقول: المناسبات العامّة التي يجتمع فيها الناس، كالحجّ والاعتمار
في رمضان، وحضور المحاضرات والندوات العامَّة والمشاركة في المراكز الصيفية
والمكتبات وغيرها.
واعلم بأنّ كلّ فرد في تلك المراكز الصيفية، أو المكتبات الخاصَّة بهؤلاء، يتابع متابعة شديدة جدًّا، لينتقي من تلك المجموعة مَن سيكون قياديًّا فيما بعد، وإليك بعض النماذج والتي هي بمثابة التقارير التي تكتب عن أفراد المكتبة، علمًا بأنّ هذه النماذج تباع علنًا في الأسواق، وفي مكتبات القرطاسية، فهي علنية سرِّية. [انظر النموذجين التاليين في الصفحتين التاليتين].============
وهناك ـ أيضًا ـ طرق أخرى
لمعرفة حجم تلك القاعدة عن طريق المحاضرات العامَّة، كالحديث عن <الدش>
وكمشروع سفر لترجمة <الجواب الصحيح لِمَن بدّل دين المسيح> لشيخ الإسلام،
وكمشروع سلمان الذي أقامه في القصيم، باسم: <السنّة>.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق