السبت، 21 يناير 2017

الرد على الخوارج القاعدة القطبية الشبهة من أربعة أوجه=الرد على الخوارج دعش السيد قطب بلادن= بِسْم الله الرحمن الرحيم=حزب التحرير يعد من الأحزاب التي ظهرت بعد سقوط الخلافة الإسلامية، ويتبنى أطروحات وأفكار بعيدة عن الكتاب والسنة، وأفراده لا يهتمون بالعلم الشرعي، وليس لهم علماء، ويعلمون أفرادهم كره العلماء وعدم الأخذ منهم، بل ويشترطون على أعضائهم ألا يقولوا قولا ولا يتخذوا موقفاً يخالف موقف الحزب، ويقولون: >إن الحزب يتبنى ما تبناه الحزب، فصار ما تبناه الحزب هو وحده حكم الله في حقه..< ولذلك فأغلب اتباع هذا الحزب يطبقون نشرات الحزب ولا يعرفون أكثر من الأوامر الحزبية، مما جعل ينطبق عليهم قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الناس ثلاث: عالم ومتعلم وهمج رعاع اتباع كل ناعق، حيث إنهم يرددون الأقوال الحزبية، كإقامة الخلافة بوصفها فرض الفروض وغير ذلك من الشعارات، بينما نجدهم لا يهتمون بأبسط الفروض والواجبات، وسنحاول توضيح صورة هذا الحزب وجذوره السياسية والعقدية، حتى لا ننخدع بالشعارات البراقة، التي يرفعها أصحاب هذه الأفكار البدعية، الذين بدأوا الظهور إلى العلن في الآونة الأخيرة لتجميل صورتهم، حتى ولو بالإدعاءات الكاذبة، وأنهم يتبنون سياسة الغاية تبرر الوسيلة.

شهد القرن العشرين بعد نهاية الخلافة العثمانية بروز جماعات دينية >مسيسة< التوجه، ترى في دخول معترك السياسة أملا في النهضة بالأمة والعودة بها إلى ما كانت عليه من عز وقيادة، وقدم كل من هذه الأحزاب عملاً وطرح منهجاً كان لابد من دراسته لما فيه خير الأمة.ومن هذه الجماعات >حزب التحرير< وهو حزب يحض المسلمين على العمل لاستعادة الخلافة التي سقطت في نظر الحزب منذ بداية هذا القرن ومنذ ذلك الوقت تراجعت الأمة وفقدت كيانها وهيبتها بين الأمم.غير أن هذه الحركات تجاهلت تراجع الأمة في دينها والذي بسببه تراجعت في دنياها وفقدت من القوة والأرض السؤدد والكرامة بقدر ما فقدت من دينها، وتخلفت عن الدور الحضاري نتيجة طبيعية لتخلفها عن الدين، وأكمل الكفار طريق العلم الذي وقفت عنده هذه الأمة، وغدا ضعفها وتخلفها فتنة لأمم الكفر الذين وظفوا تقدمهم العلمي لصالح دينهم وجعلوه علامة على صحته.وتأصلت هذه الحركات على أصول الحماس والعاطفة، وتقلد رايتها أشخاص تعلموا الرغبة والحماس ولم يتعلموا العلم، فتخبطوا وتخبط من ورائهم من تبعهم، واستفاد عدو المسلمين من هذا التخبط وهذه العشوائية، وغلب عليها اعتماد وسائل مرتجلة آلت بالمسلمين إلى زيادة ضعف ومنحت عدو المسلمين الذريعة وراء الذريعة.وصار العمل الدعوي مرهوناً موقوفاً تعطله المواقف السياسية فلا دعوة عندهم حتى تعود الأرض وحتى يعود الحكم! ولكن لم تسترد الأرض ولم تسترد الخلافة، ومات كثيرون على ملل الكفر، وتحملت الأمة إثم تركهم بلا دعوة وخسر الإسلام أعداداً هائلة ممن ماتوا على غيره من الملل.لماذا الكلام عن حزب التحرير؟ولقد صار لحزب التحرير علامة بها يعرف وهي الطعن في خبر الواحد وعذاب القبر حتى غدت هاتان المسألتان من أهم وأول ما يجب اعتقاده، بل صار جدلهم حول خبر الواحد وعذاب القبر يفوق كلامهم عن الخلافة التي هي قضيتهم الأم وشغلهم الشاغل.وكان اللائق بهم الابتعاد عن الخوض في هذه المسائل التي لا خبرة لهم بها بحكم انشغالهم بمسائل السياسة، ولكنهم لم يفعلوا، بل أخذوا يثيرون الشبهات ويتهمون مخالفيهم بمخالفة الدين وظهروا للناس بأنهم أكثر إصلاحاً وعلماً من أهل الحديث.وينطلق رؤساء الحزب ومنظروه في هذه المسائل من منطلق المذهبين الأشعري والماتريدي، وهما مذهبان كلاميان ينطلقان من علم الجدل والكلام الذي اتفق أئمة أهل السنة على ذمه والتحذير منه.مؤسس حزب التحريرقبل الكلام عن الحزب نوجز ترجمة لمؤسسه، وهو: تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حفيد يوسف بن إسماعيل النبهاني، الذي كان أحد غلاة التصوف وصاحب الكتاب الضخم المشهور >جامع كرامات الأولياء<.ولد تقي الدين النبهاني سنة 1909 بقرية >إجزم< بقضاء حيفا، وحفظ القرآن ودرس الفقه على يد والده الشيخ إبراهيم النبهاني.والتحق بجامعة الأزهر ليحصل بعد ذلك على شهادة العالمية، ثم عاد إلى حيفا واشتغل بالتدريس، ثم انتقل منها إلى سلك القضاء حتى سنة 1948، حيث استقر في بيروت، ثم عاد إلى الأردن وعمل في الكلية الإسلامية إلى أن تفرغ بعد ذلك لإنشاء حزبه في الخمسينات متنقلاً بين الأردن وسورية ولبنان لتوسيع قاعدة حزبه حتى توفي في لبنان بتاريخ 10/12/1977.وله كتب عديدة منها >رسالة العرب< التي تظهر توجهه القومي، حيث كان عضواً في كتلة القوميين العرب، ويظهر أنها من أوائل ما كتب قبل مرحلة تأسيس الحزب، ومنها كتاب >نظام الإسلام< و>نداء حار إلى العالم الإسلامي< و>التكتل الحزبي< و>نظام الحكم في الإسلام< و>أسس النهضة< و>الشخصية الإسلامية<.عقيدتههو في العقيدة ما تريدي أكثر منه أشعرياً، وإن كان يرى أن كلاهما هم علماء التوحيد، وربما أشار إلى بعض الخلافات التي حكاها بين الفرقتين حول التعليل والقدر، ولكنه عموماً يتبنى التأويل للصفات في مؤلفاته، مثال ذلك قوله في قوله تعالى: -يد الله فوق أيديهم- أي قدرة الله تعالى فوق قدرتهم.. وهذا التأويل وغيره شهد الإمام أبو الحسن الأشعري وشارح الفقه الأكبر الشيخ ملا علي قاري أن تأويل اليد بالقدرة والاستواء بالاستيلاء وإنكار علو الله في السماء هو عين تأويل المعتزلة وقولهم ومذهبهم.وكذلك يقلد الرازي في تمجيد العقل وتقديمه على الأدلة الشرعية، فيصرح بأن أدلة القرآن والسنة تبقى ظنية ولا تفيد اليقين إلا بشروط عشرة، منها: عدم المعارض العقلي، بمعنى إذا عارض الدليل الشرعي العقل انقلب الدليل ظنياً ولو كان من القرآن والسنة، فخبر الآحاد ليس هو الدليل الظني عند القوم، بل حتى الدليل المتواتر فإنه ظني ولو كان آية في القرآن حتى تتفق مع العقل.فالعقل مصدر للتلقي منفصل عن المصدر الشرعي والدليل على ذلك زعمه أنه يجوز عقلا عنده ما يجوز شرعاً، فيجوز عنده أن يجمع الصحابة على خطأ يظنونه حقاً، وهذه العقلانية مخالفة للشرع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : >لا تجتمع أمتي على ضلالة< بل ويحرم التحريريون على الناس إيراد الأدلة من القرآن أو السنة على إثبات وجود الله ويؤكدون على ذلك في كل مناسبة، وأنه يجب حصر الدليل بالأدلة العقلية فقط.وقد كنت ألاحظ تحير خصوم الحزب عند مناقشة التحريريين؛ لأنهم لا يعرفون شيئاً عن عقيدة الحزب ومؤسسه، ولكن بعد البحث والتنقيب تأكد أنهم أشاعرة وما تريدية، وربما كانوا يميلون أكثر مع الماتريدية، فمؤسسهم من مؤولة الصفات، ومثل هذا الموضوع أولى بالمناقشة معهم قبل الحديث عن خبر الواحد، وما خبر الواحد إلا واحدة من مسائل العقيدة التي يخالف فيها الأشاعرة والماتريدية أهل السنة والجماعة.هل هو مجتهد مطلق؟أتباعه يطلقون عليه هذا الوصف، ولكن ما عرفه مشايخ عصره بهذا الوصف، ولا تشهد له كتبه وآثاره بهذا الوصف، فهو ليس من أهل الحديث ولا من المناظرين في الفقه والمدونين فيه، وكيف يثبت الحزب له صفة الاجتهاد وينفونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إذا كان الاجتهاد صفة مدح فليثبتوها من باب أولى إلى النبي صلى الله عليه وسلم .هذا وقد بدأ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - قبل فكرة إنشاء حزبه يتصل بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن وساعده التوجه التسيسي السائد عند الإخوان المسلمين على تبني فكرة إنشاء حزبه، ومن ثم أعلن عن حزبه الذي أدهش جماعة الإخوان وأغضبهم؛ لأنهم رأوا ذلك خروجاً عن نطاق الشرعية المتمثلة بهم وحدهم وتفريقاً لوحدة المسلمين.وقد قيل إن سبب هذا الانسلاخ عن جماعة الإخوان المسلمين هو حكمه عليهم بأن برنامجهم قد فشل، وأن عليهم أن يتيحوا الدور لغيرهم، فكان أول ظهور علني لهذا الانسلاخ في محاضرته التي ألقاها بالقدس والتي قرر فيها أن الأمم لا تنهض بالأخلاق، فحدثت مشاجرات وخصوم أدت إلى خروجه عنهم والتفرغ لبناء حزبه.بداية نشأة الحزبنشأ حزب التحرير على الطريقة التي نشأ عليها غيره من التأصيل الحماسي العاطفي، وجعل مسألة عودة الخلافة الإسلامية شعاراً، بل عقيدة تطغى على العقيدة، وبنى برنامجاً سياسياً زعم أنه يجب أن لا يزيد على ثلاث عشرة سنة وبعدها يتسلم الخلافة، لكنه لم يراع بناء المنهج على أساس تربوي أخلاقي، وإنما على بنيان سياسي بحت، وكادت كتب الحزب تخلو من الدعوة إلى الصدق والورع والتقوى والإخلاص، والتحذير من الشرك ووسائله ومداخله التي هي أكثر موضوع القرآن، وتخلو من التحذير من أصناف المعاصي التي هي بدورها من أسباب فقدان الخلافة.ويبدو أن الحزب قد حدد مهمته فقط في نشر الأفكار دون تطبيقها، فتطبيق الأفكار موكول إلى الدولة التي يعمل الحزب لإقامتها.. من هنا لا يرى الحزب القيام بأي عمل من أعمال الدعوة إلى الصلاة أو الصيام لأن ذلك - حسب الدوسية - من مهام الخلافة الإسلامية التي لم تقم.عزلة- إن الحزب اليوم معزول عن الناس إلى درجة القطيعة، فإنه لا يمتلك مرجعيات علمية يلتف من حولها الناس، وإنما كل شؤون الدين معطلة مرهونة بقيام الخليفة واستعادة منصب الخلافة.- ولا تكاد تجد آثار السنة ظاهرة على المنتمين للحزب، فإذا سئلوا عن تخليهم عن مظاهر السنة بادروك إلى أن الشيء المهم الآن هو العمل لعودة الإسلام إلى الحكم، وأنه لا مجال الآن للكلام عن محقرات السنن وقشور الإسلام!!وكتبهم يغلب عليها القواعد الأصولية والنظريات السياسية وتمجيد العقل، ويلاحظ عليهم كثرة اهتمامهم بأصول الفقه بما يفوق اهتمامهم بأصول العقيدة.- وإذا تكلموا في الدين مجدوا العقل وشككوا في نصوص الشريعة حتى قال أحد قادتهم: كل نص شرعي فهو غير قطعي، بل ظني الدلالة، وما من آية من آيات القرآن إلا وقد اختلف في تفسيرها.. ولما قيل له: -أفي الله شك؟ سكت ولم يجب بشيء.فشلولقد فشل الحزب في الدول الإسلامية وعجز عن أن يحقق أهدافه ولم يعد ثم أمل من أن تقوم له قائمة بعد أن حدد مدة ثلاث عشرة سنة لإعادة الخلافة وفشل في إعادتها في المدة التي حددها، وكان قد أكد أن استعادة الخلافة يجب أن لا تحتاج إلى عشرات، بل لابد أن ينتج حتماً على يد الجيل نفسه الذي يقوم به هذا التثقيف.فطبيعة الحزب التعجلية وعدم ربط نظرياته حول الخلاف بالواقع الصعب سارع في رصده وكيل الضربات المتتالية له حتى تسبب في اقتياد زهرة الشباب المخلص، إما إلى السجن أو النفي أو القتل، وهي نتيجة كل عمل يتأسس على بنيان العاطفة والحماس المستقل عن الانضباطية بضابط الشرع والمجرد من الصبر والتأني والحكمة، والآن يتخذ تحالفات مخالفة للمنهج مع طوائف تقف موقف العداء من السنة.أضف إلى ذلك أن الحزب كان يفتقر إلى تطبيق النظريات والمبادئ الفكرية التي كان يدعو إليها، مما أسهم في انفضاض العديد من المنتمين إليه.- وظن حزب التحرير أنه يمكنه الوصول إلى سدة الحكم عن طريق تغيير انقلاب فكري وحدد الفترة بربع قرن على الأكثر، ولكنه لم يحقق شيئاً من ذلك، فانسحب كثير من أعضائه وعلموا أنهم أضاعوا الوقت في أماني وفي وضع القوانين وإصدار التعليمات لدولة غير موجودة، بل وقد شكك آخرون بأهداف الحزب وغاياته، معتبرين أن قيامه كان مدبراً بغرض بلبلة أفكار المسلمين، حيث إن النتائج النفسية المقصودة هي تدمير نفسية هؤلاء الذين يجتذبهم الحزب لفترة من الزمن، ثم لا يلبث أن يلفظهم عناصر شوهاء معدومة الإنتاج مذبذبة التفكير صدمها الواقع المرير واحتارت بعد أن قام مبدأ حزبها على البحث عن النتيجة والتساهل في المحافظة على أسباب التمكين ووسائله، وهي إقامة الدين بتفاصيله ونشر العلم بالتعلم والتعليم.وتلقت التنكيل والتعذيب لأسباب لا تتصل بالأسباب التي اضطهد من أجلها السلف الأوائل.الحزب يتناقض مع مبادئهوكان الطريق الأقرب منه في نظرهم الدخول في برلمانات لا تحكم الإسلام ولا تعتبره، فقد رشح الحزب نائباً عنه في مجلس البرلمان اللبناني وهو الأستاذ علي فخر الدين ليصبح عضواً في مجلس النواب اللبناني.كذلك رشح الحزب الشيخ أحمد داعور >من قلقيلية بفلسطين وعالما من خريجي الأزهر< نائباً عنه في البرلمان الأردني في الخمسينات، ثم ما لبث أن حكم عليه بالإعدام بعد الكشف عن محاولة الحزب للاستيلاء على النظام الحاكم.وهذه الخطوة تتناقض ومبدأ الحزب في تحريمه لأي انخراط في الأنظمة التي لا تحكم بدين الإسلام.هجرة الحزب إلى بلاد الغربثم قدر لهذا الحزب أن ينتقل بسلبياته ومنهجه المتعجل إلى بلد غربي شغلته المادية المعاصرة عن التعصب الصليبي القديم، حيث الحاجة إلى بعث التعصب الصليبي القديم ليقابل البعث الإسلامي المتنامي في كل مكان، وتضليل الجالية المسلمة هناك، والتي صارت جزءاً من المجتمع الغربي.فقد قدم هذا الحزب خدمات جليلة لمن يريدون بعث هذا التعصب من حيث لا يريد، وصار تهوره وكلامه عن الخلافة مبرراً لإقفال مصليات الطلبة في الجامعات وتحجيم نشاطهم والمنع من إقامة المحاضرات والدروس بحجة سد ذرائع الشغب الذي قام به أتباع الحزب في الجامعات البريطانية، حيث وقعت حوادث عدة أسفر بعضها عن بعض حوادث القتل.وهذا كمين شيطاني تسبب بالجمود في دعوة النصارى في بلاد النصارى بعد أن بقيت الفرصة الذهبية للدعوة سانحة قبل نشر الحديث عن الخلافة وتفاصيل المبادئ التي يديم الحزب النقاش حولها، كمسألة الخلافة، وخبر الواحد، وعذاب القبر.وقد أدى هذا التهور والشغب دوره واستغلته أجهزة الإعلام أسوأ استغلال، حيث صدرت أصوات تنادي بين الصليبيين بإراقة دمهم بالسيف، وليس من الحكمة أن يسمع النصارى ضرورة قتلهم قبل أن يسمعوا دعوة التوحيد ممن طلب اللجوء إليهم للأمن من الاضطهاد الذي هرب منه في بلاده!وهذا مخالف لحال السلف الذين هاجروا إلى الحبشة ليأمنوا على أنفسهم من ظلم قريش واضطهادها، فأحسنوا جوار من أحسن مجاورتهم وآمنهم من الفزع والملاحقة، كما قالت أم سلمة: لما نزلت أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي، وأمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه.إن الدور الذي لعبه الحزب كان له أثر سلبي في امتصاص طاقات الشباب المسلم المتطلع إلى قيام الإسلام، وإهدار هذه الطاقات بإشغالها في أمور تصرفهم عما يمكن أن يقوموا به من الدعوة بين مجتمع لا يحرم الدعوة إلى الإسلام، وتجعلهم يعيشون على أمل انتظار مجىء الخلافة بما يشبه انتظار الشيعة للمهدي المنتظر.ثم المرحلة التي تلي ذلك إذا لم يتحقق الأمل.. الإحباط وهي أخطر مرحلة تؤدي إلى الشك في الحل الإسلامي.هل لهذا الحزب طروحات عقدية؟وليست للحزب أولويات عقدية واضحة ولا يطرح عقيدة محددة، بل مطلب الخلافة عنده هو العقيدة التي لها الأولوية على جميع جوانب العقيدة الأخرى، وكأن الله قال: -وما خلقت الجن والإنس إلا لإقامة الخلافة-، وكأنه قال: -إن الله لا يغفر أن لا تكون خلافة ويغفر مادون ذلك لمن يشاء-!!وفاتهم أن منهج النبوة مخالف لذلك وأن أولويات هذا المنهج انقاذ ما أمكن من الناس من النار وتبليغ الرسالة، وإقامة الحجة سواء قامت الخلافة أم لم تقم، فكم من الأنبياء لم يمكن له وصبر على الدعوة وتبليغ الرسالة حتى مات، ومن الأنبياء من يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، ولكنه بلغ هذا الدين وبرئت ذمته ولم يؤمن له أحد، لكن شأن الدعوة مؤجل عند الحزب إلى أن تقوم الخلاف=========أسس جماعة حزب التحرير: تقي الدين بن إبراهيم النبهاني سنة1952م، وقد كان متأثراً بجده لأمه يوسف بن إسماعيل النبهاني وهو المعروف بصوفيته, ويدل على ذلك كتابه الموسوم (شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق) حيث كان متأثراً بالمعتقدات الصوفية التي تبناها السلاطين العثمانيون.ومن أبرز شخصياتهم: عبدالقديم زلوم- وهو خليفة النبهاني - صاحب كتاب(هكذا هُدمت الخلافة) ثم رأوا أنه انحرف عن منهج مؤسسهم النبهاني، فأصدروا بياناً في12رمضان1424هـ تتبرأ الجماعة من آرائه وضلالاته, ومنهم أحمد الداعور وعبدالعزيز البدري وعبدالرحمن المالكي وغانم عبده المقيم.دعوتهم: يدّعون أنهم أقاموا هذه الجماعة لمواجهة الظلم الاقتصادي والسياسي, ولغياب الإسلام عن الساحة، ولإعادة دولة الخلافة.والمطلع على منهج جماعة حزب التحرير يرى شغفهُ بمسألة الخلافة, وكأنها مصيبة الأمة ومأساتها اليتيمة, فلذلك علّق كل شيء على الخلافة, ففي غياب الخليفة-عندهم- لا قضاء, ولا أمر بالمعروف, ولا نهي عن المنكر, ولا قوامة للرجل على زوجته...وغيرها من الأحكام.فإذا قامت الخلافة، قالوا: ليس هذا وقت بيان الأخطاء؛ لأن بيانها يفرق المسلمين...إذن فمتى يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر...؟مراحل دعوتهم: حدد جماعة حزب التحرير أولاً مدة ثلاثة عشر عاماً من تاريخ تأسيسه للوصول إلى الحكم, ثم مددوها ثانياً إلى ثلاثة عشر عاماً للوصول إلى الحكم, ثم مددوها ثالثاً إلى ثلاثة عقود من الزمان (30سنة) مراعاة للظروف والضغوط المختلفة, ولكنَّ شيئاً من ذلك لم يحدث على الرغم من مضي المدتين.انحرافهم في العقيدة: ولأن جماعة حزب التحرير جعلوا العقل عليهم سلطاناً؛ جرّهم هذا إلى عدم التسليم الكامل لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم حتى في العقيدة, فهم ينفون أموراً تُعد من المسلّمات في عقيدة المسلم, فهم ينفون تسمية (القضاء والقدر) بحجة أنه لم يأتِ هذا اللفظ في الكتاب والسنة, وهذا باطل لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضاءه وقدره بالعين)) حسنه الحافظ ابن حجر والشيخ الألباني. ونفوا أيضاً كلمة (صفات الله) بالحجة نفسها، وهذا أيضاً باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها كما في البخاري من حديث عائشة في قصة الرجل الذي كان يختم قراءته في الصلاة بسورة الإخلاص, فلما ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: (( سلوه لأي شيء يصنع ذلك , فلما سألوه قال:لأنها من صفة الرحمن))...الحديث. ومن انحرافهم في العقيدة أنهم يثبتون من الصفات سبعاً وهم كالأشاعرة تماماً. ومن انحرافهم أنهم لا يأخذون بخبر الآحاد في العقيدة فهم ينكرون عذاب القبر وظهور المسيح الدجال...وغيرهما؛ بحجة أن خبر الآحاد يفيد الظن لا العلم, وهذا باطل شرعاً وعقلاً, أما من جهة الشرع فقد تظافرت الأدلة على قبول خبر الواحد، فالرسل أرسلوا إلى قومهم فرادى, ومع هذا صارت الحجة قائمة عليهم قال الله - جل وعلا: (( وماكنا معذبين حتى نبعث رسولاً)), والنبهاني -مؤسسهم- واحد !! فلماذا أخذوا عنه هذه العقيدة؟؟ ((مالكم كيف تحكمون)), ومن جهة العقل فإنه يصعب على المسلم أخذ كل خبر متواتراً , فمثلاً قوله-جل وعلا-: )) فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ((فهل يعقل أنني لا أقبل خبراً في العقيدة إلا من ثلاثين أو أربعين عالماً (الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به).الفتاوى الجائرة: فثالثة الأثافي تصدرهم للفتوى واستخفافهم بأهل العلم بل والطعن فيهم بالعمالة,مما جرّأهم للتصدر لهذا الأمر العظيم ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)), ومن فتاواهم الزائغة:1) من تزوج بأحد محارمه يسجن عشر سنوات, وهذه الفتوى مخالفة لحكم النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في مسند أحمد من حديث البراء بن عازب أنه عليه الصلاة والسلام حكم على رجل تزوج امرأة أبيه بضرب عنقه.2) تقبيل المرأة الأجنبية -ليست بمحرم - مباح وليس حراماً.3) سقوط الصلاة والصوم عن رائد الفضاء المسلم .4) جواز مصافحة النساء الأجانب.5) النظر إلى صورة المرأة الأجنبية ليس بحرام ولو بشهوة.6) يجوز زواج المتعة.7) إباحة الغناء.8) التبرج يُرجع فيه إلى المجتمع, فما يقدّرهُ المجتمع بشأنه يكون هو المعتبر.9) يجوز دفع الجزية من قبل الدولة المسلمة للدولة الكافرة.10) يجوز الركوب في وسائل المواصلات (البواخر والطائرات...) التي تملكها شركات أجنبية مع تحريم هذا الركوب إن كانت مملوكة لشركات أصحابها مسلمون؛ لأن الأخيرة ليست أهلاً للتعاقد في نظرهم.11) يرون أن كنز المال حرام ولو أخرجت زكاته.12) تفسيرهم ملكية الأرض بمعنى زراعتها, والذي يهملها ولا يزرعها لمدة ثلاث سنوات, تؤخذ منه وتعطى لغيره، ولا يجوز تأجير الأرض للزراعة عندهم إطلاقاً.فيتضح لنا مما سبق :أن جماعة حزب التحرير ضررهم على المجتمع أكثر من نفعهم، فإنه يؤخذ عليهم مخالفة عقيدة أهل السنة والجماعة في تقديم العقل على النصوص الشرعية؛ موافقة لأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم؛ مما دفعهم لإنكار عذاب القبر وظهور المسيح الدجال، بالإضافة إلى إهمالهم الجوانب التربوية وتخليهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن تقوم الدولة الإسلامية!!، وإصدار فتاوى شاذة عن الفقه الإسلامي.نسأل الله للجميع الهداية والثبات على الكتاب والسنة،،===دعوة جادة إلى دعاة وحدة الإنسانية والتعايش السلمي مع اليهود والنصارىالحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:-فإن رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تهتف بالسلام للعالم كله وتيقنت الدنيا كلها بما جاءت به من الآيات المرئية الحسية القاهرة التي تبرهن السلام الوارف على أرجاء الأرض، وقد أصغى مسمع الدهر لما جاءت به شريعة الإسلام.وترددت في فم الزمان آياتها القرآنية، وأشرقت شموس الهداية في كل مكان، وعم الكون نور الإسلام ورفرفت الدنيا ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتذوقت الإنسانية حلاوة السعادة بعدالة الحكم وأمن المحكوم في ظل الإسلام.وفتحت قصور الروم ودانت مدائن الفرس، ومدة الأرض بأعناقها للسلام الذي جاء به الإسلام وألقت بجرانها وزويت أكنافها واستسلمت مختارة مطاعة لهداية الإسلام المنقِذة للإنسانية.لقد بدأت الرحمة الإلهية ممثلة في رسالة الإسلام ببعثة صاحب أعظم رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]فكانت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاصة نهائية تجديدية لدعوة من قبله من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بمنهج رباني متكامل يمكّن الإنسان إذا ما وعاه وأخذ به من تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى*وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى}[طه:74-75]وجاءت الدعوة الإسلامية على حين فترة من الرسل ودروس من الكتب حين حرف الكلم وبدلت الشرائع تستهدف إحداث تحوّل ضخم في الحياة الإنسانية تنتقل بموجبه البشرية من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان قال تعالى:{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]ويَهْدِى به من اتبع رضوانه سبل السلام قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[المائدة:16]وانتقلت أمة الإسلام النقلة الضخمة بفعل هذا القرآن المجيد، فكانت أكبر وأعظم تحوّل في حياة الإنسان على الإطلاق متمثلة بدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شرك له، والاعتصام بما جاء به من عند الله .وقوامها تهذيب السلوك، والغرس في النفوس القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة للارتقاء بها إلى مستويات عالية من السمو إلى الكمال الإنساني الذي يرفعه إلى مستوى التكاليف الإلهية،فالحياة التي لا تستهدي بالوحي، ولا تنضبط بتوجيهاته ،تتسم بالفوضى والتخبط فكانت رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم روح العالم ونوره وحياته ،فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة ؟والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليها شمس الرسالة، وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة، وهو من الأموات قال تعالى:{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[الأنعام:122]فهذا وصف المؤمن كان ميتا في ظلمة الجهل فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان، وجعل له نورا يمشي به في الناس، وأما الكافر فميت القلب في الظلمات.وتكفل الله تعالى لمن تمسك بهديه أن ينفى عنه الخوف والحزن والضلال والشقاء، وأثبت ضدهما الهدى والسعادة والأمن والسلام قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}البقرة38]وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69].وقال تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }الأنعام48وقال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }الأعراف35]وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }الأحقاف13فعلق حصول السعادة والأمن والسلام في الحياة الدنيا والآخرة في إتباع هُدى الله والإيمان بالرسل والكتب والاهتداء بهم، وذلك بتصديق جميع أخبار الرسل والكتب والامتثال للأمر والاجتناب للنهي قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55فمن اتبع هدى الله حصل له الأمن والأمان والتمكين، والسعادة الدنيوية والأخروية وجعل جزاءه في الدنيا والآخرة الحياة الطيبة كما أخبر الله تعالى عن ذلك قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97إن النظرة الشمولية لنصوص القرآن والسنة تفضي بصاحبها إلى هذه النتيجة الأساسية الكبرى، ويتوقف مصيره الدنيوي والأخروي عليها.وهذا الأمر يشكل المحور الأساسي في السلام في الإسلام ؛فالسلام الذي ارتضاه الإسلام هو لمن استنار بروح الرسالة ونور الإيمان، وحقق عبوديته لله تعالى ويتوقف مصيره الدنيوي والأخروي على الدور الذي يؤدي إزاءها .ويتحدد من خلال هذه النظرة الشمولية المتكاملة للنصوص الكتاب والسنة حقيقة السلام الذي يريده الله وارتضاه في شريعة الإسلام.ونظراً لأهمية هذا الأمر وخطورته في واقع الحياة أود التذكير به والتحذير من الغفلة عنه والتساهل بما قضى الله وحكم في هذا الأمر.وفي هذا السياق يمكن التنبيه ببعض الملاحظات المهمة ذات الخطورة الكبيرة المصيرية للسلام في الإسلام وخلاصتها في ثلاثة نقاط:الأول:إن الله عزَّ وجلَّ جعل ثَواب المؤمنين لحياة الطيبة في الدنيا والآخرة ؛كما جعل ثَواب الكافرين على كفرهم وأعمالهم السيئة، القتلُ في الدنيا، والخزي الطويل في الآخرة.الثاني:إن الله أحل العذب على الخلق فأغرق من أغرق، ودمر من مدمر وخسف بمن خسف، وعذب من عذب، من أجل مخالفة دعوة الأنبياء.وبها كان المقت والسخط من الله عزَّ وجلَّ والمسخ والخسف، وتسليط الأوجاع والأمراض والجوع والهلع والفزع، والخوف وبسببها يذيق الله البشرية بعضها بأس بعض ويلبسهم شيعا، وهي منتهى جميع الكوارث والنكبات التي منيّها الجنس البشري.كل ذلك بسبب مخالفة دعوة الرسل وهدي الأنبياء صب الله عليهم الكوارث والمصائب والنكبات من الحروب المدمرة والأمراض الفتاكة والمجاعات المهلكة القاتلة والصواعق والفيضانات ونزع البركات من الأرض وغيرها قال تعالى:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ*إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}[فصلت:13-14]وقال تعالى:{فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت:40] فمنهم من أخذتهم ريحا عاصفة فيها حصباء كقوم لوط، ومنهم من أخذته الصيحة كثمود، ومنهم من خسف به الأرض كقارون، ومنهم من أغرق كقوم نوح وفرعون وقومه.وهذا مما اتفقت عليه الكتب المنزلة من السماء وبعث به جميع الرسل، ولهذا قص الله علينا أخبار الأمم المكذبة للرسل وما صارت إليه عاقبتهم، وأبقى آثارهم وديارهم عبرة لمن بعدهم وموعظة.وكذلك مسخ من مسخ قردة وخنازير لمخالفتهم لأنبيائهم، وكذلك من خسف به، وأرسل عليه الحجارة من السماء، وأغرقه في اليم، وأرسل عليه الصيحة، وأخذه بأنواع العقوبات، وإنما ذلك بسبب مخالفتهم للرسل وإعراضهم عما جاءوا به، واتخاذهم أولياء من دونه.فهذه دعوة جميع الأنبياء دلت على أنه لا أمن ولا سلام لمن كفر به وكذب برسوله وعناد دينه الله .بيٍّن الله تعالى فيها أن تكذيب الأمم وكفرهم بالله ورسله هو كسبهم الذي لم يجعل لهم سلاماً، وجعل ثَوابهم على كفرهم وأعمالهم السيئة، الهلاك والقتلُ في الدنيا، والخزي الطويل في الآخرة.الثالث:إن بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع الله الجهاد للكفار والمشركين من أهل الكتاب وغيرهم حتى تتحقق هذه الغاية الكبرى بدل الهلاك العام، والعقوبة المستأصلة ،عقوبة للكفار الذين أبوا أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى.فكان في الأمم السابقة أن الأمة إذا عصت وعتت عن أمر الله ولم تنقذ لنبيها أن الله يأخذها بالعقوبة المستأصلة فيهلكون عن آخرهم كما حصل لقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ممن أهلكهم الله عن آخرهم لما تمردوا على أنبيائهم وتكبروا عن عبادة الله وأصروا على عبادة غير الله، وأصروا على الشرك ،فإن الله جل وعلا يستأصلهم عن آخرهم ولا ينجوا إلا أهل الإيمان لا ينجوا إلا الرسل وأتباعهم .فالناس عباد لله في نظر دعوة جميع الأنبياء خلقوا لعبادته فإن تمرد بعضهم عن القيام بهذه الغاية لا يستحق إلا الهوان في الدنيا والآخرة .قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل ))متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهماوفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ))، وفي صحيح مسلم عنه أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به))وفي صحيح مسلم أيضا عن طارق الأشجعي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل))،والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على وجوب جهاد الكفار والمشركين وقتالهم بعد البلاغ والدعوة إلى الإسلام، وإصرارهم على الكفرحتى يعبدوا الله وحده ويؤمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويتبعوا ما جاء به، وأنه لا تحرم دماؤهم وأموالهم إلا بذلك وهي تعم جهاد الطلب، وجهاد الدفاع، ولا يستثنى من ذلك إلا من التزم بالجزية بشروطها إذا كان من أهلها ،عملا بقول الله عز وجل:{قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:29]فإن لم يدخلوا في الإسلام، ولم يؤذوا الجزية وهم صاغرون يقاتلون لكفرهم وتغنم أموالهم وتسبي نساؤهم وذراريهم .لذلك كانت العلاقة بين الإسلام والديانات الباطلة وأهلها أنه الأعلى العزيز وهي الأدنى والأحط والأذل وأهلها كذلك.فأين الدعوة إلى وحدة الإنسانية وإلى التسامح والتعايش السلمي ؟!!وأين الدعوة إلى وحدة الأديان وحرية الاعتقاد والمساواة بين أهل الأديان؟!!كما أنه لا يوجد في شريعة الإسلام ما يدعيه المدعون من أن الإسلام قام على مبدأ حرية الأديان واحترام عقائد الناس وإراداتهم وفكرهم ومشاعرهم تحت حماية الدولة الإسلامية وسلطان عقيدة التوحيد.إن هذا القول يلغي موقف الإسلام من أهل الكتاب إذا أذوا الجزية، وتلغي هذه الصورة الضخمة القيود الثقال التي تجعلهم تحت مستوى العبيد .وفي هذا القول تجاهل للشروط العمرية المعتبرة عند فقهاء الإسلام والتي عامل بها المسلمون وعلى رأسهم خلفاؤهم أهل الكتاب .قال الإمام ابن القيم –رحمه الله-":قال الخلال في كتاب "أحكام أهل الملل"أخبرنا عبد الله بن أحمد فذكره، وذكر سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال:كتبت لعمر بن الخطاب-رضي الله عنه-حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم ألا يحدثوا في مدينتهم ولا في حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يؤوا جاسوسا، ولا يكتموا غشا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن ارادوا، وأن يوقروا المسلمين وأنيقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يكتنوا بكناهم ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلدوا سيفا، و لا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا، وأن يشدو الزنانير على أوساطهم ولا يظهروا صليبا ولا شيئا من كتبهم في شيء من طرق المسلمين، و لا يجاوزوا المسلمين بموتهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم ولا يظهروا النيران معهم ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين .فإن خالفوا شيئا مما شرطوه فلا ذمة لهم،وقد حل المسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق ...." انظر "أحكام أهل الذمة (2/661-663).ثم قال ابن القيم-رحمه الله-:وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم ولم يزل ذكرهم الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها ثم ذكر أقوال الأئمة في أحكام الكنائس .ثم قال:"ومتى انتقض عهدهم جاز أخذ كنائس الصلح منهم فضلا عن كنائس العنوة كما أخذه رسول الله r ما كان لقريضة والنضير لما نقضوا العهد ،فإن ناقض العهد أسوأ من المحارب الأصلي ...ثم قال:"ولا يمكنوا من إحداث البيع والكنائس كما شرط عليهم عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- في الشروط المشهورة عنه"ألا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة و لاصومعة ولا ديرا ولا قلاية امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكون قبلتان في بلد واحد)) رواه أحمد في المسند (1/223) بلفظ لا ، تصلح قلتان في أرض . ، وأبو داودبإسناد جيد، والترمذي في الزكاة (633) إلا أن لفظ أبي داود ((ليس على المسلم جزية))وقال الترمذي أنه مرسل وضعفه الألباني في الأرواء (5/99).روي عن عمر –رضي الله عنه:"لا كنيسة في الإسلام"ولما وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ومذهب جمهورهم في القرى.وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به، وذكر منهم: عمر بن عبد العزيز، وأنه أمر بهدم الكنائس في اليمن وذكر عن الحسن أنه قال:من السنة أن تهدم الكنائس في الأمصار القديمة والحديثة، وذكر من الخلفاء الرشيد والمتوكل وأنه استفتى العلماء في وقته فأجابوه فبعث بأجوبتهم إلى الإمام فأجابهم بهدم كنائس السواد وذكر الآثار عن الصحابة والتابعين.ومن عدل الإسلام أن ينزل المسلمين منزلتهم وأن ينزل الكافرين منزلتهم فشتان ما بين المسلمين والكفار .ومن الحيف والجور المساواة بينهم في الدماء وغيرها قال صلى الله عليه وسلم:((المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم ....ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده )) أخرجه أحمد في"المسند"(2/191-192،211)، وأبو داود في الجهاد حديث (2715)من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي الديات حديث (4530)من حديث علي رضي الله عنه بإسناد صحيح .وعن علي-رضي الله عنه-مرفوعا: ((وأن لا يقتل مسلم بكافر)) أخرجه البخاري في الديات حديث (6915).وقد أحل الله للمسلمين نكاح الكتابيات وحرم على المشركين والكتابيين نساء المسلمين{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[المائدة:5]وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم:((دية المعاهد نصف دية الحر)) أخرجه أبو داود في الديات حديث (4583)، والترمذي في الديات حديث (1413)، والنسائي في القسامة حديث (2810) .تأمل هذه الأدلة والشروط العمرية وما بني على ذلك كله من أقوال أئمة الإسلام في معاملة أهل الذمة في كنائسهم ولباسهم وركوبهم وسائر ما ذكر من شئون حياتهم وقارن بين ذلك وبين ما يقرر المساواة بين الإسلام والأديان الباطلة، ويجعلون الدفاع عن الصوامع والكنائس والديارات ونحوها مما يؤمه اليهود والنصارى أو غيرهم للعبادة جعل حماية هذه الأماكن والدفاع عنها ضمن مسؤليات المسلمين القتالية. انظر كتاب العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم (50-54)للشيخ العلامة ربيع بن هادي بتصرف مني .وهذا مما يدل على أن الإسلام لا يجيز حرية التدين والاعتقاد بل يدعو الناس جميعا إلى الدخول في الإسلام فقط.ولقد كانت هناك أقليات تمارس عبادتهم بحرية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن صلى الله عليه وسلم مستريحا لهذه الحرية فكاتبهم رسول صلى الله عليه وسلم يطلب منهم الدخول في الإسلام كما في كتاب قيصر ملك الروم بقوله:((فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ،فإن توليت فعليك إثم الأريسيين)) أخرجه البخاري في"صحيحه" حديث رقم:(7)، ومسلم في"صحيحه"حديث رقم(1773)من حديث ابن عباس.وقل مثل ذلك في سائر الممالك التي كاتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛فإنه لم يطلب منهم إلا الدخول في الإسلام، وما كان يشجعهم على عبادتهم ولا كان مستريحا لهذه الحرية.إن الدعوة إلى وحدة الإنسانية تصطدموا بنصوص الكتاب والسنة وتلغي ما يهدف الإسلام من دعوة الناس إلى هداية الإنسانية .فالإسلام لم يجعل وحدة إنسانية ولا التسامح والتعايش لمن كفر بالله وأشرك به وكذب برسوله وبغض دينه وطعن فيه وعادى أهله مهما ادعى من إقامة العدل والحقوق والحرية والمساواة الإنسانية ،بل شرع لأهل الإسلام قتال أهل الأديان حتى لا تكون في الأرض فتنة ويكون الدين كله لله، ولم يجعل لهم حقوق وجود ولا حرية في أديانهم حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون فوضع الجزية التي تحمل معنى الصغار والإذلال لحمل أهل الذمة على الإسلام الذي فيه عزتهم وشرفهم في الدنيا والآخرة وسعادتهم ونجاتهم من النار التي أعدت للكافرين .لأن أهل النخوة والذين ينشدون العزة والحرية منهم لا يستطيعون البقاء على الصغار بل سيحفزهم ذلك على الخلاص منه لا سيما وكثير منهم يعرف أن الإسلام هو الحق وفيه العزة والسعادة في الدنيا والآخرة .فالدعوة للمؤاخاة الإنسانية مما يغري أهل الكفر في البقاء على كفرهم الذي فيه شقاؤهم الأبدي وهلاكهم السرمدي ويتصادم مع النصوص الشرعية التي تنهي عن مؤاخاة الكفار وموادتهم .ومعنى هذه الدعوة أننا لا ندعوهم للإسلام لأنهم قد حققوا غاية دعاة الإنسانية وأن المسلمين لا يحق لهم إعلان الجهاد على مثل هذه الدول ولا يجوز إعلان الجهاد عليهم في ظل التعايش والأخوة الإنسانية . فالواجب دعوة أهل الكتاب إلى الإيمان برسالة الإسلام مع البيان لهم أن الدين الإسلامي هو دين السماحة والخير والحب والسلام، وهو النعمة الشاملة، والعقيدة السامية، والشريعة الكاملة التي تحث على الخلق الكريم، والعلم القويم، والبناء السليم .ولا يلزم من هذا إقامة المودة ولا المحبة للكفار, وما جاء في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13]إنما تدل الآية أن الله جعل بني آدم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ,فيتمكنوا من المعاملات الجائزة بينهم شرعا ؛ كالبيع والشراء وتبادل السفراء, وأخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس ... وغير ذلك من العلاقات التي لا يترتب عليها مودة ولا محبة.وهكذا تكريم الله سبحانه لبني آدم لا يدل على جواز إقامة علاقة المودة والمحبة بين المسلم والكافر, وإنما يدل ذلك على أن جنس بني آدم قد فضله الله على كثير من خلقه .كما أن ليس المقصود من الدعوة والجهاد هو سفك الدماء وأخذ المال واسترقاق النساء والذرية وإنما يجيء ذلك بالعرض لا بالقصد الأول, وذلك عند امتناع الكفار من قبول الحق وإصرارهم على الكفر وعدم إذعانهم للصغار وبذل الجزية حيث قبلت منهم فعند ذلك شرع الله للمسلمين قتالهم واغتنام أموالهم واسترقاق نسائهم وذرياتهم ,ليستعينوا بهم على طاعة الله ويعلموهم شرع الله, وينقذوهم من موجبات العذاب والشقاء ويريحوا أهل الإسلام من كيد المقاتلة وعدوانهم ووقوفهم حجر عثرة في طريق انتشار الإسلام ووصوله إلى القلوب والشعوب, ولا ريب أن هذا من أعظم محاسن الإسلام التي يشهد له بها أهل الإنصاف والبصيرة من أبنائه وأعدائه , وذلك من رحمة الله الحكيم العليم الذي جعل هذا الدين الإسلامي دين رحمة وإحسان وعدل ومساواة يصلح لكل زمان ومكان ويفوق كل قانون ونظام . انظر مجموع فتاوى ابن باز (2 / 408).كما أن شريعة الإسلام أجازت المصالحة والمسالمة للإمام إذا كان من وراء ذلك مصالح عظيمة، منها النصر العزيز والفتح المبين واقتلاع جذور الشرك والكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية كان يشرع قواعد الصلح والسلم ، وقواعد المعاهدات بين الدولة الإسلامية وبين أعدائها.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .كتبه :أبو مصعب علي بن ناصر بن محمدالعـــدن=========================لا يخفى عليكم ما يجري في جنوب الجزائر والحدود المالية وتنظيم القاعدة الفاسد وهذا كلام الشيخ الفوزان في هؤلاء الخوارج وإن تسموا بأي اسم أرادوا .نص السؤالوهذا أيضا يقول : لا يخفى على سماحتكم ما لأسامة بن لادن من تحريض للشباب في العالم ، وأيضا الإفساد في الأرض ، والسؤال : هل يسوغ لنا أن نصفه بأنه من الخوارج ، لا سيما وأنه مؤيد للتفجيرات في بلادنا وغيرها ؟نص الجوابكل من إعتنق هذا الفكر فهو من الخوارجكل من إعتنق هذا الفكر ودعا إليه وحرٌض عليه فهو من الخوارج بقطع النظر عن اسمه وعن مكانهفهذه قاعدة أن كل من دعا الى هذا الفكر وهو الخروج على ولاة الأمور وتكفير المسلمين واستباحة دماء المسلمين فهو من الخوارجالشيخ صالح الفوزان وصف أسامة بن لادن بأنه من الخوارج (http://www.alfawzan.ws/node/9906)التحذير من رءوس الخوارج نص السؤالهذا سائل فضيلة الشيخ يقول : لماذا لا تصدر فتاوى من هيئة كبار العلماء تحذر من رءوس الخوارج مثل ابن لادن والظواهري والفقيه حتى لا يغتر بهم كثير من الناس وخاصة الشباب ؟نص الجوابظاهر من هيئة كبار العلماء عدة قرارات فى التنديد بهذه الأعمال وأصحابهاعدة قرارات ظهرت وفى ظمنها التنديد بمن يدبرونها ومن يخططون لها يدخلون فى هذا ما فى شكالكلام في المشعري والفقيه وأسامة بن لادننص السؤال:أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، هذا سائل يقول: أرجو قراءة السؤال على فضيلة الشيخ كما كتبته وإلا فالله ما جُعِلتم في حل وأنا خصيمك بين يدي الله عز وجل. يقول السائل: هل المسعري والفقيه وأسامة بن لادن يسمون ممن فارق الجماعة؟ وما رأيكم بمن يقول أن الشيخ ابن باز لم يتكلم في أسامة بن لادن والفتوى المنسوبة إلى الشيخ مكذوبة عليه، ويُحْتج كثيرًا بهذه المقولة؟نص الجواب:أما الفقيه وأسامة بن لادن والمسعري، أنتم تحكمون عليهم من أفعالهم وأقوالهم، تحكمون عليهم من أفعالهم وأقوالهم و..، لا تكذبوا عليهم؛ ولكن احكموا عليهم بما ظهر منهم من التصرفات.وأما أن الفتوى مكذوبة على الشيخ؛ فهذا هو الكذب؛ الكاذب هو الذي يقول أنها مكذوبة، ليست مكذوبة؛ ونحن سمعناها من الشيخ، سمعناها من الشيخ –رحمه الله-، وكتبت في فتاواه، وقُرِأت عليه وهو حي، وقرأت الفتاوى بعد وفاته على المشايخ وأقروها، الذي يقول هي مكذوبة هو الكاذب. نعم.الشيخ صالح الفوزان الكلام في المشعري والفقيه وأسامة بن لادن (http://www.alfawzan.ws/node/9650)القائمون بالتفجيرات في بلاد الحرميننص السؤال فضيلة الشيخ وفقكم الله ، هل الذين قاموا بالتفجير في هذه البلاد يعدونمن البغاة أو الخوارج ؟نص الجوابأشد من الخوارج الخوارج ما فعلو مثل هلفعل فهم خوارج وزيادة زادو عليهمالخوارج ما يدخلون على أهل البيوت وينسفونه عليهم ويقتلون الاطفال ومن وجدو مايفعلون هذا الخوارجما يفعل هذا إلا القرامطةهذا أشبه بفعل القرامطةموقف الدين من القائمين بالتفجيرات في البلاد الإسلاميةنص السؤالأحسن الله إليكم يقول: هل يقال لمن قاموا بالتفجيرات في هذه البلاد أنهم من الخوارج؟نص الجواب:على كل حال هذا إفساد فى الإ رض هذا إفساد فى الإرض وإهلاك للحرث والنسل وإعتداء على الدماء البريئة وترويع للمسلمين فهو من أشد افعال الخوارجالخوارج ما فعلو مثل هذاالخوارج يبرزون فى المعارك ويقاتلون أما هؤلاء يغدرون يجون للناس وهم نايمين و آمنين وينسفون المنازل بما فيها هذا فعل الخوارج ؟ لاهذا أشبه شي بفعل القرامطةأشبه شى بفعل القرامطةأما الخوارج فهم يتنزهون عن هذا الغدر و هذه الخيانةما فعل هذا الخوارجنعم التفجيرات والمظاهرات والعمليات الانتحاريةنص السؤاليقول السائل: ما قول سماحتكم فيمن يؤيد التفجيرات والمظاهراتوالعمليات الانتحارية وجزاكم الله خيرا ؟نص الجوابهذا من الموضوع الذى تحدثنا عنه الذى يؤيد التفجيرات وإضرار المسلمين والتخريب هذا من المنافقينهذا من المنافقين والعياذ بالله الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر فلما سنحة الفرصة له صار مع الاشرار ويؤيدهمدفاع بعض الناس عن الفئة الضالة نص السؤال هذا يقول : بعض الناس يدافع عن هذه الفئة الضالة ويقول بجانب ما حصل منهم من هذهالأعمال أن لهم حسنات يجب أن تذكر ؟نص الجوابماهى الحسنات ؟ تهديم البيوت وتقتيل وترويع وإتلاف الاموال وقتل المسلمين والمعاهدين هذهحسناتهم ؟ مالهم حسنات ظاهرةأما فيما بينهم وبين الله فنحن لا نعلم الغيب لكن ظاهرهم أن مالهم حسنات ظاهرة والذى يدافع عنهمهذا يكون مثلهم ترى حكمه حكمهم وان كان انه ما خرج معهم ولا فجر معهم إذا كان يرى أنهم علىحق فانه مثلهم عند الله ومثلهم فى الحكم فليحذر المسلم من هذا انه يكون منهم وهو لا يدر ى لانهيدافع عنهم أو يبرر لهم أو يعتذر لهم الشيخ صالح الفوزان دفاع بعض الناس عن الفئة الضالة القائمون بالتفجيرات في بلاد المسلمين وقتلهم الشرطةنص السؤالالذين يفجرون في بلاد المسلمين ويقتلون الشرطة هل هم منافقون ، وإذاكانوا منافقين فهل نفاقهم أكبر أم أصغر ؟نص الجوابهؤلاء خوارج هؤلاء خوارج خرجوا عن طاعة ولى الامر وجمعوا مع الخروج عن طاعة ولىالامر قتل المسلم(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )هؤلاء خرجوا على ولى الامر وفارقو جماعة المسلمين وقتلوا الابرياء قتلوا المؤنيينوالعياذو بالله جمعوا شرا ال============الوجه الأول :
لا ينبغي تصديق كلّ ما يُقال عن كل حكام المسلمين ؛ لاسيما إن أريد بهذا إيقاع الإثم على المسلم ؛ فضلاً عن إيقاع الكفر .
وقد أمرنا اللهُ تعالى بالتثبُّت في خبر الفاسق .
لا سيما أن الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على :
§ خبر إعلاميٍّ كافرٍ .
§ أو مثله فاسق .
§ أو على خبر مجهول .
§ أو على توقّعات المُتسيِّسين ! المبنيّه على القرائن التي تحتمل الصواب والخطأ .
الوجه الثاني :
أن مِن الحكام - المراد تكفيرهم بهذا - مَن ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين ؛ كمثل نفي حكام الحرمين - وفقهم الله - أَيّ معاونةٍ لأمريكا ضدّ طالبان .
وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأنِ نفسه ؛ وجب تصديقه حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه .
الوجه الثالث :
أنه ليست كلّ إعانة للكفار مُكفِّرةً ؛ بل في الأمر تفصيلٌ .
فمع الاعتراف بكونه معصيةً لله تعالى إلا أنه لا يكون كفراً مطلقاً ؛ فإنه إن أعانهم رغبةً في دينهم كفر , وأما إن أعانهم لغيره - كدنيا مثلاً - فإنه لا يكفر .
وهذا التفصيل هو ما دلّت عليه الأدلة وقال به أهل العلم .
الوجه الرابع :
أنه - وعلى سبيل التسليم - لو قيل بتكفير كلّ مُعِيْن مطلقاً ! أو جرى لأحدهم أن أعان الكفار على الوجه المُكفِّر ؛ فليس كلّ واقع في الكفر يكون كافراً .
فكما أن التأثيمَ قد يتخلف ؛ فكذلك الكفرُ .
رد مع اقتباس===
الرد على الشبهة من أربعة أوجه
الوجه الأول :
لا نسلم بكون جميع الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله ؛ بل هناك من يحكم بما أنزل الله ويجتهد في ذلك ؛ كالحكومة السعودية - مثلاً - وإن كنت لا أدّعي لها الكمال في ذلك .
الوجه الثاني :
ليس كلّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً ؛ إذ هناك تفصيلٌ في المسألة - من جهة النوع - , فليست هذه المسألة مكفِّرةً بإطلاق .
الوجه الثالث :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام - في هذا الزمان - من وقع في الحكم بغير ما أنزل الله على صورته المُكفِّرة . ولكن الحاكم - وإن وقع في أمرٍ مُكفِّرٍ - فإنه لا يجوز تكفيره بعينه إلا بعد إقامة الحجة عليه .
لأن اعتقاد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تنزيل الأحكام على الأعيان إلا بعد إقامة الحجة على تلك الأعيان .
§ لأنه قد يكون جاهلاً . .
§ أو قد يكون متأوِّلاً . .
§ أو قد يكون عنده مِن علماء السوءٍ مَن لبَّس عليه . . .
§ إلى غير تلك الاحتمالات التي توجب التريُّث وعدم العجلة ؛
ولئن كانت الحدود تُدرأُ بالشبهات ؛ تالله إن الكفر لمن باب أولى .
وهنا السؤال :
هل أقيمت الحجة على كل حاكم بعينه بحيث يستطيع المُكفِّر الجزم بكفر ذلك المعين ؟
فإن دُعِيَ للخروج - مطلقاً- ؛ فـ
الوجه الرابع :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام من وقع في الصورة المكفِّرة وقامت عليه الحجة المشروطة في المعين ؛
ولكن الخروج على الحاكم الكافر له شروط ؛ هي :
1. القدرة على إزاحة ذلك الكافر .
2. عدم ترتّب مفسدةٍ عُظمى .
3. إحلال مسلم مكانه .
فلا يجوز الخروج على الكافر ما لم تُستجمع هذه الشروط ؛
وإلا وجب الكفّ عن الخروج والصبر وسؤال الله تعالى الفرج .
رد مع اقتباس
===== طعنهم في بيعة الحاكم الذي ليس مِن قريش !
الشبهة الأولى :
طعنهم في بيعة الحاكم الذي ليس مِن قريش !
الرد على الشبهة :
اشتراط كون الحاكم من قريش : صحيح ؛ ولكن إنما يُنظر إليه في حال الاختيار , أي : عند اختيار أهل الحلّ والعقد وليَّ الأمر .
أما في حال تولِّي غير القرشيّ بالغلبة , والقوة , وحصول الخلافة له , وتمكُّنه من الأمر ؛ فلا تجوز حينئذٍ منازعته , ولا الخروج عليه , ولا استبداله , ولو وُجد القرشيّ .
فائدة :
وكذلك فإن من المتقرر :
عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم , ولا نزعُه لاستبداله ؛ ولو وُجد الأفضل المستكمل للشروط .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان الدليل على اشتراط أن يكون الخليفة قرشياً
من الأدلة :
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ( خ : 3495 - م : 4678 ) :
« الناس تبعٌ لقريش في هذا الشأن . . . » .
وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ( خ : 3501 - م : 4681 ) :
« لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان » .
بيان المنع من الخروج على الحاكم المتغلِّب ولو لم يكن قرشياً
قد أجمع العلماء على طاعة الحاكم المتغلِّب ؛ وإجماعهم هذا مطلق لا تقييد فيه :
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( الفتح 13/9 ، تحت الحديث رقم : 7053 ) :
« قال ابن بطال . . . أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلَّب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه . . . » انتهى .
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( الدرر السنية 7/239 ) :
« الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلّب على بلدٍ أو بلدان ؛ لـه حكم الإمام في جميع الأشياء » انتهى .
وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمهم الله - ( مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 3/168 ) :
« وأهل العلم . . . متّفقون على طاعة من تغلّب عليهم في المعروف , يرون نفوذ أحكامه وصحة إمامته ؛ لا يختلف في ذلك اثنان . . . » انتهى .
أقول :
ولا تستغرب هذه الإجماعات ؛ فقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ولاية غير القرشيّ :
فقال أبوذر - رضي الله عنه - ( م : 4732 ) :
( أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع , وإن كان عبداً مجدّع الأطراف ) .
وجاء في حديث أم الحصين - رضي الله عنها - تفسير هذا بما يُشعر بالتغلُّب ( م : 4793 ) :
« إن أُمّر عليكم عبدٌ مُجدّع . . . يقودكم بكتاب الله : فاسمعوا وأطيعوا » .
قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 429 ، تحت الحديث السابق ) :
« . . . وتتصور إمامة العبد إذا :
§ ولاّه بعض الأئمة ,
§ أو تغلّب على البلاد بشوكته وأتباعه ؛
ولا يجوز ابتداء عقد الولاية له مع الاختيار ؛ بل شرطها الحرية » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 3/331 ، ط الوطن ) :
« قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أوصيكم بتقوى الله , والسمع والطاعة , وإن تأمّر عليكم عبدٌ حبشيّ ) : السمع والطاعة : يعني لولي الأمر .
وإن تأمر عليكم عبد حبشي : سواء كانت إمرته عامة - كالرئيس الأعلى في الدولة - , أو خاصة - كأمير بلدة أو أمير قبيلة وما أشبه ذلك - .
وقد أخطأ من ظنّ أن قوله « وإن تأمر عليكم عبد حبشي » أن المراد بهم الأمراء الذين دون الولي الأعظم - الذي يسميه الفقهاء ( الإمام الأعظم ) - ؛ لأن الإمارة في الشرع تشمل : الإمارة العظمى - وهي الإمامة - , وما دونها - كإمارة البلدان والمقاطعات والقبائل وما أشبه ذلك - » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 6/385 ، ط الوطن ) :
« فلو فُرض أن السلطان غلب الناسَ واستولى وسيطر , وليس من العرب , بل كان عبداً حبشياً : فعلينا أن نسمع ونطيع . . . » انتهى .
وتطبيقاً لهذه الإجماعات :
فقد اعتدّ العلماء الأكابر في هذا العصر كـ :
§ سماحة شيخي الشيخ الإمام عبد العزيز ابن باز ,
§ وفضيلة الشيخ الإمام محمد ابن عثيمين , وغيرهم - رحم الله الجميع - ؛
بحكم آل سعود - وفقهم الله - مع أنهم ليسوا من قريش .
بيان المنع من الخروج على المسلم المفضول لغرض تولية الفاضل
قال الغزاليّ - رحمه الله - في سياق منعه من استبدال مفضول بفاضل [6] :
« . . . فلا يُهدم أصلُ المصلحة شغفاً بمزاياها , كالذي يبني قصراً ويهدم مصراً » انتهى .
أقول :
فـ( المصلحة ) : في معنى بقاء الحاكم الجاهل بالأحكام أو الفاسق أو غيرهما من المفضولين .
و ( مزاياها ) : في معنى فائدة تولية الفاضل العالِم أو الصالح أو غيرهما .
ومن القواعد المقررة في الشريعة :
1. قاعدة : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) ؛
2. وقاعدة : ( لا يجوز إزالة الشرّ بما هو أشرّ منه ) وانظر كلام الإمام ابن القيم - رحمه الله - ( إعلام الموقعين 3/12 ) . كما قد حكى الإمام ابن باز – رحمه الله - الإجماع على هذه القاعدة , ( وسيأتي كلامه ) .
والخروج على المسلم المفضول فيه من المفاسد ما هو أشدّ على المسلمين من بقائه ؛
من : سفك للدماء , وإظهار للفتن , وإضاعة للأمن , وتعطيل للحدود ؛ فهو من إزالة الشرّ بأشرّ منه .
ومن أظهر مفاسده :
أنه يؤدي إلى عدم استقرار بيعة أحد ؛ لأنه مهما كان صلاح ولي الأمر فلا بدّ أن يوجد من هو أفضل منه , ولو بعد حين . كما أن تحديد الأفضلية أمر متفاوت , فقد تخرج جماعة زعماً أن مَنْ لديها هو الأفضل !
وتقدم كلام الإمام ابن باز - رحمه الله - حول مسألة الخروج على الحاكم الكافر ( فتاواه 8/203 ) :
« . . . إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان : فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته ؛ إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة : فلا يخرجوا . أو كان الخروج يُسبّب شراً أكثر : فليس لهم الخروج ؛ رعايةً للمصالح العامة . والقاعدةُ الشرعية المُجمع عليها أنه : ( لا يجوز إزالة الشرّ بما هو أشرّ منه ) ؛ بل يجب درء الشرّ بما يزيله أو يُخفّفه . أما درء الشرّ بشرّ أكثر : فلا يجوز بإجماع المسلمين .
فإذا كانت هذه الطائفة - التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً - عندها :
§ قدرة تزيله بها ,
§ وتضع إماماً صالحاً طيباً ,
من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشرّ أعظم من شرّ هذا السلطان : فلا بأس .
أما إذا كان الخروج يترتب عليه :
§ فساد كبير ,
§ واختلال الأمن ,
§ وظلم الناس ,
§ واغتيال من لا يستحقّ الاغتيال ,
§ إلى غير هذا من الفساد العظيم : فهذا لا يجوز … » انتهى ==
الرد على الشبهة :
الأصل في تولّي الحكم :
§ إما بالشورى ,
§ أو بالاستخلاف ؛
ولكن لو جاء من أخذ الحكم بالقوة ، وتغلّب واستقام لـه الأمر : وجبت طاعته وحرمت منازعته .
وهذا أمرٌ مجمع عليه عند أهل السنة والجماعة , لا يختلفون فيه .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان الإجماع على طاعة الحاكم المتغلِّب وتحريم منازعته
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( الفتح 13/9 ، تحت الحديث رقم : 7053 ) :
« قال ابن بطال . . . أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلَّب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه . . . » انتهى .
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( الدرر السنية 7/239 ) :
« الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلّب على بلدٍ أو بلدان ؛ لـه حكم الإمام في جميع الأشياء » انتهى .
وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمهم الله - ( مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 3/168 ) :
« وأهل العلم . . . متّفقون على طاعة من تغلّب عليهم في المعروف , يرون نفوذ أحكامه وصحة إمامته ؛ لا يختلف في ذلك اثنان . . . » انتهى .
الأولى .ظنُّهم أن الطاعة لا تجب إلا على مَن بايع بنفسه !
الرد على الشبهة من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول :
ما دام قد بايع أهلُ الحلّ والعقد ؛ فالطاعة والبيعة لازمتان على كلّ واحدٍ من الرعيّة وإن لم يبايع أو يتعهّد لهم بذلك بنفسه .
الوجه الثاني :
أن الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم , كانوا على هذا : إذ لم يشترط أحدٌ منهم هذا الشرط للزُوم البيعة ووجوب الطاعة !
الوجه الثالث :
أن في اشتراط هذا من المشقة والمفسدة ما يوجب على العاقل - فضلاً عن العالم - عدم القول به ؛
§ فأما المشقة :
فتلحق الحاكم والمحكوم على السواء ؛
إذ في ظلّ اتساع البلاد وكثرة الناس وبعد المسافات ما يلحق أنواعاً من المشاقّ .
§ وأما المفسدة :
فيستطيع كلّ مَن بيّت سوءً أن يتخلّف عن البيعة ويعمل ما شاء من أسباب الفرقة والنزاع بحجة عدم لزوم الطاعة عليه !
نُقولٌ على ما نَقول
بيان وجوب الطاعة ولزوم البيعة بمبايعة أهل الحل والعقد
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 35/9 ) :
« وما أمر اللهُ به من :
طاعة ولاة الأمور , ومناصحتهم ؛ واجبٌ على الإنسان وإن لم يُعاهدهم عليه , وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة .
كما يجب عليه الصلوات الخمس والزكاة والصيام وحج البيت . وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة . . . » انتهى .
وقال العلامة الشوكاني - رحمه الله - ( السيل الجرار 4/513 ) :
« وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يُبايعه كل من يصلح للمبايعة , ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جُملة المُبايعين ؛ فإن هذا الاشتراط - في الأمرين - مردودٌ بإجماع المسلمين أوّلهم وآخرهم , سابقهم ولاحقهم . ولكن التحكّم في مسائل الدين وإيقاعها على ما يُطابق الرأي المبنيّ على غير أساسٍ يفعل مثل هذا .
وإذا تقرر لك ما ذكرناه :
فهذا الذي قد بايعه أهلُ الحلّ والعقد :
قد وجبتْ على أهل القُطر الذي تنفُذُ فيه أوامره ونواهيه طاعته بالأدلة المتواترة » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( الباب المفتوح 3/176 ، لقاء 54 ، سؤال 1262 ) :
« . . . ومن المعلوم أن البيعة تثبت للإمام إذا بايعه أهل الحلّ والعقد . ولا يمكن أن نقول : ( إن البيعة حقّ لكلّ فردٍ من أفراد الأمة ) !
والدليل على هذا :
أن الصحابة - رضي الله عنهم - بايعوا الخليفة الأولَ أبا بكر - رضي الله عنه - ولم يكن ذلك من كلّ فردٍ من أفراد الأمة ؛ بل من أهل الحلّ والعقد .
فإذا بايع أهلُ الحل والعقد لرجلٍ , وجعلوه إماماً عليهم :
§ صار إماماً .
§ وصار من خرج على هذه البيعة يجب عليه أن يعود إلى البيعة حتى لا يموت ميتة جاهلية أو يرفع أمره إلى وليّ الأمر لينظر فيه ما يرى .
لأن مثل هذا المبدأ ؛ مبدأ :
§ خطير ,
§ فاسد ,
§ يؤدي إلى الفتن ,
§ وإلى الشرور .
فنقول لهذا الرجل ناصحين له :
اتق الله في نفسك , اتق الله في أمتك , ويجب عليك أن تبايع لولي الأمر وتعتقد أنه إمام ثابت ؛ سواء بايعتَ أنتَ أم لم تبايع .
إذاً :
الأمر في البيعة ليس لكلّ فردٍ من أفراد الناس ؛ ولكنه لأهل الحل والعقد » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 4/503 ، ط المصرية ) :
« قد يقول قائل - مثلاً - :
( نحن لم نبايع الإمام , فليس كل واحد بايعه ) !
فيقال :
هذه شبهة شيطانية باطلة ,
حتى الصحابة - رضي الله عنهم - حين بايعوا أبا بكر ؛ هل كل واحد منهم بايع ؟
حتى العجوز في بيتها ؟
واليافع [7] في سوقه ؟
أبداً !
المبايعة لأهل الحلّ والعقد ,
ومتى بايعوا ثبتت الولاية على كل أهل البلاد شاء أم أبى .
ولا أظن أحداً من المسلمين - بل ولا من العقلاء - يقول : إنه لا بدّ أن يبايع كل إنسان ولو في جحر [8] بيته , ولو عجوزاً , أو شيخاً كبيراً , أو صبياً صغيراً ! ما قال أحد بهذا , حتى الذين يدّعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يفعلون هذا - وهم كاذبون - ، حتى انتخاباتهم كلها مبنية على التزوير والكذب ولا يبالون أبداً إلا بأهوائهم فقط .
الدين الإسلامي :
متى اتّفق أهل الحلّ والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام , شاء الناس أم أبوا , فالأمر كله لأهل الحلّ والعقد .
ولو جُعل الأمر لعامة الناس , حتى للصغار والكبار , والعجائز والشيوخ , وحتى من ليس لـه رأي ويحتاج أن يُولّى عليه : ما بقي للناس إمام ؛ لأنهم لا بدّ أن يختلفوا » انتهى .===== طعنهم في الحكام بحجة أنهم أدخلوا المشركين جزيرة العرب !
الشبهة الرابعة :
طعنهم في الحكام بحجة أنهم أدخلو ا المشركين جزيرة العرب !
والحديث الآمر بإخراجهم ؛ أخرجه :
البخاري ( 3053 , 3168 , 4431 ) ومسلم ( 4208 ) وغيرهما ؛
من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - .
ولفظه :
« أخرجوا المشركين من جزيرة العرب » .
أقول :
ويتّخذ البعض - من فهمه - لهذا الحديث سبيلاً لـ :
§ الطعن في الحكام ؛
§ أو لإسقاط أحقيتهم في الحكم ؛
§ أو لنبذ بيعتهم ؛
§ أو لتوهين أمر طاعتهم ؛
§ أو للافتيات عليهم ومباشرة إخراج المشركين من جزيرة العرب بالطرق غير المشروعة ؛
ولأجل هذا كلّه يقال :
الرد على الشبهة من أربعة أوجه
الوجه الأول :
يجب إخراج المشركين من جزيرة العرب لدلالة الحديث النبوي على ذلك ؛ ولكن هذا الوجوب ليس على إطلاقه ؛ إذ هو محمولٌ على :
§ ألاّ تكون لهم إقامة دائمة في جزيرة العرب .
§ أو على منع قيام شعائر دينهم .
فلا يدخل في هذا الأُجراء , ولا أصحاب العهد أو الأمان .
الوجه الثاني :
أنه لا يجوز الافتيات ولا التعدّي على صلاحيات وليّ الأمر ؛
إذ المخاطَب بإخراج المشركين من جزيرة العرب هو : وليّ الأمر ؛
ومن ثمّ فإنه إن قصّر في هذا وأدخلهم بلا حاجةٍ فإن السبيل هو نصحه وتوجيهه بالطرق الشرعية لا بأن يقوم من أرادَ إخراجهم بمباشرة هذا الإخراج .
ثم قد يقال :
إن آحاد المسلمين مخاطبون بهذا الإخراج , ولكن في حدود ما يخصُّهم ؛ بحيث لا يستقدمون المشركين ما وجدوا إلى الاستغناء عنهم سبيلاً .
الوجه الثالث :
مع أنه وقع الخلاف في تحديد المراد بجزيرة العرب في الحديث ؛
إلا أن الفقهاء متّفقون على أنها ليست هي الجزيرة العربية التي في اصطلاح الجغرافيين - وهو ما وقع فيه المخالفون - ؛
قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 95 ، تحت الحديث رقم : 4208 ) :
« لكن الشافعيّ خصّ هذا الحكمَ ببعض جزيرة العرب , وهو : الحجاز , وهو [9] - عنده - :
مكة والمدينة واليمامة وأعمالها , دون [10] اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب » انتهى .
بل قال الحافظ ابن حجر عن قول الإمام الشافعي - رحمهما الله - ( الفتح 6/198 ، تحت الحديث رقم : 3053 ) أنه :
« مذهب الجمهور » انتهى .
وفي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( البعلي ص 264 ) :
« ويُمنعون من المقام في الحجاز , وهو : مكة والمدينة واليمامة والينبع وفدك وتبوك ونحوها وما دون المنحني . وهو عقبة الصوان من الشام كمعان » انتهى .
وقال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 22/235 ) :
« . . . وهكذا إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي : الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد الذي لم يبلغه ملك فارس والروم من جزيرة العرب - . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 28/630 ) :
« وقد أمر النبي في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي الحجاز - فأخرجهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من المدينة وخيبر وينبع واليمامة ومخاليف هذه البلاد » انتهى .
ولقائلٍ أن يقول :
ما الدليل على بطلان حمل الحديث على جزيرة العرب التي في اصطلاح الجغرافيّين ؟
فالجواب :
ما حكاه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - من اتّفاق العلماء على إخراج اليمن من الحكم النبويّ ، مع أنها داخلة في جزيرة العرب عند الجغرافيين ؛
قال - رحمه الله - عن جزيرة العرب ( الفتح 6/198 ، تحت الحديث رقم : 3053 ) :
« . . . لكن الذي يُمنع المشركون من سُكناه منها : الحجاز خاصّة ؛ وهو : مكة والمدينة واليمامة وما والاها , لا فيما سوى ذلك مما يُطلق عليه اسم جزيرة العرب ؛ لاتّفاق الجميع على أن اليمن لا يُمنعون منها مع أنها من جُملة جزيرة العرب » انتهى .
أقول :
فخروجها عن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مع دخولها في حكم الجغرافيين : دليل قاطع على تباين الحكمين وسقوط الاستناد على الاصطلاح الجغرافي في فهم المراد النبوي .
فاحفظ هذا فإنه مهم .
الوجه الرابع :
ويقال - على سبيل التنزُّل - :
لو فرضنا أن الحكام أدخلوا المشركين جزيرة العرب !
ولو فرضنا أن إدخال ولاة الأمور لهم ليس لحاجةٍ !
ولو فرضنا أنهم خالفوا الأمر النبوي في هذا الإدخال !
فإنه لا يعدوأن يكون عصياناً من وليّ الأمر ,
وليس بأمرٍ كفريّ يبيح لنا الخروج عليه ولا مباشرة ما من شأنه التمهيد للخروج !
وأنا لا أُهون من شأن المعصية ؛ ولكنني أتحدث عن الأمور المُكفّرة .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب ليس على إطلاقه
قال الإمام ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 2/450 ) :
« . . . أما في الجزيرة العربية :
فالواجب أن يُمنعوا من دخولها , وأن لا يُبقَوا فيها ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بقائهم فيها وأمر ألاّ يبقى فيها إلا الإسلام وألاّ يجتمع فيها دينان وأمر بإخراج اليهود والنصارى وغيرهم من الجزيرة ؛ فلا يدخلوها إلا لحاجة عارضة ثم يخرجون ؛ كما أذن عمر للتجار أن يدخلوا في مُدد محدّدة ثم يرجعون إلى بلادهم ؛ وكما أقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود على العمل في خيبر لمّا احتيج إليهم , ثم أجلاهم عمر .
فالحاصل :
أن الجزيرة العربية لا يجوز أن يُقرّ فيها دينان ؛ لأنها معقل الإسلام ومنبع الإسلام ؛ فلا يجوز أن يقرّ فيها المشركون إلا بصفة مؤقتة لحاجة يراها وليّ الأمر . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 3/286 ) :
« . . . فعلى الحكام في السعودية وفي الخليج وفي جميع أجزاء الجزيرة ؛ عليهم جميعاً أن يجتهدوا كثيراً في إخراج النصارى والبوذيين والوثنيين والهندوس وغيرهم من الكفرة , وألاّ يستقدموا إلا المسلمين . . . أما الكفار فلا يستخدمهم أبداً إلا عند الضرورة الشرعية , أي : التي يقدرها ولاة الأمر , وفق شرع الإسلام وحده » انتهى .
وقال - رحمه الله - عن دخول الكفار جزيرة العرب للتجارة ( الموقع الرسمي على الانترنت , نور على الدرب , الولاء والبراء , التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء ) :
« لكن إذا قدموا لتجارة ثم يعودون , أو بيع حاجات على المسلمين , أو قدموا إلى ولي الأمر برسالة من رؤسائهم : فلا حرج في ذلك ؛ لأن رسل الكفار كانوا يقدمون على النبي في المدينة عليه الصلاة والسلام , وكان بعض الكفار من أهل الشام يقدمون على المدينة لبيع بعض ما لديهم من طعام وغيره » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( الباب المفتوح 2/368 ، لقاء 39 ، سؤال 1055 ) :
« أما قولـه - صلى الله عليه وسلم - ( لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ) ؛ فالمعنى : لا تقام شعائر الكفر في جزيرة العرب .
يعني - مثلاً - لا تُبنى الكنائس ، ولا يُنادى فيها بالناقوس ، وما أشبه ذلك .
وليس المعنى أنه لا يتديّن أحدٌ من الناس في نفسه ؛ بل المراد أنه لا يكون لهم كنائس أو معابد أو بـِـيـَـع كما للمسلمين مساجد .
وأما قوله ( لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) ؛ فالمراد منها : السكنى .
وأما الأُجراء وما أشبه ذلك فلا يدخلون في هذا ؛ لأنهم ليسوا قاطنين بل سيخرجون .
وأما إبقاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر فيها ؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يُبقهم إبقاءً مطلقاً عامّاً , بل قال : ( نقرّكم فيها ما شئنا ) ؛ يعني : إلى أمد . وهذا الأمد كان لانتهائه سببٌ وذلك في عهد عمر - رضي الله عنه - حيث اعتدوا على عبد الله بن عمر وعلى الرجل الذي بات عنده ولم يوفوا بما عليهم فطردهم عمر - رضي الله عنه - » انتهى .
وقال - رحمه الله - لمّا سئل عن حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية ( فتاوى أركان الإسلام ، ص 187 ، سؤال 98 ) :
« . . . لكن استقدامهم للحاجة إليهم بحيث لا نجد مسلماً يقوم بتلك الحاجة ؛ جائز بشرط ألاّ يُمنحوا إقامة مطلقة . . . » انتهى .
بيان أن دور آحاد الناس في الإخراج يختص بما تحت أيديهم من الصلاحية
قال الإمام ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 2/451 ) :
« . . . ويجب على الرعية في الجزيرة العربية أن يساعدوا ولي الأمر ,
وأن يجتهدوا مع ولي الأمر في :
§ عدم جلب المشركين ,
§ وعدم التعاقد معهم ,
§ وعدم استعمالهم في أي عمل ,
§ وأن يُستغنى عنهم بالعُمّال المسلمين ؛
فإن في ذلك كفاية » انتهى .
ولـه - رحمه الله - رسالة في تحذير المواطنين في الجزيرة العربية من استقدام غير المسلمين ختمها بقوله ( فتاواه 8/356 ) :
« فأوصي إخواني جميعاً في هذه الجزيرة بـ :
§ الحذر من استقدام الكفار من النصارى والهندوس وغيرهم ,
§ والتواصي بذلك ,
§ وأن يعتاضوا عنهم بالمسلمين . . . » انتهى .
بيان المنع من الافتيات على ولي الأمر فيما هو من صلاحياته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن المحتسب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( فتاواه 28/69 ) :
« . . . وأما المحتسب فله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان ونحوهم » انتهى .
وقال في موضع آخر ( فتاواه 28/109 ) :
« . . . فإن المحتسب ليس له القتلُ والقطعُ » انتهى .
أقول :
يقصد - رحمه الله - أن إقامة الحدود ليست من صلاحيات المحتسب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
بيان أن المعاصي لا تبيح الخروج على ولي الأمر
تقدم نقل كلام :
§ الإمام النووي ,
§ والحافظ ابن حجر ,
§ والإمام ابن باز ,
§ والإمام ابن عثيمين - رحمهم الله - ؛
فراجعه في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب .====
الرد على الشبهة من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول :
الاستعانة بالقوات الكافرة ليست أمراً محرما في كلّ حال ؛
فقد تجوز عند الحاجة .
الوجه الثاني - وهو جواب خاص بحكام الحرمين - :
أن حادثة استعانة حكام الحرمين بالقوات الأجنبية في أحداث الخليج الأولى كانت بفتوى من كبار العلماء في السعودية ؛
فمن ثمّ - وعلى فرض التنزّل - فإنهم لا يُلامون ؛ لأنهم آخذون بفتوى جهة علمية قوية موثوقة ليس عندهم فحسب ؛ بل عند أهل السنة والجماعة في كل مكان .
الوجه الثالث :
لو فرض التحريم !
بل وعدم تجويز العلماء لهم !
فإن هذا يعدّ - على أسوإ التقديرات - محرماً وليس بكفر ؛
فلم يجز نبذ طاعتهم ,
ولا الخروج عليهم ,
ولا خلع بيعتهم بمثل هذا .
نُقولٌ على ما نَقول
ذكر بعض العلماء المجيزين الاستعانة بالكافر عند الحاجة
أذكر - هاهنا - بعض أهل العلم المجيزين للاستعانة بالكافر عند الحاجة ؛
فمنهم :
§ الإمام الشافعي - رحمه الله - .
§ والإمام أحمد - رحمه الله - .
§ والشيخ أبو القاسم الخِرقي - رحمه الله - .
§ والشيخ أبو الحسن السندي - رحمه الله - .
§ والإمام ابن باز - رحمه الله - .
§ والإمام ابن عثيمين - رحمه الله - .
وليس المقصد الاستيعاب في النقل ؛
ولا ترجيح القول بالجواز على القول بالمنع ؛
ولا النظر في أدلة الفريقين ؛
ولكن المقصد بيان أن هذا القول قد قيل قديماً , وأن لمن قال به حديثاً ( كالإمامين : ابن باز ، وابن عثيمين وغيرهما - رحم الله الجميع ) سلفٌ فيما ذهب إليه .
قال الشيخ ابن قدامة - رحمه الله - ( المغني 13/98 ) :
« فصلٌ :
ولا يُستعان بمشرك ؛ وبهذا قال ابن المنذر والجوزجاني وجماعة من أهل العلم . وعن أحمد ما يدلّ على جواز الاستعانة بهم - وكلامُ الخِرقي يدلّ عليه أيضا - عند الحاجة ؛ وهو مذهب الشافعيّ . . . » انتهى .
وقال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 403 ، تحت الحديث رقم : 4677 ) :
« قوله - صلى الله عليه وسلم - ( ارجع فلن أستعين بمشرك ) ؛
وقد جاء في الحديث الآخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه . فأخذ طائفة من أهل العلم بالحديث الأول على إطلاقه ؛
وقال الشافعي وآخرون : إن كان الكافر حسَن الرأي في المسلمين , ودعت الحاجة إلى الاستعانة به ؛ استُعين به . وإلا فيكره . وحَمَلَ الحديثين على هذين الحالين » انتهى .
وقال الشيخ الخِرقي - رحمه الله - في مختصره ( المغني 13/97 ، مسألة رقم : 1651 ) :
« ويُسهَمُ للكافر إذا غزا معَنا » انتهى .
وقال الشيخ السنديّ - رحمه الله - في شرحه لحديث ( إنا لا نستعين بمشرك ) من سنن ابن ماجه ( 3/376 ، تحت الحديث رقم : 2832 ) :
« يدلّ على أن الاستعانة بالمشرك حرام . ومحلُّه عدم الحاجة ؛ إذ الحاجة مستثناةٌ . فيُحمل ما جاء من ذلك على الحاجة . فلا تعارض » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - عن الكفار ( الباب المفتوح 3/20 ، لقاء 46 ، سؤال 1140 ) :
« . . . وأما الاستعانة بهم فهذا يرجع إلى المصلحة ؛ إن كان في ذلك مصلحة : فلا بأس ؛ بشرط أن نخاف [11] من شرّهم وغائلتهم وألاّ يخدعونا . وإن لم يكن في ذلك مصلحة فلا يجوز الاستعانة بهم ؛ لأنهم لا خير فيهم » انتهى .
وسيأتي - بإذن الله - كلام الإمام ابن باز - رحمه الله - في الترجمة التالية .
بيان أن استعانة حكام السعودية بالقوات الأجنبية كان بفتوى من أهل العلم
قال الإمام ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 6/148 ) :
« . . . وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ,
§ لمّا تأمَلوا هذا ,
§ ونظروا فيه ,
§ وعرفوا الحال ؛
بيّنوا :
§ أن هذا أمر سائغ ,
§ وأن الواجب استعمال ما يدفع الضرر ,
§ ولا يجوز التأخر في ذلك ,
§ بل يجب فوراً استعمال ما يدفع الضرر عن المسلمين ولو بالاستعانة بطائفة من المشركين . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 6/172 ) :
« وأما ما اضطرت إليه الحكومة السعودية من الأخذ بالأسباب الواقية من الشرّ والاستعانة بقوات متعددة الأجناس من المسلمين وغيرهم للدفاع عن البلاد وحرمات المسلمين وصدّ ما قد يقع من العدوان من رئيس دولة العراق ,
فهو إجراءٌ :
§ مسدّد ,
§ وموفّق ,
§ وجائز شرعاً .
وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء - وأنا واحد منهم - بيان بتأييد ما اتخذته الحكومة السعودية في ذلك ، وأنها قد أصابت فيما فعلته . . . » انتهى .
بيان أنه لا يُخرج على الحاكم إلا بالكفر الصريح
تقدم نقل كلام :
§ الإمام النووي ,
§ والحافظ ابن حجر ,
§ والإمام ابن باز ,
§ والإمام ابن عثيمين , - رحمهم الله - ؛
فراجعه في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب .=== الرد على الشبهة ( 6 ) : طعنهم في الحكام بحجة أنهم أضاعوا أموال الدولة !
الشبهة السادسة :
طعنهم في الحكام بحجة أنهم أضاعوا أموال الدولة !
الرد على الشبهة :
إن أمور الأموال ليست سبباً لمحبة أو بغض ولي الأمر ؛
فكما أنه لا يجوز السكوت عن الكافر ولو كان مُنعِماً على قومه بالدنيا ؛
فكذلك لا يسوغ الخروج على المسلم ولو ظلم في الأموال .
بل إنه قد ورد الذم الشديد على الذي يُعلِّق بيعته بالمال ؛
فإن أعطي رضي وإن لم يُعط سخط .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجيء من يستأثر بالمال
جاء في حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ( خ : 3792 - م : 4756 ) :
« إنكم ستلقون بعدي أثَرةً ؛ فاصبروا ؛ حتى تلقوني على الحوض » .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عن الاستئثار ( الفتح 13/11 ، تحت الحديث رقم : 7057 ) :
« . . . فبَيَّن له أن ذلك لا يقع في زمانه . . .
وأن الاستئثار للحظّ الدنيويّ إنما يقع بعده .
وأمرهم عند وقوع ذلك بالصبر » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 1/219 ، ط الوطن ) :
« وفيه دليل على نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه أخبر بأمر وقع ,
فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون بالمال ؛
§ فنجدهم يأكلون إسرافاً ,
§ ويشربون إسرافاً ,
§ ويلبسون إسرافاً ,
§ ويسكنون إسرافاً ,
§ ويركبون إسرافاً ,
§ وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة .
ولكن هذا لا يعني أن ننزع يداً من طاعة , أو أن ننابذهم !
بل نسأل الله الذي لنا ونقوم بالحقّ الذي علينا » انتهى .
بيان وجوب السمع والطاعة ولو استُؤثِر علينا في الدنيا
جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ( م : 4731 - ن : 4165 ) :
« عليك السمع والطاعة في عُسرك ويُسرك . ومنشطك ومكرهك . وأثَرَةٍ عليك » .
والأثرة تعني : الاستئثار بالدنيا ؛
قال العلامة ابن الأثير - رحمه الله - ( النهاية 1/26 ) :
« . . . أراد أنه يُستأثَرُ عليكم ؛ فيُفضَّلُ غيرُكم في نصيبه من الفيء .
والاستئثار : الانفرادُ بالشيء » انتهى .
وقال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 428 ، تحت الحديث رقم : 4731 ) :
« . . . وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم .
أي :
اسمعوا وأطيعوا وإن اختصّ الأمراءُ بالدنيا ولم يوصلوكم حقّكم مما عندهم .
وهذه الأحاديث في الحثّ على السمع والطاعة في جميع الأحوال . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - تحت باب : الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 439 ، تحت الحديث رقم : 4756 ) :
« تقدم شرح أحاديثه في الأبواب قبله ؛
وحاصله :
الصبرُ على ظلمهم وأنه لا تسقط طاعتهم بظلمهم » انتهى .
وقال الشيخ السندي - رحمه الله - ( حاشيته على سنن النسائي جزء 7 - 8 ، ص 157 ، تحت الحديث رقم : 4165 ) :
« . . . فالمراد : ( وعلى أثرةٍ علينا ) .
أي : بايَعَنا على أن نصبر وإن أُوثر غيرُنا علينا . . . » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - لما سئل عن بعض أنواع الرسوم التي تؤخذ من الحكومات ؛ هل هي من الضرائب ؟ - بعد أن أفتى بتحريمها - ( الباب المفتوح 3/416 ، لقاء 65 ، سؤال 1465 ) :
« ولا يجوز أن تُتّخذ مثل هذه الأمور وسيلةً إلى القدح في ولاة الأمور وسبّهم في المجالس وما أشبه ذلك ,
ولنصبر ,
وما لا ندركه من الدنيا ندركه في الآخرة » انتهى .
بيان الو عيد الشديد على من يبايع لأجل الدنيا
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( خ : 7212 - م : 293 ) :
« ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ,
§ رجل على فضلِ ماءٍ بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ,
§ ورجل بايع رجلا بسلعةٍ بعد العصر فحلف لـه بالله لأخذها بكذا وكذا فصدّقه وهو على غير ذلك ,
§ ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف » .
قال الحافظ ابن العربي المالكي - رحمه الله - ( العارضة 7/70 ، تحت الحديث رقم : 1595 ) :
« نصّ في :
§ الصبرِ على الأثرةِ ,
§ وتعظيمِ العقوبة لمن نكث لأجل منع العطاء » انتهى .
وقال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 1 – 2 ، ص 300 ، تحت الحديث رقم : 293 ) :
« . . . وأما مُبايع الإمام على الوجه المذكور فمُستحِقّ هذا الوعيد :
§ لغِشِّهِ المسلمينَ ,
§ وإمامَهُم ,
§ وتسبُّبه إلى الفتن بينهم بنكثه بيعته ,
لا سيما إن كان ممن يُقتدى به » انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( الفتح 13/216 ) :
« والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛
فمن جعل مبايعته لمال يُعطاه دون ملاحظة المقصود فقد :
§ خسر خسراناً مبيناً ,
§ ودخل في الوعيد المذكور ,
§ وحاق به ؛ إن لم يتجاوز الله عنه » انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 35/16 ) :
« وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم ؛ فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله : فأجره على الله , ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم : فماله في الآخرة من خلاق » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 4/503 ، حديث رقم : 1835 ، ط المصرية ) :
« فهذا الرجل بايع الإمام , لكنه بايعه للدنيا لا للدين ولا لطاعة رب العالمين ,
إن أعطاه من المال وفى , وإن منعه لم يف ,
فيكون هذا الرجل - والعياذ بالله - :
§ متبعاً لهواه ,
§ غير متبع لهداه ,
§ ولا طاعة مولاه ,
§ بل هو بيعته على الهوى » انتهى .========= الرد على الشبهة ( 6 ) : طعنهم في الحكام بحجة أنهم أضاعوا أموال الدولة !
الشبهة السادسة :
طعنهم في الحكام بحجة أنهم أضاعوا أموال الدولة !
الرد على الشبهة :
إن أمور الأموال ليست سبباً لمحبة أو بغض ولي الأمر ؛
فكما أنه لا يجوز السكوت عن الكافر ولو كان مُنعِماً على قومه بالدنيا ؛
فكذلك لا يسوغ الخروج على المسلم ولو ظلم في الأموال .
بل إنه قد ورد الذم الشديد على الذي يُعلِّق بيعته بالمال ؛
فإن أعطي رضي وإن لم يُعط سخط .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجيء من يستأثر بالمال
جاء في حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ( خ : 3792 - م : 4756 ) :
« إنكم ستلقون بعدي أثَرةً ؛ فاصبروا ؛ حتى تلقوني على الحوض » .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عن الاستئثار ( الفتح 13/11 ، تحت الحديث رقم : 7057 ) :
« . . . فبَيَّن له أن ذلك لا يقع في زمانه . . .
وأن الاستئثار للحظّ الدنيويّ إنما يقع بعده .
وأمرهم عند وقوع ذلك بالصبر » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 1/219 ، ط الوطن ) :
« وفيه دليل على نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه أخبر بأمر وقع ,
فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون بالمال ؛
§ فنجدهم يأكلون إسرافاً ,
§ ويشربون إسرافاً ,
§ ويلبسون إسرافاً ,
§ ويسكنون إسرافاً ,
§ ويركبون إسرافاً ,
§ وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة .
ولكن هذا لا يعني أن ننزع يداً من طاعة , أو أن ننابذهم !
بل نسأل الله الذي لنا ونقوم بالحقّ الذي علينا » انتهى .
بيان وجوب السمع والطاعة ولو استُؤثِر علينا في الدنيا
جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ( م : 4731 - ن : 4165 ) :
« عليك السمع والطاعة في عُسرك ويُسرك . ومنشطك ومكرهك . وأثَرَةٍ عليك » .
والأثرة تعني : الاستئثار بالدنيا ؛
قال العلامة ابن الأثير - رحمه الله - ( النهاية 1/26 ) :
« . . . أراد أنه يُستأثَرُ عليكم ؛ فيُفضَّلُ غيرُكم في نصيبه من الفيء .
والاستئثار : الانفرادُ بالشيء » انتهى .
وقال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 428 ، تحت الحديث رقم : 4731 ) :
« . . . وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم .
أي :
اسمعوا وأطيعوا وإن اختصّ الأمراءُ بالدنيا ولم يوصلوكم حقّكم مما عندهم .
وهذه الأحاديث في الحثّ على السمع والطاعة في جميع الأحوال . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - تحت باب : الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 439 ، تحت الحديث رقم : 4756 ) :
« تقدم شرح أحاديثه في الأبواب قبله ؛
وحاصله :
الصبرُ على ظلمهم وأنه لا تسقط طاعتهم بظلمهم » انتهى .
وقال الشيخ السندي - رحمه الله - ( حاشيته على سنن النسائي جزء 7 - 8 ، ص 157 ، تحت الحديث رقم : 4165 ) :
« . . . فالمراد : ( وعلى أثرةٍ علينا ) .
أي : بايَعَنا على أن نصبر وإن أُوثر غيرُنا علينا . . . » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - لما سئل عن بعض أنواع الرسوم التي تؤخذ من الحكومات ؛ هل هي من الضرائب ؟ - بعد أن أفتى بتحريمها - ( الباب المفتوح 3/416 ، لقاء 65 ، سؤال 1465 ) :
« ولا يجوز أن تُتّخذ مثل هذه الأمور وسيلةً إلى القدح في ولاة الأمور وسبّهم في المجالس وما أشبه ذلك ,
ولنصبر ,
وما لا ندركه من الدنيا ندركه في الآخرة » انتهى .
بيان الو عيد الشديد على من يبايع لأجل الدنيا
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( خ : 7212 - م : 293 ) :
« ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ,
§ رجل على فضلِ ماءٍ بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ,
§ ورجل بايع رجلا بسلعةٍ بعد العصر فحلف لـه بالله لأخذها بكذا وكذا فصدّقه وهو على غير ذلك ,
§ ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف » .
قال الحافظ ابن العربي المالكي - رحمه الله - ( العارضة 7/70 ، تحت الحديث رقم : 1595 ) :
« نصّ في :
§ الصبرِ على الأثرةِ ,
§ وتعظيمِ العقوبة لمن نكث لأجل منع العطاء » انتهى .
وقال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 1 – 2 ، ص 300 ، تحت الحديث رقم : 293 ) :
« . . . وأما مُبايع الإمام على الوجه المذكور فمُستحِقّ هذا الوعيد :
§ لغِشِّهِ المسلمينَ ,
§ وإمامَهُم ,
§ وتسبُّبه إلى الفتن بينهم بنكثه بيعته ,
لا سيما إن كان ممن يُقتدى به » انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( الفتح 13/216 ) :
« والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛
فمن جعل مبايعته لمال يُعطاه دون ملاحظة المقصود فقد :
§ خسر خسراناً مبيناً ,
§ ودخل في الوعيد المذكور ,
§ وحاق به ؛ إن لم يتجاوز الله عنه » انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 35/16 ) :
« وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم ؛ فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله : فأجره على الله , ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم : فماله في الآخرة من خلاق » انتهى .
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 4/503 ، حديث رقم : 1835 ، ط المصرية ) :
« فهذا الرجل بايع الإمام , لكنه بايعه للدنيا لا للدين ولا لطاعة رب العالمين ,
إن أعطاه من المال وفى , وإن منعه لم يف ,
فيكون هذا الرجل - والعياذ بالله - :
§ متبعاً لهواه ,
§ غير متبع لهداه ,
§ ولا طاعة مولاه ,
§ بل هو بيعته على الهوى » انتهى .=====: تكفيرهم جميع الحكام بلا استثناء !
الشبهة السابعة :
تكفيرهم جميع الحكام بلا استثناء !
الرد على الشبهة من أربعة أوجه :
الوجه الأول :
أنكم تُكفِّرون مِن الحكام مَن ليس بكافرٍ ؛ إذ إن الكثير من الأمور التي ينقمها البعض - هداهم الله - يظنّونها مكفِّرات ؛ وعند التحقيق لا تكون كذلك .
فلا نُسلم لكم بتكفير جميع حكام المسلمين .
الوجه الثاني :
أن التكفير لا ينبغي أن يصدر إلا من العلماء ؛
إذ لا يقبل التكفير من آحاد طلاب العلم فضلاً عن آحاد الناس .
وبالنظر لمن صرّح الراسخون في العلم بتكفيره نجدهم قلّةً إذا ما قُورن هذا بتعميم البعض - هداهم الله - التكفيرَ لجميع الحكام , أو لجميع الحكام العرب , أو لجميع حكام المنطقة الفلانية !
وما ذاك الإقلالُ من الراسخين إلا نتيجةً لفهمهم منهج أهل السنة والجماعة وتشرّبهم إياه ؛ وهذا يتّضح بالنظر لـ :
الوجه الثالث :
أنه ليس كلّ واقع في الكفر يكون كافراً .
وهذا أصلٌ أصيلٌ راسخٌ عند أهل السنة والجماعة قاطبة . فالعمل قد يكون كفراً لكنْ قد يتخلّف التكفير عن بعض من وقع فيه لعدم استكمال شروط تكفير المعيَّن . وإن شئت فقل لوجود مانع يمنع من التكفير .
وقد تقدم تقرير هذا في الأصل الثالث من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب , فراجعه .
وهنا السؤال لمن عمّم التكفير :
هل أقمتَ الحجة على كلّ هؤلاء الحكّام الذين كفّرتهم ؟
تالله إن هذا إن لم يكن مُحالاً لهو أخو المُحال .
الوجه الرابع :
أن الخروج على الحاكم الكافر ليس أمراً مطلقاً ؛ بل هو مشروطٌ بما يلي :
§ القدرة على إزاحة ذلك الكافر .
§ عدم ترتُّب مفسدةٍ عُظمى .
§ إحلال مسلمٍ مكانه .
نُقولٌ على ما نَقول
ثناء الإمامين ابن باز وابن عثيمين على حكام المملكة العربية السعودية ،
واعترافهم لهم بالبيعة ، وتحريمهم الخروج عليهم [12]
أولاً :
الإمام عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - :
قال - رحمه الله - في كلام لـه عن جامعة الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - ( فتاواه 1/383 ) :
« . . . وإني على يقين بأن حكومة المملكة العربية السعودية السُّـنّـيّـة - وفقها الله لما فيه رضاه ونصر بها الحقّ - لن تتوانى في دعم توصياتكم ومقرراتكم فيما يخدم الإسلام والمسلمين كما هي عادتها في هذا الشأن . . .
وذلك من فضل الله عليها ومما تُشكر عليه هذه الدولة التي قامت على مذهب السلف وطبّقته في مجتمعها » انتهى .
ولما تكلم - رحمه الله - عن الجيوش الإسلامية التي قاتلت صدام حسين في حرب الخليج الأولى كان مما قال ( فتاواه 6/150 ) :
« وهذه الجيوش ليست تحت راية الكفر ؛ بل كل جيش تحت قيادة قائده ؛ فالجيوش السعودية تحت قائدها خالد بن سلطان , وتحت القائد الأعلى خادم الحرمين الشريفين » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 8/181 ) :
« وفي زمننا هذا - والحمد لله - توجد الجماعات الكثيرة الداعية إلى الحق ؛ كما في الجزيرة العربية : الحكومة السعودية , وفي اليمن والخليج , وفي مصر والشام , وفي أفريقيا وأوروبا وأمريكا , وفي الهند وباكستان , وغير ذلك من أنحاء العالم ؛ توجد جماعات كثيرة ومراكز إسلامية وجمعيات إسلامية تدعوا إلى الحق وتبشِّر به وتحذِّر من خِلافه » انتهى .
وقال - رحمه الله - وأَنْعِمْ بما قال [13] ( فتاواه 9/98 ) :
« وهذه الدولة السعودية دولةٌ مباركةٌ ؛
§ نصر اللهُ بها الحقّ ,
§ ونصر بها الدين ,
§ وجمع بها الكلمة ,
§ وقضى بها على أسباب الفساد ,
§ وأمَّن اللهُ بها البلاد ,
§ وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله ,
وليست معصومة , وليست كاملة , كلٌّ فيه نقصٌ ؛
فالواجب :
§ التعاون معها على إكمال النقص ,
§ وعلى إزالة النقص ,
§ وعلى سدّ الخلل ؛
بالتناصح , والتواصي بالحقّ , والمكاتبة الصالحة , والزيارة الصالحة ؛ لا بنشر الشرّ , والكذب , ولا بنقل ما يقال من الباطل . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - عن الاقتداء بالمملكة العربية السعودية في رؤية هلال رمضان ( فتاواه 15/106 ) :
« والمملكة العربية السعودية أولى الدول بالاقتداء بها ؛ لاجتهادها في تحكيم الشريعة . زادها الله توفيقاً وهداية » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص 53 ، ط الأولى ) :
« الواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة :
السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف . . .
ولا يجوز لأحد أن ينزع يداً من طاعة ؛
بل يجب على الجميع السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف . . .
وهذه الدولة السعودية :
دولةٌ إسلاميةٌ والحمد لله ؛
§ تأمر بالمعروف ,
§ وتنهى عن المنكر ,
§ وتأمر بتحكيم الشرع ,
§ وتُحكِّمه بين المسلمين » انتهى .
وقال - رحمه الله - عمّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في السعودية ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص 54 ، ط الأولى ) :
« . . . بل هذا من المنكرات العظيمة , بل هذا دين الخوارج .
هذا دين الخوارج والمعتزلة :
الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدتْ معصية » انتهى .
رد مع اقتباس
#2
قديم 03-17-2015, 03:31 PM
بندر العتيبي بندر العتيبي غير متواجد حالياً
Junior Member
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 13
افتراضي
ثانياً :
الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - :
قال - رحمه الله - ( الباب المفتوح 1/364 ، لقاء 12 ، سؤال 499 ) :
« أقول :
إن من نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد أنّ اللهَ سبحانه وتعالى أبقى فيها عقيدة التوحيد في الربوبية وفي الألوهية وفي الأسماء والصفات , ولم يعرفوا تلك البدع المُكفِّرة وما دون المُكفِّرة ؛ إلا حيثُ اختلطوا بالناس ذهاباً إليهم , أو اختلط الناسُ بهم إياباً إليهم . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - لما تكلم عن الغربة في الدين ( الباب المفتوح 1/441 ، لقاء 15 ، سؤال 584 ) :
« الآن - والحمد لله - لا غرابة لذلك في بلادنا ؛ فالداعي يدعو , والمصلي يصلي , والمتصدق يتصدق , والعابد يعبد الله . وليس في ذلك غرابة . ولكن قد يوجد في بعض بلاد المسلمين من يستغرب . . .
والغُرْبة - عندنا في بلادنا والحمد لله - ليست موجودةً . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - عندما سُئل عن إيقاف بعض الدعاة ( الباب المفتوح 3/496 ، لقاء 69 ، سؤال 1526 ) :
« كيف نهدم هذا الأمن - الذي نعيشه - بأيدينا ؟
أمنٌ , رخاءٌ , وطمأنينة ؛ كيف نساعد على هدمه وإزالته بأيدينا ؟
ألم تعلموا أن من الناس من قاموا بالدعوة المسلّحة ضدّ الحكومات - التي ليست كحكومتنا ولكنها حكومات تصرّح بأنها تحكم بغير ما أنزل الله وتضع القوانين الفرنسية أو الإنجليزية أو الأمريكية أو الروسية لتحكم بين عباد الله المسلمين بهذه القوانين - وكانت النتيجة هي ازدياد هذه الحكومات عُنْفاً وسُلْطةً , وانعدام الاستقرار والأمن . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - عندما سئل : ( ما هو ردّكم على من يقول : أكثرُ الشرّ في بلد التوحيد مصدره الحكومة وأن الولاة ليسوا بأئمة سلفيين ؟ ) ، ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص 58 ، ط الأولى ) :
« ردّنا على هذا كالذين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مجنون وشاعر , وكما يقال : ( لا يضرّ السحاب نبح الكلاب ) :
لا يوجد - الحمد لله - مثل بلادنا اليوم في التوحيد وتحكيم الشريعة , وهي لا تخلو من الشرّ كسائر بلاد العالم ؛ بل حتى المدينة النبوية في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وُجد من بعض الناس شرٌّ ؛ لقد حصلت السرقة وحصل الزنا » انتهى .
بيان أنه ليس كل ما يقال إنه مُكفِّر يكون كذلك
قال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - عن بعض صور التعامل مع الكفار ( الباب المفتوح 3/466 ، لقاء 67 ، سؤال 1507 ) :
« . . . وهذه المسألة من أدقّ المسائل وأخطرها ولا سيما عند الشباب ؛
لأن بعض الشباب يظنّ أن أيّ شيء يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاة لهم ؛ وليس كذلك . . . » انتهى .
بيان أن التكفير لا ينبغي أن يصدر من كل أحد
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 35/100 ) :
« . . . فإن تسليط الجُهّال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات ؛ وإنما أصل هذا من الخوارج والروافض , الذين يُكفِّرون أئمة المسلمين لِما يعتقدون أنهم أخطؤوا فيه من الدّين » انتهى .
وقال الإمام الألباني - رحمه الله - ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ولهذا فإني أنصح أولئك الشباب أن يتورّعوا عن تبديع العلماء وتكفيرهم وأن يستمرّوا في طلب العلم حتى ينبُغُوا فيه وألاّ يغترّوا بأنفسهم ويعرفوا حقّ العلماء وأسبقيّتهم فيه . . . » انتهى .
بيان شروط الخروج على الحاكم الكافر
تقدم نقل كلام :
§ الحافظ ابن حجر ,
§ والإمام ابن باز ,
§ والإمام ابن عثيمين , - رحمهم الله - ؛
في الأصل الرابع من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب , فراجعه إن شئت .
بيان أن لتكفير المُعيَّنِ شُروطاً
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 3/229 ) :
« هذا ؛ مع أني دائماً - ومن جالسني يعلم ذلك مني - أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية ؛ إلا إذا عُلِم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى ,
وأني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها - وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية - , وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية » انتهى .==============تجويزهم الخروج على الحاكم الفاسق !
الشبهة الثامنة :
تجويزهم الخروج على الحاكم الفاسق !
الرد على الشبهة:
قد انعقد الإجماع ، واستقرّ على : تحريم الخروج على الحاكم الفاسق ؛
ومن ثم فلا يجوز الخروج عليه ولو ظهر منه الظلم والفسق والعدوان , ما لم يصل للحدّ المبيح للخروج وهو : الكفر .
فائدة مهمة :
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ( خ : 7055 [ 7056 ] - م : 4748 واللفظ له ) :
دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه . فكان فيما أخذ علينا :
أن بايَعَنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا ، ومكرهنا ، وعسرنا ، ويسرنا ، وأثَرَةٍ علينا ، وألاّ ننازع الأمرَ أهلَهُ .
قال : « إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان » .
ففي هذا الحديث التصريح بعدم جواز الخروج على الحاكم إلا بقيد الكفر الصريح ، وهذا ما قررت الإجماع عليه في الأصل الثاني من الأصول التي في أول الكتاب ؛
لكن جاءت نصوص أخرى يوهم - ظاهرها - تجويز الخروج على الحاكم العاصي الذي لم يقع في الكفر ، وهو ما يتعارض مع حديث عبادة - رضي الله عنه - المُجْمَع على دلالته !
وسأستعرض أظهر هذه النصوص - وهي ثلاثة - لتوجيه دلالاتها توجيهاً علمياً ،
فأقول مستعيناً بالله :
النصّ الأول :
رواية لحديث عبادة - رضي الله عنه - أخرجها ابن حبان - رحمه الله - ( 4566 ) :
بلفظ : « إلا أن تروا معصيةً لله بواحاً » ؛
فظاهر هذه الرواية يوهم جواز الخروج إذا أمر بالمعصية !
الجواب :
لا حجة فيها على جواز الخروج على الحاكم غير الكافر من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول :
أن لفظ الصحيحين « كفراً بواحاً » ؛
وقد قرر الحاكم - رحمه الله - أن الحديث إن كان في الصحيحين وجاءت في غيرهما زيادة فهي ضعيفة ,
فـ - على أقلّ تقدير - يجب النظر في ثبوت هذه الزيادة .
وليس لأحد أن يقول أنها ( ليست زيادة ؛ لأنها إبدال لفظٍ بلفظ ) ! وذلك أن الزيادة قد تكون لفظية - كما هو معلوم - , وقد تكون معنوية - كما في هذا المثال - .
الوجه الثاني :
أنه يجب تفسير ( المعصية ) - هنا - بالكفر ؛ فالكفر يصح أن يسمّى معصيةً ؛ لأن اسم المعصية يشمله . والموجب لهذا التفسير أمران :
§ الإجماع المستقرّ على منع الخروج إلا في حالة الكفر .
§ الأحاديث الأخرى المانعة من الخروج على الحاكم ولو عصى .
الوجه الثالث - وهو وجه قويّ دقيقٌ - :
أن الحديث الذي فيه ( الكفر ) سيق في غير مساق الحديث الذي فيه ( المعصية ) .
فحديث « كفراً بواحاً » جاء جواباً على السؤال عن مشروعية المنابذة ( الخروج ) .
وحديث « معصيةً لله بواحاً » جاء تقريراً لعدم الطاعة في المعصية .
فالمعنى :
لا تخرجوا إلا إن رأيتم الكفر البواح .
ولا تطيعوا إن أمرتم بالمعصية .
ومعلومٌ أن النهي عن الطاعة في المعصية لا يلزم منه تجويز الخروج ؛ إذ غايته : ألاّ يطاع في تلك المعصية فحسب .
ومما يُجلِّي هذا : تأمل اللفظين :
فالرواية الأولى :
( . . . وألاّ ننازع الأمر أهله , قال : « إلا أن تروا كفرا ‏‏ بواحاً‏ ‏عندكم من الله فيه ‏ ‏برهان» ) ، وهو ما أخرجه : البخاري ومسلم - رحمهما الله - .
والرواية الثانية :
« اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومكرهك وأثرةٍ عليك , وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ؛ إلا أن تكون معصيةً لله بواحاً » ، وهو ما أخرجه : ابن حبان - رحمه الله - .
أقول :
والذي في الصحيحين ؛ هو في معنى حديث علي - رضي الله عنه - ( خ : 7257 - م : 4742 ) :
« لا طاعة في معصية الله » , والله أعلم .
ثم وجدتُ للحافظ ابن حجر - رحمه الله - ما يؤيد ما قررته في الوجه الثالث من اختصاص رواية الكفر بالخروج ورواية المعصية بالإنكار وعدم الموافقة من دون خروج ؛ حيث قال بعد أن ذكر الروايتين ( الفتح 13/11 ) :
« والذي يظهر :
حمل رواية ( الكفر ) على ما إذا كانت المنازعة في الولاية ؛
فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر .
وحمل رواية ( المعصية ) على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية ؛
فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق لـه بغير عنف , ومحل ذلك إذا كان قادراً . والله أعلم » انتهى .
رد مع اقتباس===========لرد على الشبهة ( 9 ) : تجويزهم الخروج على الحاكم المبتدع
الشبهة التاسعة :
تجويزهم الخروج على الحاكم المبتدع !
قد يتمسك بعض المخالفين بشيءٍ لا متمسّك فيه - عند التحقيق العلميّ - ؛
كمثل قول القاضي عياض - رحمه الله - ( بواسطة شرح النووي لصحيح مسلم ، جزء 11 - 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :
« فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع , أو بدعة : خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك . . . » انتهى .
وكمثل ما نسبه أحدهم للإمام أحمد - رحمه الله - ( الإمامة العظمى ص 539 ) :
« بل قد صرح بالخلع للمبتدع عند الاستطاعة ؛ فذكر ابنُ أبي يعلى - في ذيل كتابه طبقات الحنابلة - كتاباً ذكر فيه بالسندِ المتّصل اعتقادَ الإمام أحمد قال فيه :
( وكان يقولُ :
من دعا منهم إلى بدعةٍ فلا تجيبوه ولا كرامة . وإن قدرتم على خلعه فافعلوا ) » انتهى .
الرد على الشبهة
مع عدم تسليمنا بكون جميع حكام المسلمين مبتدعة ؛
ومع كون تبديع المعين يحتاج لشروط ؛
إلا أنه يقال :
لا يجوز الخروج على الحاكم ولو كان مبتدعاً ؛
وبيان هذا من أربعة أوجه :
الوجه الأول :
أن فيه مخالفةً لحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ( خ : 7055 [ 7056 ] - م : 4748 ) :
دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه . فكان فيما أخذ علينا :
أن بايَعَنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثَرَةٍ علينا ؛ وألاّ ننازع الأمرَ أهلَهُ . قال : « إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان » .
بل فيه مخالفةٌ للإجماع المنعقد على المنع من الخروج إلا في حالة الكفر الصريح .
وهذا هو : الوجه الثاني .
الوجه الثالث :
إن تحديد حقيقة البدعة يحتاج إلى ضبط ؛
إذ ليس كلّ ما يُظنّ أنه بدعة يكون كذلك !
بل ليست كلّ بدعةٍ يتفق العلماء كلهم على أنها بدعة ؛ فقد يفعل الحاكم شيئاً موافقةً لطائفة من العلماء لا ترى في هذا الفعل بدعة !
ثم إنه لا بدّ من أن يُترك الكلام في التبديع للعلماء الكبار ؛ إذ لا يخوض فيه كلّ طالب علمٍ - فضلاً عن العامّي - .
الوجه الرابع :
وأما بشأن المنسوب للإمام أحمد - رحمه الله - ففيه [16] - زيادة على ما تقدم - :
1- أنه عزا الكلام إلى ابن أبي يعلى !
والواقع أنه ليس من كلامه ؛ بل مما أضافه المحقق ملحقاً بالكتاب .
2- أنه نسب الكلام للإمام أحمد - رحمه الله - !
والواقع أن القائل هو أبو الفضل عبدُ الواحد بن عبد العزيز التميميّ في حديثه عن اعتقاد الإمام أحمد . وليس هو كلام الإمام أحمد نفسه .
3- ذكر أنه بالسند المتصل !
والواقع أنه منقطع . فبين الإمام أحمد وأبي الفضل ما يزيد على ( 150 ) سنة .
نُقولٌ على ما نَقول
إثبات الإجماع على المنع من الخروج إلا في حالة الكفر الصريح
تقدم تقريره في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب ؛ فراجعه .
فائدة :
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - راداً على من زعم الإجماع على الخروج على الحاكم إذا دعا إلى بدعة ( ! ) ما نصه ( الفتح 13/124 ) :
« وما ادعاه من الإجماع على القيام فيما إذا دعا الخليفة إلى البدعة : مردودٌ .
إلا إن حُمل على بدعةٍ تؤدّي إلى صر=========لرد على الشبهة ( 10 ) : تجويزهم الخروج على الحاكم الظالم !
الشبهة العاشرة :
تجويزهم الخروج على الحاكم الظالم !
قد يستدل بعضهم بمنازعة ابن الزبير - رضي الله عنهما - ,
وبقيام الحسين بن علي - رضي الله عنهما - ،
وبقيام بعض التابعين - رحمهم الله - مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف الثقفيّ .
الرد على الشبهة من أربعة أوجه
الوجه الأول :
أن الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنع من الخروج ولو ظلم ولو فسق ولو عصى ,
ولم تستثنِ إلا الكفر الصريح .
الوجه الثاني :
أن ابن الزبير والحسين قد خالفهم الصحابةُ في ذلك - - رضي الله عنهم - أجمعين - ,
كما أنكر بعضُ كبار التابعين - رحمهم الله - الدخولَ مع ابن الأشعث .
الوجه الثالث :
أن الخروج على الحجاج ليس سببه الفسق !
بل كان بدافع التكفير - عند من رأوا الخروج عليه - .
الوجه الرابع :
أن الإجماع استقرّ بعد ذلك على منع الخروج على الحاكم ؛
إلا في حالة الكفر الصريح فقط .
نُقولٌ على ما نَقول
بيان الأحاديث المانعة من الخروج على الحاكم الفاسق الظالم
جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( خ : 7053 - م : 7467 ) :
« من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر . فإن من فارق الجماعة شبراً فمات ؛ فميتةٌ جاهلية » .
وجاء في حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ( خ : 3792 - م : 4756 ) :
« إنكم ستلقون بعدي أثَرةً ؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض » .
وتقدم - في الشبهة السادسة - بيان المراد بالاستئثار , وأن فيه ما يُشعر بالظلم ,
ونقلتُ كلامَ الإمام النووي - رحمه الله - :
« وحاصله :
الصبرُ على ظلمهم وأنه لا تسقط طاعتهم بظلمهم » انتهى .
وتطبيقاً لهذا ؛
فقد قال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 3/364 ، ط الوطن ) :
« لكن موقفنا نحو الإمام أو نحو الوالي الذي لم يعدل أو ليس بعادل : أن نصبر ؛
§ نصبر على ظلمه ،
§ وعلى جوره ،
§ وعلى استئثاره » انتهى .
بيان أنه لا يُستثنى من هذا المنع إلا وقوع الحاكم في الكفر الصريح
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ( خ : 7055 [ 7056 ] - م : 4748 ) :
دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه . فكان فيما أخذ علينا : أن بايَعَنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا , ومكرهنا , وعسرنا , ويسرنا , وأثَرَةٍ علينا . وألاّ ننازع الأمرَ أهلَهُ .
قال:
« إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان » .
بيان الإجماع على أنه لا يستثنى إلا الكفر الصريح
تقدم تقريره في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب ؛ فراجعه .
بيان مخالفة الصحابة للحسين وابن الزبير - رضي الله عنهم - أجمعين ،
وإنكار بعض كبار التابعين ـ رحمهم الله ـ الدخول مع ابن الأشعث
قال الإمام البخاري - رحمه الله - ( 7111 ) :
حدثنا سليمان بن حرب , حدثنا حماد بن زيد , عن أيوب , عن نافع , قال :
لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال :
إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
« ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة » ,
وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ,
وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال ,
وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه .
وقال العلامة ابن الأثير - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( أسد الغابة 2/28 ) :
« فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة , فتجهز للمسير , فنهاه جماعة , منهم : أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم » انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) :
« وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ؛
كما كان عبد الله بن عمر , وسعيد بن المسيب , وعلي بن الحسين , وغيرهم : ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد .
وكما كان الحسن البصري , ومجاهد , وغيرهما : ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( المنهاج 4/530 ) :
« ولهذا لما أراد الحسين - رضي الله عنه - أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة :
أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : ألاّ يخرج . . . » انتهى .
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لمّا ذكر قتال أهل المدينة ليزيد ( البداية والنهاية 8/235 ، حوادث سنة : 64هـ ) :
« وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحداً بعينه بعد بيعته ليزيد » انتهى .
وقال - رحمه الله - عن خروج الحسين - رضي الله عنه - ( البداية والنهاية 8/161 ، حوادث سنة : 60هـ ) :
« ولما استشعر الناس خروجه : أشفقوا عليه من ذلك , وحذروه منه , وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة لـه بعدم الخروج إلى العراق , وأمروه بالمقام بمكة , وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم » انته========: عَلَم على المحلِيِّين من ( الإخوان المسلمين )، انشقوا عنهم بسبب أن هؤلاء يرون عالمية الإمارة، وهم يرون جَزْأَرة
الدعوة أي أنها جزائرية العمل والإمارة، وعقيدتهم أشعرية يدافعون عنها بقوة، وهم أشد تعصبا لها من تميّع الإخوان العالميين،
وقد كان لهم مجلة النفير وغيرها، بل لهم اليوم جريدة العقيدة التي وقَّفت أقلامها لحرب العقيدة السلفية بلا هوادة، ومذهبهم
الفقهي مالكي على احتراق شديد في التعصب له، وهم كـ ( الإخوان ) في تهميش السّنة والاستخفاف بدعاتها،والتساهل مع البدعة وأهلها إلاّ من خالفهم في الوجهة السياسيّة،وتصوفهم كتصوف سعيد حوى، صاحب الكتاب المشئوم تربيتنا الرّوحية وغيره من الكتب اللغوية.
وهم ـ مع تظاهرهم بالسماحة مع المخالف ـ من أسرع الناس لجوءاً إلى العنف مع المخالف من المسلمين وغيرهم؛ إذ يبدؤون بالطعن في نيّته للوصول إلى إبعاده من المجتمع، فيقولون: هو عميل أو يُلصقونه بذيل السلطان! فإن أعياهم ذلك وكان للمخالف لسان صدق في الناس، قذفوه بأيّ سيِّئة خلقية من الفواحش المنَفِّرة! فإن أعياهم ذلك أغرَوا به السلطة التي يحاربونها في الخفاء! فإن أعياهم ذلك سلَّطوا عليه سفهاءهم بالضرب والتنكيل ...!
هذا ولهم تأييد قويّ للشيعة الإيرانية، ولئن زعموا أنّه مجرّد تأييد سياسيّ، وليس تأييداً عقديّاً! قلنا: هو عين التفريق بين الدّين والدّولة؛ وهل الدين إلا العقيدة؟!
وهل السياسة الرشيدة إلا ثمرة العقيدة السليمة؟!
قال ابن القيم: " وتقسيم بعضهم طرق الحكم إلى شريعة وسياسة كتقسيم غيرهم الدين إلى شريعة وحقيقة، وكتقسيم آخرين الدين إلى عقل ونقل، وكل ذلك تقسيم باطل، بل السياسة والحقيقة والطريقة والعقل كل ذلك ينقسم إلى قسمين: صحيح وفاسد ... " (( إعلام الموقعين )) (4/375).
منقول=====قد بدا لي من خلال معرفتي به الطويلة أن السجن الأول ـ قبل فتنة الأحزاب هذه ـ أثَّر فيه أثراً بالغا، وذلك من ناحيتين
الأولى: أنه أخبرني-يعني علي بلحاج- هو أنه عكف على كتب الإخوان المسلمين وفَلاَها فَلْياً، بغرض انتقادها ـ كما زعم ـ وسمى لي منها كتب محمد الغزالي والقرضاوي وسيد قطب، لكنه لم يلبث أن تأثر بها؛ يدلُّ عليه انقباضه من العلماء بعد خروجه من السجن ==
قلت: إن الذي لم يقنع بما عليه السلفيون منذ عهدهم الأول حتى يبتدع سلفية حركية، لن يجيء ـ مهما طوَّر الأسلوب وحوَّر في العبارات ـ إلا ببنت الإخوانية! ولو قرأتَ لهذا الرجل ما كتب لما استغربت،كيف وجلّ نقولاته عن الإخوان، من سيد قطب وأخيه محمد وعبدالقادر عودة وصلاح الخالدي وحسن البنا وحتى من محمد عبدالقادر أبي فارس وغيرهم ممن تقرأ أسماءهم في كتبه مثل كتاب » فصل الكلام في «، ولئن أخذ ومضة من كتب ابن تيمية في حكم مواجهة الحكام فمن باب قوله تعالى: {وإنْ يَكُن لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِين}، مع ذلك فيُفصِّل كلامه على قدّه ببتر نصوصه، واقرأ إن شئت ما كتبه في حكم الإضراب، ينكشف لك ما قلته بلا ارتياب.
وهذه عاقبة من لم يسعْه ما وسع السلف، وشبَّهتُ حاله في تأثّره بالإخوان ـ وهو يريد انتقادهم فيما زعم ـ بحال الغزالي الذي قال فيه أبو بكر بن العربي: " شيخُنا أبو حامد: بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع! "( ).
ولا يخفى على من جرَّب الجماعات المعاصرة ما في منهج ( الإخوان ) من الازدراء بأهل العلم، وإلا فخبِّروني من أول من نبزهم بعلماء الحيض والنفاس؟! وبعلماء القشور؟! وبعلماء البلاط؟! وبالذين يعيشون القرون الوسطى؟! وبعلماء الكتب الصفراء؟! وبعلماء البدو؟!.)))انتهى.
إذن هو تربى على الكتب التي تقدسونها وليس كتب السلفية أليس كذلك؟؟؟؟؟؟؟
ولكي لا يكون بينكم وبين حزبه وجماعته إلحاق إدعيتم أنه خريج السلفية والأثر ولكن الحق أن » الولد للفراش وللعاهِر الحَجَر «، وقد شهد العدول يوم كان يُلقَم بأيديهم ثدي التكفير من صحف سيد قطب، كما قيل:
فإن لم تكُنْهُ أو يكُنْها فإنّه أخوها غَذَتْهُ أمُه بلبانهاوأنتم جميعا وإن كنتم لا تَرضَون بحسن البنّا بديلاً، فلا تقبلون في سيد قطب جرحاً ولا تعديلاً. أما تفرقكم فنتيجة حتمية لمن غاب عنده أصل( التصفية والتربية )))
.
أما أهل السنة السلفيين فها هي دعوتهم منذ عصر النبوة إلى يومنا هذا قائمة وظاهرة لا يستطيع أحد أن يذكر لنا حالة واحدة من حالات الإرهاب عندهم وماذاك إلا لأن منطلقهم هو الكتاب والسنة اللذان يحذران من الفتن ,
فقد ثبت عند أبي داوود من حديث المقداد بن الأسود قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إن السعيد لمن جنب الفتن,إن السعيد لمن جنب الفتن,إن السعيد لمن جنب الفتن,ولمن ابتلي فصبر فواها''
فلو نظرنا إلى عصرنا الحاضر وما يقوم به علماء السنة السلفيين من نشر لدين الله وتحذير من الشرك والبدع وتعليم الناس أحكام دينهم لكان ذلك أكبر برهان على ماذكرت ,فهاهم علماء السنة من هيئة كبار العلماء وغيرهم في أرض الحرمين ونجد يقومون خير قيام بالواجب المناط بهم فانتشر الخير وعم داخل السعودية وخارجها من غير إثارة فتن وانقلابات ومظاهرات وماشابه ذلك من أساليب الكفرة.
وهاهو الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ومن معه من علماء السنة في اليمن قاموا بنشر السنة المطهرة حتى علم الناس الحق وناصروه فامتحى الشرك في كثير من الأماكن وأميتت البدع في أكثر المناطق وتعلم كثير من الناس السنة وعضوا عليها بالنواجذ وميزوا السنة من البدعة والحزبي من السني من غير إثارة فوضى واغتيالات ومظاهرات ,وكذا الشيخ الألباني رحمه الله كم نفع الله به في أنحاء العالم من تحقيقاته ومؤلفاته النافعة التي طارت في أرجاء المعمورة فما من مكتبة علمية لأدنى طالب علم بل حتى ولغيرهم من بعض العوام إلا وتوجد فيها بعض مؤلفات الشيخ الألباني وهكذا انتشر خيره وعم من غير مظاهرات ولا انقلابات وما شابه ذلك من أسباب الفتن,وهكذا العلامة ابن باديس في الجزائر فقد انتشرت دعوته وكتبه حتى ضاقت بذلك الصوفية وأضرابهم بدون إحداث فتن ولا قلاقل وكذلك غيرهم من علماء السنة وطلبة العلم السلفيين في أنحاء العالم يدعون إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة بعيدين كل البعد عما يفسد أكثر مما يصلح ويهدم ولا يبني ’والسبب في ذلك كما ذكر هو تمسكهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم على منهج السلف الصالح.
فإذا عرفت هذا فمن الظلم العريض أن يأتي أحلاس الرفض وأحلاس العلمانية والعقلانية فيلصقوا ما يجري اليوم من تبديع وتكفير وتدمير بالمنهج السلفي، متعاونين في حرب الإسلام الحق مع أعدائه الغربيين وتحت حمايتهم فما تراه منهم من شجاعة وجرأة فليس ذلك نابعاً من شجاعة أصلية فيهم وإنما هم يستندون إلى حماية الغرب ويسعون لتحقيق أهدافهم في إبعاد الأمة عن عقيدتها ومنهجها الصحيح .
ولذا نراهم يدعون إلى الإصلاح وهو عين الإفساد، (( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ))، (( إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقا)) .==حال علي بلحاج للشيخ عثمان بن عبد الله السالمي
سؤال الفتوى: ما الذي تعرفونه عن حال علي بلحاج ؟
الإجـــابة
هذا كان من أول يعني من الأصحاب يعني الانتخابات والمحرضين على الحكومة الأولى -هدانا الله وإياه- وكانوا يقول بعضهم كان رجلاً فيه صلاح علي بلحاج كان رجلٌ فيه صلاح لكن الله أعلم بحاله الآن ما أدري هو نعم من المعارضين للحكومة من المعارضين للحكومة وعلى كل حال ننصحكم بالابتعاد عنه وعن أشباهه لأن المرة الأولى بسببه وبسبب بعض الناس حصل قتلٌ كثيرٌ في الجزائر بسبب الفوضى بسبب الفوضى بارك الله فيكم فننصحكم عن الابتعاد عن علي بلحاج وعباس مدني ومن جرى مجراهم ممن يثيرون الشعوب على ولاتهم نحن ما نختلف أنّ الحكومات عندها معاصي عندها مخالفات وعندها بعضها شركيات ولكن العلاج ليس هذا العلاج تعليم النّاس الدعوة إلى الله بحسب الإمكان ، النصح لولاة الأمر أن يغيروا من ليس أهلاً للولاية ولكن هذه عقوبة على الحكام وعقوبة على الخارجين: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾الشورى:30 نعم قد يكون هناك رجال من الخارجين فيهم صلاح وعبادة نحن ما نختلف لكن أخطأوا الطريق نقولها صراحةً أخطأوا الطريق لأن الديموقراطية سلمكم الله ليس فيها مصلحة لأي شعب بل ضرر ! الديموقراطية ظهر جليًا للصغار والكبار للحكام ولغير الحكام هنا في اليمن كانوا يظنون أن الديموقراطية سترفع البلد وترفع اقتصاد البلد فبعد ذلك الحكومة الأولى عرفت أن بعد أن قامت الفتن هنا في هذه الأزمنة أيام عرفوا أن الديموقراطية لا تصلح الشعوب أبدًا بل تفسدها والله المستعان==========

أحد الأصول الفكرية القريبة لقتل الخارجي أباهاشتغل الناس ليلة السابع والعشرين من رمضان ١٤٣٦هـ بقتل أحد المطلوبين أمنياً أباه وتداولوا الكثير من النقاشات حول هذه الفاجعة وكيف تكونت هذه العقليات التي تقتل الوالدين باسم الدين .والحق : أن هذا السؤال ضخم ويحتاج إلى وَقَفات طويلة لتحرير الجواب عنه لكنني هنا سأكتفي بشئٍ يسير فلن أتحدث عن فكر الخوارج النَجْدات والأزاقة الذين ظهروا في صدر الإسلام بل سأتحدث عن أحد رؤوس الخوارج المُعَاصرين والذي كان له أثر بالغ في التعجيل في إيغال الفكر الخارجي المعاصر في غياهب التردي والظلام وأعني به أبا قتادة الفلسطيني ، والذي تم الإفراج عنه بعد أن كان محكوماً بالإعدام ويعيش اليوم حراً طليقاً في مدينة عمان في المملكة الأردنية الهاشمية ، ذلك الرجل هو صاحب الرسالة المشهورة : ( فتوى كبيرة الشأن حول جواز قتل الذرية والنسوان ) هذه الفتوى وجهها من لندن حين كان في ضيافة المخابرات البريطانية إلى المجرمين من أتباع ما يعرف زوراً الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر سنة ١٤١٥ هـ وتم بأثر هذه الفتوى قتل كثير من الأطفال والشيوخ والنسوان دون وازع من دين أو مروءة أو أخلاق ، مع أن الكثيرين من الكتاب والمشايخ الإسلاميين كانوا ينسبون كل أحداث القتل تلك في ذلك الحين للمخابرات الجزائرية ولم يلتفتوا لهذه الرسالة وما فيها من إقرار وما نتج عنها من مصائب ، بل كاد في تلك الرسالة القذرة أن يُبيح سبي أولئك النسوة اللاتي أجاز قتلهن .وإليك هذه العبارة من تلك الرسالة الخبيثة :يقول :(قد أنذر الإخوة المجاهدون في الجزائر نساء المرتدين بأن أزواجهن قد ارتدوافوجب الفراقوأنه لا يجوز لها أن تمكن المرتد منها ، فإن رفضت فحكمها حكمه …ولذلك فليُعلم أن نساء وذرية كل طائفة تعامل معاملة الطائفة ممتنعة ( كذا ) بقوة وشوكة التي انتسبت إليها في الأحكام الشرعية ، إلا ما خصوا به دون المقاتلة ) فهو هنا يُجيز قَتَل المرأة وأطفالها إذا لم تقبل بفتواه في كفر زوجها .ويقول في إحدى أعداد مجلة الأنصار : (لقد وصل أفراد الجماعة الإسلامية إلى درجة نحمد الله عليها بالبراءة من المرتدين وأعوانهم حتى لو كانوا آباءهم وأهليهم وما ذلك إلا بسبب فهمهم لعقيدة السلف الصالح والتشبه بسيرة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، فإن بعض عمليات أفراد الجماعة في تطبيق حكم الله في المرتدين وأعوانه ما كان ضد آبائهم وإخوانهم ، ففي بوقرة [ اسم بلدة جزائرية] قام شاب من أفراد الجماعة بتطبيق حكم الله تعالى في والديه بعد ما رفضا حكم الله تعالىوذلك بقبولهما بتزويج أخته إلى رجل مليشي[يقصد شرطي من شرطة الجزائر ]فالحمد لله الذي أحيا فينا سيرة سلف الأمة الصالح{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة 22 ] !!فهذه خيرات الجهاد ، وهذه هي آثار نعمة الله تعالى على عباده إن سلكوا سبيل الأوائل في إتباع الكتاب والسنة )هـ .فهو هنا يبارك جريمة شاب خبيث قتل والديه لأنهما قَبِلا -فقط قبلا – بتزويج ابنهما لشرطي .فهذه الفتوى وأمثالها استباح بها المجرمون الخوارج في الجزائر قتل الشيوخ والنساء والذرية بحجة أنهم من الأمن المرتد أو موالون لهذا المرتد فهم على حكمه في الردة .وهي اليوم أساس ما يفعله الداعشيون من استباحتهم قتل الآباء والأمهات ، في العراق والشام والمملكة العربية السعودية .هذا أنموذج لما ينبغي أن يعلمه الجميع من أن الفكر الداعشي ليس منفصلاً عن أفكار منظري القاعدة ، بل كلا الطائفتين أصحاب منهج خارجي واحد ، وإن زعم منظروا القاعدة اليوم إنكارهم على داعش فلا ينبغي أن يُقْبَل ذلك منهم مالم يَنْقَلبوا هم بالنقد الصريح لما كانوا عليه من الفسوق والفجور العقدي .يجدر هنا أن أُشِير إلى أن أبا قتادة هذا الذي أباح قتل الوالدين والنساء والصبيان في الجزائر يُحرِّم قتل نساء وأطفال النصيريين في سوريا حتى ولو كان ذلك رداً على عدوانهم =+++++++ فصل والخارجون على الإمام ثلاثة أقسام :9. لقسم الأول : قسم لا تأويل لهم فهؤلاء قطّاع الطريق ، نذكر حكمهم فيما بعد إن شاء الله ، وكذلك إن كان لهم تأويل ، لكنهم عدد يسير لا منعة لهم وقال أبو بكر : هم بغاة ؛لأن لهم تأويلاً ؛ فأشبه العدد الكثير والأول أصح ؛ لأن علياً رضي الله عنه لم يجر ابن ملجم مُجرى البغاة ؛ولأن هذ1 يفضي إلى إهدار دماء الناس وأموالهم10. [ قلت وما ذكره ابن قدامة أنه هو الأصح هو الراجح إن شاء الله لما ذكر من الأدلة ]11. القسم الثاني : الخوارج الذين يكفرون أهل الحق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستحلون دماء المسلمين ؛ فذهب فقهاء أصحابنا إلى أن حكمهم حكم البغاة ؛ لأن علياً رضي الله عنه قال في الحرورية : لا تبدءوهم بالقتال 0وأجراهم مجرى البغاة وكذلك عمر بن عبد العزيز رحمه الله 0وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار ، حكمهم حكم المرتدين ؛ لما روى أبو سعيد رضي الله عنه أن النبي قال فيهم (( إنهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة)) رواه البخاري وفي لفظ (( لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد )) فعلى هذا يجوز قتلهم ابتداء ، وقتل أسراهم ، واتباع مدبرهم ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد فإن تاب وإلا قتل 012. القسم الثالث : قسم قوم من أهل الحق خرجوا على الإمام بتأويل سائغ ، ورامو خلعه ، ولهم منعة وشوكة ، فهؤلاء بغاة 000 أهـ13. قال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي :-14. ( تنبيه ) : الخارجون على الإمام أربعة أصناف :-15. أحدها ) قوم امتنعوا من طاعته ، وخرجوا عن قبضته بلا تأويل ، أو بتأويل غير سائغ فهؤلاء قطّاع الطريق ، يأتي حكمهم إن شاء الله تعالى016. ( الثاني ) قوم خرجوا عن قبضة الإمام أيضاً ولهم تأويل سائغ ، إلا أنهم غير ممتنعين لقلتهم فحكى أبو الخطاب فيهم روايتين17. ( إحداهما ) وصححها وكذلك صححها الشريف ،و حكاها أبو محمد عن الأكثر ين حكمهم حكم قطّاع الطريق أيضاً ( الثانية ) وحكاها أبو محمد عن أبي بكر حكمهم حكم البغاة 018. [ قلت : وقد سبق أن الراجح هو أن حكمهم حكم قطّاع الطريق وهو مذهب الشافعي ]19. ( الثالث ) الخوارج الذين يكفرون بالذنب ، ويكفرون عثمان وعلياً وطلحة والزبير ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم فهؤلاء فيهم عن أحمد روايتان ، حكاهما القاضي في تعليقه20. ( إحداهما ) أنهم كفار فعلى هذا حكمهم حكم المرتدين ، تباح دماؤهم أموالهم ، وإن تحيزوا في مكان وكانت لهم شوكة ، صاروا أهل حرب ،وإن كانوا في قبضة الإمام استتابهم كالمرتدين ، فإن تابوا وإلا قتلوا00021. ( الثانية ) لا يحكم بكفرهم000أهـ22. ( الرابع ) قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام ويرمون خلعه لتأويل سائغ ،وإن كان صواباً وقيل : لابد وأن يكون خطأ ، ولهم منعة وشوكة ،فهؤلاء البغاة المبوب لهم بلا ريب 000أهـ23. مسألة : لو خرجوا البغاة على الإمام لكن لا يريدون خلعه لكن يريدون مخالفته فهل هم بغاة ؟24. نعم بغاة قال في حاشية الروض المربع ج 7 ص 390 : أي خرجوا على الإمام ، وباينوه ، وراموا خلعه ، أو مخالفته ، بتأويل سائغ صوابا كان أو خطأ025. مسألة قال في الحشية على الروض المربع ج 7 ص 394 : وجمهور العلماء يفرقون بين الخوارج ، والبغاة المتأولين وهو المعروف عن الصحابةومن هنا نجد أن الفروق كثيرة أولا : الخوارج قوم مبتدعة وضلال بخلاف البغاة فهم مجتهدونثانياً : الخوارج يكفرون أهل الحق بخلاف البغاةثالثا: الخوارج يشرع أن نبدهم بالقتال بخلاف البغاة فإنهم يدعون أولا وتزال شبهتم كما في سورة الحجر=أهل البغي هم طائفة من الناس جمعت بين ثلاثة أمور هي :1- التمرد على سلطة الدولة بالامتناع عن أداء الحقوق وطاقة القوانين أو العمل على الإطاحة برئيس الدولة .2- وجود قوة يتمتع بها البغاة تمكنهم من السيطرة .3- الخروج (وفسره المؤلف بحمل السلاح والثورة والحرب وغير ذلك لتحقيق الأغراض السياسية) .وذكر أنه يشترط لدخول الخارجين عن الحكم في هذه الفئة عن جمهور العلماء أن يكون لهم تأويل سائغ ولو كان ضعيفاً .ومثل للخارجين بمثل هذا بالذين خرجوا على علي من أهل الجمل وصفين إذ زعموا أنه يعرف قتلة عثمان ويعرفهم ولم يقتص منهم ‍‍!!ومثل للخارجين للسلطة دون تأويل بخروج مروان بن الحكم على ابن الزبير .والذي يظهر أن البغاة أخص من الخوارج فالخوارج كلهم بغاة ، وليس كل البغاة خوارج ؛ حتى يأخذوا بمعتقد الخوارج المعروف في مسائل الإيمان والحاكمية والأسماء .وأنصح بهذا الكتاب جداً خصوصاً في المسائل والفروقات وبيان الأحكام الوضعية للمسائل ، من أسباب وشروط وموانع وغير ذلك .وهو من ثلاثة مجلدات ، إلا أنه لا يطيل أحياناً في بيان الأدلة والرد عليها ، ونقل الاختلاف فيها=الإخوة الكرام ما حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم فتنة نسأل اللهأن يغفر لهم جميعا المصيب والمخطئ !! وهم كلهم مجتهدون ونحسن الظن فيهم .قال ابن حزم : وأما أمر علي ومعاوية فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أنذر بخارجة تخرج من طائفتين من أمته يقتلها أولى الطائفتين بالحق فكان قاتل تلك الطائفة علي رضي الله عنهم فهو صاحب الحق بلا شك وكذلك أنذر عليه السلام ( بأن عمارا تقتله الطائفة الباغية ) فصح أن عليا هو صاحب الحق وكان علي هو السابق إلى الإمامة فصح أنه صاحبها وأن من نازعه فيها فمخطئفمعاوية رحمه الله مخطئ مأجور مرة لأنه مجتهد مخطئ ولا حجة في خطأ المخطئ . الفصل ( 88)وقال أيضا : المجتهد المخطئ إذا قاتل على ما يرى أنه الحق قاصدا إلى الله تعالى نيته غير عالم أنه مخطئ فهو فئة باغية وإن كان مأجورا ولا حد عليه إذا ترك القتال ولا قود وأما إذا قاتل وهو يدري أنه مخطئ فهذا محارب تلزمه المحاربة والقود وهذا يفسق( ويخرج )لا المجتهد المخطئوبيان ذلك قوله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله 000الى قوله ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )قال الرافعي الكبير : ثبت أن أصحاب الجمل وصفين وأهل الشام والنهروان ( بغاة )قال ابن حجر : هو كما قال 000الخ . تلخيص الحبير ( 3/ 44)قال ابن خلدون : وظنوا ( يعني المطالبين بدم عثمان ) بعلي هوادةفي السكوت عن نصر عثمان من قاتليه لا في الممالأة عليه ( فحاشلله من ذلك ) ولقد كان معاوية إذا صرح بملامته إنما يوجهها عليه في سكوته فقط !ثم اختلفو بعد ذلك فرأى علي أن بيعته قد انعقدت ولزمت من تأخر عنها باجتماع من اجتمع عليها من أهل المدينة دار النبي صلى الله عليه وسلم وموطن الصحابة وأرجأ الأمر في المطالبة بدم عثمان إلى اجتماع الناس واتفاق الكلمة فيتمكن حينئذ من ذلك ورأى الآخرون أن بيعته لم تنعقد لا فتراق أهل الحل والعقد بالآفاق ولم يحضر إلا قليل ولا تكون البيعة إلا باتفاق أهل الحل والعقد ولا تلزم بعقد من تولاها من غيرهم أو من القليل منهم وأن المسلمين حينئذ فوضى فيطالبون بدم عثمان ثم يجتمعون على إمام وذهب إلى هذا السيدة عائشة رضي الله عنها ومعاوية وعمرو بن العاص والزبير وابنه عبد الله وطلحة والنعمان بن بشير ومن كان على رأيهم من الصحابة الذين تخلفوا عن بيعة علي بالمدينةإلا أن أهل العصر الثاني ومن بعدهم ( اتفقو على انعقاد بيعة علي ولزومها للمسلمين أجمعين وتصويب رأيه فيما ذهب إليه وتعين الخطأ من جهة معاوية ومن كان على رأيه وخوصا طلحة والزبير لانتقاضهما على ( علي ) بعد البيعة له فيما نقل مع دفع التأثيم عن كل من الفريقين كا لشأن من المجتهدين وصار ذلك (إجماعا من أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول كما هو معروف 000فلا يقعن عندك ريب في عدالة أحد منهم ولا قدح في شييء من ذلك فهم من علمت , وأقوالهم وأفعالهم إنما هي عن المستندات وعدالتهم مفروغ منها عند أهل السنة 00 الخمقدمة ابن خلدون ( 1/ 266)قال شيخ الإسلام : فإن عائشة رضي الله عنها لم تقاتل ولم تخرج للقتال وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين وظنت في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم .قال ابن تيمية : واعلم أن طائفة من الفقهاء الحنفية والشافعية والحنبلية جعلوا قاتلي مانعي الزكاة وقتال الخوارج من قتال البغاة وجعلوا قتال الجمل وصفين من ذلك وهذا القول خطأ وخلاف نص أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم ومخالف للسنة وأما قتال الجمل وصفين فهو قتال فتنة وليس فيه أمر الرسول ولا إجماع الصحابةقال الذهبي معلقا على كلام ابن تيمية : ولكن سماهم النبي صلى الله عليه وسلم ( بغاة في قوله لعمار ( تقتلك الفئة =القطبية أو القطبيون أو الفكر القطبي أو التيار القطبي ويعرف أيضاً بـ التيار الحركي أو الحركيون هي حركة فكرية تنسب إلى التكفيري سيد قطب أحد الأدباء الذي انتمى إلى الإخوان المسلمين بعد مصرع مؤسسها حسن البنا وأعاد بلورة أفكاره على ضوء أفكارها ثم صاغ لنفسه نظرية جديدة للحركة تكفيرية تخالف نظرية الإخوان طرحها قليلا من خلال كتابيه: في ظلال القران و معالم في الطريق. وكان أن انتمى للقطبيين الجيل الجديد من عناصر الإخوان في الخمسينيات والستينيات والذين وجدوا عدم مواءمة طرح البنا للمرحلة الجديدة خاصة فيما يتعلق بالموقف من الحكم. 


تتركز أفكار الدعوة القطبية في أن المجتمعات المعاصرة مجتمعات جاهلية بما فيها المجتمعات الإسلامية و كفر الحكومات القائمة في بلاد المسلمين وعدم جواز المشاركة في الحكم أو ممارسة العمل السياسي في ظل الحكومات الكافرة ووجوب جهاد الحكومات الكافرة ورفض الدعوة العلنية وتفضيل نهج التنظيم المغلق ولم تنحصر أفكار سيد قطب في محيط الساحة المصرية بل امتدت إلى بقاع أخرى كثيرة من العالم الإسلامي وأوروبا فقد شكلت هذه الأفكار بريقاً جذاباً للمسلمين في كل مكان وتحول بالتالي التيار القطبي إلى تيار عالمي ولا يزال الفكر القطبي قائمًا بل لا زال مسيطرًا على غالبية شباب العالم الإسلامي ويعتبر سيد قطب بهذه الأفكار المرجع الأول لفكر تكفير الحكام وإحياء الجهاد في هذا العصر وتكفير حب الوطن.

==الباغية=شبهة العمليات الانتحارية==


ولما كان بعض الشباب الذين يعتبرون من أهل الصلاح والتقوى ، قال بمثل ما قال به السابقون ولكن مع تحرٍ في العبارة وإن كان فيها من الجرح ما فيها ، ولكنهم اعتمدوا في ما قالوا على فتوى للشيخ (( حمود بن عقلاء الشعيبي ـ حفظه الله ـ )) قد أملاها على من سأله ، وهي في هذه المسألة ؛ ولكنها في الحقيقة وعند السبر والمعاينة ، والنظر الصحيح . نجد فتوى الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ بعيدة عن موضع النزاع بل فتوى الشيخ حمود تقرر شيئا معروفا ، ذكره أهل العلم .

وقد استدل الشيخ حمود بمجموعة من العمومات التي ليست في صالحه ـ حفظه الله ـ بل ولا دخل لها في موضوع الشيخ حمود البته . كما سوف يأتي بيانه .

ومن باب (( النصيحة )) التي هي من أعظم ما في دين الإسلام من مقومات لنجاح الدعوة ، ولهذا أوصى بها نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال : (( الدين النصيحة )) .
كان لنا مع فتوى الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ وقفات .

عمل صالح قبل القتال

هكذا يا أخواني بوب أمير المؤمنين في الحديث في كتابه (( صحيح البخاري )) ، حيث قال :
(( وقال أبو الدرداء : إنما تُقاتلون بأعمالكم .
وقوله تعالى : ( ياأيها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) . الصف : 2 ـ 4 .
حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا شبابة بن سوار الفزارى حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول : (( أتي النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد فقال : يا رسول الله . أقاتل أو أسلم ؟ قال : أسلم ثم قاتل : فأسلم ثم قاتل فقتل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمل قليلاً و أجر كثيراً )) .

قلت أبو محمد :
نقل الحافظ عن الكرمانى قوله :
(( المقصود من الآية في هذه الترجمة قوله في آخرها : ( صفاً كأنهم بنيان مرصوص ) لأن الصف في القتال من العمل الصالح قبل القتال )) انتهى .

فكما هو معروف يجب على من يريد رفع الظلم عن نفسه أن يوحد الصف فيكون صف واحد أمام العدو الذي يقاتل صفاً واحداً في تلكم البلاد التي وقع عليها الظلم الكبير والكثير من العدو ومن أنفسهم . إن كانوا يعلمون .

فإذا وجد الصف المترابط والمتماسك و المتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة السلفيين ومنهجهم وصدقهم وإخلاصهم في أعمالهم وجهادهم.
وكان في أفراد ذلك الصف من أقتحم على صف العدو ، فقتل بعضهم بذلك السبب وعلى هذا الوجه كان النظر إلى سبب إقتحامه هل هو ( شجاعةً أو رياءً أو سمعةًً ) وهذا بطبيعة الحال علمه عند الله ، فإن كان لوجه الله الكريم كان ذلك إن شاء الله من الذين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الشهادة .

وكذلك من العمل الصالح الذي نرغب فيه إخواننا وأنفسنا هو الاجتماع على منهج واحد وهو منهج الكتاب والسنة وعلى طريقة السلف الصالح الصحابة والتابعين و من بعدهم من الأئمة الأربعة وغيرهم .

ونبذ ما أحدث الناس من مناهج محدثة بعضها نشأت من سنوات وبعضها الآخر يعتبر وليد الساعة . والله المستعان .
ومما نوصى به إخواننا وأنفسنا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أنسٍ ( رضي الله عنه ) عند أبي دواد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأموالِكُم وأنْفُسِكُم وألسِنتِكُم )) .

فجهاد المشركين كما وصف نبينا الكريم ، يكون بالمال والنفس و اللسان .

وكما ذكر ربنا جل وعلا بأن نعد لهم العدة حتى نستطيع مواجهتهم ، وليس كما يفعل إخواننا الآن من قتل أنفسهم والتسبب في قتل الآخرين وتشريدهم واعتقالهم ومصادرة أملاكهم، ثم يزعمون أنها عمليات إستشهادية ، وهي كما يعلم كل من دقق النظر وأحكم النظر في الأصول والقواعد الشريعة ؛ يعلم يقيناً أن هؤلاء الأخوة على خطأ في ما ذهبوا إليه من حيث التسمية ومن حيث العمل.

تحرير المقال في أنه إنتحار وليس استشهاد

وهنا في تحرير المقال سوف أنقل لك أخي القارئ فتوى الشيخ حمود الشعيبي و من ثم أعلق على ما في فتوى الشيخ معتمداً طريقتي السابقة في نقد فضيلته في فتواه في سيد قطب .
وطريقتي هي نقل جزء من الفتوى ثم الرد عليه ثم أتبعه بغيره حتى تنتهي فتوى الشيخ ثم أعلق بعد ذلك وأزيد بعض الفوائد أو النكت . والله أعلم

إليك الاستفتاء الموجّه إلى الشيخ حمود ثم فتواه :
((فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله من كل سوء:
يقوم المجاهدون في فلسطين والشيشان وغيرهما من بلاد المسلمين بجهاد أعدائهم والإثخان بهم بطريقة تسمى العمليات الاستشهادية .. وهذه العمليات هي ما يفعله المجاهدون من إحاطة أحدهم بحزام من المتفجرات، أو ما يضع في جيبه أو أدواته أو سيارته بعض القنابل المتفجرة ثم يقتحم تجمعات العدو ومساكنهم ونحوها ، أو يظهر الاستسلام لهم ثم يقوم بتفجير نفسه بقصد الشهادة ومحاربة العدو والنكاية به .

فما حكم مثل هذه العمليات ؟ وهل يعد هذا الفعل من الانتحار ؟ وما الفرق بين الانتحار والعمليات الاستشهادية ؟ جزاكم الله خيرا وغفر لكم ..

الجواب ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن تعلم أن مثل هذه العمليات المذكورة من النوازل المعاصرة التي لم تكن معروفة في السابق بنفس طريقتها اليوم ، ولكل عصر نوازله التي تحدث فيه ، فيجتهد العلماء على تنـزيلها على النصوص والعمومات والحوادث والوقائع المشابهة لها والتي أفتى في مثلها السلف ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال عليه الصلاة والسلام عن القرآن : ( فيه فصل ما بينكم ) (1) ، وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم ،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاظة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية . ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله .

أولا : الأدلة من القرآن :
1 – منها قوله تعالى : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ) ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361 ) .

2 – قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون .. ) الآية ، قال ابن كثير رحمه الله : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله .

3 – قوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم .

4 – قال تعالى في الناقضين للعهود : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) .

ثانيا : الأدلة من السنة :

1 – حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، وهذا له أصل في شرعنا ، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا ، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام :( افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) .

2 – فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح وألقوه على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري .

3 – حمل سلمة ابن الأكوع والأخرم الأسدي وأبي قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن ومن معه ، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( خير رجّالتنا سلمة ) متفق عليه.، قال ابن النحاس : وفي الحديث الصحيح الثابت : أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده وان غلب على ظنه انه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي ، ولم يعب النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينه الصحابة عن مثل فعله ، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل وفضله فإن النبي عليه الصلاة والسلام مدح أبا قتادة وسلمة على فعلهما كما تقدم ، مع أن كلاً منهما قد حمل على العدو وحده ولم يتأنّ إلى أن يلحق به المسلمون اهـ مشارع الأشواق ( 1 / 540 ) .
4 – ما فعله هشام بن عامر الأنصاري لما حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس وقالوا : ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة رضي الله عنهما وتليا قوله تعالى ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله .. ) الآية ، مصنف ابن أبي شيبة ( 5 / 303 ، 322 ) سنن البيهقي ( 9 / 46 ) .

5 – حمل أبي حدرد الأسلمي وصاحيبه على عسكر عظيم ليس معهم رابع فنصرهم الله على المشركين ذكرها ابن هشام في سيرته وابن النحاس في المشارع( 1 /545 ).

6 – فعل عبدالله بن حنظلة الغسيل حيث قاتل حاسراً في إحدى المعارك وقد طرح الدرع عنه حتى قتلوه ، ذكره ابن النحاس في المشارع ( 1 / 555 ) .

7 – نقل البيهقي في السنن ( 9 / 44 ) في الرجل الذي سمع من أبي موسى يذكر الحديث المرفوع : الجنة تحت ظلال السيوف . فقام الرجل وكسر جفن سيفه وشد على العدو ثم قاتل حتى قتل .

8 – قصة أنس بن النضر في وقعة أحد قال : واهاً لريح الجنة ، ثم انغمس في المشركين حتى قتل . متفق عليه

ثالثا : الإجماع :

نقل ابن النحاس في مشارع الأشواق ( 1 / 588 ) عن المهلب قوله : قد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد ، ونقل عن الغزالي في الإحياء قوله : ولا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل .

ونقل النووي في شرح مسلم الاتفاق على التغرير بالنفس في الجهاد ، ذكره في غزوة ذي قرد ( 12 / 187 ) .

هذه الحوادث السبع السابقة مع ما نُقل من الإجماع هي المسألة التي يسميها الفقهاء في كتبهم مسألة حمل الواحد على العدو الكثير ، وأحيانا تسمى مسألة الانغماس في الصف ، أو مسألة التغرير بالنفس في الجهاد .

قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد ( 13 / 46 ) قال : فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ ، ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية ( أي الحمل على العدو ) حتى قال بعضهم : إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) .

ووجه الاستشهاد في مسألة الحمل على العدو العظيم لوحده وكذا الانغماس في الصف وتغرير النفس وتعريضها للهلاك أنها منطبقة على مسألة المجاهد الذي غرر بنفسه وانغمس في تجمع الكفار لوحده فأحدث فيهم القتل والإصابة والنكاية .

وقائع وحوادث تنـزل عليها العمليات الاستشهادية :

أولا مسألة التترس :

فيما لو تترس جيش الكفار بمسلمين واضطر المسلمون المجاهدون حيث لم يستطيعوا القتال إلا بقتل التُرس من المسلمين جاز ذلك ، قال ابن تيمية في الفتاوى ( 20 / 52 ) ( 28 / 537، 546) قال : ولقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم .. اهـ ، وقال ابن قاسم في حاشية الروض ( 4 / 271 ) قال في الإنصاف : وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار وهذا بلا نزاع . اهـ

ووجه الدلالة في مسألة التترس لما نحن فيه أنه يجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مسلم بسلاح المسلمين وأيدي المسلمين ، وجامع العلة والمناط أن التوصل إلى قتل العدو والنكاية به إنما يكون عن طريق قتل التُرس من المسلمين فحصل التضحية ببعض المسلمين المتترس بهم من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، وهذا أبلغ من إذهاب المجاهد نفسه من العمليات الاستشهادية من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، بل إن قتل أهل التُرس من المسلمين أشد لأن قتل المسلم غيره أشد جرما من قتل المسلم لنفسه ، لأن قتل الغير فيه ظلم لهم وتعدٍ عليهم فضرره متعد وأما قتل المسلم نفسه فضرره خاص به ولكن اُغتفر ذلك في باب الجهاد وإذا جاز إذهاب أنفس مسلمة بأيدي المسلمين من أجل قتل العدو فإن إذهاب نفس المجاهد بيده من أجل النكاية في العدو مثله أو أسهل منه ، فإذا كان فعل ما هو أعظم جرما لا حرج في الإقدام عليه فبطريق الأولى ألا يكون حرجا على ما هو أقل جرما إذا كان في كليهما المقصد هو العدو والنكاية لحديث : إنما الأعمال بالنيات .

وفي هذا رد على من قال في مسألة الانغماس والحمل على العدو أن المنغمس يُقتل بأيدي الكفار وسلاحهم ! فنقول ومسألة التترس يقتل بأيدي المسلمين وسلاحهم ومع ذلك لم يعتبروا قتل المسلمين المتترس بهم من باب القتل الذي جاء الوعيد فيه .

ثانيا : مسألة البيات :

ويقصد بها تبيت العدو ليلا وقتله والنكاية فيه وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم ، قال ابن قدامة : يجوز تبييت العدو ، وقال أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، وقال : لا نعلم أحداً كره البيات .

المغني مع الشرح ( 10 / 503 ) . ووجه الدلالة أنه إذا جاز قتل من لا يجوز قتله من أجل النكاية في العدو وهزيمته فيقال : وكذلك ذهاب نفس المجاهد المسلم التي لا يجوز إذهابها لو ذهبت من أجل النكاية جائز أيضا ، ونساء الكفار وصبيانهم في البيات قتلوا بأيدي من لا يجوز له فعله لولا مقاصد الجهاد والنيات .
الخلاصة ..

دل ما سبق على أنه يجوز للمجاهد التغرير بنفسه في العملية الاستشهادية وإذهابها من أجل الجهاد والنكاية بهم ولو قتل بسلاح الكفار وأيديهم كما في الأدلة السابقة في مسألة التغرير والانغماس ، أو بسلاح المسلمين وأيديهم كما في مسألة التترس أو بدلالةٍ تسبب فيها إذهاب نفسه كما في قصة الغلام ، فكلها سواء في باب الجهاد لأن باب الجهاد لما له من مصالح عظيمة اُغتفر فيه مسائل كثيرة لم تغتفر في غيره مثل الكذب والخداع كما دلت السنة ، وجاز فيه قتل من لا يجوز قتله ، وهذا هو الأصل في مسائل الجهاد ولذا أُدخلت مسألة العمليات الاستشهادية من هذا الباب .
أما مسألة قياس المستشهد في هذه العمليات الاستشهادية بالمنتحر فهذا قياس مع الفارق ، فهناك فروق بينهما تمنع من الجمع بينهما ، فهناك فرق بين المنتحر الذي يقتل نفسه جزعا وعدم صبر أو تسخطا على القدر أو اعتراضا على المقدور واستعجالا للموت أو تخلصا من الآلام والجروح والعذاب أو يأسا من الشفاء بنفس خائفة يائسة ساخطة في غير ما يرضي الله وبين نفس المجاهد في العملية الاستشهادية بنفس فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة وما عند الله ونصرة الدين والنكاية بالعدو والجهاد في سبيله لا يستوون، قال تعالى ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) وقال تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) وقال تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) . نسأل الله أن ينصر دينه ويعز جنده ويكبت عدوه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أملاه فضيلة الشيخ أ . حمود بن عقلاء الشعيبي 2 / 2 / 1422 هـ )) . انتهـــــــــــى

الـــــرد على الشيخ حمود

قلت أبو محمد :

قول الشيخ حمود : (( .... وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم ،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاظة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية . ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله ... )) .
سبحان الله يا شيخ حمود هل الذي يفعله هؤلاء الشباب يعد من النكاية في العدو وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح وكذلك فيه بث الرعب والقلق والهلع فيهم ، بل على العكس من ذلك هو الواقع والمشاهد و المعروف عند كل من يعرف أحوال أهل تلك البلاد فإنه ما إن تفجر سيارة من سيارتهم ويقتل جندي من جنودهم لا كثرهم الله ، إلا وقتلوا به من الابرياء الكثير والكثير جداً .
فإن الواقع يشهد على ما أقول وهو عكس ما تقول تماماً ، بل إن هذه العمليات التي يسمونها استشهادية ؛ هي التي يمكن أن يقال أنها تزيد القتل في ابناء المسلمين وتبث فيهم الرعب والقلق والهلع .

بل وفي هذه العمليات تجرئة هؤلاء الفجرة على المسلمين وتقوية قلوبهم على قتلهم بدون رحمه .

لأن السلاح في قبضتهم وهم المسيطرون على الوضع هناك .
وكما هو معلوم أن المسألة ليست مسألة هجوم ثم اقتحام فنتيجته فوز أو خسارة ، لا المسألة ؛ مسألة نحن في بلاد هؤلاء القوم قد تسلطوا عليها وعلى ثروتها ، القوة في يدهم السيطرة معهم ، السلاح معهم ، وأما المسلمون ليس معهم شيء سوى التفرق ( كل حزب بما لديهم فرحين ) ومن هذه حاله يُنصح قبل أن يقال له فجر قنبلة أو فجر نفسك يقال له ولغيره وحدوا الصف كونوا عباد الله صفاً واحداً في وجه العدو بل يجب عليكم توحيد المنهج و التمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة ، ساعة إذ ، إن شاء الله سوف يكون الفوز من نصيب المسلمين على عدوهم الكافر .

ثم قال الشيخ حمود متابعاً ما مضى بقوله :

(( .... ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله ... ))

قلت أبو محمد :

أما بالنسبة لما ذكر الشيخ حمود من أدلة القرآن فليس له فيها دليل البته و سوف يأتي التفصيل في ذلك .
وأما بالنسبة للسنة فلأدلة التي ذكرها الشيخ تتكلم عن الإقتحام في الصف مع غلبة الظن في أن المقتحم سوف يموت ، وليس عين اليقين أنه متمزق إلى قطع صغيرة تتطاير مع الهواء .
ثم كما يعلم الجميع أن هؤلاء الصحابة كانوا في صف من صفوف الجيش المسلم الذي قصد العدو للقتال ، ففعلهم فيه مصلحة متعينة محسوسة متحققة وقد تحققت كما هو معلوم في كل الوقائع التي ذكر الشيخ مصالح المسلمين . وأما بالنسبة لقضيتنا فكما نعلم جميعاً لم تتحقق مصلحة للمسلمين من جراء ما يسمى بالعمليات الاستشهادية بل استفحل الشر وزاد في قلوب ابناء القردة والخنازير وزاد فتكهم بكل من يتوسمون فيه الشجاعة حتى الاطفال لم يسلموا منهم كما هو معلوم ، والمسلمون بدأ العجز فيهم واضحاً جداً ؛ مجرد شعارات ترفع حيناً وتترك حيناً أخر .
ومع هذا وذاك لم نر من المسلمين في تلكم البلاد إلا تنافراً و تحزباً وتفرقاً لماذا ؟ لا منهج صحيح ولا عقيدة صحيحة إلا من شاء الله بل لا يوجد من يتبع كلام العلماء المصلحين الناصحين المشفقين على أبناء ذلك البلد الحبيب إلا القليل . والله المستعان .
ثم ذكر الشيخ الإجماع وكما هو معلوم لا إجماع على هذه الصور الحادثة بل لا يمكن أن يكون هناك إجماع في هذه المسألة التي يخالف الشيخ فيها مجموعة من العلماء الربانيين من مثل الشيخ العلامة محمد صالح العثييمين وسوف ننقل قول الشيخ ـ رحمه الله ـ وكذلك الشيخ العلامة عبد العزيز آل الشيخ المفتي ـ حفظه الله ـ وكذلك الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ فهل يمكن أن يكون هناك إجماع ويخالف كل هؤلاء العلماء الإجماع وغيرهم معهم ؟ لا وألف لا . بل لا يوجد في هذه المسألة إجماع .
فإذا علم هذا يفهم منه أن هذه العمليات التي تسمى استشهادية لا يمكن القول أنها عمليات استشهادية بل يمكن القول أنه عمليات انتحارية ، وسوف يأتي زيادة بيان لهذا .

أولاً نقد استدلال الشيخ حمود بالآيات القرآنية

ذكر الشيخ حمود أربعة أدلة من القرآن الكريم وليس له فيها ما يصلح للاحتجاج البته وإليك البيان :

1) هذا هو أولا دليل للشيخ حمود (( ... 1 – منها قوله تعالى : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ) ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361 ) .... ))

قلت أبو محمد :

تعال معي أخي القارئ نسمع ما قال أهل التفسير في هذه الآية .
أولاً : هذه الآية نزلت في صهيب بن سنان الرومي ـ رضي الله عنه ـ حين أراده المشركون على ترك الإسلام ، كما رواه ابن عباس وأنس ، وسعيد بن المسيب و أبو عثمان النهدي وعكرمة وجماعة غيرهم ، وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة ، منعه الناس أن يهاجر بماله ، وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل ، فتخلص منهم وأعطاهم ماله ، فأنزل الله فيه هذه الآية . ( انظر تفسير العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ طبعة مؤسسة الرسالة ، ص 76 )
قلت أبو محمد : فحملها بعض المفسرين على هذا .

ثانياً : وأما الأكثرون ، فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله ،كما قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله * فيقتلون ويقُتلون وعداً عليه حقاً في التوارة والإنجيل و القرآن * ومن أوفى بعهده من الله * فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به * وذلك هو الفوز العظيم )

ثالثاً : بعض الصحابة أنزلها على من حمل على العدو بين الصفين ، وهذا الذي قال به عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وأبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ حين حمل هشام بن عامر بين الصفين وأنكر عليه بعض الناس ، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة وغيرهم ، وتلوا هذه الآية : ( ومن الناس .... ) .
الرابع : قول الشيخ حمود يجب أن يقيد بما مضى ، قال الشيخ حمود ( .... فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك .... ) .

قلت :

نعم لو كانت هناك مصلحة راجحه من هذا ، ثم لو كان هذا الأمر فيه فائدة للمسلمين ، ويكون ذلك بين الصفين وهذا كما هو معلوم غير متحقق ؛ في ما نحن بصدده من أمر . والله المستعان .
فإذا عُلم هذا فيتبين أن هذا الدليل وهو أول ما أورد الشيخ حمود لا يصلح للإحتجاج به على مثل تلكم المسألة التي تذهب بسببها الأرواح والنفوس ويزيد بها القتل في المسلمين والوهن من تسلط الأعداء، كما هو معلوم ؛ بل ربما كان مثل العمليات يهيء لهم الفرص لشفاء غيظهم من المسلمين وهذا أمر معروف، بل لا يمكن أن نقول لصاحبها الذي قدم رأسه كما يقال مستشهداً أن يقال له شهيد . ( لعدم وجود الدليل الكافي على هذا ) .

2) دليل الشيخ حمود الثاني : (( .... قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون .. ) الآية ، قال ابن كثير رحمه الله : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله ... ))
قلت أبو محمد :
نعم هذا الدليل قد مضى معنا عند الحديث عن الدليل الأول ، وهذه الآية ليس فيها دليل كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عامة في كل مجاهد في سبيل الله .
وليس هذا هو موضع الخلاف بيننا . إذن هذه الآية لا تصلح كدليل للشيخ حمود ـ حفظه الله ـ بل هي تتكلم عن المجاهدين بشكل عام . والله أعلم .

3) دليل الشيخ حمود الثالث (( ... قوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم ... )) .
قول الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ (( والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم )) ، هذا الكلام غير سديد البته .

أولاً : الآية تتكلم عن إعداد العده للعدو وهذه العده على قسمين :
أ) عده معنوية .
ب) عده مادية .
والشعب الفلسطيني ضعيف جدا في المجالين.
ثانياً : معلوم أن الشعب الفلسطيني يلقى من جراء هذه العمليات شراً كبيراً وكثيراً كما هو معلوم ، وليس في هذه العمليات من إعداد العده في شيء بل هي تذهب بنوعين من العدة كما هو معلوم النوع الأول البشر والنوع الثاني الأموال عندما ينتقم العدو منهم . إذن لا فائدة من هذه العمليات وأن ضررها اكبر بكثير من نفعها وإن ظن البعض أنه لا وسيلة إلا هذه ، فهذا من قبيل الخطأ وعدم معرفة الواقع والشرع و حيثيات هذه المسألة التي يتكلم فيها كثير من الناس من منطلق حب تلك البلاد أو بغض العدو الصهيوني الغشوم .
وبهذا يتضح أنه ليس للشيخ حمود في هذه الآية دليل البتة.

4) دليل الشيخ حمود الرابع : (( ... قال تعالى في الناقضين للعهود : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) ... ))
وأما هذه الآية فليست إلا مثل التي قبلها ليس فيها دليل للشيخ وإليك ما قاله الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره :
(( .... ( فإما تثقفنهم في الحرب ) أي تغلبهم وتظفر بهم في حرب ( فشرد بهم من خلفهم ) أي نكل بهم . قاله ابن عباس والحسن البصري والضحاك والسدي وعطاء الخراساني وابن عيينة ومعناه غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلاً ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم ويصيروا لهم عبرة ( لعلهم يذكرون ) وقال السدي يقول لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك ...)) .أ.هـ
فليس في هذه الآية حجه للشيخ فإنها تتحدث عن شيء والشيخ يحتج بها على شيء آخر كما هو واضح لكل ذي لب .
ولو لا خشية الإطالة لتكلمنا على ما ذكر الشيخ حمود من أدلة بشيء من التوسع ولكن هذا يعتبر شيء مستعجل في الرد على أدلته التي هي من الكتاب، والآن سوف نتبعها ؛ بالنظر في الأدلة التي استدل بها.

ثانياً نقد أدلة الشيخ حمود التي استدل بها من السنة

دليل الشيخ حمود الأول ورد الشيخ الإمام محمد صالح العثيمين عليه : قال الشيخ حمود ما نصه : (( .... 1 – حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، وهذا له أصل في شرعنا ، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا ، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام :(افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) ... )) .
قال الشيخ محمد صالح العثيمين رداً على الكلام السابق ما نصه :
((في تعليقه على حديث الغلام ، قال حفظه الله :

رابعاً
أن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين فإن هذا الغلام دلَّ الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه وهو أن يأخذ سهماً من كنانته ... الخ .
قال شيخ الاسلام
لأن هذا جهاد في سبيل الله ، آمنت أمَّة وهو لم يفتقد شيئاً لأنه مات وسيموت آجلاً أو عاجلاً " .

أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم , فإنّ هذا من قتل النفس والعياذ بالله .

ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبادين كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مائة أو مائتين ، لم ينتفع الإسلام بذلك فلم يُسلم الناس ، بخلاف قصة الغلام . وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل حتى يفتك بالمسلمين أشدّ فتك .

كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من جراء ذلك ستين نفراً أو أكثر فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين ولا انتفاع للذين فُجرت المتفجرات في صفوفهم .

ولهذا نرى أنَّ ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق وأنه مُوجب لدخول النار والعياذ بالله وأن صاحبه ليس بشهيد . ولكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنّه جائز فإننا نرجو أن يَسلَم من الإثم ، وأمَّا أن تُكتب له شهادة فلا . لأنه لم يسلك طريق الشهادة . ومن اجتهد وأخطأ فَلَه أجر .
شرح رياض الصالحين 1 / 165 .

قلت أبو محمد عز الدين :
رحم الله شيخنا محمداً فهذا مما يدل على سعة علمه وعمق وبعد نظره ، وهذا الذي قاله ـ رحمه الله ـ هو من الأمور الدقيقة الجليلة التي لا يتنبه لها إلا الأفذاذ من العلماء ، وهذا هو الحق الذي لا ينبغى العدول عنه .

ثم ذكر الشيخ حمود مجموعة من الأخبار منها :

(( ... 2 – فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح وألقوه على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري .... ))

قلت :

ومن المعلوم من هذا الأثر ليس فيه دليل ولا بقية الأثار ليس للشيخ حمود فيها من دليل ، وذلك أن هذه الأثار تتحدث عن الإقتحام على العدو في الصف أو ما يسمى بين الصفين ، بل وفي عمل هؤلاء الصحابة مصلحة راجحه مثل (( فقاتل حتى فتح الباب )) فهذه مصلحه وقد تحققت في وقتها كما هو معلوم .
وأما ما نحن بصدده فأمر آخر لا يشبه ما ذُكر في جميع ما ذكر الشيخ حمود من الأثار . وفي هذا كفاية لطالب الحق .

ثالثاً نقد الإجماع الذي ذكر الشيخ حمود

قلت أبو محمد :
لا يُعرف في هذه المسألة إجماع كما ذكر الشيخ حمود في بداية جوابه ، فلا يوجد إجماع على هذه المسألة البته .
بل وقع الخلاف في مسألة الانغمار في صف العدو إن لم تكن في هذا الأمر نكاية في العدو أو طمع في نجاة فاعله : كما نقل الشيخ حمود (( ... قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد ( 13 / 46 ) قال : فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ ، ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية ( أي الحمل على العدو ) حتى قال بعضهم : إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثـر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) ... ))

قلت :
إذن ((لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو)) هذا هو الصواب في مسألة الانغمار في صف العدو ، كما قرره أهل العلم من السابقين والمتاخرين كما هو معلوم ، وهذا مما نقله أو نقل بعضه الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ .
أما الإجماع على جواز تفجير النفس بدون ما ذُكر من المصالح فهذا أمر بعيد جداً عن القبول فضلاً عن الإجماع ، وهذا معروف لكل من يعرف مقاصد الشرع .
ثم ذكر الشيخ حمود مسألتين الأولى مسألة التترس و الثانية : مسألة البيات ، وكما هو معلوم ليس في هاتين المسألتين دليل للشيخ حمود على جواز قتل النفس بدون مصلحة محضة أو راجحة ، وكما هو معلوم أن البيات هو قتل العدو ليلاً ، والتترس هذا في الضرورة ، وأما أن يقتل الرجل نفسه وليست هناك مصالحة راجحه فأين الدليل على ذلك .
ويعجبني كلام جيد قاله الإمام البغوي في (( شرح السنة )) حول موضوع التترس هذا :
(( ... ، وأن النهي عن قتل نسائهم وصبيانهم في حال التميُّز و التفرُّد ، وكذلك إذا كانوا في حصنٍ ، جاز نصبُ المنجنيق عليهم ، والرميُ إليه بالنار ، وتغريقُهم ، فقد نصبَ النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف منجنيقاً أو عرَّادة ، وشنَّ الغارة على بني الـمُصطِلق غارِّين ، وأمر بالبيات والتحريق ، فإن كان فيهم مُسلمون أسارى ، أو مُستأمَنون ، فيُكره أن يفُعل بهم ما يعُمُّ من التحريق والتغريق ، ونصب المنجنيق ، إلا أن يكون في حال التحام القتال ، والخوف منهم على المسلمين ، فلهم أن يفعلوا ذلك .
ولو تترَّسوا بأطفالهم ، جاز الرميُ إن كان في حال التحام ، وإن لم يكونوا مُلتحمين ، فقد قيل : يكفُّ ، وقيل : يَضرِبُ قاصداً إلى المتترس ، ولو تترَّسوا بمسلم ، فإن لم يعلم به ، فرمى ، فأصيب المسلم ، فلا قودَ ولا دية ، وتجب الكفارةُ ، وإن علمه مسلماً ، فإن قصد الكافر ، فأصيب المسلم ، تجب الدية والكفارة ، ولا قود ، وإن ضرب المسلم ، إذا لم يتوصل إلى الكافر إلا بضربه ، ففي القود قولان .))
إذن حتى مسألة التترس لها ضوابط عند العلماء منها (( ... جاز الرميُ إن كان في حال التحام ، وإن لم يكونوا مُلتحمين ، فقد قيل : يكفُّ ، وقيل : يَضرِبُ قاصداً إلى المتترس ... )) . 

ثانياً هذه المسألة ، مسألة التترس لا تشبه ما سمي بال=====


تأثر بن لادن و زمرته بسيد قطب

نجد أن بعضهم تربى على كتب سيد قطب و تغلغلت في فكره حتى لدرجة أنه يستعمل نفس الألفاظ و الكلمات التي يقولها سيد قطب و يدندن حولها مثل جاهلية المجتمع و ردته،وقد ترجموها واقعاً عملياً إلى استباحة دماء المسلمين و الاغتيالات بدعوى إقامة المجتمع المسلم و الحكومة المسلمة،فالمجتمع المسلم لا يقام بقتل المسلمين بل بدعوتهم و تعليمهم أمور دينهم.<br>فمن المعلوم أن أسامة بن لادن قد درس الثقافة الإسلامية في الجامعة على يد محمد قطب و هو من الشخصيات القليلة التي أثرت في حياته و ذلك كما ورد في سيرة حياته تحت عنوان (كيف تشكلت عقلية بن لادن؟) ما نصه:( لكن في الجامعة كان هناك شخصيتين كان لهما أثر متميز في حياته هما الأستاذ محمد قطب و الشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة)أهـ،و محمد قطب على منهج أخيه بل هو المشرف على طباعة كتب سيد قطب إلى الآن،و هو الذي أخرج معظمها،و رفض تغيير أي خطأ فيها.<br>قال السيد وفا الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية "هيئة كبار علماء الأزهر" ( أن الألفاظ التي استعملها بن لادن في كلمته تؤكد أنه متأثر تأثراً كبيراً بكتب الشهيد سيد قطب والمرحوم أبو الأعلى المودودي)أهـ.<br>جاء في موقع قناة الجزيرة بعنوان (الأفغان العرب تاريخ وواقع )بتاريخ الأربعاء 27/9/1422هـ الموافق 12/12/2001م ما نصه(أما بالنسبة للكتابات المعاصرة فقد استندوا إلى قراءاتهم لفكر سيد قطب ومحمد قطب وأبو الأعلى المودودي، ولا سيما فيما يتعلق بمفاهيم الجاهلية والحاكمية والعصبة المؤمنة وفي رؤيتهم للواقع وكيفية التعامل معه)أهـ.<br>أيمن الظواهري و الذي تربى و تشرب بكتب إمام التكفير و إمام الخوارج المعاصرين سيد قطب،و هذا بشهادته هو نفسه، في كتابه (الوصية الأخيرة) المنشور في جريدة الشرق الأوسط في الحلقة الثالثة حيث قال عن سيد قطب:( انه أكد على مدى أهمية قضية التوحيد في الإسلام وان المعركة بين الإسلام وأعدائه هي في الأصل معركة عقائدية حول قضية التوحيد، أو حول لمن يكون الحكم والسلطان، لمنهج الله ولشرعه أو للمناهج الأرضية والمبادئ المادية أو لمدعي الوساطة بين الخالق وخلقه،وكان لهذا التأكيد أثره الواضح في معرفة الحركة الإسلامية لأعدائها وتحديدها لهم،..وكانت المجموعة الملتفة حول سيد قطب قد قررت أن توجه ضرباتها ضد الحكومة القائمة باعتبارها نظاماً معادياً للإسلام خارجاً عن منهج الله رافضاً للتحاكم إلى شرعه….. فلقد كانت وما زالت دعوة سيد قطب ـ إلى إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله ولسيادة المنهج الرباني ـ شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم….. وأصبح سيد قطب نموذجاً للصدق في القول وقدوة للثبات على الحق، فقد نطق بالحق في وجه الطاغية ودفع حياته ثمناً لذلك،….ولكن الهدوء الظاهري على السطح كان يخفي تحته تفاعلاً فواراً مع أفكار سيد قطب ودعوته، وبداية تشكل نواة الحركة الجهادية المعاصرة في مصر)أهـ.<br>فهذا اعتراف صريح منه بأن أفكار سيد قطب كانت هي النواة لحركتهم الجهادية المزعومة ضد الحكام، و إعجاب منه مطلق بفكر سيد قطب التكفيري،و تأييد لسيد قطب في تكفير الحكام،و سيد قطب فيه ما فيه من المخالفات العظام كما علمت أخي الكريم من سب للصحابة و لنبي الله موسى ووحدة وجود و أشعرية و تكفير للأمة الإسلامية ووصف مساجدها بمعابد الجاهلية و غيرها من الطوام العظام،فهو (ضايع في التفسير) كما قال شيخنا ابن باز عليه رحمة الله.<br>و هاهو عبد الله عزام يؤلف كتاباً حشاه بالثناء و كال المدح لسيد قطب و نعته بالشهيد وذلك في كتابه المسمى (عملاق الفكر الإسلامي الشهيد سيد قطب)،و قد كان يوزع هذا الكتاب على الأفغان العرب في المعسكرات،وقد دافع فيه بالباطل عن سيد قطب،ونعت سيد قطب بأوصاف مبالغ فيها و بقصص مكذوبة.<br>و يكفينا وصف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- لعبد الله عزام بأنه (ظالم) في تجنيه على الألباني و دفاعه عن سيد قطب بالباطل،كما جاء في شريط (مفاهيم يجب أن تصحح) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-.<br>و هاهو عمر محمود أبو عمر (أبو قتادة) حينما يتحدث عن الشيخ الألباني يصفه بالغلو في الإرجاء،و حينما يتكلم عن سيد قطب يصفه بالشهيد،و كما أسلفنا لا يجوز القطع لإنسان بالشهادة إلا لمن شهد له الله و رسوله صلى الله عليه وسلم فكما قال البخاري(باب ألا يقال أن فلان شهيد).<br>و يحسن هنا أن ننقل كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين دفاعاً عن الألباني حيث قال:(و الذي يقول أن الشيخ الألباني مرجئ،إما أنه لا يعرف الألباني أو أنه لا يعرف الإرجاء،و الألباني صاحب حديث و صاحب سنة)أهـ.<br>عصام البرقاوي المعروف باسم (أبو محمد المقدسي) وهو أحد الأفغان العرب المشهورين بشدة التكفير و الحكم بالردة على المسلمين و استباحة دماءهم،و له عدة كتب تعج بالتكفير مثل(الأدلة الجلية على كفر الدولة السعودية)و (ملة إبراهيم),و هذه الكتب توزع في معسكرات أسامة بن لادن على الأفغان العرب و على السعوديين خاصةً،فقد قال في كتابه (ميزان الاعتدال) و الذي يرد فيه بالباطل على الشيخ عبد الله الدويش قال:(بل قد أمضيت عمراً في رافد تصحيحي من روافد الإخوان الذين قد أرضعونا الظلال والمعالم وغيرها من كتب سيد وأخيه و المودودي – رضاعة في طور الحضانة ( أعني بداية الهداية!! ))أهـ.<br>وورد في موقع إسلام أونلاين تحت عنوان (من هم طالبان ):( فإن مجلة "الطالب" التي تصدر باللغة العربية نجدها مشحونة بالنقل عن سيد قطب – لكونه داعياً وليس فقيهاً – لتثبت طالبان عدم وجود خلاف بينها وبين الإخوان المسلمين، حيث تراها طالبان ذات تأثير كبير في العالم الإسلامي. كما نجد نفس المجلة مشحونة بالنقل عن كتب ابن تيمية كمحاولة لاستمالة السلفيين.)أهـ.<br>

=======موقف علماء المسلمين

من
الشيعة والثورة الإسلامية




وفي العصر الحديث كانت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي شارك فيها الأمام الشهيد حسن البنا وشيخ الأزهر والمرجع الأعلى للإفتاء وقتها الإمام الأكبر عبد المجيد سليم ، والإمام مصطفى عبد الرازق ، والشيخ محمود شلتوت ، يقول الأستاذ سالم البهنساوي – أحد مفكري الإخوان المسلمين – في كتابــه ( السنة المفترى عليها ) صـ 57 : " منذ أن تكونت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي ساهم فيها الإمام البنا والإمام القمي والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة وقد أدى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي سنة 1945م للقاهرة " ويقول في نفس الصفحة :" ولا غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا التعاون " . وفي كتابه ( الملهم الموهوب – حسن البنا ) يقول الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام صـ 78:
" وبلغ من حرصه ( حسن البنا ) على توحيد كلمة المسلمين أنه كان يرمي إلى مؤتمر يجمع الفرق الإسلامية لعل الله يهديهم إلى الإجماع على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد وديننا واحد ورسولنا r واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار علماء الشيعة وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة . كما أنه من المعروف أن الإمام البنا قد قابل المرجع الشيعي آية الله الكاشاني أثناء الحج عام 1948 م وحدث بينهما تفاهم يشير إليه أحد شخصيات الإخوان المسلمين اليوم وأحد تلامذة الإمام الشهيد الأستاذ عبد المتعال الجبري في كتابه ( لماذا اغتيل حسن البنا ) ( طـ1 – الاعتصام –صـ32- ) ينقل عن روبير جاكسون قوله: " ولو طال عمر هذا الرجل ( يقصد حسن البنا ) لكان يمكن أن يتحقق الكثير لهذه البلاد خاصة لو اتفق حسن البنا وآية الله الكاشاني الزعيم الإيراني على أن يزيلا الخلاف بين الشيعة والسنة وقد التقى الرجلان في الحجاز عام 48 ويبدو أنهما تفاهما ووصلا إلى نقطة رئيسية لولا أن عوجل حسن البنا بالاغتيال " . ويعلق الأستاذ الجبري قائلاً : " لقد صدق روبير وشم بحاسته السياسية جهد الإمام في التقريب بين المذاهب الإسلامية فما له لو أدرك عن قرب دوره الضخم في هذا المجال مما لا يتسع لذكره المقام " .
وفي كتابه الأخير ( ذكريات لا مذكرات ) ط 1 – دار الاعتصام 1985 يقول الأستاذ عمر التلمساني صـ 249 و 250 :
" وفي الأربعينيات على ما أذكر كان السيد القمي – وهو شيعي المذهب – ينزل ضيفاً على الإخوان في المركز العام ، ووقتها كان الإمام الشهيد يعمل جاداً على التقريب بين المذاهب ، حتى لا يتخذ أعداء الإسلام الفرقة بني المذاهب منفذا يعملون من خلاله على تمزيق الوحدة الإسلامية ، وسألناه يوماً عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة ، فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها والمسلمون على ما نرى من تنابذ يعمل أعداء الإسلام على إشعال ناره ، قلنا لفضيلته : نحن لا نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلاف بين المسلمين ، ولكننا نسأل للعلم ، لأن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات لا حصر لها وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك المراجع . فقال رضوان الله عليه : اعلموا أن أهل السنة والشيعة مسلمون تجمعهم كلمة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذا أصل العقيدة ، والسنة والشيعة فيه سواء وعلى التقاء أما الخلاف بينهما فهو في أمور من الممكن التقريب فيها بينهما " .
نستنتج من مواقف الإمام الشهيد هذه عدة حقائق مهمة منها :
1. ينظر كل من السني والشيعي إلى الآخر على أنه مسلم .
2. اللقاء والتفاهم بينهما وتجاوز الخلافات ممكن ومطلوب وهو مسؤولية الحركة الإسلامية الواعية والملتزمة .
3. قام الإمام الشهيد حسن البنا بجهد ضخم على هذا الطريق يؤكد ذلك ما يرويه الدكتور إسحاق موسى الحسيني في كتابه ( الإخوان المسلمون ..كبرى الحركات الإسلامية الحديثة ) من أن بعض الطلاب الشيعة الذين كانوا يدرسون في مصر قد انضموا إلى جماعة الإخوان . ومن المعروف أن صفوف الإخوان المسلمين في العراق كانت تضم الكثير من الشيعة الإمامية الإثنى عشرية – وعندما زار نواب صفوي سوريا وقابل الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين اشتكى إليه الأخير ان بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات العلمانية والقومية فصعد نواب إلى أحد المنابر وقال أمام حشد من الشبان الشيعة والسنة : " من أراد أن يكون جعفرياً حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين " .
ولكن من هو نواب صفوي ؟ زعيم منظمة ( فدائيان إسلام ) الإسلامية الشيعية، ينقل الأستاذ محمد علي الضناوي في كتابه ( كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث ) صـ 150 نقلاً عن برنارد لويس قوله:
" وبالرغم من مذهبهم الشيعي فإنهم يحملون فكرة عن الوحدة الإسلامية تماثل إلى حد كبير فكرة الإخوان المصريين ولقد كانت بينهما اتصالات " ويلخص الأستاذ الضناوي بعض مبادئ فدائيان إسلام " أولا : الإسلام نظام شامل للحياة. ثانياً : لا طائفية بين المسلمين أي بين السنة الشيعة " ثم ينقل عن نواب قوله : " لنعمل متحدين للإسلام ولنَنْس كل ما عدا جهادنا في سبيل عز الإسلام، ألم يأن للمسلمين أن يفهموا ويدعوا الانقسام إلى شيعة وسنة ؟ " .
وفي كتاب ( الموسوعة الحركية ) ج 1 –صـ 163 يتحدث الأستاذ فتحي يكن عن زيارة نواب صفوي للقاهرة والحماس الشديد الذي قابله به الإخوان المسلمون ثم يتكلم عن صدور حكم الإعدام عليه من قبل الشاه قائلاً : " كان لهذا الحكم الجائر صدى عنيف في البلاد الإسلامية وقد اهتزت الجماهير المسلمة التي تقدر بطولة نواب صفوي وجهاده وثارت على هذا الحكم وطيرت آلاف البرقيات من أنحاء العالم الإسلامي تستنكر الحكم على المجاهد المؤمن البطل الذي يعتبر القضاء عليه خسارة كبرى في العصر الحديث " وهكذا يصبح مسلم شيعي في نظر فتحي يكن كأحد أعظم شهداء الإخوان إذ يعتبر أن نواب وصحبه باستشهادهم قد انضموا إلى قافلة الشهداء الخالدين ، الذين سيكون دمهم الزكي طريق الحرية والفداء وهذا الذي كان . فما أن دار الزمان دورته حتى قامت الثورة الإسلامية في إيران ودكت عرش الطاغية الشاه الذي تشرد في الأفاق وصدق الله تعالى حيث يقول : } ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون { وفي كتابه ( الإسلام فكرة وحركة وانقلاب ) صـ 56 يكرر الأستاذ يكن نفس الموقف ، وفي مجلة ( المسلمون ) التي كان يصدرها الإخوان المسلمون (المجلد الخامس – العدد الأول إبريل 1956 ص 73 ) يقول تحت عنوان " مع نواب صفوي " :" والشهيد العزيز – نضر الله ذكره – وثيق الصلة بالمسلمين " وقد نزل ضيفاً في دارها بالقاهرة أيام زيارته مصر في كانون الثاني سنة 1954 ، ثم تنقل المجلة رأيه في اعتقالات الإخوان الذي يقول فيه : " إنه حين يضطهد الطغاة رجل الإسلام في كل مكان يتسامى المسلمون فوق الخلافات المذهبية ويشاطرون إخوانهم المضطهدين آلامهم وأحزانهم ولا شلك أننا بكفاحنا الإيجابي الإسلامي نستطيع إحباط خطط الأعداء التي ترمي إلى التفريق بين المسلمين أنه لا ضير في وجود الفرق المذهبية وليس بوسعنا إلغاؤها إنما الذي يجب أن نعمل على إيقافه ومنعه هو استغلال هذه الوضع لصالح المغرضين " .
وقبل أن نعود إلى جماعة التقريب مرة أخرى نشير إلى أن المراقب العام للإخوان المسلمين في اليمن وحتى سنوات قليلة كان شيعياً زيدياً هو الأستاذ عبد المجيد الزنداني والذي دعي إلى القاهرة في شهر مايو / 58 لإلقاء بعض المحاضرات حول الإعجاز القرآني ، ومن المعروف أيضاً أن عدداً كبيراً من الإخوان المسلمين في اليمن الشمالي هم من الشيعة .
بالنسبة لجماعة التقـريب يتحدث الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت في كتاب ( الوحدة الإسلامية ) مجموعة من المقالات كانت تصدر في مجلة "رسالة الإسلام" عن الأزهر ص 20 : " لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها " . ويقول في ص 23 : " وها هو الأزهر الشريف ينزل على حكم المبدأ ، مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب الإسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو من التعصب لفلان أو فلان " ويواصل الشيخ شلتوت حديثه ص 24 : " وكنتُ أود لو أستطيع أن أتحدث عن الاجتماعات في دار التقريب حيث يجلس المصري إلى جانب الإيراني أو اللبناني أو العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب الإمامي والزيدي حول مائدة واحدة تدوي بأصوات فيها علم وفيها تصوف وفيها فقه وفيها مع ذلك كله روح الأخوة وذوق المودة والمحبة وزمالة العلم والعرفان " . ويشير الشيخ إلى أن هناك من حارب فكرة التقريب ظانين : " أنها تريد إلغاء المذاهب أو إدماج بعضها في بعض " فيقول :
" حارب هذه الفكرة ضيقو الأفق كما حاربها صنف آخر من ذوي الأغراض الخاصة السيئة ولا تخلو أية أمة من هذا الصنف من لناس . حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصة هؤلاء وأولئك ممن يؤجرون أقلامهم لسياسات مغرضة ، لها أساليبها المباشرة في مقاومة أي حركة إصلاحية والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم " وقبل أن نترك الأزهر نستمع إلى الفتوى التي أصدرها بخصوص المذهب الشيعي وجاء فيها : " إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الاثنى عشرية , مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة فما كان دين الله وماكانت شريعته بتابع لمذهب معين أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهد مقبولون عند الله تعالى )) .
بعد ذلك ننتقل إلى الموقف من الثورة الإسلامية ، الثورة التي اشتعلت مع مطلع عام 1978 وانتصرت مع مطلع عام 1979 فأيقظت روح الأمة المسلمة على طول المحور الممتد من طنجة إلى جاكرتا ، ومع تقدم الثورة كان استقطابها للجماهير يزداد .. الجماهير التي كانت تعبر عن بهجتها وفرحتها في شوارع قاهرة المعز ودمشق الشام ..في كراتشي والخرطوم "..في استانبول ومن حول بيت المقدس وفي كل مكان يوجد فيه المسلمون في ألمانيا الغربية كان الأستاذ عصام العطار أحد الزعماء التاريخيين لحركة الإخوان المسلمين يكتب كتاباً كاملاً يتناول تاريخ الثورة وجذورها ويقف بجانبها مؤيداً ويبرق أكثر من مرة للإمام الخميني مهنئاً ومباركاً وانتشرت أحاديثه المسجلة على أشرطة الكاسيت المؤيدة للثورة بين الشباب المسلم ، كذلك قامت مجلة ( الرائد ) لسان حال الطلائع الإسلامية بدور مهم في تأييد الثورة وشرح مواقفها .
وفي السودان كان موقف الإخوان المسلمين وموقف شباب جامعة الخرطوم الإسلاميين من أروع المواقف التي شهدتها العواصم الإسلامية حيث خرجوا بمظاهرات التأييد وسافر الدكتور الترابي زعيم الإخوان إلى إيران حيث قابل الإمام معلناً تأييده . ومن الجدير بالذكر أن هذا الموقف مستمر حتى الآن . في تونس كانت مجلة الحركة الإسلامية ( المعرفة ) تقف بجانب الثورة تباركها وتدعو المسلمين إلى مناصرتها ووصل الأمر أن كتب زعيم الحركة الإسلامية والذي هو عضو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين : كتب مرشحاً الإمام الخميني لإمامة المسلمين ! مما أدى إلى إغلاق المجلة قبل اعتقال زعماء الحركة على يد نظام بورقيبة ، ويعتبر الأستاذ الغنوشي أن الاتجاه الإسلامي الحديث " تبلور وأخذ شكلاً واضحاً على يد الإمام البنا والمودودي وقطب والخميني ممثلي أهم الاتجاهات الإسلامية في الحركة الإسلامية المعاصرة " ( كتاب الحركة الإسلامية والتحديث – راشد الغنوشي ، وحسن الترابي ص 16 ) .
ويعتبر في ص 17 من نفس الكتاب أنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ الإسلام دورة حضارية جديدة ثم يقول تحت عنوان ماذا نعني بمصطلح الحركة الإسلامية : " ..ولكن الذي عنينا من بين ذلكالاتجاه الذي ينطلق من مفهوم الإسلام الشامل ،وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى : الإخوان المسلمين ، الجماعة الإسلامية بباكستان وحركة الإمام الخميني في إيران " وفي ص 24 يقول : " لقد بدأت إيران عملية لعلها من أهم ما يمكن أن يطرأ في مسيرة حركات التحرر في المنطقة كلها وهي تحرر الإسلام من هيمنة السلطات العاملة على استخدام في وجه المد الثوري في المنطقة " وفي مقالة أخيرة للأستاذ الغنوشي في الطليعة الإسلامية عدد 26 مارس /85 يعتبر أن الصراع بين السنة والشيعة من المشكلات الوهمية التي تظهر مع سيادة التقليد ويستعاض بها عن المشاكل الحقيقية الواقعية بعد أن تختفي الفكر ويختفي الإبداع .
أما في لبنان فقد كان تأييد الحركة الإسلامية للثورة من أكثر المواقف وضوحاً وعمقاً فقد وقف الأستاذ فتحي يكن ومجلة الحركة ( الأمان ) موقفاً إسلامياً مشرفاً وزار الأستاذ يكن إيران أكثر من مرة وشارك في احتفالاتها وألقى المحاضرات في تأييدها ، وفي " الأمان " وغيرها نشرت قصيدة الأستاذ يوسف العظم ودعا فيها إلى مبايعة الخميني !! فقال :
هدَّ صرح الظلم لا يخشى الحمــام

بالخميني زعيماً وإمـــــام
من دمانا ومضيـنا للأمــــام
قد منحناه وشاحاً ووســـام
ليعود الكون نوراً وســـــلام
ندمر الشرك ونجتاح الظــلام
أما في مصر فقد وقفت مجلة ( الدعوة ) و ( الاعتصام ) و ( المختار الإسلامي ) إلى جانب الثورة مؤكدة إسلاميتها ومدافعة عنها في وجه الإعلام الساداتي الأمريكي ، كتبت الاعتصام على غلاف عدد ذي الحجة 1400 – أكتوبر 1980 : " الرفيق التكريتي .. تلميذ ميشيل عفلق الذي يريد أن يصنع قادسية جديدة في إيران المسلمة " وفي ص 10 من نفس العدد كتبت الاعتصام تحت عنوان ( أسباب المأساة ) :
" الخوف من انتشار الثورة الإسلامية في العراق " ثم قالت : " ورأي صدام حسين إن فترة الانتقال التي يمر بها جيش إيران وتحوله من جيش إمبراطوري إلى جيش إسلامي هي فرصة ذهبية لا تكرر للقضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قـوة لا تقهر بفضل العقيدة الإسلامية في نفوس ضباطه وجنوده " وفي عدد ( محرم 1401 هـ ديسمبر / كانون أول / 1980 ) كتب الأستاذ جابر رزق أحد أبرز صحفيي الإخوان المسلمين في الاعتصام ص 36 معللاً أسباب الحرب فقال : " إن الوقت الذي اندلعت فيه هذه الحرب هو ذات الوقت الذي فشلت فيه كل الخطط الأمريكية التآمرية على ثورة الشعب الإيراني المسلم " . ويقول ص 37 : " وقد نسي صدام حسين أنه سيقاتل شعباً تعداده أربعة أضعاف الشعب العراقي وهذا الشعب هو الشعب المسلم الوحيد الذي استطاع أن يتمرد على الإمبريالية الصليبية اليهودية " ثم يواصل حديثه " والشعب الإيراني بكامل هيئاته ومنظماته مصمم على مواصلة الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي ، كما أن التعبئة الروحية والنفسية بين كل أفراد الشعب الإيراني لم يسبق لها مثيل والرغبة في الاستشهاد تأخذ صورة التسابق والإقدام والشعب الإيراني واثق تماماً أن النصر في النهاية سيكون للثورة الإيرانية المسلمة " ثم يشرح الأستاذ جابر رزق أن هدف الاستعمار من الحرب اسقاط الثورة فيقول :
" .. وبسقوط النظام الثوري الإيراني يزول الخطر الذي يتهدد هذا النوع من الطواغيت الذين يرتجفون من تصورهم احتمال ثورة شعوبهم ضدهم واسقاطهم مثلما فعل الشعب الإيراني المسلم ضد الشاه العميل " وفي نهاية المقال يقول :
" ولكن حزب الله غالب ..ولكن لابد من الجهاد والاستشهاد ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " .
إذن هذا هو جوهر الحرب وليس ما يردده البعض من أن إيران الشيعة تريد الانقضاض على النظام السني في العراق .. يا إلهي كم هو محزن هذا العمى وكم هو .. من يزرع الجهل والحقد في عقول الناس وقلوبهم .
وفي عدد ( صفر 1401 – يناير / كانون الثاني 1981 م ) كتبت الاعتصام على غلافها : " الثورة التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " وفي ص 39 تساءلت المجلة " لماذا تعتبر الثورة الإيرانية أعظم ثورة في العصر الحديث " وفي نهاية المقال الذي كتب بمناسبة الذكرى الثانية لانتصار الثورة جاء فيه : " ومع ذلك انتصرت الثورة الإيرانية بعد أن سقط آلاف الشهداء وكانت بذلك أعظم ثورة في التاريخ الحديث بفعاليتها ونتائجها الإيجابية وآثارها التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " .
ومن مصر إلى موقف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي وجه بياناً إلى المسؤولين عن الحركات الإسلامية في كافة أنحاء العالم وذلك أثناء أزمة الرهائن جاء فيه " ولو كان الأمر يخص إيران وحدها لقبلت حلاً وسطاً بعد أن تبينت ما حولها ولكنه الإسلام وشعوبه في كل مكان وقد أصبحت أمانة في عنق الحكم الإسلامي الوحيد في العالم الذي فرض نفسه بدماء شعبه في القرن العشرين لتثبيت حكم الله فوق حكم الحكام وفوق حكم الاستعمار والصهيونية العالمية .
ويشير البيان إلى رؤية الثورة الإيرانية لمن يحاول أن يفت في عضدها على أنه واحد من أربعة " أما مسلم لم يستطع أن يستوعب عصر الطوفان الإسلامي وما زال يعيش في زمن الاستسلام فعليه أن يستغفر الله ويحاول أن يستكمل فهمه بمعاني الجهاد والعزة في الإسلام والله تعالى يقول : } إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين { وأما عميل يتوسط لمصلحة أعداء الإسلام على حساب الإسلام متشدقاً بالأخوة والحرص عليها كما في قوله تعالى:
} وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين { وإما مسلم إمعة يحركه غيره بلا رأي له ولا إرادة والله يقول } يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين { . وإما منافق يداهن بين هؤلاء وهؤلاء .. " .
وعندما بدأ الغزو الصدامي لإيران المسلمة أصدر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بياناً وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب البعث الملحد الكافر على حد تعبير البيان الذي قال أيضاً : " إن هذه الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . فشعب إيران المسلم قد حرر نفسه من الظلم والاستعمار الأمريكي الصهيوني في جهاد بطولي خارق وبثورة إسلامية عارمة فريدة من نوعها في التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للإسلام والمسلمين "
ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلاً : " ..ضرب الحركة الإسلامية وإطفاء شعلة التحرير الإسلامية التي انبعثت من إيران " وفي نهاية البيان يقول مخاطباً الشعب العراقي : " … اقتلوا جلاَّديكم فقد حانت الفرصة التي ما بعدها فرصة ، القوا اسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة ، الثورة الإسلامية ثورتكم".
أما موقف الجماعة الإسلامية في باكستان فقد تمثل في فتوى العلامة أبي الأعلى المودودي التي نشرت في مجلة الدعوة – القاهرة – عدد 29 أغسطس ( آب ) 1979 رداً على سؤال وجهته إليه المجلة حول الثورة الإسلامية في إيران أجاب العالم المجتهد الذي أجمعت الحركة الإسلامية أنه واحد من أبرز روادها في هذا القرن " وثورة الخميني ثورة إسلامية والقائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات " .
إذن هذه هو الموقف الشرعي من الثورة الإسلامية كما يطرحه المودودي وليس ما يطرحه وعاظ السلاطين السعوديين وغيرهم من آراء مخالفة لفتوى المجتهد الكبير فأيهم أولي بالاتباع أيها المسلمون مجاهد ورائد إسلامي عظيم كالمودودي أم يقدمون البيعة والولاء لفهد بن عبد العزيز ( إمام المسلمين وخادم الحرمين الشريفين !!! ) .
أمام موقف الأزهر فقد أعلنه شيخ الأزهر السابق في وقته في حديث مع صحيفة ( الشرق الأوسط ) التي تصدر في السعودية ولندن ( 3/7/ 79 ) قائلاً : " الإمام الخميني أخ في في الإسلام ومسلم صادق " . ثم قال : " إن المسلمين باختلاف مذاهبهم أخوة في الإسلام والخميني يقف تحت لواء الإسلام كما أقف أنا " . فهل كان شيخ الأزهر وقتها أيضاً جاهلاً بعقائد الشيعة ؟ أيُّ مصيبة هذه إذن !!
وفي كتاب من كتب الأستاذ فتحي يكن الأخيرة : ( أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي ) يستعرض المؤلف مؤامرات الاستعمار والقوى الدولية ضد الإسلام فيقول ص 148 : " وفي التاريخ القريب شاهد على ما نقول إلا وهو تجربة الثورة الإسلامية في إيران ، هذه التجربة التي هبت لمحاربتها واجهاضها كل قوى الأرض الكافرة ولا تزال بسبب أنها إسلامية وأنها لا شرقية ولا غربية " .
ترى في أي صف يقف هؤلاء الذين يستغلون منبر رسول الله r ليصبوا حقدهم ضد الثورة الإسلامية ..في أي صف ؟ ..أجيبوا ..ردوا على الأستاذ فتحي يكن إن كنتم تريدون وجه الله حقاً .
وجاء في مجلة ( الدعوة ) المهاجرة التي يصدرها الإخوان في النمسا العدد 72 / رجب 1402 هـ مايو / أيار 1982 ص 20 : " وفي العالم اليوم اليقظة الإسلامية التي كان من آثارها الثورة الإسلامية في إيران التي استطاعت ورغم عثراتها ..إن تقوض أكبر الإمبراطوريات عراقة وأشدها عتواً وعداءً للإسلام والمسلمين " .
هذا موقف الدعوة حول إسلامية الثورة أما العقبات فليست أكثر من العقبات التي يحاول الاستعمار إن يضعها في طريق الثورة للتأثير على مسيرتها ، وواجب المسلمين الملتزمين أن يعوها ويبطلوها بقدر استطاعتهم ، هذا هو موقف الدعوة الذي يؤكده الأستاذ عمر التلمساني في حديث له مع ( مسلم ميديا ) الذي نشرته مجلة ( الكرسنت ) الإسلامية التي تصدر في كندا ( 16/12/1984 ) وقال فيه بالحرف الواحد : " لا أعرف أحداً من الإخوان المسلمين في العالم يهاجم إيران " .
فمن هم هؤلاء الذين يفعلونها ويزعمون أنهم ينتسبون للإخوان هل هم ….؟ وإلا فكيف يخالفون حقيقة واضحة يعلنها المرشد العام للإخوان المسلمين .
وبعد هذه المواقف الواضحة لعلماء وقادة الحركات الإسلامية نستمع إلى إجابة الإمام الخميني على سؤال يتعلق بأصول الثورة وجه له عند وصوله إلى باريس : "أن السبب الذي قاد المسلمين إلى سنة وشيعة يوماً ما لم يعد قائماً ..كلنا مسلمون ..هذه ثورة إسلامية ..نحن جميعاً أخوة في الإسلام " .
وفي كتاب ( الحركة الإسلامية والتحديث ) ينقل الأستاذ الغنوشي ص 21 عن الإمام قوله : " إننا نريد أن نحكم بالإسلام كما نزل على محمد r لا فرق بين السنة والشيعة لأن المذاهب لم تكن موجودة في عهد رسول الله r " .
وفي الملتقى الرابع عشر للفكر الإسلامي – الجزائر – قال السيد هادي خسروشاهي ممثل الإمام إلى المؤتمر : " الأعداء أيها الأخوة لا يفرقون بين سني وشيعي إنهم يريدون القضاء على الإسلام كفكرة وكأيديولوجية عالمية ولذا فإن أي دعوة أو عمل لتفريق الصفوف باسم السنة والشيعة تعني الوقوف إلى جانب الكفر وضد الإسلام وهي بالتالي – كما أفتى الإمام الخميني – حرام شرعاً وعلى المسلمين التصدي لها " .
وقبل أكثر من عشرين عاما وفي خطبة للإمام – جمادى الأول – 1384 هـ كان يعلن : " الأيدي القذرة التي تبث الفرقة بين الشيعي والسني في العالم الإسلامي لا هي من الشيعة ولا من السنة – إنها أيدي الاستعمار التي تريد أن تستولي على البلاد الإسلامية من أيدينا . والدول الاستعمارية ، الدول التي تريد نهب ثرواتنا بوسائل مختلفة وحيل متعددة هي التي توجد الفرقة باسم التشيع والتسنن " .
وبعد فإن تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة والممتد على مدى القرن الأخير لم يعرف إلا الإخاء والتعاون وروح التوحيد فلماذا تنتشر بيننا اليوم كتب الفتنة والانقسام بدءاً من كتاب الأكاذيب : " موقف الخميني من الشيعة والتشيع " ومروراً بكتاب ( السراب ) وحتى كتاب الأضاليل ( وجاء دور المجوس ) الذي نشرته نفس الدار التي أصدرت كتاباً تهاجم فيه حركة جهيمان الإسلامية في الجزيرة العربية وهو المسلم السلفي !!
والعجيب أن كتبة هذه الكتب من النكرات لا يكتبون عليها أسماءهم الحقيقية رغم إنها تلقي كل الترحيب من أنظمة الطاغوت وتروج في كل مكان بل الحقيقة أن ذلك ليس عجيباً لأنهم أول من يدرون بأنها صفحات من الكذب الرخيص ، أننا نصرخ بأعلى صوتنا …إلا من يفيق ؟ أليس هناك من رجل جيد ؟ إن المسألة ليست دفاعاً عن إيران أو عن الخميني فنحن هنا كمسلمين سنة في وطن يسوده العلو والإفساد الإسرائيلي كنا نعتبر إيران ميداناً للنفوذ الأمريكي وحتى سنوات قليلة ، ولم نكن نعرف الخميني .. ولكن المسألة دفاعٌ عن الإسلام ومستقبله ..إنها المرة الأولى منذ أكثر من مائة عام يملك فيها الإسلام أرضاً وحكومة وشعباً يحمل مثل هذه الروح الاستشهادية …إنها فرصة الإسلام والمسلمين للنهوض ومواجهة التحدي الغربي وتحطيم هجمته ومركزيته في فلسطين . وإذا حاولنا إضاعة الفرصة وتدمير التجربة الوليدة فلن نجد أمام الله عز وجل - يوم لا ظل إلا ظلُّه – ما نعتذر به .
ا

====== " .
هذا المركز الذي فتح أبوابه وقلبه ليكون ساحة للحوار والتلاقي بين ساحات كَثُرَ فيها الخصام والتباعد ، وما أحوجنا نحن اليوم إلى أن نكون متلاقين متآلفين في هذا الوقت العصيب ، لنواجه جميعاً خطراً لا يفرِّق بين أبيض وأسود وعمر وجعفر .
ويتوسد المركز لتحقيق ما يصبو إليه الوسائل التالية :
1) المحاضرات الشهرية التي تقام فيه .
2) الدورية التي يصدرها المركز واسمها : ( الإنسان المعاصر ) .
محاولين في هذا كله أن نسد ثغرة من الثغرات ، أو نقدم حلاًّ لبعض المشكلات ، أو وجهة نظر في بعض القضايا .
منطلقين أولا من واقعنا اللبناني الذي نعيش فيه ، ثم المحيط العربي والإسلامي .
هذا ، ولا ندعي أننا نملك الصواب كله في كل ما نذهب إليه من حلول ومعالجات ونظرات ، بل نعتقد أننا نملك جزءاً من الصواب ومع الآخرين الجزء الآخر لذا نحن نفتح الباب واسعاً لتلاقي الأفكار وتزاوجها كي يجتمع لدينا الجزء الذي نفقد مع الجزء الذي يفقده الآخرون ، فيتولد من لقاءاتنا هذه الحقيقة الأقرب للصواب ، وبهذا نصل للحق الذي ينشده الجميع .
وفي ساحة الحوار هذه نستضيف اليوم علمين بارزين :
العلم الأول : هو تاريخ متنقل يحمل بين جنباته تجارب الماضين ، وخبرة الأيام ، والعلم والفكر والحكمة .
إنه شيخ ولكن بروح الشباب وهمتهم ، وأراني عاجزاً عن تعريفه في هذه العجالة السريعة. محاضرنا هو : الشيخ زهير الشاويش حفظه الله .
وُلِد في دمشق سنة 1925 م ، من رجال العلم والجهاد والعمل العام ، شارك في مؤتمرات وندوات كثيرة ، وله حضور في القضايا العربية والإسلامية ، وهو عضو مجلس أمناء " مركز البيان الثقافي " ومؤسس المكتب الإسلامي للطباعة والنشر . له العديد من المؤلفات والتحقيقات والمقالات .
أما العلم الثاني الذي نستضيف فهو : الدكتور سعود المولى ، ونحن نسميه فيما بيننا الرجل الزئبقي ، لأنك لا تستطيع أن تمسك به لكثرة مشاغله وتنقلاته ونشاطه الدائم .
وُلِدَ في بيروت سنة 1953 م ، أستاذ في الجامعة اللبنانية ، معهد العلوم الاجتماعية وعضو لجنـة الحوار الإسلامي المسيحي ،وممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وعضو الأمانة العامة الدائمة للقمة الإسلامية ، وعضو مجلس أمنـاء " مركز البيان الثقافي " .
أما موضوعنا اليوم فهو : " الوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب " .
وقد تم اختيارنا لهذا الموضوع انطلاقا من أمر الله تعالى :
} واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا { {آل عمران : 103 } وقوله أيضاً : } ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم { {الأنفال : 46} ، والتزاماً بقــول النبي r :
"ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمّى " {رواه البخاري : 6011 }
ونبدأ موضوعنا مع الشيخ زهير الشاويش ، على أن لا يتجاوز في إلقائه هذا خمساً وأربعين دقيقة ، ثم يعقب على الموضوع الدكتور سعود المولى ، على أن لا يتجاوز تعقيبه ثلاثين دقيقة ، ثم نبقى ثلاثين دقيقة لاستلام أسئلتكم .
ونبقى الآن مع كلمة الشيخ زهير الشاويش ، فليتفضل .


على هامش مؤتمر الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب

الشيخ زهير الشاويش

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وجميع صحبه ، ومن تبعهم بإحسان أما بعد :
فإن مما توافقت عليه العقول أن يكون أبناء الدين الواحد أمة واحدة ، تجمع بينها الأسس ، والأهداف ، وتعمل صفاً واحداً في تأمين حاجاتها ، ودفع المضار عنها فيما يصيب أفراداً منها .
وهذا الشيء ذاته حال أبناء الأمة الواحدة ذات العرق والجنس الواحد . وقل مثل ذلك عن أبناء الوطن والبلد .
وهذه الصورة المُثلى حرمنا منها زمنا بعيداً،لعوامل مختلفة.وكانت الوحدة تقترب حيناً، وتبتعد أحياناً . إلى أن كان مطلع هذا القرن الميلادي ..الذي لعبت دول الاستعمار به تفرقة وتشتيتاً ، وذهبت دولة الخلافة – واأسفاه على الخلافة – فقد كانت المِظلَّةَ لأكبرِ تجمع إسلامي في دولة واحدة ، وأكبر هدف إيماني لتطلعات باقي الشعوب المسلمة .
لقد حُرمنا من تحقيق تجمع لنا باسم القومية العربية ..وما بقي لنا سوى أبيات الشعر :
من الشـــام لبغــــداني
=

وما لي أحدثكم عن الوحدة الإسلامية, والوحدة العربية ..ولا أذكر لكم بأننا نشأنا في الثلاثينات من هذا القرن ، ونحن نتمنى وحدة الوطن الصغير سورية الجغرافية ..بعد أن قسمت إلى قطع صغيرة زادت على العشرة [1] .
لقد حرمنا وحدة الوطن ، ووحدة القوم ، ووحدة الدين .
ودار الزمن دورته ، وقامت للعرب وحدات استمر بعضها كوحدات شبه الجزيرة ، واتحادات الإمارات والعراق والأردن ، والجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية ، وكانت الأمل الكبير . ولكن لم يكتب لها البقاء ، فضلاً عن وحدة مصر والسودان ، وقيام وحدات المغرب العربية ، والوحدات الفورية عند بعضهم . واليوم توحدت اليمن كتب الله لوحدتها البقاء .
ولست هنا لأعدد دوافع قيام كل وحدة ، ولا أسباب انهيار ما سقط منها ، ولا مخاوفي على القائم منها ، ولا أنسى فشل وحدة باكستان بعد أن انفصلت عن الهند وانقسمت إلى شطرين !! .
وإنما بقي لي -ولمثلي- آمال تراودني ، وأفكار تعاودني ، قبل نومي حول وحدة الوطن ، والقوم ، والدين ..ولا أجد لها تحقيقاً ، ولا في المنام ، بل أجدُ لها من نفسي لنفسي تأريقاً ..
وكم حضرت من مؤتمرات واجتماعات ، وسمعت عن ذلك ممن سعى إليها غيري وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس ، وبعضهم قدم الأرواح والمهج ، ولكن بقينا نسمع صوتاً ولا نرى طِحنا .
وإنني مع علمي بأن الوفاء للقسم الأول من العنوان الذي اختاره الإخوة الأكارم لهذا اللقاء " الوحدة الإسلامية " الموافق لعنوان مؤتمر طهران . يوجبُ عليَّ أن أعرض مقومات موضوع هذه الوحدة [2] .
ولكنني لن أتكلم فيه ، ليس لأنه صعب أو بعيد المنال ..لا ! إنما أردت الكلام عن جزئيات هي في حقيقتها مما يعوق دون وحدة المسلمين . وأهمها – مع الأسف – يرجع إلى فهمنا أو تطبيقنا لهذا الدين الذي جعله الله رحمة لنا وللعالمين ، والذي نريد أن نتوحد به وعليه اليوم . فإذا أزيلت تلك العقبات الجزئية ظاهراً ..والكؤود حقيقة ، نمهد الطريق إلى الوحدة .. وأهم هذه العقبات في نظري .
الخلاف بين : أهل السنة والجماعة من جهة .
وبين الشيعة الإثنى عشرية من جهة أخرى .
وإذا تركتُ الزيديين والعلويين والموحدين جانباً ، فلأنهم تبع للشيعة ، ولأن وجودهم كان في مؤتمر طهران محدوداً – اللهم سوى عالم زيدي واحد وما تكلم بكلمة .
وحتى هؤلاء يكون البحث معهم – إن شاء الله – فيما بعد ، وهم في النتيجة مع إخوانهم صف واحد في وجه الإلحاد والكفر ..
ونحن في بلاد الشام ما كنا في يوم ما متباعدين . بل كان التقارب بيننا قديماً .. ولعل وجود إخواننا من تلك المذاهب حتى اليوم ، الدليل الواضح على روح التسامح الذي كان سائداً ، وأما فترات التشنج ، فقد كانت قليلة ومحدودة ، وكان يجري علاجها من عقلاء أهل زمانها .
ومما أدركنا من التعاون الإسلامي العام – وخصوصاً أيام الجهاد – بين الشيخ صالح العلي ( العلوي ) ، وإبراهيم هنانو ، والشيخ نافع الشامي ، وسكان الساحل ، وجبل الزاوية في شمال وغرب سورية .
وكذا بين سكان جبل العرب من الدروز مع الأميرين : شكيب وعادل أرسلان ، والشيخ الهجري ، والقائد سلطان الأطرش ، ومع السنة مثل الزعيم عبد الرحمن الشهبندر ، والشيخ محمد الأشمر ، وأهل دمشق وحوران والغوطة ، وأهل الجولان ، وقرى وادي العجم ، وعربان الجبل .
وتفصيل هذه الأمور يحتاج إلى أوقات طويلة ومعرفة في التاريخ والجغرافية أكثر مما تعلم أبناؤنا في دروس التربية الوطنية وكتب التاريخ المدرسي ، التي فرض مناهجها وكتبها المستعمر ومن تابعه على ذلك من عبيد الأنظمة ..
وأعود إلى بحث التوافق بين السنة والشيعة على ضوء مؤتمر " الوحدة الإسلامية " فإن اتفاقهما وتوافقهما هو الأساس ..
وبعد ذلك فأجد أن عليَّ أن أطرح سؤالاً على نفسي وعلى من ينادي بالوحدة الإسلامية مثلي ، ويريدها بأقرب وقت . وهو :
كم هو الأمل عندك في حصول الوحدة ؟؟
فأقول : إن تفرقنا كان على مراحل ، وسوف نعود أيضاً على مراحل وخطوات .. ويوم أن تفككت وحدتنا أصابتها عوامل متعددة دينية ، وسياسية ، داخلية ، وخارجية .. واستمر الانشقاق ، وارتفعت الخصومات ، وأحياناً اشتعلت الحروب .
واليوم ورثنا هذا الركام من الخلافات المنوعة أيضاً .
كما ورثنا رغبات صادقة من الآباء وممن سبقنا للوحدة والتقارب بعد أن أحسوا جميعاً بالخسارة العامة ، وقد استجاب نفر كريم من علماء الأمة ومفكريها إلى هذا المؤتمر ، الذي انعقد في إيران . وكان قد سبقهم إلى الدعوة إلى تلك الوحدة بين المذهبين عدد كبير من المصلحين في السير على هذا الطريق ، ومنهم المسرع ومنهم المتئد .. مع اختلاف الوسائل وسبل عرض الموضوع [3] .
وأحب – الآن – أن أُغلِّب حسن الظن عندي على سواه ، حتى في الذين كتبوا ودعوا إلى التقارب بأسلوب نبش الماضي ، وإثارة الخلافات .. ظناً منهم أن ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن أقوالهم وكتبهم تجعل التقارب على قواعد سليمة مبنية – على ما فهموا – من الكتاب والسنة وأقوال العترة ..أو ما تقتضيه الحكمة والعقل والوحدة المتينة .
وقد كان في المؤتمر بعض هؤلاء .
بل قد توسع بعضهم – في المؤتمر وقبله – إلى الدعوة لجعل المسلمين كلهم مذهباً واحداً في الدولة ، والحكم ، والعقائد ، والفقه ، ومختلف الأمور . وكانت له حجته ، وهي حق في أصلها ، ولكنه ابتعد عن الواقع . فذهبت دعوته مع الريح .
ونحن اليوم ندعو إلى بقاء أصحاب كل مذهب على مذهبهم .

اللهم ! إلا ما يجربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏3‏ أشخاص‏، ‏‏‏‏لحية‏، ‏نص‏‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏‏لحية‏ و‏نص‏‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏10‏ أشخاص‏، ‏‏نص‏‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، ‏‏أشخاص يقفون‏‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏17‏ شخصًا‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق