الخميس، 19 يناير 2017

بعض ضلالات سيد قطب فكرة العالمية أو الأخوة الإنسانية===
ويتحدث عن الهندوكية فلا يقدح فيها من جهة شركها ووثنيتها ، وإن كان في بعض الأحيان قد يطعن في هذه الوثنية لكن حديثه هنا عجيب إنه يدعو إلى فكرة الماسونية فكرة الأخوة الإنسانية .
فيقول([1]) : (والمجتمع الهندوكي بدوره يكاد يكون مجتمعا مقفلا كالمجتمع اليهودي ، لأن تقسيم البرهمية للطبقات في هذا المجتمع وعزلها كل طبقة عن الأخرى عزلا كاملا، بحيث لا يمكن اجتياز الفواصل الحديدية بين هذه الطبقات . . . لا يسمح لغير الهنود أن يعتنقوا الديانة الهندوكية ولا يسمح بفكرة الأخوة العالمية، التي تهيئ لقيام مجتمع عالمي مفتوح للجميع).
وهكذا يرى أكبر نقص في المجتمع الهندوكي أنه مجتمع مقفل وكذلك المجتمع اليهودي ، وكأنه يشجعهما على الانفتاح ونشر ديانتهما في العالم انطلاقا من حرية الأديان .
وكذلك يأخذ على الهندوكية أنها لا تسمح بفكرة الأخوة العالمية التي يدعو إليها سيد قطب .
ويقول سيد قطب عن المسيحية :
(أما المجتمع المسيحي -إذا صح هذا التعبير - فالمسيحية لا تحكمه ، والنظم فيه لا تعتمد على العقيدة، إنما تعتمد أساسا على القوانين الوضعية، حيث تقف العقيدة في عزلة عن المجتمع ، تحاول أن تعمل في ضمير الفرد وحده ، وبدهي أن قوة النظام الاجتماعي لا تمهل الفرد يستمع إلى صوت الضمير ما لم يكن هذا النظام ذاته قائما على العقيدة التي تعمر الضمير. . .
وهذا الانعزال بين العقيدة والنظام في العالم الذي يسمى العالم المسيحي ، يحرم الفرد ذلك التناسق الذاتي بين ضميره والنظام الذي يعيش في ظله ، كما يحرم المجتمع تلك الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين . . . وعلى أي حال فهذا موقف اضطراري في العالم المسيحي ، لأن المسيحية لم تتضمن شريعة تنظم المجتمع عن طريق القانون ، ومن هنا ذهبت كل دعوات المسيحية إلى السماحة الإنسانية هباء، وغلبتها روح الاستعمار الخبيثة، المنبعثة من النعرة القومية المنعزلة داخل الحدود الجغرافية )([2]) .
أقول : لو حكمت العقيدة الإسلامية سيد قطب لما تحدث بهذا الأسلوب عن الهندوكية المغرقة في عبادة كل شيء من الأوثان والقردة والفروج والأشجار والأحجار والحيات والديدان .
فأي دمار سيحيق بالبشرية لو انفتحت على العالم تنشر عقيدتها وتدعو إلى الأخوة العالمية تخلصا مما يأخذه سيد قطب وأمثاله من دعاة الإنسانية، وخروجا من معرة هذا العار؟ !
ولو حكمت العقيدة الإسلامية سيد قطب لما تحدث عن النصرانية الكافرة بهذا الأسلوب السمج المتملق - إن أحسنا به الظن -.
إنه لا يتحدث عن الدين الذي جاء به رسول الله عيسى صلى الله عليه وسلم المتضمن للتوحيد والمؤيد للتوراة المنزلة على موسى صلى الله عليه وسلم وفيهما جميعا الهدى والنور والتشريع المنظم للحياة .
قال تعالى : {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}([3]) بعد أن قال عن التوراة : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} ([4])
وإنما يتحدث سيد قطب عن الديانة النصرانية المحرفة عن التوحيد إلى الوثنية وعن الحكم بما أنزل الله إلى الحكم بالطاغوت .
فماذا يريد سيد قطب بقوله في حديثه عن المجتمع المسيحي : (فالمسيحية لا تحكمه والنظم فيه لا تعتمد على العقيدة إنما تعتمد أساسا على النظم الوضعية) ؟!
فلو اعتمدت نظمها على عقيدتها الوثنية التي قال الله في شأنها {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} ([5])
وقال : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}([6]) ، وقال : {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا}([7]) ، ولو اعتمدت نظمها على عقيدتها الوثنية بنص القرآن أتكون على حق وسداد وهدى ؟
إن عدم التزامهم بهذه العقيدة قد يكون أخف خبثا وشرا .
وماذا استفاد العالم الإسلامي وغيره من التعصب الوثني الصليبي ؟ وماذا لقيت أسبانيا من هذا التعصب الخبيث المتوحش ؟!
سيد قطب يعرف هذا تماما.
ماذا يريد سيد قطب بقوله : (وبدهي أن قوة النظام الاجتماعي لا تمهل الفرد ليستمع إلى صوت الضمير ما لم يكن هذا النظام ذاته قائما على العقيدة التي تعمر الضمير)؟!
فهل العقيدة النصرانية تعمر الضمير أو تفسده وتخربه وتملؤه حقدا وتعصبا ضد الحق والهدى والنور الذي أُرْسِل به محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين ، فأبته هذه العقيدة وحاربته أشد من اليهود والفرس والهندوك وغزت المسلمين في عقر دارهم وتعاونت مع كل الأديان ضدهم وضد إسلامهم .
ماذا يريد سيد بقوله : (وهذا الانعزال بين العقيدة والنظام في العالم الذي يسمى العالم المسيحي يحرم الفرد ذلك التناسق الذاتي بين ضميره والنظام الذي يعيش في ظله ، كما يحرم المجتمع تلك الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين ) ؟!
فهل يحصل للفرد النصراني عابد الصليب تناسق بين ضميره والنظام الناشىء على تلك العقيدة أو أنهما جميعا تورثانه التمزق والضياع والقلق([8]) ؟ !
وما هي الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين الوثني الصليبي ؟! أليست الفجور والبغضاء والحقد على محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته وأمته ؟ !
ثم بعد هذا الكلام التائه يخبط في تيه التناقض فيقول : وعلى أي حال فهذا موقف اضطراري في العالم المسيحي، لأن المسيحية لم تتضمن تنظيم المجتمع عن طريق القوانين ).
فهل هذا إعذار للمسيحيين عن تشريعهم لقوانين لا ترتبط بعقيدتهم فهم بذلك معذورون أمام الله ؟ وهل المسيحية التي لم تتضمن قوانين هي المنزلة أو المبدلة؟
إن كان يقصد المنزلة وهو المتبادر، فهذا أمر خطير يصادم قول الله : {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}([9]) ، ثم هم ملزمون بالأحكام المنزلة في التوراة ثم القرآن .
وإن كان يقصد المسيحية الوثنية المبدلة فما فائدة هذا الكلام الباطل الذي يغضب الله عز وجل والذي يدل على الفساد العقائدي والهوى السياسي وهما أمران خطيران كثيرا ما يجران من أصيب بهما إلى المهالك .
بل يذهب سيد قطب إلى أبعد من هذا فيصف النصرانية المبدلة بالسماحة والطهر فيقول :
وكثيرا ما ذهبت إلى هذه الكنائس واستمعت إلى الوعاظ في الكنيسة وإلى الموسيقى والتراتيل والأدعية ، وكثيرا ما استمعت إلى إذاعة الآباء في محطات الإذاعة في الأعياد المسيحية . . . .
دائما يحاول الآباء أن يعقدوا الصلة بين قلب الفرد وبين الله ، ولكن واحدا منهم لم أسمعه يقول كيف يمكن أن يكون مسيحيا في واقع الحياة اليومية، ذلك أن المسيحية إنما هي مجرد دعوة للتطهير الروحي ، ولم تتضمن تشريعا للحياة الواقعة بل تركت ذلك لقيصر.
وكان من أثر هذا في العالم المسيحي أن أصبحت المسيحية في جانب والحياة الواقعة في جانب ، وعلى توالي الأزمان أصبحت المسيحية محصورة داخل الكنيسة والحياة من حولها أبعد ما تكون عن روحها السمحة المتطهرة، فلما نشطت الكنيسة في السنوات الأخيرة للاتصال بالمجتمع من جديد لم يكن همها أن ترفع الناس إليها، بل كانت طريقها أن تهبط هي إلى الناس . 00)([10])
هكذا يصور سيد قطب النصرانية المحرفة الوثنية النجسة عقائدها المؤلهة للبشر بأنها دعوة إلى التطهر الروحي ، وأن روحها سمحة متطهرة، ولا مؤاخذة على الكنيسة إلا أنها أهملت السياسة ووضع القوانين التي تحكم الحياة .
وهذا يذكر القارئ بمدح سيد للصوفية أهل وحدة الوجود من حيث عقيدتهم الوحدوية، ومؤاخذته لهم من جهة تقصيرهم في الجانب السياسي في الإسلام فقط .
وكل هذه الضلالات يجب على الأمة أن تحني رؤوسها أمام عظمة سيد وأن تتلمس له التأويلات والمعاذير، أما السلفي فيا ويله إن أخطأ، بل يا ويله إن قال الحق وبرهن عليه بالأدلة والبراهين الواضحة .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) نحو مجتمع إسلامي (ص 132) .
([2]) نحو مجتمع إسلامي (ص 132 - 133 ) .
([3]) المائدة 47.
([4]) المائدة 44.
([5]) المائدة 72.
([6]) المائدة 73.
([7]) مريم : 89 - 93
([8]) لقد كانت القوانين في الديانة النصرانية مرتبطة بعقيدتها وكان النصارى واليهود يستمدون عقيدتهم وقوانينهم في ان واحد من أحبارهم ورهبانهم كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، ومع هذا الارتباط بين العقيدة والقانون فقد كفرهم الله واعتبرهم مشركين ، فأين التوحيد والطهر ؟ وأين التناسق الذاتي بين ضمير الفرد والنظام الذي يعيش في ظله ؟ أليس تناسقا بين كفر وكفر؟
([9]) المائدة 47.
([10]) معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 56 - 57 ) .
=========اجتياح أموال الناس بفرض الضرائب
يقول سيد قطب في كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية"([1])
( أئذا فرضت الدولة اليوم ضريبة للتعليم ، جعلت حصيلتها خاصة بالأغراض التعليمية البحتة، من بناء للدور، وأداء للأجور، وإنفاق على أدوات الطلاب ، وكتبهم وغذائهم كذلك . . . قيل : إن هذا النظام للتسول والشحاذة، يهين كرامة المعلمين والطلاب ، لأن هذه الأموال مأخوذة من أموال الأثرياء ، منفقة في شؤون الفقراء .
أئذا سنت الدولة قانونا يجبي 5ر 2 % من كل ثروة كثرت أو قلت لتكوين الجيش وتسليحه ، وجعلت هذه الضريبة وقفا على هذا الباب من أبواب النفقات العامة، قيل :
إن الجيش يتسول ، وإن كرامته تستذل لأن الدولة أخذت نفقته من أموال الأثرياء والثري والفقير في أدائها سواء.
إن الزكاة ضريبة كهذه الضرائب تجبيها الدولة، ثم تنفقها في وجوه معينة، تجبيها كلا، ثم تنفقها أجزاء... وليست إحسانا فرديا يخرج بعينه من يد ليعطى بعينه إلى يد)([2]).
أقول : إن الزكاة ركن من أركان الإسلام وعبادة عظيمة من العبادات يتقرب بها إلى الله عز وجل، وإهمالها إهمال لركن عظيم من أركان الإسلام وأسسه، والضرائب التي يحشر سيد قطب في ثناياها هذه الزكاة وهذا الركن العظيم للإسلام، بل يقيسها عليها، هي مكوس من أشد أنواع الظلم ومن أكبر أنواع المعاصي، خصوصا إذا أخذت طابع التشريع، وألزمت به وأرهقت به الأمة على الوجه الذي عرضه سيد قطب .
ثم استمر سيد يتحدث عن الزكاة باعتبارها ضريبة من الضرائب إلى أن قال:
ولكن هذا ليس كل حقوق الإسلام في المال ، إن هذا إنما يجري حين يكون المجتمع متوازنا لا اضطراب فيه ولا اختلال ، وعندما لا تكون هناك حاجات استثنائية للمجتمع لمواجهة الطوارئ الداخلية أو الخارجية، فأما حين تتغير الأحوال وتبرز الحاجات ، فحق المجتمع مطلق في المال ، وحق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام .
والإسلام يعطي هذه السلطات للدولة - ممثلة المجتمع - لا لمواجهة الحاجات العاجلة فحسب ، بل لدفع الأضرار المتوقعة، وحماية المجتمع من الاعتداء الخارجي ، كحمايته من التخلخل الداخلي سواء، في منح هذا الحق للدولة لتتصرف في الملكيات الفردية بلا حدود ولا قيود إلا حدود الحاجات الاجتماعية والصالح العام .
في يد الدولة أن تفرض أولا ضرائب خاصة غير الضرائب العامة - كما تشاء -، فتخصص ضريبة للجيش ، وضريبة للتعليم ، وضريبة للمستشفيات ، وضريبة للضمان الاجتماعي . . . ، وضريبة لكل وجه طارىء من أوجه الإنفاق لم يحسب حسابه في المصروفات العامة أو تعجز الميزانية العادية عن الإنفاق عليه عند الاقتضاء([3]) .
وفي يد الدولة أن تنزع الملكيات وأن تأخذ من الثروات - بنسب معينة - كل ما تجده ضروريا لتعديل أوضاع المجتمع أو لمواجهة نفقات إضافية ضرورية لحماية المجتمع من الآفات :
آفات الجهل، وآفات المرض، وآفات الحرمان، وآفات الترف، وآفات الأحقاد بين الأفراد والجماعات ، وسائر ما تتعرض له المجتمعات من آفات([4]).
بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعا وتعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبررها، لأن دفع الضرر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد .
فنظرية الإسلام في التكافل الاجتماعي لا تجعل هناك تعارضا بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع ، وكل ضرر يصيب المجتمع يعده الإسلام ضررا يقع على كل أفراده، ويحتم على الدولة أن تقي هؤلاء الأفراد([5])من أنفسهم عند الاقتضاء([6]) .
ويقول : (أما المجتمع الإسلامي هو مجتمع آخر، كل فرد فيه مضمون الرزق عاملا أو متعطلا، قادرا أو عاجزا، صحيحا أو مريضا، ويأخذ ما متوسطه نصف العشر كل عام من رؤوس الأموال لا من أرباحها لبيت المال ، ثم يأخذ بعد ذلك بلا قيد ولا شرط من المال كل ما تحتاجه الدولة لحماية المجتمع من الآفات )([7]).
ويقول : (والإسلام عدو التبطل الناشئ عن تكدس الثراء، فلا جزاء إلا على الجهد ولا أجر إلا على العمل ، فأما القاعدون الذين لا يعملون ، فثراؤهم حرام وأموالهم حرام، وعلى الدولة أن تنتفع بذلك الثراء لحساب المجتمع ، ولا تدعه لذلك المتبطل الكسلان)([8]).
وهكذا يحلل ويحرم هذا الرجل بهواه ولا دليل له ولا برهان في هذا التحليل والتحريم ، إلا ما خدع به من أساليب كتاب ودعاة الاشتراكية والماركسية الحاقدة على كل من آتاهم الله من فضله([9]).
وإن الإسلام لبريء مما ينسبه إليه سيد قطب من هذه الحلول والمعالجات البغيضة القائمة على الحقد والحسد .
إن الإسلام ليفرض على أغنياء المسلمين زكاة تؤخذ منهم فترد إلى فقرائهم ويفرض على الغني والفقير النفقات على من تجب لهم النفقات من أقارب وزوجات وغيرهم ، ويوجب الصلة والبر لذوي الأرحام ، والبذل في سبيل الله عند داعي الجهاد، أما أن يسلط المجتمع ويسلط الدولة ممثلة المجتمع على الأثرياء تبتز أموالهم تحت شعار أنهم كسالى، وأن ثراءهم حرام ، وأموالهم حرام ، وأن المال للمجتمع ، وغير ذلك من الدعاوى الباطلة، فلا والله ثم لا والله ما في شريعة الإسلام من ذلك شيء ، وحتى الديانات الفاسدة والمبدلة وحكامها المستبدين لم يصل بهم الظلم والجبروت إلى هذا المنحدر السحيق .
ولقد أصبح اليوم أولياء سيد قطب من أعظم الناس ثراء في بلاد المسلمين ، بل لعلهم أثرى الناس ، فليخرجوا من أموالهم ولينـزلوا إلى الحقول والمصانع والمناجم ليعملوا فيها بجد وجلد حتى يبرهنوا للناس أنهم هم المؤمنون حقا بهذا الإسلام الذي يقرره سيد قطب ، وإلا فليخجلوا من التعصب المقيت لسيد قطب وأفكاره المنسوبة ظلما إلى الإسلام ، والإسلام منها براء .
ثم أقول :
أولا: إن الإسلام أرحم وأعدل من أن يشرع مثل هذه التشريعات المدمرة التي ينسبها سيد قطب إلى الإسلام .
فهذه الصورة الكريهة في أدنى أحوالها كسروية قيصرية، وفي أشدها ماركسية، والإسلام والرسالات كلها بريئة من هذا العنف والجبروت والاستعباد للبشر بسلب ثرواتهم وامتصاص جهودهم وتحويل الناس إلى قطعان من المواشي مسخرة لأغراض هذه الدولة التي يشرع لها سيد قطب ، نسأل الله أن يقي المسلمين شرها و خطرها .
ثانيا: إن هذا التشريع الذي ينسبه سيد قطب إلى الإسلام إنما استقاه من المبادىء والنظريات الشيوعية والغربية التي استفحلت في حياته ، بل كان قد تشرب هو نفسه بها، وبقيت مترسبة في نفسه وعقله إبان كتاباته باسم الإسلام ، لا سيما وقد تسنم قمة الثورة الناصرية الطاغية التي ارتكزت في تطبيقها للاشتراكية على نظرية سيد قطب وأمثاله([10]) الذين ألبسوا اشتراكية ماركس لباس الإسلام فسحقت بذلك الإسلام والمسلمين .
ثالثا: أين البراهين من الكتاب والسنة على أن في يد الدولة تلك الضرائب الخاصة والعامة؟ حاشا دين الله وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من هذا الظلم الأسود الحالك والدكتاتورية المدمرة، إن تشريع الله الرحيم العادل ليحرم ما هو دون ما أباحه سيد قطب للدولة بعشرات المراحل وإن هذا الذي يقرره سيد قطب وأمثاله من الاشتراكيين لتشريع لم يأذن به الله ، والله يقول :{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}([11]) ، وما قالوه وقرروه لم يأذن به الله في أي شريعة فضلا عن شريعة الإسلام السمحة التامة الكاملة .
والله تعالى قد نزه نفسه عن الظلم فقال : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ }([12]) وحرم على نفسه وعلى عباده الظلم ، فقال في الحديث القدسي : "يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا" ([13]).
وهؤلاء ينسبون إلى الله هذه التشريعات الظالمة الباطلة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح ، فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم([14]) ، وقال صلى الله عليه وسلم "والظلم ظلمات يوم القيامة" ([15]) . ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره بالدعوة إلى التوحيد والى شرائع الإسلام ، ثم قال : ". . . فإن هم أطاعوك لذلك ، فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب "([16]).
قد يرى الساعي أن من مصلحة الفقراء أخذ كرائم الأموال من الأغنياء للفقراء، وقد يرى أن هذا أبلغ في تطهير أهل الزكاة من الأغنياء، ولكن الإسلام يرفض مثل هذه التعللات ولو باسم المصلحة تحت أي شعار أو تحت أي تأويل ، ويعتبر ذلك من الظلم البغيض إلى الله وفي شرعه .
إن الإسلام الذي يبلغ إلى هذه الدرجة من الشفافية في تحريم الظلم لا يمكن أن يشرع مثل هذه التشريعات الأثيمة الظالمة، سواء كانت باسم الضرائب أو باسم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية التي يدعو إليها ويروج لها سيد قطب .
ولقد تهاوت هذه الادعاءات الكاذبة في روسيا وفي غيرها من البلدان الاشتراكية شأن كل باطل يذهب جفاء .
ولقد اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم التسعير ظلما يخشى المطالبة به أمام الله عز وجل يوم القيامة، وهو رسول الله أعدل الناس وأرحم الناس بالناس ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا جاء فقال : يا رسول الله ! سعر، فقال : "بل أدعو"، ثم جاءه رجل فقال : يا رسول الله ! سعر، فقال : "بل الله يخفض ويرفع ، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة"([17]). وعن أنس رضي الله عنه قال الناس : يا رسول الله ! غلا السعر، فسعر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال" ([18]).
إن العاقل ليعجب من سيد قطب الذي يحارب الربا أشد الحرب ويكفر به ! كيف يشرع مثل هذه الضرائب المهلكة؟! وكيف يشرع للدولة التي يسميها مسلمة أن تنتزع الملكيات والثروات جميعا وتعيد توزيعها على أساس جديد؟! وذلك من أشد أنواع الظلم وأفظعه ، وهذه الضرائب التي ينسبها إلى الإسلام أشد من المكس الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقبيحه وبيان فظاعته وخطره : "مهلا يا خالد، فوالذي نفسي بيده ! لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له([19]) . قاله في شأن الغامدية التي رجمت بعد أن طلبت تطهيرها من الزنا .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن صاحب المكس في النار"([20]).
وعنه صلى الله عليه وسلم : "لا يدخل الجنة صاحب مكس " يعني العشار([21]) .
والحديثان يشد بعضهما بعضا، فيرتقيان إلى درجة الحسن أو الصحيح ، لا سيما وقد صحح الأخير كل من ابن خزيمة والحاكم ، انظر "حاشية الدارمي " ( 1 / 330) .
وعن عبد الله بن عمرو قال : (إن صاحب المكس لا يسأل عن شيء يؤخذ كما هو فيرمى به في النار). أخرجه أبو عبيد في "الأموال"([22]) ، إن المكس ظلم ظاهر، أما الاشتراكية وهذه المكوس فقد أضفى عليها سيد قطب صبغة الإسلام ونسبها إلى دين الله ، فيا للعجب كل العجب !!
ولقد خالف سيد قطب كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على تحريم أموال المسلمين .
أما الأدلة من الكتاب والسنة، فقد ذكرنا طرفا منها .
ومن السنة أيضا، قول النبي صلى الله عليه وسلم : "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، فلا ترجعن بعدي كفارا (أو ضلالا) يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه "، ثم قال : "ألا هل بلغت "([23]) .
الإجماع على تحريم المكوس وهي الضرائب :
وأما الإجماع ، فقال ابن حزم رحمه الله :
(واتفقوا أن المراصد الموضوعة للمغارم على الطرق وعند أبواب المدن وما يؤخذ في الأسواق من المكوس على السلع المجلوبة من المارة والتجار، ظلم عظيم وحرام وفسق ، حاشا ما أخذ على حكم الزكاة وباسمها من المسلمين من حول إلى حول مما يتجرون به ، وحاشا ما يؤخذ من أهل الحرب وأهل الذمة مما يتجرون به من عشر أو نصف عشر، فإنهم اختلفوا في ذلك ، فمن موجب أخذ كل ذلك ومن مانع من أخذ شيء منه إلا ما كان في عهد صلح أهل الذمة مذكورا مشترطا عليهم فقط )([24]).
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
(فصل : وأما أموالهم التي يتجرون بها من بلد إلى بلد، فإنه يؤخذ منهم نصف عشرها إن كانوا أهل ذمة، وعشرها إن كانوا أهل هدنة، وهذه مسألة تلقاها الناس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ونحن نذكر أصلها وكيف كان ابتداء أمرها واختلاف الفقهاء فيما اختلفوا فيه من أحكامها بحول الله وقوته وتأييده بعد أن نذكر مقدمة في المكوس وتحريمها والتغليظ في أمرها وتحريم الجنة على صاحبها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ، وأن قياسها على ما وضعه عمر رضي الله عنه على أهل الذمة من الخراج أو العشر كقياس أهل الشرك الذين قاسوا الربا على البيع ، والميتة على المذكى ) .
ثم ساق أحاديث ذكر منها ما أسلفناه ، وآثارا منها أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطاة : (أن ضع عن الناس الفدية، وضع عن الناس المائدة، وضع عن الناس المكس ، وليس بالمكس ولكنه البخس الذي قال الله تعالى : {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}([25]) فمن جاءك بصدقة فاقبلها ومن لم يأتك بها فالله حسيبه)([26]).
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في كتاب "الكبائر" ([27]).
الكبيرة السابعة والعشرون : المكاس ، وهو داخل في قول الله تعالى : {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}([28]) ، والمكاس من أكبر أعوان الظلمة، بل هو من الظلمة أنفسهم ، فإنه يأخذ ما لا يستحق ويعطيه لمن لا يستحق ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : "لا يدخل الجنة صاحب مكس " رواه أبو داود، وما ذاك إلا لأنه يتقلد مظالم العباد، ومن أين للمكاس يوم القيامة أن يؤدي للناس ما أخذ منهم ، إنما يأخذون من حسناته - إن كان له حسنات -، وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أتدرون من المفلس ؟". قالوا: يا رسول الله ! المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : "إن المفلس من أمتي من يأتي بصلاة وزكاة وحج ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"، وفي حديث المرأة التي طهرت نفسها بالرجم : "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له أو لقبلت توبته "، والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق ، وهو من اللصوص ، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه من جندي وشيخ وصاحب رواية شركاء في الوزر، آكلون للسحت الحرام . . . والسحت : كل حرام قبيح الذكر يلزم منه العار. . .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) "معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 41 - 42) .
([2]) كثيرا ما يوهم سيد قطب الفقراء والمستحقين للزكاة بأن أخذ الزكاة لا غضاضة فيه عليهم ، وأنه ليس فيها يد عليا هي المعطية والسفلى هي الآخذة ، وهذا يغري الفقراء بالكسل والقعود عن العمل والكسب الشريف ، وبالشعور بالتعالي والعزة على أولي التفضل والبذل ، كثيرا ما يكرر قوله : (وليست إحسانا فرديا يخرج بعينه من يد ليعطى بعينه إلى يد) مؤكدا في سياقاته أنها لا تدفع إلا إلى الإمام .
ولا أدري أهو يجهل أقوال العلماء في ذلك أو يتجاهلها؟
قال النووي رحمه الله متحدثا عن زكاة الأموال الباطنة : (قال الشافعي والأصحاب - رحمهم الله تعالى -: للمالك أن يفرق زكاة ماله الباطن بنفسه ، وهذا لا خلاف فيه، ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين ، والأموال الباطنة : هي الذهب والفضة والركاز وعروض التجارة وزكاة الفطر، وفي زكاة الفطر وجه ، أنها من الأموال الظاهرة ، حكاه صاحب "البيان " وجماعة ، ونقله صاحب "الحاوي " ، ثم اختار لنفسه أنها باطنة، وهذا هو المذهب وبه قطع جمهور الأصحاب...).
قال : (وأما الأموال الظاهرة ، وهي الزروع والمواشي والثمار والمعادن ، ففي جواز تفريقها بنفسه قولان مشهوران ، ذكرهما المصنف بدليلهما، أصحهما - وهو الجديد - جوازه والقديم منعه ووجوب دفعها إلى الإمام أو نائبه ، وسواء كان الإمام عادلا أو جائرا يجب الدفع إليه ، على هذا القول ، لأنه مع الجور نافذ الحكم ، وهذا هو المذهب وبه قطع الجمهور.
وحكى البغوي وغيره وجها، أنه لا يجب الصرف إليه إن كان جائرا على هذا القول، لكنه يجوز). "المجموع " (6/ 63 1 - 4 6 1 ) .
وقال ابن قدامة في "المقنع " (1/ 345): (ويستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه ، وله دفعها إلى الساعي ، وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر، ويتولى هو تفريق الباقي ، وعند أبي الخطاب دفعها إلى الإمام العادل أفضل ) .
وقال في "المغني ": (يستحب للإنسان أن يلي تفرقة زكاته بنفسه ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، قال الإمام أحمد : أعجب إلي أن يخرجها، وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز).
(...وقال مالك وأبو حنيفة وأبو عبيد: لا يفرق الأموال الظاهرة إلا الإمام ) (2/479-480).
وساق أدلتهم وناقشهم فيها مرجحا مذهب أحمد - رحمه الله -.
([3]) قال في "لسان العرب " في مادة ضرب ( 1 / 555) ، وانظر "القاموس " ( 1 / 96) : (والضريبة واحدة ضرائب التي تؤخذ في الأرصاد والجزية ونحوها، ومنه ضريبة العبد: وهي غلته . وفي حديث الحجام كم ضريبتك ؟ الضريبة ما يؤدي العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وتجمع على الضرائب ، ومنه حديث الإماء اللاتي كان عليهن لمواليهن ضرائب ، يقال : كم ضريبة عبدك في كل شهر؟ والضرائب ضرائب الأرضين ، وهي وظائف الخراج وضرب على العبد الإتاوة ضربا أوجبها عليه بالتأجيل والاسم الضريبة). وهكذا يريد سيد قطب أن يحول المجتمعات الإسلامية إلى عبيد مستذلين مقهورين يؤدون المكوس والضرائب المخزية التي تجعل المسلمين في أدنى دركات الذل والعبودية لدولته التي يسميها بالإسلامية ، وكم يشيد هذا الرجل بالحرية وهو يهدف إلى استعباد المسلمين واستذلالهم ، ومن عجائبه أنه حينما يتحدث عن الجزية على أهل الذمة من اليهود والنصارى يلمعها ويصورها كأنها مكرمة لهم وينفي عنها معنى الصغار الذي نص عليه القران في قوله {حتى يعطوا الجزية عن يديهم صاغرون} .
([4]) هذا السلب والنهب هو الذي يورث هذه الآفات ولا سيما الأحقاد، ثم إن الزكاة والصدقات عبادات يتقرب بها إلى الله وأخذها من أصحابها قهرا يفوت عليهم حسن النية والإخلاص لله .
([5]) (معركة الإسلام والرأسمالية) (ص 43 - 44)
(([6] هذا سؤال ورد للشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز حفظه الله تعالى عن حكم من يطالب بتحكيم المبادىء الاشتراكية والشيوعية ؟
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه . أما بعد :
فقد ورد إلي سؤال من بعض الأخوة الباكستانيين هذا ملخصه :
ما حكم الذين يطالبون بتحكيم المبادىء الاشتراكية والشيوعية، ويحاربون حكم الإسلام ؟ وما حكم الذين يساعدونهم في هذا المطلب ، ويذمون من يطالب بحكم الإسلام ، ويلمزونهم ويفترون عليهم ؟ وهل يجوز اتخاذ هؤلاء أئمة وخطباء في مساجد المسلمين ؟
والجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتهم أن يحكموا الشريعة الإسلامية في جميع شئونهم ، وأن يحاربوا ما خالفها، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الإسلام ، ليس فيه نزاع بحمد الله ، والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة معلومة عند أهل العلم ، منها قوله سبحانه : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقوله عز وجل : {يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}، وقوله سبحانه : {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يؤقنون}، وقوله سبحانه : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون} {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} والايات في هذا المعنى كثيرة، وقد أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله ، أو أن هدي غير رسول الله أحسن من هدي رسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال ، وبما ذكرناه من الأدلة القرآنية، وإجماع أهل العلم يعلم السائل وغيره ، أن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام ، كفار ضلال ، أكفر من اليهود والنصارى، لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يجوز أن يجعل أحد منهم خطيبا وإماما في مسجد من مساجد المسلمين، ولا تصح الصلاة خلفهم ، وكل من ساعدهم على ضلالهم ، وحسن ما يدعون إليه ، وذم دعاة الإسلام ولمزهم ، فهو كافر ضال ، حكمه حكم الطائفة الملحدة، التي سار في ركابها وأيدها في طلبها، وقد أجمع علماء الإسلام . . . على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة، فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، وقال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الحق ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الحق، وأن يكبت أعداء الإسلام ، ويفرق جمعهم ، ويشتت شملهم ، ويكفي المسلمين شرهم ، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
([7]) دراسات إسلامية" (ص 90)، وهذه الضرائب على هذا الوجه تطبق حرفيا اليوم في حكومة السودان الإخوانية.
([8]) معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 52)
([9]) إشارة إلى قوله تعالى : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، النساء : 54
([10]) قد كان الضباط الأحرار وعلى رأسهم جمال عبد الناصر يتتلمذون على كتب سيد قطب ، وكان يشاركهم في التخطيط للثورة، انظر كتاب "سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد" (ص 99 2 - 4 0 3)، وما قبل هذه الصفحات ، وكتاب "سيد قطب الأديب الناقد" (ص 105 – 107)
([11]) سورة الشورى (21)
([12]) سورة ق(29)
([13]) أخرجه مسلم في "صحيحه " (كتاب البر، حديث رقم 2578)، من حديث جابر رضي الله عنه ..
([14]) أخرجه مسلم في "صحيحه " (كتاب البر والصلة - باب تحريم الظلم ، حديث رقم 2577)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه .
([15]) أخرجه .البخاري في (المظالم ، حديث رقم 2447)، ومسلم في (البر، رقم 2579).
([16]) البخاري (الزكاة، حديث رقم 5 39 1 ، 58 4 1 )، ومسلم (الإيمان ، حديث 31.
([17]) أخرجه الإمام أحمد (2/ 337 ، 372) ، وأبو داود في (البيوع ، حديث 0 5 4 3.
([18]) المسند" (3/ 85 ، 6 5 1 ) ، وأبو داود في (البيوع 1 5 34! ، والترمذي في (البيوع 1314)، وقال : حديث حسن صحيح .
([19]) رواه مسلم في (الحدود ، 95 6 1 ، 23) ، وأحمد ( 5/ 48 3) .
([20]) رواه الإمام أحمد (4/109)، من حديت رويفع بن ثابت رضي الله عنه ، وفي إسناده ابن لهيعة .
([21]) رواه الإمام أحمد (4/ 43 1 ، 150)، وأبو داود في (الخراج والإمارة 3/349، حديث 937 2 ) ، والدارمي ( 1 / 330) ، والحاكم في " المستدرك " (1/404) ، كلهم من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة ابن عامر، وابن إسحاق مدلس ، وقد عنعنه ، ولكنه يتقوى بما قبله===============
ومنها سخريته بنبي الله موسى
– عليه الصلاة والسلام –
أعيدها مرة أخرى مع بعض الإضافات
كتبه
الشيخ ربيع بن هادي عمير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد :
فنعوذ بالله من الهوى والتعصب الأعمى لأهل الضلالات الكبرى والمخالفين لكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ولعقائد ومنهج السلف الصالح , وخاصة لسيد قطب الذي سخر مرات من رسول الله وكليمه موسى – صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا وسائر الأنبياء - .
وطعن في الخليفة الراشد عثمان بن عفان ومن عاش في عصره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وقطع دابر مبغضيهم والطاعنين فيهم .
ولسيد قطب ضلالات كبرى كثيرة وخطيرة .
ناقشته في كثير منها في عدد من الكتيبات مثل " مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
ومثل " أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره " .
ومثل " العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم " .
و " نظرات في " كتاب التصوير الفني في القرآن " لسيد قطب " .
وله بدع كثيرة وكبيرة : مثل القول بالحلول , و القول بوحدة الوجود , والقول بوحدة الأديان ومساواة الأديان , وتعطيل صفات الله , وانكار رؤية المؤمنين لله في الدار الآخرة .
وقد عرضت بعضاً من هذه الطوام على بعض العلماء المعاصرين فكفروا من يقول بها .
ومع كل هذه الطوام الكبرى يتعصب لسيد قطب بعض من أعمى الله بصائرهم , فيغارون لشخصه , ولا يغارون لكتاب الله ولا لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا لكليم الله ورسوله موسى - عليه الصلاة والسلام – ولا لأصحاب محمد , ولا للعلماء الذين طعن فيهم سيد قطب أشد الطعن .
ويطعنون أشد الطعن فيمن ينتقد هذه الضلالات الكبرى , ويرمونهم ظلماً وزوراً بالفواقر التي هم برءاء منها براءة الذئب من دم يوسف – عليه الصلاة والسلام - .
وفي هذا المقال بيان لبعض ضلالات سيد قطب , فلعله يدفع هؤلاء المتعصبين لصاحب هذه الأباطيل إلى التوبة النصوح و إعلان هذه التوبة , و إلا فلنا الحق في إلحاقهم بسيدهم سيد قطب.
كتبه :
ربيع بن هادي عمير
9/2/1437هـ
أدب سيد مع رسول الله وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام
قال في كتابه " التصوير الفني في القرآن " : (ص 200-204 )
لقد عرضنا من قبل قصة صاحب الجنتين وصاحبه، وقصة موسى وأستاذه، وفي كل منهما نموذجان بارزان، والأمثلة على هذا اللون من التصوير هي القصص القرآني كله؛ فتلك سمة بارزة في هذا القصص، وهي سمة فنية محضة، وهي بذاتها غرض للقصص الفني الطليق، وهاهو ذا القصص القرآن، ووجهته الأولى هي الدعوة الدينية، يلم في الطريق بهذه السمة أيضاً، فتبرز في قصصه جميعاً، ويرسم بضع نماذج إنسانية من هذه الشخصيات، تتجاوز حدود الشخصية المعنية إلى الشخصية النموذجية؛ فلنستعرض بعض القصص على وجه الإجمال، ولنعرض بعضها على وجه التفصيل.
1 – لنأخذ موسى؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج.
فها هو ذا قد رُبي في قصر فرعون، وتحت سمعه وبصره، وأصبح فتىً قوياً.
]وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ[([1]).
2 - وهنا يبدو التعصب القومي، كما يبدو الانفعال العصبي.
3 - وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية، فيثوب إلى نفسه؛ شأن العصبيين:
]قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ[([2]).
]فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ[([3]).
4 - وهو تعبير مصور لهيئة معروفة: هيئة المتفزغ المتلفت المتوقع للشر في كل حركة، وتلك سمة العصبيين أيضاً.
ومع هذا، ومع أنه قد وعد بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين؛ فلننظر ما يصنع... إنه ينظر:
]فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ[([4]) مرة أخرى على رجل آخر! ]قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ[([5]).
5 - ولكنه يهم بالرجل الآخر كما هم بالأمس، وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه وخوفه وترقُّبه، لولا أن يذكره من يهم به بفعلته، فيتذكر ويخشى:
]فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ[([6]).
وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة يسعى، فيرحل عنها كما علمنا.
6 - فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات؛ فلعله قد هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع حليم النفس.
7 - كلا! فها هو ذا يُنادي من جانب الطور الأيمن: أن ألق عصاك. فألقاها؛ فإذا هي حيةٌ تسعى، وما يكاد يراها حتى يثب جرياً لا يعقبُ ولا يلوى... إنه الفتى العصبي نفسه، ولو أنه قد صار رجلاً؛ فغيره كان يخاف نعم، ولكن لعله كان يبتعد منها، ويقف ليتأمل هذه العجيبة الكبرى.
8- ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه.
لقد انتصر على السحرة، وقد استخلص بني إسرائيل، وعَبَرَ بهم البحر، ثم ذهب إلى ميعاد ربه على الطور، وإنه لنبي، ولكن ها هو ذا يسأل ربه سؤالاً عجيباً: ]قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي[([7]).
9 - ثم حدث مالا تحتمله أية أعصاب إنسانية، بله أعصاب موسى: ]فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ[([8]).
10 - عودة العصبي في سرعة واندفاع!
11 - ثم ها هو ذا يعود، فيجد قومه قد اتخذوا لهم عجلاً إلهاً، وفي يديه الألواح التي أوحاها الله إليه، فما يتريَّث وما يني، ]وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ[([9]).
وإنه ليمضي منفعلاً يشدُّ رأس أخيه ولحيته ولا يسمع له قولاً: ]قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي[([10]).
12 - وحين يعلم أن السامري هو الذي فعل الفعلة؛ يلتفت إليه مغضباً، ويسأله مستنكراً، حتى إذا علم سر العجل:
]قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا[([11]).
13 - هكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة.الخ
14 - فلندعه سنوات أخرى.
لقد ذهب قومه في التيه، ونحسبه قد صار كهلاً حينما افترق عنهم، ولقي الرجل الذي طلب إليه أن يصحبه ليعلمه مما آتاه الله علماً، ونحن نعلم أنه لم يستطع أن يصبر حتى ينبئه بسرِّ ما يصنع مرة ومرة ومرة، فافترقا...
15 - تلك شخصية موحدة بارزة، ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة من مراحل القصة جميعاً.
انظر كم سخرية سخر بها سيد قطب من هذا النبي الرسول الكريم الكليم الوجيه عند الله
وأقول: إن موسى رسول كريم من رسل الله الكرام أولي العزم عليهم الصلاة والسلام، وإن له عند الله وعند المؤمنين لمنزلة عظيمة ومكانة رفيعة توجب على الناس حبه واحترامه وتوقيره كسائر أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.
قال الله في شأنه: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا[([12]).
وقال تعالى: ]وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى[([13]).
وقوله تعالى : ]واصطنعتك لنفسي [([14]).
وقال تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا[([15])
وهذا الأذى الذي أوذي به رسول الله موسى دون ما آذاه به سيد قطب بمراحل، فالله يبرؤه ويبرؤه مما افتراه عليه سيد قطب أعظم البراءات، ويغضب له أشد الغضب، وكذا يبرؤه كل مؤمن يبرؤه من هذه الافتراءات، ويغضب له، فهل نرى شيئاً من هذا من المتعصبين لسيد قطب؟، نسأل الله لنا ولهم التوفيق والسداد وحب الحق.
و لقد كان يكفي سيداً أن يقرأ (كتاب أحاديث الأنبياء) من "صحيح البخاري" ليرى أنه قد أسرف واشتطَّ وحلق بعيداً في خياله المجنح وأسلوبه القصصي في التهويل والتمثيل بما ألصقه من صفات الاندفاع والعصبية والحدة والفزع والتوتر ...الخ بكليم الله ورسوله موسى عليه الصلاة والسلام؛ فلقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحهما"([16]) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قسم النبيُّ e قسماً، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فأتيت النبي e فأخبرته فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ثم قال: "يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر".
إن ما نسبه سيد إلى نبي الله وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام ينافي ما يستحقه من التبجيل والتوقير والاحترام، وذلك مما تقشعر له الجلود، وإن حكم هذا العمل الخطير عند العلماء غليظ جداً وكبير. راجع: كتاب "الشفاء"([17]) للقاضي عياض، وكتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول e"([18]) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
انظر كتاب " أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره " ص (19-26)
الإسلام - عند سيد - يصوغ مزيجا من النصرانية والشيوعية
يقول سيد قطب - مع الأسف -:
( ولا بد للإسلام أن يحكم ، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال)([19])
أولا : أقول هذا هو الإسلام في نظر سيد قطب مع الأسف الشديد و إن في هذا الكلام تصريحاً بوحدة الأديان , فإن تنـزلنا جدلا فإنه يسلك في أقوال من يقول بجواز تعدد مصادر التشريع من العلمانيين الذين يعارضهم من يعارضهم من المسلمين بحق بأن المصدر الوحيد للتشريع هو الإسلام فقط ، ولا يسلمون للعلمانيين حتى بالقول بأن المصدر الرئيسي للتشريع هو الإسلام .
ثانيا: ماهي أهداف الديانة المسيحية المحرفة أليست اهدافاً كفرية شركية , ومنها حرب أهل الاسلام ومن جاء به .
وماهي أهداف الشيوعية أليس من أعظم أهدافها الكفر بالله وانكار وجوده عز وجل والكفر برسالاته واليوم الآخر وبالجنة و النار وسلب أموال الناس ونهب ثرواتهم وتحويل اهلها إلى عبيد .
اعترفوا أيها الغلاة في هذا الرجل على الأقل أن كلامه هنا يفيد أن المسيحية والشيوعية مصدران رئيسان من مصادر التشريع الإسلامي ، فإن أصروا وعاندوا فنقول لهم : تأولوا كلام كل أهل الضلال جميعا من الروافض ودعاة وحدة الأديان وغيرهم ، فإنهم كلهم يدعون الإسلام ، ولا يقبل منكم تأويل أباطيل سيد قطب وحده إلا بوحي من الله تعالى يخصصه ويميزه على كل من يقول الباطل ويتكلم بالهوى، ولا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأخبروني بعد ذلك أي فرق بين من يتأول كلام وأباطيل سيد قطب وبين من يتأول لغلاة الروافض و الصوفية، وطه حسين ، وغيرهم من أهل الضلالات الكبرى .
ثالثا : في أي واد طوحت بك السياسة يا سيد قطب عن احترام الإسلام وتنزيهه عن مثل هذا القول الباطل الغارق صاحبه في الضلال .
أين أنت من قول الله تعالى : ]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإسْلامَ دِينًا[.
أين أنت من قول الله تعالى : ] ألا لله الدين الخالص[ .
أين أنت من قول الله تعالى : ]أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[.
أين أنت من قول الله تعالى: ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ[
أين أنت من كمال الإسلام وشموليته التي يدركها ويؤمن بها كل فقيه مسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أهذه هي الحاكمية التي تدعو إليها : وتكفر من لم يحكم بها تحولت عندك إلى مزيج كامل إلى المزج الكامل بين الشيوعية والنصرانية ذلك المزج الذي يتضمن اهدافهما جميعاً .
رابعا : إن المصلحين من علماء الإسلام ليدعون جاهدين إلى تخليص الإسلام مما شابه من أخطاء المسلمين بل من أخطاء علماء المسلمين ، فكيف يأتي سيد قطب بمثل هذه الدعاوى الخطيرة التي بلغت النهاية في خطورتها ومن أشدها هذه الدعوى بأن الإسلام يصوغ من الشيوعية والنصرانية . . . إلخ .
خامسا : وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -حفظه الله ومتع بحياته -:
ما رأيكم فيمن يقول :
لا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجاً كاملا يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال والتوازن )؟ !
فقال - حفظه الله - مجيبا :
نقول له : إن المسيحية دين مبدل مغير من جهة أحبارهم ورهبانهم ، والشيوعية دين باطل لا أصل له في الأديان السماوية، والدين الإسلامي دين من الله عز وجل منزل من عنده لم يبدل ولله الحمد، قال الله تعالى :
]إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[ ([20])
ومن قال : إن الإسلام مزيج من هذا وهذا فهو إما جاهل بالإسلام ، وإما مغرور بما عليه الأمم الكافرة من النصارى والشيوعيين ) .
سادسا : وكذلك سئل العلامة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري عن هذه المقالة فاعتبرها دعوة إلى وحدة الأديان ، وهذا نص السؤال والجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ المحدث إسماعيل بن محمد الأنصاري حفظكم الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما رأيكم في رجل يدعي العلم ودرس في الغرب يقول :
"إن الإسلام هو العقيدة التي تصوغ من الشيوعية والمسيحية مزيجا كاملا يحقق أهدافهما ويزيد عليهما بالتوازن والاعتدال "؟
ما حكم هذا القول ؟
"بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن كلمة ذلك المدعي المذكور كلمة تدعو إلى وحدة الأديان وإلى التقريب بينها، وقد رد أئمة العلماء على القائل بها في كتبهم المعتبرة ومن ضمن تلك الكتب ما يلي :
(1) كتاب "الرد على المنطقيين " لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 282 ).
(2)ـ
سابعا : ومما تجدر الإشارة إليه أن سيد قطب - وإن كان قد يطعن في النصارى واليهود وغيرهما ، فغالبا ما يكون هذا الطعن من الناحية السياسية، ولكنه في نفس الوقت إذا أغرق في السياسة يظهر منه أمور قد تكون مترسبة في نفسه لم يستطع الخلاص منها مثل قوله في مدح الإسلام في زعمه : (فكرة الإسلام عن وحدة البشرية، ونفيه لعصبية الجنس واللون والوطن ، واعتقاده في وحدة الدين في الرسالات كافة، واستعداده للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء، وحصره لأسباب الخصومة والحرب في الدفاع عن حرية الدعوة، وحرية العقيدة والعبادة)([22])
فما المراد بوحدة البشرية هنا؟
والجواب: أنه لا يتحدث عن وحدة البشرية القائمة على دين الإسلام.
وما المقصود من وحدة الدين في الرسالات كافة؟ هل هو يتحدث عن أخوة الأنبياء في عقيدة التوحيد أو يريد استمالة اليهود والنصارى في هذا العصر، كما يتحدث ساسة اليهود والنصارى إلى المسلمين بمثل هذا الأسلوب؟ يؤكد ما أقول قول سيد: (واستعداده- أي الإسلام- للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء) أي في تلاحم ومحبة وود. بل لا يبعد أنه يدندن حول وحدة الأديان و أخوة الأديان وحرية الاعتقاد .([23])
وهذا مما يصادم النصوص القرآنية ومنها
قوله تعالى :] ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين[([24])
وقال تعالى :
قال تعالى : ]لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[([25])
اللهم اجعلنا ممن يوالي فيك ويعادي فيك واكتب في قلوبنا الإيمان واجعلنا من حزبك المؤهلين لدخول جناتك جنات النعيم
إنك سميع الدعاء
فكرة العالمية أو الأخوة الإنسانية
ويتحدث عن الهندوكية فلا يقدح فيها من جهة شركها ووثنيتها ، وإن كان في بعض الأحيان قد يطعن في هذه الوثنية لكن حديثه هنا عجيب إنه يدعو إلى فكرة الماسونية فكرة الأخوة الإنسانية .
فيقول: (والمجتمع الهندوكي بدوره يكاد يكون مجتمعا مقفلا كالمجتمع اليهودي ، لأن تقسيم البرهمية للطبقات في هذا المجتمع وعزلها كل طبقة عن الأخرى عزلا كاملا، بحيث لا يمكن اجتياز الفواصل الحديدية بين هذه الطبقات . . . لا يسمح لغير الهنود أن يعتنقوا الديانة الهندوكية ولا يسمح بفكرة الأخوة العالمية، التي تهيئ لقيام مجتمع عالمي مفتوح للجميع).([26])
وهكذا يرى سيد قطب أن أكبر نقص في المجتمع الهندوكي أنه مجتمع مقفل وكذلك المجتمع اليهودي ، وكأنه يشجعهما على الانفتاح ونشر ديانتهما في العالم انطلاقا من حرية الأديان .
وكذلك يأخذ على الهندوكية أنها لا تسمح بفكرة الأخوة العالمية التي يدعو إليها سيد قطب .
ويقول سيد قطب عن المسيحية :
(أما المجتمع المسيحي -إذا صح هذا التعبير - فالمسيحية لا تحكمه ، والنظم فيه لا تعتمد على العقيدة، إنما تعتمد أساسا على القوانين الوضعية، حيث تقف العقيدة في عزلة عن المجتمع ، تحاول أن تعمل في ضمير الفرد وحده ، وبدهي أن قوة النظام الاجتماعي لا تمهل الفرد يستمع إلى صوت الضمير ما لم يكن هذا النظام ذاته قائما على العقيدة التي تعمر الضمير. . .
وهذا الانعزال بين العقيدة والنظام في العالم الذي يسمى العالم المسيحي ، يحرم الفرد ذلك التناسق الذاتي بين ضميره والنظام الذي يعيش في ظله ، كما يحرم المجتمع تلك الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين . . . وعلى أي حال فهذا موقف اضطراري في العالم المسيحي ، لأن المسيحية لم تتضمن شريعة تنظم المجتمع عن طريق القانون ، ومن هنا ذهبت كل دعوات المسيحية إلى السماحة الإنسانية هباء، وغلبتها روح الاستعمار الخبيثة، المنبعثة من النعرة القومية المنعزلة داخل الحدود الجغرافية )([27]) .
أقول : لو حكمت العقيدة الإسلامية سيد قطب لما تحدث بهذا الأسلوب عن الهندوكية المغرقة في عبادة كل شيء من الأوثان والقردة والفروج والأشجار والأحجار والحيات والديدان .
فأي دمار سيحيق بالبشرية لو انفتحت على العالم تنشر عقيدتها وتدعو إلى الأخوة العالمية تخلصا مما يأخذه سيد قطب وأمثاله من دعاة الإنسانية، وخروجا من معرة هذا العار؟ !
ولو حكمت العقيدة الإسلامية سيد قطب لما تحدث عن النصرانية الكافرة بهذا الأسلوب السمج المتملق - إن أحسنا به الظن -.
إنه لا يتحدث عن الدين الذي جاء به رسول الله عيسى صلى الله عليه وسلم المتضمن للتوحيد والمؤيد للتوراة المنزلة على موسى صلى الله عليه وسلم وفيهما جميعا الهدى والنور والتشريع المنظم للحياة .
قال تعالى : ]وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ[ ([28]) بعد أن قال عن التوراة : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ[ ([29])
وإنما يتحدث سيد قطب عن الديانة النصرانية المحرفة عن التوحيد إلى الوثنية وعن الحكم بما أنزل الله إلى الحكم بالطاغوت .
فماذا يريد سيد قطب بقوله في حديثه عن المجتمع المسيحي : (فالمسيحية لا تحكمه والنظم فيه لا تعتمد على العقيدة إنما تعتمد أساسا على النظم الوضعية) ؟!
فلو اعتمدت نظمها على عقيدتها الوثنية التي قال الله في شأنها ]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[ ([30])
وقال : ]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ[ ([31]) ، وقال : ]لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا[ ([32]) ، ولو اعتمدت نظمها على عقيدتها الوثنية بنص القرآن أتكون على حق وسداد وهدى ؟
إن عدم التزامهم بهذه العقيدة قد يكون أخف خبثا وشرا .
وماذا استفاد العالم الإسلامي وغيره من التعصب الوثني الصليبي ؟ وماذا لقيت أسبانيا من هذا التعصب الخبيث المتوحش ؟!
سيد قطب يعرف هذا تماما.
ماذا يريد سيد قطب بقوله : (وبدهي أن قوة النظام الاجتماعي لا تمهل الفرد ليستمع إلى صوت الضمير ما لم يكن هذا النظام ذاته قائما على العقيدة التي تعمر الضمير)؟!
فهل العقيدة النصرانية الكفرية المحرفة تعمر الضمير أو تفسده وتخربه وتملؤه حقدا وتعصبا ضد الحق والهدى والنور الذي أُرْسِل به محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين ، فأبته هذه العقيدة وحاربته أشد من اليهود والفرس والهندوك وغزت المسلمين في عقر دارهم وتعاونت مع كل الأديان ضدهم وضد إسلامهم .
ماذا يريد سيد بقوله : (وهذا الانعزال بين العقيدة والنظام في العالم الذي يسمى العالم المسيحي يحرم الفرد ذلك التناسق الذاتي بين ضميره والنظام الذي يعيش في ظله ، كما يحرم المجتمع تلك الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين ) ؟!
فهل يحصل للفرد النصراني عابد الصليب تناسق بين ضميره والنظام الناشىء عن تلك العقيدة الوثنية أو أنهما جميعا تورثانه التمزق والضياع والقلق([33]) ؟ !
وما هي الإيحاءات السامية المنبعثة من روح الدين الوثني الصليبي ؟! أليست الفجور والبغضاء والحقد على محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته وأمته ؟ !
ثم بعد هذا الكلام التائه يخبط في تيه التناقض فيقول : وعلى أي حال فهذا موقف اضطراري في العالم المسيحي، لأن المسيحية لم تتضمن تنظيم المجتمع عن طريق القوانين ).
فهل هذا إعذار للمسيحيين عن تشريعهم لقوانين لا ترتبط بعقيدتهم فهم بذلك معذورون أمام الله ؟ وهل المسيحية التي لم تتضمن قوانين هي المنزلة أو المبدلة؟
إن كان يقصد المنزلة وهو المتبادر، فهذا أمر خطير يصادم قول الله : ]وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ[ ([34]) ، ثم هم ملزمون بالأحكام المنزلة في التوراة قبل بعثه محمد صلى الله عليه وسلم .
وإن كان يقصد المسيحية الوثنية المبدلة فما فائدة هذا الكلام الباطل الذي يغضب الله عز وجل والذي يدل على الفساد العقائدي والهوى السياسي وهما أمران خطيران كثيرا ما يجران من أصيب بهما إلى المهالك .
بل يذهب سيد قطب إلى أبعد من هذا فيصف النصرانية المبدلة بالسماحة والطهر فيقول :
وكثيرا ما ذهبت إلى هذه الكنائس واستمعت إلى الوعاظ في الكنيسة وإلى الموسيقى والتراتيل والأدعية ، وكثيرا ما استمعت إلى إذاعة الآباء في محطات الإذاعة في الأعياد المسيحية . . . .
دائما يحاول الآباء أن يعقدوا الصلة بين قلب الفرد وبين الله ، ولكن واحدا منهم لم أسمعه يقول كيف يمكن أن يكون مسيحيا في واقع الحياة اليومية، ذلك أن المسيحية إنما هي مجرد دعوة للتطهير الروحي ، ولم تتضمن تشريعا للحياة الواقعة بل تركت ذلك لقيصر.
وكان من أثر هذا في العالم المسيحي أن أصبحت المسيحية في جانب والحياة الواقعة في جانب ، وعلى توالي الأزمان أصبحت المسيحية محصورة داخل الكنيسة والحياة من حولها أبعد ما تكون عن روحها السمحة المتطهرة، فلما نشطت الكنيسة في السنوات الأخيرة للاتصال بالمجتمع من جديد لم يكن همها أن ترفع الناس إليها، بل كانت طريقها أن تهبط هي إلى الناس . )([35])
هكذا يصور سيد قطب النصرانية المحرفة الوثنية النجسة عقائدها المؤلهة للبشر والصلبان و الصور بأنها دعوة إلى التطهر الروحي ، وأن روحها سمحة متطهرة، ولا مؤاخذة على الكنيسة إلا أنها أهملت السياسة ووضع القوانين التي تحكم الحياة .
وهذا يذكر القارئ بمدح سيد للصوفية أهل وحدة الوجود من حيث عقيدتهم الوحدوية، ومؤاخذته لهم من جهة تقصيرهم في الجانب السياسي في الإسلام فقط .

وكل هذه الضلالات يجب على الأمة أن تحني رؤوسها أمام عظمة سيد وأن تتلمس له التأويلات والمعاذير، أما السلفي فيا ويله إن أخطأ، بل يا ويله إن قال الحق وبرهن عليه بالأدلة والبراهين الو======
قول سيد قطب بالاشتراكية وبجواز إلغاء الرق==الإسلام - عند سيد - يصوغ مزيجا من النصرانية والشيوعية
مع أن سيدا يكفر من لم يحكم بما أنزل الله مطلقا، ويتشدد في ذلك ، فإنه يرى أنه يجوز لغير الله أن يشرع قوانين لتحقيق حياة إسلامية صحيحة، قال :
(فإذا انتهينا من وسيلة التوجيه الفكري ، بقيت أمامنا وسيلة التشريع القانوني لتحقيق حياة إسلامية صحيحة تكفل فيها العدالة الاجتماعية للجميع .
وفي هذا المجال لا يجوز أن نقف عند مجرد ما تم في الحياة الإسلامية الأولى، بل يجب الانتفاع بكافة الممكنات التي تتيحها مبادئ الإسلام العامة وقواعده المجملة.
فكل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية ولا تخالف أصوله أصول الإسلام ، ولا تصطدم بفكرته عن الحياة والناس ، يجب أن لا نحجم عن الانتفاع به عند وضع تشريعاتنا، ما دام يحقق مصلحة شرعية للمجتمع أو يدفع مضرة متوقعة .
ولنا في مبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع ، وهما مبدآن إسلاميان صريحان ما يمنح ولي الأمر سلطة واسعة لتحقيق المصالح العامة في كل زمان ومكان )([1])
وعلى هذا مآخذ :
1- كأن سيدا يرى أن الإسلام غير كامل ولا واف بمتطلبات الأمة الإسلامية .
2- يمكن لأي دولة تنتمي للإسلام أن تأخذ كل ما تهواه من القوانين الوضعية بحجة تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وبحجة أنها لا تتنافى مع أصول الإسلام ، ولو كانت مصادمة لأصوله ونصوصه .
3- يرى سيد أخذ كل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية إذا لم تخالف أصول تلك التشريعات وأصول تلك التنظيمات أصول الإسلام ولا تصطدم بفكرته عن الحياة، أي لا تحرم التشريعات والنظم الكافرة على المسلمين إلا في حالة مصادمة أصولها أصول الإسلام ، فإذا خالفت أصول التشريعات الكافرة والتنظيمات الكافرة نصوص الإسلام من الكتاب والسنة والأمور الفرعية التي دلت عليها تلك النصوص ، فلا حرج فيها، ولا تحريم ، بل يجب الأخذ والحال هذه بتلك التشريعات والتنظيمات الكافرة .
وكذلك ، إذا خالفت تفريعات تلك القوانين والنظم أصول الإسلام ، فلا حرج فيها، بل يجب الأخذ بها، لأنها فروع صادمت أصول الإسلام ، وذلك لا يضر، وإنما الضرر فقط في مصادمة الأصول الكافرة للأصول الإسلامية.
وبهذا التأصيل والتقعيد الذي يضعه سيد تنفتح أبواب التلاعب بدين الله لكل طاغية يريد التلاعب بالإسلام وبالأمة الإسلامية، فيمكنه جلب قوانين أوروبا وأمريكا تحت ستار هذه التأصيلات التي وضعها سيد قطب .
وانطلاقا من هذه القواعد التي وضعها سيد:
1- أخذ بالاشتراكية الغالية، فتوصل إلى أنه بيد الدولة أن تنتزع كل الممتلكات والثروات من أهلها، وتعيد توزيعها من جديد، ولو قامت على أسس إسلامية .
2- ومن هذا المنطلق يرى أنه لا مانع من وضع نظام دولي يلغي الرق الذي شرعه الاسلام ، فيقول في تفسير سورة التوبة :
{ وفى الرقاب }([2]) ، وذلك حين كان الرق نظاما عالميا تجري المعاملة فيه على المثل في استرقاق الأسرى بين المسلمين وأعدائهم ، ولم يكن للإسلام بد من المعاملة بالمثل ، حتى يتعارف العالم على نظام آخر غير الاسترقاق .
وهكذا يرى سيد أنه يجوز قيام نظام عالمي ينسخ ما قرره الإسلام في الكتاب والسنة، وأجمع على مشروعيته المسلمون في أبواب الجهاد والزكاة والكفارات والفضائل وغيرها في الرق وعتق الرقاب !
لماذا ؟! لأن هذا كله لم يصطدم بأصل من أصول الإسلام في زعمه .
أما مصادمتها لنصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على حرمة أموال المسلمين فهذا أمر هين عند سيد قطب ، فلا يلتفت إليه .
وكل هذا مجاراة لأهواء الغربيين ، وما أكثر وأشد ما يقع في هذا الميدان (أي مجاراة الغربيين).
ولو قامت له ولأمثاله دولة، لرأيت العجب العجاب من القوانين والتشريعات التي تحل الحرام، وتحرم الحلال ، انطلاقا من هذه القواعد التي تؤدي إلى هدم الإسلام باسم الإسلام ، وبرأ الله الإسلام من ذلك .
فأين التركيز على أنه لا حاكم إلا الله ؟! ولا مشرع إلا الله ؟!.
وأين ما قام على هذا من تكفير المجتمعات الإسلامية كلها لأنها تخضع لغير حاكمية الله وتشريعاته في نظره ؟!
فاعتبروا يا أولي الألباب ! !
ملاحظة :
يجب على المسلمين جميعا أن يدينوا ويعتقدوا أنه لا مشرع إلا الله ، فلا حلال إلا ما أحله ، ولا حرام إلا ما حرمه ، ولا واجب إلا ما فرضه ، ولا مندوب ولا مكروه إلا ما قام عليه دليل من كتاب الله وسنة رسوله .
فمن أبطل واجبا، أو أحل حراما، فقد جعل نفسه ندا لله ، ورد ما شرعه الله - إذا كان عالما بذلك متعمدا -، وخرج بهذا التشريع من دائرة الإسلام .
أما الأمور الدنيوية المباحة، فإذا احتاج المسلمون حكاما ومحكومين إلى تنظيمها وضبطها، فلا مانع من ذلك ، وعلى ذلك أدلة :
منها قوله صلى الله عليه وسلم في تأبير النخل : "أنتم أعلم بدنياكم " .
ومنها إنشاء عمر للدواوين في هذا المجال ما لم تصطدم بنص من نصوص القرآن والسنة أو إجماع الأمة .
=====
يقول سيد قطب - مع الأسف -:
( ولا بد للإسلام أن يحكم ، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال)([1])
أقول :
أولا: هذا الكلام ليس ببعيد عن القول بوحدة الأديان ، فإن تنـزلنا جدلا فإنه يسلك في أقوال من يقول بجواز تعدد مصادر التشريع من العلمانيين الذين يعارضهم من يعارضهم من المسلمين بأن المصدر الوحيد للتشريع هو الإسلام فقط ، ولا يسلمون للعلمانيين حتى بالقول بأن المصدر الرئيسي للتشريع هو الإسلام .
إن كلام سيد قطب هنا مطلق فلم يقيده بالجانب التشريعي ، فإذا تأوله المتأولون وتمحل له المتمحلون فيقال لهم :
اعترفوا على الأقل أن كلامه هنا يفيد أن المسيحية والشيوعية مصدران رئيسان للتشريع ، فإن أصروا وعاندوا فنقول لهم : تأولوا كلام كل أهل الضلال جميعا ، فإنهم كلهم يدعون الإسلام ، ولا يقبل منكم تأويل أباطيل سيد قطب وحده إلا بوحي من الله تعالى يخصصه ويميزه على كل من يقول الباطل ويتكلم بالهوى، ولا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأخبروني بعد ذلك أي فرق بين من يتأول كلام وأباطيل سيد قطب وبين من يتأول لغلاة الروافض ، والصوفية، وطه حسين ، وغيرهم من أهل الضلالات الكبرى .
ثانيا: في أي واد طوحت بك السياسة يا سيد قطب عن احترام الإسلام وتنزيهه عن مثل هذا القول الباطل .
أين أنت من قول الله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإسْلامَ دِينًا}.
أين أنت من قول الله تعالى : { ألا لله الدين الخالص} .
أين أنت من قول الله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}.
أين أنت من قول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؟. أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب فقال : "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني "([2])
أين أنت من كمال الإسلام وشموليته التي يدركها ويؤمن بها كل فقيه مسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أهذه هي الحاكمية التي تدعو إليها: المزج الكامل بين الشيوعية والنصرانية ثم تطبيقها على المسلمين .
إن المصلحين من علماء الإسلام ليدعون جاهدين إلى تخليص الإسلام مما شابه من أخطاء المسلمين بل من أخطاء علماء المسلمين ، فكيف يأتي سيد قطب بمثل هذه الدعاوى الخطيرة التي بلغت النهاية في خطورتها ومن أشدها هذه الدعوى بأن الإسلام يصوغ من الشيوعية والنصرانية . . . إلخ .
وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -حفظه الله ومتع بحياته -:
ما رأيكم فيمن يقول :
لا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجاً كاملا يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال والتوازن )؟ !
فقال - حفظه الله - مجيبا :
نقول له : إن المسيحية دين مبدل مغير من جهة أحبارهم ورهبانهم ، والشيوعية دين باطل لا أصل له في الأديان السماوية، والدين الإسلامي دين من الله عز وجل منزل من عنده لم يبدل ولله الحمد، قال الله تعالى :
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}([3])
ومن قال : إن الإسلام مزيج من هذا وهذا فهو إما جاهل بالإسلام ، وإما مغرور بما عليه الأمم الكافرة من النصارى والشيوعيين ) .
وكذلك سئل العلامة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري عن هذه المقالة فاعتبرها دعوة إلى وحدة الأديان ، وهذا نص السؤال والجواب وعليه ختمه وتوقيعه :
بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ المحدث إسماعيل بن محمد الأنصاري حفظكم الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما رأيكم في رجل يدعي العلم ودرس في الغرب يقول :
"إن الإسلام هو العقيدة التي تصوغ من الشيوعية والمسيحية مزيجا كاملا يحقق أهدافهما ويزيد عليهما بالتوازن والاعتدال "؟
ما حكم هذا القول ؟
"بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن كلمة ذلك المدعي المذكور كلمة تدعو إلى وحدة الأديان وإلى التقريب بينها، وقد رد أئمة العلماء على القائل بها في كتبهم المعتبرة ومن ضمن تلك الكتب ما يلي :
(1) كتاب "الرد على المنطقيين " لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 282 ).
(2) الجزء الأول من "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية(ص4،5) في الرد على من قال : (كل يعمل في دينه الذي يشتهي ).
(3) الاقتضاء" في([4]) الرد على البكري (ص 215) من قال : (المعبود واحد وإن اختلفت الطرق )
(4) مدارج السالكين " لابن القيم (ج 3 ص 48 4 ).
(5) منهاج السنة" لابن تيمية .
(6) رسالة الحميدية في زمن السلطان عبد الحميد"
(7) رد العراقي على الدعوة إلى وحدة الأديان " (ص 111 ) من مصرع التصوف .
إسماعيل بن محمد الأنصاري
الأحد 12/11/ 1414 أهـ
وسئل الشيخ حماد بن محمد الأنصاري عن هذه المقالة فأجاب :
(إن كان قائل هذا الكلام حيا فيجب أن يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل مرتدا، وإن كان قد مات فيجب أن يبين أن هذا كلام باطل ولا نكفره لأننا لم نقم عليه الحجة)([5]) .
وسئل علماء آخرون عنها وكانت لهم إجابات قوية .
ثالثا: ومما تجدر الإشارة إليه أن سيد قطب - وإن كان قد يطعن في النصارى واليهود وغيرهما ، فغالبا ما يكون هذا الطعن من الناحية السياسية، ولكنه في نفس الوقت إذا أغرق في السياسة يظهر منه أمور قد تكون مترسبة في نفسه لم يستطع الخلاص منها مثل قوله في مدح الإسلام في زعمه : (فكرة الإسلام عن وحدة البشرية، ونفيه لعصبية الجنس واللون والوطن ، واعتقاده في وحدة الدين في الرسالات كافة، واستعداده للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء، وحصره لأسباب الخصومة والحرب في الدفاع عن حرية الدعوة، وحرية العقيدة والعبادة)([6])
فما المراد بوحدة البشرية هنا؟
والجواب: أنه لا يتحدث عن وحدة البشرية القائمة على دين الإسلام.
وما المقصود من وحدة الدين في الرسالات كافة؟ هل هو يتحدث عن أخوة الأنبياء في عقيدة التوحيد أو يريد استمالة اليهود والنصارى في هذا العصر، كما يتحدث ساسة اليهود والنصارى إلى المسلمين بمثل هذا الأسلوب؟ يؤكد ما أقول قول سيد: (واستعداده- أي الإسلام- للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء) أي في تلاحم ومحبة وود===هبَّ شيعة سيِّد قطب رحمه الله ورحمهم، يدافعون عنه، ولما كانت أقواله في تفسيره (أو تظليله) سورتي الحديد والإخلاص موبقةً إلى درجة لا يسهل الدفاع عنها؛ ادَّعت شيعة سيِّد ومنهم الدكتور عبد الله عزام رحمه الله، أن سيِّد قطب رجع عن قوله بوحدة الوجود في الطبعة الثانية للظلال في تفسيره سورة البقرة، ===ي بأن الأستاذ صلاح الخالدي ـ أبرز مؤيدي سيِّد قطب ومؤرخي سيرته والمدافعين عنه ـ وَكَّد في كتابه:(مدخل إلى ظلال القرآن) (ص 48-50) أن سيِّد قطب فسَّر الأجزاء الأخيرة من القرآن [ومنها سورة الإخلاص التي صرح فيها بأحدية الوجود] على أساس منهجه الحركي الجديد، ثم أعاد النظر فيما قبلها على هذا الأساس. ثم إنَّ الظلال طبع في حياة سيِّد مرات، وطبع بعد موته عشرات المرات بإشراف أخيه محمد، دون تغييرٍ، وبكل إصرارٍ؛ فالحق والعدل والصواب في أن يقال: إنه نفى لفظ الوحدة في تفسيره سورة البقرة، ثم أثبت لفظ الأحديّة في تفسير سورتي الحديد والإخلاص.
ج ـ وسبق للشيخ د. ربيع، ثمَّ لي التنبيهُ إلى أن ابن عربي (قبل سيِّد بثمانية قرون) نفى لفظ (وحدة الوجود) في أول (الفتوحات) ولم أجد ذكرًا (لوحدة الوجود) بهذا اللفظ في بقية (الفتوحات) و(فصوص الحِكم) لابن عربي، ولا في بقية (الظلال) لسيِّد قطب، بل ولا في تائية ابن الفارض (شرِّ الثلاثة)، بل إن ابن الفارض تبرأ من لفظ (الحلول)، كما تبرأ ابن عربي وسيِّد قطب من لفظ (الوحدة)؛ فقال:
(وَلِي من أتمِّ الرُّؤيتين إشارةٌ *** تُنَزِّهُ عن دعوى الحلول عقيدتي)
ولكن الثلاثةُ أُلزموا بدعوى (وحدة الوجود)؛ والحقيقة أن مصطلحات: الوحدة، والاتحاد، والحلول، والأحدية، كلها كفر لنفيها الوَحدانية؛ وإن كنا لا نعرف على وجه الدقة ما مات عليه أصحابها. ولعل وِحْدة الحُكْم عليها بالكفر أجازت لمنكريها من علماء السنة والتصوف اختيار مصطلح (وحدة الوجود) دون غيره غالبًا.
د ـ وقد اختار سيِّد قطب مصطلح (الأحَدِّية) في مثل قوله: (إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود إلا وجوده)، يعني: حقيقة الله، ووجود الله، (في ظلال القرآن، ط دار الشروق، بعد عشرات السنين من تاريخ وفاته، تجاوز الله عنه)؛ بل استدلَّ عليها بمثل ما استدل به ابن عربي وابن الفارض: قول الله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17].
وبيَّن سيِّد قطب وحده ـ فيما أعلم ـ سبب اختياره مصطلح الأحدية، فقال في المرجع نفسه والصحيفة نفسها (6/4002): (وهو لفظ أدقُّ من لفظ: واحد، لأنه يضيف إلى معنى: واحد؛ أن لا شيء غيره معه). وهذا هو ما دعا ابن الفارض إلى تنزيه عقيدته من دعوى الحلول، وما دعا المنكرين على هذه المصطلحات وأهلها الجمع بين اثنين أو أكثر حَلَّ أحدهما في الآخر، أو اتّحد معه والضّلال عن توحيد الواحد الأحد سبحانه وتعالى.
ولربما جمع جَهْلي (بالتصوف) وجهل سيِّد (بشرع الله والفقه في دينه) بيني وبين سيِّد قطب فغلب على ظنِّي مثله: أن لفظ الأحدية أدق من لفظ الوحدة، فما دونه من لفظ الحلول والاتحاد؛ وليت الله طهَّره كما طهَّرني بفضله من الوقوع في حبائل الفلسفة (أو السَّفسطة الصوفية الكافرة بجميع ألفاظها ومصطلحاتها، ولكنَّه ـ عافانا الله مما ابتلاه به ـ بلغ به الجهلُ والتخبّط والتناقض إلى الدعوة إلى اتخاذ (ما وافق ابن عربي على تسميته) الأحدية (منهجًا يربط بين القلب البشري وبين كلِّ موجود برباط الحبِّ والأنس والتعاطف والتجاوب… فكلها خارجة من يد الله… فكلها إذن حبيب (6/4003)، [ولو كان خِنِزيرًا، أو ما دونه: وثنيًّا ينتمي إلى البوذية أو اليهودية أو النصرانية أو الإسلام]؟ إذن فلا عجب من اختياره أحدية الوجود.
هـ ـ واختار ابن عربي لفظ (الأحدية) على (الوحدة) في مثل قوله: (وجود الحقِّ [أي: الله] كانت الكثرة له، وتعداد الأسماء بما ظهر عنه في العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيَّة؛ فثبت به، وبخالقه أحدية الكثرة، وقد كان أحَدِيَّ العين من حيث ذاته… فكان مَجْلَى صُوَر العالم مع الأَحَديَّة المعقولة) فصوص الحكم ص: 200.
ويزيد هذا النصَّ الكفري وضوحًا قولُ ابن عربي: (وأعظم مَجلى عُبد فيه [الله] وأعلاه: الهوى، كما قال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]… والعارف المكمَّل من رأى كلَّ معبود مَجْلى للحق [أي: الله] يُعبد فيه؛ ولذلك سمَّوه كلهم: إلهًا، مع اسمه الخاصِّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو ملك أو كوكب). فصوص الحكم ص: 194-195. يقول هذا، ومثله يملأ كتابه (فصوص الحكم) بخاصة، وغيره بعامة؛ بينما هو ينفي مصطلح (وحدة الوجود)، كما قدَّمت.
و ـ واختار ابن الفارض مصطلح (الاتحاد)، وإن أصرَّ الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله على أنه يعني (الوحدة لا الاتحاد).
(وجُلْ في فنون الاتحاد ولا تَحِدْ *** إلى فئةٍ في غيره العُمْر أفْنَت)
(وجاء حديث في اتحادي ثــابت *** روايته في النقل غير ضعيفة)
يعني بالحديث: «من عادى لي وليًّا»، وفيه «فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به…» إلخ؛ ولو كان هذا الحديث ـ لو صحَّ ـ يعني الاتحادَ لما كان للمتنفِّل ومحبة الله له مزية، لأنهم يعتقدون حلول الله أو اتحاده أو وحدته أو أحديَّته مع كل مخلوق، كما قال ابن الفارض:
(وإن عَبَد النَّـــارَ المـجوسُ ومـا انـطفت *** كما جاء في الأخبار من ألف حجَّة)
(فما عبدوا غيري وإن كان قصدهم سِوَا *** يَ وإن لم يعقدوا عَقْدَ نيَّتــــــــــي)
وابن عربي أيضًا اتكأ على هذا الحديث؛ وهو يقول ـ إضافة إلى ما سبق ـ: (قال [موسى] له [للسامريِّ]: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} [طه: 97]، فسمَّاه [أي: العجلَ] إلهاً بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية) فصوص الحكم ص: 192. وسيِّد قطب يردِّد معهم: (وهذه درجة يرى القلب فيها يد الله في كل شيء، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئًا في الكون إلا الله) (في ظلال القرآن) 6/4003 دار الشروق الطبعة الشرعية بزعمهم.
زـ ويتذكر الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله ممَّا تعلمه في صغره، من صلوات ابن بشيش: (زُجْ بي في بحار الأحدية، وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أُحِسَّ إلا بها)؛ مصرع التصوف للبقاعي رحمه الله، تحقيق الوكيل، (1372هـ) ص: 243.
وفي هذا النَّصِّ الأخير جَمْع بين الأحدية والوحدة بمعنى واحد لا يختلف، وكلاهما استعمل لنشر الباطل من موبقات الشبهات، ولولا أني لا أختار الحكم على القلوب بما ظهر على الجوارح ودلت عليه القرائن؛ لقلتُ: إنَّ ابن عربي بمثل قوله: (فهو [أي: الله] عين ما ظهر وعين ما بطن… وهو المسمى أبا سعيد الخرَّاز وغير ذلك من أسماء المحدثات)؛ فصوص الحكم ص: 77، ولقلت: إن ابن الفارض بمثل قوله:
(وقد جاءني منِّي رسولٌ عليه ما *** عَنِتُّ عزيزٌ بي حريص لرأفتي)
(إليَّ رسولًا كنتُ منِّي مرســــــلًا *** وذاتي بآياتي عليَّ استدـــــلَّت)
(وفي الصَّحو بعد المَحْو لم أكُ غيرها *** وذاتي بذاتي إذ تَحَلَّتْ تجلَّت)
وإلحاحُهما على هذا الضلال في عشرات بل مئات النصوص؛ إنما يريدان زعزعة الإيمان بالله في قلوب عباده، وإضلالهم عن الصراط المستقيم. أما سيِّد قطب فلعله يَهْرِفُ بما لا يَعْرِف، وإنما سمع فقال. وهو أقرب ـ في رأيي ـ إلى ابن الفارض، فكلاهما شاعر، والشعراء يتبعهم الغاوون، ولعلهم يتبعون الغاوين أيضًا دون تثبت.
أما ابن عربي فهو أعلمهم، وقد يكون ممن أضله الله على علم، ومن طلاب العلم بل من علماء السلف من خُدع بما في (الفتوحات) من حقٍّ، وخيرُهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فقد ذكر في رسالته للمنبجي: (كنتُ قديمًا ممن يحسِّنَ الظنّ بابن عربي ويعظمه لما رأيت في الفتوحات من فوائد، ولم نكن اطلعنا على الفصوص ونحوه)؛ انظر ـ إن شئت ـ «مجموعة الرسائل والمسائل»، ط: محمد رشيد رضا، 1/171، لتعرف نص كلامه رحمه الله، فقد أُمْلِي عليَّ من مكان بعيدٍ، وكتبتُ المقصودَ منه. ورأيتُ ابن القيم رحمه الله اقتبس لميميَّته شطر بيت من تائية ابن الفارض، وابن القيم يحثُّ على استعمال ألفاظ الكتاب والسنة للجمع بين الحكم ودليله، إضافة إلى صحة اللغة، ولكن ابن آدم خطَّاء.
ح ـ أما الشيخ د. ربيع المدخلي فيرى أن لسيِّد قطب علاقةً بالتصوف منذ مرحلة (شكِّه وارتيابه وضياعه، بلفظ صلاح الخالدي في كتابه عنه «سيِّد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد» ص: 214-215، يقول سيِّد:
(1) (وليس هنا غيرٌ، وليس هنا أنا *** هنا الوحدةُ الكبرى التي احتجبتْ سرًّا)
(2) (لكَ يا جمالُ عبادتي *** لك أنتَ وحدك يا جمالُ)
(فإذا عبدتُك لم أكن *** يا حُسْنُ من أهل الضلال)
(بل كنتُ محمود العقيــ *** ــدة في الحقيقة والخيال)
(3) ويقول دفاعًا عن (النيرفاتا) في عقيدة الوثنية الهندوسية، ويصفها بأنها (الفناء في الرُّوح الأعظم): (كنا نرجو أن يكون [حسين فوزي] أوسع أُفقًا، وأكثر عطفًا، وأعمق اتصالًا بروح الشرق الكامنة وراء هذه المظاهر والأوضاع، والصوفية المتسامحة المشرقة بنور الإيمان).
(4) ويقول في مدح الصوفية الهندية، أُمِّ الصوفية المبتدعة في كل مكان وزمان بعدها: (الهندي الذي يحسُّ بنفسه ذرَّة منسجمة مع الطبيعة، فيرى في فنائه في القوة العظمى حياة وبقاء وخلودًا، وعلينا أن نفهم هذا ونعطف عليه… فلنقف خشَّعًا أمام هذا السموِّ الإلهي ولو لحظات).
وللراغب في معرفة التفاصيل الرجوع إلى «مجموع كتب ورسائل وفتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي» ط: دار الإمام أحمد، 1431هـ، 6/116-133، و7/167-173، وديوان سيِّد قطب، تجاوز الله عن كل مسلم موحِّد يفرد الله بالعبادة وينفيها عن غيره.
ط ـ وجناية الفكر وزخرف الأسلوب (شعرًا ونثرًا) على سيِّد قطب (وابن عربي وابن الفارض) تجاوزت حدود ضلالهم عن هدي الوحي والفقه فيه من أهله إلى أن أضلَّت بهم عددًا من المسلمين لا يحصيه إلا الله، وهم ومؤيدوهم: {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].
ولكن الله يوظِّف بعض عباده العلماء لإثبات الحقِّ ونفي الباطل؛ فقد جمع الشيخ برهان الدين البقاعي (ت: 885) رحمه الله، أقوال وفتاوى كثير من العلماء بين عصره وعصر ابن عربي وابن الفارض في كتاب «تنبيه الغبي إلى كفر ابن عربي» و«تحذير العباد من أهل بدعة الاتحاد»، ويقال: إن السيوطي رحمه الله ردَّ الحق بمؤلَّفه: «تنبيه الغبي في تنزيه ابن عربي»، وحقَّق الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله كتابَي البقاعي ونشرهما بعنوان: «مصرع التصوف» تجنبًا للتعريض بالقارئ، وهذَّبتُ تحقيقه بعنوان: «فلسفة ابن عربي وابن الفارض في حكم علماء القرون الوسطى وأكثرهم متصوفة» لأن من الظلم أخذ جميع المتصوفة بجريرة اثنين منهم.
ووظَّف الله الأستاذ محمود شاكر والشيخ عبد الله الدويش والشيخ د. ربيع المدخلي لبيان الضلال في فكر سيِّد قطب.
وقُرئ على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء وَصفُ سيِّد قطب (معاوية وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ بالكذب والغش والخدعة والنفاق والرشوة) فأجاب: (هذا كلام باطنيٍّ خبيثٍ، أو يهوديٍّ لعين، ما يتكلَّم به مسلم، ومعاوية وعمرو من فضلاء الصحابة رضي الله لهم الدِّين، ولا يشك فيهم مسلم، وما فعلوا شيئًا يعاب عليهم، وكل ما قاله أولئك [إشارة لما قرئ على الشيخ من كتاب: كتب وشخصيات، لسيّد قطب، ص 242، ط: دار الشروق ـ طبعة شرعية بزعمهم] فريةٌ وتضليل، وعنوان نفاق ممن قاله)، عن محاضرات التوحيد بالطائف صيف عام (1426هـ)، في جامع والدة خادم الحرمين أثابها الله الجنَّة.
وقُرئ كلام سيِّد نفسه على سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في سبِّ معاوية وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ فقال: (هذا كلام قبيحٌ، وكلام منكر… وإن سبّه لبعض الصحابة منكر وفسق يستحق أن يؤدب عليه، ولكن إذا سبَّ أكثرهم وفسّقهم: يرتدُّ؛ لأنهم حملة الشرع، فإذا سبَّهم قدح في الشرع). «براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدع» للشيخ د. عصام السناني، الأستاذ بجامعة القصيم، ص: 31.
ولم يرض بقول سيِّد قطب غير دولة إيران الشيعية فكافأته وأجزلتْ.
وقرئ على الشيخ ابن باز رحمه الله وصف سيِّد قطب نبيَّ الله موسى صلى الله عليه وسلم بأنه (الزعيم المندفع العصبي المزاج) ووصفه له بـ: (التعصب القومي والانفعال العصبي) التصوير الفني في القرآن ط: الشروق، ص: 200. فأجاب: (الاستهزاء بالأنبياء ردَّةٌ مستقلة). «البراءة» ص: 29.
وسئل معالي الشيخ صالح اللحيدان عن كتاب سيِّد (في ظلال القرآن)؟ فأجاب: (هو مليءٌ بما يخالف العقيدة الصحيحة) وعن بقية كتبه؟ فأجاب: (لا تُعلِّم العقيدة الصحيحة، ولا تقرر الأحكام، ولا يعتمد عليها في ذلك). «البراءة» ص: 52.
وقُرئ على الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله قول سيِّد عن الإسلام بأنه: (العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معًا مزيجًا كاملًا يضمن أهدافهما جميعًا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال) معركة الإسلام والرأسمالية ط: الشروق، ص: 61؟ فأجاب: (لو كان حيًّا فيجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل مرتدًّا، ولو كان ميتًا فيجب أن يبيَّن أنَّ هذا الكلام باطل؛ ولا نكفِّره، لأننا لم نُقم عليه الحجة) العواصم مما في كتب سيِّد قطب من القواصم للمدخلي، وعنه البراءة للسناني، ص: 60.
ولا أعرف أحدًا من علماء السنة كفَّر سيِّد قطب (فضلًا عن الشيعة فهم يقدسونه وأصدروا في إيران طابع بريد باسمه ورسمه، وأطلقوا اسمه على سبعة شوارع وطرق، مكافأة له على سبِّه الصحابة ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ)، وليس التكفيرُ مطلبًا لأحدٍ، بل المهمُّ: التحذيرُ من قوله على الله وأوليائه بغير علمٍ. والله الموفق.

قول سيد قطب بعقيدة وحدة الوجود والحلول والجبر ودفاعه عن عقيدة النيرفانا الهندوكية البوذية
أطوار سيد قطب في وحدة الوجود :
أولاً ـ نعق بها وهو في سن الكهولة في حدود عام 1935م أي في حدود 1355هـ في ديوانه الشعري حيث يقول في قصيدته إلى الشاطئ المجهول والتي منها هذه الأبيات :
حننْتُ لمرآه إلى الضفة الأخرى
( إلى الشاطئ المجهول والعالم الذي
معالم للأزمان والكون تُستَقْرى
إلى حيث لاتدري إلى حيث لاترى
إلى حيث تنسى الناسَ والكونَ والدّهرا
إلى حيث ( لاحيث) تميز حدوده!
وتمزج في الحس البداهة والفكرا
وتشعر أنّ( الجزء) و( الكل) واحد
ولا(اليوم) فالأزمان كالحلقة الكبرى
فليس هنا أمس) وليس هنا ( غد)
هنا الوحدة الكبرى([1]) التي احتجبت سرا)
وليس هنا ( غير) وليس هنا (أنا)([2])
ديوان سيد قطب (ص 123).
يقول سيد قطب في شرحه لهذه الأبيات في مقدمة كتابه ديوان سيد قطب ( ص 30 ـ 31) :
الجسم والزمن والوحدة :
( القُوى الروحية ـ عند الشاعر ـ هي التي تربطه بالوحدة الكونية الكبرى([3]) كما تقدم، في حين تَقصُرُ القوى العقليةُ عن ذلك، وهو يرى أن الشعورَ بالزمن ؛ نتيجةٌ لوجودِ الجسمِ والقوى الواعية ؛ وأن الروح تحسُّ بالوجود المطْلقِ([4]) ؛ لا يقيده الزمن ؛ وبالبداهة لا يقيده المكان.
ولذلك فهو حينما خَلعَ الجسم وخلع الحِجا في ( الشاطئ المجهول) رأى أنْ ليس هناك ( حيث) ولا ( أمس) ولا ( اليوم) ولا ( الغد) ولا ( غير) ولا ( أنا) … إلخ
ولكنه رأى ( الأزمان) كالحَلْقَةِ الكبرى) ورأى ( الوحدة التي احتجبت سراً). وكذلك في قصيدة ( الليلات المبعوثة)([5]) حين تجرد لم يَرَ للزمان مَعْلَماً ولا رسماً ورأى كلّ شئ كرمز الدّوام.
وله أبيات في ص91 من ديوانه عنوانها ( عبادة جديدة) نعق بها في عام 1937م
منها :
لك أنت وحدك يا جمال
لك يا جمال عبادتي
ومنها :
حي بالعبادة في جلال
وأرى الألوهة فيك تُو
منها تُوشِّيهِ بالعبادة في جلالْ
ما أنت إلاّ مظْهرٌ
يا حُسْنُ مِنْ أهل الضّلال
فإذا عَبدتُكَ لم أكنْ
ـدةِ في الحقيقةِ والخيالْ
بل كنتُ محمود العقيـ
كلُ النفوسِ بلا مثالْ
أعْنُو لمن تعنُو له
شتى المرائي والخِلالْ([6])
مُتفرِّقا في الكون في
بطلَ التَّمحّلُ والجِدالْ
فإذا تركّز ها هُنا
وفي شيخوخته في حدود سنة 1946 م أو سنة1947 م تحمس للدفاع عن عقيدة النيرفانا فمدحها وذبّ عنها وعن أهلها وهي تتضمن أخبث عقائد الوثنيين الهندوك والبوذيين من مثل وحدة الوجود وعقيدة التناسخ([7]) تحت عنوان (سندباد عصري) انتقد سيد قطب الدكتور حسين فوزي فقال بعد مقدمة تحدث فيها عن السندباد والسندبادات ثم قال : والدكتور حسين فوزي هو سندبادنا اليوم وهو رجل ندب لرحلة علمية في البحر الأحمر والمحيط الهندي ضمن بعثة عالمية لدراسة أحياء البحر الأحمر والمحيط وقد طوّف ـ مع البعثة ـ على باخرة مصرية طوال تسعة أشهر في البحر والبر في الجزر والقارة وزار معابد الهند وسيلان وسواها من الجزر المنثورة في المحيط ثم عاد) وتحدث عن كتاب ألفه في هذه الرحلة سماه ( سندباد عصري) أودعه ملاحظاته الإنسانية وانفعالاته الوجدانية واستجاباته العاطفية … الخ
ثم ذهب يتكلم عن هذا الرجل بكلام يطول ذكره ولا فائدة في ذكره والذي يهمنا من هذا المقال هو حديثه عن النيرفانا ودفاعه عنها وعن أهلها علما بأن كلامه هذا في مرحلة إسلامياته كما يصفه أنصاره ومحبوه.
قال : 1ـ (وإذا شاهد فيلماً هنديا يمثل الروح الهندية المتسامحة التي تنتهي من الصراع على الحقوق الخاصة، إلى الزهد في أعراض الدنيا والاتجاه إلى عبادة الروح الأعظم قال : ( أدركت ناحية من نواحي الضعف في بعض الحركات الروحية حين تدخل ميدان السياسة العملية).
في هذا المقطع مدح للروح الهندية الضالة الملحدة بالتسامح والزهد في أعراض الدنيا والاتجاه إلى عبادة الروح الأعظم، وفي وصف الله بأنه الروح الأعظم ضلال مبين يرفضه الإسلام، وفي وصف الهنادك بأنهم يعبدون الله واعتداده بعبادتهم ضلال آخر.
2 ـ ثم قال : ( وإذا سمع زميله الانجليزي يقول عن ( النيرفانا) أي الفناء في الروح الأعظم ـ وهو الغاية التي يطمح إليها الهندي من وراء حرمانه وآلامه : ( دعنا من هذا فلا قبل لي بهذا الهجص وتلك الشعوذة يا عم حسن) لم يجد في نفسه أية حماسة للرد على هذا الكلام. وهكذا و هكذا مما قد يبالغ فيه فيصل إلى حدّ الزراية والسخط الشديدين على الروح الشرقية بوجه عام.
في هذا المقطع تعريف للنيرفانا بأنها الفناء في الروح الأعظم أي بأنها وحدة الوجود ولوم وعذم للدكتور حسين فوزي على إقراره لزميله الانجليزي على الطعن في هذه العقيدة واعتباره إياها هجصا وشعوذة قال : فلم يجد في نفسه أي حماسة للرد على هذا الكلام فالنصراني على كفره وضلاله أدرك تفاهة هذه العقيدة وخسّتها وقد أقره حسين فوزي على هذا الوصف الذي لا يكفي في ذم هذه العقيدة الملحدة.
وسيد قطب تأخذه الغيرة لها فيعذم الرجلين على نقدها والاستهانة بها فيقول المسكين متألما لهذه العقيدة : ( وهكذا و هكذا) الخ
3 ـ ثم يقول :ومهما افترضنا للسندباد من الأعذار في قسوة الأوضاع الاجتماعية والمظاهر البائسة التي شاهدها في الهند، فقد كنّا نرجو أن يكون أوسع أفقا وأكثر عطفا وأعمق اتصالا بروح الشرق الكامنة وراء هذه المظاهر والأوضاع، والروح الصوفية المتسامحة المشرقة بنور الإيمان.
في هذا المقطع يبين في أسى شديد ما كان ينتظره ويرجوه من حسين فوزي فيقول فقد كنا نرجوا أن يكون أوسع أفقا، ثم ويا للهول يصف سيد قطب أخبث عقيدة وأكفرها بأنها المتسامحة المشرقة بنور الإيمان.
4 ـ ثم يقول : ( إنه يقول عن لوحة الكنج المقدس : لم يكن الاغريقي ليصور نبعاً مقدسا.الخ) أجل ‍‍‍‍‍! وهذا هو مفرق الطريق بين الشرق والغرب. في الشرق قداسة تمت إلى القوة العظمى المجهولة، وفي الغرب حيوية تمت إلى المشهود الحاضر المحسوس.
وليس لي أن أفضل هذا أو ذاك. فكلاهما جانب من جوانب النفس الإنسانية الكبيرة التي تهش لكليهما على السواء ؛ إن لم تؤثر في حسابها الروحي والفني جانب المجهول على جانب المشهود.)
في هذا المقطع يصف الكنج وهو نهر يعبده الهنادك بأنه نهر مقدس ويصف عبادة الهنادك وطقوسها الكافرة بالقداسة التي تمت إلى القوة العظمى المجهولة فيصف الله بالقوة العظمى المجهولة فلا حول ولا قوة إلا بالله، وفي قوله وليس لي أن أُفضل هذا أو ذاك نوع من الاعتراف بوحدة الأديان، وقد قال في مناسبة أخرى: ((إن الإسلام يصوغ من الشيوعية والمسيحية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال)) [ معركة الإسلام والرأس ماليّة (ص:61)] وله في السلام العالمي مدح للعقيدة النصرانية.
5 ـ ثم يقول :وهو يسخر بعقيدة ( النيرفانا) كسخرية زميله الانجليزي الذي يقول : ما كنت أحسب أن دينا يعد بنعمة الفناء ! ووجه الخطأ هو اعتبار (النيرفانا) فناء ! إنها كذلك في نظر الغربي الذي يصارع الطبيعة وينعزل عنها، فأما الهندي الذي يحس بنفسه ذرة منسجمة مع الطبيعة، ويعدها أما رؤوما، فيرى في فنائه في القوة العظمى([8]) حياة وبقاء وخلودا. وعلينا أن نفهم هذا ونعطف عليه ولا نراه بعين الغربيين، وهو يبدو في أرفع صورة في ( ساد هانا تاجور)فلنقف خشعا أمام هذا السموّ الإلهي، ولو لحظات !!
في هذا المقطع تأخذ سيد قطب الغيرة على النيرفانا وأهلها ويأخذه الحماس فيرى نقد حسين فوزي والإنجليزي للنيرفانا سخرية ويخطّئ نظرتهما إليها، ويريد أن يبين وجه الخطأ بل قام في زعمه ببيان هذا الخطأ فيقرر بذكائه وحدة الوجود ويمدحها ويمدح أهلها بأسلوبه الغريب فتصل به عاطفته الجياشة بالحنان والعطف على هذه الديانة وأهلها إلى قوله ( وعلينا أن نفهم هذا ونعطف عليه) …الخ وهكذا يقرر سيد قطب النيرفانا ويمدحها ويمدح أهلها ويعتبر كفرهم وزندقتهم وإلحادهم سموا إلهيا، ويدعو نفسه والناس إلى الوقوف أمام هذا السمو الإلهي خاشعين).
وبعد هذا أريد أن يعرف الناس ما هي النيرفانا ثم ليحكم العقلاء المنصفون على سيد قطب وعلى حماسه لها ولأهلها ودفاعه عنها وعنهم.
وفي حدود سنة 1951م تظاهر بنفي القول بوحدة الوجود في أول تفسير سورة البقرة في ظلال القرآن بأسلوب بارد لا ندري ما باعثه.
وفي نهاية الخمسينات([9]) عاد مع الأسف إلى تقرير عقيدة وحدة الوجود والقول بالحلول والجبر في أواخر تفسيره الظلال في تفسير سورة الحديد فقال في تفسير قول الله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم).
قال سيد قطب : ( وما يكاد يفيق من تصور هذه الحقيقة الضخمة، التي تملأ الكيان البشري وتفيض، حتى تطالعه حقيقة أخرى لعلها أضخم وأقوى، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة، فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه، ومن ثم فهي محيطة بكل شيء عليمة بكل شيء، فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في القلب ؛ فما احتفاله بشيء في هذا لكون غير الله سبحانه وتعالى ؟! وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود، حتى ذلك القلب ذاته، إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى، وكل شيء وهم ذاهب، حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء، وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه الحقيقة، فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار ؛ فإن هذه الآية القرآنية حسبه ليعيش في تدبرها وتصور مدلولها، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد.

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الوحدة الكونية الكبرى هي وحدة الوجود.
([2]) السوية والغيرية اصطلاحان صوفيان مأخوذتان من كلمتي: سوى وغير والصوفي الحق في دين الصوفية من يوقن أنه لا سوى ولا غير أي يرى الكل عيناً واحدة. [ انظر هذه هي الصوفية (ص:15).
والقارئ يرى أن سيد قطب قد أضاف اصطلاحات أخرى، فليس هنا أمس وليس هنا عند وأن الكل والجزء واحد ولا حيث إلخ.
([3]) انظر التعليق السابق.
([4]) هذه العبارة يقولها أهل وحدة الوجود.
([5]) هذه القصيدة لا ندري متى قالها وهي واحدة من الأدلة على لهج سيد قطب بوحدة الوجود.
([6]) فسر الخلال بقوله: الخلال: منفرج ما بين الشيئين جاسوا خلال الديار، ساروا وترددوا بينها والمراد منتشر في كل ما نرى وما بين الأشياء وبعضها.
([7]) عُرفت الينرفانا في الموسوعة الميسرة (2/1170-1711) الصادرة عن الندوة العالمية للشباب:
(( النيرفانا: كلمة غامضة معناها النجاة ويعني بها نجاة الروح التي ظلت على صلاحها أثناء دورتها التناسخية المتعاقبة حيث لم تعد في حاجة إلى تناسخ جديد وبذلك يحصل لها النجاة من الجولان وتتحد بالخالق الذي صدرت عنه وتفني فيه. والنرفانا أو الحصول على النجاة من أسمى الأهداف للحياة عند الهندوس والبوذيين. يقول كرشنا: (( من يعرف ظهوري وأعمالي التجاوزية لا يولد ثانية عند تركه الجسد في هذا العالم المادي، بل يدخل مقامي السرمدي)).
ويذكر الدكتور محمد ضياء الأعظمي في فصول من أديان الهند أنه من ثمرات النرفانا فناء الشخصية والاتحاد بالجوهر الذاتي ((برم آتما)) ومن هنا جاء إحراق الموتى تخلصاً من الجسم المادي لتعلوا الروح إلى العالم العلوي، والنار هي إحدى مظاهر الألوهية ((أكني)) وهي بدورها تقرب إلى ((برميشور)) الذات العليا. ولا يحصل على النرفانا عند البوذية إلا بعد اقتلاع الشهوة اقتلاعاً تاماً. يقول بوذا في آخر دروسه: ((الذي يؤمن بالبوذية والجماعة والدين يحل له النرفانا))، بل كان يحث أتباعه على تحصيلها حتى آخر لحظات حياته فيقول في آخر وصاياه: ((فعليكم أيها التلاميذ مجاهدة النفس جهاد المخلص الجاد للحصول على الرفانا))، أما الجينين فيعتقدون أنه بحصول الأرواح على النرفانا تبلغ درجة الإله وهذا الأمر يفسر انتشار الرهبنة في هذه الديانات. وقد تأثر غلاة المتصوفة أمثال: الحلاج وابن عربي ومن تابعهما بهذه العقيدة الوثنية الباطلة التي تلغي اليوم الآخر والثواب والعقاب بالإضافة إلى إلغاء توحيد الله جل وعلا، وقد أظهروا مقالات كفرهم بالقول بالفناء والاتحاد ووحدة الوجود))ا.هـ.
وانظر [ فصول في أديان الهند (ص:124)، والثقافة الإسلامية - المستوى الرابع - تأليف: محمد قطب، ومحمد المبارك، ومصطفى كامل- (ص:119)].
([8]) وهذا تصريح بالقول بوحدة الوجود.
([9]) انظر كتاب (سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد) للخالدي (ص:546)، حيث ذكر إكمال سيد قطب لتفسيره في ظلال القرآن في نهاية الخمسينات.========ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏4‏ أشخاص‏، ‏‏نص‏‏‏لا يتوفر نص بديل تلقائي.ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق