الخميس، 19 يناير 2017

كشف تحالف الاخوان والشيعة
الأولى :==========الإخوان المسلمون و التشيع
ساند الإخوان المسلمون الدعوة الشيعية وعملوا في نصرتها ومؤازرتها بكل طاقاتهم، وزعموا أنه لا فرق بين الشيعة و السنة إلا كالفرق بين مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهية (الحنفية و الشافعية و الحنبلية و المالكية) وهذه الحقيقة الثابتة على الإخوان المسلمين لم يذكرها الأخ جاسم في كتابه ولست أدري هل نسي أم تناسى ؟!.. وعلى كل حال لا بد من بيان هذا الأمر الخطير الذي اغتر به كثير من الشباب الملتزمين بمنهج الإخوان حتى وصل الأمر ببعض هؤلاء إلى أن قال لي :( إذا فعل الإخوان وأيدوا الثورة الخمينية أو الشيعة فهم على حق ) .
ولإثبات أن قادة ومفكري ومنظري وثقات الإخوان المسلمين يؤيدون الشيعة وثورتهم إليك البيان و الدليل من البيانات الصادرة عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وكذلك مقالات الإخوان وكتب قادتهم ومفكريهم :
( 1 ) مجلة المجتمع الكويتية العدد 434 بتاريخ 25/2/1979م : نشرت المجلة ياناً صادراً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عند قيام الثورة الخمينية ويقول البيان ما نصه وحرفه :" الإخوان المسلمون في العالم يصدرون بياناً عاماً، وفد عالمي يمثل الحركة الإسلامية يقابل الإمام الخميني في طهران بينما المجتمع تحت الطبع وصلنا البيان التالي الصادر عن الإخوان المسلمين في العالم : بسم الله الرحمن الرحيم ( بيان : دعا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين قيادات الحركة الإسلامية في كل من : تركيا – باكستان-الهند- اندونيسيا-أفغانستان- ماليزيا- الفلبين-بالإضافة إلى تنظيمات الإخوان المسلمين المحلية في العالم العربي، وأوروبا وأمريكا إلى اجتماع أسفر عن تكوين وفد توجه إلى طهران على طائرة خاصة وقابل الإمام آية الله الخميني لتأكيد تضامن الحركات الإسلامية الممثلة في الوفد كافة وهي: الإخوان المسلمون: حزب السلامة التركي، الجماعة الإسلامية في باكستان ، الجماعة الإسلامية في الهند، جماعة حزب ماسومي في أندونيسيا، جماعة شباب الإسلام في ماليزيا، الجماعة الإسلامية في الفلبين وقد كان اللقاءمشهداً من مشاهد عظمة الإسلام وقدرته في الوقت اللازم على إذابة الفوارق العنصرية و القومية و المذهبية، وقد اهتم الإمام الخميني بالوضع وأكد لهم انه ظل دائم الثقة في منفاه بأن رصيده هو رصيد الثورة الإسلامية في العالم وهو كل مسلم موحد يقول: لا إله إلا الله، ومكانها ليس إيران فقط، ولكن كل دولة إسلامية يتجبر حاكمها على الدين الإسلامي ويتصدى لتيار حركته ، وان الله الذي أكرم الخميني بالنصر على الشاه سوف ينصر كل خميني على شاهه، وقد أكد الوفد من جانبه للإمام الخميني إن الحركات الإسلامية ستظل على عهدها في خدمة الثورة الإسلامية في إيران، وفي كل مكان بكل طاقاتها الشرية و العلمية و المادية ، وبعد أن أدى الوفد صلاة الغائب على الشهداء، عقد سلسلة من اجتماعات مع الدكتور إبراهيم يزدي، نائب رئيس الوزراء و المساعد الشخصي للإمام الخميني و الذي كان على صلة شخصية بأعظاء الوفد في المهجر وأثناء التحرك السري لتنظيم الإمام الخميني ضد قوات السافاك، وقد ركزت هذه الإجتماعات على التنسيق و التعاون القادمين، ثم زار الوفد رئيس الحكومة الدكتور مهدي بازركان في مقابلة خاصة، ثم أعلن الوفد في مقابلة تلفزيونية مؤثرة الدعوة إلى يوم تضامن مع الثورة الإيرانية في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه حيثما توجد الجاليات و التجمعات الإسلامية وتقام صلاة الغائب على شهداء الثورة الإيرانية بعد صلاة الجمعة يوم 16/3/1979 وإنا لندعو جميع العاملين في الحقل الإسلامي في كل مكان أن يذكروا هذا اليوم، ويُذكروا به ويجعلوا من صلاة الغائب فيه رمزاً لوحدة الأمة الإسلامية ومصداقاً لقول الإمام الخميني : إن رصيد الثورة الإسلامية في إيران هو كل مسلم موحد يقول : لا إله إلا الله... الله أكبر لله الحمد . الإخوان المسلمون " أهـ.
وبعد نقل البيان الصادر من الإخوان المسلمين في تأييدهم للثورة الخمينية أقف قليلاً مع الأخ جاسم وأقول: متى أصبح اللقاء مع الشيعة مشهداً عظيماً من المشاهد الإسلامية العظيمة ؟!! ومتى أصبح صلاة الغائب على أموات الشيعة رمزاً لوحدة الأمة الإسلامية ؟!!.
( 2 ) الاستاذ عمر التلمساني : المرشد العام للإخوان المسلمين كتب مقالاً في مجلة الدعوة العدد 105 يوليو 1985 بعنوان ( شيعة وسنة) قال فيه :" التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن " وقال فيه أيضاً :" ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر نواب صفوي، كل هذا فعله الإخوان لا ليحملوا الشيعة على ترك مذهبهم ( انظر!!) ولكنهم فعلوه لغرض نبيل يدعو إليه إسلامهم وهو محاولة التقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حد ممكن " ويقول أيضاً :" وبعيداً عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة في صفوف المسلمين " ويقول أيضاً التلمساني:" إن فقهاء الطائفتين يعتبرون مقصرين في واجبهم الديني إذا لم يعملوا على تحقيق هذا التقريب الذي يتمناه كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها" ويقول التلمساني أيضاً :" فعلى فقهائنا أن يبذروا فكرة التقريب إعداداً لمستقبل المسلمين " أهـ.
ونقف بعد هذا الكلام قليلاً مع الأخ جاسم فنقول : قد رأينا بحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه هذا التقريب الذي قام به أساطين الإخوان فكان سباباً وشتيمة لأهل السنة و الجماعة وانكاراً عليهم، ولم نر للأسف من الإخوان المسلمين قديماً ولا حديثاً من قام يضع أسس هذا التقريب ويناقش الشيعة في معتقدهم، أو من يلومهم مجرد لوم لكفرهم بالقرآن و السنة وسبهم لخيرة الأمة اللهم إلا هذه الأيام عندما سقطت دولة الرافضة سياسياً فقام بعض قادة الإخوان يشاركون الجميع من باب ( إذا سقط الجمل كثرت سكاكينه!!) .
وكذلك نقول للأخ جاسم بن مهلهل : إن مرشدكم التلمساني رحمه الله كتب هذا الكلام في عام 1985م أي بعد أن مضى على قيام الثورة الخمينية ( خمسة أعوام) وهذه الفترة لا شك كافية لإيضاح الصورة الحقيقية للثورة الخمينية وعقيدتها الباطلة لمن كان عنده لبس أو عدم وضوح وإزالة الغبش عن أعينهم، فلو كان تأييدكم للشيعة إنخداعاً بشعاراتها البراقة وبوعودهم الكاذبة لكانت هذه الفترة كافية لرجوعكم عن ذلك .. ولكن ظهور مرشدكم العام بعد هذه الفترة الزمنية بهذه المقالة ودعوته إلى التقريب وحثه للفقهاء على ذلك يدل على أن المسألة مسألة منهج يريد تقريب السنة من الشيعة وليس تقريب الشيعة إلى الحق.. لا سيما وأنه لم يصدر شيء يعلن فيه الإخوان المسلمون التبرؤ من الشيعة كما أصدروا بياناً سابقاً في تأييدهم.
( 3 ) الإخوان المسلمون في الأردن: أصدروا بياناً عن موقف الإخوان المسلمين في الأردن من الثورة الإيرانية قالوا فيه :" إن قرار الإخوان المسلمين بتأييد الثورة الإسلامية في إيران كان قراراً ينسجم تماماً مع شعارات الجماعة وتصورها الإسلامي الصافي !!! ومرتكزاتها الحركية و التنظيمية" وقال البيان أيضاً :" كان من أولويات طموحات إمامنا الشهيد حسن البنا –رحمه الله – أن يتجاوز المسلمون خلافاتهم الفقهية و المذهبية، ولقد بذل رحمه الله جهوداً دؤوبة للتقريب بين السنة و الشيعة تمهيداً لإلغاء جميع مظاهر الاختلاف بينهما، ولقد كان له في هذا السبيل صلات وثيقة بكثير من رجالات الشيعة الموثوقين كالإمام آية الله كاشاني و الشهيد الثائر نواب صفوي و الإمام كاشف الغطاء في العراق وغيرهم، ولقد رأى الإخوان المسلمون أن قيام الثورة الإسلامية في إيران يفتح الباب مجدداً لاستكمال ما بداه الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه في محاولة تحقيق تغيير جذري في العلاقة بين السنة و الشيعة" أهـ.
( 4 ) اتحاد الطلبة في جامعة الكويت الذي يقوم عليه الإخوان المسلمون : كتبوا مقالاً في مجلة (الاتحاد ) العدد الرابع من الافتتاحية قالوا فيه :" الثورة الإيرانية في مواجهة الإمبريالية الأمريكية: إن على شعوب العالم الثالث وبالأخص الشعوب الإسلامية واجب الوقوف مع الثورة في جمهورية إيران الإسلامية في مواجهتها مع الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم الغربي" وقالوا أيضاً في مقالهم :" ولهذا نؤكد أن الوقوف مع جمهورية إيران الإسلامية بداية التحرر من الاستعمار الأمريكي في أثوابه الجديدة " وقالوا أيضاُ :" نطالب الحكومة بالاستعداد رسمياً وشعبياً للوقوف بجانب إيران في حالة تعرضها لحصار اقتصادي أو غزو عسكري، فإن انتصار إيران هو انتصار للكويت وانهزامها هو انهزام للكويت " أهـ.
ونقف بعد هذا الكلام قليلاً ونقول: انظروا هذا الحذق السياسي والرؤية الشمولية الذي يدعيه الإخوان المسلمون دائماً ويتهمون غيرهم مع ذلك بقصور النظر وعدم فهم السياسة...!! وهذه هي السياسة التي يريدها الإخوان المسلمون للعالم الإسلامي و العجب أنهم يريدون من جميع المسلمين أن يتبعوهم ويسيروا وراءهم معصوبي العين لأنهم وحدهم قادة العالم الإسلامي!!
( 5 ) فتحي يكن : في ( الموسوعة الحركية) ص: 289 ما نصه:" (الشهيد) نواب صفوي، شاب متوقد إيماناً وحماسة واندفاعاً بلغ من العمر تسعة وعشرين عاماً، درس في النجف في العراق ثم رجع إلى إيران ليقود حركة الجهاد ضد الخيانة والاستعمار، أسس في إيران حركة ( فدائيان إسلام) التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي سبيل تطير الأرض المسلمة من الصهيونيين و المستعمرين " وقال يكن في ص: 289 ما نصه :" وقف رحمه الله ( يقصد نواب صفوي!!) موقفاً جرئياً من الأحلاف وقاوم بكل قوة وعناد انضمام إيران إلى أي حلف فقبض عليه بتهمة مشاركته في محاولة قتل( حسين علاء) رئيس وزراء إيران، وحكمت محكمة عسكرية عليه وعلى رفاقه بالإعدام، كان لهذا الحكم الجائر صدى عنيفاً في البلاد الإسلامية وقد اهتزت الجماهير المسلمة التي تقدر بطولة ( نواب صفوي ) وجهاده وثارت على هذا الحكم وطيرت آلاف البرقيات من أنحاء العالم الإسلامي، تستنكر الحكم على المجاهد المؤمن البطل الذي يعتبر القضاء عليه خسارة كبرى للإسلام في العصر الحديث – ولكن تجاهل حكام إيران الذين يسيرون في ركاب الإستعمار رغبة الملايين من المسلمين ورفض الشاه العفو عنه، وسقط (نواب صفوي) وصحبهُ الأبرار شهداء برصاص الخونة وعملاء الاستعمار وانضموا على قافلة الشهداء الخالدين الذي سيكون دمهم الزكي الشعلة الثائرة التي تنير للأجيال القادمة طريق الحرية و الفداء... وهذا الذي كان فما أن دار الزمان دورته حتى قامت الثورة الإسلامية في إيران ودكت عرش الطاغية( الشاه) الذي تشرد في الآفاق... وصدق الله تعالى حيث يقول { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون } "أ هـ.
ونقف هنا قليلاً ونقول: هذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق مادام أن جند الخميني وزبانيته من أدعياء الإسلام هم جند الله الغالبون !!!
( 6 ) فتحي يكن أيضاً في كتابه ( أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي ) ص:148 ما نصه :" وفي التاريخ الإسلامي القريب شاهد على ما نقول ألا وهو تجربة الثورة الإسلامية في إيران هذه التجربة التي هبت لمحاربتها وإجهاضها كل قوى الأرض الكافرة ولا تزال بسبب أنها إسلامية وأنها لا شرقية ولا غربية" أهـ.
( 7 ) فتحي يكن أيضاً في كتابه ( الإسلام فكرة وحركة وانقلاب) ص:56ما نصه:"لا بد للعرب ان يتلمسوا في إيران ( نواب وإخوان نواب) ولكن الدول العربية لم تدرك هذا حتى الآن ولم تعلم بأن الحركة الإسلامية هي وحدها التي تدعم قضاياها خارج العالم فهل لإيران اليوم من نواب " أ هـ .
( 8 ) محمد الغزالي في كتابه ( كيف نفهم الإسلام) ص: 142 :" ولم تنج العقائد من عقبى الاضطراب الذي أصاب سياسة الحكم وذلك أن شهوات الاستعلاء و الاستئثار أقحمت فيها ما ليس منها فإذا المسلمين قسمان كبيران ( شيعة وسنة) مع أن الفريقين يؤمنان بالله وحده وبرسالة محمد  ولا يزيد أحدهما على الآخر في استجماع عناصر الاعتقاد التي تصلح بها الدين وتلتمس النجاة" ، وفي ص:143 يقول الغزالي:" وكان خاتمة المطاف ان جعل الشقاق بين الشيعة و السنة متصلاً بأصول العقيدة!! ليتمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الأمة الواحدة- إلى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر بل يتربص به ريب المنون، إن كل امريء يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} " ، وفي ص: 144-145 يقول الغزالي :" فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنة رسوله فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية و التشريعية فإن مذاهب المسلمين كلها سواء في أن للمجتهد أجره أخطأ أم أصاب"، ثم يقول :" إن المدى بين الشيعة و السنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة و المذهب الفقهي لمالك أو الشافعي" ، ثم يختم الغزالي كلامه بقوله:"ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب" أهـ.
ونحن نقول : إذا كان هذا هو رأي واعتقاد الشيخ محمد الغزالي أحد الدعاة الكبار بل لعله أكبر داعية ومفكر في الإخوان المسلمين منذ نشأتهم وإلى اليوم،و الذي عاصر حسن البنا وجميع مرشدي الإخوان إلى اليوم و الذي كان مؤهلاً لتسلم قيادة الإخوان بعد الإمام حسن البنا، ونقول: إذا كان هذا هو اعتقاده في الشيعة وأنهم يؤمنون بالقرآن و السنة( كذا) وأنه لا فرق بينهم وبين أهل السنة إلا كالفرق بين مذهب الحنفية و الشافعية .. إذا كان هذا هو معتقد الشيخ الغزالي ورأيه فعلى الإخوان المسلمين العفاء.. فمعلوم لكل طالب علم صغير درس شيئاً من العقائد وعلم أصول الشيعة ومعتقدها وتطورها الفكري و السياسي انهم فرقة خارجة عن كل أصول الدين وأنهم يختلفون مع أهل السنة في كل صغيرة و كبيرة.
( 9 ) حسن الترابي- راشد الغنوشي في كتاب ( الحركة الإسلامية و التحديث ) ص:17:" ولكن الذي عنينا من بين ذلك الاتجاه الذي ينطلق من مفهوم الإسلام الشامل مستهدفاً إقامة المجتمع المسلم و الدولة الإسلامية على أساس ذلك التصور الشامل وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين ، الجماعات الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخميني في إيران" أهـ .
وهنا نقول للأخ جاسم : انظر كيف يجعل الاستاذ الدكتور الترابي زعيم الإخوان في السودان الحركة الخمينية على قدم المساواة مع الإخوان المسلمين و الجماعة الإسلامية في باكستان؟!!! .
(10) أبو الأعلى المودودي رحمه الله قال في مجلة ( الدعوة) العدد:19 أغسطس1979م رداً على سؤال وجهته إليه المجلة حول الثورة الخمينية في إيران فأجاب :" وثورة الخميني ثورة إسلامية و القائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية وعلى جميع المسلمين عامة و الحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات"أهـ.
(11) اسماعيل الشطي : أحد رموز الإخوان المسلمين في الكويت ورئيس تحرير مجلة (المجتمع ) اللسان الناطق للإخوان المسلمين ، قال في مقالٍ كتبه في مجلة ( المجتمع) عدد:455 بعنوان (الثورة الإيرانية في الميزان) قال فيه:" وبما أن الشيعة الإمامية من الأمة المسلمة و الملة المحمدية فمناصرتهم وتأييدهم واجب إن كان عدوهم الخارجي من الأمم الكافرة و الملل الجاهلية .. فالشيعة الإمامية ترفع لواء الأمة الإسلامية و الشاة يرفع لواء المجوسية المبطن بالحقد النصراني اليهودي.. فليس من الحق أن يؤيد لواء المجوسية النصرانية اليهودية ويترك لواء الأمة الإسلامية " ، ثم يقول الشطي ايضاً في مقاله:" ويرى هذا الصوت أن محاولة تأسيس مؤسسات إسلامية في إيران تجربة تستحق الرصد كما تستحق التأييد لأنها ستكون رصيداً لأي دولة إسلامية تقوم في المنطقة إن شاء الله .. وما ذلك على الله ببعيد" أهـ.
ونقف مع هذا الكلام فنقول: واسماعيل الشطي هذا قد كتب مقاله الآنف الذكر ليرد به على السلفيين الذي قالوا إنه لا يجوز تأييد الخميني في إيران وأنه يجب الحذر منهم وأنهم ثورة مجوسية رافضية لا تريد إلا شق عصا المسلمين وتخريب العالم الإسلامي، فخرج علينا سيادة الأخ اسماعيل الشطي ليقول لما بفكره الثاقب ونظرته ( البعيدة) وفقهه السياسي أن دولة الرافضة في إيران ( ستكون رصيداً لأي دولة إسلامية تقوم في المنطقة إن شاء الله !!) وكان بذلك يرد على السلفيين الذين اتهمهم بالجهل و قصر النظر وعدم فهم السياسة!! .
(12) مجلة المجتمع أيضاً العدد:478 بتاريخ 29/4/1980ص:15 تحت عنوان(خسارة علمية) الشيخ( محمد باقر الصدر ) أحد أبرز المراجع العلمية المعاصرين للمذهب الجعفري.. وأحد أبرز المفكرين الإسلاميين الذين برزوا من فقهاء المذهب الجعفري.. وله كتابات إسلامية جيدة تداولها أيدي المفكرين ككتاب(اقتصادنا)و(فلسفتنا) وغيرها من الكتب.. لقد تأكد مؤخراً إعدامه بسبب أحداث سياسية .. ونحن بعيداً عن الجانب السياسي .. و الخلاف المذهبي.. نرى أن في فقدان الشيخ الصدر خسارة لثروة علمية كان وجودها يثري المكتبة العربية و الإسلامية " أ هـ.
ونقف قليلاً هنا ونقول: لو كان الشطي يقرأ ما كتبه باقر الصدر وما كان يعتقده لما جاز له أن يتباكى عليه إلا أن يتباكى عليه- إلا أن يستوى عنده الشرك و التوحيد و الإيمان و الكفر و الصحابة و الزنادقة!!!.
(13) الصباح الجديد: صحيفة اسبوعية يصدرها مكتب صحافة الإتجاة الإسلامي (الإخوان المسلمين) جامعة الخرطوم 17/2/1982 تقول الصحيفة:" بسم الله الرحمن الرحيم ..مع تباشير النصر مشائخ الخليج يستصدرون الفتاوى البترودولارية ضد الخميني.. إسلام الريالات أم إسلام القيم؟؟ أن يقف الإعلام الغربي ضد الحكومة الإسلامية في إيران فهذا شيء مألوف وأن يعارضها الشيوعيون فهذا شيء طبيعي.. ولكن لماذا يعاديها شيوخ الخليج وتحت مظلة الدين؟؟ أو بعبارة اخرى ( الإسلام ضد الإسلام) ولكنه إسلام ( الركون) ضد إسلام الجهاد، وإسلام العجز ضد إسلام الإستشهاد، وإسلام ( الريال) ضد إسلام القيم، وإسلام (أعوان الظلمة) ضد إسلام جند الله المجاهدين، على أنهم يتمنون من اعماق قلوبهم أن تكون هذه الثورة باطلاً، وأن يكون شيوخ الخليج بقيادة ( أمير المؤمنين ****(اسم أحد زعماء العرب) على درب الإسلام الصحيح، لأن إسلام الدجاج الفرنسي الشهير ( المذبوح وفقاً للتعاليم الإسلامية) أفضل وأجمل وأمتع من إسلام الحرب و الخندق" أ هـ .
ونقف بعد هذا الكلام فنقول: هذا هو مفهوم زعماء الإخوان المسلمين في السودان عن ثورة الخميني، وحكام الخليج الذين وللأسف الشديد ما زالوا يمدونهم بالأموال من اجل نشر الإسلام!!! وهذا هو الإسلام الذي يبشر به زعماء الإخوان في السودان وهذه هي السلفية التي يدعيها الأخ الاستاذ جاسم المهلهل ويقول عنها ( أنها سلفي لا غبار عليها!! ).
(14) محمد الغزالي في كتابه ( ظلام من الغرب) ص: 252 ما نصه:" ولماذا لا توضع أمام الطلاب في الصفوف العليا أو الدنيا صورة صادقة لتفكير الإمامية في الأصول و الفروع و السنن المختلفة " ويقول الغزالي أيضاً في كتابه ص:253 ما نصه :" وسمعت في مصر من يرى أن الفرس كفاراً لأنهم يلعنون الشيخين الجليلين: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما!! .. ولو ذهبت استقصي قالة السوء التي يتقاذف الناس بها لأعياني العد "، ويستمر الغزالي في كلامه فيقول في ص:259 ما نصه:" و الحق أن المسلم يحس باستحياءوهو يرى أهله الذين تجري في عروقهم دماء عقيدة واحدة قد مزقتهم الليالي الكوالح، فإذا هم متناكرون مستوحشون، لا إيلاف بينهم ولا إيناس.. وتبحث عن علة محترمة لهذه الفرقة السحيقة فلا تجد، اللهم إلا ما يرثه الأولاد أحياناً عن آبائهم من أمراض خبيثة يحملون آلامها ولا يعلمون مأتاها" أ هـ .
وبعد هذا الكلام الخطير الذي قاله محمد الغزالي أقول للأخ جاسم: إذا كان الغزالي يري بأن العلة التي تفرق بيننا وبين الشيعة هي( أمراض خبيثة) ورثناها عن سلفنا الصالح رحمهم الله جميعاً، فهل الإمام مالك رحمه الله من أصحاب هذا المرض الخبيث كما يزعم الغزالي حيث أن الإمام مالكاً رحمه الله قال بكفر الشيعة لأنهم يبغضون الصحابة رضي الله عنهم وذلك في تفسيره لقوله تعالى{محمد رسول الله و الذين معه أشداء علىالكفار رحماء بينهم –إلى قوله تعالى-يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} قال الإمام ابن كثير في تفسيره لسورة الفتح4/203:"ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه بتكفير الروافض الذي يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال: لأنهم يبغظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية و وافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك"أهـ ، فهل الإمام مالك رحمه الله و الإمام ابن كثير و العلماء الآخرون الذين وافقوا الإمام مالك على قوله في تكفير الشيعة قد حملوا مرضاً خبيثاً و ورثته الأمة عنهم كما يزعم محمد الغزالي؟!! فيا سبحان الله كيف وقع جهابذة هذه الأمة وصناديدها في هذا المرض الخبيث ونجا منه الغزالي ومن هم على شاكلته؟!! ولله في خلقه شئون!! .
وفي ختام هذه الوقفة أقول للأخ جاسم المهلهل: بعد هذه النقول الحرفية من مؤلفات كبار وثقات ومنظري وقادة الإخوان المسلمين ومجلاتهم ونشراتهم وبياناتهم في تأييد الشيعة لماذا لم تذكرهذه القضية، وتعتذر كما اعتذرت عن موقف الإخوان من التصوف والتأويل و الجهل و الخرافة.. أم أن قضية الموقف من الشيعة لا تدخل في باب الاعتقاد وليس من المآخذ على الإخوان المسلمين؟!! إن أعظم المآخذ على الإخوان المسلمين أنهم لا يفرقون بين كثير من الحق و الباطل وبين كثير من الشرك و التوحيد،وأنهم يريدون تجميع الناس أي تجميع وأنهم لا يفرقون بين سنة وشيعة.. فلماذا لم يتضمن كتابك شيئاً عن هذه القضية!!؟ وإذا كان المنهج الشيعي يخفى على الإخوان المسلمين فإلى أي شيء يدعون ؟! وأي فكر يتعلمون ؟؟!!! و الخلاصة: هل هذه عقيدتكم السلفية الصرفة التي لا غبار عليها ؟!!! .
=============
قال البهنساوي الإخواني:
" منذ أن تكونت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي ساهم فيها الإمام البنا والإمام القمي ـ الرافضي ـوالتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة وقد أدى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي ـ الرافضي ـ سنة 1954م للقاهرة .. ولا غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا التعاون ".
كتابه"السنة المفترى عليها" (ص:57).
ـــــــــــــــــــ
الثانية:
قال التلمساني الإخواني:
"
ولقد استضاف ـ حسن البنا ـ فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار الشيعة وزعمائها في المركز العام ـ للإخوان المسلمين ـ فترةً ليست بالقصيرة، كما أنه من المعروف أن الإمام البنا قد قابل المرجع الشيعي آية الله الكاشاني أثناء الحج عام 1948م، وحدث بينهما تفاهم ".
كتابه "الملهم الموهوب حسن البنا" (ص:78).
ــــــــــــــــــــــــــ
الثالثة :
كتب الكاتب الإنجليزي"روبير وشم" عن دور البنا في التقريب مع الشيعة كلاماً طويلاً.
فعلق عبد المتعال الجبري الإخواني قائلاً:
" لقد صدق روبيروشم بحاسته السياسية جهد الإمام في التقرب بين المذاهب الإسلامية، فما له لو أدرك دوره الضخم في هذا المجال مما لا يتسع لذكره المقام ".
كتابه "لماذا اغتيل حسن البنا" (ص: 32).
ـــــــــــــــــــــــــ
الرابعه :
قال التلمساني الإخواني:
" في الأربعينات على ما أذكر كان السيد القمي وهو شيعي المذهب ينزل ضيفاً على الإخوان في المركز العام، ووقتها كان الإمام الشهيد يعمل جاداً على التقريب بين المذاهب،وسألناه يوماً عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة؛ فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل، وقال: اعلموا أن أهل السنة والشيعة مسلمون تجمعهم كلمة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذا أصل العقيدة والسنة الشيعة فيه سواء ".
كتابه "ذكريات لا مذكرات" (ص: 249).
ــــــــــــــــــــــــــــ
الخامسة :
قال إسحاق موسى الحسيني الرافضي:
" بعض الطلاب الشيعة الذين كانوا يدرسون في مصر قد انضموا إلى الإخوان المسلمين، ومن المعروف أن صفوف الإخوان المسلمين في العراق كانت تضم الكثير من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وعندما زار نواب صفوي سوريا وقابل الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين؛اشتكى إليه الأخير أن بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات العلمانية والقومية، فصعد نواب إلى أحد المنابر، وقال أمام حشد من الشبان الشيعة والسنة: من أراد أن يكون جعفرياً حقيقياً؛ فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين ".
كتابه "الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية الحديث" .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
السادسة :
قال محمد الغزالي الإخواني:
" إنّ المدى بين السُنة والشيعة، كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة، والمذهب الفقهي لمالك والشافعي، نحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة، وإنْ اختلفت الأساليب ".
كتابه "دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين" (ص: 22).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
السابعة :
وقال الغزالي ـ محمد ـ الإخواني:
" جاني رجلٌ من العوام مُغضباً يتساءل: كيف أصدر شيخ الأزهر فتواه بأنّ الشيعة مذهب إسلامي كسائر المذاهب المعروفة؟
فقلت للرجل: ماذا تعرف عن الشيعة؟
فسكت قليلاً، ثم أجاب: ناس على غير ديننا .
فقلت له: لكني رأيتهم يصلّون ويصومون كما نُصلي ونصوم!!
فعجب الرجل، وقال كيف هذا؟ قلت له: والأغرب أنهم يقرءون القرآن مثلنا، ويُعظمون الرسول، ويحجون إلى البيت الحرام،
قال: لقد بلغني أنّ لهم قرآنا آخر، وأنهم يذهبون إلى الكعبة ليُحقروها،
فنظرتُ إلى الرجل راثياً، وقلت له: أنت معذور، إنّ بعضنا يُشيع عن البعض الآخر ما يحاول به هدمهُ، وجرح كرامته، مثل ما يفعل الروس بالأمريكان والأمريكان بالروس، كأننا أمم متعادية لا أمة واحده ".
كتابه "دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين" (ص: 256).
================================================== ==============
يجب على أهل السنة نشر مثل هذه النقولات وفضح الفريقين قبل أن يتمكنوا فيذبحوا أهل السنة ذبح الشياة كما حدث في بغداد عندما سقطت الدولة العباسية على يد محمد بن أحمد بن العلقمي الشيعي الرافضي الخبيث.
وكما فعل اسماعيل صفوي في أهل السنة في بلاد العراق والشام، فقد كان يذبح هو ورجاله؛ الرجال والنساء والشيوخ والأطفال من أهل السنة حتى أباد بعض القرى عن بكرة أبيها.
وكما فعل في مصر عبيد الله بن سعيد بن الحسين ابن ميمون القداح الأهوازي وهو من يهود الأهواز؛ مؤسس الدولة العبيدية الرافضية بمصر.

والتي تدعي زوراً وبهتانا "الدولة الفاطمية" نسبة إلى نسل فاطمة ـ رضي الله عنها ـ بنت رسول الله ﷺ، وهي منهم براء======================
قال سيد قطب : " وكانت ( يعني رسالة الإسلام ) ثورة على طاغوت التعصب الديني, وذلك منذ إعلان حرية الاعتقاد في صورتها الكبرى : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا } {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } . لقد تحطم طاغوت التعصب الديني, لتحل محله السماحة المطلقة, بل لتصبح حماية حرية العقيدة وحرية العبادة واجباً مفروضاً على المسلم لأصحاب الديانات الأخرى في الوطن الإسلامي ا.هـ " من دراسات إسلامية ص ( 13) .
وقال في ظلال القرآن ( 1/291 ) عند تفسير قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين ) الآية :
" وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره, وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه . وهذه أخص خصائص التحرر الإنساني ، التحرر الذي تنكره على الإنسان في القرن العشرين مذاهب متعسفة ونظم مذلة، لا يسمح لهذا الكائن الذي كرمه الله باختياره لعقيدته , أن ينطوي ضميره على تصور للحياة ونظمها غير ما عليه الدولة بشتى أجهزتها التوجيهية وما تميله عليه بعد ذلك بقوانينها وأوضاعها , فإما أن يعتنق مذهب الدولة هذا ـ وهو يحرمه من الإيمان بإله الكون الذي يصرف هذا الكون ـ وإما أن يتعرض للموت بشتى الوسائل والأسباب .
إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق الإنسان التي يثبت له بها وصف الإنسان.فالذي يسلب إنساناً حرية الاعتقاد إنما يسلبه إنسانيته ابتداءً ...
ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة , والأمن من الأذى والفتنة , وإلا فهي حرية بالاسم , لا مدلول لها في واقع الحياة " ا.هـ
@ [U]سئل الشيخ ابن عثيمين [/U]هذا السؤال : فضيلة الشيخ : نسمع ونقرأ كلمة " حرية الفكر" , وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد , فما تعليقكم على ذلك ؟
فأجاب بقوله : تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد, يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر , لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد r , فإنه كافر بالله ـ U ـ يستتاب , فإن تاب وإلا وجب قتله .
والأديان ليست أفكاراً, ولكنها وحي من الله ـ U ـ ينزله على رسله, ليسير عباده عليه, وهذه الكلمة ـ أعني كلمة فكر ـ التي يقصد بها الدين . يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية ؛ لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد , وهو أن يقال عن الإسلام : فكر, والنصرانية فكر, واليهودية فكر ـ وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية ـ فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس, والواقع أن الأديان السماوية أديان سماوية من عند الله ـ Uـ يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله تعبد بها عباده, ولا يجوز أن يطلق عليها " فكر " .
وخلاصة الجواب : أن من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر بالله U ؛ لأن الله تعالى يقول : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ويقول : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُِ } . فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة . ا.هـ " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (3/99ـ100) رقم (459).
# :[B][U][align=center]التلمساني[/align][/U][/B]
قال التلمساني : " يجب احترام الرأي الحر للآخرين , وليس من الحرية أن أحول بين الناس وبين آرائهم . " نقلاً من " الطريق إلى الجماعة الأم " ص ( 183) .
$ : [B][U][align=center]محمد الغزالي[/align][/U][/B]
قال الغزالي : " فإننا يجب أن نمد أيدينا وأن نفتح آذاننا وقلوبنا إلى كل دعوة تؤاخي بين الأديان وتقرب بينها , وتنتزع من قلوبها أسباب الشقاق. إننا نقبل مرحبين على كل وحدة توجه قوى المتدينين إلى البناء لا الهدم, وتذكرهم بنسبهم السماوي الكريم وتصرفهم إلى تكريس الجهود لمحاربة الإلحاد والفساد وابتكار أفضل الوسائل لرد البشر إلى دائرة الوحي بعد ما كادوا يفلتون منها إلى الأبد " ا.هـ من كتاب " من هنا نعلم" ص (150)
%: [U][B][align=center]حامد أبو نصر[/align][/B][/U]
قال حامد أبو نصر : " لا مانع من وجود حزب علماني أو شيوعي في ظل الحكم الإسلامي . ا.هـ " نقلاً من " الطريق إلى الجماعة الأم " ص(183)========
نظرة سيد إلى الجزية وأهلها=مساواة سيد بين أهل الزكاة وأهل الجزية
ومن بوائق سيد قطب أنه يخالف ما قرره القرآن والسنة وعلماء الإسلام من أن الجزية صغار ورمز إذلال لأهل الذمة، فأينما يذكرها في أي كتاب بما في ذلك "الظلال " يذكرها في صورة تشي بإكرامهم واحترامهم ، ففي تفسير قول الله تعالى : {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} لا يذكر هذا الصغار ولا يفسره كتفسير المسلمين ، بل بأسلوب يدغدغ به عواطف المستشرقين واليهود والنصارى وغيرهم من الحاقدين على الإسلام فيقول :
والإسلام - بوصفه دين الحق الوحيد القائم في الأرض - لا بد أن ينطلق لإزالة العوائق المادية من وجهه ، ولتحرير الإنسان من الدينونة لغير دين الحق ، على أن يدع لكل فرد حرية الاختيار بلا إكراه منه ، ولا من تلك العوائق المادية كذلك .
وإذن ، فالوسيلة العملية لضمان إزالة العوائق المادية وعدم الإكراه على اعتناق الإسلام في الوقت نفسه هي كسر شوكة السلطات القائمة على غير دين الحق حتى تستسلم وتعلن استسلامها بقبول إعطاء الجزية فعلا، وعندئذ تتم عملية التحرير فعلا بضمان الحرية لكل فرد أن يختار دين الحق عن اقتناع ، فإن لم يقتنع بقي على عقيدته وأعطى الجزية لتحقق عدة أهداف :
أولها: أن يعلن بإعطائها استسلامه وعدم مقاومته بالقوة المادية للدعوة إلى دين الله الحق .
ثانيها: أن يساهم في نفقات الدفاع عن نفسه وماله وعرضه وحرماته التي يكفلها الإسلام لأهل الذمة، والذين يؤدون الجزية فيصبحون في ذمة المسلمين وضمانهم ، ويدفع عنها من يريد الاعتداء عليها من الداخل أو من الخارج بالمجاهدين من المسلمين .
ثالثها: المساهمة في بيت مال المسلمين الذي يضمن الكفالة والإعاشة لكل عاجز عن العمل بما في ذلك أهل الذمة بلا تفرقة بينهم وبين المسلمين دافعي الزكاة([1]) .
أقول : أين معنى الصغار في هذه الأهداف فالهدف الأول لا بد منه حتى من المسلم ، فلا بد أن يعلن استسلامه لله رب العالمين ، وإذا قاوم الدولة المسلمة بالقوة المادية ، وجب قتاله وقتله ، والهدفان الآخران لصالح أهل الذمة، فهم في كليهما كالمسلمين ، بل العبء الأكبر على المسلمين ، ولأهل الذمة الغنم والراحة، لقد أضاع سيد قطب الهدف الإسلامي الأساسي من أخذ الجزية من أهل الذمة .
وأضاع أيضا الهدف الآخر وهو ما قاله عمر رضي الله عنه : (أوصيكم بذمه الله ، فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم ) .
ثم قال : ولا نحب أن نستطرد هنا إلى الخلافات الفقهية حول من تؤخذ منهم الجزية، ومن لا تؤخذ منهم ، ولا عن مقادير هذه الجزية، ولا عن طرق ربطها، ومواضع هذا ا الربط (...) ذلك أن هذه القضية برمتها ليست معروضة علينا اليوم كما كانت معروضة على عهود الفقهاء الذين أفتوا فيها واجتهدوا رأيهم في وقتها .
إنها قضية تعتبر اليوم تاريخية وليست واقعية .
إن المسلمين اليوم لا يجاهدون!.. ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون!.. إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي التي حتاج اليوم إلى علاج !
والمنهج الإسلامي - كما قلنا من قبل مرارا - منهج واقعي جاد، يأبى أن يناقش القضايا المعلقة في الفضاء ، ويرفض أن يتحول إلى مباحث فقهية لا تطبق في عالم الواقع - لأن الواقع لا يضم مجتمعا مسلما تحكمه شريعة الله ، ويصرف حياته ، الفقه الإسلامي - ويحتقر الذين يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بمثل هذه المباحث في أقضية لا وجود لها بالفعل ويسميهم (الأرائتيين )000 الذين يقولون (أرأيت ) لو أن كذا وقع فما هو الحكم ؟) .
إن نقطة البدء الآن هي نقطة البدء في أول عهد الناس برسالة الإسلام . . . أن يوجد في بقعة من الأرض ناس يدينون دين الحق ، فيشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . . ومن ثم يدينون لله وحده بالحاكمية والسلطان والتشريع ويطبقون هذا في واقع الحياة. . . ثم يحاولون أن ينطلقوا في الأرض بهذا الإعلان العام لتحرير الإنسان ، ويومئذ - ويومئذ فقط - سيكون هناك مجال لتطبيق النصوص القرآنية والأحكام الإسلامية في مجال العلاقات بين المجتمع المسلم وغيره من المجتمعات ، ويومئذ - ويومئذ فقط - يجوز الدخول في تلك المباحث الفقهية، والاشتغال بصياغة الأحكام والتقنين للحالات الواقعة التي يواجهها الإسلام بالفعل لا في عالم النظريات ) .
ثم يقول : معتذرا عن تفسيره لهذه الآية على الوجه الذي قرره (وإذا كنا قد تعرضنا لتفسير هذه الآية - من ناحية الأصل والمبدأ -، فإنما فعلنا هذا لأنها تتعلق بمسألة اعتقادية وترتبط بطبيعة المنهج الإسلامي ، وعند هذا الحد نقف فلا نتطرق ،وراءه إلى المباحث الفقهية الفرعية احتراما لجدية المنهج الإسلامي وواقعيته وترفعه على هذا الهزال )([2]) .
أقول : نأسف أشد الأسف لهذا التفسير لكتاب الله من وجوه :
أولا: إغفال معنى الصغار في الجزية الذي فرضه الله في كتابه وأكده رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء الراشدون وأئمة الإسلام وعلماء الأمة من محدثين وفقهاء.
ثانيا : تضييع هدف تشريع هذا الصغار، وهو حمل أهل الذمة على الإسلام الذي فيه عزتهم وشرفهم في الدنيا وسعادتهم ونجاتهم من النار التي أعدت للكافرين . . . فأهل النخوة والذين ينشدون العزة والحرية منهم لا يستطيعون البقاء على الصغار، بل سيحفزهم ذلك على الخلاص منه ، لا سيما وكثير منهم يعرف أن الإسلام هو الحق ، وفيه العزة والسعادة في الدنيا والآخرة .
أما هذا الأسلوب وهذا المنهج الذي ينتهجه سيد قطب ، فإنه يغريهم بالبقاء على كفرهم الذي فيه شقاؤهم الأبدي وهلاكهم السرمدي ذلك إن كانوا قد اقتنعوا بما تضمنه هذا الأسلوب .
ثالثا : ماذا يريد سيد قطب بصياغة الأحكام والتقنين ؟
أيريد صياغة أحكام وقوانين في أمور قد قررها الله ورسوله وسار الخلفاء الراشدون وأئمة الإسلام في هدي هذا التقرير بما لا يحتاج إلى صياغة أحكام وقوانين جديدة ينشئها سيد قطب وأمثاله ؟ !
أو يريد صياغة أحكام وقوانين تميع الإسلام وتخالفه وترضي أعداءه ، كما يتحدث سيد عن الجزية في ضوء كلام سيرت ، وأرنولد من أن الجزية إنما هي في مقابل الخدمة العسكرية وأن الجزية ليست صغارا على أهل الذمة، وأن لهم أن يدفعوا الزكاة بدلا عن الجزية إذا شاؤوا ذلك ، وأنه لا مانع أن تضرب الجزية على المسلمين بدلا من الخدمة العسكرية إذا لم يقوموا بهذه الخدمة ؟ !
وبمثل هذه التشريعات الماسخة للتشريع الإسلامي يرفع سيد قطب وأمثاله عقيرتهم أن عملهم هذا من صميم حاكمية الله والذي يخالفهم يكون كافرا لأنه حكم بغير ما أنزل .
رابعا: في أسلوب سيد في هذا الموضع وفي عشرات المواضع من كتبه قسوة وعنف على المسلمين بتكفيرهم والاستخفاف بهم .
خامسا: استخفافه بالعلم والعلماء والفقه والفقهاء .
انظر إلى قوله : (والمنهج الإسلامي - كما قلنا من قبل مرارا - منهج واقعي جاد يأبى أن يناقش القضايا المعلقة في الفضاء . . . ويحتقر الذين يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بمثل هذه المباحث في أقضية لا وجود لها بالفعل ).
وانظر إلى تعاليه في قوله : (وعند هذا الحد نقف فلا نتطرق وراءه إلى المباحث الفقهية الفرعية احتراما لجدية المنهج الإسلامي وواقعيته وترفعه على هذا الهزال ) .
أليس في هذا صرف للناس وصد لهم عن العلم ؟!
أليس في هذا الإرهاب الفكري ما يسوق الكثير إلى الجهل بشريعة الله الذي تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : "إن بين يدي الساعة أيام الهرج يزول فيها العلم ويظهر فيها الجهل ([3]) .
هذا الأسلوب هو الذي ملأ أدمغة الكثير ممن يقدسون سيد قطب ، ودفعهم إلى احتقار العلم والعلماء، وإلى تسميتهم بعلماء الورقة لا علماء الحركة، وإلى وصفهم بأنهم علماء الحيض والنفاس ، وبأنهم لا يفقهون الواقع ، وبأنهم جواسيس وعملاء إلى آخر الطعون والتهم التي يوجهونها إلى أهل العلم وطلابه.
سادسا: كان في وقته دولة مسلمة في الجزيرة العربية قائمة على العقيدة الصحيحة والمنهج الإسلامي الصحيح المنبثقين من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها أمراء وعلماء مسلمون يطبقون شريعة الله ويقيمون دين الله الحق ، فلماذا يتجاهلهم سيد ولا يعترف بهم ؟
فهل يحتقرهم هم أيضا لأنهم يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بمثل هذه المباحث . . . إلخ ؟
ليتك عشت حتى ترى تلاميذك اليوم كيف يطبقون الإسلام بعد أن قامت لهم دول هنا وهناك ، فيصدق عليهم المثل : (إنك لا تجني من الشوك العنب )، ويصدق عليهم (فاقد الشيء لا يعطيه ). . والباقون في انتظار هذا المصير الذي لا محيد لهم منه ولا محيص ، سنة الله في المناهج الفاسدة ولن تجد لسنة الله تبديلا.
فأفيقوا يا معشر العقلاء من المسلمين !
سابعا: إذا تحدث سيد قطب عن الجهاد فلا يجوز عنده البحث في الغنائم([4]) إلى أن تقوم دولته([5]) لأن الحديث سيجره إلى حرمان أهل الذمة من المشاركة في الغنائم وسيجره إلى الحديث عن الاسترقاق والتسري بنساء المغلوبين من المشركين وذلك أمر كريه ينافي كرامة الإنسان في نظره ، لأنه من دعاة الحرية والمساواة والعدالة([6]) .
وإذا تحدث عن الجزية ، رأيت منه ما سبق ، ولا يدخل في التفاصيل ، بل يجب تعليقها ويجب الهجوم على الفقهاء الذين يبحثون في هذه الأمور التي تتحدث عن إذلال أهل الذمة وهو يريد إكرامهم وتدليلهم لا تذليلهم .

=====
ويقول سيد قطب مؤكدا هذا المنهج الذي لا يحيد عنه :
(فإذا استسلم من يطلب السلام ، فهؤلاء هم (الذميون)، أي الذين أعطاهم الإسلام ذمته وعهده لحمايتهم ورعايتهم ، وهؤلاء لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين بنص الإسلام الصريح ، فأما ما يؤخذ منهم من الجزية، فهو مقابل ما يؤديه المسلمون من الزكاة، مساهمة في نفقات الدولة التي تحميهم كما تحمى رعاياها المسلمين سواء، والتي توفر لهم العدل المطلق بلا تفرقة ولا تمييز، وتحقق لهم ضماناتهم وتأميناتهم في حالة المرض والعجز والشيخوخة .
ولم يشأ الإسلام أن يجبرهم على أداء الزكاة، لأن الزكاة عبادة إسلامية خاصة وحرية الاعتقاد التي يكلفها([1]) الإسلام للأفراد تمنعه أن يكره الذميين على أداء عبادة إسلامية .
ولم يشأ كذلك أن يجبرهم على الجندية في الصف المسلم ، لأن المسلم إنما يجاهد في سبيل الله عبادة لله ، لهذا يأخذ منهم الضريبة تحت عنوان الجزية لا تحت عنوان الزكاة، مراعاة لهذا المبدأ العام (لا إكراه في الدين ) ، فإذا شاءوا برضاهم واختيارهم أن يؤدوا ضريبة الزكاة كالمسلمين بدل الجزية كان لهم ذلك عن رضاء واختيار، وقد اختارت قبيلة بني تغلب على عهد عمر أن تؤدي الزكاة لا الجزية فأدتها على هذا الأساس ) .
أقول :
أولا: ليست الغاية من إعطائهم العهد هو رعايتهم وحمايتهم ، إنما الحماية من توابع العهد الذي يعقد بينهم وبين المسلمين ، والفرق بين الأمرين واضح جدا .
وقوله : (لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين بنص الإسلام الصريح) تقول على الإسلام صريح ، وراجع ما سبق من الأدلة والشروط العمرية .
ثانيا: قوله : (فأما ما يؤخذ من الجزية ، فهو مقابل ما يؤدي المسلمون من الزكاة) فمغالطة مكشوفة يبرأ منها الإسلام ، فإن الزكاة تزكي أهلها المسلمين وتطهرهم ، وهي من أركان دينهم ، والجزية شعار الذل والصغار، فكيف تقابل هذا الركن العظيم والشعار الرفيع (الزكاة)، ولا أريد الاستطراد في مناقشة النص المليء بالباطل ، فقد مضى له نظائر قد ناقشتها.
والغريب هنا قوله بتخيرهم بين الجزية والزكاة استنادا إلى قضية بني تغلب التي اعتمد فيها على النصراني سيرت وأرنولد، وسيظهر لك زيف كلامه .
روى أبو عبيد بإسناده إلى زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة، أنه سأل عمر بن الخطاب وكلمه في نصارى بني تغلب ، قال : وكان عمر قد هم أن يأخذ منهم الجزية، فتفرقوا في البلاد، فقال النعمان بن زرعة لعمر: يا أمير المؤمنين ! إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية، وليست لهم أموال ، إنما هم أصحاب حروث ومواش ، ولهم نكاية في العدو، فلا تعن عدوك عليك بهم ، قال : فصالحهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة واشترط أن لا ينصروا أولادهم . . .
قال : (حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : لا نعلم في مواشي أهل الكتاب صدقة إلا الجزية التي تؤخذ منهم ، غير أن نصارى بني تغلب الذين جل أموالهم المواشي يؤخذ من أموالهم الخراج ، فيضعف عليهم حتى تكون مثلي الصدقة أو أكثر)([2]) .
قال أبو عبيد: (فكذا ما يؤخذ من بني تغلب ، وهو الضعف على صدقة المسلمين ، ثم وجه فعل عمر رضي الله عنه وساق آثارا في سداد رأيه وتوفيق الله له . . . ).
ثم قال : (وإنما استجازها فيما نرى وترك الجزية مما رأى من نفارهم وأنفهم منها ، فلم يأمن شقاقهم واللحاق بالروم ، فيكونوا ظهيرا لهم على أهل الإسلام وعلم أن لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم مع استبقاء ما يجب عليم من الجزية، فأسقطها عنهم واستوفاها منهم باسم الصدقة حين ضاعفها عليهم ، فكان في ذلك رتق ما خاف من فتقهم مع الاستبقاء لحقوق المسلمين في رقابهم وكان مسددا )([3]) .
ثم قال : (فالذي يؤخذ من بني تغلب ، وإن كان يسمى صدقة، فليس بصدقة لما أعلمتك ، ولا يوضع في الأصناف الثمانية التي في سورة براءة، إنما موضعها موضع الجزية)([4]) .
فيؤخذ من هذا أن الجزية صغار نفر منه عرب بني تغلب وانفوا منه .
2- إن عمر إنما أسقط عنهم لفظ الجزية، ولسداده وبعد نظره أخذها منهم جزية مضاعفة وإن أسقط عنهم لفظها .
3- إن عمر لم يفعل ذلك من منطلق أن لأهل الذمة الخيار بين أن يؤدوا الجزية أو الزكاة، وإنما فعل ذلك خشية من شقاق بني تغلب واللحاق بالروم ، فيكونون ظهيرا لهم على المسلمين ، فدرأ هذا الضرر بإسقاط لفظ الجزية عنهم وإطلاق لفظ الصدقة على الجزية المضاعفة .
4- ما أخذه عمر منهم هو في حقيقته خراج كما قال الزهري ، وجزية كما قال أبو عبيد، والدليل على ذلك أنها لا تصرف في مصارف الزكاة الثمانية المنصوص عليها في سورة براءة .
والآن قارن بين ما يقوله سيد قطب وبين ما حوت قصة بني تغلب من فقه ، لترى بطلان ما يقوله هذا الرجل ، وأن تعلقه بقصة بني تغلب تعلق باطل ، وأن أهل الذمة ليسوا مخيرين بين الجزية والزكاة ولا كرامة لهم .
ويعجب المسلم كيف يسهل تحريف الإسلام على بعض الناس ، وبمثل هذه الأفاعيل حرفت الكتب السماوية ووجد للمحرفين أتباع يعبدونهم ويقدسونهم ويقتلون من أجلهم الأنبياء والذين يأمرون الناس بالقسط والثبات على دين الله المنزل ، فاللهم رحماك . . .
فرح سيد قطب بما تلقاه عن سيرت وأرنولد النصراني من أن الجزية إنما فرضت في مقابل الخدمة العسكرية :
فقال نقلا عنه : (ومن الواضح أن أية جماعة مسيحية كانت تعفى من أداء هذه الضريبة إذا ما دخلت في خدمة الجيش الإسلامي ، وكان الحال على هذا النحو مع قبيلة الجراجمة، وهي قبيلة مسيحية كانت تقيم بجوار أنطاكية، سالمت المسلمين وتعهدت أن تكون عونا لهم ، وأن تقاتل معهم في مغازيهم على شريطة ألا تؤخذ بالجزية، وأن تعطى نصيبها من الغنائم ، ولما اندفعت الفتوح الإسلامية إلى شمال فارس في سنة 22 هـ ، أبرم مثل هذا الحلف مع إحدى القبائل التي تقيم على حدود هذه البلاد، وأعفيت من أداء الجزية في مقابل الخدمة العسكرية) .
ومضى ينقل عن هذا الرجل النصراني ضرب الأمثلة من هذا النوع في العصور المتأخرة، إلى أن قال (ص 59): (ومن جهة أخرى، أعفي الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية، على الرغم من أنهم كانوا على الإسلام ، وفرضت عليهم الجزية في نظير ذلك ، كما فرضت على المسيحيين.
ثم قال سيد معلقا: (مما يثبت بصفة قاطعة صفة الجزية على النحو الذي قررناه من قبل، ويبطل كافة الترهات الباطلة التي يثيرها المغرضون حول هذه المسألة بصفة خاصة، وحول علاقات الإسلام بمخالفيه في العقيدة ممن يعيشون في كنفه وتظللهم رايته وعدالته )([5]) .
أقول : ليعجب العاقل من موقف سيد من هذا النقل من وجوه :
أولا: هذا التقبل لهذا النقل من هذا النصراني دون أي دليل ولا تأكد، هل هو ينقل عن ثقات المسلمين أو عن دجاجلة النصارى لغرض من الأغراض الدينية والسياسية، وإذا كان نقله عن مصدر إسلامي ، فهل له إسناد صحيح أو حسن أو في إسناده ثقة ضابط أو ضعيف أو كذاب أو متهم بالكذب ، فإن كان فيه ضعيف أو كذاب رفضه ، وإن كان ثابتا نظر من هو قائد المسلمين الذي وافقهم على إسقاط الجزية وإشراكهم مع المسلمين في الغنائم ، فإن الموضوع حساس ومهم جدا، ولا يجوز تناوله بهذه السهولة، ذلك لأنه يخالف الكتاب والسنة، ويخالف الشروط العمرية التي اتفق على قبولها والأخذ بها الخلفاء والعلماء والفقهاء من هذه الأمة المسلمة .
فإن كان الذي فعل ذلك مجتهدا ، حوكم عمله هذا واجتهاده برده إلى الله والرسول كما قال تعالى : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([6]) .
فإن كان موافقا لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ، وإن كان مخالفا ، رد .
وإن كان غير مجتهد ومتبعا لهواه ؟ رد تصرفه ولا كرامة .
وغالبا أن مثل هذا التصرف لا يحصل إلا من الجهل والهوى، فمن يفهم كتاب الله ويعلم معاملة رسول الله للمشركين وأهل الكتب ، فسيجد أن هذا المجتهد قد أخطأ دون شك ، لأن الله لم يفرض على أهل الكتاب إلا الجزية لإذلالهم وإصغارهم ، لأنهم أعداؤه ، وقد رفضوا دينه الحق ، وسيجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ منهم إلا الجزية، ولم يخيرهم بينها وبين الخدمة العسكرية ، عملا بمقتضى الآية، وهو المبين لمراد الله تبارك وتعالى، والصحابة والخلفاء وأئمة الإسلام لم يذكروا إلا الجزية، وهي واحد من شروط كثيرة لإنزال أهل الذمة ووضعهم حيث وضعهم الله .
وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال علماء الإسلام لم يرد فيها جميعا أن الجزية فرضت على أهل الكتاب في مقابل الخدمة العسكرية، فهذا لا يعرفه الإسلام ولا شرعه ، وإنما تشرعه الأنظمة العلمانية انطلاقا من قواعدها الديمقراطية والوطنية .
ثانيا: بعد أن آمن سيد بأن الجزية إنما فرضت على القادرين من الذكور من أهل الذمة مقابل الخدمة العسكرية، آمن بجواز ضرب الجزية على المسلمين كما فرضت على المسيحيين وفرح بذلك وساقه مساق الإقرار به والتقرير له .
ثالثا: من أعجب تفاعلاته مع كلام هذا النصراني قوله : (مما يثبت بصفة قاطعة صفة الجزية على النحو الذي قررناه )، أي من أنها في مقابل الخدمة العسكرية وأنه يستوي فيها أهل الذمة والمسلمون ! !
وقد علم من منهجه أنه لا يسلم بقطعية كثير من النصوص القرآنية ولا يقبل أخبار الآحاد الصحيحة ولو تلقتها الأمة بالقبول ودانت بها وبنت عليها عقائدها، بلى هو لا يبني عقائده على الأحاديث المتواترة .
وليس هذا بجديد من سيد ولا غريب ، فهو ينظر في كثير من المناسبات إلى مقررات وكلام الفلاسفة الغربيين بهذا المنظار ويتقبلها بثقة عمياء !!
واقرأ له في "الظلال " ما يتعلق بالعلوم الكونية تجد صدق ما أقول .
سيد يرى أن الإسلام يدلل الأقليات غير الإسلامية :
يقول : (إنني أحسب مجرد التخوف من حكم الإسلام على الأقليات القومية في بلاده نوعا من التجني الذي لا يليق ، فما من دين في العالم وما من حكم في الدنيا ضمن لهذه الأقليات حرياتها وكراماتها وحقوقها القومية كما صنع الإسلام في تاريخه الطويل .
بل ما من حكم دلل الأقليات فيه كما دلل الإسلام من تقلهم أرضه من أقليات لا الأقليات القومية التي تشارك شعوبه في الجنس واللغة والوطن ، بل الأقليات الأجنبية عنه وعن قومه )([7]) .
نسي سيد قطب أن عداء اليهود والنصارى وسائر أصناف المشركين للإسلام عداء أصيل ، من أجل أنه الإسلام المتضمن للتوحيد والحق والهدى والنور، كسائر العداوات التي واجهت رسالات التوحيد من عهد نوح إلى خاتم الرسالات .
ولقد حاربوا محمدا صلى الله عليه وسلم منذ صدع بكلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله قبل قيام دولة الإسلام وقبل إعلان الجهاد وقبل أن ينتصر عليهم الإسلام ويفرض عليهم الجزية.
ولقد نزل قول الله تعالى: {وَلنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى} قبل أن تفرض عليهم الجزية وقبل أن يصطدم بالنصارى في المعارك .
نعم قد يرضون عمن يميع لهم الإسلام ويمدح لهم ديانتهم ويسميها بالرسالات السماوية رغم أنها قد أصبحت أرضية وثنية ويبادلهم ودا بود وحبا بحب .
========ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق