الخميس، 19 يناير 2017

لرد على الخوارج جبهة النصرة وداعش=الجهاد في سوريا و حقيقة جبهة النصرة
==ا فتواكُم في ما يحصُل في الشّام، وهل يُعَدُّ جهادًا شرعيًّا؟ وهل يُعَدُّ القتال مع الجيش الحُرّ تحتَ رايَة؟الجواب:قد تكلّمنا في هذا كثيرًا، وبهذه المُناسبَة أهل الأهواء يطعَنُون في أهل السُّنّة حينَمَا تكلّموا في أوّل الأمر وقالوا لا تُقاتِلُوا (انقطاع قليل من المصدر) حتّى لا تُرَاق دماؤُهُم وتُستحلّ محارمهم كما ترَوْنَ وتسمَعُونَ الآن! تُنتَهك الأعراض، وتُسفَك الدِّماء، ويُهجّر النّاس، ويُهلَك الحَرْث والنّسل، هذه الطّائفة أكفر من اليهود والنّصارى؛ هذا مُتقرِّر، فحينما قُلنا لهم: لا تفعلوا لا تُجيبُوا من قال هذا؛ قالوا: هؤلاء يقفون مع بشّار! مع نظام بشّار! فيه عاقل يقف مع النُّصيريّة؟!! يعرف ما معنى النُّصيريّة يقف معها؟!! الوقوف مع الكافر ومظاهرته على أهل الإيمان والإسلام رِدّة عن دين الله تبارك وتعالى، ولكن أهل الباطل لو جئت لهم بألف مُؤذّن يُؤذِّن بمثل هذا الكلام لا يردعُهُم عن افترائهم الكذب على أهل السُّنّة والإيمان. أما وقد وقع الأمر ففي الحقيقة أنا لا أرى رايةً شرعيّة، وأنا أسألُكُم؛ النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- سُئِل عن الرّجل يُقاتِل حميّة والرّجل يُقاتِل شجاعةً والرّجُل يُقاتِل للمغنم؛ النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- أعرض عن هذا كُلِّه وأجاب جواب الحكيم قال:(من قاتل لِتكون كلمةُ الله هي العُلْيَا فَهُو في سبيل الله) فهل الجيش الحُرّ يُقاتِل لتكون كلمةُ الله هي العُلْيَا؟ نحنُ نسأل؟ فإذا كان كذلك فَلْيَرْفَعُوا الرّاية، والذي سمعناهُ نحنُ ورأينَاهُ أنّه على خلاف ذلك، ولهذا جميع التّيّارات تحته العلمانيّون واللّيبيراليّون والدِّيمقراطيّون والقوميّون والشّعوبيّون بل وبعض من يُسمّونهم بالعلويِّين وهُم النُّصيريّة من طائفة هذا الحاكم الحالي انضمّوا معه والنّصارى كذلك ويُطالبون بدولةٍ مدنيّةٍ، تعرفون ما معنى مدنيّة؟! إيش يعني؟!لا دينيّة! لا مكان للدِّين فيها! فهل يُقال هذا –يعني- القتال معهم –يعني- في سبيل الله؟!لكن أقول لِمَن ابتُلِيَ أبشر فإنّ الله جلّ وعلا يقول:﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾، فإذا قُوتِلت فقاتل دُون دمك ودون عِرضك ودُون مالِك وقبل ذلك دُونَ دينِك ومن قُتِل في سبيل هذا فهُوَ شهيد.أمّا ما يُتكلّم عليهِ من الرّايات التِي يُزعَم أنّها إسلاميّة! فنحنُ –وللهِ الحمد- لسنا بِعُمْيان ولا بِصُمّ، فنحنُ نرى ونسمَع كما يسمَع هؤلاء المُتكلِّمُون، التّنظيمات التي يُقال عنها في بلاد الشّام أنّها تنظيمات إسلاميّة في القتال هِيَ الظّاهرة على قسمَيْن هذا الظّاهر لنَا:• أمّا القسم الأوّل: فهُمْ طائفة الإخوان، وهؤلاء لا خيرَ فيهم لا في الدِّين ولا في الدُّنيَا، لا للإسلام نصرُوا، ولا لأعدائه كسرُوا، لا أقاموا دينًا، ولا هُمْ أبقَوْا دُنيا، بل سمعتُ بعضَهُم حينمَا تكلّم في الحُكم الذي يُسمّونه بأنّه إسلاميّ في تونس جبهة الإنقاذ، كان قبل أسبوع هناك مؤتمر للعُمّال في بلاد تونس؛ فجاء إلى هذا المؤتمر عددٌ كبير من العُمّال وشخصيّات ومن هؤلاء عدد كبير من النّصارى ومن ضمنهم امرأة نصرانيّة إسبانيّة سمعتها تتحدّث والتّرجمَة فوريّة تقول: إنّها دُهِشَت حينما دخلَت؛ وهذا نقوله للحقيقَة وهُوَ وإن كان مُرًّا إلاّ أنّ السّكوت عليه أمرّ حتّى يعلَم من يسمع وينتهِي إليه هذا الكلام أنّنا نعلَم ما يجري على السّاحَة ونعيشُ معهم كما يعيشون فنرَى ما يرَوْن ونَسْمَع ما يسمَعُونَ، ونذكر –إن شاء الله- الذي لَهُم والذي عليهِم إن وُجِد، وأمّا هُم فلا يذكرون إلاّ الذي لَهُم وهذا حالُ أهل الأهواء منذُ القِدَم، قالت هذه المرأة: أنا دُهشت حينما دخلت إلى تونس ورأيت ما رأيت فيها تعجّبت كيف يكون هذا في بلدٍ يحكُمُه إسلاميّون! فعلّق المعلِّق باسم هذه الطّائفة قال: نعم؛ نحن نحكُم الإسلام الآن يحكُم لكنّنا هُناك فرق بين الحُكم والتّحكّم نحنُ نحكُم ولا نتحكّم! فلذلك رأت الحانات في تونس مفتوحَة -يعني: محلاّت شرب الخمر- هذا هُو الإسلام عند جبهة الإنقاذ! لذلكَ أنهم يحكمون ولكن لا يتحكّمون، فالخمر مفتوحة أبوابه والحانات مفتوحة، فهذه الإسبانيّة رأت ما في تُونِس مثل ما في أوروبا بلاد الكُفر الحانات مفتوحة! فلمّا استغربت هذا كيف شوف أصبحت على كفرها أعلَم بالإسلام من الإسلاميِّين! لأنّها تعلم أنّ الخمر مُحرّم في شريعة الإسلام بل هو في جميعِ الشّرائع، لكن استغربت كيف هذه الجبهَة تحكُم وتزعُم لنفسِهَا أنّها إسلاميّة والحاناتُ مفتوحة! قال: لا؛ نحنُ نحكُم ولا نتحكَّم! ما شاء الله! ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَن المُنكَرِ﴾، أيُّ مُنكرٍ بعد فتحِ الحانات لأُمّ الخبائث! عُقلاَء الجاهليّة ترفّعوا عنهَاوَاهْجُرِ الخَمْرَة إن كُنتَ فتى *** كيفَ يسْعَى في جُنونٍ من عَقل!العاقِل كيف يذهَب إلى الجُنون يُزيل عقله بيدهِ؟! فهذا حالُهُم وفي كُلّ مكان هذا حالُهُم. وفي سوريا صرّح المُتحدِّث الرّسميّ باسمِهِم أنّه لا مانع عندهُم من أن يَحْكُمهُم نصرانيّ أو امرأة! هذا قبل سنَة تقريبًا أو سنة ونصف أوّل قيام الحرب، لا مانع عندهم يحكمهم نصرانيّ أو امرأة! أيُّ إسلامٍ هذا؟!• والقسم الثّاني: تنظيم القاعدة الخوارج، وكانُوا قبل يتستّرون حتّى أمس، فأعلنوا بَيْعتهم لأيمن الظّواهري، أمس أمس أعلنوا بَيْعتهم لأيمن الظّواهري، فماذا يُرجَى من هؤلاء؟!إخوتي: أهل بلاد الشّام قد ابْتُلُوا، ونسأل الله جلّ وعلا أن يُعِينَهُم وأن يَلْطُفَ بهم وأن يَحْقِنَ دماءَهُم وأن يحفظَ أعراضهُم وأن يرُدّهم إلى بلادهم وأن يُعجِّل بهلاكِ عدوّهم وأن يُهيِّئ لَهُم من أمورهم رشدًا وأن يُولِّيَ عليهِم الخيار وأن يَكفِيَهُمُ الأشرار.هذا الوضع هُو في سوريا، ولا يَهُولنَّكُم ولا يغُرّنّكُم الجعجعات التي تسمعونها.نحنُ والله نتمنّى زوال هذا الظّالم اللّيلة قبل غد، ولكن مع هذا نسألُ اللهَ أن يُبدِّلهم خيرًا هذا هُوَ المُهمّ، نسألُ الله جلّ وعلا أن يُبدِّلهم خيرًا وأن يُولِّيَ عليهم من يقوم بأمر دينِ الله تبارك وتعالى، إنّه جوادٌ كريمٌ.أقول هذا الكلام، لأنّ الكلام في هذا الجانب قد كثُر، والافتراء على مشايخ السّلفيِّين قد كثُر، والموعدُ عندَ الله تبارك وتعالى.ولعلّنا نكتفِي بهذا، واللهُ أعلَم.اهـ===========الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهِ وأتباعهِ بإحسانٍ إلى يوم الدين.أما بعد:فهذا السؤال من ليبيا الذي يسأل فيه صاحبهُ عن قضية سِرت وما جرى لهم من قتالٍ مع الدواعِش، أو هذه الطائفة المُسماة بزورًا وبهتانًا بالدولة الإسلامية في العراق والشام والتي أصبح المُختصر لها هذا النحت (داعش)، الدال من الدولة والألف من الإسلامية والعين من العراق والشين من الشأم.هذا السؤال قد كثُر عليَّ في الجوال فإنهم يسألون أولًا عن قتال هذه الطائفة.وثانيًا يسألون عن نجدة إخوانهم من مدن متعددة، يسألون عن نجدة إخوانهم في سرت.وثالثًا: بعضهم يسأل مع من يُقاتِل؟الجواب:فأقول أولًا: إن هذه الطائفة طائفة داعش طائفةٌ خارجية مارِقة، لا أعلم في خوارِج هذا الزمان أضرّ على الإسلام والمسلمين منها، فهي طائفة خارجيةٌ مارِقة لا ينبغي لمسلم أن يغتّر بما يراهُ منهم -من مظهر الإسلام- فهم أبعد ما يكونون عن الإسلام، وأفعالهم يبرأ منها الإسلام، ولا يجوز أن تُنسب إلى الإسلام بل يجب على كل مُسلِمٍ أتاهُ الله علمًا ومعرفةً وتمييزًا لهذه الطائفة، ودراية بحالِها وخبرةً بها أن ينصح للمسلمين، وأن يُحذرهم منها، فإنها طائِفةٌ مفسِدةٌ مجرمةٌ أفسَدت في بلاد المسلمين، أفسَدَت في العراق، وأفسدت في الشام، وأفسدت في مصر، وأفسدت في ليبيا، وأفسدت في تونس، وأفسدت في مالي، وأفسدت في شمال شرق موريتانيا، وأفسدت في جنوبِ الجزائر، وفي جنوبِ شرق الجزائِر، وهكذا في بلاد اليمن تُفسِدُ إلى يومنا هذا، وهكذا عندنا نحن في المملكة العربية السعودية تُفسِد غاية الإفساد.نسأل الله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم، وأن يستأصل شأفتهم، وأن يُظهر أهل الإسلام عليهم فيُذِلوهم ويُهينوهم، نسأل الله جلَّ وعلا أن يُقرَّ أعين المسلمين بهلاكهم وبإذلالهم، وإقصائِهِم عن أُمة الإسلام وإراحة أمة الإسلام منهم. هذا أولًا.وثانيًا: فيما يسأل هؤلاء الإخوان، إخواننا أهل الإسلام في بلادِ ليبيا أو في غيرها:أقول: إذا وردوا على ديارِكم فقاتلوهم، واجعلوا لكم راية تلتفون حولها فتقاتلونهم، فإنهم والله إن استولوا عليكم نكَّلوا بكم غاية التنكيل، هؤلاء لا يقيمون لأهل الإسلام حُرمةً ولا وزنا، والمسلِم عندهم أتفهَ من الذبابة والنملة، وقد رأيتموهم يُحرقون خصومهم بالنار نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك، نعوذ بالله من ذلك.ولكن الذي يُهَّون ويُسلي أهل الإسلام والإيمان ما علموه من الأخبار النبوية الصحيحة التي وردت فيهم وفي أسلافِهِم (أنهم كِلابُ النَّارِ) وإنهم (شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ )، وأنه (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ) يعني الجنة (أو قتلوه) يعني لمن قتلوه الجنة، وقولهِ عليهِ الصلاة والسلام (إنَّ لمن قتلهم لأجرا)، ولذلك كان عليّ -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- هو صاحب الراية في قتالهم يوم النهراوان، هؤلاء الخوارِج أكثرهم (قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ) كما قال صلوات ربي وسلامه عليه.ويكفي أنك لا تجد فيهم أحدًا من علماء الإسلام، ولا تجدهم ينتمون إلى أحدٍ من أهل العلِم في أُمة الإسلام -ولله الحمد-.كما كان أسلافهم في قولِ عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لهم لمَّا جاءَ لِمُناظرتهم، قال (جئتكم من عند أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَما أَرَى فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدًا)، يعني طريقهم غير طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها (وسَتَفْتَرِقُ إِهَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى ثلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ، وأصحابهم رضي الله عنهم الذين قال الله فيهم {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23].الذي قضى نحبه مات على الإسلام والإيمان، والذي ينتظر شَهِد الله له أنهُ لم يُبدل في دينه، هؤلاء الصحابة لم يكن منهم أحدٌ من أصحابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء المذكورين لم يكن منهم أحد في هؤلاء الخوارِج، فكفى بهذا دلالة على عظيم فساد مذهبهن الذي هم عليه، إذ لو كان خيرًا لكان معهم أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ((َأَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي)) يعني صمام أمان ((فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا تُوعَد))، لو كان في هؤلاء خير لكان معهم الصحابة رضي الله عنهم لكن لا خير فيهم، فلم يَكُن فيهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا معهم أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مع علي -رضي الله عنه وأرضاه- في قتالِهِم، والذي لم يشهد قتالهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأسَّف فيما بعد، وتَحَسَّرَ أنهُ فاتهُ قِتالُ هؤلاء الكِلاب كلاب النَّار، تأسف من لم يحضر قتالَهم من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله تعالى عنه.فهؤلاء الآن ترونهم لا وجود لعالمٍ واحدٍ معهم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ليسوا معهم، فكفى بهذا دلالة على فسادِ ما هم عليه.وهكذا قُل مثلهم في جميعِ الشظايا التي تشعبّت عن أم الخوارِج كلها، جماعة الإخوان المُسلمين.فإنها القاعدة الأم لكل هؤلاء فمنهم خرجت هذه الشظايا، تنظيم سيد قطب عام 1965 بالتاريخ النصراني 1385 بالهجري، تنظيم سيد قُطب ومن معه.منهم خرجت جماعة التكفير والهجرة، منهم خرجت جماعة التوقف والتبيُن، منهم خرجت جماعة الجهاد، منهم خرجت الجماعة الإسلامية، جماعة عمر عبد الرحمن ومن معه، منهم خرج هؤلاء جميعًا إلى أن جاءت الأم لهذه الشظايا الجديدة وهي جماعة القاعِدة فمنها خرجت داعِش، فداعش هي الإبن الأقوى والأكبر الآن على الساحة للقاعدة، ويليه جبهة النُصرَة، كُلُّهم من هذه القاعدة، القاعِدة عن الخير، الساعية المُسارعة في الشرّ.فكلُّ هذه الشظايا تعود إلى تنظيم (حسن البنّا) الإخوان المسلمين، وهم كما قال وقلت لكم مراراً الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله رئيس جمعية أنصار السنة المحمَّديَّة في زمانه في مصر: "خوّان المسلمين، خانوا الله سبحانه وتعالى" خانوا أهل الإسلام والآن أنتم ترونَ ثمراتهم.فهذه الطائفة لا أحد معها من أهل العلم، وهكذا هذه الشَّظايا التي ذكرتُها لكم ممن تشعَّبوا عنها، عن جماعة الإخوان المسلمين، فالإخوان المسلمون كلهم تكفيريّون، بلا استثناء، لكنهم يتفاوتون، وربما يغالط بعضهم في هذا الكلام أقول: بيني وبينك كتبُكُم أنتم موجود هذا الكلام فيها، فكُلُّهم أهل تكفير، لكن منهم من يرى المواجهة بالتَّكفير، ومنهم من يرى المواجهة بإضمار التكفير والاستبدال عنه عوضاً بالتَّكثير، تكثير الأتباع ليُضْغَطَ بهم على الحُكَّام، وهذا الذي نحن قريب عهد به، ما تعرفونه في مظاهرات خُوَّان المسلمين التي كانت في مصر من سنتين تقريباً، واتجاههم إلى ميدان التَّحرير، وإرهاب النَّاس بهذه القوة حتى يُظْهِروا أن القوة والكثرة معهم، فالخط البنّائي بدأ هكذا في آونته الثانية، في مرحلته الثانية بعد ما كُشِف وقُتِل حسن البنّا، وجاء كتاب (دُعاةٌ لا قُضاة) فصاروا ينْحَوْنَ منحى التَكْثير -يعني توسيع- القاعدة في المجتمع بتكثير الأتباع ليُضْغط به بعد ذلك على الحكومات ليَصِلوا إلى ما أرادوا.أمّا القُطْبِيّون فلا، اتجهوا مباشرةً إلى التَّكفير باختصار، وابحثوا ما شئتم في كتب الإخوان المسلمين -خُوَّان المسلمين- لن تجدوا غير هذين المذهبين انطلقوا منهما.وفي الآونة الأخيرة ظهر مذهب التكفير أكثر وأكثر وهو مذهب سيد قطب ولم يُكْتَب لهذا المذهب الخبيث من الانتشار في بلد كما كُتِب له في المملكة العربية السعودية وللأسف، وكانوا يستغلُّون من الناس هنا في هذه البلاد حبَّ التوحيد والكلام على الشِّرك، والتحذير من الشرك، فجاؤونا بتوحيد الحاكمية، وشرك الحاكميَّة الذي يقولونه، وجعلوه توحيداً مستقلاً، كانوا يدندنون على التوحيد التوحيد التوحيد ويقصدون به هذا الذي يريدونه وهو تكفير المسلمين- ووالله الذي لا إله غيره- لقد سمعت أذناي قبل ما يقارب الأربعين سنة ستة وثلاثين عام أو يزيد بل أكثر من ذلك وهم يقولون إنَّ كتاب (معالم في الطريق) هذا تلخيصٌ لكتاب (التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، كُلُّهُ تكفير، وأنا أقول معالمٌ لي طريق التّكفير، ونُسختي أنا ونُسختي أنا الأولى التي قرأتُها موزَّعَة علينا من الرِّئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والختم الأزرق عليها! -يزعل من يزعل- أنا أعتذر لهم؛ ما يعرفون هذه الكتب ولا قرأوها ومشايخنا أنفسهم ذكروا هذا، لكن الذين تحتهم مسكوا هذه الكتب كانوا يغُشُّون أمَّةَ الإسلام، حرَكِيّون توظَّفوا في هذه المحلات ويشترون هذه الكتب ويُوَزِّعونها.الشّاهد هذه الطائفة هي أم هذه الطوائف كلّها طائفة الإخوان المسلمين، وطائفة القاعدة هي أم هذه الشظايا الجديدة التي هي داعش والنُّصْرة وقل ما شئت.نعود بعد ذلك إلى داعش فنقول إنَّ هذه الطائفة يكفي بياناً لظلالها أنه ليس معها أحدٌ من علماء الإسلام، وهذا في حدِّ ذاته كافٍ، لو كانوا على خير لكانوا في درب العلماء، ومع علماء السُّنة والتوحيد وعلماء الإسلام والسُّنة، ولما استقلوا بأنفُسِهم، بل كشفهم الله جلَّ وعلا في هذه الأحداث.فهذه الطائفة المارقة أقول لإخواني وأبنائي أهل ليبيا من هنا، يجب عليكم أن تسعوْا إلى قتالهم بما استطعتم من قوة إذا وُجِدت القوة التي يلتف حولها والقيادة التي يُلْتَف حولها- والحمدلله- أنا أسمع الآن ومن مدة في ليبيا جيش نظامي للدولة باقي، فعليكم أن تلتحِقوا بهذا الجيش النِّظامي المعترف به والذي له راية وله حكومة وتدعوا الآن إلى مقاتلة الفُّجار انضموا إليهم، ولا تذهبوا من غير ما سلاح في مواجهتهم، رتِّبوا مع حكومتكم ومع جيشِكم وتدرَّبوا وتسلَّحوا ثم بعد ذلك امضوا لهؤلاء تحت راية هذا الجيش النِّظامي المعقود له لواء، المُعترف به، ووراءه قادة يقودونكم في هذا الجانب، لا تترددوا في قتال هؤلاء.وَإِنْ قتلوا اليوم من أهل سِرْت فإن شاء الله لكم الدّالة غداً بإذن الله تبارك وتعالى، فكونوا مع هذا الجيش الذي يدعو الآن إلى قتالهم وانضموَّا إليه، وتدَّربوا على السلاح وأخلصوا النيّة.وهكذا ادعوا قادة هذا الجيش أن يُخلصوا النية لله جلَّ وعلا وتكون هذه النية بقصد تخليص أُمة الإسلام من هؤلاء الخوارِج جميعًا، سواء كانوا داعِش أو غير داعِش، هؤلاء الذين يقتلون أُمة الإسلام، فعليكم أن تُنبّهوا قادة الجيش، وأنا أيضًا الآن أذكر هذا ولعلهُ يبلغهم عليهم أن يخلصوا النية لله تعالى فإن في قتالِ داعش وأمثالهم من الخوارِج الأجر العظيم ((طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ أوَقَتَلُوهُ))، ((إنَّ لِمَن قَتَلَهم عِنْدَ اللهِ لَأجْرا)).فلا تتردوا في محاربة هؤلاء الخوارِج تحت قيادة الجيش النظامي المُهيأ المُرتَّب.لكن أقول: هؤلاء قومٌ قد تمرَّدوا وتدَّربوا فلا تُسلِموا أنفسكم لهم، عليكم أنتم أن تتدربوا، وأن تستعدوا بالسِلاح.وأسأل الله جلَّ وعلا أن يُعينكم وأن يوفقكم، كما أسأله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي الجيش إلى القضاء عليهم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعينهم.وأدعوا من استطاع من معاونتهم من أهل الإٍسلام أن لا يخذلوهم ويتركوهم، فإنك إن تركت إخوانك أهل الإسلام وخذلتهم في مقابل هؤلاء يوشك أن يتقووا ويعودوا عليك.اليوم سمعت من بعض المحطات الإعلامية أنَّ حكومة ليبيا الشرعية، ومجلس رئاستها يدعو الدول الإسلامية إلى أن تقومَ بنصرتهم، وأن تضرب مواضع مُحددة لهؤلاء الخوارِج، وأنا أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفق ولاة أمر المسلمين في أن يُعينوهم ويستجيبوا لهم، ويتحدّوا ضد هؤلاء الخوارِج، فوالله لئن لم يفعلوا ليرجعن القتل علينا طائفةً طائِفة.لكن أسأل الله جلَّ وعلا أن يأخذ بأيدي ولاة أمور المسلمين لنُصرَة إخوانهم المسلمين في ليبيا في وجه هؤلاء المجرمين، كما أسأله جلَّ وعلا أن يقطع دابرهم وأن يستأصلَ شأفتهم، وأن يُظهِرَ عليهم وأن يكفي أهل الإسلام شرَّهم إنه جوادٌ كريم.==========السلام عليكم ورحمة الله و بركاته سؤالي يا شيخ حول حديث : ( لقد جئتكم بالذبح ) هل صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أم لم يصح ؟ و إذا صح ما فقه هذا الحديث ؟ و هل صحيح ما يستدل به جماعة التكفير ( الخوارج ) بهذا الحديث حول جواز ذبح الكفار ومسلم كما تذبح الشاة ؟ لأنهم يستدلون به كثيرا بينهم و في مواقعهم .أتمنى وضع فتاوى العلماء السلفيين و بارك الله فيكم .
وعليكم السلام ورحمة الله بركاته.الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: روى أحمد في "المسند" عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقريش: (أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح").⑴والحديث طويل وذكرناه مختصرا.والاستدلال بهذا الحديث على ذبح الكفار من الرقاب – كما تفعل الجماعات الإجرامية - استدلال غير صحيح، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك ولو مرة واحدة، فعرف أنه غير مقصود، ولاسيما أن الذبح يأتي عند العرب بمعنى القتل، فالمراد جئتكم بالقتل، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا بالهدى والنور والخير، وإنما قال هذه الجملة لطائفة مخصوصة من مشركي قريش لما جاهروا بمخالفته وأذيته، في الوقت الذي أطلعه الله تعالى على أنهم سيموتون على الكفر. والله تعالى أعلم.⑵وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.🔸أبو عمار علي الحذيفي22 / رجب / 1435 هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ⑴وسنده حسن وقد صححه ابن حبان فرواه في "صحيحه" وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح موارد الظمآن" و"صحيح السيرة" وأحمد شاكر في "تحقيق المسند".
سألني سائل عدة أسئلة عن جبهة النصرة . وأعرضها من باب قول حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - : ((كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه)) رواه البخاري ومسلم .
الأسئلة :
ما رأيك بجبهة النصرة ؟
وهل ننهى الناس عن التبرع لها ؟
وهل نحذر منهم ؟
وهل في خطر علينا لو حذرنا منهم ؟
وهل نتوقع منهم قتالاً للسوريين بعد سقوط بشار ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
رأيي في جبهة النصرة : أنها امتداد لفكر القاعدة ، وهذا ما صرح به قادة جبهة النصرة كمحمد الجولاني ، وقد جددوا البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري !!!
وهذا الفكر والمنهج لا يخفى على كل مسلم عاقل لا تتجاذبه العواطف والأهواء والانفعالات غير المنضبطة بضوابط الشرع ، بأنه فكر ومنهج شبيه بمنهج الخوارج إذا لم يكن عينه ، فهو منهج تكفيري ، لا يراعي الضوابط الشرعية ، ولا الشروط والموانع التي من خلالها يعرف أن المسلم خرج من دائرة الاسلام إلى دائرة الكفر .
وأيضاً الذي أراه أن تنظيم القاعدة مخترق من الاستخبارات الأمريكية والإيرانية ، والدليل على ذلك : أن تنظيم القاعدة أصبح معول هدم للإسلام والمسلمين ، فكلما انتشر الإسلام في بقعة من بقاع الأرض حركوا تنظيم القاعدة .
فمثلا في جمهورية مالي ، انتشر فيها الإسلام ، فتحركت القاعدة ، ورُفعت الأعلام التي ترمز لفكرها ، وكأن لسان حالها يقول للغرب : (ها نحن موجودون ، فإذا سحقتم المسلمين في جمهورية مالي فلكم العذر عند الناس ؛ لأنكم تحمون جمهورية مالي من تنظيم القاعدة والتطرف) !!
ودولة طالبان في أفغانستان ، ذهبت وانتهت بسبب تنظيم القاعدة المخترق من الاستخبارات الأمريكية والإيرانية ؛ فأكثر قادات تنظيم القاعدة في إيران (إقامة جبرية) لهم مكان آمن ومخصص ، ولا يستطيعون التحرك والخروج من هذا المكان إلا عن طريق الاستخبارات الإيرانية .
ولما حصل في سوريا ما حصل من ثورة ، ثم تطور الأمر إلى اقتتال وانشقاقات في صفوف الجيش السوري ، وتكون قوة ضد النظام النصيري العلوي الكافر ، استمر القتال إلى أن دخل في منتصف السنة الثانية ، والجيش الحر ككتلة واحدة ، وبدأ النظام يتزعزع ويضعف ، فجاء تنظيم القاعدة ليخدم الغرب أولاً والنظام ثانياً ، ورفعت الأعلام التي ترمز لتنظيم القاعدة في وسط سوريا ، وأعلنت جبهة النصرة مبايعتها لأيمن الظواهري ، وكأن لسان حالها : (لا تدعموا الجيش الحر ولا الكتائب ؛ فإن تنظيم القاعدة موجود في سوريا ويقاتل النظام) !!
مع أن إيران واقفة مع النظام بكل ما أوتيت من قوة ، وقد أطلقت سراح المعتقل عندها ، وهو الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة والرجل الثالث وصهر أسامة بن لادن : سليمان بو غيث ، وحرصت أن تدخله عن طريق تركيا ثم سوريا ؛ لكي يلتحق مع جبهة النصرة ، فتكون إيران أصابت عصفورين بحجر واحد ، الأول : اتهام تركيا بدعم الإرهاب ، والثاني : خدمة النظام .
وأيضاً لتؤكد للعالم بأن النظام يحارب الإرهاب والتطرف والتكفريين ، بدليل : أن الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة بين أظهرهم .
فإن قال قائل : لماذا تنكرون على تنظيم القاعدة رفع العلم وهو يتضمن كلمة التوحيد ؟
وجوابنا على هذا السؤال : إن إنكارنا يتوجه إلى رفع الأعلام التي ترمز إلى فكرهم ، وهم لا يقبلون رفع علم السعودية مع أنه يحمل كلمة التوحيد .
ورفع تنظيم القاعدة الأعلام لا يخدم الإسلام ، وإنما يريدون إثبات وجودهم ، وإنما الذي يخدم الإسلام الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق ، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر حينما اعتنق الإسلام وهم في ضعف ، قال له : ((ارجع فإذا علمت بظهوري فأقبل إلينا)) .
وتنظيم القاعدة أكثرهم أحداث أسنان ، سفهاء أحلام ، وجميع العلماء الربانيين الذين هم من بقية السلف الصالح ، وعلى رأسهم العلامة ابن باز رحمه الله ، والعلامة ابن عثيمين رحمه الله ، وهيئة كبار العلماء : حذروا من هذا الفكر المنحرف .
السؤال الثاني :
وهل ننهى الناس عن التبرع لها ؟
الجواب :
أما ما يتعلق بالتبرع ، فإني أنهى الناس عن التبرع لها ، حيث يوجد الكثير من الكتائب المستحقة للعون والدعم .
ولأن هذا الفكر شره مستطيل ، ويتقوى بمال المسلمين على المسلمين ، بالتكفير لهم تارة ، والتفجيرات والإغتيالات تارة أخرى ، وما حدث في السعودية ليس عنا ببعيد ، من تكفيرها وزعزعت أمنها واستقرارها من قِبَلِ تنظيم القاعدة .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - : (كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد ، ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم) .
[ منهاج السنة (٨٢/٣) ]
وقال أيضا : (ولم يُعرف في الطوائف أعظم من سيف الخوارج) .
[ منهاج السنة (٣٤٥/٦) ]
ويقصد شيخ الإسلام ابن تيمية بسيف الخوارج : قتالهم المسلمين وليس الكفار ، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - عن الخوارج : ((يقتلون أهل الإسلام ، ويَدَعون أهل الأوثان)) متفق عليه .
وجبهة النصرة تهدد السعودية ، ولم نرى هذا التهديد منهم للنصيرية وحزب اللات وإيران الذين اجتاحوا القصير ، ومن أراد التثبت فعليه بالرجوع إلى مقاطع اليوتيوب .
السؤال الثالث :
وهل نحذر منهم ؟
الجواب :
نعم نحذر منهم ؛ لمخالفتهم لمنهج السلف الصالح .
السؤال الرابع :
وهل هناك خطر علينا لو حذرنا منهم ؟
الجواب :
الواجب على المسلم أن ينصح لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الامام احمد : ((لا يَمْنَعَنَّ أحدَكم هيبة الناس ، أن يقول في حقٍّ إذا رآه ، أو شَهِدَه ، أو سَمِعَه . قال أبو سعيد : وددتُ أني لم أسمعه)) .
وأيضا هم في خطر على الأمة سواء حذرنا منهم أو لم نحذر ؛ وذلك لمخالفتهم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم الاستمساك بغرز العلماء في الوقت الحاضر .
السؤال الخامس :
هل نتوقع منهم قتالاً للسوريين بعد سقوط بشار ؟
الجواب :
نعم ، الأمر وارد جداً ، وهو ما يتوقعه الكثير من الكتائب والجيش الحر ، وقد سألتُ بنفسي بعض الكتائب ، فقالوا : نخشى من هذا بعد سقوط النظام ؛ لأن فيهم تكفريين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
⑵ولعل الله ييسر بفرصة أخرى نفصل في جواب هذه الشبهة.=====جبهة النصرة بين السطور
كتبه / فيحان الجرمان=====
تمت إضافة ‏‏2‏ صورتين جديدتين‏ من قبل ‏حقيقة براءة الاسلام من الاخوان المفلسين والخوارج القطبيين التكفريين‏.
طعن السيد قطب في علماء الأمة الإسلامية على امتداد عصورها=الكتب الصفراء
ويقول : (وكل هذه الشبهات كان يكفي في جلائها مجرد المعرفة الصحيحة للحقائق التأريخية والاجتماعية للإسلام أي أن يتلقى الجيل ثقافة حقيقية لائقة. . . أجل لائقة . . . وليست هذه الثقافة عسيرة - كما يتصور الكثيرون - حين يتصورون الكتب الصفراء، وتتمثل لهم صورة الدراسة الأزهرية بما فيها من الغاز ومعميات !
كلا إن هذا ليس هو الثقافة الإسلامية المطلوبة للجيل ، فالإسلام يسر لا عسر، وهو عقيدة بسيطة واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض ، ونظام اجتماعي متوازن متناسق لا إقطاع فيه ، ولا ترف ولا حرمان ، ونظام للحكم ليس فيه حقوق إلهية، ولا دم أزرق ولا استبداد ولا طغيان)([1])
أقول:
أولا: إن الكتب الصفراء التي يسخر منها سيد قطب جلها كتب الحديث والتفسير والفقه .
ثانيا: الدراسة الأزهرية على ما فيها من بدع وتصوف هي أقرب إلى الإسلام من الدراسات التي قدمتها باسم الإسلام ، فما من شيء يؤخذ على الأزهر إلا وهو عندك على أسوأ صورة، ولك زيادات باطلة يحاربها الأزهر وغيره بحق.
ثالثا: كيف تحيل المثقفين بما فيهم الشيوعيين والعلمانيين على الحقائق التاريخية والاجتماعية للإسلام ، وقد شوهت كل ذلك بما كتبته في كتابك "العدالة الاجتماعية" بالطعن في الخليفة الراشد عثمان وفي حكمه وخلافته وسيرته وعهده كله.
وبالطعن في الدولة الأموية والعباسية حتى أخرجتهما عن حدود الإسلام في سياسة الحكم والمال .
وبالطعن في الأمة بعد ذلك وتكفيرها في "العدالة الاجتماعية" ، وفي "ظلال القرآن " ، و"معالم في الطريق " ، و"الإسلام والحضارة".
رابعا: أن الإسلام يسر لا عسر كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى - رضي الله عنهما -: ((ادعوا وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا"([2])
وكما قال : "يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا"([3])
وكما قال : "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين "([4])
وليس كما تصوره أنت بأنه يصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا.
وهل من يسره ورحمته انتزاع الثروات والملكيات جميعا كما ينسب سيد قطب ذلك إلى الإسلام؟
وهل من يسره الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفير المسلمين بدون ضوابط ولا ورع ؟ !
وهل من يسره السخرية بالعلماء ؟! ومداهنة الرفاق والمثقفين ؟! والشدة على المسلمين؟!
وهل من يسره رقة الحديث ولينه إذا كان الحديث عن موقف المسلمين من الكفار سواء كانوا من الذميين أو غير الذميين ؟!
إن في الإسلام يسرا لا تمييع فيه ، وقوة وحزما لا ظلم فيهما ولا عسف.

=========
ويقول سيد قطب :
(ويرتب الإسلام على نظرته نتائجها، فينهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعطي قيمة لما يتمتع به بعضهم من متاع خلاب ، فإنما هو فتنة واختبار وابتلاء {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
ويفهم بعضهم أن هذه الآية ونظائرها إنما تدعو إلى ترك الأغنياء يفتنون كما يشاءون([1]) ورضى الفقراء بحرمانهم حقوقهم التي يكفلها الإسلام لهم ، وهو خاطئ لا يلتفت إلى التصور الإسلامي العام .
وهو تفسير المحترفين من (رجال الدين) في عصور الاستبداد لتنويم الشعور العام وكفه عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية ، وعليهم وزرهم ، والإسلام من تأويلهم بريء).
الشاهد منه الطعن في العلماء لا في هذا العصر الحاضر، بل في العصور الإسلامية كلها بما في ذلك عصر عثمان وبني أمية وهلم جرا .
لماذا ؟! لأن علماء الإسلام كلهم على خلاف منهجه الاشتراكي .
فلذا هو يوجه لهم هذه الطعنة التي تلقفها عن زعماء المذهب الاشتراكي الهدام للدنيا والدين .
ارجع إلى أقوال علماء الإسلام في كتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه فلن تجد من يوافق سيد قطب على اشتراكيته التي يسميها بـ (العدالة الاجتماعية).
ولن تجد من يوافقه على محاربة الغنى من الطرق المشروعة إذا أدوا زكاتها وأدوا الحقوق التي فرضها الله فيها، لذا فهو يطعن في العلماء.
إن سيد قطب يشبه هنا حال المسلمين بحال المجتمعات الأوروبية النصرانية في عهود الظلام - ولا تزال في ظلام - والاستبداد التي قاومها الثوار وقاومها الشيوعيون والتي لا يمكن أن يقاس فيها العالم الإسلامي ، ولا يقاس علماؤه على علماء الكنائس التي كانت تساند تلك الأوضاع المظلمة التي بلغت أقصى غايات السوء، وسيد يعرف الفروق الهائلة بين هذه الأوضاع التي كانت في أوروبا وبين أوضاع المسلمين قديما وحديثا وإن حصل فيها مخالفات وخلل .
قال سيد قطب نفسه في كتابه "الإسلام ومشكلات الحضارة"، قال بعد كلام عن أوضاع أوروبا والصراعات فيها : (ويجب ابتداء أن نميز بين الخصائص الأساسية المميزة للإقطاع بمعناه الاصطلاحي التاريخي الذي عرفته أوروبا وتلك المظاهر الثانوية السطحية التي ربما تكون قد وجدت في أنحاء أخرى من الأرض في عصور مختلفة، فهدا التمييز ضرورة من الناحية العلمية ومن الناحية الشعورية كذلك([2]) ، إن نظام الإقطاع في أوروبا لم يكن مجرد وجود ملكيات كبيرة، ولكنه كان مصحوبا بخصائص هذا النظام الأساسي ، وأخص خصائص هذا النظام كانت :
1- تبعية الفلاحين للأرض ، حيث كان وضعه فيها كوضع آلات الزراعة وحيواناتها ، وانتقالهم - مع الأرض - إلى المالك الجديد كما تنتقل الآلات والحيوانات - ولو كانوا لا يباعون كما هو الحال في نظام الرق -، ولكن تبعيتهم للأرض تحرمهم حق الانتقال منها إلى أرض أخرى، كما تحرمهم بطبيعة الحال حق اختيار حرفة أخرى فردية مستقلة .
2- كما كانت إرادة السيد (الشريف ) هي القانون في إقطاعيته ، فهو الذي يشرع للأقنان (رقيق الأرض)، وهو الذي يحدد علاقاتهم به وبالأرض وعلاقات بعضهم ببعض .
وهذا هو الإقطاع كما عرفته أوروبا وكما ثارت عليه أيضا .
وهاتان الخاصيتان تعتبران العلامتين المميزتين لهذا العهد البغيض .
وقد ظلت أوروبا ترزح تحت وطأة هذا النظام الفظيع الذي تهدر فيه قيمة الإنسان - ابتداء - بجعله تابعا للأرض كالماشية وأدوات الزراعة ينتقل معها إلى المالك الجديد ولا يملك أن يحس بكينونته (الإنسانية) مستقلة عن الأرض ، ولا يملك أن يغادرها - ولو إلى إقطاعية أخرى - وإلا اعتبر آبقا بحكم القانون ووجب القبض عليه ورده إلى الأرض التي يتبعها)([3])
أقول : فهل كانت الأوضاع في العالم الإسلامي تشبه هذه الأوضاع في أوروبا ؟ كلا ليس الأمر كذلك ، بل الأمر يختلف تمام الاختلاف بشهادة سيد قطب وشهادة كل العقلاء من المسلمين وغيرهم .
قال سيد قطب نفسه في السياق نفسه :
(ظلت أوروبا ترزح تحت وطأة هذا النظام الفظيع حتى انساحت جموع الصليبيين في الشرق الإسلامي ، واحتكوا بالمجتمع الإسلامي ، وعرفوا عن كثب أوضاع حياة الناس فيه ، ورأوا نظاما آخر غير ذلك النظام الفظيع ، رأوا شريعة يتحاكم إليها الناس جميعا ، حاكمهم ومحكومهم ، غنيهم وفقيرهم ، مالكهم ومعدمهم ، صاحب الأرض والعامل فيها على السواء، شريعة ليست هي إرادة السيد صاحب الأرض ، وليست هي إرادة الأمير كذلك ، ولا السلطان ، إنما هي شريعة تجيئهم جميعا من عند الله ، ويتولى الحكم بها قضاة طالما وقفوا بها في وجه الأمراء والسلاطين عندما كان أحدهم يهم بظلم الرعية أفرادا أو جماعات .
وقد ظهر في هذه الفترة بالذات أئمة أقوياء، وقفوا مرات في وجه سلاطين المماليك . وكان لوقفاتهم صداها الذي تتناقله الجماهير في الوطن الإسلامي ، وتعرفها جموع الصليبيين الذين يحتكون بهذا المجتمع خلال قرنين من الزمان .
وعلى الرغم من كل ما كان قد وقع في المجتمع الإسلامي في هذا الوقت من انحرافات وعدم مراعاة لشريعة الله في بعض جزئيات الحياة، فإن المسافة بين هذا المجتمع الإقطاعي الذي جاء منه الصليببيون كانت بعيدة بعيدة )([4])
ثم استمر يعدد مزايا العالم الإسلامي ويذكر الفروق بينه وبين المجتمعات في أوروبا .
وإذا كان حال العالم الإسلامي وحال علماء الأمة الإسلامية كما ذكر هنا ، فهل يجوز له أن يطعن في العلماء الذين يسميهم (رجال الدين) على طريقة ثوار أوروبا من العلمانيين والشيوعيين ؟ !
وهل علماء المسلمين مثل البابوات والقسس وسائر رجال الكنيسة في مساندة الظلم والظلمة والإقطاع والإقطاعيين حتى يطعن فيهم سيد قطب بهذا الأسلوب السيئ البالغ النهاية في السوء ؟!
يفعل هذا وهو يعرف هذه الفروق الشاسعة بين حال المسلمين وغيرهم .
إن سيد قطب يترسم خطى الثوار في أوروبا في منهجه الثوري وأسلوبه الحماسي حذو القذة بالقذة ويلبس كل ذلك بلباس الإسلام .
وكثير من شباب الأمة اليوم يترسمون خطاه حذو القذة بالقذة دون علم ولا هدى ولا كتاب منير.
لقد نسي سيد كل هذه الفروق ، ثم دأب في جل مؤلفاته على أساليب ثورية تهييجية تكفيرية يعرفها كل من قرأ كتبه ، وما كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية" إلا تهييج وثورة ثم سخرية بالعلماء في الوقت نفسه ، وذلك ركن من أركان ثورته !
وخذ مثلا واحدا من أمثلة التهييج والتثوير:
لقد ختم كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية "([5]) بفصل يلهب فيه مشاعر الجماهير ويحركهم لأخذ حقوقهم - كما يزعم – بأيديهم على غرار دعوة ثوار أوروبا وماركس ولينين ومزدك قبلهم - قال فيه :
والآن أيتها الجماهير. . . الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها . . . ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص . . . إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها، فعليها أن تعنى بأمرها، ولا تتطلع إلى معونة أخرى.
ثم استمر في الهاب مشاعر الغوغائيين بمثل هذا الأسلوب المهيج باسم الإسلام والإسلام منه براء. . . إلى أن قال في خاتمة هذا الفصل :
والآن أيتها الجماهير. . . لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك ، إن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق ، اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل .
أيتها الجماهير. . . لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية، وطريق العدالة الاجتماعية، وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة، والذي تملك أن تعرفه مرة أخرى . . . لو تفيق .
أيتها الجماهير. . . هذا هو الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء والسيادة وكل راغب في المساواة والحرية، وكل من يؤمن بنفسه وقومه ووطنه([6]) ، وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود .
أيتها الجماهير: . . . هذا هو الطريق).
بهذا الأسلوب المهيج المثير الذي احتذى فيه أسلوب من ذكرناهم.
وكل عاقل دارس يعرف أن شعارات : المساواة، والحرية، والأخوة، شعارات ماسونية ، وشعارات الثورة الفرنسية التي وضعها اليهود، كل ذلك يلبسه سيد لباس الإسلام ويهيج به الغوغاء والهمج بما فيه سواد الإخوان المسلمين .
وقامت الثورة بقيادة ضباط الإخوان وبقيادة الضباط الأحرار وهم جزء من الإخوان وعلى رأسهم سيد قطب على فاروق الذي لا يماري أحد في فساد حكمه ، ولكن ليس هذا هو الطريق الصحيح .
فكيف كانت النتائج لهذه الثورة ؟!
لقد تحولت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد فاروق بما لا يقاس في كل ناحية من نواحي الحياة الدينية والدنيوية .
وأول ما انصبت عواقب هذه الثورة الغوغائية على رؤوس مهندسيها الإخوان المسلمين ومنهم سيد قطب ، والله يعلم ماذا سيلاقون من الجزاء على هذه السنة السيئة التي سنوها للأنظمة الثورية في العراق وليبيا واليمن وغيرها، التي تحولت بها الأوضاع في هذه البلدان من سيء إلى أسوأ بما لا يقاس في كل النواحي الدينية والدنيوية، وتحولت بها الحريات المنشودة لا إلى عبودية وذل ، بل إلى جحيم ودمار لكل القيم .
فليدرك العقلاء أنه ليس هذا هو الطريق ، فليس هذا هو طريق الإسلام ، بل هذا طريق ثوار أوروبا الذين انتقلوا بأهل أوروبا من الرق الروماني الشهير إلى الإقطاع إلى الرأسمالية. . . إلى الماركسية والنازية .
غلو في طرف يعالجه غلو آخر في الطرف الآخر وظلم لطبقة يعالجه ظلم آخر لطبقة أخرى.....([7])
إن الطريق الصحيح هو الذي شرعه الله العليم الحكيم على لسان رسوله الرحيم الذي لا ينطق عن الهوى، الطريق الذي تمسك به علماء الإسلام إلى يومنا هذا، والذي لا يعرفه الثوريون ، بل يحاربون من يرشد إليه ، ويتهمونهم بالجاسوسية والعمالة على طريقة الثوريين الأوروبيين وأذنابهم من العلمانيين والشيوعيين . . .
فأفيقوا أيها الشباب ، واحترموا العلماء، وابحثوا عن طريق السداد والهدى، ولا تسيروا في طريق أهل الجهل والفتن و الغوغاء .
وفي الحقيقة ليس هناك فرق كبير بين عصر المماليك والعصر الذي عاش فيه سيد قطب ، بل العصر الذي عاشه كان في الجملة خيرا من عصر المماليك ، ففي عهده قامت دولة التوحيد في الجزيرة على الكتاب والسنة، وكانت هناك دعوات سلفية قوية رافعة راية التوحيد والسنة في الهند وباكستان وبنجلاديش وشرق آسيا ، بل في مصر والسودان والجزائر والمغرب العربي ، ولم تواجه من الأذى ما واجهه شيخ الإسلام ومن معه في عهد المماليك .
وما كان في عصر المماليك شيء من ذلك حتى نهض ابن تيمية - رحمه الله - وتلاميذه ، فلاقوا من الأذى والاضطهاد ما لاقوه ، ولكي تتأكد مما قلته أنقل لك ما قاله ونقله المودودي عن المقريزي .
حيث قال المودودي : (. . . وكانت حال الأمراء عندئذ أن أكبر دولة كانت بقيت بأيدي المسلمين سليمة من غارات التتر وعدوانهم هي دولة المماليك في مصر والشام ، وهؤلاء المماليك كانوا قسموا قانون دولتهم على قسمين :
أحدهما: قانون شخصي تنحصر دائرته في أمور النكاح والطلاق والميراث ، فكان يفصل فيها بحسب أحكام الشرع .
والآخر: قانون مدني يحيط بجميع شؤون الناس الداخلية تحت قسمى الحقوق والجنايات ، ويسيطر على نظام الدولة كله ، وهو مبني تماما على الدستور الجنكيزي المتطرف ، ذلك إلى أن ما كان رائجا في البلاد من قانون الشرع الشخصي لم يكن إلا لعامة الرعايا، وأما المماليك الحاكمون ، فكانوا يتبعون حتى في أمورهم الشخصية القانون الجنكيزي لا الشرع المحمدي فى أغلب الأحوال.
لكي تقدر كيفية سلوكهم المعارض للإسلام حسبك ما رواه المقريزي من أن المماليك كانوا قد أذنوا في قيام دور البغاء في بلادهم مطلقا، وكانت ضربت على البغايا ضريبة يودع دخلها في بيت مال الدولة الإسلامية، كان معظم من عاصر ابن تيمية من العلماء والصوفية عالة على هذه الدولة، فلم يحز في نفس واحد منهم كل هذه النكبة والحال السيئة التي كان فيها الدين الإسلامي ، ولكنه لما قام الإمام ابن تيمية يسعى للإصلاح ، أخذتهم الأنفة والحمية بغتة، فغدوا يفتون أن هذا الرجل ضال مضل يقول بالتجسيم والتشبيه ، منحرف عن طريقة السلف ، عدو للتصوف وأهله ، يجرؤ على الصحابة والتابعين بنقده ، ويختلق في الدين أشياء، فلا تجوز خلفه الصلاة، وأن كتبه ومؤلفاته لخليقة بأن تحرق)([8]) .
وبالجملة، فعصر المماليك كان فيه شر كبير وانحراف في العقيدة والشريعة والسياسة والحكم ، كما ذكر المقريزي ، ومع ذلك ، فلم يدع أحد من العلماء صالحهم وطالحهم سنيهم وبدعيهم إلى الثورات والانقلابات التي يدعو إليها سيد قطب والإخوان المسلمون ، ولم تنتشر موجات التكفير في ذلك العصر، بل لم يوجد منها شيء لا في عهد ابن تيمية وتلاميذه ولا قبله ولا بعده ، مع شدة سوء الحال في العقيدة والمنهج والدستور والقوانين .
ولم يطبق العلماء على السكوت ، بل كانوا يعالجون الأمور بالعلم والحكمة والصبر .
ولو واجهوا الحكام كمواجهة الإخوان المسلمين ، لزادت الأمور سوءا وشرا وفسادا .
انظر إلى علاج الإخوان المسلمين لمشاكل المسلمين التي انطلقت منها دعوة سيد قطب .
يقول الغزالي : (ولئن مددنا أبصارنا ، فوجدنا طريق الرجولة مفروشا بالأشواك مضرجا بالدماء، فإن عزاءنا في الدنيا - إلى جانب ما نرجوه في الآخرة - أن الخيانة والنكوص قد كلف أصحابه شططا وأذاقهم ويلا)([9])
ويقول الغزالي عن نفسه وعن الإخوان المسلمين :
(وعلى كل حال ، فنحن ماضون إلى غايتنا، من عمل للإسلام وعمل للأمة، سائلين الله أن يرزقنا التوفيق والسداد في هذا اللون من الجهاد).
واليوم تصدر هذه الطبعة وفي الشرق دوي هائل للعمل الضخم الذي حققته عناية الله في مصر.
لقد طرد مليكها الغر (فاروق ) شر طردة، وهتكت الأستار عن الفضائح المخزية التي طالما ارتكبها هذا الفاسق وأعوانه ، وتمت هذه الآية على يد الجيش الذي حسبه الطغاة سندا لهم وأبى الله إلا أن يكون هلاكا عليهم .
{ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} ([10])
وددنا لو انجابت ظلمات الليل المخيم على بلاد الإسلام كلها فاختفت من آفاقها الداكنة بقية الطواغيت التي ما زالت تعيث فسادا هنا وهناك!!!
إنما نحس بأن كتاباتنا المتواصلة، بدأت تؤتي ثمارها، وأن سهمنا كبير في هذا النصر المبين .
إن الحملات التي شنناها على الأصنام قد انتهت بتحطيم أكبر الأصنام قدرا([11]) ، والجهود التي بذلناها لتجرئ الجماهير على أخذ حقوقها وتحقير جلاديها نجحت في إيغار الصدور على الباغين ، وتكثير السواد المتألب ضدهم ، وتقليل العبيد([12]) الذي([13]) طالما عاشوا في خدمتهم .
وسوف نظل على هذا النهج الواضح ، نهتف بالحق ونشغب على الباطل قدر ما نستطيع )([14])
وفي الحقيقة أن دعوة الإخوان المسلمين مستمدة من المناهج الكافرة الغربية ألبست لباس الإسلام .
استمع إلى قول الغزالي :
(وأرى أن بلوغ هذه الأهداف يستلزم أن نقتبس من التفاصيل التي وضعتها الاشتراكية الحديثة مثلما اقتبسنا صورا لا تزال مقتضبة - من الديمقراطية الحديثة - ما دام ذلك في نطاق ما يعرف من عقائد وقواعد، وفي مقدمة ما نرى الإسراع بتطبيقه في هذه الميادين تقييد الملكيات الكبرى وتأميم المرافق العامة)([15]) .
انظر إليه كيف يختبئ ويتستر ورواء الإسلام وعقائده وقواعده لإقناع السذج البلهاء بالاشتراكية والديمقراطية .
ويقول : (ما أسرع ما جاء الليل وفي الليل تظهر الأشباح . . . وتنطلق المردة . . . وتولد الأساطير. . . وكان من الأساطير التي راجت عن الإسلام أن الدين الذي يدعو للأخوة العامة أصبح حملته يتعصبون لقبيلة من القبائل أو جنس من الأجناس ، وأن الدين الذي يقوم على الاشتراكيه العامة أصبح القوام عليه فئات من المترفين والعاطلين الذين لا يكن لهم هذا الدين إلا البغض والاحتقار .
قال سائح أمريكي :
لقد عرفت الحال عندكم ، لما شاهدت ريفكم نظام بيوتكم فيه .
فقيل له : وكيف ؟
قال : قصر واحد مشيد، وأكواخ مبعثرة مهدمة، إن لهذا دلالته الصارخة.
ومن عجب أن تكون هذه الصورة المزرية، صورة الأنانية المتفردة، والجماعة البائسة المنكودة، هي الصورة التي يراد أن تسود في ميدان السياسة والاجتماع والاقتصاد، وأن يكون ذلك في حماية من الدين ذي المناهج الاشتراكية التي لا ينكرها ذو عينين...) ([16])
أقول : ومن أكثر افتراء على الله ممن يقول : إن الدين يقوم على الاشتراكية العامة، ويقول عن هذا الدين بأنه ذو مناهج اشتراكية، وممن يدعو إلى المساواة وهو يحمل في نفسه من التعالي والاستعلاء وينغمس في الترف الحرام والأموال التي يختلسها من الأمة تحت شعارات ودعايات لم تزد الأمة إلا فقرا وذلا وبوارا .
فلقد أصبح دعاة الاشتراكية والأخوة والمساواة أثرى الناس وأنعم الناس ، وما زادت بلدانهم بهم إلا فقرا وشقاء ومذابح ودماء، لا يستفيد منها إلا هم ومن وراءهم من أعداء الإسلام .
وقد سادت هذه الصورة المزرية - صورة الأنانية المتفردة والجماعة البائسة المنكودة - في ميدان السياسة والاجتماع والاقتصاد على أيديكم وتحت شعاراتكم البراقة الخلابة لعقول البلهاء، والبلدان التي نجت من سطوتكم تعيش في بحبوحة، وأنتم تبذلون جهودكم التي لا تعرف الكلل لإلحاقها بركب أخواتها.
فاللهم الطف بعبادك وبلادك!
وأنعم عليهم بالوعي والإدراك لكشف الألاعيب الحقيقية

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) في الإسلام أن الغنى والفقر بيد الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، فإذا كان غنى الأغنياء من الطرق التي أباحها الله لهم ثم أدوا الحقوق التي فرضها الله عليهم فيها واجتنبوا الطرق الممنوعة من الربا والغش والرشوة، فهذا الغنى على هذا الوجه لا يحاربه إلا الشيوعيون والاشتراكيون وشغبهم على علماء المسلمين باطل وهراء .
([2]) كثيرا ما ينسى سيد ومن على نهجه هذا التمييز الذي بينه جيدا هنا ويرى أنه ضروري من الناحية العلمية والناحية الشعورية .
([3]) الإسلام ومشكلات الحضارة" (ص 92 – 93
([4]) الإسلام ومشكلات الحضارة" (ص 93 )
([5]) ص 113 - 122
([6]) هكذا يجعل الإسلام مطية القومية والوطنية والأغراض الشخصية تملقا للجماهير المكونة من كل الفئات .
([7]) الإسلام ومشكلات الحضارة" (ص 91)
([8]) "تجديد الدين " (ص 74 - 75)، مؤسسة الرسالة، وما ذكره المودودي ونقله عن دولة المماليك فمسلم ، ولعل الحاكم في عهد ابن تيمية قد تحسن وضعه ، وأما ما قاله عن العلماء، فلم يحز في نفس أحد منهم كل هذه النكبة والحال السيئة التي كان فيها الدين الإسلامي ، ففي هذا الإطلاق والتعميم نظر، فقد كان هناك من العلماء على ما فيهم من انحراف عقدي من يحز في نفسه هذه النكبة ويناصح هؤلاء الحكام بالحكمة وفي حدود الطاقة.
ثم لما قام الإمام ابن تيمية برفع راية السنة والتوحيد ومجابهة الشرك والضلال والبدع ، اعترضه وعارضه وشنع عليه كثير من علماء السوء والضلال ، ولكنه في الوقت نفسه وجد من العلماء وعامة الناس من يؤيده وينصره في حمل راية التوحيد والسنة في مصر والشام والعراق وغيرها، وإن خذله الحكام في أغلب الأحيان ونصروا خصومه .
([9]) "الإسلام المفترى عليه " (ص 4)
([10]) وفي الحقيقة أن الآية هذه تنطبق عليهم أكثر من فاروق ، بل انطبقت على رؤوسهم أكثر من فاروق ، وعاد وبال مكرهم وثورتهم الفاسدة عليهم سجونا وتعذيبا وتقتيلا وتشريدا وظلما واستبدادا لا يوجد له نظير في مصر إلا في عهد فرعون ، فهذه ثمرة جهاد الغزالي وإخوانه في مصر ، لأنهم لم يسلكوا طريق الإسلام في علاج المشاكل ، بل سلكوا طرق الثوار في روسيا وأوروبا في الشغب والتهييج وإثارة الجماهير الغوغائية، وأخيرا، في قيادة الجيش إلى الثورة، فكان ما كان من الشرور والويلات والعواقب الوخيمة، ولم يكفهم ذلك ، ولم يأخذوا منه العبرة، بل لا يزالون سائرين في هذا الطريق المدمر .
([11]) وقامت على أنقاضها أصنام أظلم وأطغى بما لا يقاس في مصر والعراق والشام وليبيا واليمن والسودان وغيرها، فهذه ثمار دعوات الإخوان ! ! وما كفتهم هذه الثمار فلا يزالون يطلبون المزيد حتى يقضوا على آخر نفس للإسلام بسيف الإسلام .
([12]) ليذهب إلى السودان هو وغيره ليروا جرأة الجماهير الإسلامية على أخذ حقوقها وليروا عزة إسلام الإخوان المسلمين متمثلة في الدعوة إلى وحدة الأديان ويروا بأعينهم الكنائس تتسابق في التشييد واحتلال النصارى لأعلى المراكز في الحكومة الإخوانية وليسمعوا ويروا برامج التنصير تذاع في إذاعة الحكومة السودانية عبر شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام .
فهذه ثمار ناضجة لدعوة الإخوان المسلمين تكشف هويتها وحقيقتها :
{إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.
([13]) كذا ولعله الذين .
([14]) الإسلام المفترى عليه " (ص 5)
([15]) الإسلام المفترى عليه " (ص 66)، وهو يمثل فكر الإخوان المسلمين ونشر في مجلتهم انظر "الإسلام المفترى عليه " (ص 6)، ولقد أشاع هذا الكتاب وأمثاله من كتب الغزالي وكتب سيد قطب والإخوان المسلمين ، أشاعها الإخوان المسلمون في العالم الإسلامي ولا يزالون يعتزون بها وبمؤلفيها وأفكارهم.
([16]) الإسلام المفترى عليه " (ص 100)===ربما تحتوي الصورة على: ‏‏20‏ شخصًا‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق