الأحد، 22 يناير 2017

بعض شبه الخوارج في تكفير الحكام
الشبهة الأولى: احتجاجهم بقوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾
وهيَ من أعظم الشُّبه التي يدندن بها هؤٰلاء الجهَّال في تكفير الحكَّام مطلقًا، وهذه الشبهة هيَ احتجاجهم بقول الله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]، فيقولون: إذن هذا الحاكم لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر.
* كلام العلماء حول هذه الآية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن العلماء المعاصرين
#1$ عن طاوس عن عبدالله بن عباس م في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44ٍ]:
ليس الكفر الذي تذهبون إليه.
وفي رواية: إنَّه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفر ينقل عن الملَّة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]: كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ.
* وقد تُوبع طاوس عليه عن ابن عباس م، تابعه عليُّ بن أبي طلحة عنه، بلفظ: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق.
فأصل هذه المسألة: هو ما تقدم عن ابن عباس م، وأمَّا قول الخوارج فلم يقل فيه إمام من الأئمة ولا مفسر من المفسرين.
#2$ قال ابن القيم الجوزية غ في “مدارج السالكين” (1/335ـ 336): (وهذا تأويل ابن عباس م وعامه الصحابة ي في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]. قال ابن عباس م: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كَفَرَ بالله واليوم الآخر).اﻫ.
#3$ وقال عطاء: (هو كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، وظُلْمٌ دُوْنَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُوْنَ فِسْقٍ).
واعلم أنَّ أهل السُّنَّة والجماعة من أصحاب الحديث والأثر، أتباع السَّلف الصَّالح، متَّفقون على تلقي هذا الأثر عن حَبْرِ هذه الأمة وترجمان القرآن ابن عباس م بالقبول، ومجمعون على صحته، فهم عاملون به داعون إليه.
قال الحاكم غ في “المستدرك” (ص2/393): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
ونقل الحافظ ابن كثير غ في “تفسير القرآن العظيم” (2/64) عنه قوله: صحيح على شرط الشيخين واحتج به.
#4$ وقال شيخ المفسرين الطبري غ في “جامع البيان” (6/166-167): (وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت الآيات في كفار أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات، ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، فهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبرٌ عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصًا؟ قيل: أن الله تعالى عمَّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بشركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلِّ من لم يحكم بما أنزل لله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال بن عباس).اﻫ.
#5$ وقال الإمام أبو المظفر السمعاني غ في “تفسير القرآن” (2/42): (وقال ابن عباس الآية في المسلمين، وأراد به كفرًا دون كفرٍ، واعلم: أن الخوارج يستدلون بهذه الآية ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.
وللآية تأويلان:
أحدهما: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا وجحدًا، فأولئك هم الكافرون.
الثاني: ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فألئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم).اﻫ.
#6$ وقال أبوبكر بن العربي غ “أحكام القرآن” (2/624ـ625): (اختلف فيه المفسرون، فمنهم من قال: الكافرون والظالمون والفاسقون، كُلُّهُ لليهود، ومنهم من قال: الكافرون للمشركين، والظالمون لليهود، والفاسقون للنصارى، وبه أقول؛ لأنه ظاهر الآيات، وهو اختيار: ابن عباس، وجابر بن زيد، وابن أبي زائدة، وابن شبرمة. وقال طاووس وغيره: ليس بكفر ينقل عن الملَّة، ولكنه كُفْرٌ دون كُفْرٍ.
هذا يختلف:
* إن حكم بما عنده على أنَّه من عند الله، فهو تبديلٌ له يوجب الكفر.
* وإن حكم به هوًى ومعصيةً، فهو ذَنْبٌ تدركه المغفرة، على أصل أهل السُّنَّة في الغفران).
#7$ وقال القرطبي غ في “الجامع لأحكام القرآن” (6/190): (... فأمَّا المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرةً).
#8$ وقال البقاعي غ في “نضم الدرر” (2/460): (ولمَّا نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إمَّا لاستهانة، أو لخوف، أو رجاءً، أو شهوةً، رتَّب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسوق، قال ابن عباس م: من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرٌّ فهو ظالم فاسق).اﻫ.
#9$ وقال أبوحيان غ في “البحر المحيط” (3/492): (﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: ظاهر هذا العموم، فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظَّاهر أنَّه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنَّها عامة في اليهود وغيرهم، ذهب ابن مسعود وإبراهيم وعطاء وجماعة، ولكن كُفرٌ دون كفر، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، يعني: أنَّ كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملَّة، قاله: ابن عباس وطاووس).اﻫ.
#10$ وقال الخازن غ في “تفسيره” (1/310) مختصره: (فقال جماع من المفسرين: إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غير حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرةً لا يقال: إنه كافر، وهذا قول ابن عباس وقتادة والضَّحاك، ويدلُّ على صحَّة هذا القول، ما روي عن البراء بن عازب ت).
#11$ وقال جمال الدين القاسمي غ في “محاسن التأويل” (6/1998م): (كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون، وأثروه عن عكرمة وابن عباس).
#12$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (7/312): (وإذا كان من قول السَّلف: أنَّ الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنَّه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملَّة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قالوا: كفروا كفرًٍا لا ينقل عن الملَّة. وقد تبعهم على ذلك أحمد وغيرهم من أئمة السُّنَّة).
#13$ وقال أيضًا غ في (7/522): (وقال ابن عباس وغير واحد من السَّلف في قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44]: فأولئك هم الظالمون، فأولئك هم الفاسقون، كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما).
#14$ وقال غ في (7/350-351): (وقد يكون مسلِمًا، وفيه كُفْرٌ دون الكُفْرِ الذي يَنْقُلُ عن الإسلام بالكُلِّيَّةِ، كما قال الصحابة: ابن عباس، وغيره: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وهذا قول عامَّة السَّلَفِ، وهو الَّذي نصَّ عليه أحمد وغيره).
#15$ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “مجموع الفتاوى” (3/267ـ 268): (والإنسان متَّى حلَّل الحرام -المجمع عليه-، أو حرَّم الحلال -المجمع عليه-، أو بدَّل الشَّرع -المجمع عليه-، كان كافرًا مرتدًّا باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله تعالى على أحد القولين: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] أي: المُسْتَحِلُّ للحكم بغير ما أنزل الله).اﻫ.
#16$ وقال ابن الجوزي غ في “زاد الميسر” (2/366-367): (والمراد بالكفر المذكور في الآية قولان:
أحدهما: أنه الكفر بالله تعالى.
والثاني: أنه الكفر بذلك الحكم، وليس بكفر ينقل عن الملَّة.
وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا له وهو يعلم أن الله أنزله كما فعلت اليهود فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلًا إلى الهوى من غير جحود، فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ بِهِ ولم يحكم به فهو ظالم فاسق).اﻫ.
#17$ وقال البيضاوي غ في “تفسيره” (1/ 468): (ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينًا به منكرًا له: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ لاستهانتهم به، وتمردهم؛ بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله: ﴿ﮬ﴾ و﴿ﯹ﴾و﴿ﭶ﴾ فكفَّرَهم لإنكاره، وظَلَّمَهُم بالحكم على خلافه، وفسَّقَهُمْ بالخروج عنه).
#18$ وقال الفخر الرازي غ في “التفسير الكبير” (6/6): (وقال عكرمة: قوله: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ إنَّما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أمَّا من عرف بقلبه كونه حكم الله، وأقرَّ بلسانه حكم الله، إلَّا أنه أتى بما يضادة، فهو حاكم بما أنزل الله تباك وتعالى، ولكنه تاركٌ له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم).
#19$ وقال الشيخ العلامة الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/104): (واعلم أنَّ تحرير المقام في هذا البحث: أن الكفر والظلم والفسق كُلُّ واحدٍ منها أُطْلِقَ في الشَّرع مُرادًا به المعصية تارةً، والكفرُ المخرجُ من الملَّة أخرى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معارضة للرسل وإبطال لأحكام الله، فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرجة عن الملَّة... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ معتقدًا أنه مرتكب حرامًا فاعل قبيحًا، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملَّة).اﻫ.
#20$ وقال الشيخ السعدي غ في “تيسير الكريم الرحمن” (2/296-297): (فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرًا يَنْقُلُ عن الملَّة، وذلك اعتقاد جُلِّهِ وجوازه، وقد يكون كبيرةً من كبائر الذنوب ومن أعمال الكفر قد استحق من فَعَلَهُ العذاب الشديد... ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] قال ابن عباس: كُفْرٌ دون كُفْرٍ، وظُلْمٌ دون ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دون فِسْقٍ، فهو ظُلْمٌ أكبر عند استحلاله، وعظيمةً كبيرةٌ عند فعله غير مستحل له).اﻫ.
#21$ وقال العلامة الألباني غفي “الصحيحة” (6/109-116): (وقد جاء عن السَّلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: (كفر دون كفر) صحَّ ذلك عن ترجمان القرآن: عبدالله بن عباس م، ثم تلقَّاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولابد من ذِكْرِ ما تَيَسَّر لي عنهم، لعل في ذلك إنارةً للسَّبيل، أمام من ضَلَّ اليوم في هذه المسائل الخطيرة، ونحا نَحْوَ الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يُصَلُّون ويصُومُون...) اﻫ.ثم ساق غ بعض الآثار المتقدمة وخرَّجها وبين صحَّتها.
#22$ وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين غ في تعليقه على كتاب “التخدير من فتنة التكفير” (ص68-69): (لكن لمَّا كان هذا (الآثر) لا يُرْضِي هؤٰلاء المفتونين بالتكفير، صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول، ولا يصحُّ عن ابن عباس!! فيقال لهم: كيف لا يصحُّ وقد تلقاه من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث، وتقولون: لا نقبل. ثم هب أن الأمر كما قلتم إنه لا يصح عن ابن عباس، فلدينا نصوصًا أخرى تدلُّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج من الملَّة، كما في الآية المذكورة، وكما في قوله ن: «اثْنَتَانِ بِالنَّاسِ هُمْ بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ». وهذه لا تخرج عن الملَّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلة البضاعة من العلم، وقلة فهم القواعد الشرعيَّة العامة، هي التي توجب هذا الضلال، ثم شيئٌ آخر نضيفة إلى ذلك، وهو: سوءُ الإرادة التي تستلزم سوءَ الفهم، لأنَّ الإنسان إذا كان يريد شيئًا لزم من ذلك أن ينتقل فهمة إلى ما يريد، ثم يحرِّفُ النُّصوص على ذلك، وكان من القواعد المعروفة عند العلماء، أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد، لا تعتقد ثم تستدل فتضل.
فالأسباب ثلاثة هي:
الأول: قلة البضاعة من العلم الشرعي. الثاني: قلة فقة القواعد الشرعية. والثالث: سوء الفهم المبنى على سوء الإرادة.
وأمَّا بالنسبة لأثر ابن عباس م فيكفينا أن علماء جهابذة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، كلهم تلقوه بالقبول، ويتكلمون به، وينقلونه فالأثر صحيح).اﻫ.
#23$ وأخيرًا نختم الجواب على هذه الشبهة، بكلمةٍ طيبةٍ مفصلةً للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني غ كما في “التحذير من فتنة التكفير” (ص56-72) ما نصُّهُ: (... ومن هؤٰلاء الخوارج قدماء ومحدثين، فإن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان، -بل منذ أزمان- هو آية يدندنون دائمًا حولها ألَّا وهي قوله تعالى: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾[المائدة:44] فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة، ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاث هي: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ و﴿ﮪﮫﮇ﴾ و﴿ﮪﮫﭶ﴾ فمن تمام جهل الذين يحتجون من هذه الآية باللفظ الأول منها فقط: ﴿ﮪﮫﮬ﴾ أنهم لم يُلِمُّوا على الأقل ببعض النُّصوص الشَّرعيَّة -قرآنًا أم سُنَّة- التي جاء فيها ذكر لفظة الكفر، فأخذوها -بغير نظر- على أنها تعني: الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى، الخارجة عن ملَّة الإسلام، بينما لفظة: (الكفر) في لغة الكتاب والسُّنَّة، لا تعني دائمًا هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه. فشأن لفظة: ﴿ﮬ﴾ من حيث أنها لا تدل على معنى واحد، هو ذاته شأن اللفظين الأخيرين: ﴿ﮇ﴾ و﴿ﭶ﴾ فكما أنَّ من وُصِفَ بأنه ظالمٌ أو فاسقٌ، لا يلزم بالضَّرورة ارتداده عن دينه، فكذلك من وُصِفَ بأنه كافرٌ سواءً بسواءٍ.
وهذا التَّنَوُّعُ في معنى اللفظ الواحد، هو الذي تدل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب لغة القرآن الكريم، فمن أجل ذلك كان الواجب على كلِّ من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين -سواءً كانوا حكَّامًا أو محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسُّنَّة، وعلى ضوء منهج السلف الصالح، والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما، وكذلك ما تفرع عنهما، إلا بطرق معرفة اللغة العربية, وآدابها معرفةً خاصةً دقيقةً.
فإن كان لدى طالب العلم نَقْصٌ في معرفة اللغة العربية، فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، ولنرجع إلى آية: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44] فما المراد بالكفر فيها: هل هو الخروج عن الملَّة؟ أو أنه غير ذلك؟ فأقول: لابد من الدِّقَّة في فهم هذه الآية؛ فإنها قد تعنى الكفر العملي، وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام.
ويساعدنا في هذا الفهم حَبْرُ الأمة، وترجمان القرآن عبدالله بن عباس م الذي أجمع المسلمون جميعًا -إلَّا من كان من الفِرَقِ الضَّالَّة على أنَّه إمامٌ فريدٌ في التفسير، فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تمامًا، من أن هناك أناسًا يفهمون هذه الآية فهمًا سطحيًّا من غير تفصيل، فقال ت: (ليس الكفر الذي تذهبون إليه) و(أنه ليس كفرًا ينقل عن الملَّة) و(هو كفر دون كفر) ولعلَّه يعني: بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي ت، ثمَّ كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: (ليس الأمر كما قالوا، أو كما ظنُّوا أنَّما هو كفر دون كفر). فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية، هو الحكم الذي لا يمكن أن يُفْهَم سواه، من النصوص التي أشرت إليها قبل، ثم إنَّ كلمة: (الكفر) ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل فيها على أنها تساوي الخروج من الملَّة، من ذلك مثلًا الحديث المعروف في “الصحيحين” عن عبدالله بن مسعود ت قال: قال رسول الله ن: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». فالكفر هنا هي المعصية التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول ؛ وهو أفصح الناس بيانًا، بالغ في الزَّجر قائلًا: «...وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
ومن ناحية أخرى: هل يمكن لنا أن نحمل الفقرة الأولى في هذا الحديث: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ». على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث، ضمن الآيةالسابقة: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44].
الجواب: أن هذا قد يكون فسقًا مرادفًا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملَّة، وقد يكون الفسق مرادفًا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملَّة، وإنَّما يعني ما قاله ترجمان القرآن أنه: (كفر دون كفر).
وهذا الحديث يؤكِّدُ أنَّ الكفر قد يكون بهذا المعنى، وذلك لأن الله ﻷ يقول: ﴿ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ﴾ [الحجرات:9].
إذ قد ذكر ربُّنا ﻷ هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقَّة المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول: «... وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
إذن فقتاله كُفْرٌ دُوْنَ كُفْرٍ، كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تمامًا، فقتال المسلم للمسلم بَغْيٌ واعتداءٌ، وفِسْقٌ وَكُفْرٌ، ولكنْ هَذَا يَعْنِي: أنَّ الكُفْرَ قد يكون كُفْرًا عَمَلِيًّا، وقد يكون كُفْرًا اعْتِقَادِيًّا.
ومن هُنا جاء هذا التفصيل الدقيق، الذي تولى بيانه وشرحه الامام بحقٍّ شيخ الإسلام ابن تيمية غ، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن القيم الجوزيةغ، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنه على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم، الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية يرحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائمًا حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي، والكفر العملي، وإلَّا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج على جماعة المسلمين، التي وقع فيها الخوارج، قد يماوض بعض أذنابهم حديثًا.
وخلاصة القول: أن قوله ن «وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».لا يعني مطلقًا الخروج عن المِلَّةِ والأحاديث في هذا كثيرًا جدًّا، فهي جميعًا حجةٌ دامغةٌ على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي، فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليلٌ قاطعٌ على أنَّ قتال المسلم لإخية المسلم هو كفر، بمعنى: الكفر العملي، وليس هو الكفر الاعتقادي.
فإذا عدنا إلى: (جماعة التكفير) أو من تفرَّع عنهم وإطلاقهم على الحكام وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم الكفر والردَّة، فإن ذلك منهم مبنيٌّ على وجهة نظرتهم الفاسدة، القائمة على أن هؤٰلاء ارتكبوا المعاصي، فكفروا بذلك.
ومن جملة الأمور التي يفيد ذكرها وحكايتها، أنني التقيت مع بعض أولئك الذين كانوا مع جماعة التكفير، ثم هداهم الله ﻷ:
فقلت لهم: هاأنتم كفَّرتم بعض الحكام فما بالكم، مثلًا تكفرون أئمة المساجد؟ وخطباء المساجد؟ ومؤذني المساجد؟ وخدمة المساجد؟ وما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس وغيرها؟!
قالوا: لأن هؤٰلاء رَضُوا بحكم الحكام الذي يحكمون بغير ما أنزل الله، فأقول: إذا كان هذا الرِّضا قلبيًّا بالحكم بغير ما أنزل الله، فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي، فأيُّ حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، هو يرى ويعتقدُ أنَّ هذا الحكم هو الحكم اللائق تبنيه في هذا العصر، وأنه لا يليق به تبنيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسُّنَّة، فلا شكَّ أن هذا الحكم يكون كُفْرُهُ كفرًا اعتقاديًّا، وليس كفرًا عمليًّا فقط، ومن رَضِيَ ارتضاءه واعتقاده، فإنه يلحق به؟ ثم قلت لهم: فأنتم أوَّلًا لا تستطيعون أن تحكموا على كلِّ حاكم يحكم بالقوانين الغربية الكافرة أو بكثير منها؛ أنه لو سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله لأجاب: بأن الحكم بهذه القوانين هو الحقُّ والصَّالح في هذا العصر، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام؛ لأنهم لو قالوا ذلك: لصاروا كفَّارًا حَقًّا دون شكٍّ ولا ريب، فإذا انتقلنا الى المحكومين وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم، فكيف تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم، كما يشملكم أنتم تمامًا؟ ولكنكم تعلنون أن هؤٰلاء كفَّارًا مرتدون، والحكم بما أنزل الله هو الواجب، ثم تقولون معتذر ين لأنفسكم: أن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل، لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنَّه مرتدٌّ عن دينه؟ وهذا نظير ما يقوله غيركم، سوى أنكم تزيدون عليهم بغير حق، الحكم بالتكفير والردَّة.
ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وتكشف ضلالهم: أن يقال لهم: متى يُحْكَمُ على المسلم، الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقد يصلي، بأنه ارتدَّ عن دينه، أيكفي مرةً واحدة؟ أم أنه يجب أن يُعْلِنْ أنَّه مرتدٌّ عن الدين؟
إنهم لن يعرفوا جوابًا، ولن يهتدوا صوابًا، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثال التالي!!
فنقول: قاضي يحكم بالشَّرع هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومةٍ واحدةٍ زلَّت به القدم فحكم بخلاف الشرع، أي: أعطى الحقَّ للظَّالم وحرم المظلوم، فهذا قطعًا حكم بغير ما أنزل الله، فهل تقولون: بأنه كفر كُفْرَ رِدَّةٍ؟
سيقولون: لا، لأن هذا صدر منه مرةً واحدةً.
فنقول: إن صدر منه نفس الحكم مرةً ثانيةً، أو حُكم آخر، وخالف الشَّرع أيضًا، فهل يكفر؟ ثم نكرر عليهم ثلاث مرات، أربع مرات...
متى تقولون أنه كفر؟ لن يستطيعوا وضع حدٍّ بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشَّرع، ثم لا يكفرونه بها، في حين يستطيعون عكس ذلك تمامًا، إذا علم منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله مستحلًّا له، واستقبح الحكم الشرعي، فساعتئذ يكون الحكم عليه بالرِدَّةِ صحيحًا.
ومن المرة الأولى، وعلى العكس من ذلك، لو رأينا منه عشرات الحكومات في قضايا متعددةٍ خالف فيها الشَّرع، وإذا سألناه: لماذا حكمت بغير ما أنزل الله ﻷ؟ فرَدَّ قائلًا: خفت وخشيت على نفسي! أو: ارتشيت مثلًا، فهذا أسوأ من الأول بكثير، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يُعْرِبْ عمَّا في قلبه: بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله ﻷ، فحينئذ فقط نستطيع أن نقول: إنه كافر كُفْرَ رِدَّةٍ.
وخلاصة الكلام: لابد من معرفة أنَّ الكفر كالفسق والظلم، ينقسم إلى قسمين:
- كُفْرٌ وفِسْقٌ وظُلْمٌ يُخْرِجُ من المِلَّةِ، وكلُّ ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.
- وآخر لا يُخْرِجُ من المِلَّةِ، يعود إلى الاستحلال العملي.
فكُلُّ المعاصي وبخاصةً ما فَشَا في هذا الزمان، من استحلال عملي للرِّبا، الزِّنا، وشرب الخمر، وغيرها، هي من الكفر العملي، فلا يجوز أن نكفر عموم العصاة المتلبسين بشيءٍ من هذه المعاصي؛ لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إيَّاها، عمليًّا إلَّا إذا ظهر لنا منهم يقينًا ما يكشف لنا عمَّا في قرار نفوسهم، أنَّهم لا يحرمون ما حرَّم الله ورسوله اعتقادًا، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبيَّة، حكمنا عليهم حينئذ بأنَّهم كفروا كُفْرَ رِدَّةٍ.
أمَّا إذا لم نعلم ذلك، فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله ؛: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيْهِ: يَا كَافِرْ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».
والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا، أذكر منها حديثًا ذا دلالةٍ كبيرةٍ، وهو في قصة ذلك الصحابي، الذي قاتل أحد المشركين، فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربةِ سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالا بها الصَّحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي ن أنكر عليه ذلك أشدَّ الإنكار، فاعتذر الصحابي: أن المشرك ما قالها إلَّا خوفًا من القتل! لكنَّ جوابه ن كان: «هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ».
إذن الكفر الاعتقادي ليس له علاقةٌ أساسية بمجرد العمل، إنَّما علاقته الكبرى بالقلب، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي، وما شابههم إلَّا إذا عَبَّر عمَّا في قلبه بلسانه، أمَّا عمله فينبئُ أنه خالف الشَّرع مخالفةً عمليةً، فنحن نقول: أنك خالفت، وأنك فسقت، وأنك فجرت، لكن لا نقول أنك كفرت وارتددت عن دينك، حتى يظهر منه شيئ يكون لنا عذرًا عند الله ﻷ في الحكم بردته، ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه، ألا وهو قوله ن: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ».
ولقد قلت، وما أزال أقول لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين:
هَبُوا أَنَّ هؤٰلاء الحكام كُفَّارًا كُفْرَ رِدَّةٍ، وَهَبُوا أَيْضًا أنَّ هناك حاكِمًا أعلى على هؤٰلاء، فالواجب والحالَةُ هذه: أن يطبِّقَ هذا الحاكم الأعلى فيهم الحدَّ، ولكن الآن ماذا تستفيدون أنتم من النَّاحية العملية، إذا سلمنا جدلًا، أنَّ هؤٰلاء الحكام كفَّارًا كفر رِدَّةٍ؟ ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا؟
إذا قالوا: ولاءً وبراءً: فنقول: الولاءُ والبراءُ مرتبطان بالموالاةِ والمعاداة، قلبية وعملية، وعلى حسب الاستطاعة، فلا يشترط؛ لوجودهما اعلان التَّكفير، وإشهار الرِدَّةِ بل إن الولاءَ والبراءَ قد يكونان في مبتدع أو عاصي أو ظالم.
ثم أقول لهؤٰلاء: هاهم هؤٰلاء الكفار قد احتلُّوا من بلاد الإسلام مواقع عدة، ونحن مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين، فما الذي نستطيع نحن وأنتم فعله مع هؤٰلاء؟ حتى تقفوا أنتم وحدكم ضدَّ أولئك الحكام، الذين تظنون وتدَّعون أنهم كفارًا).اﻫ. بطوله.
فقد تقدم أن تفسير ابن عباس م لقول الله ﻷ: ﴿ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ﴾ [المائدة:44]. وقد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله ت في الآية: (كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ). وقوله أيضًا: (ليس بالكفر الذي تذهبون إليه).
وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطإ ومجانبة الصواب، وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملَّة، فإنه معصيةٌ عُظْمَى أكبر من الكبائر، كالزنى وشرب الخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها؛ فإن معصية سمَّاها اللهُ في كتابه كفرًا أعظم من معصية لم يسمِّها كُفْرًا، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادًا ورضاءً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الشبهة الثانية: يحتجون بموالاتهم للكفار أي الحكام
فيحتجون على تكفير الحكام بهذا.
والجواب على هذه الشبهة: نقول إنَّهم يجهلون معنى الموالاة؟ ومتى تكون مكفرةً؟ ومتى لا تكون كذلك؟
ومن أخطر الأسباب الداعية إلى التكفير: الجهل بالشرع، وهذا الجهل له صور عديدة، ومن أهم ذلك: جهل هؤٰلاء الضَّالين الخارجين عن السُّنَّة بمعنى الموالاة, وغلطهم في الموالاة من ناحيتين:
الناحية الأولى: ظنهم أن الموالاة قسمٌ واحدٌ، وتُخْرِجْ من الملَّة بشتى صورها وأشكالها.
الناحية الثانية: ظنهم بعض الأمور المشروعة أنها من الموالاة.
والصورة الثانية: تتضمن الحديث عن ضوابط التعامل مع الكفار، وكذلك تتضمن الحديث عن درء شرِّ الكفار، بما يظهر من صورته أنه موالاة، وهو ليس كذلك؛ فالموالاة أقسام وأنواع، فمنها المكفر، ومنها المفسق، وثمة أمور يتوهم البعض أنها من الموالاة، وليس الأمر كذلك.
معنى الموالاة والتولي: الموالاة مأخوذة من الفعل: وَالَى يُوَالِي مُوَالَاةً، وهي بمعنى: النُّصرةَ والتأييدَ. قال تعالى: ﴿ﯬﯭﯮ﴾ [آلعمران:٦٨]، وقال تعالى: ﴿ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ﴾ [المائدة:55].
والآيات في الموالاةِ كثيرةٌ، وكلُّها بمعنى: النُّصرة والتأييد، فأمر تعالى بمحبة المؤمنين ونصرتهم، ونهى عن محبة الكفار ونصرتهم.
* قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب غ في “تسيير العزيز الحميد” (عن الموالاة): (هي لازم الحبِّ، وهي النُّصرة والإكرام والاحترام، والكَوْنُ مع المحبوبين باطنًا وظاهرًا).اﻫ.
وما ذكره الشيخ سليمان غ هو الموالاة التامَّة، التي من صرفها لله ورسوله والمؤمنين كان مؤمنًا تامَّ الإيمان، ومن صرفها للمشركين كان مشركًا مثلهم.
أقسام الموالاة:
وتنقسم الموالاه إلى قسمين: موالاةٌ مكفرة، وموالاةٌ محرمة، لا تخرج من الملَّة.
فالموالاة المكفرة: هي التامَّة التي تكون مشتملة على حبِّ دين الكفار، وحب ظهوره على المسلمين، أو العمل على ذلك، ولها صور:
الصورة الأولى: محبَّةُ الكفار لدينهم في الباطن، مع إظهار العداوة لهم في الظاهر، فهذه موالاة مكفرة، وهي ما كان عليه المنافقون، وهذه من صور التولي المخرج من الملَّة، عند من يفرق بين الموالاة والتَّولي.
الصورة الثانية: محبَّةُ الكفار، والرغبة فيهم وفي دينهم، باطنًا وظاهرًا، فهذا كُفْرٌ صريحٌ، وهذه هي الموالاة التامَّة.
* قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ غ: (وأصل: الموالاة هو: الحبُّ والنصرة والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكل ذنب حظُّه وقسطه من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفي غيره، وإنَّما أُشْكِلَ الأمرُ، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوفٍ من العجم والمولدين؛ الذين لا درايةَ لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السُّنَّة والقرآن).اﻫ.
* وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن غ كما في “الدرر السنية” (11-30-34): (وأمَّا إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكُلُّ هذه الأمور زائدةٌ على الإقامة بين أظهرهم، وكُلُّ عمل من هذه الأعمال، قد توعَّد الله بالعذاب والخلود فيه، وسلب الإيمان، وحلول السَّخَطِ بِهِ، وغير ذلك مما هو مضمون الآيات المحكمات، التي قد تقدمت).اﻫ.
* وقد سئلت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء”(2-71-72)، بسؤالٍ ما نَصُّهُ:
(سؤال: ما هي حدود الموالاة التي يكَفَّرُ صاحبها، وتخرجه من الملَّة حيث نسمع أن من أكل مع المشرك أو جلس معه فهو مشرك؟!
الجواب: موالاة الكفَّار التي يكفَّر بها من والاهم: هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التَّعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام، وبالله التوفيق).اﻫ.
* وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي غ في “أضواء البيان” (2/111): (ويفهم من ظواهر هذه الآيات أنَّ من تولَّى الكفَّار عمدًا واختيارًا رغبةً فيهم، أنه كافرٌ مثلهم).اﻫ.
* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية غ في “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/241 فما بعدها): (وهذا الحديث يعني: حديث: «وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أقَلُّ أحواله أن يقتضي تحريم المشتَبِّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المشتبه بهم، كما في قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ﴾ [المائدة:51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبدالله بن عمر م أنه قال: (مَنْ بَنَى بِأَرْضِ المُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ، حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ).
فقد يُحمَلُ هذا على التشبُّهِ المطلق؛ فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنَّه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرَا أو معصيةً أو شِعَارًا للكفر أو للمعصية، كان حكمه كذلك).اﻫ.
* وقال ابن عثيمين غ لما سُئِلَ عن الموالاة: (وهذه المسألة من أدقِّ المسائل وأخطرها، ولا سيَّما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظنُّ أنَّ أيَّ شيئٍ يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاةٌ لهم، وهو ليس كذلك). اﻫ. “الباب المفتوح” (3/466).
* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): وقد تَحْصُلُ للرجل مودَتُهم لِرَحِمٍ أو حاجةٍ، فتكون ذنْبًا ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافرًا.
- كما حصل لحاطب بن أبي بلعته، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن وأنزل الله فيه: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ﴾ [الممتحنة:1].
- وكما حصل لسعد بن عبادة لمَّا انتصر لابن أبي في قِصَّةِ الإفك، فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله! لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا؛ ولكن احتملته الحمية).اﻫ.
الشبهة الثالثة: التي يدندنون بها في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم، بحجة أنهم أعانوا الكفار على المسلمين
والردُّ على الشُّبْهَةِ من أربعةِ أوجهٍ:
الوجه الأول: لا ينبغي تصديقُ كُل ما يقال، لا سيَّما إن أريد به إيقاع الإثم على المسلم، فضلًا عن إيقاع الكفر، وقد أمرنا الله تعالى بالتثبّيت في خبر الفاسق، لاسيَّما أنَّ الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على: خبرِ كافرٍ أو فاسق أو مجهول، أو على توقعات مدَّعِي السِّياسة، المبنيَّة على القرائن التي تحتملُ الصَّواب والخطأ.
الوجه الثاني: إن من الحكام المراد تكفيرهم بهذا، من ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين، وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأن نفسه، وجب تصديقه؛ حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه.
الوجه الثالث: ليست كلُّ إعانةٍ مكفرةٌ؟ بل في الأمر تفصيل، فمع الاعتراف بكونه معصية لله تعالى، إلَّا أنه لا يكون كفرًا مطلقًا؛ فإنه إن أعانهم لإجل دينهم كفر، وأمَّا إن أعانهم لإجل الدنيا فإنَّه لا يَكْفُرْ، وهذا التَّفصيلُ هو ما دلَّت عليه الأدلَّةُ، وقال به أهل العلم.
الوجه الرابع: أنَّه وعلى سبيل التَّسليم، لو قيل بتكفير كُلِّ معينٍ مطلقًا، أو جَرَى لأحدهما أنه أعان الكفَّار على الوجه المكَفِّر، فليس كُلُّ واقعٍٍ في الكُفْرِ يكونُ كافرًا، فكما أنَّ الإثم قد يختلف، فكذلك الكفر؛ ببيان الآخر بالتثبيت، قال تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [الحجرات:6].
بيان أنه ليست كل إعانةٍ مكفرة:
ووجه دلالة الحديث:
#1$ أنه أعان كفَّار قريش حين كاتبهم بخبر غزو النبي ن لهم.
#2$ ولم يحكم النبي ن بكفره.
#3$ ولم يوافق النبي ن عمر بن الخطاب في تكفيره لحاطب م.
#4$ ورجع عمر ت عن تكفيره وبكى، وقال: (الله ورسوله أعلم).
#5$ ولم يترك النبي ن تكفير حاطب إلَّا لِعُذْرٍ؛ أنَّه: قصد الدنيا بإعانته، حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون له يَدٌ على قريش؛ ليحمي أهله الذين بمكة، وهذه مصلحةٌ دنيويةٌ، وقَبِلَ النَّبِيُّ ن هذا الاعتذار.
#6$ ولا يمكن اعتبار حاطب ت متأولًا؛ لأنَّه لو كان كذلك لقام النبي ن بتعليمه، وإزالةِ الشُّبْهَة عنه، ولكنه لم يقم بذلك.
#7$ ولما لحقه ت إثم؛ لأنَّه لو كان تأول لكان معذورًا، ومن ثَمَّ فليس محتاجًا لفضيلة شهوده بدر، حتى يكفَّر عنه ذلك الإثم.
#8$ ثم إنه ت كان يعلم بخطورة عمله، مما يؤيد نفي التأويل عنه.
#9$ كما لا يمكن اعتبار حاطب ت معفيًّا من التكفير، على اعتبار أنَّه من أهل بدر، لأنَّه لو حذَّر من الكفر؛ لقضى الكفر على فضيلة حضور بدر وأحبطها، ومن ثَمَّ فلا يمكن أن يشفع له عملٌ حابطٌ، كيف وقد أخبر الله تعالى بأن الشِّرك محبطٌ للنبوَّة والرسالةِ، وهما أعظم من بدرجة حاطب ت حين قال: ﴿ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾[الزمر:65].
* قال ابن تيمية غ كما في “الفتاوى” (7/522): (وقد تحصل موادتهم لرحم أو لحاجة، فتكون ذنب ينقص به إيمانُهُ، ولا يكون به كافرًا: كما حصل لحاطب بن أبي بلعتة، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي ن).اﻫ.
بيان ضابط الاعانة المكفرة:
لما أعان حاطب ت كفَّار قريش سأله النَّبِيُّ ن بقوله: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟...».
وعليه؛ فإنَّ الواجب على من أراد الحكم في مثل هذه المسألة أن يسأل عن الحامل، الباعث، السَّبب، وبناءً على معرفة الباعث، يكون الحكم، فينظر إلى الباعث على الإعانة، ما هو؟ فإن أعانهم لإجل دينهم كفر.
* قال البغوي غ: (﴿ﭟﭠﭡ﴾ فيوافقهم ويعينهم).اﻫ. “تفسيره” (3/68).
* وقال الألوسي غ: (وقيل المراد من قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51]: كافر مثلهم حقيقةً، وحُكِيَ عن ابن عباس م، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهودًا ونصارى).اﻫ “تفسيره” (3/157).
* وقال عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمهم الله: (وأما قوله: ﴿ﭟﭠﭡ﴾. وقوله: ﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ﴾ [المجادلة:٢٢]. وقوله: ﴿ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ﴾ [المائدة:57]: فقد فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصلُ الموالاة: هو الحُبُّ والنُّصرة والصَّداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكُلِّ ذنب حَظُّهُ وقِسْطُهُ من الوعيد والذَّم، وهذا عند السَّلف الراسخين في العلم، من الصحابة والتابعين، معروف في هذا الباب وغيره).اﻫ. “الرسائل والمسائل النجدية” (3/10)، “الدرر السنية” (1/474).
* وقال الشيخ ابن عثيمين غ: (هو منهم في الظَّاهر بلا شكٍّ؛ بسبب المعاونة والمناصرة، ولكن هل يكون منهم في الباطن، نقول: يمكن أن تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدي الى المحبَّة في الباطن، ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم).اﻫ. عند تفسير قوله تعالى: ﴿ﭟﭠﭡﭢﭣ﴾ [المائدة:51].
أمَّا إن أعانهم لأجل الدنيا فإنَّه لا يكفر: مع كونه إثمًا عظيمًا.
هذا يستفاد من حديث حاطب ت، حينما اعتذر بإرادته مصلحةً دنيويةً، وقَبِلَ النبي ن عُذْرَهُ ذاك، ولم يحكم عليه بالكفر.
* قال ابن كثير غ: (قَبِلَ رسول الله ن عُذْرَ حاطبٍ لمـَّا ذكر أنَّه إنَّما فعل ذلك مصانعةً لقريش؛ لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد).اﻫ. “تفسيره” (4/410).
وهذا بيانٌ أنَّهُ ليس كُلُّ من وقع في الكفر يكون كافرًا.
والخلاصة: أن يقال: إن تضمنت محبَّةَ الكفَّار النُّصْرَة لهم، يكون ذلك كُفرًا، أمَّا إذا لم تكن هناك نُصْرَةٌ فهذه معصيةٌ، والله أعلم.
الشبهة الرابعة: في تكفيرهم للحكام والخروج عليهم بحجة أنهم أماتوا الجهاد؟
الردُّ على هذه الشبهة: قد بُيِّنَتْ في أكثر من موضع: أنه لا يجوز الإقدام على التَّكفير بلا برهانٍ، وأنه لا يجوز تكفير المسلم إلا بيقينٍ يُزِيلُ اليقينَ الَّذي دخل به الإسلام.
وهذا اليقينُ أعني به أن يثبت عندنا أمران:
أحدهما: متعلقٌ بالفعل.
والآخر: متعلقٌ بالفاعل.
فالمتعلقُ بالفعل: هو أن يثبت لدينا بالدَّليل الصَّحِيحِ الصَّرِيح: أنَّ هذا الأمرَ كُفْرٌ.
والمتعلق بالفاعل: هو أن يكون الواقعُ فيه ممن توفَّرت فيه شروطُ التكفير، وانتفت عنه موانعه.
ولا يَصْلُحُ تكفيرُ المسلم بالأمور المحتملَةُ للكُفْرِ، ولما هو دون الكفر، بل لابد من وجود اليقين، وعليه فإنه يقال: إماتة الحكام للجهاد الشرعي كلمةً مجملةً، تحتاج إلى تفصيلٍ كاشفٍ عن المراد بها؛ حيث أنها تحتمل معنيين بينهما في الحكم، كما بين السماء والأرض.
فهل المراد: أن الحكام أنكروا شرعيَّةَ الجهاد في الإسلام؟
أو المراد: أنَّهم تركوا القيام به مع الاعتراف بشرعيته؟
فإنَّ الأوَّل: كُفْرٌ بلا ريب.
وأما الثاني: فله حالتان:
1- فمن تركَهُ وهو غيرُ قادر: فهو معذورٌ شرعًا.
2- ومن تركَهُ وهو قادرٌ: فهو مقَصِّرٌ، غير معذور، ولكنَّهُ لا يُكَفَّر.
خلاصة الأمر: أنَّ الحاكم التَّارك للجهاد أحدُ رجلين؟
1- رجلٌ غيرُ قادر: فهو معذورٌ.
2- ورجلٌ مقصِّرٌ عاصٍٍ ليس بكافر.
ومعلومٌ أنَّهُ لا يجوز الخروجُ على الحاكم بالمعصية التي دون الكفر.
وكذلك لا يخفاك أخي المسلم، ما تعانيه الأمَّةُ الآن؛ من ضعفٍ شديدٍ بل ومن تسلُّطٍ شديدٍ من أعداء الإسلام.
أقول: وأمَّا من ثبت عليه بعينه إنكار مشروعيَّةِ الجهاد في الإسلام، فإنَّهُ يكفر متى توفَّرت في حقَّهِ شروطُ تكفير المعين.
بيان خطر التكفير بدعوى تعطيل الجهاد
* قال الشيخ صالح الفوزان ‡ جوابًا على:
سؤال: (هناك من يقول: إنَّ ولاة الأمور والعلماء في هذه البلاد قد عطَّلُوا الجهاد، وهذا كُفْرٌ بالله، فما هو رأيكم في كلامه؟
الجواب: هذا كَلَامُ جَاهِلٍ، يَدُلُّ على أنَّهُ ما عنده بصيرةٌ ولا علمٌ، وأنه يُكَفِّرُ النَّاسَ، وهذا رَأْيُ الخوارجِ، هم يَدُورُونَ على رأي الخوارج والمعتزلة،... نسأل الله العافية).اﻫ. “الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية” (ص110) ط. الأولى.
بيان عـــدم الحرج في ترك الجهاد حال العجز
واشتراط القدرة في جهادي الطلب والدفع:
* قال الشيخ ابن عثيمين غ عن الجهاد في البوسنة والهرسك:
(ولكن أنا لا أدري، هل الحكومات الإسلامية عاجزةٌ أم ماذا؟ إن كانت عاجزةٌ فالله يعذُرُهَا، والله يقول: ﴿ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ﴾ [التوبة:91].
فإذا كان ولاةُ الأمور في الدُّوَلِ الإسلاميَّة قد نصحوا لله ورسوله، لكنَّهُم عاجزون، فالله قد عذرهم).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/284).
* وقال غ عن الجهاد: (إذا كان فرضَ كفايةٍ أو فرضَ عينٍ، فلابد له من شروطٍ من أهمِّهَا: القدرة، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرةٌ؛ فإنَّهُ لا يُلقِي بنفسه إلى التَّهلكة، وقد قال الله تعالى: ﴿ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ﴾ [البقرة:195]).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/420).
بيان أنَّ الأمـــة الآن في ضعف يوجب عليها عدم استعجال الجهاد:
* قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين غ في “شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام” الشَّريط الأول الوجه (أ):
(لو قال لنا قائلٌ الآن: لماذا لا نحاربُ أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟
لماذا، لعدم القدرة؛ الأسْلِحَةُ الَّتي قد ذهب عصرُهَا عندَهُم هِيَ الَّتي في أيدينا، وهي عند أسلحَتِهِمْ بمنزلَةِ سكاكين الموقد عند الصواريخ؛ ما تُفِيدُ شيئًا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤٰلاء؟!
ولهذا أقول: أنه من الحُمْقِ أن يقول قائل: أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا، كيف نقاتل؟ هذا تَأْبَاهُ حكمةُ الله ﻷ ويَأْبَاهُ شَرْعُهُ، لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به ﻷ: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾ [الأنفال:٦٠] هذا الواجب علينا أن نَعُدَّ لهم ما استطعنا من قوة، وأَهَمُّ قوةٍ الإيمان والتَّقوى).اﻫ.
* وقال غ: (فالقتال واجبٌ، ولكنَّهُ كَغَيْرِهِ من الواجبات؛ لابد من القدرة والأمة الإسلامية اليومَ عاجزةٌ، لا شكَّ عاجزةٌ ليس عندها قوةً معنويةً، ولا قُوَّةً ماديةً، إذًا يسقط بعدم القدرة عليه: ﴿ﮧﮨﮩﮪ﴾ [التغابن: 16]. وقال تعالى: ﴿ﭔﭕﭖ﴾ [البقرة:216]).اﻫ. “شرح رياض الصالحين” (3/375) أوَّل كتاب الجهاد. ط المصرية.
* وقال غ: (لكن الآن ليس بأيدي المسلمين، ما يستطيعون به جهاد الكفَّار، حتَّى ولا جهاد مدافعة).اﻫ. “الباب المفتوح” (2/261) “لقاء(33) سؤال (977).
يستفاد من كلامه غ: اشتراطه القدرة في جهاد الدَّفع.
* وقال غ: (إنه في عَصْرِنَا الحاضر، يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسَّيف ونحوه؛ لضَعْفِ المسلمين ماديًّا ومعنويًّا، وعدم إتيانهم بأسباب النَّصْرِ الحقيقية، ولإجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يَبْقَ إلَّا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة).اﻫ. “الفتاوى” (18/388).
بعض المخالفات المنهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد
* (تعميم القول بفرضية الجهاد.
* تعطيل استمرار مصالح الأمم.
* غلبة التأثير بالعاطفة في منهجية التَّحريض.
* التَّوسع في بناء الأحكام على فتوى تَتَرُّس الكفار بالمسلمين.
* الخوض في المسائل الدقيقة.
* تكفير الناس دون مراعاة الشروط وانتفاء الموانع.
* الطعن في العلماء).اﻫ. بتصرف من كتاب “مخالفات منهجية في طريق الدعوة إلى الجهاد” للعزَّاوي.
الشبهة الخامسة: الاحتجاج على تكفير الحكام والخروج عليهم بانتشار المعاصي
مثل: الربا، والخمر، وبيوت الدعارة، والفواحش المنتشرة في البلاد، والسُيَّاح، والكنائس، والمراقص، ودعاةُ الشَّر،...،... وغيرها من المعاصي.
الجوابعلى هذه الشُّبهة: أن هذه المعاصي تُعَدُّ من الكبائر، فلا يُكَفَّرُ بها إلَّا إذا استحلَّها استحلالًا اعتقاديًّا، ولا يعرف أنه استحلَّها إلَّا إذا نَطَقَ بذلك.
ونضرب مثلاً في هذه المعاصي، مثل الأول: وهو الرِّبَا، هذا الفعل وإن كان ذنبًا إلَّا أنَّهُ لا يصلُ إلى حَدِّ الكفر، لم يجز الخروج على الحكام لإجل هذا، بل الواجب الدعاء لهم ونصحهم ودعوتهم بالتي هي أحسن.
واعلم وفقك الله، أن هناك من يكفِّر بهذه البنوك مدعيًا أنَّ حمايةَ هذه البنوك قرينة على الاستحلال، ومن ثَمَّ فإنَّ الحاكم يكفَّرُ بذلك؟
وجوابًا على هذه الدعوى يقال:
لا يعرف الاستحلال إلَّا من التَّصريح، فليس الإصرار على الذنب ولا حمايته ولا الدعوى إليه دليلًا على استحلاله، ولا يقول هذا إلَّا من فتن بحبِّ التَّكفير المذموم، وتجرأ عليه ولم يعرف العلم، وإلَّا: لو كان كذلك:
لكفَّرنا المصرَّ على شُرْبِ الخمر مثلًا!!
ولكفَّرنا الأب الذي يحمي أجهزة الإفساد من اعتداء أحد أبنائه عليها!!
ولكفَّرنا كلَّ صديق سوء يدعو إلى المعصية ويزينها!!
فليكفر أولئك المتعجلون آبائهم وإخوانهم وذويهم، إن كانوا يلتزمون ما يقولون، وإلَّا فليعوا خطورة الأمر، ولينتهوا عمَّا هم عليه، إذًا:
فالتمكين من الرِّبَا لا يكفر وأنَّ الاستحلال لا يستفاد من الفعل المجرد
* قال ابن عثيمين غ جوابًا على:
(سؤال: ما هو ضابط الاستحلال الذي يُكَفَّرُ به العبد؟
قال: الاستحلال هو أن يعتقد حِلَّ ما حرمه الله،... وأمَّا الاستحلال الفعلي فينظر: لو أن الإنسان تعامل بالرِّبا لا يعتقد أنه حلال لكنه يُصِرُّ عليه، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يستحله، ولكن لو قال: إن الربا حلال! ويعني بذلك: الربا الذي حرمه الله؛ فإنه يكفَّر؛ لأنَّهُ مُكَذِّبٌ لله ورسوله).اﻫ. “الباب المفتوح” (3/97) لقاء (50) سؤال (1198).
فهذا مثلٌ في الربا وغيره من المعاصي، مثله وعلى هذا الاعتقاد، والله أعلم.
* وقال معالي الشيخ صالح بن فوزان ‡ في “تعليقه على الطحاوية”:
(الذنب إذا لم يكن كفرًا أو شركًا مخرجًا من الملَّة؛ فإنَّنا لا نكفر به المسلم بل نعتقد أنَّهُ مؤمن ناقصُ الإيمان، مُعَرَّضٌ للوعيد، وتحت المَشِيئَةِ، هذه عقيدة المسلم، ما لم يستحله، فإذا استحلَّ ما حرَّم الله فإنَّهُ يكفَّر كما لو استحل: الرِّبا، أو الخمر، أو الميتة، أو لحم الخنزير، أو الزِّنا. إذا استحلَّ ما حرم الله كَفَرَ بالله، وكذلك العكس: لو حرَّم ما أحل الله كفر: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ﴾ [التوبة:31] وجاء تفسير الآية بأنَّهم أحلُّوا لهمُ الحرام وحرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فعن عَدِيِّ بن حاتم ت قال: أتيت النبي ن، وفي عُنُقِي صَلِيبٌ من ذهب، فقال: «يَا عَدِي، اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ». وسمعته يقرأ في سورة براءة: ﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ﴾ [التوبة:31]. قال ن: «أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ». أخرجه الترمذي رقم (3095).
أمَّا لو فعل الذَّنب وهو لم يستحله، بل يعترف أنَّهُ حرام، فهذا لا يُكَفَّر، ولو كان الذَّنبُ كبيرَةٌ دُوْنَ الشِّرْكِ والكفر، لكنَّهُ يكون مؤمِنًا ناقصَ الإيمان، أو فاسقًا بكبيرته مؤمنًا بإيمانه).اﻫ.
* وقد سئل الشيخ صالح اللحيدان ‡: (هناك بعض الشباب يحكمون بكفر الحاكم، ويحتجُّون بوجود منكرات ظاهرة وباستمرار، ويزعمون أن هذا يدلُّ على استحلالها، فهل هؤٰلاء على صواب؟
فأجاب ‡: الاستحلال من أعمال القلوب، وليس كُلُّ مرتكب معصيةً مستحلًا لها، فإن الزِّنَا وُجِدَ في عهد النبي ن، السَّرِقَة وُجِدَت في عَهْدِه ن، شُرْبُ الخمر وُجِدَ في عَهْدِهِ، وشارب الخمر قال عنه النبي ن: «إِنَّهُ يُحِبُ اللهَ وَرَسُولَهُ». والحديث أخرجه البخاري (8/327رقم6780) من حديث عمر بن الخطاب ت.
وكثرة ارتكاب الذنب لا يدُلُّ على استحلال، فلا يحل للإنسان أن يدَّعي أنه يعلم ما في القلوب، وهؤٰلاء إنَّما يُؤْتَونَ من جهلهم وعدم بصيرتهم.
ولعل الغيرة مع ضعف البصيرة جعلتهم يجنحون هذه الجَنَحَات، وهذا ظُلْمٌ لأنفسهم، وظُلْمٌ لمن يكفرونه، ومذهب أهل السنة والجماعة ألَّا يكفر إنسان بذنب، إلَّا إذا كان الذنب لا يرتكبه إلَّا كافر، ولا يرتكبه مسلم على الإطلاق.
فإنَّ من يَشْرَب ويَشْرَب لم يكفرهُ الصَّحابة ي ولم يُكَفِّرْهُ الرسول ن، ولما جاء ذكر الشراب المتكرر ما قال النبي ن: إنه كفر الكفر المخرج من الملَّة.
ولكن هكذا؛ كلما أحسن الإنسان الظَنَّ في نفسه، وبدا له أنه صار رجل الدنيا، وواحدها يغتر بنفسه، ويعطيها حكم المفتي والقاضي والحاكم والموجه الذي يصدر الناس عن أمره وهذا من جهله بنفسه).اﻫ. من “العلاقة بين الحاكم والمحكوم” (ب).
تبيَّن ممَّا سبق أنَّ الذُّنوب وإن عظمت ما لم تكن شركًا، فإنها لا تخرج من الإسلام، ولا تُبَرِّرُ الخروج عن الحاكم المسلم، كما يفعله الخوارج.
* قال العلامة عبدا لعزيز ابن باز غ: (هذه الدولة بحمد الله، لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنَّما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان).اﻫ. “مجموع الفتاوى والمقالات” (4/89- 97).
الشبهة السادسة: احتجاجهم على تكفير الحكام والخروج عليهم بشبهة الشرع المبدل
يقولون: بمجرد أن يضع الحاكم قوانين ودساتير فقد بدَّل الحكم.
الجواب: على هذه الشبهة باختصار: أن تبديل الحكم كما في الآية عند قوله تعالى: ﴿ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ﴾ [البقرة:79].
فضابط التبديل في الآية: أن يأتي بحُكْمٍ وشَرْعٍ من عند نفسه، ثم يقول: هذا من عند الله.
يراجع: “أحكام القرآن لابن العربي” (2/625)، و“مجموع الفتاوى” (3/268/(11/507).===========================لماذا أُسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟ .<br><br>مقالة رائعة للأخ الفاضل / همام أبو .<br><br><br>لماذا أُسِسَت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟.<br><br>حقائق و وقائع من تاريخ المؤامرة.<br><br> توطئة موجزة : <br><br>كثير من الناس إذا سألتهم عن الأهداف التي لأجلها أسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، تسرعوا وساقوا لك العشرات من الأجوبة ، أكثرها بعيد عن عين الصواب ، وأقلها قريب من دائرة الحقيقة .<br><br>وجواب الأغلبية قد يعرفه السواد الأعظم ، ألا وهو الدعوة إلى الله – على فرض جواز ذلك-<br>لكن الحق هذا القول ، هو قول من يحسن الظن بهؤلاء الذين شَهِدَهُم يذرفون الدموع - على مجد الإسلام الضائع والعز البائد والتاريخ الحافل للأسلاف – في المسيرات والمظاهرات <br>والتجمعات و المحاضرات- في خطة محكمة لإثارة عواطف العوام الجياشة وتهيأتهم للمستقبل القريب ….<br><br>في الحقيقة إن فكرة تأسيس حزب يدعو إلى تحكيم الشرع – ظاهراً – تم طبخها في مخابر ودهاليز الحركة الشيوعية العلمانية ، فلما نضجت … أُخرجت للتطبيق الميداني .<br><br>ثم سُلمت لأصحاب التنفيذ – من التيار الشيوعي – الذين إخترقوا هياكل الدولة و أجهزتها ، وأصبحوا هم أهل الحل و العقد – كما يفعل الآن القطبية في السعودية في تغلغلهم الدقيق في مراكز التنفيذ . فهم يتتلمذون على كتبهم ثم يصبغون خططهم بصبغة شرعية ، زعموا - <br><br> أخي القارئ قد تستغرب هذا ، لكن إذا تمكن منك الحق زال عنك كل وسوا س . فالحق مــر كما يقال .<br><br> إطلالة تاريخية :<br><br>في الفترة الممتدة بين 1974-1989 للميلاد ، ما يوافق 1394-1409 للهجرة النبوية ، عرفت الجزائر رجوعا قويا للناس إلى دينهم - فالتزموا منهج السلف الصالح وأحيوا جهد جمعية العلماء الجزائريين الأولى ، على عهد ابن باديس و الإبراهيمي - وساروا مطمئنين مع الدعوة السلفية التي وجدوا فطرتهم في أهدافها.<br><br>فبرزت آثار الدعوة في شتى القطاعات …عندها دُهش التيار العلماني الشيوعي لهذا الإكتساح و الإنتشار….فماذا كان ، وماذا فعلوا ؟؟؟؟ . <br><br>نعم ، جمعوا كيدهم وحشدوا مكرهم ، وخططوا بالليل والنهار ، واستعانوا بدعاة الضلال - من أمثال الشعراوي و الغزالي و القرضاوي – كما سهَّلُوا دخول أفرادٍ من الهجرة و التكفير المصرية ، والإخوان المفلسين لنشر عقائد الخوارج .<br><br>كما نشروا كتب سيد قطب والمودودي وباقر الصدر ، وغيرهم ..<br><br>وأحيوا الطرق والزوايا وبعثوا الصوفية من قبرها ، ودعموا الحركات السرية سليلة الخوارج و أرسلوا الشباب إلى أفغانســــــتان . كما ساعدوا الجزأرة على السيطرة على المساجد – بالقوة - . وأقاموا الملتقيات – الإسلامية –الفكرية التي يحضر فيها كل منظرٍ لسبيل ضال ، إلا سبيل أهل الحق.<br><br>وهذا الحشد في ظاهره غريب، لكن من أجل التشويش إلى الدعوة السلفية ، ثم ضربها ووقف تقدمها تتلاشى الغرابة ويحل محلها الجد والتدبر وعدم التسرع ؟؟؟<br><br>مع كل هذا الكيد ، يأبى الله تعالى إلا أن تتقدم هذه الدعوة المباركة.<br><br>…. فبدأ يدب إليهم اليأس …. وقبل الإستسلام له …<br><br>أوحى إليهم الشيطان بفكرة خبيثة سَبَئِيَةٌ، ألا وهي فتح المجال للأحزاب السياسية ، بعد أن كان هذا الأمر من المستحيلات في العقيدة الشيوعية - كما قرره مؤسسوا هذا الفكر، فهل نسميه خيانة للعقيدة الماركسية ؟؟ - .<br><br>لكن كل شيئ يهون أمام صد الناس عن العودة إلى فطرتهم ؟؟؟؟<br><br>ثم أوعزوا لبعض المنتسبين إلى النشاط السري – ممن أدخلوهم السجون سابقاً – بفكرة تأسيس حزب ( إسلامي ) سياسي .<br><br>ففرح ( الإسلاميون ) فرحا لا نظير له ، وظنوا أنهم انتصروا وجاء يوم الحصاد ، وما نالوا هذا الفتح إلا بجهادهم الطويل - الذي أدخلهم السجن لمرات عديدة –<br><br>ونظرا لثورية ( أصحابنا ) ، لم يتفطنوا للفخ الذي وقعوا فيه – وهذا حال كل متعالم –<br>فهرولوا في كل الاتجاهات وحشدوا العوام حولهم بخطابهم الثوري –وليس فيهم طالب علم سلفي قوي ، كما أن الخوارج لم يكن معهم صحابي واحد - ، وأقاموا الدنيا و زلزلوا الأرض ، و ظنوا أنهم جلسوا على كرسي الخلافة ؟؟؟ . <br><br>فأصبح الحدَّاد والخضار و البناء في مجالِسهم الشرعية ، هم أهل الإصلاح والفتوى – مع أنهم ما جلسوا يوما في حلقة علم ؟؟ –<br><br>فتم للشيوعيين خطتهم بتمامها وكمالها ، حيث :<br><br> ــ عطلوا مسيرة الدعوة إلى توحيد الله ، والعودة إلى الكتاب و السنة على منهج السلف الصالح .<br><br>ــ أنقذوا التيار العلماني البربري الشيوعي ، و أعادوا له الحياة من جديد ، بعد أن كان على شبر من الإندثار و الزوال والفناء .<br><br>وما كانوا ليفعلوا ذلك لو لم يؤسسوا الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ؟؟؟؟؟؟ <br><br>وإشارة إلى كل ما سبق ، قال رئيس الحكومة السابق عبد السلام بلعيد - الناقم على النظام الحاكم اليوم ، لأنهم أخرجوه من سرايا الحكم ؟؟ - : ( وأؤكد أن " جبهة الإنقاذ " أنقذت النظام ) ـــ ( في حوار مع جريدة جزائرية " الخبر الأسبوعي " التي كانت تنجز في بداية انطلاقها في مقرات جريدة المنقذ – لسان حال الجبهة الإسلامية للإنقاذ - ؟؟ ، وهي الآن في خندق التيار العلماني البربري ) ـــ .<br><br>يعني النظام الشيوعي – الذي أرعبته الدعوة إلى الله على منهج الأنبياء – الذي حكم البلاد في تلك الفترة ، أعانته – أي الجبهة – على ردم الإسلام وتغييبه لفترة أخرى - كما فعلوا ذلك مع جمعية المسلمين الجزائريين بعد الإستقلال .<br><br>واسألوا الشيخ الفاضل عبد الملك رمضاني لمزيد من التفاصيل في هذا الموضوع ، وخاصة أصحاب فقه الوقوع ، عفواً الواقع ؟؟ لمن هو في الريب و الوسواس واقع ، والله المستعان .<br><br>في الحلقات القادمة إن شاء الله ، سأكمل لكم حقائق أخرى عن هؤلاء القوم ..<br>أخوكم …………….السلفي الجزائري<br><br>والسلام عليكم .<br><br><br>
[/quote]
السلام عليكم,
تحليلك هذا الذي تقدمت به ; أن الحركة الشيوعية العلمانية هي التي كانت سبب في إنشاء حزب الإنقاذ!!, من قال بهذا التحليل في الجزائر ? لم نسمعه لا من رجال السياسة و لا من الدعاة في الجزائر!!وهم أعلم بالواقع من غيرهم, إعلم وفقني الله و إياك أن الجبهة كانت فكرة بعض ممن يسمون أنفسهم بالسلفيين زعموا!! وهم; علي بن حاج و عباس مدني,محمد كرار, الهاشمي سحنوني,و سعيد قشي, هؤلاء الخمسة هم من أسسوا حزب الإنقاذ, في مسجد السنة في باب الواد بعد إقرار التعددية الحزبية في دستور فبراير 1989
وكانت بعض الحركات الإسلامية لم تشارك و لم توافق على تأسيس الجبهة, منها حركة الإخوان بزعامة نحناح و بوسليماني. لم يمتنعوا بسبب شرعي, أي , أن الحزبية ليست من الإسلام, بل إمتنعوا بسبب خظوعهم لتنظيم العالمي للإخوان المسلمين التابعين لمصر, وإذا تقيدوا بحزب يخالفهم في أفكارهم كالإنقاذ, فيقعون في خلاف شديد مع قادتهم. و ممن إمتنع كذالك جاب الله صاحب حزب النهظة, وهو من الإخوان كذالك. أما المترددون هم أصحاب الجزأرة و على رأسهم محمد السعيد و عبد الرزاق رجام وبعد أخذ و رد مع قادة الجبهة وافقوا. و الطرف الثالث اللذي إمتنع عن تأسيس الجبهة هم الأفغان (الجزائريون العائدون من حرب أفغانستان) و أصحاب الهجرة و التكفير (تكفيريين مصر من أتباع سيد قطب) بحجة أن الحزبية ليست من الإسلام وهي من الوسائل المحرمة. و غايتهم في ذالك التغير بالسيف أي لا حوار و لا سياسة مع الطاغوت, وكانوا أول ممن إنتقلوا إلى العمل لمسلح, و قبل إلغاء الإنتخابات التشريعية, و هم من قاموا بعملية قمار.و هم الخوارج الحقيقيون اللذين يكفرون بالمعصية,

أم الطرف الرابع اللذي لم يوافق على التأسيس وكان يعتقد و لايزال كذالك أن الحزبية ليست من الإسلام, هم السلفيون وقد رمتهم الفرق المتحمسة لإنشاء الحزب بالمتخاذلين و الجبناء, وكان عددهم -أي السلفيين -قليل جدا, أي المنهج السلفي الحق كان غريب عنا إلا من رحم الله, حتى كنا نسمع أيام التسعينات أن الشيخ الألباني يزكي الجبهة ووو, لم تكن إنترنت و هاتف نقال كاليوم,, وأتذكر جيدا أن شيخ سلفي في ولاية بلعباس كان يحذر من الجبهة فقتلوه أصحاب حماة الدعوة السلفية!! بزعامة التكفيري قادة بن شيحة. و الله كنا حقا في حيرة من أمرنا لا علماء نلجأ إليهم و لا إتصال بيننا و بينهم بسبب عدم توفر الوسائل, و تشويه صمعة علماء السعودية بسبب إستعانتهم بالكافر في حرب الخليج الأولى, وكنا نخشى حتى الذهاب إلى المساجد أما لباس القميص كان مستحيل لبسه, و اليوم الحمد لله اللذي فتح علينا باب العلم و الأمن,=========================ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏=================================ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏3‏ أشخاص‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏2‏ شخصان‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏3‏ أشخاص‏، ‏‏أشخاص يقفون‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏حشد‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.لا يتوفر نص بديل تلقائي.لا يتوفر نص بديل تلقائي.لا يتوفر نص بديل تلقائي.لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏3‏ أشخاص‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏=======================================================================ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق